Geri

   

 

 

İleri

 

أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه

أبو بكر الصديق خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اسمه عبد اللّه ابن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي يلتقي مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في مرة.

قال النووي في تهذيبه وما ذكرناه من أن اسم أبي بكر الصديق عبد اللّه هو الصحيح المشهور وقيل اسمه عتيق والصواب الذي عليه كافة العلماء أن عتيقا لقب له لا اسم ولقب عتيقاً لعتقه من النار كما ورد في حديث رواه الترمذي وقيل لعتاقة وجهه أي حسنه وجماله قاله مصعب ابن الزبير والليث بن سعد وجماعة وقيل لأنه لم يكن في نسبه شيء يعاب به.

قال مصعب بن الزبير وغيره: وأجمعت الأمة على تسميته بالصديق لأنه بادر إلى تصديق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولازم الصدق فلم تقع منه هناة ما ولا وقفة في حال من الأحوال وكانت له في الإسلام المواقف الرفيعة منها قصته يوم ليلة الإسراء وثباته وجوابه للكفار في ذلك وهجرته مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وترك عياله وأطفاله وملازمته في الغار وسائر الطريق ثم كلامه يوم بدر ويوم الحديبية حين اشتبه على غيره الأمر في تأخر دخول مكة ثم بكاؤه حين قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إن عبداً خيره اللّه بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ثم ثباته يوم وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وخطبته الناس وتسكينهم ثم قيامه في قضية البيعة لمصلحة المسلمين ثم اهتمامه وثباته في بعث جيش أسامة بن زيد إلى الشام وتصميمه في ذلك ثم قيامه في قتال أهل الردة ومناظرته للصحابة حتى حجهم بالدلائل وشرح اللّه صدورهم لما شرح له صدره من الحق وهو قتال أهل الردة ثم تجهيزه الجيوش إلى الشام لفتوحه وإمدادهم بالأمداد ثم ختم ذلك بمهم من أحسن مناقبه وأجل فضائله وهو استخلافه على المسلمين عمر رضي اللّه عنه وتفرسه فيه ووصيته له واستيداعه اللّه الأمة فخلفه اللّه عز وجل فيهم أحسن الخلافة وظهر لعمر الذي هو حسنة من حسناته وواحدة من فعلاته تمهيد الإسلام وإعزاز الدين وتصديق وعد اللّه تعالى بأنه يظهره على الدين كله وكم للصديق من مناقب وموافق وفضائل لا تحصى هذا كلام النووي.

وأقول: قد أردت أن أبسط ترجمة الصديق بعض البسط ذاكراً فيه جملة كثيرة مما وقفت عليه من حاله وأرتب ذلك فصولا.

فصل في اسمه ولقبه

تقدمت الإشارة إلى ذلك قال ابن كثير: اتفقوا على أن اسمه عبد اللّه ابن عثمان إلا ما روى ابن سعد عن ابن سيرين أن اسمه عتيق والصحيح أنه لقبه ثم اختلف في وقت تلقيبه به وفي سببه فقيل: لعتاقة وجهه أي لجماله قاله الليث ابن سعد وأحمد بن حنبل وابن معين وغيرهم وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: لقدمه في الخير

وقيل: لعتاقة نسبه أي طهارته إذا لم يكن في نسبه شيء يعاب به

وقيل: سمي به أولا ثم سمى بعبد اللّه وروى الطبراني عن القاسم بن محمد أنه سأل عائشة رضي اللّه عنها عن اسم أبي بكر فقالت: عبد اللّه فقال إن الناس يقولون عتيق قالت إن أبا قحافة كان له ثلاثة أولاد سماهم عتيقاً ومعتقاً ومعيتقاً وأخرج ابن منده وابن عساكر عن موسى بن طلحة

قال: قلت لأبي طلحة قال قلت لأبي طلحة: لم سمي أبو بكر عتيقاً

قال: كانت أمه لا يعيش لها ولد فلما ولدته استقبلت به البيت ثم قالت اللّهم إن هذا عتيق من الموت فهبه لي وأخرج الطبراني عن ابن عباس

قال: إنما سمي عتيقاً لحسن وجهه وأخرج ابن عساكر عن عائشة رضي اللّه عنها قالت اسم أبي بكر الذي سماه به أهله عبد اللّه ولكن غلب عليه اسم عتيق وفي لفظ ولكن النبي صلى اللّه عليه وسلم سماه عتيقاً أخرج أبو يعلى في مسنده وابن سعد والحاكم وصححه عن عائشة رضي اللّه عنها قالت واللّه إني لفي بيتي ذات يوم ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه في الفناء والستر بيني وبينهم إذا أقبل أبو بكر فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم " من سره أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى أبي بكر " وإن اسمه الذي سماه أهله عبد اللّه فغلب عليه اسم عتيق وأخرج الترمذي والحاكم عن عائشة رضي اللّه عنها أن أبا بكر دخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ف

قال: يا أبا بكر أنت عتيق اللّه من النار فمن يومئذ سمي عتيقاً وأخرج البزار والطبراني بسند جيد عن عبد اللّه بن الزبير

قال: كان اسم أبي بكر عبد اللّه فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " أنت عتيق اللّه من النار " فسمي عتيقاً.

وأما الصديق فقيل كان يلقب به في الجاهلية لما عرف منه من الصدق ذكره ابن مسدي وقيل لمبادرته إلى تصديق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيما كان يخبر به قال ابن إسحاق عن الحسن البصري وقتادة وأول ما اشتهر به صبيحة الإسراء أخرج الحاكم في المستدرك عن عائشة رضي اللّه عنها قالت جاء المشركون إلى أبي بكر فقالوا هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس قال أو قال ذلك؟ قالوا نعم فقال لقد صدق إني لأصدقه بأبعد من ذلك بخبر السماء غدوة وروحة فلذلك سمي الصديق إسناده جيد وقد ورد ذلك من حديث أنس وأبي هريرة أسندهما ابن عساكر وأم هانئ

أخرجه الطبراني.

قال سعيد بن منصور في سننه: حدثنا أبو معشر عن أبي وهب مولى أبي هريرة قال لما رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليلة أسري به فكان بذي طوى قال يا جبريل إن قومي لا يصدقوني قال يصدقك أبو بكر وهو الصديق و

أخرجه الطبراني في الأوسط موصولا عن أبي وهب عن أبي هريرة.

وأخرج الحاكم في المستدرك عن النزال بن سبرة

قال: قلنا لعلي يا أمير المؤمنين أخبرنا عن أبي بكر قال ذاك امرؤ سماه اللّه الصديق على لسان جبريل وعلى لسان محمد كان خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رضيه لديننا فرضيناه لدنيانا إسناده جيد.

وأخرج الدراقطني والحاكم عن أبي يحيى قال لا أحصي كم سمعت علياً يقول على المنبر: إن اللّه سمى أبا بكر على لسان نبيه صديقاً.

وأخرجه الطبراني بسند جيد صحيح عن حكيم بن سعد

قال: سمعت علياً يقول ويحلف لأنزل اللّه اسم أبي بكر من السماء الصديق وفي حديث أحد " اسكن فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان " .

وأم أبي بكر بنت عم أبيه اسمها: سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب وتكنى أم الخير قاله الزهري

أخرجه ابن عساكر.

فصل في مولده ومنشئه

ولد بعد مولد النبي صلى اللّه عليه وسلم بسنتين وأشهر فإنه مات وله ثلاثة وستون سنة.

قال ابن كثير: وأما ما

أخرجه خليفة بن الخياط عن يزيد بن الأصم أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لأبي بكر: أنا أكبر أو أنت؟ قال أنت أكبر وأنا أسن منك فهو مرسل غريب جداً والمشهور خلافه وإنما صح ذلك عن العباس.

وكان منشؤه بمكة لا يخرج منها إلا لتجارة وكان ذا مال جزيل في قومه ومروءة تامة وإحسان وتفضل فيهم كما قال ابن الدغنة: إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتكسب المعدوم وتحمل الكل وتعين على نوائب الدهر وتقري الضيف.

قال النووي: وكان من رؤوساء قريش في الجاهلية وأهل مشاورتهم ومحبباً فيهم وأعلم لمعالمهم فلما جاء الإسلام آثره على ما سواه ودخل فيه أكمل دخول وأخرج الزبير بن بكار وابن عساكر عن معروف بن خربوذ

قال: إن أبا بكر الصديق رضي اللّه عنه أحد عشر من قريش اتصل بهم شرف الجاهلية والإسلام فكان إليه أمر الديات والغرم وذلك أن قريشاً لم يكن لهم ملك ترجع الأمور كلها إليه بل كان في كل قبيلة ولاية عامة تكون لرئيسها فكانت في بني هاشم السقاية والرفادة ومعنى ذلك أنه لا يأكل ولا يشرب أحد إلا من طعامهم وشرابهم وكانت في بني عبد الدار الحجابة واللواء والندوة أي لا يدخل البيت أحد إلا بإذنهم وإذا عقدت قريش راية حرب عقدها لهم بنو عبد الدار وإذا اجتمعوا لأمر إبراماً أو نقضاً لا يكون اجتماعهم إلا بدار الندوة ولا ينفذ إلا بها وكانت لبني عبد الدار.

فصل كان أبو بكر أعف الناس في الجاهلية

أخرج ابن عساكر بسند صحيح عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: واللّه ما قال أبو بكر شعراً قط في جاهلية ولا إسلام ولقد ترك هو وعثمان شرب الخمر في الجاهلية.

وأخرج أبو نعيم بسند جيد عنها قالت: لقد كان حرم أبو بكر الخمر على نفسه في الجاهلية.

وأخرج ابن عساكر عن عبد اللّه بن الزبير

قال: ما قال أبو بكر شعراً قط.

وأخرج ابن عساكر عن أبي العالية الرياحي

قال: قيل لأبي بكر الصديق في مجمع من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هل شربت الخمر في الجاهلية؟ ف

قال: أعوذ باللّه فقيل ولم؟

قال: كنت أصون عرضي واحفظ مروءتي فإن من شرب الخمر كان مضيعاً في عرضه ومروءته

قال: فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ف

قال: صدق أبو بكر صدق أبو بكر مرتين مرسل غريب سنداً ومتناً.

فصل في صفته رضي اللّه عنه

أخرج ابن سعد عائشة رضي اللّه عنها أن رجلا قال لها: صفي لنا أبا بكر فقالت رجل أبيض نحيف خفيف العارضين أجنأ لا يستمسك إزاره يسترخي عن حقويه معروق الوجه غائر العينين ناتئ الجبهة عاري الأشاجع هذه صفته.

وأخرج عن عائشة رضي اللّه عنها أن أبا بكر كان يخضب بالحناء والكتم.

وأخرج عن أنس

قال: قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المدينة وليس في أصحابه أشمط غير أبي بكر فلفها بالحناء والكتم.

فصل في إسلامه رضي اللّه عنه

أخرج الترمذي وابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد الخدري

قال: قال أبو بكر: ألست أحق الناس بها أي الخلافة ألست أول من أسلم؟ ألست صاحب كذا؟ ألست صاحب كذا؟.

وأخرج ابن عساكر من طريق الحارث عن علي رضي اللّه عنه

قال: أول من أسلم من الرجال أبو بكر.

وأخرج ابن أبي خيثمة بسند صحيح عن زيد بن أرقم

قال: أول من صلى مع النبي صلى اللّه عليه وسلم أبو بكر الصديق.

وأخرج ابن سعد عن أبي أروى الدوسي الصحابي رضي اللّه عنه

قال: أول من أسلم أبو بكر الصديق.

وأخرج الطبراني في الكبير وعبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد عن الشعبي

قال: سألت ابن عباس أي الناس كان أول إسلاماً قال أبو بكر الصديق ألم تسمع قول حسان:

إذا تذكرت شجواً من أخي ثقة ... فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا

خير البرية أتقاها وأعدلها ... إلا النبي وأوفاها بما حملا

والثاني التالي المحمود مشهده ... وأول الناس منهم صدق الرسلا

وأخرج أبو نعيم عن فرات بن السائب:

قال: سألت ميمون بن مهران

قلت: علي أفضل عندك أم أبو بكر وعمر

قال: فارتعد حتى سقطت عصاه من يده ثم

قال: ما كنت أظن أن أبقى إلى زمان يعدل بهما للّه درهماً كانا رأس الإسلام

قلت: فأبو بكر كان أول إسلاماً أم علي قال واللّه لقد آمن أبو بكر بالنبي صلى اللّه عليه وسلم زمن بحيرا الراهب حين مر به واختلف فيما بنيه وبين خديجة حتى أنكحها إياه وذلك كله قبل أن يولد علي وقد قال إنه أول من أسلم خلائق من الصحابة والتابعين وغيرهم بل ادعى بعضهم الإجماع عليه وقيل أول من أسلم علي وقيل خديجة وجمع بين الأقوال بأن أبا بكر أول من أسلم من الرجال وعلى أول من أسلم من الصبيان وخديجة أول من أسلمت من النساء وأول من ذكر هذا الجمع الإمام أبو حنيفة رحمه اللّه

أخرجه عنه.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن عساكر عن سالم بن أبي الجعد

قال: قلت لمحمد بن الحنفية هل كان أبو بكر أول القوم إسلاماً قال لا

قلت: فيم علا أبو بكر وسبق حتى لا يذكر أحد غير أبي بكر؟ قال لأنه كان أفضلهم إسلاماً من حين أسلم حتى لحق بربه.

وأخرج ابن عساكر بسند جيد عن محمد بن سعد بن أبي وقاص أنه قال لأبيه سعد: أكان أبو بكر الصديق أولكم إسلاماً قال لا ولكنه أسلم قبله أكثر من خمسة ولكن كان خيرنا إسلاماً.

قال ابن كثير والظاهر أن أهل بيته صلى اللّه عليه وسلم آمنوا قبل كل أحد: زوجته خديجة ومولاه زيد وزوجة زيد أم أيمن وعلى وورقة انتهى.

وأخرج ابن عساكر عن عيسى بن يزيد

قال: قال أبو بكر الصديق: كنت جالساً بفناء الكعبة وكان زيد بن عمرو بن نفيل قاعداً فمر به أمية ابن أبي الصلت فقال كيف أصبحت يا باغي الخير؟ قال بخير قال وهل وجدت قال لا ف

قال:

كل دين يوم القيامة إلا ... ما قضى اللّه في الحقيقة بور

أما إن هذا النبي الذي ينتظر منا أو منكم قال ولم أكن سمعت قبل ذلك بنبي ينتظر ويبعث قال فخرجت إلى ورقة بن نوفل وكان كثير النظر إلى السماء كثير همهمة الصدر فاستوقفته ثم قصصت عليه الحديث فقال نعم يا ابن أخي إنا أهل الكتب والعلوم إلا أن هذا النبي الذي ينتظر من أوسط العرب نسباً ولي علم بالنسب وقومك أوسط العرب نسباً

قلت: يا عم وما يقول النبي؟ قال يقول ما قيل له إلا أنه لا يظلم ولا يظلم ولا يظالم فلما بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم آمنت به وصدقته.

وقال ابن إسحاق: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن الحصين التميمي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال " ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت له عنه كبوة وتردد ونظر إلا أبا بكر ما عتم عنه حين ذكرته وما تردد فيه " عتم: أي لبث قال البيهقي: وهذا لأنه كان يرى دلائل نبوة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ويسمع آثاره قبل دعوته فحين دعاه كان قد سبق له فيه تفكر ونظر فأسلم في الحال ثم أخرج عن أبي ميسرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا برز سمع من يناديه يا محمد فإذا سمع الصوت ولى هاربا فأسر ذلك إلى أبي بكر وكان صديقاً له في الجاهلية.

وأخرج أبو نعيم وابن عساكر عن ابن عباس

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " ما كلمت في الإسلام أحداً إلا أبى علي وراجعني الكلام إلا ابن أبي قحافة فإني لم أكلمه في شيء إلا قبله واستقام عليه:.

وأخرج البخاري عن أبي الدرداء

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " هل أنتم تاركون لي صاحبي؟ هل أنتم تاركون لي صاحبي إني

قلت: أيها الناس إني رسول اللّه إليكم جميعاً فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدقت " .

فصل في صحبته ومشاهده

قال العلماء صحب أبو بكر النبي صلى اللّه عليه وسلم من حين أسلم إلى حين توفي لم يفارقه سفراً ولا حضراً إلا فيما أذن له صلى اللّه عليه وسلم في الخروج فيه من حج وغزو وشهد معه المشاهد كلها وهاجر معه وترك عياله وأولاده رغبة في اللّه ورسوله صلى اللّه عليه وسلم وهو رفيقه في الغار قال تعالى " ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن اللّه معنا " " التوبة: 40 " وقام بنصر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في غير موضع وله الآثار الجميلة في المشاهد وثبت يوم أحد ويوم حنين وقد فر الناس كما سيأتي في فصل شجاعته.

أخرج ابن عساكر عن أبي هريرة

قال: تباشرت الملائكة يوم بدر فقالوا أما ترون الصديق مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في العريش.

وأخرج أبو يعلى والحاكم وأحمد عن علي

قال: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم بدر ولأبي بكر " مع أحد كما جبريل ومع الآخر ميكائيل " .

وأخرج ابن عساكر عن ابن سيرين أن عبد الرحمن بن أبي بكر كان يوم بدر مع المشركين فلما أسلم قال لأبيه: لقد أهدفت لي يوم بدر فانصرفت عنك ولم أقتلك فقال أبو بكر لكنك لو أهدفت لي لم أنصرف عنك.

قال ابن قتيبة: معنى أهدفت أشرفت ومنه قيل للبناء المرتفع هدف.

فصل في شجاعته

وأنه أشجع الصحابة رضي اللّه عنه

أخرج البزار في مسنده عن علي أنه

قال: أخبروني من أشجع الناس؟ فقالوا أنت

قال: أما إني ما بارزت أحداً إلا انتصفت منه ولكن أخبروني بأشجع الناس قالوا لا نعلم فمن قال أبو بكر إنه لما كان يوم بدر فجعلتم لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عريشاً فقلنا من يكون مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لئلا يهوي إليه أحد من المشركين فواللّه ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهراً بالسيف على رأس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يهوي إليه أحد إلا هوى إليه فهو أشجع الناس قال علي رضي اللّه عنه ولقد رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأخذته قريش فهذا يجبأه وهذا يتلتله وهم يقولون: أنت الذي جعلت الآلهة إلهاً واحداً

قال: فواللّه ما دنا منا أحد إلا أبو بكر يضرب هذا ويجبأ هذا ويتلتل هذا وهو يقول ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي اللّه ثم رفع على بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلت لحيته ثم قال أنشدكم اللّه أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر فسكت القوم فقال ألا تجيبونني فواللّه لساعة من أبي بكر خير من ألف ساعة من مثل مؤمن آل فرعون ذاك رجل يكتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه.

وأخرج البخاري عن عروة بن الزبير

قال: سألت عبد اللّه بن عمرو بن العاص عن أشد ما صنع المشركون برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ف

قال: رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو يصلي فوضع رداءه في عنقه فخنقه به خنقاً شديداً فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه فقال أتقتلون رجلا أن يقول ربي اللّه وقد جاءكم بالبينات من ربكم؟.

وأخرج الهيثم بن كليب في مسنده عن أبي بكر قال لما كان يوم أحد انصرف الناس كلهم عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فكنت أول من فاء وسيأتي تتمة الحديث في مسند ما رواه.

وأخرج ابن عساكر عن عائشة رضي اللّه عنها قالت لما اجتمع أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم فكانوا ثمانية وثلاثين رجلا ألح أبو بكر على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الظهور ف

قال: يا أبا بكر إنا قليل فلم يزل أبو بكر يلح على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى ظهر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وتفرق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته وقام أبو بكر في الناس خطيباً فكان أول خطيب دعا إلى اللّه وإلى رسوله وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين وضربوا في نواحي المسجد ضرباً شديداً وسيأتي تتمة الحديث في ترجمة عمر رضي اللّه عنه.

وأخرج ابن عساكر عن علي رضي اللّه عنه قال لما أسلم أبو بكر أظهر إسلامه ودعا إلى اللّه وإلى رسوله صلى اللّه عليه وسلم.

فصل في إنفاقه ماله على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

وأنه أجود الصحابة

قال اللّه تعالى: " وسيجنبها الأتقى الذي يؤتى ماله يتزكى " " الليل: 18 " إلى آخر السورة قال ابن الجوزي أجمعوا على أنها نزلت في أبي بكر.

وأخرج أحمد عن أبي هريرة

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر " فبكى أبو بكر وقال هل أنا ومالي إلا لك يا رسول اللّه؟.

وأخرج أبو يعلى من حديث عائشة رضي اللّه عنها مرفوعاً مثله.

قال ابن كثير وروى أيضاً من حديث علي وابن عباس وأنس وجابر بن عبد اللّه وأبي سعيد الخدري رضي اللّه عنهم و

أخرجه الخطيب عن سعيد بن المسيب مرسلا وزاد وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يقضي في مال أبي بكر كما يقضي في مال نفسه.

وأخرج ابن عساكر من طرق عن عائشة رضي اللّه عنها وعروة بن الزبير " أن أبا بكر رضي اللّه عنه أسلم يوم أسلم وله أربعون ألف دينار وفي لفظ أربعون ألف درهم فأنفقها على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " .

وأخرج أبو سعيد بن الأعرابي عن ابن عمر رضي اللّه عنهما

قال: أسلم أبو بكر رضي اللّه عنه يوم أسلم وفي منزله أربعون ألف درهم فخرج إلى المدينة في الهجرة وماله غير خمسة آلاف كل ذلك بنفقة في الرقاب والعون على الإسلام.

وأخرج ابن عساكر عن عائشة رضي اللّه عنها أن أبا بكر أعتق سبعة كلهم يعذب في اللّه.

وأخرج ابن شاهين في السنة والبغوي في تفسيره وابن عساكر عن ابن عمر

قال: كنت عند النبي صلى اللّه عليه وسلم وعنده أبو بكر الصديق وعليه عباءة قد خللّها في صدره بخلال فنزل عليه جبريل عليه السلام فقال يا محمد مالي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خللّها في صدره بخلال فقال يا جبريل أنفق ماله على قبل الفتح قال فإن اللّه تعالى يقرأ عليه السلام ويقول قل له أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط فقال أبو بكر أسخط على ربي أنا عن ربي راض أنا عن ربي راض أنا عن ربي راض غريب وسنده ضعيف جداً.

وأخرج أبو نعيم عن أبي هريرة وابن مسعود مثله وسندهما ضعيف أيضاً.

وأخرج ابن عساكر نحوه من حديث ابن عباس.

وأخرج الخطيب بسند واه أيضاً عن ابن عباس رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه وسلم

قال: هبط على جبريل عليه السلام وعليه طنفسة وهو متخلل بها: فقلت له: يا جبريل ما هذا قال إن اللّه تعالى أمر الملائكة أن تتخلل في السماء كتخلل أبي بكر في الأرض.

قال ابن كثير: وهذا منكر جداً وقال ولولا أن هذا والذي قبله يتداوله كثير من الناس لكان الإعراض عنهما أولى.

وأخرج أبو داود والترمذي عن عمر بن الخطاب قال " أمرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي

قلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً فجئت بنصف مالي فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما أبقيت لأهلك قلت مثله وأتي أبو بكر بكل ما عنده فقال يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك قال أبقيت لهم اللّه ورسوله فقلت لا أسبقه في شيء أبداً قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن الحسن البصري: أن أبا بكر أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم بصدقته فأخفاها ف

قال: يا رسول اللّه هذه صدقتي وللّه عندي معاد وجاء عمر بصدقته فأظهرها فقال يا رسول اللّه هذه صدقتي ولي عند اللّه معاد فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " ما بين صدقتيكما كما بين كلمتيكما " إسناده جيد لكنه مرسل.

واخرج الترمذي عن أبي هريرة

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه إلا أبا بكر فإن له عندنا يداً يكافئه اللّه بها يوم القيامة وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر " .

وأخرج البزار عن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه

قال: جئت بأبي قحافة إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ف

قال: " هلا تركت الشيخ حتى آتيه قال بل هو أحق أن يأتيك قال إنا نحفظه لأيادي ابنه عندنا " .

وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " ما أحد عندي أعظم يداً من أبي بكر واساني بنفسه وماله وأنكحني ابنته " .

فصل في علمه

وأنه أعلم الصحابة وأذكاهم

قال النووي في تهذيبه ومن خطه نقلت استدل أصحابنا على عظم علمه بقوله رضي اللّه عنه في الحديث الثابت في الصحيحين: واللّه لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة واللّه لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لقاتلتهم على منعه واستدل الشيخ أبو إسحاق بهذا وغيره في طبقاته على أن أبا بكر الصديق رضي اللّه عنه أعلم الصحابة لأنهم كلهم وقفوا عن فهم الحكم في المسألة إلا هو ثم ظهر لهم بمباحثته لهم أن قوله هو الصواب فرجعوا إليه.

وروينا عن ابن عمر أنه سئل من كان يفتي الناس في زمن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال أبو بكر وعمر رضي اللّه عنهما ما أعلم غيرهما.

وأخرج الشيخان عن أبي سعيد الخدري قال خطب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الناس و

قال: إن اللّه تبارك وتعالى خير عبداً بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند اللّه تعالى فبكى أبو بكر وقال نفديك بآبائنا وأمهاتنا فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وآله وسلم عن عبد خير فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " إن من آمن الناس على في صحبته وماله أبا بكر ولو كنت متخذاً خليلا غير ربي لاتخدت أبا بكر ولكن أخوة الإسلام ومودته لا يبقين باب إلا سد إلا باب أبي بكر " هذا كلام النووي.

وقال ابن كثير: كان الصديق رضي اللّه عنه أقرأ الصحابة أي أعلمهم بالقرآن لأنه صلى اللّه عليه وسلم قدمه إماماً للصلاة بالصحابة رضي اللّه عنه مع قوله " يوم القوم أقرؤهم لكتاب اللّه " .

وأخرج الترمذي عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يؤمهم غيره " .

وكان مع ذلك أعلمهم بالسنة كما رجع إليه الصحابة في غير موضع يبرز عليهم بنقل سنن عن النبي صلى اللّه عليه وسلم يحفظها هو ويستحضرها عند الحاجة إليها ليست عندهم وكيف لا يكون كذلك وقد واظب على صحبة الرسول صلى اللّه عليه وسلم من أول البعثة إلى الوفاة وهو مع ذلك من أذكى عباد اللّه وأعقلهم وإنما لم يرو عنه من الأحاديث المسندة إلا القليل لقصر مدته وسرعة وفاته بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم وإلا فلو طالت مدته لكثر ذلك عنه جداً ولم يترك الناقلون عنه حديثاً إلا نقلوه ولكن كان الذين في زمانه من الصحابة لا يحتاج أحد منهم أن ينقل عنه ما قد شاركه هو في روايته فكانوا ينقلون عنه ما ليس عندهم.

وأخرج أبو القاسم البغوي عن ميمون بن مهران قال كان أبو بكر إذا ورد عليه الخصم نظر في كتاب اللّه فإن وجد فيه ما يقضي به بينهم قضى به وإن لم يكن في الكتاب وعلم من رسول اللّه صلى اللّه عليه آله وسلم في ذلك الأمر سنة قضى بها فإن أعياه خرج فسأل المسلمين وقال أتاني كذا وكذا فهل علمتم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قضى في ذلك بقضاء فربما اجتمع إليه النفر كلهم يذكر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيه قضاء فيقول أبو بكر الحمد للّه الذي جعل فينا من يحفظ عن نبينا فإن أعياه أن يجد فيه سنة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جمع رؤوس الناس وخيارهم فاستشارهم فإن أجمع أمرهم على رأى قضى به وكان عمر رضي اللّه عنه يفعل ذلك فإن أعياه أن يجد في القرآن والسنة نظر هل كان لأبي بكر فيه قضاء فإن وجد أبا بكر قضى فيه بقضاء قضى به وإلا دعا رؤوس المسلمين فإذا اجتمعوا على أمر قضى به.

وكان الصديق رضي اللّه عنه مع ذلك أعلم الناس بأنساب العرب لا سيما قريش أخرج ابن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن شيخ من الأنصار

قال: كان جبير بن مطعم من أنسب قريش لقريش والعرب قاطبة وكان يقول إنما أخذت النسب من أبي بكر الصديق وكان أبو بكر الصديق من أنسب العرب.

وكان الصديق مع ذلك غاية في علم تعبير الرؤيا وقد كان يعبر الرؤيا في زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم وقد قال محمد بن سيرين وهو المقدم في هذا العلم بالاتفاق كان أبو بكر أعبر هذه الأمة بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم

أخرجه ابن سعد.

وأخرج الديلمي في مسند الفردوس وابن عساكر عن سمرة

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " أمرت أن أؤول الرؤيا وأن أعلمها أبا بكر " .

قال ابن كثير وكان من أفصح الناس وأخطبهم قال الزبير بن بكار: سمعت بعض أهل العلم يقول: أفصح خطباء أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب رضي اللّه عنهما وسيأتي في حديث السقيفة قول عمر رضي اللّه عنه وكان من أعلم الناس باللّه وأخوفهم له وسيأتي من كلامه في ذلك وفي تعبير الرؤيا ومن خطبه جملة في فصل مستقل.

ومن الدلائل على أنه أعلم الصحابة حديث صلح الحديبية حيث سأل عمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن ذلك الصلح و

قال: علام نعطى الدنية في ديننا؟ فأجابه النبي صلى اللّه عليه وسلم ثم ذهب إلى أبي بكر فسأله عما سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأجابه كما أجابه النبي صلى اللّه عليه وسلم سواء بسواء

أخرجه البخاري وغيره.

وكان مع ذلك أشد الصحابة رأياً وأكملهم عقلا أخرج تمام الرازي في فوائد وابن عساكر عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص

قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول " أتاني جبريل فقال إن اللّه يأمرك أن تستشير أبا بكر " وأخرج الطبراني وأبو نعيم وغيرهما عن معاذ بن جبل أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما أراد أن يسرح معاذاً إلى اليمن استشار ناساً من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وأسيد بن حضير فتكلم القوم كل إنسان برأيه فقال ما ترى يا معاذ قالت أرى ما قال أبو بكر فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم إن اللّه يكره فوق سمائه أن يخطأ أبو بكر ورواه ابن أبي أسامة في مسنده " إن اللّه يكره في السماء أن يخطأ أبو بكر الصديق في الأرض " وأخرج الطبراني في الوسط عن سهل بن سعد الساعدي

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " إن اللّه يكره أن يخطأ أبو بكر " رجاله ثقات.

فصل

 قال النووي في تهذيبه الصديق أحد الصحابة الذين حفظوا القرآن كله وذكر هذا أيضاً جماعة منهم ابن كثير في تفسيره وأما حديث أنس " جمع القرآن في عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أربعة " فمراده من الأنصار كما أوضحته في كتاب الإتقان وأما ما

أخرجه ابن أبي داود عن الشعبي قال مات أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه ولم يجمع القرآن كله فهو مدفوع أو مؤول على أن المراد جمعه في المصحف على الترتيب الذي صنعه عثمان رضي اللّه عنه. فصل في أنه أفضل الصحابة وخيرهم

أهل السنة أن أفضل الناس بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم سائر العشرة ثم باقي أهل بدر ثم باقي أهل أحد ثم باقي أهل البيعة ثم باقي الصحابة هكذا حكى الإجماع عليه أبو منصور البغدادي.

وروى البخاري عن ابن عمر

قال: كنا نخير بين الناس في زمان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فنخير أبا بكر ثم عمر ابن الخطاب ثم عثمان ابن عفان رضي اللّه عنهم وزاد الطبراني في الكبير فيعلم بذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم ولا ينكره.

وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر

قال: كنا وفينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نفضل أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً.

وأخرج ابن عساكر عن أبي هريرة

قال: كنا معاشر أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ونحن متوافرون نقول أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم نسكت.

وأخرج الترمذي عن جابر بن عبد اللّه

قال: قال عمر لأبي بكر: يا خير الناس بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال أبو بكر: أما إنك إن قلت ذاك فلقد سمعته يقول: ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر.

وأخرج البخاري عن محمد بن علي بن أبي طالب

قال: قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال أبو بكر

قلت: ثم من؟ قال عمر وخشيت أن يقول عثمان ف

قلت: ثم أنت؟ قال ما أنا إلا رجل من المسلمين.

وأخرج أحمد وغيره عن علي

قال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر قال الذهبي: هذا متواتر عن علي فلعن اللّه الرافضة ما أجهلهم.

وأخرج الترمذي والحاكم عن عمر بن الخطاب

قال: أبو بكر سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عمر صعد المنبر ثم

قال: ألا إن أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر فمن قال غير هذا فهو مفتر عليه ما على المفتري.

وأخرج أيضاً عن ابن أبي ليلى

قال: قال علي: لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري.

وأخرج عبد الرحمن بن حميد في مسنده وأبو نعيم وغيرهما من طرق عن أبي الدرداء " أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

قال: ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد أفضل من أبي بكر إلا أن يكون نبي " وفي لفظ " على أحد من المسلمين بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر " .

وقد ورد أيضاً من حديث جابر ولفظه ما طلعت الشمس على أحد منكم أفضل منه

أخرجه الطبراني وغيره وله شواهد من وجوه أخر تقضى له بالصحة أو الحسن وقد أشار ابن كثير إلى الحكم بصحته.

وأخرج الطبراني عن سلمة بن الأكوع

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " أبو بكر الصديق خير الناس إلا أن يكون نبي " وفي الأوسط عن سعد بن زرارة

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " إن روح القدس جبريل أخبرني أن خير أمتك بعدك أبو بكر " .

وأخرج الشيخان عن عمرو بن العاص

قال: قلت يا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أي الناس أحب إليك؟ قال عائشة

قلت: من الرجال قال أبوها قلت ثم من؟ قال ثم عمر بن الخطاب وقد ورد هذا الحديث بدون ثم عمر في رواية أنس وابن عمرو وابن عباس.

وأخرج الترمذي والنسائي والحاكم عن عبد اللّه بن شقيق

قال: قلت لعائشة أي أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وآله وسلم كان أحب إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قالت: أبو بكر قلت ثم من قالت ثم عمر قلت ثم من؟ قالت أبو عبيدة بن الجراح.

وأخرج الترمذي وغيره عن أنس

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأبي بكر وعمر " هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين " وأخرج مثله عن علي.

وفي الباب عن ابن عباس وابن عمر: وأبي سعيد الخدري وجابر بن عبد اللّه.

وأخرج الطبراني في الأوسط عن عمار بن ياسر قال من فضل على أبي بكر وعمر أحداً من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقد أزرى على المهاجرين والأنصار.

وأخرج ابن سعيد عن الزهري

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لحسان بن ثابت: هل قلت في أبي بكر شيئاً؟ قال نعم فقال قل وأنا أسمع ف

قال:

والثاني اثنين في الغار المنيف وقد ... طاف العدو به إذ صعد الجبلا

وكان حب رسول اللّه قد علموا ... من البرية لم يعدل به رجلا

فضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم

قال: صدقت يا حسان هو كما قلت.

فصل:

روى أحمد والترمذي عن أنس بن مالك

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في أمر اللّه عمر وأصدقهم حياء عثمان وأعلمهم الحلال والحرام معاذ بن جبل وأفرضهم زيد بن ثابت وأقرؤهم أبي بن كعب ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح " و

أخرجه أبو يعلى من حديث ابن عمر وزاد فيه " وأقضاهم علي " و

أخرجه الديلمي في مسند الفردوس من حديث شداد بن أوس وزاد " وأبو ذر أزهد أمتي وأصدقها وأبو الدرداء أعبد أمتي وأتقاها ومعاوية بن أبي سفيان أحلم أمتي وأجودها " وقد سئل شيخنا العلامة الكافيجي عن هذه التفضيلات: هل تنافي التفضيل السابق فأجاب بأنه لا منافاة.

فصل فيما أنزل من الآيات في مدحه

أو تصديقه أو أمر من شأنه

اعلم أني رأيت لبعضهم كتاباً في أسماء من نزل فيهم القرآن غير محرر ولا مستوعب وقد ألفت في ذلك كتاباً حافلا مستوعباً محرراً وأنا ألخص هنا ما يتعلق منه بالصديق رضي اللّه عنه.

قال تعالى " ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن اللّه معنا فأنزل اللّه سكينته عليه " " التوبة:40 " أجمع المسلمون على أن الصاحب المذكور أبو بكر وسيأتي فيه أثر عنه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى " فأنزل اللّه سكينته عليه " " التوبة: 40 " قال على أبي بكر إن النبي صلى اللّه عليه وسلم لم تزل السكينة عليه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود أن أبا بكر اشترى بلالا من أمية بن خلف وأبي بن خلف ببردة وعشر أواق فأعتقه للّه فأنزل اللّه " والليل إذا يغشى " " الليل: 1 " إلى قوله " إن سعيكم لشتى " " الليل: 4 " سعي أبي بكر وأمية وأبي.

وأخرج ابن جرير عن عامر بن عبد اللّه بن الزبير قال كان أبو بكر يعتق على الإسلام بمكة فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن فقال أبوه أي بنى أراك تعتق أناساً ضعافاً فلو أنك تعتق رجالا جلداً يقومون معك ويمنعونك ويدفعون عنك قال أي أبت أنا أريد ما عند اللّه قال فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الآية نزلت فيه " فأما من أعطى واتقى " " الليل: 5 " إلى آخرها.

وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن عروة أن أبا بكر الصديق رضي اللّه عنه أعتق سبعة كلهم يعذب في اللّه وفيه نزلت " وسيجنبها الأتقى " " الليل: 17 " إلى آخر السورة.

وأخرج البزار عن عبد اللّه بن الزبير

قال: نزلت هذه الآية " وما لأحد عنده من نعمة تجزى " " الليل: 19 " إلى آخر السورة في أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه.

وأخرج البخاري عن عائشة رضي اللّه عنها أن أبا بكر لم يكن يحنث في يمين حتى أنزل اللّه كفارة اليمين.

وأخرج البزار وابن عساكر عن أسيد بن صفوان وكانت له صحبة

قال: قال علي: والذي جاء بالحق محمد وصدق به أبو بكر الصديق قال ابن عساكر هكذا الرواية بالحق ولعلها قراءة لعلي.

وأخرج الحاكم عن ابن عباس في قوله تعالى " وشاورهم في الأمر " " آل عمران: 159 "

قال: نزلت في أبي بكر وعمر.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شوذب

قال: نزلت " ولمن خاف مقام ربه جنتان " " الرحمن: 46 " في أبي بكر رضي اللّه عنه وله طرق أخرى ذكرتها في أسباب النزول.

وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر وابن عباس في قوله تعالى: " وصالح المؤمنين " " التحريم: 4 " قال نزلت في أبي بكر وعمر.

وأخرج عبد اللّه بن أبي حميد في تفسيره عن مجاهد قال لما نزلت " إن اللّه وملائكته يصلون على النبي " " الأحزاب: 56 " قال أبو بكر يا رسول اللّه ما أنزل اللّه عليك خيراً إلا أشركنا فيه فنزلت هذه الآية " هو الذي يصلى عليكم وملائكته " " الأحزاب: 43 " .

وأخرج ابن عساكر عن علي بن الحسين أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعلي " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين " " الحجر: 47 " .

وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس

قال: نزلت في أبي بكر الصديق " ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً " " الأحقاف: 15 " إلى قوله " وعد الصدق الذي كانوا يوعدون " " الأحقاف: 16 " .

وأخرج ابن عساكر عن ابن عيينة قال عاتب اللّه المسلمين كلهم في رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلا أبا بكر وحده فإنه خرج من المعاتبة ثم قرأ " إلا تنصروه فقد نصره اللّه إذ

أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار " " التوبة: 40 " .

فصل في الأحاديث الواردة في فضله

مقروناً بعمر سوى ما تقدم

أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: بينا راع في غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة فطلبه الراعي فالتفت إليه الذئب ف

قال: من لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري وبينا رجل يسوق بقرة قد حمل عليها فالتفتت إليه فكلمته فقالت إني لم أخلق لهذا ولكني خلقت للحرث قال الناس سبحان اللّه بقرة تتكلم قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: فإني أومن بذلك وأبو بكر وعمر وما ثم أبو بكر وعمر أي لم يكونا في المجلس شهد لهما بالإيمان بذلك لعلمه بكمال إيمانها.

وأخرج الترمذي عن أبي سعيد الخدري

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " ما من نبي إلا وله وزيران من أهل السماء ووزيران من أهل الأرض فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل وميكائيل وأما وزيراي من أهل الأرض فأبو بكر وعمر " وأخرج أصحاب السنن وغيرهم عن سعيد بن زيد

قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: " أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة " وذكر تمام العشرة.

وأخرج الترمذي عن أبي سعيد

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إن أهل الدرجات العلي ليراهم من تحتهم كما ترون النجم الطالع في أفق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم و

أخرجه الطبراني من حديث جابر ابن سمرة وأبو هريرة.

وأخرج الترمذي عن أنس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " كان يخرج على أصحابه من المهاجرين والأنصار وهم جلوس فيهم أبو بكر وعمر فلا يرفع إليه أحد منهم بصره إلا أبو بكر وعمر فإنهما كانا ينظران إليه وينظر إليهما ويتبسمان إليه ويتبسم إليهما " .

وأخرج الترمذي والحاكم عن ابن عمر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " خرج ذات يوم فدخل المسجد وأبو بكر وعمر أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله وهو آخذ بأيديهما و

قال: هكذا نبعث يوم القيامة " و

أخرجه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة.

وأخرج الترمذي والحاكم عن ابن عمر

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم " أنا أول من تنشق عنه الأرض ثم أبو بكر ثم عمر " .

وأخرج الترمذي والحاكم وصححه عن عبد اللّه بن حنطب أن النبي صلى اللّه عليه وسلم رأى أبا بكر وعمر فقال " هذان السمع والبصر " و

أخرجه الطبراني من حديث ابن عمر وابن عمرو.

وأخرج البزار والحاكم عن أبي أروى الدوسي قال كنت عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فأقبل أبو بكر وعمر ف

قال: الحمد للّه الذي أيدني بكما وورد أيضاً من حديث البراء بن عازب

أخرجه الطبراني في الأوسط.

وأخرج أبو يعلى عن عمار بن ياسر

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " أتاني جبريل آنفاً فقلت يا جبريل حدثني بفضائل عمر بن الخطاب فقال لو حدثتك بفضائل عمر منذ ما لبث نوح في قومه ما نفدت فضائل عمر وإن عمر حسنة من حسنات أبي بكر " .

وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن غنم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لأبي بكر وعمر " لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما " و

أخرجه الطبراني من حديث البراء بن عازب.

وأخرج ابن سعد عن ابن عمر أنه سئل من كان يفتي في زمن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال " أبو بكر وعمر ولا أعلم غيرهما " .

وأخرج عن القاسم بن محمد قال كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي يفتون في عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

قال: " إن لكل نبي خاصة من أمته وإن خاصتي من أصحابي أبو بكر وعمر " .

وأخرج ابن عساكر عن علي

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " رحم اللّه أبا بكر زوجني ابنته وحملني إلى دار الهجرة وأعتق بلالا رحم اللّه عمر يقول الحق وإن كان مراً تركه الحق وماله من صديق رحم اللّه عثمان تستحييه الملائكة رحم اللّه علياً اللّهم أدر الحق معه حيث دار " .

وأخرج الطبراني عن سهل رضي اللّه عنه قال لما قدم النبي صلى اللّه عليه وسلم من حجة الوداع صعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه ثم

قال: " أيها الناس إن أبا بكر لم يسؤني قط فاعرفوا له ذلك أيها الناس إني راض عنه وعن عمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف والمهاجرين الأولين فاعرفوا ذلك لهم " .

وأخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد عن ابن أبي حازم

قال: جاء رجل إلى علي بن الحسين فقال ما كان منزلة أبي بكر وعمر من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال كمنزلتهما منه الساعة.

وأخرج ابن سعد عن بسطام بن مسلم

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأبي بكر وعمر " لا يتأمر عليكما أحد بعدي " .

وأخرج ابن عساكر عن أنس مرفوعاً " حب أبي بكر وعمر إيمان وبغضهما كفر " .

وأخرج عن ابن مسعود

قال: حب أبي بكر وعمر ومعرفتهما من السنة.

وأخرج عن أنس مرفوعاً " إني لأرجو لأمتي في حبهم لأبي بكر وعمر ما أرجو لهم في قول: لا إله إلا اللّه.

فصل في الأحاديث الواردة في فضله

وحده سوى ما تقدم

أخرج الشيخان عن أبي هريرة قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: " من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل اللّه دعي من أبواب الجنة يا عبد اللّه هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان فقال أبو بكر ما على من يدعى من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى منها كلها أحد يا رسول اللّه قال نعم فأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر " .

وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي " وأخرج الشيخان عن أبي سعيد رضي اللّه عنه

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " إن من أمن الناس علي في صحبته وما له أبا بكر ولو كنت متخذاً خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام " .

وقد ورد هذا الحديث من رواية ابن عباس وابن الزبير وابن مسعود وجندب بن عبد اللّه والبراء وكعب بن مالك وجابر بن عبد اللّه وأنس وأبي واقد الليثي وأبي المعلى وعائشة وأبي هريرة وابن عمر رضي اللّه عنهم وقد سردت طرقهم في الأحاديث المتواترة.

وأخرج البخاري عن أبي الدرداء قال كنت جالساً عند النبي صلى اللّه عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر فسلم وقال إنه كان بيني وبين عمر بن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى على فأقبلت إليك ف

قال: يغفر اللّه لك يا أبا بكر ثلاثاً ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فلم يجده فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فجعل وجه النبي صلى اللّه عليه وسلم يتمعر حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال يا رسول اللّه واللّه أنا كنت أظلم منه مرتين فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم " إن اللّه بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدقت وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركون لي صاحبي مرتين فما أوذي بعدها " .

وأخرج ابن عدي من حديث ابن عمر رضي اللّه عنه نحوه وفيه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " لا تؤذوني في صاحبي فإن اللّه بعثني بالهدى ودين الحق فقلتم: كذبت وقال أبو بكر: صدقت ولو لا أن اللّه سماه صاحباً لاتخذته خليلا ولكن أخوة الإسلام " .

وأخرج ابن عساكر عن المقدام

قال: استب عقيل بن أبي طالب وأبو بكر

قال: وكان أبو بكر نساباً غير أنه تحرج من قرابته من النبي صلى اللّه عليه وسلم فأعرض عنه وشكا إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الناس فقال " ألا تدعون لي صاحبي ما شأنكم وشأنه فواللّه ما منكم رجل إلا على باب بيته ظلمة إلا باب أبي بكر فإن على بابه النور فواللّه لقد قلتم كذبت وقال أبو بكر صدقت وأمسكتم الأموال وجادلي بماله وخذلتموني وواساني واتبعني " .

وأخرج البخاري عن ابن عمر رضي اللّه عنهما

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر اللّه إليه يوم القيامة فقال أبو بكر إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " إنك لست تصنع ذلك خيلاء " .

وأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " من أصبح منكم اليوم صائماً قال أبو بكر أنا قال فمن تبع منكم جنازة قال أبو بكر أنا قال فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً قال أبو بكر أنا

قال: فمن عاد اليوم منكم مريضاً قال أبو بكر أنا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة " .

وقد ورد هذا الحديث من رواية أنس بن مالك وعبد الرحمن بن أبي بكر فحديث أنس

أخرجه البيهقي في الأصل وفي آخره " وجبت لك الجنة وحديث عبد الرحمن

أخرجه البزار ولفظه صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صلاة الصبح ثم أقبل على أصحابه بوجهه ف

قال: من أصبح منكم اليوم صائماً فقال عمر يا رسول اللّه لم أحدث نفسي بالصوم البارحة فأصبحت مفطراً فقال أبو بكر ولكني حدثت نفسي بالصوم البارحة فأصبحت صائماً فقال هل أحد منكم اليوم عاد مريضاً فقال عمر يا رسول اللّه لم نبرح فكيف نعود المريض فقال أبو بكر بلغني أن أخي عبد الرحمن بن عوف شاك فجعلت طريقي عليه لأنظر كيف أصبح فقال هل منكم أحد أطعم اليوم مسكيناً فقال عمر صلينا يا رسول اللّه ثم لم نبرح فقال أبو بكر دخلت المسجد فإذا بسائل فوجدت كسرة من خبز الشعير في يد عبد الرحمن فأخذتها ودفعتها إليه فقال أنت فأبشر بالجنة ثم قال كلمة أرضى بها عمر وزعم عمر أنه لم يرد خيراً قط إلا سبقه إليه أبو بكر " .

أبو يعلى عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال كنت في المسجد أصلى فدخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر فوجدني أدعو فقال سل تعطه ثم قال " من أحب أن يقرأ القرآن غضاً طرياً فليقرأ بقراءة ابن أم عبد " فرجعت إلى منزلي فأتاني أبو بكر فبشرني ثم أتى عمر فوجد أبا بكر خارجاً قد سبقه فقال إنك لسباق بالخير.

وأخرج أحمد بسند حسن عن ربيعة الأسلمي رضي اللّه عنه قال جرى بيني وبين أبي بكر كلام فقال لي كلمة كرهتها وندم فقال لي يا ربيعة رد على مثلها حتى يكون قصاصاً

قلت: لا أفعل قال أبو بكر لتقولن أو لأستعدين عليك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقلت ما أنا بفاعل فانطلق أبو بكر رضي اللّه عنه إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم وانطلقت أتلوه وجاء أناس من أسلم فقالوا لي رحم اللّه أبا بكر في أي شيء يستعدي عليك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو الذي قال لك ما قال؟ فقلت أتدرون من هذا؟ هذا أبو بكر الصديق هذا ثاني اثنين وهذا ذو شيبة المسلمين إياكم لا يلتفت فيراكم تنصروني عليه فيغضب فيأتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيغضب لغضبه فيغضب اللّه عز وجل لغضبهما فيهلك ربيعة قالوا ما تأمرنا؟ قال ارجعوا وانطلق أبو بكر رضي اللّه عنه وتبعته وحدي حتى أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فحدثه الحديث كما كان فرفع إلي رأسه فقال يا ربيعة ما لك والصديق فقلت يا رسول اللّه كان كذا وكذا فقال لي كلمة كرهتها فقال لي قل كما قلت حتى يكون قصاصاً فأبيت فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أجل لا ترد عليه ولكن قل قد غفر اللّه لك يا أبا بكر فقلت غفر اللّه لك يا أبا بكر قال الحسن قولي أبو بكر رضي اللّه عنه وهو يبكي.

وأخرج الترمذي وحسنه عن ابن عمر رضي اللّه عنهما أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لأبي بكر: " أنت صاحبي على الحوض وصاحبي في الغار " .

وأخرج عبد اللّه بن أحمد رضي اللّه عنه

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " أبو بكر صاحبي ومؤنسي في الغار " إسناده حسن.

وأخرج البيهقي عن حذيفة رضي اللّه عنه

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " إن في الجنة طيراً كأمثال البخاتي قال أبو بكر إنها لناعمة يا رسول اللّه قال أنعم منها من يأكلها وأنت ممن يأكلها " وقد ورد هذا الحديث من رواية أنس.

وأخرج أبو يعلى عن أبي هريرة رضي اللّه عنه

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " عرج بي إلى السماء فما مررت بسماء إلا وجدت فيها اسمي محمد رسول اللّه وأبو بكر الصديق خلفي " إسناده ضعيف لكنه ورد أيضاً من حديث ابن عباس وابن عمر وأنس وأبي سعيد وأبي الدرداء رضي اللّه عنهم بأسانيد ضعيفة يشد بعضها بعضاً.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه

قال: قرأت عند النبي صلى اللّه عليه وسلم " يا أيتها النفس المطمئنة " فقال أبو بكر يا رسول اللّه إن هذا لحسن فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " أما إن الملك سيقولها لك عند الموت " .

وأخرج ابن أبي حاتم عن عامر بن عبد اللّه بن الزبير رضي اللّه عنه قال لما نزلت " ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم " الآية قال أبو بكر: يا رسول اللّه لو أمرتني أن أقتل نفسي لفعلت فقال " صدقت " .

وأخرج أبو القاسم البغوي: حدثنا داود بن عمر حدثنا عبد الجبار بن الورد عن ابن أبي مليكة قال دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه غديراً ف

قال: ليسبح كل رجل إلى صاحبه

قال: فسبح كل رجل حتى بقى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأبو بكر فسبح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى أبي بكر حتى اعتنقه و

قال: " لو كنت متخذاً خليلا حتى ألقى اللّه لاتخذت أبا بكر خليلا ولكنه صاحبي " تابعه وكيع عن عبد الجبار بن الورد

أخرجه ابن عساكر وعبد الجبار ثقة شيخه ابن أبي ملكية إمام إلا أنه مرسل وهو غريب جداً.

قلت:

أخرجه الطبراني في الكبير وابن شاهين في السنة من وجه آخر موصولا عن ابن عباس.

وأخرج ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق وابن عساكر من طريق صدقة بن ميمون القرشي عن سليمان بن يسار

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " خصال الخير ثلاثمائة وستون خصلة إذا أراد اللّه بعبد خيراً جعل فيه خصلة منها يدخل بها الجنة " قال أبو بكر: يا رسول اللّه أفي شيء منها قال " نعم جمعاً من كل " .

وأخرج ابن عساكر من طريق أخرى عن صدقة القرشي عن رجل

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " خصال الخير ثلاثمائة وستون فقال أبو بكر يا رسول اللّه لي منها شيء

قال: كلها فيك فهنيئاً لك يا أبا بكر " .

وأخرج ابن عساكر من طريق مجمع بن يعقوب الأنصاري عن أبيه

قال: إن كانت حلقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لتشتبك حتى تصير كالأسوار وإن مجلس أبي بكر منها لفارغ ما يطمع فيه أحد من الناس فإذا جاء أبو بكر جلس ذلك المجلس وأقبل عليه النبي صلى اللّه عليه وسلم بوجهه وألقى إليه حديثه وسمع الناس.

وأخرج ابن عساكر عن أنس رضي اللّه عنه

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " حب أبي بكر وشكره واجب على كل أمتي " .

وأخرج مثله في حديث سهل بن سعد.

وأخرج عن عائشة رضي اللّه عنها مرفوعاً " الناس كلهم يحاسبون إلا أبا بكر " .

فصل فيما ورد من كلام الصحابة والسلف الصالح في فضله

أخرج البخاري عن جابر رضي اللّه عنه

قال: قال عمر بن الخطاب: أبو بكر سيدنا.

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عمر رضي اللّه عنه

قال: لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم.

وأخرج ابن أبي خيثمة وعبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد عن عمر رضي اللّه عنه

قال: إن أبا بكر كان سابقاً مبرزاً.

وقال عمر: لوددت أني شعرة في صدر أبي بكر

أخرجه مسدد في مسنده.

و

قال: وددت أني من الجنة حيث أرى أبا بكر

أخرجه ابن أبي الدنيا وابن عساكر.

و

قال: لقد كان ريح أبي بكر أطيب من ريح المسك

أخرجه أبو نعيم.

وأخرج ابن عساكر عن علي أنه دخل على أبي بكر وهو مسجى ف

قال: ما أحد لقي اللّه بصحيفته أحب إلى من هذا المسجى.

وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم حدثني عمر بن الخطاب أنه ما سبق أبا بكر إلى خير قط إلا سبقه به.

وأخرج الطبراني في الأوسط عن علي

قال: والذي نفسي بيده ما استبقنا إلى خير قط إلا سبقنا إليه أبو بكر.

وأخرج في الأوسط أيضاً عن جحيفة

قال: قال علي خير الناس بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أبو بكر وعمر لا يجتمع حبي وبغض أبي بكر وعمر في قلب مؤمن.

وأخرج في الكبير عن ابن عمر

قال: ثلاثة من قريش أصبح قريش وجوهاً وأحسنها أخلاقاً وأثبتها جناناً إن حدثوك لم يكذبوك وإن حدثتهم لم يكذبوك أبو بكر الصديق وأبو عبيدة بن الجراح وعثمان بن عفان.

وأخرج ابن سعد عن إبراهيم النخعي

قال: كان أبو بكر يسمى الأواه لرأفته ورحمته.

وأخرج ابن عساكر عن الربيع بن أنس

قال: مكتوب في الكتاب الأول: مثل أبي بكر الصديق مثل القطر أينما وقع نفع.

وأخرج ابن عساكر عن الربيع بن أنس

قال: نظرنا في صحابة الأنبياء فما وجدنا نبياً كان له صاحب مثل أبي بكر الصديق.

وأخرج عن الزهري

قال: من فضل أبي بكر أنه لم يشك في اللّه ساعة قط.

وأخرج عن الزبير بن بكار

قال: سمعت بعض أهل العلم يقول: خطباء أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب رضي اللّه عنهما.

وأخرج عن أبي حصين

قال: ما ولد لآدم في ذريته بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر ولقد قام أبو بكر يوم الردة مقام نبي من الأنبياء.

فصل:

 أخرج الدينوري في المجالسة وابن عساكر عن الشعبي قال خص اللّه تبارك وتعالى أبا بكر بأربع خصال لم يخص بها أحداً من الناس سماه الصديق ولم يسم أحداً الصديق غيره وهو صاحب الغار مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ورفيقه في الهجرة وأمره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالصلاة والمسلمون شهود.

وأخرج ابن أبي داود في كتاب المصاحف عن جعفر

قال: كان أبو بكر يسمع مناجاة جبريل للنبي صلى اللّه عليه وسلم ولا يراه.

وأخرج الحاكم عن ابن المسيب

قال: كان أبو بكر من النبي صلى اللّه عليه وسلم مكان الوزير فكان يشاوره في جميع أموره وكان ثانيه في الإسلام وثانيه في الغار وثانيه في العريش يوم بدر وثانيه في القبر ولم يكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقدم عليه أحداً.

فصل في الأحاديث والآيات المشيرة إلى خلافته

وكلام الأئمة في ذلك

أخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن حذيفة رضي اللّه عنه

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " .

و

أخرجه الطبراني من حديث أبي الدرداء والحاكم من حديث ابن مسعود ورضي اللّه عنه.

وأخرج أبو القاسم البغوي بسند حسن عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنه قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: " يكون خلفي اثنا عشر خليفة: أبو بكر لا يلبث إلا قليلا " صدر هذا الحديث مجمع على صحته وارد من طرق عدة وقد تقدم شرحه في أول هذا الكتاب وفي الصحيحين في الحديث السابق أنه صلى اللّه عليه وسلم لما خطب قرب وفاته و

قال: " إن عبداً خيره اللّه " الحديث وفي آخره " ولا يبقين باب إلا سد إلا باب أبي بكر وفي لفظ لهما " لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر " قال العلماء: هذا إشارة إلى الخلافة لأنه يخرج منها إلى الصلاة بالمسلمين وقد ورد هذا اللفظ من حديث أنس رضي اللّه عنه ولفظه " سدوا هذه الأبواب الشارعة في المسجد إلا باب أبي بكر "

أخرجه ابن عدي ومن حديث عائشة رضي اللّه عنها

أخرجه الترمذي وغيره ومن حديث ابن عباس في زوائد المسند ومن حديث معاوية بن أبي سفيان

أخرجه الطبراني ومن حديث أنس

أخرجه البزار.

وأخرج الشيخان عن جبير بن مطعم رضي اللّه عنه عن أبيه

قال: أتت امرأة إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فأمرها أن ترجع إليه قالت أرأيت إن جئت ولم أجدك كأنها تقول الموت قال صلى اللّه عليه وسلم " إن لم تجديني فأتي أبا بكر " .

وأخرج الحاكم وصححه عن أنس رضي اللّه عنه

قال: بعثني بنو المصطلق إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن سله إلى من ندفع صدقاتنا بعدك فأتيته فسألته فقال " إلى أبي بكر " .

وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما

قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم تسأله شيئاً فقال لها تعودين فقالت: يا رسول اللّه إن عدت فلم أجدك تعرض بالموت ف

قال: " إن جئت فلم تجديني فأتي أبا بكر فإنه الخليفة من بعدي " .

وأخرج مسلم عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في مرضه " ادعى لي أبا بكر أباك وأخاك حتى أكتب كتاباً فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى ويأبى اللّه والمؤمنون إلا أبا بكر " .

وأخرج أحمد وغيره من طرق عنها وفي بعضها قالت: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في مرضه الذي فيه مات: " ادعي لي عبد الرحمن بن أبي بكر أكتب لأبي بكر كتاباً لا يختلف عليه أحد بعدي ثم

قال: دعيه معاذ اللّه أن يختلف المؤمنون في أبي بكر " .

وأخرج مسلم عن عائشة رضي اللّه عنها أنها سئلت من كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مستخلفاً لو استخلف قالت: أبو بكر قيل لها ثم من بعد أبي بكر قالت: عمر قيل لها: من بعد عمر قالت: أبو عبيدة بن الجراح.

وأخرج الشيخان عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه

قال: مرض النبي صلى اللّه عليه وسلم فاشتد مرضه فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس قالت عائشة: يا رسول اللّه إنه رجل رقيق القلب إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلى بالناس ف

قال: مري أبا بكر فليصل بالناس فعادت ف

قال: مري أبا بكر فليصل بالناس فإنكن صواحب يوسف فأتاه الرسول فصلى بالناس في حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم هذا الحديث متواتر ورد أيضاً من حديث عائشة وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وعبد اللّه بن زمعة وأبي سعيد وعلي بن أبي طالب وحفصة رضي اللّه عنها وقد سقت طرقهم في الأحاديث المتواترة وفي بعضها عن عائشة رضي اللّه عنها: لقد راجعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في ذلك وما حملني على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحب الناس بعده رجلا قام مقامه أبداً وإلا أني كنت أرى أنه لن يقوم أحد مقامه إلا تشاءم الناس به فأردت أن يعدل لذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن أبي بكر.

وفي حديث ابن زمعة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمرهم بالصلاة وكان أبو بكر غائباً فتقدم عمر فصلى فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " لا لا لا يأبى اللّه والمسلمون إلا أبا بكر يصلي بالناس أبو بكر " .

وفي حديث ابن عمر " كبر عمر فسمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تكبير فأطلع رأسه مغضباً فقال أين ابن أبي قحافة " .

قال العلماء: في هذا الحديث أوضح دلالة على أن الصديق أفضل الصحابة على الإطلاق وأحقهم بالخلافة وأولاهم بالإمامة قال الأشعري: قد علم بالضرورة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمر الصديق أن يصلى بالناس مع حضور المهاجرين والأنصار مع قوله " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللّه " فدل على أنه كان أقرأهم أي أعلمهم بالقرآن انتهى.

وقد استدل الصحابة أنفسهم بهذا على أنه أحق بالخلافة منهم عمر وسيأتي قوله في فصل المبايعة ومنهم علي.

وأخرج ابن عساكر عنه قال لقد أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم أبا بكر أن يصلي بالناس وإني أشاهد وما أنا بغائب وما بي مرض فرضينا لدنيانا ما رضي به النبي صلى اللّه عليه وسلم لديننا.

قال العلماء: وقد كان معروفاً بأهلية الإمامة في زمان النبي صلى اللّه عليه وسلم.

وأخرج أحمد وأبو داود وغيرهما عن سهل بن سعد

قال: كان قتال بين بني عمرو بن عوف فبلغ النبي صلى اللّه عليه وسلم فأتاهم بعد الظهر ليصلح بينهم و

قال: يا بلال إن حضرت الصلاة ولم آت فمر أبا بكر فليصل بالناس فلما حضرت صلاة العصر أقام بلال الصلاة ثم أمر أبا بكر فصلى.

 

وأخرج أبو بكر الشافعي في الغيلانيات وابن عساكر عن حفصة رضي اللّه عنها أنها قالت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إذا أنت مرضت قدمت أبا بكر

قال: " لست أنا أقدمه ولكن اللّه يقدمه " .

وأخرج الدارقطني في الأفراد والخطيب وابن عساكر عن علي رضي اللّه عنه

قال: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " سألت اللّه أن يقدمك ثلاثاً فأبى على إلا تقديم أبي بكر " .

وأخرج ابن سعد عن الحسن

قال: قال أبو بكر " يا رسول اللّه ما أزال أراني أطأ في عذرات الناس

قال: لتكونن من الناس بسبيل قال ورأيت في صدري كالرقمتين

قال: سنتين " .

وأخرج ابن عساكر عن أبي بكرة

قال: أتيت عمر وبين يديه قوم يأكلون فرمى ببصرة في مؤخر القوم إلى رجل فقال ما تجد فيما تقرأ قبلك من الكتب

قال: خليفة النبي صلى اللّه عليه وسلم صديقه.

وأخرج ابن عساكر عن محمد بن الزبير

قال: أرسلني عمر بن عبد العزيز إلى الحسن البصري أسأله عن أشياء فجئته فقلت له اشفني فيما اختلف الناس فيه هل كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم استخلف أبا بكر فاستوى الحسن قاعداً وقال أو في شك هو لا أبا لك أي واللّه الذي لا إله إلا هو لقد استخلفته ولهو كان أعلم باللّه وأتقى له وأشد له مخافة من أن يموت عليها لو لم يؤمره.

وأخرج ابن عدي عن أبي بكر بن عياش

قال: قال لي الرشيد يا أبا بكر كيف استخلف الناس أبا بكر الصديق قلت يا أمير المؤمنين سكت اللّه وسكت رسوله وسكت المؤمنون قال واللّه ما زدتني إلا غماً

قال: يا أمير المؤمنين مرض النبي صلى اللّه عليه وسلم ثمانية أيام فدخل عليه بلال فقال يا رسول اللّه من يصلي بالناس قال مر أبا بكر يصلي بالناس فصلى أبو بكر بالناس ثمانية أيام والوحي ينزل فسكت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لسكوت اللّه وسكت المؤمنون لسكوت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأعجبه فقال بارك اللّه فيك.

وقد استنبط جماعة من العلماء خلافة الصديق من آيات القرآن فأخرج البيهقي عن الحسن البصري في قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي اللّه بقوم يحبهم ويحبونه " " المائدة: 54 " قال هو واللّه أبو بكر وأصحابه لما ارتدت العرب جاهدهم أبو بكر وأصحابه حتى ردوهم إلى الإسلام.

وأخرج يونس بن بكير عن قتادة

قال: لما توفي النبي صلى اللّه عليه وسلم ارتدت العرب فذكر قتال أبي بكر لهم إلى أن قال فكنا نتحدث أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وأصحابه " فسوف يأتي اللّه بقوم يحبهم ويحبونه " " المائدة: 54 " .

وأخرج ابن أبي حاتم عن جويبر في قوله تعالى " قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد " " الفتح: 16 "

قال: هم بنو حنيفة قال ابن أبي حاتم وابن قتيبة هذه الآية حجة على خلافة الصديق لأنه الذي دعا إلى قتالهم.

وقال الشيخ أبو الحسن الأشعري: سمعت أبا العباس بن شريح يقول خلافة الصديق في القرآن في هذه الآية قال لأن أهل العلم أجمعوا على أنه لم يكن بعد نزولها قتال دعوا إليه الإدعاء أبي بكر لهم وللناس إلى قتال أهل الردة ومن منع الزكاة قال فدل ذلك على وجوب خلافة أبي بكر وافتراض طاعته إذ أخبر اللّه أن المتولي عن ذلك يعذب عذاباً أليماً قال ابن كثير: ومن فسر القوم بأنهم فارس والروم فالصديق هو الذي جهز الجيوش إليهم وتمام أمرهم كان على يد عمر وعثمان وهما فرعا الصديق وقال تعالى " وعد اللّه الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض " " النور: 55 " الآية قال ابن كثير: هذه الآية منطبقة على خلافة الصديق.

وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن عبد الرحمن بن عبد الحميد المهدي

قال: إن ولاية أبي بكر وعمر في كتاب اللّه يقول اللّه " وعد اللّه الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض " " النور: 55 " الآية.

وأخرج الخطيب عن أبي بكر بن عياش قال أبو بكر الصديق خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في القرآن لأن اللّه تعالى يقول " للفقراء المهاجرين " إلى قوله " أولئك هم الصديقون " " الحديد: 16 " فمن سماه اللّه صديقاً فليس يكذب وهم قالوا يا خليفة رسول اللّه قال ابن كثير استنباط حسن.

وأخرج البيهقي عن الزعفران

قال: سمعت الشافعي يقول أجمع الناس على خلافة أبي بكر الصديق وذلك أنه اضطر الناس بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلم يجدوا تحت أديم السماء خيراً من أبي بكر فولوه رقابهم.

وأخرج أسد السنة في فضائله عن معاوية بن قرة

قال: ما كان أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يشكون أن أبا بكر خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما كانوا يسمونه إلا خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما كانوا يجتمعون على خطأ ولا ضلال.

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي اللّه عنهما

قال: ما رآه المسلمون حسناً فهو عند اللّه حسن وما رآه المسلمون سيئاً فهو عند اللّه سيئ وقد رأى الصحابة جميعاً أن يستخلفوا أبا بكر.

وأخرج الحاكم وصححه الذهبي عن مرة الطيب قال جاء أبو سفيان ابن حرب إلى علي فقال ما بال هذا الأمر في أقل قريش قلة وأذلها ذلا يعني أبا بكر واللّه لئن شئت لأملأنها عليه خيلا ورجالا

قال: فقال علي: لطالما عاديت الإسلام وأهله يا أبا سفيان فلم يضره ذلك شيئاً إنا وجدنا أبا بكر لها أهلا.

فصل في مبايعته رضي اللّه عنه

روى الشيخان أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه خطب الناس مرجعه من الحج فقال في خطبته: قد بلغني أن فلاناً منكم يقول لو مات عمر بايعت فلاناً فلا يغترن امرؤ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وتمت ألا وإنها قد كانت كذلك إلا أن اللّه وقى شرها وليس فيكم اليوم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر وإنه كان من خيرنا حين توفى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وإن علياً والزبير ومن معهما تخلفوا في بيت فاطمة وتخلفت الأنصار عنا بأجمعها في سقيفة بني ساعدة واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت له يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا رجلان صالحان فذكرا لنا الذي صنع القوم فقالا أين تريدون يا معشر المهاجرين قلت نريد إخواننا من الأنصار فقالا عليكم ألا تقربوهم واقضوا أمركم يا معشر المهاجرين فقلت واللّه لنأتينهم فانطلقنا حتى جئناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا هم مجتمعون وإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت من هذا قالوا سعد بن عبادة فقلت ما له قالوا وجع فلما جلسنا قام خطيبهم فأثنى على اللّه بما هو أهله وقال أما بعد فنحن أنصار اللّه وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا وقد دفت دافة منكم تريدون أن تختزلونا من أصلنا وتحضنونا من الأمر فلما سكت أردت أن أتكلم وقد كنت زورت مقالة أعجبتني أردت أن أقولها بين يدي أبي بكر وقد كنت أداري منه بعض الحد وهو كان أحلم مني وأوقر فقال أبو بكر على رسلك فكرهت أن أغضبه وكان أعلم مني واللّه ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بداهته مثلها وأفضل منها حتى سكت فقال أما بعد فما ذكرتم فيكم من خير فأنتم أهله ولم تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسباً وداراً وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا فلم أكره مما قال غيرها وكان واللّه إن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش وكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى خشيت الاختلاف فقلت أبسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار أما واللّه ما وجدنا فيما حضرنا أمراً هو أوفق من مبايعة أبي بكر خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما أن نبايعهم على ما لا نرضى وإما أن نخلفهم فيكون فيه فساد.

وأخرج النسائي وأبو يعلى والحاكم وصححه عن ابن مسعود

قال: لما قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قالت الأنصار منا أمير ومنكم أمير فأتاهم عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه فقال يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر فقالت الأنصار نعوذ باللّه أن نتقدم أبا بكر.

وأخرج ابن سعد والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واجتمع الناس في دار سعد بن عبادة وفيهم أبو بكر وعمر فقام خطباء الأنصار فجعل الرجل منهم يقول يا معشر المهاجرين إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كان إذا استعمل رجلا منكم قرن معه رجلا منا فترى أن يلي هذا الأمر رجلان منا ومنكم فتتابعت خطباء الأنصار على ذلك فقام زيد بن ثابت فقال أتعلمون أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان من الهاجرين وخليفته من المهاجرين ونحن كنا أنصار رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فنحن أنصار خليفته كما كنا أنصاره ثم أخذ بيد أبي بكر فقال هذا صاحبكم فبايعه عمر ثم بايعه المهاجرون والأنصار وصعد أبو بكر المنبر فنظر في وجوه القوم فلم ير الزبير فدعا بالزبير فجاء ف

قال: قلت ابن عمة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وحواريه أردت أن تشق عصا المسلمين ف

قال: لا تثريب يا خليفة رسول اللّه فقام فبايعه ثم نظر في وجوه القوم فلم ير علياً فدعا به فجاء ف

قال: قلت ابن عم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وختنه على ابنته أردت أن تشق عصا المسلمين فقال لا تثريب يا خليفة رسول اللّه فبايعه.

وقال ابن إسحاق في السيرة: حدثني الزهري

قال: حدثني أنس بن مالك قال لما بويع أبو بكر في السقيفة وكان الغد جلس أبو بكر على المنبر فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال إن اللّه قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول اللّه وثاني اثنين إذ هما في الغار فقوموا فبايعوه فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة ثم تكلم أبو بكر فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني الصدق أمانة والكذب خيانة والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء اللّه والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء اللّه لا يدع قوم الجهاد في سبيل اللّه إلا ضربهم اللّه بالذل ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم اللّه بالبلاء أطيعوني ما أطعت اللّه ورسوله فإذا عصيت اللّه ورسوله فلا طاعة لي عليكم قوموا إلى صلاتكم يرحمكم اللّه.

وأخرج موسى بن عقبة في مغازيه والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن عوف

قال: خطب أبو بكر فقال واللّه ما كنت حريصاً على الإمارة يوماً ولا ليلة قط ولا كنت راغباً فيها ولا سألتها اللّه في سر ولا علانية ولكني أشفقت من الفتنة وما لي في الإمارة من راحة لقد قلدت أمراً عظيماً ما لي به من طاقة ولا يد إلا بتقوية اللّه فقال علي والزبير ما غضبنا إلا لأنا أخرنا عن المشورة وإنا نرى أبا بكر أحق الناس بها إنه لصاحب الغار وإنا لنعرف شرفه وخيره ولقد أمره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالصلاة بالناس وهو حي.

وأخرج ابن سعد عن إبراهيم التميمي

قال: لما قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أتى عمر أبا عبيدة بن الجراح فقال أبسط يدك لأبايعك إنك أمين هذه الأمة على لسان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال أبو عبيدة لعمر ما رأيت لك فهة قبلها منذ أسلمت أتبايعني وفيكم الصديق وثاني اثنين الفهة: ضعف الرأي.

وأخرج ابن سعد أيضاً عن محمد أن أبا بكر قال لعمر أبسط يدك لأبايعك فقال له عمر أنت أفضل مني فقال له أبو بكر أنت أقوى مني ثم كرر ذلك فقال عمر فإن قوتي لك مع فضلك فبايعه.

وأخرج أحمد عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف

قال: توفى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأبو بكر في طائفة من المدينة فجاء فكشف عن وجهه ف

قال: وقال فداء لك أبي وأمي ما أطيبك حياً وميتاً مات محمد ورب الكعبة فذكر الحديث قال وانطلق أبو بكر وعمر يتفاودان حتى أتوهم فتكلم أبو بكر فلم يترك شيئاً أنزل في الأنصار ولا ذكره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في شأنهم إلا ذكره وقال لقد علمتم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

قال: لو سلك الناس وادياً وسلكت الأنصار وادياً لسلكت وادي الأنصار ولقد علمت يا سعد أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال " وأنت قاعد " قريش ولاة هذا الأمر فبر الناس تبع لبرهم وفاجرهم تبع لفاجرهم " فقال له سعد: صدقت نحن الوزراء وأنتم الأمراء واخرج ابن عساكر عن أبي سعيد الخدري

قال: لما بويع أبو بكر رأى من الناس بعض الانقباض فقال أيها الناس ما يمنعكم ألست أحقكم بهذا الأمر ألست أول من أسلم ألست ألست فذكر خصالاً.

وأخرج أحمد عن رافع الطائي

قال: حدثني أبو بكر عن بيعته وما قالته الأنصار وما قاله عمر قال فبايعوني وقبلتها منهم وتخوفت أن تكون فتنة يكون بعدها ردة.

وأخرج ابن إسحاق وابن عايد في مغازيه عنه أنه قال لأبي بكر ما حملك على أن تلي أمر الناس وقد نهيتني أن أتأمر على اثنين قال لم أجد من ذلك بداً خشيت على أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم الفرقة.

وأخرج أحمد عن قيس بن أبي حازم قال إني لجالس عند أبي بكر الصديق بعد وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بشهر فذكر قصته فنودي في الناس الصلاة جامعة فاجتمع الناس فصعد المنبر ثم

قال: أيها الناس لوددت أن هذا كفانيه غيري ولئن أخذتموني بسنة نبيكم ما أطيقها إن كان لمعصوماً من الشيطان وإن كان لينزل عليه الوحي من السماء.

وأخرج ابن سعد عن الحسن البصري قال لما بويع أبو بكر قام خطيباً فقال أما بعد فإني وليت هذا الأمر وأنا له كاره وواللّه لوددت أن بعضكم كفانيه ألا وإنكم إن كلفتموني أن أعمل فيكم بمثل عمل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم أقم به كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عبداً أكرمه اللّه بالوحي وعصمه به ألا وإنما أنا بشر ولست بخير من أحدكم فراعوني فإذا رأيتموني استقمت فاتبعوني وإذا رأيتموني زغت فقوموني واعلموا أن لي شيطاناً يعتريني فإذا رأيتموني غضبت فاجتنبوني لا أوثر في أشعاركم وأبشاركم.

وأخرج ابن سعد والخطيب في رواية مالك عن عروة

قال: لما ولي أبو بكر خطب الناس فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإني قد وليت أمركم ولست بخيركم ولكنه نزل القرآن وسن النبي صلى اللّه عليه وسلم السنن وعلمنا فعلمنا فاعلموا أيها الناس أن أكيس الكيس التقى وأعجز العجز الفجور وأن أقواكم عندي الضيف حتى آخذ له بحقه وأن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق أيها الناس إنما أنا متبع ولست بمبتدع فإذا أحسنت فأعينوني وإن أنا زغت فقوموني أقول قولي هذا واستغفر اللّه لي ولكم.

قال مالك: لا يكون أحد إماماً أبداً إلا على هذا الشرط.

وأخرج الحاكم في مستدركه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه

قال: لما قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ارتجت مكة فسمع أبو قحافة ذلك فقال ما هذا قالوا قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال أمر جلل فمن قام بالأمر بعده قالوا ابنك قال فهل رضيت بذلك بنو عبد مناف وبنو المغيرة قالوا نعم قال لا واضع لما رفعت ولا رافع لما وضعت.

وأخرج الواقدي من طرق عن عائشة وابن عمر وسعيد بن المسيب وغيرهم رضي اللّه عنهم أن أبا بكر بويع يوم قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة.

وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر قال لم يجلس أبو بكر الصديق في مجلس رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم على المنبر حتى لقي اللّه ولم يجلس عمر في مجلس أبي بكر حتى لقي اللّه ولم يجلس عثمان في مجلس عمر حتى لقي اللّه.

فصل فيما وقع في خلافته

والذي وقع في أيامه من الأمور الكبار: تنفيذ جيش أسامة وقتال أهل الردة وما نعي الزكاة ومسيلمة الكذاب وجمع القرآن.

أخرج الإسماعيلي عن عمر رضي اللّه عنه قال لما قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ارتد من ارتد من العرب وقالوا نصلي ولا نزكي فأتيت أبا بكر فقلت يا خليفة رسول اللّه تألف الناس وارفق بهم فإنهم بمنزلة الوحش فقال رجوت نصرتك وجئتني بخذلانك جباراً في الجاهلية خواراً في الإسلام بماذا عسيت أن أتألفهم بشعر مفتعل أو بسحر مفترى هيهات هيهات مضى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وانقطع الوحي واللّه لأجاهدنهم ما استمسك السيف في يدي وإن منعوني عقالا قال عمر: فوجدته في ذلك أمضى مني وأحزم وأدب الناس على أمور هانت على كثير من مؤونتهم حين وليتهم.

وأخرج أبو القاسم البغوي وأبو بكر الشافعي في فوائده وابن عساكر عن عائشة رضي اللّه عنها قالت لما توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أشرأب النفاق وارتدت العرب وانحازت الأنصار فلو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي لهاضها فما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بفنائها وفضلها قالوا أين يدفن النبي صلى اللّه عليه وسلم فما وجدنا عند أحد من ذلك علما فقال أبو بكر سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسمل يقول ما من نبي يقبض إلا دفن تحت مضجعه الذي مات فيه قالت واختلفوا في ميراثه فما وجدوا عند أحد من ذلك علماً فقال أبو بكر سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول " إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة " .

قال الأصمعي: الهيض الكسر للعظم والاشرئباب رفع الرأس.

قال بعض العلماء: وهذا أول اختلاف وقع بين الصحابة رضي اللّه عنهم فقال بعضهم ندفنه بمكة بلده الذي ولد بها وقال آخرون بل بمسجده وقال آخرون بل بالبقيع وقال آخرون بل في بيت المقدس مدفن الأنبياء حتى أخبرهم أبو بكر بما عنده من العلم.

قال ابن زنجويه: وهذه سنة تفرد بها الصديق من بين المهاجرين والأنصار ورجعوا إليه فيها.

وأخرج البيهقي وابن عساكر عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال والذي لا إله إلا هو لولا إن أبا بكر استخلف ما عبد اللّه ثم قال الثانية ثم قال الثالثة فقيل له مه يا أبا هريرة

فقال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وجه أسامة بن زيد في سبعمائة إلى الشام فلما نزل بذي خشب قبض النبي صلى اللّه عليه وسلم وارتد العرب حول المدينة واجتمع إليه أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: رد هؤلاء توجه هؤلاء إلى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة فقال والذي لا إله إلا هو لو جرت الكلاب بأرجل أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم ما رددت جيشاً وجهه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولا حللت لواء عقده فوجه أسامة فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا لولا أن لهؤلاء قوة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم فلقوهم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام.

وأخرج عن عروة

قال: جعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول في مرضه: أنفذوا جيش أسامة فسار حتى بلغ الجرف فأرسلت إليه امرأته فاطمة بنت قيس تقول لا تعجل فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثقل فلم يبرح حتى قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلما قبض رجع إلى أبي بكر ف

قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعثني وأنا على غير حالكم هذه وأنا أتخوف أن تكفر العرب وإن كفرت كانوا أول من يقاتل وإن لم تكفر مضيت فإن معي سروات الناس وخيارهم فخطب أبو بكر الناس ثم قال واللّه لأن تخطفني الطير أحب إلي من أن أبدأ بشيء قبل أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فبعثه.

وقال الذهبي: لما اشتهرت وفاة النبي صلى اللّه عليه وسلم بالنواحي ارتدت طوائف كثيرة من العرب عن الإسلام ومنعوا الزكاة فنهض أبو بكر الصديق لقتالهم فأشار عليه عمر وغيره أن يفتر عن قتالهم ف

قال: واللّه لو منعوني عقالا أو عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لقاتلتهم على منعها فقال عمر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللّه وأن محمداً رسول اللّه فمن قالها عصم مني ماله ودمه إلا بحقها وحسابه على اللّه " فقال أبو بكر: واللّه لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال وقد قال إلا بحقها قال عمر فو اللّه ما هو إلا أن رأيت اللّه شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق

أخرجه الشيخان وغيرهما.

وعن عروة

قال: خرج أبو بكر في المهاجرين والأنصار حتى بلغ نقعاً حذاء نحد وهربت الأعراب بذراريهم فكلم الناس أبا بكر وقالوا ارجع إلى المدينة وإلى الذرية والنساء وأمر رجلا على الجيش ولم يزالوا به حتى رجع وأمر خالد ابن الوليد وقال له إذا أسلموا وأعطوا الصدقة فمن شاء منكم أن يرجع فليرجع ورجع أبو بكر إلى المدينة.

وأخرج الدار قطني عن ابن عمر

قال: لما برز أبو بكر واستوى على راحلته أخذ علي بن أبي طالب بزمامها وقال إلى أين يا خليفة رسول اللّه أقول لك ما قال لك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم أحد شم سيفك ولا تفجعنا بنفسك وارجع إلى المدينة فو اللّه لئن فجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبداً.

وعن حنظلة بن علي الليثي أن أبا بكر بعث خالداً وأمره أن يقاتل الناس على خمس من ترك واحدة منهن قاتله كما يقاتل من ترك الخمس جميعاً: على شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً عبده ورسوله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت وسار خالد ومن معه في جمادى الآخرة فقاتل بني أسد وغطفان وقتل من قتل وأسر من أسر ورجع الباقون إلى الإسلام واستشهد بهذه الواقعة من الصحابة عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم.

وفي رمضان من هذه السنة ماتت فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سيدة نساء العالمين وعمرها أربع وعشرون سنة.

قال الذهبي: وليس لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نسب إلا منها فإن عقب ابنته زينب انقرضوا قاله الزبير بن بكار وماتت قبلها بشهر أم أيمن.

وفي شوال مات عبد اللّه بن أبي بكر الصديق.

ثم سار خالد بمجموعه إلى اليمامة لقتال مسيلمة الكذاب في أواخر العام والتقى الجمعان ودام الحصار أياماً ثم قتل الكذاب لعنه اللّه قتله وحشي قاتل حمزة واستشهد فيها خلق من الصحابة أبو حذيفة بن عتبة وسالم مولى أبي حذيفة وشجاع بن وهب وزيد بن الخطاب وعبد اللّه بن سهل ومالك بن عمرو والطفيل بن عمرو الدوسي ويزيد بن قيس وعامر بن البكير وعبد اللّه بن مخرمة والسائب بن عثمان بن مظعون وعباد بن بشر ومعن بن عدي وثابت بن قيس بن شماس وأبو دجانة سماك بن حرب وجماعة آخرون تتمة سبعين وكان لمسيلمة يوم قتل مائة وخمسون سنة ومولده قبل مولد عبد اللّه والد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم.

وفي سنة اثنتي عشرة بعث الصديق العلاء بن الحضرمي إلى البحرين وكانوا قد ارتدوا فالتقوا بجواثى فنصر المسلمون وبعث عكرمة بن أبي جهل إلى عمان وكانوا قد ارتدوا وبعث المهاجر بن أبي أمية إلى أهل النجير وكانوا قد ارتدوا وبعث زياد بن لبيد الأنصاري إلى طائفة من المرتدة وفيها مات أبو العاص بن الربيع زوج زينب بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والصعب بن جثامة الليثي وأبو مرثد الغنوي وفيها بعد فراغ قتال أهل الردة بعث الصديق رضي اللّه عنه خالد بن الوليد إلى أرض البصرة فغزا الأبلة فافتتحها وافتتح مدائن كسرى التي بالعراق صلحاً وحرباً وفيها أقام الحج أبو بكر الصديق ثم رجع فبعث عمرو بن العاص والجنود إلى الشام فكانت وقعة أجنادين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة ونصر المسلمون وبشر بها أبو بكر وهو بآخر رمق واستشهد بها عكرمة بن أبي جهل وهشام بن العاصي في طائفة.

وفيها كانت وقعة مرج الصفر وهزم المشركون واستشهد بها الفضل بن العباس في الطائفة.

ذكر جمع القرآن

أخرج البخاري عن زيد بن ثابت

قال: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر ف

قال: أبو بكر: إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس وإني لأخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن إلا أن يجمعوه وإني لأرى أن يجمع القرآن قال أبو بكر فقلت لعمر كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال عمر: هو واللّه خير فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح اللّه لذلك صدري فرأيت الذي رأى عمر قال زيد: وعمر عنده جالس لا يتكلم فقال أبو بكر: إنك شاب عاقل ولا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه فو اللّه لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن فقلت كيف تفعلان شيئاً لم يفعله النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال أبو بكر: هو واللّه خير فلم أزل أراجعه حتى شرح اللّه صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة بن ثابت لم أجدهما مع غيره " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " " التوبة: 128 " إلى آخرها فكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه اللّه ثم عند عمر حتى توفاه اللّه ثم عند حفصة بنت عمر رضي اللّه عنها.

وأخرج أبو يعلى عن علي

قال: أعظم الناس أجراً في المصاحف أبو بكر إن أبا بكر كان أول من جمع القرآن بين اللوحين.

ذكر فصل في أولياته

منها أنه أول من أسلم وأول من جمع القرآن وأول من سماه مصحفاً وتقدم دليل ذلك وأول من سمي خليفة.

أخرج أحمد عن أبي بكر بن أبي مليكة

قال: قيل لأبي بكر يا خليفة اللّه قال أنا خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأنا راض به.

ومنها أنه أول من ولى الخلافة وأبوه حي وأول خليفة فرض له رعيته العطاء.

أخرج البخاري عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: لما استخلف أبو بكر

قال: لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مؤونة أهلي وشغلت بأمر المسلمين فسيأكل آل أبي بكر من هذا المال ويحترف للمسلمين.

وأخرج ابن سعد عن عطاء بن السائب

قال: لما بويع أبو بكر أصبح وعلى ساعده أيراد وهو ذاهب إلى السوق فقال عمر: أين تريد قال إلى السوق قال تصنع ماذا وقد وليت أمر المسلمين قال فمن أين أطعم عيالي فقال انطلق يفرض لك أبو عبيدة فانطلقا إلى أبي عبيدة فقال أفرض لك قوت رجل من المهاجرين ليس بأفضلهم ولا أوكسهم وكسوة الشتاء والصيف إذا أخلقت شيئاً رددته وأخذت غيره ففرضا له كل يوم نصف شاة وما كساه في الرأس والبطن.

وأخرج ابن سعد عن ميمون

قال: لما استخلف أبو بكر جعلوا له ألفين فقال زيدوني فإن لي عيالا وقد شغلتموني عن التجارة فزاده خمسمائة.

وأخرج الطبراني في مسنده عن الحسن بن علي بن أبي طالب

قال: لما احتضر أبو بكر قال يا عائشة انظري اللقحة التي كنا نشرب من لبنها والجفنة التي كنا نصطبغ فيها والقطيعة التي كنا نلبسها فإنا كنا ننتفع بذلك حين كنا نلي أمر المسلمين فإذا مت فاردديه إلى عمر فلما مات أبو بكر أرسلت به إلى عمر فقال عمر: رحمك اللّه يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك.

وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي بكر بن حفص

قال: قال أبو بكر لما احتضر لعائشة رضي اللّه عنها: يا بنية إنا ولينا أمر المسلمين فلم نأخذ لنا ديناراً ولا درهماً ولكنا أكلنا من جريش طعامهم في بطوننا ولبسنا من خشن ثيابهم على ظهورنا وإنه لم يبق عندنا من فيء المسلمين قليل ولا كثير إلا هذا العبد الحبشي وهذا البعير الناضح وجرد هذه القطيفة فإذا مت فابعثي بهن إلى عمر.

ومنها أنه أول من اتخذ بيت المال.

أخرج ابن سعد عن سهل بن أبي خيثمة وغيره أن أبا بكر كان له بيت مال بالسنح ليس يحرسه أحد فقيل له ألا تجعل عليه من يحرسه قال عليه قفل فكان يعطى ما فيه حتى يفرغ فلما انتقل إلى المدينة حوله فجعله في داره فقدم عليه مال فكان يقسمه على فقراء الناس فيسوى بين الناس في القسم وكان يشتري الإبل والخيل والسلاح فيجعله في سبيل اللّه واشترى قطائف أتى بها من البادية ففرقها في أرامل المدينة فلما توفي أبو بكر ودفن دعا عمر الأمناء ودخل بهم في بيت مال أبي بكر منهم عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان ففتحوا بيت المال فلم يجدوا فيه شيئاً ولا ديناراً ولا درهماً.

قلت: وبهذا الأثر يرد قول العسكري في الأوائل: إن أول من اتخذ بيت المال عمر وإنه لم يكن للنبي صلى اللّه عليه وسلم بيت مال ولا لأبي بكر رضي اللّه عنه وقد رددته عليه في كتابي الذي صنفته في الأوائل ثم رأيت العسكري تنبه له في موضع آخر من كتابه ف

قال: إن أول من ولي بيت المال أبو عبيدة بن الجراح لأبي بكر.

منها قال الحاكم: أول لقب في الإسلام لقب أبي بكر رضي اللّه عنه عتيق.

فصل: أخرج الشيخان عن جابر رضي اللّه عنه

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا " فلما جاء مال البحرين بعد وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال أبو بكر: من كان له عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دين أو عدة فليأتنا فجئت وأخبرته ف

قال: خذ فأخذت فوجدتها خمسمائة فأعطاني ألفاً وخمسمائة.

فصل في نبذ من حلمه وتواضعه

أخرج ابن عساكر عن أنيسة قالت: نزل فينا أبو بكر ثلاث سنين قبل أن يستخلف وسنة بعد ما استخلف فكان جواري الحي يأتينه بغنمهن فيحلبهن لهن.

وأخرج أحمد في الزهد عن ميمون بن مهران

قال: جاء رجل إلى أبي بكر فقال السلام عليك يا خليفة رسول اللّه

قال: من بين هؤلاء أجمعين.

وأخرج ابن عساكر عن أبي صالح الغفاري: أن عمر بن الخطاب كان يتعهد عجوزاً كبيرة عمياء في بعض حواشي المدينة من الليل فيسقي لها ويقوم بأمرها فكان إذا جاءها وجد غيره قد سبقه إليها فأصلح ما أرادت فجاءها غير مرة كيلا يسبق إليها فرصده عمر فإذا هو بأبي بكر الذي يأتيها وهو يومئذ خليفة فقال عمر أنت هو لعمري.

وأخرج أبو نعيم وغيره عن عبد الرحمن الأصبهاني قال جاء الحسن ابن علي إلى أبي بكر وهو على منبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ف

قال: انزل عن مجلس أبي فقال صدقت إنه مجلس أبيك وأجلسه في حجره وبكى فقال علي: واللّه ما هذا عن أمري ف

قال: صدقت واللّه ما أتهمك.

فصل:

أخرج ابن سعد عن ابن عمر

قال: استعمل النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أبا بكر على الحج في أول حجة كانت في الإسلام ثم حج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في السنة المقبلة فلما قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واستخلف أبو بكر استعمل عمر بن الخطاب على الحج ثم حج أبو بكر من قابل فلما قبض أبو بكر واستخلف عمر استعمل عبد الرحمن بن عوف على الحج ثم لم يزل عمر يحج سنيه كلها حتى قبض فاستخلف عثمان واستعمل عبد الرحمن بن عوف على الحج.

فصل في مرضه ووفاته ووصيته واستخلافه عمر

أخرج سيف والحاكم عن ابن عمر قال كان سبب موت أبي بكر وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كمد فما زال جسمه يجري حتى مات يجري أي ينقص.

وأخرج ابن سعد والحاكم بسند صحيح عن ابن شهاب أن أبا بكر والحارث بن كلدة كانا يأكلان خزيرة أهديت لأبي بكر فقال الحارث لأبي بكر ارفع يدك يا خليفة رسول اللّه واللّه إن فيها لسم سنة وأنا وأنت نموت في يوم واحد فرفع يده فلم يزالا عليلين حتى ماتا في يوم واحد عند انقضاء السنة.

وأخرج الحاكم عن الشعبي

قال: ماذا نتوقع من هذه الدنيا الدنية وقد سم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وسم أبو بكر؟.

وأخرج الواقدي والحاكم عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: كان أول بدء مرض أبي بكر أنه اغتسل يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة وكان يوماً بارداً فحم خمسة عشر يوماً لا يخرج إلى صلاة وتوفي ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وله ثلاث وستون سنة.

وأخرج ابن سعد وابن أبي الدنيا عن أبي السفر قال دخلوا على أبي بكر في مرضه فقالوا يا خليفة رسول اللّه ألا ندعو لك طبيباً ينظر إليك قال قد نظر إلي فقالوا ما قال لك؟

قال: قال: إني فعال لما أريد.

وأخرج الواقدي من طرق أن أبا بكر لما ثقل دعا عبد الرحمن بن عوف ف

قال: أخبرني عن عمر بن الخطاب فقال ما تسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني فقال أبو بكر وإن فقال عبد الرحمن هو واللّه أفضل من رأيك فيه ثم دعا عثمان بن عفان

فقال: أخبرني عن عمر فقال أنت أخبرنا به فقال على ذلك فقال اللّهم علمي به أن سريرته خير من علانيته وأنه ليس فينا مثله وشاور معهما سعيد بن زيد وأسيد بن الحضير وغيرهما من المهاجرين والأنصار فقال أسيد اللّهم أعلمه الخير بعدك يرضى للرضا ويسخط للسخط الذي يسر خير من الذي يعلن ولن يلي هذا الأمر أحد أقوى عليه منه.

ودخل عليه بعض الصحابة فقال له قائل منهم ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا وقد ترى غلظته فقال أبو بكر باللّه تخوفني أقول اللّهم إني استخلفت عليهم خير أهلك أبلغ عني ما قلت وراءك ثم دعا عثمان فقال اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجاً منها وعند أول عهده بالآخرة داخلا فيها حيث يؤمن الكافر ويوقن الفاجر ويصدق الكاذب إني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا وإني لم آل اللّه ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيراً فإن عدل فلذلك ظني به وعلمي فيه وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب والخير أردت ولا أعلم الغيب وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته ثم أمر بالكتاب فختمه ثم أمر عثمان فخرج بالكتاب مختوماً فبايع الناس ورضوا به ثم دعا أبو بكر عمر خالياً فأوصاه بما أوصاه ثم خرج من عنده فرفع أبو بكر يديه وقال اللّهم إني لم أرد بذلك إلا صلاحهم وخفت عليهم الفتنة فعملت فيهم بما أنت أعلم به واجتهدت لهم رأياً فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم وأحرصهم على ما أرشدهم وقد حضرني من أمرك ما حضر فاخلفني فيهم فهم عبادك ونواصيهم بيدك أصلح اللّهم ولاتهم واجعله من خلفائك الراشدين وأصلح له رعيته.

وأخرج ابن سعد والحاكم عن ابن مسعود

قال: أفرس الناس ثلاثة: أبو بكر حين استخلف عمر وصاحبة موسى حين قالت: استأجره والعزيز حين تفرس في يوسف فقال لامرأته: أكرمي مثواه.

وأخرج ابن عساكر عن يسار بن حمزة

قال: لما ثقل أبو بكر أشرف على الناس من كوة ف

قال: أيها الناس إني قد عهدت عهداً أفترضون به فقال الناس: رضينا يا خليفة رسول اللّه فقام علي فقال لا نرضى إلا أن يكون عمر قال فإنه عمر.

وأخرج أحمد عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: إن أبا بكر لما حضرته الوفاة قال أي يوم هذا قالوا يوم الاثنين قال فإن مت من ليلتي فلا تنتظروا بي لغد فإن أحب الأيام والليالي إلى أقربها من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

وأخرج مالك عن عائشة رضي اللّه عنها أن أبا بكر نحلها جداد عشرين وسقاً من ماله بالغابة فلما حضرته الوفاة قال يا بنية واللّه ما من الناس أحد أحب إلي غنى منك ولا أعز علي فقراً بعدي منك وإني كنت نحلتك جداد عشرين وسقاً فلو كنت جددته واحترزته كان لك وإنما هو اليوم مال وارث وإنما هو أخواك وأختاك فاقسموه على كتاب اللّه فقالت يا أبت واللّه لو كان كذا وكذا لتركته إنما هي أسماء فمن الأخرى قال ذو بطن ابنة خارجة أراها جارية و

أخرجه ابن سعد وقال في آخره ذات بطن ابنة خارجة قد ألقى في روعي أنها جارية فاستوصى بها خيراً فولدت أم كلثوم.

وأخرج ابن سعد عن عروة أن أبا بكر أوصى بخمس ماله و

قال: آخذ من مالي ما أخذ اللّه من فيء المسلمين.

وأخرج من وجه آخر عنه

قال: لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أن وصى بالربع وأن أوصي بالربع أحب إلي من أن أوصى بالثلث ومن أوصى بالثلث لم يترك شيئاً.

وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن الضحاك أن أبا بكر وعلياً أوصيا بالخمس من أموالهما لمن لا يرث من ذوي قرابتهما.

وأخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: واللّه ما ترك أبو بكر ديناراً ولا درهما ضرب اللّه سكته.

وأخرج ابن سعد وغيره عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: لما ثقل أبو بكر تمثلت بهذا البيت:

لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر

فكشف عن وجهه وقال ليس كذلك ولكن قولي " وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد " " ق: 19 " انظروا ثوبي هذين فاغسلوهما وكفنوني فيهما فإن الحي أحوج إلى الجديد من الميت.

وأخرج أبو يعلى عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: دخلت على أبي بكر وهو في الموت ف

قلت:

من لا يزال دمعه مقنعاً ... فإنه في مرة مدفوق

فقال: لا تقولي هذا ولكن قولي " وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد " " ق: 19 "

ثم قال: في أي يوم توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

قلت: يوم الاثنين

قال: أرجو فيما بيني وبين الليل فتوفي ليلة الثلاثاء ودفن قبل أن يصبح.

وأخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد عن بكر بن عبد اللّه المزني قال لما احتضر أبو بكر قعدت عائشة رضي اللّه عنها عند رأسه فقالت:

وكل ذي إبل يوماً موردها ... وكل ذي سلب لا بد مسلوب

ففهمها أبو بكر فقال ليس كذلك يا ابنتاه ولكنه كما قال اللّه " وجاءت سكرة الموت " " ق: 19 " الآية.

وأخرج أحمد عن عائشة رضي اللّه عنها أنها تمثلت بهذا البيت وأبو بكر يقضي:

وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل

فقال أبو بكر: ذاك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

وأخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد عن عبادة بن قيس

قال: لما حضرت أبا بكر الوفاة قال لعائشة اغسلي ثوبي هذين وكفنيني بهما فإنما أبوك أحد رجلين إما مكسو أحسن الكسوة أو مسلوب أسوأ السلب.

وأخرج ابن أبي الدينا عن ابن أبي مليكة أن أبا بكر أوصى أن تغسله امرأته أسماء بنت عميس ويعينها عبد الرحمن بن أبي بكر.

وأخرج ابن سعد عن سعيد بن المسيب أن عمر رضي اللّه عنه صلى على أبي بكر بين القبر والمنبر وكبر عليه أربعاً.

وأخرج عن عروة والقاسم بن محمد أن أبا بكر أوصى عائشة أن يدفن إلى جنب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلما توفي حفر له وجعل رأسه عند كتف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وألصق اللحد بقبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

وأخرج عن ابن عمر

قال: نزل في حفرة أبي بكر: عمر وطلحة وعثمان وعبد الرحمن بن أبي بكر.

وأخرج من طرق عدة: أنه دفن ليلا.

وأخرج عن ابن المسيب أن أبا بكر لما مات ارتجت مكة فقال أبو قحافة ما هذا؟ قالوا: مات ابنك

قال: رزء جليل من قام بالأمر بعده؟ قالوا عمر

قال: صاحبه.

وأخرج عن مجاهد أن أبا قحافة رد ميراثه من أبي بكر على ولد أبي بكر ولم يعش أبو قحافة بعد أبي بكر إلا ستة أشهر وأياماً ومات في المحرم سنته أربع عشرة وهو ابن سبع وتسعين سنة.

قال العلماء: لم يل الخلافة أحد في حياة أبيه إلا أبو بكر ولم يرث خليفة أبوه إلا أبا بكر.

وأخرج الحاكم عن ابن عمر

قال: ولى أبو بكر سنتين وسبعة أشهر.

وفي تاريخ ابن عساكر بسنده عن الأصمعي

قال: قال خفاف بن ندبة السلمي يبكي أبا بكر:

ليس لحي فاعلمنه بقا ... وكل دنيا أمرها للفنا

والملك في الأقوام مستودع ... عارية فالشرط فيه الأدا

والمرء يسعى وله راصد ... تندبه العين ونار الصدا

يهرم أو يقتل أو يقهره ... يشكوه سقم ليس فيه شفا

إن أبا بكر هو الغيث إن ... لم تزرع الجوزاء بقلا بما

تاللّه لا يدرك أيامه ... ذو مئزر ناش ولا ذو ردا

من يسع كي يدرك أيامه ... مجتهداً شذ بأرض فضا

فصل فيما روي عنه من الحديث المسند

قال النووي في تهذيبه: روي الصديق عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مائة حديث واثنين وأربعين حديثاً وسبب قلة روايته مع تقدم صحبته وملازمته النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه تقدمت وفاته قبل انتشار الأحاديث واعتناء التابعين بسماعها وتحصيلها وحفظها.

قلت: وقد ذكر عمر رضي اللّه عنه في حديث البيعة السابق أن أبا بكر لم يترك شيئاً أنزل في الأنصار أو قد ذكره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في شأنهم إلا ذكره وهذا أدل دليل على كثرة محفوظة من السنة وسعة علمه بالقرآن وروى عنه عمر وعلي وابن عوف وابن مسعود وحذيفة وابن عمر وابن الزبير وابن عمرو وابن عباس وأنس وزيد بن ثابت والبراء بن عازب وأبو هريرة وعقبة بن الحارث وعبد الرحمن ابنه وزيد بن أرقم وعبد اللّه بن مغفل وعقبة بن عامر الجهني وعمران بن حصين وأبو برزة الأسلمي وأبو سعيد الخدري وأبو موسى الأشعري وأبو الطفيل الليثي وجابر بن عبد اللّه وبلال وعائشة ابنته وأسماء ابنته ومن التابعين أسلم مولى عمر وواسط البجلي وخلائق.

وقد رأيت أن أسرد أحاديثه هنا على وجه وجيز مبيناً عقب كل حديث من خرجه وسأفردها بطرقها في مسند إن شاء اللّه تعالى.

الأول: حديث الهجرة الشيخان وغيرهما.

الثاني: حديث البحر " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " الدارقطني.

الثالث: حديث " السواك مطهرة للفم مرضاة للرب " أحمد.

الرابع: حديث " أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أكل كتفاً ثم صلى ولم يتوضأ " البزار وأبو يعلى.

الخامس: حديث لا " يتوضأن أحدكم من طعام أكله حل له أكله " البزار.

السادس: حديث " نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن ضرب المصلين " أبو يعلى والبزار.

السابع: حديث " أن آخر صلاة صلاها النبي صلى اللّه عليه وسلم خلفي في ثوب واحد " أبو يعلى.

الثامن: حديث " من سره أن يقرأ القرآن غضاً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد " أحمد.

التاسع: حديث " أنه قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي

قال: قل: اللّهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم " البخاري ومسلم.

العاشر: حديث " من صلى الصبح فهو في ذمة اللّه فلا تخفروا اللّه في عهده فمن قتله طلبه اللّه حتى يكبه في النار على وجهه " ابن ماجة.

الحادي عشر: حديث " ما قبض نبي قط حتى يؤمه رجل من أمته " البزار.

الثاني عشر: حديث " ما من رجل يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الوضوء ثم يصلي ركعتين فيستغفر اللّه إلا غفر له " أحمد وأصحاب السنن الأربعة وابن حبان.

الثالث عشر: حديث " ما قبض اللّه نبياً إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه " الترمذي.

الرابع عشر: حديث " لعن اللّه اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " أبو يعلى.

الخامس عشر: حديث " إن الميت ينضح عليه الحميم ببكاء الحي " أبو يعلى.

السادس عشر: " اتقوا النار ولو بشق تمرة فإنها تقيم العوج وتدفع ميتة السوء وتقع من الجائع موقعها من الشبعان " أبو يعلى.

السابع عشر: حديث فرائض الصدقات بطوله البخاري وغيره.

الثامن عشر: حديث عن ابن أبي مليكة قال " كان ربما سقط الخطام من يد أبي بكر الصديق فيضرب بذراع ناقته فينيخها فقالوا له: أفلا أمرتنا نناولكه؟ ف

قال: " إن حبي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمرني أن لا اسأل الناس شيئاً؟ " أحمد.

التاسع عشر: حديث " أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أسماء بنت عميس حين نفست بمحمد بن أبي بكر أن تغتسل وتهل " البزار والطبراني.

العشرون: " سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أي الحج أفضل ف

قال: العج والثج " الترمذي وابن ماجه.

الحادي والعشرون: حديث " أنه قبل الحجر و

قال: لولا أني رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقبلك ما قبلتك " الدارقطني.

الثاني والعشرون: حديث " أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعث ببراءة إلى أهل مكة لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان " الحديث أحمد.

الثالث والعشرون: حديث " ما بين بيتي ومنبري روضه من رياض الجنة ومنبر على ترعة من ترع الجنة " أبو يعلى.

الرابع والعشرون: حديث انطلاقه صلى اللّه عليه وسلم إلى دار أبي الهيثم ابن التيهان بطوله أبو يعلى.

الخامس والعشرون: حديث " الذهب بالذهب مثلا بمثل والفضة بالفضة مثلا بمثل والزائد المستزيد في النار " أبو يعلى والبزار.

السادس والعشرون: حديث " ملعون من ضار مؤمناً أو مكر به " الترمذي.

السابع والعشرون: حديث " لا يدخل الجنة بخيل ولا خب ولا خائن ولا سيئ الملكة وأول من يدخل الجنة المملوك إذا أطاع اللّه وأطاع سيده " .

الثامن والعشرون: حديث " الولاء لمن أعتق " الضياء المقدسي في المختارة.

التاسع والعشرون: حديث " لا نورث ما تركناه صدقة " البخاري.

الثلاثون: حديث " إن اللّه إذا أطعم نبياً طعمة ثم قبضه جعلها للذي يقوم من بعده " أبو داود. الحادي والثلاثون: حديث " كفر باللّه من تبرأ من نسب وإن دق " البزار.

الثاني والعشرون: حديث " أنت ومالك لأبيك " قال أبو بكر: وإنما يعني بذلك النفقة البيهقي.

الثالث والثلاثون: حديث " من أغبرت قدماه في سبيل اللّه حرمهما اللّه على النار " البزار.

الرابع والثلاثون: حديث " أمرت أن أقاتل الناس " الحديث الشيخان وغيرهما.

الخامس والثلاثون: حديث " نعم عبد اللّه وأخو العشيرة خالد بن الوليد وسيف من سيوف اللّه سله اللّه على الكفار والمنافقين " أحمد.

السادس والثلاثون: حديث " ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر " الترمذي.

السابع والثلاثون: حديث " من ولى من أمر المسلمين شيئاً فأمر عليهم أحداً محاباة فعليه لعنة اللّه لا يقبل اللّه منه صرفاً ولا عدلا حتى يدخله جهنم ومن أعطى أحداً حمى اللّه فقد انتهك من حمى اللّه شيئاً بغير حقه فعليه لعنة اللّه " أحمد.

الثامن والثلاثون: حديث قصة ماعز ورجمه أحمد.

التاسع والثلاثون: حديث " ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة " الترمذي.

الأربعون: حديث " أنه صلى اللّه عليه وسلم شاور في أمر الحرب " الطبراني.

الحادي والأربعون: حديث " لما نزلت من يعمل سوأ يجز به " الحديث الترمذي وابن حبان وغيرهما.

الثاني والأربعون: حديث " إنكم تقرؤون هذه الآية " يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم " " المائدة: 105 " الحديث أحمد والأربعة وابن حبان.

الثالث والأربعون: حديث " ما ظنك باثنين اللّه ثالثهما " الشيخان.

الرابع والأربعون: حديث " اللّهم طعناً وطاعوناً " أبو يعلى.

الخامس والأربعون: حديث " شيبتني هود " الحديث الدارقطني في العلل.

السادس والأربعون: حديث " الشرك أخفى في أمتي من دبيب النمل " الحديث أبو يعلى وغيره. السابع والأربعون: حديث "

قلت: يا رسول اللّه علمني شيئاً أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت " الحديث الهيثم بن كليب في مسنده وهو عند الترمذي وغيره من مسند أبي هريرة.

الثامن والأربعون: حديث " عليكم بلا إله إلا اللّه والاستغفار فإن إبليس

قال: أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا اللّه والاستغفار فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء فهم يحسبون أنهم مهتدون " أبو يعلى.

التاسع والأربعون: حديث " لما نزلت " لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي "

قلت: يا رسول اللّه واللّه لا أكلمك إلا كأخي الهرم السرار " البزار.

الخمسون: حديث " كل ميسر لما خلق له " أحمد.

الأحد والخمسون: حديث " من كذب علي متعمداً ورد علي شيئاً أمرت به فليتبوأ بيتاً في جهنم " أبو يعلى.

الثاني والخمسون: حديث " ما نجاة هذا الأمر الحديث في لا إله إلا اللّه " أحمد وغيره.

الثالث والخمسون: " أخرج فناد في الناس من شهد أن لا إله إلا اللّه وجبت له الجنة فخرجت فلقيني عمر " الحديث أبو يعلى وهو محفوظ من حديث أبي هريرة غريب جداً من حيث أبي بكر.

الرابع والخمسون: حديث " صنفان من أمتي لا يدخلان الجنة المرجئة والقدرية " الدارقطني في العلل.

الخامس والخمسون: حديث " سلوا اللّه العافية " أحمد والنسائي وابن ماجة وله من طرق كثيرة عنه.

السادس والخمسون: حديث " كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أراد أمراً

قال: اللّهم خر لي واختر لي " الترمذي.

السابع والخمسون: حديث " دعاء الدين اللّهم فارج الهم " الحديث البزار والحاكم.

الثامن والخمسون: حديث " كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به " وفي لفظ " لا يدخل الجنة جسد غذي بحرام " أبو يعلى.

التاسع والخمسون: حديث " ليس شيء من الجسد إلا وهو يشكو ذرب اللسان " أبو يعلى.

الستون: حديث " ينزل اللّه ليلة النصف من شعبان فيغفر فيها لكل بشر ما خلا كافراً أو رجلا في قلبه شحناء " الدارقطني.

الأحد والستون: حديث " إن الدجال يخرج بالمشرق من أرض يقال لها خراسان يتبعه أقوام كأن وجوههم المجال المطرقة " الترمذي وابن ماجة.

الثاني والستون: حديث " أعطيت سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب " الحديث أحمد.

الثالث والستون: حديث الشفاعة بطوله في تردد الخلائق إلى نبي بعد نبي أحمد.

الرابع والستون: حديث " لو سلك الناس وادياً وسلكت الأنصار وادياً لسلكت وادي الأنصار " أحمد.

الخامس والستون: حديث " قريش ولاة هذا الأمر برهم تبع لبرهم وفاجرهم تبع لفاجرهم " أحمد.

السادس والستون: حديث أنه صلى اللّه عليه وسلم أوصى بالأنصار عند موته و

قال: " اقبلوا من محسنهم وتجاوزا عن مسيئهم " البزار والطبراني.

السابع والستون: حديث " إني لأعلم أرضاً يقال لها عمان ينضح بناحيتها البحر بها حي من العرب لو أتاهم رسولي ما رموه بسهم ولا حجر " أحمد وأبو يعلى.

الثامن والستون: حديث أن أبا بكر مر بالحسن وهو يلعب مع الغلمان فاحتمله على رقبته و

قال: بأبي شيبه بالنبي ليس شبيهاً بعلي البخاري وقال ابن كثير: وهو في حكم المرفوع لأنه في قوة قوله إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يشبه الحسن.

التاسع والستون: حديث " أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يزور أم أيمن " مسلم.

السبعون: حديث قتل السارق في الخامسة أبو يعلى والديلمي.

الحادي والسبعون: حديث قصة أحد الطيالسي والطبراني.

الثاني والسبعون: حديث " بينا أنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذ رأيته يدفع عن نفسه شيئاً ولا أرى شيئاً

قلت: يا رسول اللّه ما الذي تدفع؟

قال: الدنيا تطولت لي ف

قلت: إليك عني فقالت لي إما أنك لست بمدركي " البزار. هذا ما أورده ابن كثير في مسند الصديق من الأحاديث المرفوعة وقد فاته أحاديث أخرى نتبعها لتكملة العدة التي ذكرها النووي.

الثالث والسبعون: حديث " اقتلوا الفرد كائناً ما كان من الناس " الطبراني في الأوسط.

الرابع والسبعون: حديث " انظروا دور من تعمرون وأرض من تسكنون وفي طريق من تمشون " الديلمي.

الخامس والسبعون: حديث " أكثروا من الصلاة علي فإن اللّه وكل بقبري ملكاً فإذا صلى رجل من أمتي قال لي ذلك الملك إن فلان ابن فلان صلى عليك الساعة " الديلمي.

السادس والسبعون: حديث " الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما والغسل يوم الجمعة كفارة " الحديث العقيلي في الضعفاء.

السابع والسبعون: حديث " إنما حر جهنم على أمتي مثل الحمام " الطبراني.

الثامن والسبعون: حديث " إياكم والكذب فإن الكذب مجانب للإيمان " ابن لال في مكارم الأخلاق.

التاسع والسبعون: حديث " بشر من شهد بدراً بالجنة " الدارقطني في الأفراد.

الثمانون: حديث " الدين راية اللّه الثقيلة من ذا الذي يطيق حملها " الديلمي.

الحادي والثمانون: حديث " سورة يس تدعى المعمة المطعمة " الحديث الديلمي والبيهقي في الشعب.

الثاني والثمانون: حديث " السلطان العادل المتواضع ظل اللّه ورمحه في الأرض ويرفع له في كل يوم وليلة عمل ستين صديقاً " أبو السيخ والعقيلي في الضعفاء وابن حبان في كتاب الثواب.

الثالث والثمانون: حديث " قال موسى لربه: ما جزاء من عزى الثكلى؟

قال: أظله في ظلي " ابن شاهين في الترغيب والديلمي.

الرابع والثمانون: حديث " اللّهم أشدد الإسلام بعمر بن الخطاب " الطبراني في الأوسط.

الخامس والثمانون: حديث " ما صيد صيد ولا عضدت عضاه ولا قطعت وشيجة إلا بقلة التسبيح " ابن راهويه في مسنده.

السادس والثمانون: حديث " لو لم أبعث فيكم لبعث عمر " الحديث الديلمي.

السابع والثمانون: حديث " لو أتجر أهل الجنة لاتجروا بالبز " أبو يعلى.

الثامن والثمانون: حديث " من خرج يدعو إلى نفسه أو إلى غيره وعلى الناس أمام فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين فاقتلوه " الديلمي في التاريخ.

التاسع والثمانون: حديث " من كتب عني علماً أو حديثاً لم يزل يكتب له الأجر ما بقي ذلك العلم أو الحديث " الحاكم في التاريخ.

التسعون: حديث " من مشى حافياً في طاعة اللّه لم يسأله اللّه يوم القيامة عما افترض عليه " الطبراني في الأوسط.

الحادي والتسعون: حديث " من سره أن يظله اللّه من فور جهنم ويجعله في ظللّه فلا يكن على المؤمنين غليظاً وليكن بهم رحيماً " ابن لال في مكارم الأخلاق وأبو الشيخ وابن حبان في الثواب.

الثاني والتسعون: حديث " من أصبح ينوي للّه طاعة كتب اللّه له أجر يومه وإن عصاه " الديلمي.

الثالث والتسعون: حديث " ما ترك قوم الجهاد إلا عمهم اللّه بالعذاب " الطبراني في الأوسط.

الرابع والتسعون: حديث " لا يدخل الجنة مفتر " الديلمي ولم يسنده.

الخامس والتسعون: حديث " لا تحقرن أحداً من المسلمين فإن صغير المسلمين عند اللّه كبير " الديلمي.

السادس والتسعون: حديث " يقول اللّه: إن كنتم تريدون رحمتي فارحموا خلقي " أبو الشيخ وابن حبان والديلمي.

السابع والتسعون: حديث " سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الإزار فأخذ بعضلة الساق فقلت يا رسول اللّه زدني فأخذ بمقدم العضلة فقلت زدني

قال: لا خير فيما هو أسفل من ذلك قلت هلكنا يا رسول اللّه

قال: يا أبا بكر سدد وقارب تنج " أبو نعيم في الحلية.

الثامن والتسعون: حديث " كفي وكف علي في العدل سواء " الديلمي وابن عساكر.

التاسع والتسعون: حديث " لا تغفلوا التعوذ من الشيطان فإنكم إن لم تكونوا ترونه فإنه ليس عنكم بغافل " الديلمي ولم يسنده.

المائة: حديث " من بنى للّه مسجداً بنى اللّه له بيتاً في الجنة " الطبراني في الأوسط.

الحادي والمائة: حديث " من أكل من هذه البقلة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا " الطبراني في الأوسط.

الثاني والمائة: حديث رفع اليدين في الافتتاح والركوع والسجود والرفع البيهقي في السنن.

الثالث والمائة: حديث " أنه صلى اللّه عليه وآله وسلم أهدى جملا لأبي جهل " الإسماعيلي في معجمه.

الرابع والمائة: حديث " النظر إلى علي عبادة " ابن عساكر.

فصل فيما ورد عن الصديق من تفسير القرآن

أخرج أبو القاسم البغوي عن ابن أبي مليكة

قال: سئل أبو بكر عن آية ف

قال: أي أرض تسعني أو أي سماء تظلني إذا قلت في كتاب اللّه ما لم يرد اللّه.

وأخرج أبو عبيدة عن إبراهيم التيمي

قال: سئل أبو بكر عن قوله تعالى: وفاكهة وأبا " " عبس: 31 " فقال أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إن قلت في كتاب اللّه مالا أعلم.

وأخرج البيهقي وغيره عن أبي بكر أنه سئل عن الكلالة ف

قال: إني سأقول فيها برأيي فإن يكن صواباً فمن اللّه وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان أراه ما خلا الولد والوالد فلما استخلف عمر قال إني لأستحي أن أرد شيئاً قاله أبو بكر.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن الأسود بن هلال

قال: قال أبو بكر لأصحابه: ما تقولون في هاتين الآيتين: " إن الذين قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا " " فصلت: 30 " " والذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " " الأنعام: 82 " قالوا ثم استقاموا فلم يذنبوا ولم يلبسوا إيمانهم بخطيئة

قال: لقد حملتموهما على غير المحمل ثم

قال: قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا فلم يميلوا إلى غيره ولم يلبسوا إيمانهم بشرك.

وأخرج ابن جرير عن عامر بن سعد البجلي عن أبي بكر الصديق في قوله تعالى " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " " يونس: 26 "

قال: النظر إلى وجه اللّه تعالى.

وأخرج ابن جرير عن أبي بكر في قوله تعالى " إن الذين قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا " " فصلت: 30 " قال قد قالها الناس فمن مات عليها فهو ممن استقام.

فصل فيما روى عن الصديق

رضي اللّه عنه من الآثار الموقوفة قولا أو قضاء أو خطبة أو دعاء

أخرج اللالكائي في السنة عن ابن عمر قال جاء رجل إلى أبي بكر ف

قال: أرأيت الزنا بقدر؟ قال نعم

قال: فإن اللّه قدره علي ثم يعذبني قال نعم يا ابن اللخناء أما واللّه لو كان عندي إنسان أمرت أن يجأ أنفك.

وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن الزبير أن أبا بكر قال وهو يخطب الناس: يا معشر الناس استحيوا من اللّه فوالذي نفسي بيده إني لأظل حين أذهب إلى الغائط في الفضاء مغطياً رأسي استحياء من اللّه.

وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن عمرو بن دينار

قال: قال أبو بكر: استحيوا من اللّه فواللّه إني لأدخل الكنيف فأسند ظهري إلى الحائط حياء من اللّه.

وأخرج أبو داود في سننه عن أبي عبد اللّه الصنابحي أنه صلى وراء أبي بكر الصديق المغرب فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة من قصار المفصل وقرأ في الثالثة " ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا " " آل عمران: 8 " الآية.

وأخرج ابن أبي خيثمة وابن عساكر عن ابن عيينة

قال: كان أبو بكر إذا عزى رجلا

قال: ليس مع العزاء مصيبة وليس مع الجزع فائدة الموت أهون مما قبله وأشد مما بعده اذكروا فقد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تصغر مصيبتكم وأعظم اللّه أجركم.

وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني عن سالم بن عبيد وهو صحابي

قال: كان أبو بكر الصديق يقول لي: قم بيني وبين الفجر حتى أتسحر.

وأخرج عن أبي قلابة وأبي السفر قالا: كان أبو بكر الصديق يقول: أجيفوا الباب حتى نتسحر.

وأخرج البيهقي وأبو بكر بن زياد النيسابوري في كتاب الزيادات عن حذيفة ابن أسيد قال لقد أدركت أبا بكر وعمر وما يضحيان إرادة أن يستن بهما.

وأخرج أبو داود عن ابن عباس

قال: شهدت علي أبي بكر الصديق أنه

قال: كلوا الطافي من السمك.

وأخرج الشافعي في الأم عن أبي بكر الصديق أنه كره بيع اللحم بالحيوان.

وأخرج البخاري عنه أنه جعل الجد بمنزلة الأب يعني في الميراث.

وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن عطاء عن أبي بكر قال الجد بمنزلة الأب ما لم يكن أب دونه وابن الابن بمنزلة الابن ما لم يكن ابن دونه.

وأخرج عن القاسم أن أبا بكر أتى برجل انتفى من أبيه فقال أبو بكر: اضرب الرأس فإن الشيطان في الرأس.

وأخرج عن ابن أبي مالك

قال: كان أبو بكر إذا صلى على الميت

قال: اللّهم عبدك أسلمه الأهل والمال والعشيرة والذنب عظيم وأنت غفور رحيم.

وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن عمر أن أبا بكر قضى بعاصم بن عمر ابن الخطاب لأم عاصم و

قال: ريحها وشمها ولطفها خير له منك.

وأخرج البيهقي عن قيس بن أبي حازم

قال: جاء رجل إلى أبي بكر فقال إن أبي يريد أن يأخذ مالي كله يجتاحه فقال لأبيه: إنما لك من ماله ما يكفيك فقال يا خليفة رسول اللّه أليس قد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنت ومالك لأبيك ف

قال: نعم وإنما يعني بذلك النفقة.

وأخرج أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن أبا بكر وعمر كانا لا يقتلان الحر بالعبد.

وأخرج البخاري عن أبي مليكة عن جده أن رجلا عض يد رجل فأندر ثنيته فأهدرها أبو بكر.

وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن عكرمة أن أبا بكر قضى في الأذن بخمس عشرة من الإبل و

قال: يوارى شينها الشعر والعمامة.

وأخرج البيهقي وغيره عن أبي عمر أن الجوني أن أبا بكر بعث جيوشاً إلى الشام وأمر عليهم يزيد بن أبي سفيان

قال: إني موصيك بعشر خلال: لا تقتلوا امرأة ولا صبياً ولا كبيراً هرماً ولا تقطع شجراً مثمراً ولا تخربن عامراً ولا تعقر شاة ولا بعيراً إلا لمالكه ولا تفرقن نخلا ولا تحرقنه ولا تغلل ولا تجبن.

وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي برزة الأسلمي

قال: غضب أبو بكر من رجل فاشتد غضبه جداً ف

قلت: يا خليفة رسول اللّه اضرب عنقه

قال: ويلك ما هي لأحد بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

وأخرج سيف في كتاب الفتوح عن شيوخه أن المهاجرين بن أبي أمية وكان أميراً على اليمامة رفع إليه امرأتان مغنيتان غنت إحداهما بشتم النبي صلى اللّه عليه وسلم فقطع يدها ونزع ثنيتها وغنت الأخرى بهجاء المسلمين فقطع يدها ونزع ثنيتها فكتب إليه أبو بكر: بلغني الذي فعلت في المرأة التي تغنت بشتم النبي صلى اللّه عليه وسلم فلولا ما سبقتني فيها لأمرتك بقتلها لأن حد الأنبياء ليس يشبه الحدود فمن تعاطى ذلك من مسلم فهو مرتد أو معاهد فهو محارب غادر وأما التي تغنت بهجاء المسلمين فإن كانت ممن يدعى الإسلام فأدب وتعزير دون المثلة وإن كانت ذمية فلعمري لما صفحت عنه من الشرك أعظم ولو كنت تقدمت إليك في مثل هذا لبلغت مكروهاً فأقبل الدعة وإياك والمثلة في الناس فإنها مأتم ومنفرة إلا في قصاص.

وأخرج مالك والدارقطني عن صفية بنت أبي عبيد أن رجلا وقع على جارية بكر واعترف فأمر به فجلد ثم نفاه إلى فدك.

وأخرج أبو يعلى عن محمد بن حاطب

قال: جيء إلى أبي بكر برجل قد سرق وقد قطعت قوائمه فقال أبو بكر ما أجد لك شيئاً إلا ما قضى فيك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم أمر بقتلك فإنه كان أعلم بك فأمر بقتله.

وأخرج مالك عن القاسم بن محمد أن رجلا من أهل اليمن أقطع اليد والرجل قدم فنزل على أبي بكر فشكا إليه إن عامل اليمن ظلمه فكان يصلي من الليل فيقول أبو بكر وأبيك ما ليلك بليل سارق ثم إنهم افتقدوا حلياً لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر فجعل يطوف معهم ويقول اللّهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح فوجدوا الحلي عند صائغ زعم أن الأقطع جاءه به فاعترف الأقطع أو شهد عليه فأمر به أبو بكر فقطعت يده اليسرى وقال أبو بكر واللّه لدعاؤه على نفسه أشد عندي عليه من سرقته.

وأخرج الدارقطني عن أنس أن أبا بكر قطع في مجن قيمته خمسة دراهم.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي صالح

قال: لما قدم أهل اليمن زمان أبي بكر وسمعوا القرآن جعلوا يبكون فقال أبو بكر هكذا كنا ثم قست القلوب.

قال أبو نعيم: أي قويت واطمأنت بمعرفة اللّه تعالى.

وأخرج البخاري عن ابن عمر

قال: قال أبو بكر: أرقبوا محمداً صلى اللّه عليه وسلم في أهل بيته.

وأخرج أبو عبيد في الغريب عن أبي بكر

قال: طوبى لمن مات في النانأة: أي في أول الإسلام قبل تحرك الفتن.

وأخرج الأربعة ومالك عن قبيصة

قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها فقال مالك في كتاب اللّه شيء وما علمت لك في سنن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم شيئاً فارجعي حتى أسأل الناس فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أعطاها السدس فقال أبو بكر هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة فقال مثل ما قال المغيرة فأنفذه لها أبو بكر.

وأخرج مالك والدارقطني عن القاسم بن محمد أن جدتين أتتا أبا بكر تطلبان ميراثهما أم أم وأم أب فأعطى الميراث لأم الأم فقال له عبد الرحمن ابن سهل الأنصاري وكان ممن شهد بدراً وهو أخو بني حارثة يا خليفة رسول اللّه أعطيت التي لو أنها ماتت لم يرثها فقسمه بينهما.

وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن عائشة رضي اللّه عنها حديث امرأة رفاعة التي طلقت منه وتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير فلم يستطع أن يغشاها وأرادت العود إلى رفاعة فقال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك " وهذا القدر في الصحيح وزاد عبد الرزاق فقعدت ثم جاءته فأخبرته أنه قد مسها فمنعها أن ترجع إلى زوجها الأول وقال اللّهم إن كان أنمى بها أن ترجع إلى رفاعة فلا يتم لها نكاحه مرة أخرى ثم أتت أبا بكر وعمر في خلافتهما فمعناها.

وأخرج البيهقي عن عقبة بن عامر أن عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة بعثاه بريداً إلى أبي بكر يرأس بنان بطريق الشام فلما قدم علي أبي بكر أنكر ذلك فقال له عقبة: يا خليفة رسول اللّه فإنهم يصنعون ذلك بنا

قال: أفيستنان بفارس والروم لا يحمل إلى رأس إنما يكفي الكتاب والخبر.

وأخرج البخاري عن قيس بن أبي خازم

قال: دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها. زينب فرآها لا تتكلم فقال ما لها لا تتكلم فقالوا حجت مصمتة: قال لها: تكلمي فإن هذا لا يحل هذا من عمل الجاهلية فتكلمت فقالت من أنت قال امرؤ من المهاجرين قالت أي المهاجرين قال من قريش قالت من أي قريش

قال: إنك لسؤل أنا أبو بكر قالت ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء اللّه به بعد الجاهلية قال بقاؤكم عليه ما استقامت أئمتكم قالت: وما الأئمة؟ قال أو ما كان لقومك رؤوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم. قالت بلى

قال: فهم أولئك الناس.

وأخرج البخاري عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج وكان أبو بكر يأكل من خراجه فجاء يوماً بشيء فأكل منه أبو بكر فقال له الغلام تدري ما هذا قال أبو بكر ما هو؟

قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني هذا الذي أكلت منه فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه.

وأخرج أحمد في الزهد عن ابن سيرين

قال: لم أعلم أحداً استقاء من طعام أكله غير أبي بكر وذكر القصة.

وأخرج النسائي عن أسلم أن عمر أطلع على أبي بكر وهو آخذ بلسانه ف

قال: هذا الذي أوردني الموارد.

وأخرج أبو عبيد في الغريب عن أبي بكر أنه مر بعبد الرحمن بن عوف وهو يماظ جاراً له فقال له لا تماظ جارك فإنه يبقى ويذهب عنك الناس.

المماظة: المنازعة والمخاصمة.

وأخرج ابن عساكر عن موسى بن عقبة أن أبا بكر الصديق كان يخطب فيقول: الحمد للّه رب العالمين أحمده وأستعينه ونسأله الكرامة فيما بعد الموت فإنه قد دنا أجلي وأجلكم أشهد أن لا إلا اللّه وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله أرسله بالحق بشيراً ونذيراً وسراجاً منيراً لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين ومن يطع اللّه ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد ضل ضلالا مبيناً أوصيكم بتقوى اللّه والاعتصام بأمر اللّه الذي شرع لكم وهداكم به فإن جوامع هدى الإسلام بعد كلمة الإخلاص السمع والطاعة لمن ولاه اللّه أمركم فإنه من يطع اللّه وأولي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد أفلح وأدى الذي عليه من الحق وإياكم واتباع الهوى فقد أفلح من حفظ من الهوى والطمع والغضب وإياكم والفخر وما فخر من خلق من تراب ثم إلى التراب يعود ثم يأكله الدود ثم هو اليوم حي وغداً ميت فاسلموا يوماً بيوم وساعة بساعة وتوقوا دعاء المظلوم وعدوا أنفسكم في الموتى واصبروا فإن العمل كله بالصبر واحذروا والحذر ينفع واعملوا والعمل يقبل واحذروا ما حذركم اللّه من عذابه وسارعوا فيما وعدكم اللّه من رحمته وافهموا وتفهموا واتقوا وتوقوا فإن اللّه قد بين لكم ما أهلك به من كان قبلكم وما نجى به من نجى قبلكم قد بين لكم في كتابه حلاله وحرامه وما يحب من الأعمال وما يكره فإني لا آلوكم ونفسي واللّه المستعان ولا حول ولا قوة إلا باللّه واعلموا أنكم ما أخلصتم للّه من أعمالكم فربكم أطعتم وحظكم حفظتم واغتبطتم وما تطوعتم به لدينكم فاجعلوه نوافل بين أيديكم تستوفوا لسلفكم وتعطوا جرايتكم حين فقركم وحاجتكم إليها ثم تفكروا عباد اللّه في أخوانكم وصحابتكم الذين مضوا قد وردوا على ما قدموا فأقاموا عليه وحلوا في الشقاء والسعادة فيما بعد الموت إن اللّه ليس له شريك وليس بينه وبين أحد من خلقه نسب يعطيه به خيراً ولا يصرف عنه سوءاً إلا بطاعته واتباع أمره فإنه لا خير في خير بعده النار ولا شر في شر بعده الجنة أقول قولي هذا واستغفر اللّه لي ولكم وصلوا على نبيكم صلى اللّه عليه وسلم والسلام عليه ورحمة اللّه وبركاته.

وأخرج الحاكم والبيهقي عن عبد اللّه بن حكيم

قال: خطبنا أبو بكر الصديق فحمد اللّه وأثنى عليه بما هو له أهل ثم قال أوصيكم بتقوى اللّه وأن تمنعوا عليه بما هو له أهل وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة فإن اللّه تعالى أثنى على زكريا وأهل بيته فقال " إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين " " الأنبياء: 90 " ثم اعلموا عباد اللّه أن اللّه قد ارتهن بحقه أنفسكم وأخذ على ذلك مواثيقكم واشترى منكم القليل الفاني بالكثير الباقي وهذا كتاب اللّه فيكم لا يطفأ نوره ولا تنقضي عجائبه فاستضيئوا بنوره وانتصحوا كتابه واستضيئوا منه ليوم الظلمة فإنه إنما خلقكم لعبادته ووكل بكم كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون ثم اعلموا عباد اللّه أنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه فإن استطعتم أن تنقضي الآجال وأنتم في عمل اللّه فافعلوا ولن تستطيعوا ذلك إلا بإذن اللّه سابقوا في آجالكم قبل أن تنقضي آجالكم فتردكم إلى أسوأ أعمالكم فإن قوماً جعلوا آجالهم لغيرهم ونسوا أنفسهم فأنهاكم أن تكونوا أمثالهم فالوحا الوحا ثم النجاء النجاء فإن وراءكم طالباً حثيثاً أمره سريع.

وأخرج ابن أبي الدنيا وأحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن يحيى ابن أبي كثير أن أبا بكر كان يقول في خطبته: أين الوضاء الحسنة وجوههم المعجبون بشبابهم؟ أين الملوك الذين بنوا المدائن وحصنوها؟ أين الذين كانوا يعطون الغلبة في مواطن الحرب؟ قد تضعضع أركانهم حين أخنى بهم الدهر وأصبحوا في ظلمات القبور الوحا الوحا ثم النجاء النجاء.

وأخرج أحمد في الزهد عن سلمان

قال: أتيت أبا بكر ف

قلت: أعهد إلي ف

قال: يا سلمان اتق اللّه وأعلم أنه سيكون فتوح فلا أعرفن ما كان حظك منها ما جعلته في بطنك أو ألقيته على ظهرك واعلم أنه من صلى الصلوات الخمس فإنه يصبح في ذمة اللّه ويمسي في ذمة اللّه تعالى فلا تقتلن أحداً من أهل ذمة اللّه فتخفر اللّه في ذمته فيكبك اللّه في النار على وجهك.

وأخرج عن أبي بكر رضي اللّه عنه

قال: يقبض الصالحون الأول فالأول حتى يبقى من الناس حثالة كحثالة التمر والشعير لا يبالي اللّه بهم.

وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن معاوية بن قرة أن أبا بكر الصديق رضي اللّه عنه كان يقول في دعائه اللّهم اجعل خير عمري آخره وخير عملي خواتمه وخير أيامي يوم لقائك.

وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن

قال: بلغني أن أبا بكر كان يقول في دعائه: اللّهم أني أسألك الذي هو خير لي في عاقبة الأمر اللّهم أجعل آخر ما تعطيني من الخير رضوانك والدرجات العلى من جنات النعيم.

وأخرج عن عرفجة

قال: قال أبو بكر: من استطاع أن يبكي فليبك وإلا فليتباك.

وأخرج عن عزرة عن أبي بكر

قال: أهلكهن الأحمران: الذهب والزعفران.

وأخرج عن مسلم بن يسار عن أبي بكر

قال: إن المسلم ليؤجر في كل شيء حتى في النكبة وانقطاع شسعه والبضاعة تكون في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها في غبنه.

وأخرج عن ميمون بن مهران

قال: أتي أبو بكر بغراب وافر الجناحين فقلبه ثم

قال: ما صيد من صيد ولا عضدت من شجرة إلا بما ضيعت من التسبيح.

وأخرج البخاري في الأدب وعبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد عن الصنابحي أنه سمع أبا بكر يقول إن دعاء الأخ لأخيه في اللّه يستجاب.

وأخرج عبد اللّه في زوائد الزهد عن عبيد بن عمير عن لبيد الشاعر أنه قدم علي أبي بكر ف

قال: ألا كل شيء ما خلا اللّه باطل فقال صدقت فقال وكل نعيم لا محالة زائل ف

قال: كذبت عند اللّه نعيم لا يزول فلما ولي قال أبو بكر: ربما قال الشاعر الكلمة من الحكمة.

فصل في كلماته الدالة على شدة خوفه من ربه

أخرج أبو أحمد الحاكم عن معاذ بن جبل قال دخل أبو بكر حائطاً وإذا بدبسي في ظل شجرة فتنفس الصعداء ثم

قال: طوبى لك يا طير تأكل من الشجر وتستظل بالشجر وتصير إلى غير حساب يا ليت أبا بكر مثلك.

وأخرج ابن عساكر عن الصمعي

قال: كان أبو بكر إذا مدح

قال: اللّهم أنت أعلم مني بنفسي وأنا أعلم بنفسي منهم اللّهم اجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون.

وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عمران الجوني

قال: قال أبو بكر الصديق: لوددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن.

وأخرج أحمد في الزهد عن مجاهد

قال: كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود من الخشوع

قال: وحدثت أن أبا بكر كان كذلك.

وأخرج عن الحسن

قال: قال أبو بكر: واللّه لوددت أني كنت هذه الشجرة تؤكل وتعضد.

وأخرج عن قتادة

قال: بلغني أن أبا بكر قال وددت أني خضرة تأكلني الدواب.

وأخرج عن ضمرة بن حبيب

قال: حضرت الوفاة ابناً لأبي بكر الصديق فجعل الفتى يلحظ إلى وسادة فلما توفى قالوا لأبي بكر: رأينا ابنك يلحظ إلى وسادة فدفعوه عن الوسادة فوجدوا تحتها خمسة دنانير أو ستة فضرب أبو بكر بيده على الأخرى يرجع ويقول إنا للّه وإنا إليه راجعون يا فلان ما أحسب جلدك يتسع لها.

وأخرج عن ثابت البناني أن أبا بكر كان يتمثل بهذا الشعر:

لا تزال تنعي حبيباً حتى تكونه ... وقد يرجو الفتى الرجا يموت دونه

وأخرج ابن سعد عن ابن سيرين قال لم يكن أحد بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم أهيب لما لا يعلم من أبي بكر ولم يكن أحد بعد أبي بكر أهيب لما لا يعلم من عمر وإن أبا بكر نزلت فيه قضية فلم يجد لها في كتاب اللّه أصلا ولا في السنة أثراً فقال اجتهد رأيي فإن يكن صواباً فمن اللّه وإن يكن خطأ فمني واستغفر اللّه.

فصل فيما ورد عنه من تعبير الرؤيا

أخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن المسيب

قال: رأت عائشة رضي اللّه عنها كأنه وقع في بيتها ثلاثة أقمار فقصتها على أبي بكر وكان من أعبر الناس ف

قال: إن صدقت رؤياك ليدفنن في بيتك خير أهل الأرض ثلاثاً فلما قبض النبي صلى اللّه عليه وسلم قال يا عائشة هذا خير أقمارك.

وأخرج أيضاً عن عمر بن شرحبيل

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " رأيتني أردفت غنم سود ثم أردفتها غنم بيض حتى ما ترى السود فيها فقال أبو بكر يا رسول اللّه أما الغنم السود فإنها العرب يسلمون ويكثرون والغنم البيض الأعاجم يسلمون حتى لا يرى العرب فيهم من كثرتهم فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " كذلك عبرها الملك سحراً " .

وله عن ابن أبي ليلى

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " رأيتني على بئر أنزع فيها فوردتني غنم سود ثم ردفها غنم عفر فقال أبو بكر دعني أعبرها فذكر نحوه.

وأخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين

قال: كان أعبر هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر.

وأخرج ابن سعد عن ابن شهاب

قال: رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رؤيا فقصها على أبي بكر ف

قال: رأيت كأني استبقت أنا وأنت درجة فسبقتك بمرقاتين ونصف

قال: يا رسول اللّه يقبضك اللّه إلى مغفرة ورحمة وأعيش بعدك سنتين ونصفاً.

وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن أبي قلابة أن رجلا قال لأبي بكر الصديق: رأيت في النوم أني أبول دماً

قال: أنت رجل تأتي امرأتك وهي حائض فاستفغر اللّه ولا تعد.

فائدة: أخرج البيهقي في الدلائل عن عبد اللّه بن بريدة

قال: بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عمرو بن العاص في سرية فيهم أبو بكر وعمر فلما انتهوا إلى مكان الحرب أمرهم عمرو ألا ينوروا ناراً فغضب عمر فهم أن يأتيه فنهاه أبو بكر وأخبره أنه لم يستعمله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عليك إلا لعلمه بالحرب فهدأ عنه.

وأخرج البيهقي من طريق أبي معشر عن بعض مشيختهم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

قال: إني لأؤمر الرجل على القوم فيهم من هو خير منه لأنه أيقظ عيناً وأبصر بالحرب.

فصل: أخرج خليفة بن خياط وأحمد بن حنبل وابن عساكر عن يزيد ابن الأصم " أن النبي صلى اللّه عليه وسلم

قال: لأبي بكر أنا أكبر أو أنت

قال: أنت أكبر وأكرم وأنا أسن منك " مرسل غريب جداً فإن صح عد هذا الجواب من فرط ذكائه وأدبه والمشهور أن هذا الجواب للعباس وقد وقع أيضاً لسعيد بن يربوع

أخرجه الطبراني ولفظه " أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال له: أينا أكبر؟ قال أنت أكبر وأخبر مني وأنا أقدم " .

وأخرج أبو نعيم أن أبا بكر قيل له: يا خليفة رسول اللّه ألا تستعمل أهل بدر؟

قال: إني أرى مكانهم ولكني أكره أن أدنسهم بالدنيا.

وأخرج أحمد في الزهد عن إسماعيل بن محمد أن أبا بكر قسم قسماً فسوى فيه بين الناس فقال له عمر: تسوى بين أصحاب بدر وسواهم من الناس فقال أبو بكر: إنما الدنيا بلاغ وخير البلاغ أوسعه وإنما فضلهم في أجورهم.

فصل:

أخرج أحمد في الزهد عن أبي بكر بن حفص

قال: بلغني أن أبا بكر كان يصوم الصيف ويفطر الشتاء.

وأخرج ابن سعد عن حيان الصائغ

قال: كان نقش خاتم أبي بكر " نعم القادر اللّه.

فائدة: أخرج الطبراني عن موسى بن عقبة

قال: لا نعلم أربعة أدركوا النبي صلى اللّه عليه وسلم وأبناءهم إلا هؤلاء الأربعة أبو قحافة وابنه أبو بكر الصديق وابنه عبد الرحمن وأبو عتيق بن عبد الرحمن واسمه محمد.

وأخرج ابن منده وابن عساكر عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: ما اسلم أبو أحد من المهاجرين إلا أبو أبي بكر.

فائدة: أخرج ابن سعد والبزار بسند حسن عن أنس

قال: كان أسن أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أبو بكر الصديق وسهيل بن عمرو ابن بيضاء.

فائدة: أخرج البيهقي في الدلائل عن أسماء بنت أبي بكر قالت: لما كان عام الفتح خرجت ابنة لأبي قحافة فلقيتها الخيل وفي عنقها طوق من ورق فاقتطعه إنسان من عنقها فلما دخل رسول اللّه صلى اللّه عيه وسلم المسجد قام أبو بكر وقال أنشد باللّه والإسلام طوق أختي فواللّه ما أجابه أحد ثم

قال: الثانية فما أجابه أحد ثم

قال: يا أخته احتسبي طوقك فواللّه إن الأمانة اليوم في الناس لقليل.

فائدة: رأيت بخط الحافظ الذهبي: من كان فرد زمانه في فنه: أبو بكر الصديق في النسب عمر بن الخطاب في القوة في أمر اللّه عثمان بن عفان في الحياء علي في القضاء أبي بن كعب في القراءة زيد بن ثابت في الفرائض أبو عبيدة بن الجراح في الأمانة ابن عباس في التفسير أبو ذر في صدق اللّهجة خالد بن الوليد في الشجاعة الحسن البصري في التذكير وهب بن منبه في القصص ابن سيرين في التعبير نافع في القراءة أبو حنيفة في الفقة ابن إسحاق في المغازي مقاتل في التأويل الكلبي في قصص القرآن الخليل في العروض فضيل بن عياض في العبادة سيبويه في النحو مالك في العلم الشافعي في فقه الحديث أبو عبيدة في الغريب علي بن المديني في العلل يحيى بن معين في الرجال أبو تمام في الشعر أحمد بن حنبل في السنة البخاري في نقد الحديث الجنيد في التصوف محمد بن نصر المروزي في الاختلاف الجبائي في الاعتزال الأشعري في الكلام محمد بن زكريا الرازي في الطب أبو معشر في النجوم إبراهيم الكرماني في التعبير ابن نباتة في الخطب أبو الفرج الأصبهاني في المحاضرة أبو القاسم الطبراني في العوالي ابن حزم في الظاهر أبو الحسن البكري في الكذب الحريري في مقاماته ابن منده في سعة الرحلة المتنبي في الشعر الموصلي في الغناء الصولي في الشطرنج الخطيب البغدادي في سرعة القراءة علي بن هلال في الخط عطاء السليمي في الخوف القاضي الفاضل في الإنشاء الأصمعي في النوادر أشعب في الطمع معبد في الغناء ابن سينا في الفلسفة.