Geri

   

 

 

İleri

 

علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه

علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه وأسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب واسمه شيبة بن هاشم واسمه عمرو بن عبد مناف واسمه المغيرة بن قصي واسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك ابن نضر بن كنانة أبو الحسن وأبو تراب كناه به النبي صلى اللّه عليه وسلم وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم وهي أول هاشمية ولدت هاشمياً قد أسلمت وهاجرت.

وعلي رضي اللّه عنه أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأخو رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالمؤاخاة وصهره على فاطمة سيدة نساء العالمين رضي اللّه عنها وأحد السابقين إلى الإسلام وأحد العلماء الربانيين والشجعان المشهورين والزهاد المذكورين والخطباء المعروفين وأحد من جمع القرآن وعرضه على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعرض عليه أبو الأسود الدؤلي وأبو عبد الرحمن السلمي وعبد الرحمن بن أبي ليلى وهو أول خليفة من بني هاشم وأبو السبطين أسلم قديماً بل قال ابن عباس وأنس وزيد بن أرقم وسلمان الفارسي وجماعة: إنه أول من أسلم ونقل بعضهم الإجماع عليه.

وأخرج أبو يعلى عن علي رضي اللّه عنه

قال: بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم الاثنين وأسلمت يوم الثلاثاء وكان عمره حين أسلم عشر سنين

وقيل: تسع

وقيل: ثمان وقيل دون ذلك قال الحسن بن زيد بن الحسن ولم يعبد الأوثان قط لصغره

أخرجه ابن سعد ولما هاجر صلى اللّه عليه وسلم إلى المدينة أمره أن يقيم بعده بمكة أياماً حتى يؤدي عنه أمانة الودائع والوصايا التي كانت عند النبي صلى اللّه عليه وسلم ثم يلحقه بأهله ففعل ذلك وشهد مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بدراً وأحداً وسائر المشاهد إلا تبوك فإن النبي صلى اللّه عليه وسلم استخلفه على المدينة وله في جميع المشاهد آثار مشهورة وأعطاه النبي صلى اللّه عليه وسلم اللواء في مواطن كثيرة وقال سعيد بن المسيب: أصابت علياً يوم أحد ست عشرة ضربة وثبت في الصحيحين " أنه صلى اللّه عليه وسلم أعطاه الراية في يوم خيبر وأخبر أن الفتح يكون على يديه " وأحواله في الشجاعة وآثاره في الحروب مشهورة وكان علي شيخاً سميناً أصلع كثير الشعر ربعة إلى القصر عظيم البطن عظيم اللحية جداً قد ملأت ما بين منكبيه بيضاء كأنها قطن آدم شديد الأدمة.

وقال جابر بن عبد اللّه حمل علي الباب على ظهره يوم خيبر حتى صعد المسلمون عليه ففتحوها وإنهم جروه بعد ذلك فلم يحمله إلا أربعون رجلا

أخرجه ابن عساكر.

وأخرج ابن إسحاق في المغازي وابن عساكر عن أبي رافع أن علياً تناول باباً عند الحصن حصن خيبر فتترس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح اللّه علينا ثم ألقاه فلقد رأيتنا ثمانية نفر نجهد أن نقلب ذلك الباب فما استطعنا أن نقلبه.

وروى البخاري في الأدب عن سهل بن سعد

قال: إن كان أحب أسماء علي رضي اللّه عنه إليه أبا تراب وإن كان ليفرح أن يدعى به وما سماه أبا تراب إلا النبي صلى اللّه عليه وسلم وذلك أنه غاضب يوماً فاطمة فخرج فاضطجع إلى الجدار في المسجد فجاءه النبي صلى اللّه عليه وسلم وقد امتلأ ظهره تراباً فجعل النبي صلى اللّه عليه وسلم يمسح التراب عن ظهره ويقول: " اجلس أبا تراب " .

روي له عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خمسمائة حديث وستة وثمانون حديثاً.

روى عنه بنوه الثلاثة: الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وابن الزبير وأبو موسى وأبو سعيد وزيد بن أرقم وجابر بن عبد اللّه وأبو أمامة وأبو هريرة وخلائق من الصحابة والتابعين رضوان اللّه عليهم أجمعين.

فصل في الأحاديث الواردة في فضله

قال الإمام أحمد بن حنبل: ما ورد لأحد من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الفضائل ما ورد لعلي رضي اللّه عنه

أخرجه الحاكم.

وأخرج الشيخان عن سعد بن أبي وقاص " أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خلف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال يا رسول اللّه تخلفني في النساء والصبيان ف

قال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ غير أنه لا نبي بعدي "

أخرجه أحمد والبزار من حديث أبي سعيد الخدري والطبراني من حديث أسماء بنت قيس وأم سلمة وحبشي بن جنادة وابن عمر وابن عباس وجابر بن سمرة والبراء بن عازب وزيد بن أرقم.

وأخرجا عن سهل بن سعد أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال يوم خيبر: لأعطين الراية غداً رجلا يفتح اللّه على يديه يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها؟ فلما أصبح الناس غدوا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها ف

قال: أين علي أبن أبي طالب؟ فقيل هو يشتكي عينيه قال فأرسلوا إليه فأتى به فبصق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرئ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية " يدوكون أي يخوضون ويتحدثون.

وقد أخرج هذا الحديث الطبراني من حديث ابن عمر وعلي وابن أبي ليلى وعمران بن حصين والبزار من حديث ابن عباس.

وأخرج مسلم عن سعد بن أبي وقاص

قال: لما نزلت هذه الآية " ندع أبناءنا وأبناءكم " " آل عمران: 61 " دعاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً ف

قال: " اللّهم هؤلاء أهلي " .

وأخرج الترمذي عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم عن النبي صلى اللّه عليه وسلم

قال: " من كنت مولاه فعلى مولاه " .

وأخرجه أحمد عن علي وأبي أيوب الأنصاري وزيد بن أرقم وعمرو ذي مر وأبو يعلى عن أبي هريرة والطبراني عن ابن عمر ومالك بن الحويرث وحبشي بن جنادة وجرير وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وأنس والبزار عن ابن عباس وعمارة وبريدة وفي أكثرها زيادة " اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه " .

ولأحمد عن أبي الطفيل

قال: جمع علي الناس سنة خمس وثلاثين في الرحبة ثم قال لهم: أنشد باللّه كل امرئ مسلم سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول يوم غدير خم ما قال لما قام فقام إليه ثلاثون من الناس فشهدوا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه " .

وأخرج الترمذي والحاكم وصححه عن بريدة

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " إن اللّه أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم قيل: يا رسول اللّه سمهم لنا

قال: علي منهم يقول ذلك ثلاثاً وأبو ذر والمقداد وسلمان.

وأخرج الترمذي والنسائي وابن ماجة عن حبشي بن جنادة

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " علي مني وأنا من علي " .

وأخرج الترمذي عن ابن عمر

قال: آخى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بين أصحابه فجاء علي تدمع عيناه ف

قال: يا رسول اللّه آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " أنت أخي في الدنيا والآخرة " .

وأخرج مسلم عن علي

قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي إلي أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.

وأخرج الترمذي عن أبي سعيد الخدري

قال: كنا نعرف المنافقين ببغضهم علياً.

وأخرج البزار والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد اللّه وأخرج الترمذي والحاكم عن علي

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " أنا مدينة العلم وعلي بابها " هذا حديث حسن على الصواب لا صحيح كما قال الحاكم ولا موضوع كما قاله جماعة منهم ابن الجوزي والنووي وقد بينت حاله في التعقبات على الموضوعات.

وأخرج الحاكم وصححه عن علي

قال: " بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى اليمن ف

قلت: يا رسول اللّه بعثتني وأنا شاب أقضي بينهم ولا أدري ما القضاء فضرب صدري بيده ثم

قال: اللّهم أهد قلبه وثبت لسانه فوالذي فلق الحبة ما شككت في قضاء بين اثنين " .

وأخرج ابن سعد عن علي أنه قيل له: ما لك أكثر أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حديثاً

قال: إني كنت إذا سألته أنبأني وإذا سكت ابتدأني.

وأخرج عن أبي هريرة رضي اللّه عنه

قال: قال عمر بن الخطاب: علي أقضانا.

وأخرج الحاكم عن ابن مسعود رضي اللّه عنهما

قال: كنا نتحدث أن أقضي أهل المدينة علي.

وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال إذا حدثنا ثقة عن علي بفتيا لا نعدوها.

وأخرج عن سعيد بن المسيب

قال: كان عمر بن الخطاب يتعوذ باللّه من معضلة ليس فيها أبو حسن.

وأخرج عنه

قال: لم يكن أحد من الصحابة يقول سلوني إلا علي.

وأخرج ابن عساكر عن ابن مسعود

قال: أفرض أهل المدينة وأقضاها علي بن أبي طالب.

وأخرج عن عائشة رضي اللّه عنها أن علياً ذكر عندها فقالت أما إنه أعلم من بقي بالسنة.

وقال مسروق: انتهى علم أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى عمر وعلي وابن مسعود وعبد اللّه رضي اللّه عنهم.

وقال عبد اللّه بن عياش بن أبي ربيعة: كان لعلي ما شئت من ضرس قاطع في العلم وكان له البسطة في العشيرة والقدم في الإسلام والعهد برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والفقه في السنة والنجدة في الحرب والجود في المال.

وأخرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن جابر بن عبد اللّه و

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " الناس من شجر شتى وأنا وعلي من شجرة واحدة " .

وأخرج الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس

قال: ما أنزل اللّه " يا أيها الذين آمنوا " إلا وعلي أميرها وشريفها ولقد عاتب اللّه أصحاب محمد في غير مكان وما ذكر علياً إلا بخير.

وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس

قال: ما نزل في أحد من كتاب اللّه تعالى ما نزل في علي.

وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس

قال: نزلت في علي ثمانمائة آية.

وأخرج البزار عن سعد

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعلي: " لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك " .

وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن أم سلمة رضي اللّه عنها قالت: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا غضب لم يجترئ أحد أن يكلمه إلا علي.

وأخرج الطبراني والحاكم عن ابن مسعود رضي اللّه عنهما أن النبي صلى اللّه عليه وسلم

قال: " النظر إلى علي عبادة " إسناده حسن.

و

أخرجه الطبراني والحاكم أيضاً من حديث عمران بن حصين.

و

أخرجه ابن عساكر من حديث أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان ومعاذ بن جبل وأنس وثوبان وجابر بن عبد اللّه وعائشة رضي اللّه عنهم.

وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس

قال: كانت لعلي ثمان عشرة منقبة ما كانت لأحد من هذه الأمة.

وأخرج أبو يعلى عن أبي هريرة

قال: قال عمر بن الخطاب لقد أعطي علي ثلاث خصال لأن تكون لي خصلة منها أحب إلي من أن أعطى حمر النعم فسئل وما هن؟

قال: تزوجه ابنته فاطمة وسكناه المسجد لا يحل لي فيه ما يحل له والراية يوم خيبر.

وروي أحمد بسند صحيح عن ابن عمر نحوه.

وأخرج أحمد وأبو يعلى بسند صحيح عن علي

قال: ما رمدت ولا صدعت منذ مسح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وجهي وتفل في عيني يوم خيبر حين أعطاني الراية.

وأخرج أبو يعلى والبزار عن سعد بن أبي وقاص

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " من آذى علياً فقد آذاني " .

وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أم سلمة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

قال: " من أحب علياً فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب اللّه ومن أبغض علياً فقد ابغضني ومن أبغضني فقد أبغض اللّه " .

وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن أم سلمة سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: " من سب علياً فقد سبني " .

وأخرج أحمد والحاكم بسند صحيح عن ابن أبي سعيد الخدري أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لعلي: " إنك تقاتل على القرآن كما قاتلت على تنزيله " .

وأخرج البزار وأبو يعلى والحاكم عن علي

قال: دعاني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ف

قال: " إن فيك مثلا من عيسى أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذي ليس به " ألا وإنه يهلك في اثنان محب مفرط يفرطني بما ليس في ومبغض مفتر يحمله شنآني على أن يبهتني.

وأخرج الطبراني في الأوسط والصغير عن أم سلمة قالت سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول " علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض " .

وأخرج أحمد والحاكم بسند صحيح عن عمار بن ياسر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لعلي: " أشقى الناس رجلان: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك يا علي على هذه يعني قرنه حتى تبتل منه هذه من الدم يعني لحيته " وقد ورد ذلك من حديث علي وصهيب وجابر بن سمرة وغيرهم.

وأخرج الحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري قال اشتكى الناس علياً فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فينا خطيباً فقال " لا تشكوا علياً فواللّه إنه لأخيشن في ذات اللّه أو في سبيل اللّه " .

فصل في مبايعة علي بالخلافة رضي اللّه عنه وما نشأ عن ذلك

قال ابن سعد: بويع علي بالخلافة الغد من قتل عثمان بالمدينة وفبايعه جميع من كان بها من الصحابة رضي اللّه عنهم ويقال إن طلحة والزبير بايعا كارهين غير طائعين ثم خرجا إلى مكة وعائشة رضي اللّه عنها بها فأخذاها وخرجا بها إلى البصرة يطلبون بدم عثمان وبلغ ذلك علياً فخرج إلى العراق فلقي بالبصرة طلحة والزبير وعائشة ومن معهم وهي وقعة الجمل وكانت في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وقتل بها طلحة والزبير وغيرهما وبلغت القتلى ثلاثة عشر ألفاً وأقام على بالبصرة خمس عشرة ليلة ثم انصرف إلى الكوفة ثم خرج عليه معاوية بن أبي سفيان ومن معه بالشام فبلغ علياً فصار إليه فالتقوا بصفين في صفر سنة سبع وثلاثين ودام القتال بها أياماً فرفع أهل الشام المصاحف يدعون إلى ما فيها مكيدة من عمرو بن العاص فكره الناس الحرب وتداعوا إلى الصلح وحكموا الحكمين فحكم علي أبا موسى الأشعري وحكم معاوية عمرو بن العاص وكتبوا بينهم كتاباً على أن يوافوا رأس الحول بأذرح فينظروا في أمر الأمة فافترق الناس ورجع معاوية إلى الشام وعلى إلى الكوفة فخرجت عليه الخوارج من أصحابه ومن كان معه وقالوا لا حكم إلا اللّه وعسكروا بحروراء فبعث إليهم ابن عباس فخاصمهم وحجهم فرجع منهم قوم كثير وثبت قوم وساروا إلى النهروان فعرضوا للسبيل فسار إليهم علي فقتلهم بالنهروان وقتل منهم ذا الثدية وذلك سنة ثمان وثلاثين واجتمع الناس بأذرح في شعبان من هذه السنة وحضرها سعد بن أبي وقاص وابن عمر وغيرهما من الصحابة فقدم عمرو أبا موسى الأشعري مكيدة منه فتكلم فخلع علياً وتكلم عمرو فأقر معاوية وبايع له فتفرق الناس على هذا وصار علي في خلاف من أصحابه حتى صار يعض على إصبعه ويقول أعصى ويطاع معاوية؟.

وانتدب ثلاثة نفر من الخوارج عبد الرحمن بن ملجم المرادي والبرك ابن عبد اللّه التميمي وعمرو بن بكير التميمي فاجتمعوا بمكة وتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاثة: علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ويريحوا العباد منهم فقال ابن ملجم: أنا لكم بعلي وقال البرك: أنا لكم بمعاوية وقال عمرو بن بكير: أنا أكفيكم عمرو بن العاص وتعاهدوا على أن ذلك يكون في ليلة واحدة ليلة حادي عشر أو ليلة سابع عشر رمضان ثم توجه كل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه فقدم ابن ملجم الكوفة فلقي أصحابه من الخوارج فكاتمهم ما يريدون إلى ليلة الجمعة سابع عشر رمضان سنة أربعين فاستيقظ علي سحراً فقال لابنه الحسن رأيت الليلة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقلت يا رسول اللّه ما لقيت من أمتك من الأود واللدد؟ فقال لي ادع اللّه عليهم فقلت اللّهم أبدلني بهم خيراً لي منهم وأبدلهم بي شراً لهم مني ودخل ابن الذباح المؤذن على علي فقال الصلاة فخرج على من الباب ينادي أيها الناس الصلاة الصلاة فاعترضه ابن ملجم فضربه بالسيف فأصاب جبهته إلى قرنه ووصل إلى دماغه فشد عليه الناس من كل جانب فأمسك وأوثق وأقام على الجمعة والسبت توفي ليلة الأحد وغسله الحسن والحسين وعبد اللّه بن جعفر وصلى عليه الحسن ودفن بدار الإمارة بالكوفة ليلا ثم قطعت أطراف ابن ملجم جعل في قوصرة وأحرقوه بالنار هذا كله كلام ابن سعد وقد أحسن في تلخيصه هذه الوقائع ولم يوسع فيها الكلام كما صنع غيره لأن هذا هو اللائق بهذا المقام قال صلى اللّه عليه وسلم " إذا ذكر أصحابي فأمسكوا " و

قال: " بحسب أصحابي القتل " .

وفي المستدرك عن السدي

قال: كان عبد الرحمن بن ملجم المرادي عشق امرأة من الخوارج يقال لها: قطام فنكحها وأصدقها ثلاثة آلاف درهم وقتل علي وفي ذلك قال الفرزدق:

فلم أر مهراً ساقه ذو سماحة ... كمهر قطام من فصيح وأعجم

ثلاثة آلاف وعبد وقينة ... وضرب علي بالحسام المصمم

فلا مهر أغلى من علي وإن غلا ... ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم

قال أبو بكر بن عياش: عمي قبر علي لئلا ينبشه الخوارج وقال شريك: نقله ابنه الحسن إلى المدينة وقال المبرد عن محمد بن حبيب أول من حول من قبر إلى قبر علي رضي اللّه عنه.

وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن عبد العزيز

قال: لما قتل علي ابن أبي طالب رضي اللّه عنه حملوه ليدفنوه مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فبينما هم في مسيرهم ليلا إذ ند الجمل الذي هو عليه فلم يدر أين ذهب ولم يقدر عليه

قال: فلذلك يقول أهل العراق: هو في السحاب وقال غيره: إن البعير وقع في بلاد طيئ فأخذوه فدفنوه.

وكان لعلي حين قتل ثلاث وستون سنة

وقيل: أربع وستون وقيل خمس وستون

وقيل: سبع وخمسون

وقيل: ثمان وخمسون وكان له تسع عشرة سرية.

فصل في نبذ من أخبار علي وقضاياه وكلماته رضي اللّه عنه

قال سعيد بن منصور في سننه: حدثنا هشيم حدثنا حجاج حدثني شيخ من فزارة سمعت علياً يقول الحمد للّه الذي جعل عدونا يسألنا عما نزل به من أمر دينه إن معاوية كتب إلي يسألني عن الخنثى المشكل فكتبت إليه أن يورثه من قبل مباله وقال هشيم عن مغيرة عن الشعبي عن علي مثله.

وأخرج ابن عساكر عن الحسن

قال: لما قدم على البصرة قام إليه ابن الكواء وقيس بن عباد فقالا له ألا تخبرنا عن مسيرك هذا الذي سرت فيه تتولى على الأمة تضرب بعضهم ببعض؟ أعهد من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عهده إليك فحدثنا فأنت الموثوق المأمون على ما سمعت فقال أما أن يكون عندي عهد من النبي صلى اللّه عليه وسلم في ذلك فلا واللّه لئن كنت أول من صدق به فلا أكون أول من كذب عليه ولو كان عندي من النبي صلى اللّه عليه وسلم عهد في ذلك ما تركت أخا بني تيم بن مرة وعمر بن الخطاب يقومان على منبرة ولقاتلتهما بيدي ولو لم أجد إلا بردي هذا ولكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يقتل قتلا ولم يمت فجأة مكث في مرضه أياماً وليالي يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة فيأمر أبا بكر فيصلي بالناس وهو يرى مكاني ولقد أرادت امرأة من نسائه أن تصرفه عن أبي بكر فأبى وغضب وقال أنتن صواحب يوسف مروا أبا بكر يصلي بالناس فلما قبض اللّه نبيه صلى اللّه عليه وسلم نظرنا في أمورنا فاخترنا لدنيانا من رضيه نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم لديننا وكانت الصلاة أصل الإسلام وهي أمير الدين وقوام الدين فبايعنا أبا بكر وكان لذلك أهلا لم يختلف عليه منا اثنان ولم يشهد بعضنا على بعض ولم تقطع منه البراءة فأديت إلى أبي بكر حقه وعرفت له طاعته وغزوت معه في جنوده وكنت آخذ إذا أعطاني وأغزو إذا أغزاني وأضرب بين يديه الحدود بسوطي فلما قبض تولاها عمر فأخذها بسنة صاحبه وما يعرف من أمره فبايعنا عمر ولم يختلف عليه منا اثنان ولم يشهد بعضنا على بعض ولم تقطع منه البراءة فأديت إلى عمر حقه وعرفت له طاعته وغزوت معه جيوشه وكنت آخذ إذا أعطاني وأغزو إذا أغزاني وأضرب بين يديه الحدود بسوطي فلما قبض تذكرت في نفسي قرابتي وسابقتي وسالفتي وفضلي وأنا أظن أن لا يعدل بي ولكن خشي أن لا يعمل الخليفة بعده ذنباً إلا لحقه في قبره فأخرج منها نفسه وولده ولو كانت محاباة منه لثر بها ولده فبرئ منها إلى رهط من قريش ستة أنا أحدهم فلما اجتمع الرهط ظننت أن لا يعدلوا بي فأخذ عبد الرحمن بن عوف مواثيقنا على أن نسمع ونطيع لمن ولاه اللّه أمرنا ثم أخذ بيد عثمان بن عفان وضرب بيده على يده فنظرت في أمري فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي وإذا ميثاقي قد أخذ لغيري فبايعنا عثمان فأديت له حقه وعرفت له طاعته وغزوت معه في جيوشه وكنت آخذ إذا أعطاني وأغزو إذا أغزاني وأضرب بين يديه الحدود بسوطي فلما أصيب نظرت في أمري فإذا الخليفتان اللذان أخذاها بعهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إليهما بالصلاة قد مضيا وهذا الذي قد أخذ له الميثاق قد أصيب فبايعني أهل الحرمين وأهل هذين المصرين فوثب فيها من ليس مثلي ولا قرابته كقرابتي ولا علمه كعلمي ولا سابقته كسابقتي وكنت أحق بها منه.

وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن جعفر بن محمد عن أبيه

قال: عرض لعلي رجلان في خصومة فجلس في أصل جدار فقال له رجل: الجدار يقع فقال علي: امض كفى باللّه حارساً فقضى بينهما فقام ثم سقط الجدار.

وفي الطيوريات بسنده إلى جعفر بن محمد عن أبيه

قال: قال رجل لعلي ابن أبي طالب نسمعك تقول في الخطبة: اللّهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين المهديين فمن هم فاغرورقت عيناه فقال هم حبيباي أبو بكر وعمر إماما الهدى وشيخا الإسلام ورجلا قريش والمقتدى بهما بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من اقتدى بهما عصم ومن اتبع آثارهما هدى الصراط المستقيم ومن تمسك بهما فهو من حزب اللّه.

وأخرج عبد الرازق عن حجر المدري

قال: قال لي علي بن أبي طالب كيف بك إذا أمرت أن تلعنني قلت وكائن ذلك

قال: نعم قلت فكيف أصنع

قال: العني ولا تبرأ مني قال فأمرني محمد بن يوسف أخو الحجاج وكان أميراً على اليمن أن ألعن علياً فقلت إن الأمير أمرني أن ألعن علياً فالعنوه لعنة اللّه فما فطن لها إلا رجل.

وأخرج الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الدلائل عن زاذان أن علياً حدث بحيث فكذبه رجل فقال له علي: أدعو عليك إن كنت كاذباً قال ادع فدعا عليه فلم يبرح حتى ذهب بصره.

وأخرج عن زر بن حبيش

قال: جلس رجلان يتغديان مع أحدهما خمسة أرغفة ومع الآخر ثلاثة أرغفة فلما وضعا الغداء بين أيديهما مر بهما رجل فسلم فقالا اجلس وتغد فجلس وأكل معهما واستووا في أكلهم الأرغفة الثمانية فقام الرجل وطرح إليهما ثمانية دراهم و

قال: خذاها عوضاً مما أكلت لكما ونلته من طعامكما فتنازعا فقال صاحب الخمسة الأرغفة: لي خمسة دراهم ولك ثلاث وقال صاحب الأرغفة الثلاثة لا أرضى إلا أن تكون الدراهم بيننا نصفين فارتفعا إلا أمير المؤمنين علي فقصا عليه قصتهما فقال لصاحب الثلاثة قد عرض عليك صاحبك ما عرض وخبزه أكثر من خبزك فأرض بالثلاثة فقال واللّه لرضيت عنه إلا بمر الحق فقال علي: ليس لك في مر الحق إلا درهم واحد وله سبعة دراهم فقال الرجل سبحان اللّه

قال: هو ذلك قال فعرفني الوجه في مر الحق حتى أقبله فقال علي أليس للثمانية الأرغفة أربعة وعشرون ثلثاً أكلتموها وأنتم ثلاثة أنفس ولا يعلم الأكثر منكم أكلا ولا الأقل فتحملون في أكلكم على السواء قال فأكلت أنت ثمانية أثلاث وإنما لك تسعة أثلاث وأكل صاحبك ثمانية أثلاث وله خمسة عشر ثلثاً أكل منها ثمانية وبقى له سبعة أكلها صاحب الدراهم وأكل لك واحداً من تسعة فلك واحد بواحدك وله سبعة فقال الرجل رضيت الآن.

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن عطاء

قال: أتى علي برجل وشهد عليه رجلان أنه سرق فأخذ في شيء من أمور الناس وتهدد شهود الزور وقال لا أوتي بشاهد زور إلا فعلت به كذا وكذا ثم طلب الشاهدين فلم يجدهما فخلى سبيله.

وقال عبد الرزاق في المصنف: حدثنا الثوري عن سليمان الشيباني عن رجل عن علي أنه أتى برجل فقيل له زعم هذا أنه احتلم بأمي ف

قال: اذهب فأقمه بالشمس فأضرب ظله.

وأخرج ابن عساكر من طريق جعفر بن محمد عن أبيه أن خاتم علي ابن أبي طالب كان من ورق نقشه نعم القادر اللّه.

وأخرج عن عمرو بن عثمان بن عفان

قال: كان نقش خاتم على الملك للّه.

وأخرج عن المدائني

قال: لما دخل على الكوفة دخل عليه رجل من حكماء العرب فقال واللّه يا أمير المؤمنين لقد زنت الخلافة وما زانتك ورفعتها وما رفعتك وهي كانت أحوج إليك منك إليها.

وأخرج عن مجمع أن علياً كان يكنس بيت المال ثم يصلى فيه رجاء أن يشهد له أنه لم يحبس فيه المال عن المسلمين.

وقال أبو القاسم الزجاجي في أماليه: حدثنا أبو جعفر محمد بن رستم الطبري حدثنا أبو حاتم السجستاني حدثني يعقوب بن إسحاق الحضرمي حدثنا سعيد ابن مسلم الباهلي حدثنا أبي عن جدي عن أبي الأسود الدؤلي أو

قال: عن جدي أبي الأسود عن أبيه قال دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه فرأيته مطرقاً مفكراً فقلت فيم تفكر يا أمير المؤمنين

قال: إني سمعت ببلدكم هذا لحناً فأردت أن أصنع كتاباً في أصول العربية ف

قلت: إن فعلت هذا أحييتنا وبقيت فينا هذه اللغة ثم أتيته بعد ثلاثة فألقى إلي صحيفة فيها بسم اللّه الرحمن الرحيم الكلمة اسم وفعل وحرف فالاسم ما أنبأ عن المسمى والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل ثم

قال: تتبعه وزد فيه ما وقع لك وأعلم يا أبا الأسود أن الأشياء ثلاثة: ظاهر ومضمر وشيء ليس بظاهر ولا مضمر وإنما يتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بظاهر ولا مضمر قال أبو الأسود فجمعت منه أشياء وعرضتها عليه فكان من ذلك حروف النصب فذكرت منها إن وأن وليت ولعل وكان ولم أذكر لكن فقال لي لم تركتها فقلت لم أحسبها منها فقال بل هي منها فزدها فيها.

وأخرج ابن عساكر عن ربيعة بن ناجر

قال: قال علي كونوا في الناس كالنحلة في الطير إنه ليس في الطير شيء إلا وهو يستضعفها لو يعلم الطير ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم وزايلوهم بأعمالكم وقلوبكم فإن للمرء ما اكتسب وهو يوم القيامة مع من أحب.

وأخرج عن علي

قال: كونوا بقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل فإنه لن يقل عمل مع التقوى وكيف يقل عمل يتقبل؟.

وأخرج عن يحيى بن جعدة

قال: قال علي بن أبي طالب يا حملة القرآن أعملوا به فإنما العالم من علم ثم عمل بما علم ووافق علمه عمله وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم وتخالف سريرتهم علانيتهم ويخالف عملهم علمهم يجلسون حلقاً فيباهي بعضهم بعضاً حتى إن الرجل يغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى اللّه.

وأخرج عن علي

قال: التوفيق خير قائد وحسن الخلق خير قرين والعقل خير صاحب والأدب خير ميراث ولا وحشة أشد من العجب.

وأخرج عن الحارث

قال: جاء رجل إلى علي ف

قال: أخبرني عن القدر فقال طريق مظلم لا تسلكه قال أخبرني عن القدر قال بحر عميق لا تلجه

قال: أخبرني عن القدر قال سر اللّه قد خفي عليك فلا تفتشه قال أخبرني عن القدر قال يا أيها السائل إن اللّه خلقك لما شاء أو لما شئت قال بل لما شاء قال فيستعملك لما شاء.

وأخرج عن علي قال إن للنكبات نهايات ولا بد لأحد إذا نكب من أن ينتهي إليها فينبغي للعاقل إذا أصابته نكبة أن ينام لها حتى تنقضي مدتها فإن في دفعها قبل انقضاء مدتها زيادة في مكروهها.

وأخرج عن علي أنه قيل له ما السخاء؟ قال ما كان منه ابتداء فأما ما كان عن مسألة فحياء وتكرم.

وأخرج عن علي أنه أتاه رجل فأثنى عليه فأطراه وكان قد بلغه عنه قبل ذلك فقال له علي إني لست كما تقول وأنا فوق ما في نفسك.

وأخرج عن علي

قال: جزاء المعصية الوهن في العبادة والضيق في المعيشة والنقص في اللذة قيل وما النقص في اللذة؟

قال: لا ينال شهوة حلال إلا جاءه ما ينغصه إياها.

وأخرج عن علي بن ربيعة أن رجلا قال لعلي: ثبتك اللّه وكان يبغضه قال علي: على صدرك.

وأخرج عن الشعبي قال كان أبو بكر يقول الشعر وكان عمر يقول الشعر وكان عثمان يقول الشعر وكان علي أشعر الثلاثة.

وأخرج عن نبيط الأشجعي

قال: قال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه:

إذا اشتملت على اليأس القلوب ... وضاق بهمها الصدر الرحيب

وأوطنت المكاره واطمأنت ... وأرست في أماكنها الخطوب

ولم ير لانكشاف الضر وجه ... ولا أغنى بحيلته الأريب

أتاك على قنوط منك غوث ... يجيء به القريب المستجيب

وكل الحادثات إذا تناهت ... فموصول بها الفرج القريب

وأخرج عن الشعبي

قال: قال علي بن أبي طالب لرجل كره له صحبة رجل:

فلا تصحب أخا الجهل ... وإياك وإياه

فكم من جاهل أردى ... حليماً حين آخاه

يقاس المرء بالمرء ... إذا ما هو ما شاه

وللشيء من الشيء ... مقاييس وأشباه

قياس النعل بالنعل ... إذا ما هو حاذاه

وللقلب على القلب ... دليل حين يلقاه

وأخرج عن المبرد قال كان مكتوباً على سيف علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه:

للناس حرص على الدنيا بتدبير ... وصفوها لك ممزوج بتكدير

لم يرزقوها بعقل بعد ما قسمت ... لكنهم رزقوها بالمقادير

كم من أديب لبيب لا تساعده ... وأحمق نال دنياه بتقصير

لو كان عن قوة أو عن مغالبة ... طار البزاة بأرزاق العصافير

وأخرج عن حمزة بن حبيب الزيات

قال: كان علي بن أبي طالب يقول:

ولا تفش سرك إلا إليك ... فإن لكل نصيح نصيحا

فإني رأيت غواة الرجا ... ل لا يدعون أديماً صحيحا

وأخرج عن عقبة بن أبي الصبهاء

قال: لما ضرب ابن ملحم علياً دخل عليه الحسن وهو باك فقال له علي يا بني أحفظ عني أربعاً وأربعاً

قال: وما هن يا أبت

قال: أغنى الغنى العقل وأكبر الفقر الحمق وأوحش الوحشة العجب وأكرم الكرم حسن الخلق قال فالأربع الآخر قال إياك ومصاحبة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك وإياك ومصادقة الكذاب فإنه يقرب عليك البعيد ويبعد عليك القريب وإياك ومصادقة البخيل فإنه يقعد عنك أحوج ما تكون إليه وإياك ومصادقة الفاجر فإنه يبيعك بالتافه.

وأخرج ابن عساكر عن علي أنه أتاه يهودي فقال له متى كان ربنا فتمعر وجه علي وقال لم يكن فكان هو كان ولا كينونة كان بلا كيف كان ليس له قبل ولا غاية انقطعت الغايات دونه فهو غاية كل غاية فأسلم اليهودي.

وأخرج الدراج في جزئه المشهور بسند مجهول عن ميسرة عن شريح القاضي

قال: لما توجه علي إلى صفين افتقد درعاً له فلما انقضت الحرب ورجع إلى الكوفة أصاب الدرع في يد يهودي فقال لليهودي الدرع درعي لم أبع ولم أهب فقال اليهودي: درعي وفي يدي فقال نصير إلى القاضي فتقدم علي فجلس إلى جنب شريح وقال لولا أن خصمي يهودي لاستويت معه في المجلس ولكني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول " أصغروهم من حيث أصغرهم اللّه " فقال شريح قل يا أمير المؤمنين ف

قال: نعم هذه الدرع التي في يد هذا اليهودي درعي لم أبع ولم أهب فقال شريح أيش تقول يا يهودي قال درعي وفي يدي فقال شريح ألك بينة يا أمير المؤمنين قال نعم قنبر والحسن يشهدان أن الدرع درعي فقال شريح شهادة الابن لا تجوز للأب فقال علي رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " فقال اليهودي أمير المؤمنين قدمني إلى قاضيه وقاضيه قضى عليه أشهد أن هذا هو الحق وأشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمداً رسول اللّه وإن الدرع درعك.

فصل:

وأما كلامه في تفسير القرآن فكثير وهو مستوفى في كتابنا التفسير المسند بأسانيده وقد أخرج ابن سعد عن علي قال واللّه ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم نزلت وأين نزلت وعلى من نزلت إن ربي وهب لي قلباً عقولا ولساناً صادقاً ناطقاً.

وأخرج ابن سعد وغيره عن أبي الطفيل

قال: قال علي سلوني عن كتاب اللّه فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار وفي سهل أم في جبل.

وأخرج ابن أبي داود عن محمد بن سيرين

قال: لما توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أبطأ علي عن بيعة أبي بكر فلقيه أبو بكر فقال أكرهت إمارتي ف

قال: لا ولكن آليت أن لا أرتدي بردائي إلا إلى الصلاة حتى أجمع القرآن فزعموا أنه كتبه على تنزيله فقال محمد لو أصيب ذلك الكتاب كان فيه العلم.

فصل في نبذ من كلماته الوجيزة المختصرة البديعة

قال علي رضي اللّه عنه: الحزم سوء الظن

أخرجه أبو الشيخ وابن حيان.

و

قال: القريب من قربته المودة وإن بعد نسبه والبعيد من باعدته العداوة وإن قرب نسبه ولا شيء اقرب من يد إلى جسد وإن اليد إذا فسدت قطعت وإذا قطعت حسمت

أخرجه أبو نعيم.

و

قال: خمس خذوهن عني لا يخافن أحد منكم إلا ذنبه ولا يرجو إلا ربه ولا يستحيي من لا يعلم أن يتعلم ولا يستحيي من لا يعلم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول اللّه أعلم وإن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان وإذا ذهب الرأس ذهب الجسد

أخرجه سعيد بن منصور في سننه.

و

قال: الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة اللّه ولم يرخص لهم في معاصي اللّه ولم يؤمنهم من عذاب اللّه ولم يدع القرآن رغبة عنه إلى غيره لأنه لا خير في عبادة لا علم فيها ولا علم لا فهم معه ولا قراءة لا تدبر فيها

أخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن.

و

قال: وأبردها على كبدي إذا سئلت عما لا أعلم أن أقول اللّه أعلم

أخرجه ابن عساكر.

و

قال: من أراد أن ينصف الناس من نفسه فليحب لهم ما يحب لنفسه

أخرجه ابن عساكر.

و

قال: سبع من الشيطان شدة الغضب وشدة العطاس وشدة التثاؤب والقيء والرعاف والنجوى والنوم عند الذكر.

و

قال: كلوا الرمان بشحمه فإنه دباغ المعدة

أخرجه الحاكم في التاريخ.

و

قال: يأتي على الناس زمان المؤمن فيه أذل من الأمة

أخرجه سعيد بن منصور ولأبي الأسود الدؤلي يرثي علياً رضي اللّه عنه:

ألا يا عين ويحك أسعدينا ... ألا تبكي أمير المؤمنينا

وتبكي أم كلثوم عليه ... بعبرتها وقد رأت اليقينا

ألا قل للخوارج حيث كانوا ... فلا قرت عيون الحاسدينا

أفي شهر الصيام فجعتمونا ... بخير الناس طراً أجمعينا

قتلتم خير من ركب المطايا ... وذللّها ومن ركب السفينا

ومن لبس النعال ومن حذاها ... ومن قرأ المثاني والمبينا

وكل مناقب الخيرات فيه ... وحب رسول رب العالمينا

لقد علمت قريش حيث كانت ... بأنك خيرهم حسباً ودينا

إذا استقبلت وجه أبي حسين ... رأيت البدر فوق الناظرينا

وكنا قبل مقتله بخير ... نرى مولى رسول اللّه فينا

يقيم الحق لا يرتاب فيه ... ويعدل في العدى والأقربينا

وليس بكاتم علماً لديه ... ولم يخلق من المتكبرينا

كأن الناس إذ فقدوا علياً ... نعام حار في بلد سنينا

فلا تشمت معاوية بن صخر ... فإن بقية الخلفاء فينا

فصل فيمن مات في زمنه من الأعلام

مات في أيام علي من الأعلام موتاً وقتلا حذيفة بن اليمان والزبير بن العوام وطلحة وزيد بن صوحان وسلمان الفارسي وهند بن أبي هالة وأويس القرني وخباب بن الأرت وعمار بن ياسر وسهل بن حنيف وصهيب الرومي ومحمد بن أبي بكر الصديق وتميم الدراي وخوات بن جبير وشرحبيل ابن السمط وأبو ميسر البدري وصفوان بن عسال وعمرو بن عنبسة وهشام ابن حكيم وأبو رافع مولى النبي صلى اللّه عليه وسلم وآخرون.