٢بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِطَهَارَة نسبه وَأَنه لم يخرج من سفاح من لدن آدماخْرُج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خرجت من لدن آدم من نِكَاح غير سفاح وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَا ولدني من سفاح الْجَاهِلِيَّة شَيْء وَمَا ولدني إِلَّا نِكَاح كَنِكَاح الْإِسْلَام واخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة رَضِي اللّه عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خرجت من نِكَاح غير سفاح وَأخرج ابْن سعد وَابْن ابي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّمَا خرجت من نِكَاح وَلم أخرج من سفاح من لدن آدم لم يُصِبْنِي من سفاح أهل الْجَاهِلِيَّة شَيْء وَلم اخْرُج إِلَّا من طهرة وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن الْكَلْبِيّ قَالَ كتبت للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خَمْسمِائَة عَام فَمَا وجدت فِيهِنَّ سِفَاحًا وَلَا شَيْئا مِمَّا كَانَ من أَمر الْجَاهِلِيَّة واخرج الْعَدنِي فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ ابْن أبي طَالب أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خرجت من نِكَاح وَلم أخرج من سفاح من لدن آدم إِلَى أَن ولدني أبي وَأمي وَلم يُصِبْنِي من سفاح الْجَاهِلِيَّة شَيْء وَأخرج أَبُو نعيم من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لم يلتق ابواي قطّ على سفاح لم يزل اللّه ينقلني من الأصلاب الطّيبَة إِلَى الْأَرْحَام الطاهرة مصفى مهذبا لَا تتشعب شعبتان إِلَّا كنت فِي خيرهما وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خير الْعَرَب مُضر وَخير مُضر بَنو عبد منَاف وَخير بني عبد منَاف بَنو هَاشم وَخير بني هَاشم بَنو عبد الْمطلب وَاللّه مَا افترق فرقتان مُنْذُ خلق اللّه آدم إِلَّا كنت فِي خيرهما وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {وتقلبك فِي الساجدين} قَالَ مَا زَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يتقلب فِي أصلاب الانبياء حَتَّى وَلدته أمه وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابي هُرَيْرَة ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بعثت من خير قُرُون بني آدم قرنا فقرنا حَتَّى كنت من الْقرن الَّذِي كنت فِيهِ وَأخرج مُسلم عَن وَاثِلَة بن الاسقع قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِن اللّه اصْطفى من ولد ابراهيم اسماعيل وَاصْطفى من ولد اسماعيل بني كنَانَة وَاصْطفى من بني كنَانَة قُريْشًا وَاصْطفى من قُرَيْش بني هَاشم وَاصْطَفَانِي من بني هَاشم وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَيْهَقِيّ وابو نعيم عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِن اللّه حِين خلقني جعلني من خير خلقه ثمَّ حِين خلق الْقَبَائِل جعلني من خَيرهمْ قَبيلَة وَحين خلق الْأَنْفس جعلني من خير أنفسهم ثمَّ حِين خلق الْبيُوت جعلني من خير بُيُوتهم فَأَنا خَيرهمْ بَيْتا وَخَيرهمْ نفسا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِن اللّه خلق الْخلق فَاخْتَارَ من الْخلق بني آدم وَاخْتَارَ من بَين آدم الْعَرَب وَاخْتَارَ من الْعَرَب مُضر وَاخْتَارَ من مُضر قُريْشًا وَاخْتَارَ من قُرَيْش بني هَاشم واختارني من بني هَاشم فَأَنا من خِيَار إِلَى خِيَار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِن اللّه قسم الْخلق قسمَيْنِ فجعلني فِي خيرهما قسما ثمَّ جعل الْقسمَيْنِ أَثلَاثًا فجعلني فِي خَيرهَا ثلثا ثمَّ جعل الأثلاث قبائل فجعلني فِي خَيرهَا قَبيلَة ثمَّ جعل الْقَبَائِل بُيُوتًا فجعلني فِي خَيرهَا بَيْتا فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا يُرِيد اللّه ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} الْآيَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا افترق النَّاس فرْقَتَيْن إِلَّا جعلني اللّه فِي خيرهما فأخرجت من بَين أَبَوي فَلم يُصِبْنِي شَيْء من عهر الْجَاهِلِيَّة وَخرجت من نِكَاح وَلم اخْرُج من سفاح من لدن آدم حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى أبي وَأمي فَأَنا خَيركُمْ نفسا وخيركم أَبَا واخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن عَليّ ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن اللّه اخْتَار فَاخْتَارَ الْعَرَب ثمَّ اخْتَار مِنْهُم كنَانَة ثمَّ اخْتَار مِنْهُم قُريْشًا ثمَّ اخْتَار مِنْهُم بني هَاشم ثمَّ اختارني من بني هَاشم واخرج الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الاوسط وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لي جبرئيل قلبت الأَرْض مشارقها وَمَغَارِبهَا فَلم أجد رجلا أفضل من مُحَمَّد وَلم اجد بني أَب افضل من بني هَاشم وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَا ولدتني بغي قطّ مُنْذُ خرجت من صلب آدم وَلم تزل تنازعني الْأُمَم كَابِرًا عَن كَابر حَتَّى خرجت من أفضل حيين من الْعَرَب هَاشم وزهرة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن انس قَالَ قَرَأَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم} بِفَتْح الْفَاء وَقَالَ انا انفسكم نسبا وصهرا وحسبا لَيْسَ فِي آبَائِي من لدن آدم سفاح كلنا نِكَاح وَأخرج ابْن ابي عمر الْعَدنِي فِي مُسْنده عَن ابْن عَبَّاس ان قُريْشًا كَانَت نورا بَين يَدي اللّه تَعَالَى قبل ان يخلق آدم بألفي عَام يسبح ذَلِك النُّور وتسبح الْمَلَائِكَة بتسبيحه فَلَمَّا خلق اللّه آدم ألْقى ذَلِك النُّور فِي صلبه قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فأهبطني اللّه إِلَى الأَرْض فِي صلب آدم وَجَعَلَنِي فِي صلب نوح وَقذف بِي فِي صلب إِبْرَاهِيم ثمَّ لم يزل اللّه ينقلني من الأصلاب الْكَرِيمَة والأرحام الطاهرة حَتَّى أخرجني من بَين أَبَوي لم يلتقيا على سفاح قطّ وَيشْهد لهَذَا مَا أخرج الْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن خريم بن أَوْس قَالَ هَاجَرت إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مُنْصَرفه من تَبُوك فَسمِعت الْعَبَّاس يَقُول يَا رَسُول اللّه إِنِّي أُرِيد أَن امتدحك قَالَ قل لَا يفضض اللّه فَاك فَقَالَ (من قبلهَا طبت فِي الظلال وَفِي ... مستودع حَيْثُ يخصف الْوَرق) (ثمَّ هَبَطت الْبِلَاد لَا بشر ... أَنْت وَلَا مُضْغَة وَلَا علق) (بل نُطْفَة تركب السفين وَقد ... ألْجم نسرا وَأَهله الْغَرق) (تنقل من صالب إِلَى رحم ... إِذا مضى عَالم بدا طبق) (وَردت نَارا لخليل مستترا ... فِي صلبه أَنْت كَيفَ يَحْتَرِق) (حَتَّى احتوى بَيْتك الْمُهَيْمِن من ... خَنْدَق علياء تحتهَا النُّطْق) (وانت لما ولدت اشرقت الأَرْض ... وضاءت بنورك الْأُفق) (فَنحْن فِي ذَلِك الضياء وَفِي ... النُّور وسبل الرشاد تخترق) وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن ابي هُرَيْرَة أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما خلق اللّه آدم اراه بنيه فَجعل يرى فَضَائِل بَعضهم على بعض فَرَأى نورا ساطعا فِي أسفلهم فَقَالَ يَا رب من هَذَا قَالَ هَذَا ابْنك أَحْمد وَهُوَ اول وَهُوَ آخر وَهُوَ أول شَافِع وَقَالَ ابو نعيم وَجه الدّلَالَة على نبوته من هَذِه الْفَضِيلَة ان النُّبُوَّة ملك وسياسة عَامَّة وَالْملك فِي ذَوي الاحساب والأخطار من النَّاس لِأَن ذَلِك أدعى إِلَى انقياد الرّعية لَهُ واسرع الى طَاعَته وَلذَلِك سَأَلَ هِرقل أَبَا سُفْيَان كَيفَ نسبه فِيكُم قَالَ هُوَ فِينَا ذُو نسب قَالَ هِرقل وَكَذَلِكَ الرُّسُل تبْعَث فِي نسب قَومهَا بَاب رُؤْيا عبد الْمطلبأخرج ابو نعيم من طَرِيق أبي بكر بن عبد اللّه بن أبي الجهم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ سَمِعت أَبَا طَالب يحدث عَن عبد الْمطلب قَالَ بَينا أَنا نَائِم فِي الْحجر رَأَيْت رُؤْيا هالتني فَفَزِعت مِنْهَا فَزعًا شَدِيدا فَأتيت كاهنة قُرَيْش فَقلت لَهَا إِنِّي رَأَيْت اللَّيْلَة كَأَن شَجَرَة نَبتَت قد نَالَ رَأسهَا السَّمَاء وَضرب بأغصانها الْمشرق وَالْمغْرب وَمَا رَأَيْت نورا أظهر مِنْهَا أعظم من نور الشَّمْس سبعين ضعفا وَرَأَيْت الْعَرَب والعجم ساجدين وَهِي تزداد كل سَاعَة عظما ونورا وارتفاعا سَاعَة تخفى وَسَاعَة تظهر وَرَأَيْت رهطا من قُرَيْش قد تعلقوا بأغصانها وَرَأَيْت قوما من قُرَيْش يُرِيدُونَ قطعهَا فَإِذا دنوا مِنْهَا أَخذهم شَاب لم أر قطّ أحسن مِنْهُ وَجها وَلَا أطيب مِنْهُ ريحًا فيكسر أظهرهم ويقلع أَعينهم فَرفعت يَدي لأتناول مِنْهَا نَصِيبا فَلم أنل فَقلت لمن النَّصِيب فَقَالَ النَّصِيب لهَؤُلَاء الَّذين تعلقوا بهَا وسبقوك إِلَيْهَا فانتبهت مذعورا فَزعًا فَرَأَيْت وَجه الكاهنة قد تغير ثمَّ قَالَت صدقت رُؤْيَاك ليخرجن من صلبك رجل يملك الْمشرق وَالْمغْرب ويدين لَهُ النَّاس ثمَّ قَالَ لأبي طَالب لَعَلَّك ان تكون هَذَا الْمَوْلُود فَكَانَ أَبُو طَالب يحدث بِهَذَا الحَدِيث وَالنَّبِيّ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قد خرج وَيَقُول كَانَت الشَّجَرَة وَاللّه ابا الْقَاسِم الْأمين فَيُقَال لَهُ أَلا تؤمن بِهِ فَيَقُول السبة والعار بَاب مَا وَقع فِي حمله صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من الْآيَاتاخْرُج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق ابي عون مولى الْمسور بن مخرمَة عَن الْمسور بن مخرمَة عَن ابْن عَبَّاس عَن أَبِيه قَالَ قَالَ عبد الْمطلب قدمنَا الْيمن فِي رحْلَة الشتَاء فَنزلت على حبر من الْيَهُود فَقَالَ رجل من اهل الزبُور يَعْنِي الْكتاب مِمَّن الرجل قلت من قُرَيْش قَالَ من أَيهمْ قلت من بني هَاشم قَالَ أتأذن لي ان انْظُر إِلَى بعضك قلت نعم مَا لم يكن عَورَة قَالَ فَفتح إِحْدَى منخري فَنظر فِيهِ ثمَّ نظر فِي الْأُخْرَى فَقَالَ اشْهَدْ ان فِي إِحْدَى يَديك ملكا وَفِي الآخرى نبوة وَأرى ذَلِك وَفِي لفظ وَإِنَّا نجد ذَلِك فِي بني زهرَة فَكيف ذَاك قلت لَا ادري قَالَ هَل لَك من شاعة قلت وَمَا الشاعة قَالَ الزَّوْجَة قلت أما الْيَوْم فَلَا قَالَ فَإِذا رجعت فَتزَوج مِنْهُم فَرجع عبد الْمطلب إِلَى مَكَّة فَتزَوج هَالة بنت وهب بن عبد منَاف فَولدت لَهُ حَمْزَة وَصفِيَّة وَتزَوج ابْنه عبد اللّه آمِنَة بنت وهب فَولدت لَهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت قُرَيْش فلج عبد اللّه على أَبِيه وَأخرجه ابو نعيم من طَرِيق حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن ابيه ان عبد الْمطلب فَذكره قُرَيْش قد تعلقوا بأغصانها وَرَأَيْت قوما من قُرَيْش يُرِيدُونَ قطعهَا فَإِذا دنوا مِنْهَا أَخذهم شَاب لم أر قطّ أحسن مِنْهُ وَجها وَلَا أطيب مِنْهُ ريحًا فيكسر أظهرهم ويقلع أَعينهم فَرفعت يَدي لأتناول مِنْهَا نَصِيبا فَلم أنل فَقلت لمن النَّصِيب فَقَالَ النَّصِيب لهَؤُلَاء الَّذين تعلقوا بهَا وسبقوك إِلَيْهَا فانتبهت مذعورا فَزعًا فَرَأَيْت وَجه الكاهنة قد تغير ثمَّ قَالَت صدقت رُؤْيَاك ليخرجن من صلبك رجل يملك الْمشرق وَالْمغْرب ويدين لَهُ النَّاس ثمَّ قَالَ لأبي طَالب لَعَلَّك ان تكون هَذَا الْمَوْلُود فَكَانَ أَبُو طَالب يحدث بِهَذَا الحَدِيث وَالنَّبِيّ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قد خرج وَيَقُول كَانَت الشَّجَرَة وَاللّه ابا الْقَاسِم الْأمين فَيُقَال لَهُ أَلا تؤمن بِهِ فَيَقُول السبة والعار بَاب مَا وَقع فِي حمله صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من الْآيَاتاخْرُج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق ابي عون مولى الْمسور بن مخرمَة عَن الْمسور بن مخرمَة عَن ابْن عَبَّاس عَن أَبِيه قَالَ قَالَ عبد الْمطلب قدمنَا الْيمن فِي رحْلَة الشتَاء فَنزلت على حبر من الْيَهُود فَقَالَ رجل من اهل الزبُور يَعْنِي الْكتاب مِمَّن الرجل قلت من قُرَيْش قَالَ من أَيهمْ قلت من بني هَاشم قَالَ أتأذن لي ان انْظُر إِلَى بعضك قلت نعم مَا لم يكن عَورَة قَالَ فَفتح إِحْدَى منخري فَنظر فِيهِ ثمَّ نظر فِي الْأُخْرَى فَقَالَ اشْهَدْ ان فِي إِحْدَى يَديك ملكا وَفِي الآخرى نبوة وَأرى ذَلِك وَفِي لفظ وَإِنَّا نجد ذَلِك فِي بني زهرَة فَكيف ذَاك قلت لَا ادري قَالَ هَل لَك من شاعة قلت وَمَا الشاعة قَالَ الزَّوْجَة قلت أما الْيَوْم فَلَا قَالَ فَإِذا رجعت فَتزَوج مِنْهُم فَرجع عبد الْمطلب إِلَى مَكَّة فَتزَوج هَالة بنت وهب بن عبد منَاف فَولدت لَهُ حَمْزَة وَصفِيَّة وَتزَوج ابْنه عبد اللّه آمِنَة بنت وهب فَولدت لَهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت قُرَيْش فلج عبد اللّه على أَبِيه وَأخرجه ابو نعيم من طَرِيق حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن ابيه ان عبد الْمطلب فَذكره وَأخرجه ابْن سعد فِي الطَّبَقَات من طَرِيق جَعْفَر بن عبد الرَّحْمَن بن الْمسور بن مخرمَة عَن أَبِيه عَن جده قَالَ إِن عبد الْمطلب فَذكره وَفِيه فَنظر إِلَى الشّعْر فِي مَنْخرَيْهِ فَقَالَ أرى نبوة وَأرى ملكا وَأرى أَحدهمَا فِي بني زهرَة وَفِي آخِره فَجعل اللّه فِي بني عبد الْمطلب النُّبُوَّة والخلافة وَأخرج ابو نعيم عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ أقبل عبد اللّه بن عبد الْمطلب أَبُو رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي بِنَاء لَهُ وَعَلِيهِ اثر الطين وَالْغُبَار فَمر بليلى العدوية فَلَمَّا رَأَتْهُ وَرَأَتْ مَا بَين عَيْنَيْهِ دَعَتْهُ إِلَى نَفسهَا وَقَالَت لَهُ إِن وَقعت بِي فلك مائَة من الْإِبِل فَقَالَ لَهَا عبد اللّه بن عبد الْمطلب حَتَّى اغسل عني هَذَا الطين فَارْجِع إِلَيْك فَدخل عبد اللّه على آمِنَة بنت وهب فَوَقع بهَا فَحملت برَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَرجع إِلَى ليلى فَقَالَ لَهَا هَل لَك فِيمَا قلت قَالَت لَا قَالَ وَلم قَالَت لِأَنَّك مَرَرْت بِي وَبَين عَيْنَيْك نور ثمَّ رجعت إِلَيّ وَقد انتزعته آمِنَة مِنْك وَفِي لفظ لقد دخلت بِنور مَا خرجت بِهِ وَلَئِن كنت أَلممْت بآمنة لتلدن ملكا وَأخرج ابو نعيم الخرائطي وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما خرج عبد الْمطلب بِابْنِهِ ليزوجه مر بِهِ على كاهنة من اهل تبَالَة متهودة قد قَرَأت الْكتب يُقَال لَهَا فَاطِمَة بنت مر الخثعمية فرأت نور النُّبُوَّة فِي وَجه عبد اللّه فَقَالَت يَا فَتى هَل لَك ان تقع عَليّ الْآن وَأُعْطِيك مائَة من الْإِبِل فَقَالَ عبد اللّه (أما الْحَرَام فالممات دونه ... والحل لَا حل فأستبينه) (فَكيف لي الْأَمر الَّذِي تبغينه ... يحمي الْكَرِيم عرضه وَدينه) ثمَّ مضى مَعَ أَبِيه فَزَوجهُ آمِنَة بنت وهب فَأَقَامَ عِنْدهَا ثَلَاثًا ثمَّ ان نَفسه دَعَتْهُ إِلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ الخثعمية فَأَتَاهَا فَقَالَت مَا صنعت بعدِي قَالَ زَوجنِي أبي آمِنَة بنت وهب فأقمت عِنْدهَا ثَلَاثًا قَالَت إِنِّي وَاللّه مَا أَنا بصاحبة رِيبَة وَلَكِنِّي رَأَيْت فِي وَجهك نورا فَأَرَدْت أَن يكون فِي وأبى اللّه إِلَّا أَن يصيره حَيْثُ أحب ثمَّ قَالَت فَاطِمَة (إِنِّي رَأَيْت مخيلة لمعت ... فتلألأت بِخَاتم الْقطر) (ظلما بهَا نور يضيء لَهُ ... مَا حوله كإضاءة الْبَدْر) (ورجوته فخرا أَبُوء بِهِ ... مَا كل قَادِح زنده يوري) (للّه مَا زهرية سلبت ... ثوبيك مَا استلبت وَمَا تَدْرِي) وَقَالَت أَيْضا (بني هَاشم قد غادرت من أخيكم ... أمينة إِذْ للباه يعتلجان) (كَمَا غادر الْمِصْبَاح بعد خبوه ... فتائل قدميثت لَهُ بدهان) (وَمَا كل مَا يحوي الْفَتى من تلاده ... بحزم وَلَا مَا فَاتَهُ لتواني) (فاجمل إِذا طالبت أمرا فَإِنَّهُ ... سيكفيكه جدان يصطرعان) (سيكفيكه إِمَّا يَد مقفلة ... وَإِمَّا يَد مبسوطة ببنان) (وَلما قَضَت مِنْهُ أمينة مَا قَضَت ... نبا بَصرِي عَنهُ وكل لساني) وَأخرجه ابْن سعد عَن هِشَام بن الْكَلْبِيّ عَن أبي الْفَيَّاض الْخَثْعَمِي معضلا وَفِيه أَنه لما رَجَعَ إِلَيْهَا قَالَ هَل لَك فِيمَا قلت قَالَت قد كَانَ ذَاك مرّة فاليوم لَا فَذَهَبت مثلا وَفِي آخِره وَبلغ شُبَّان قُرَيْش مَا عرضت على عبد اللّه فَذكرُوا لَهَا ذَلِك فَقَالَت الأبيات وَفِيه بعد قَوْله اقام عِنْدهَا ثَلَاثًا وَكَانَت تِلْكَ السّنة عِنْدهم إِذا دخل الرجل على امْرَأَته فِي أَهلهَا وَقَالَ ابْن سعد انا وهب بن جرير بن حَازِم ثَنَا أبي سَمِعت ابا يزِيد الْمدنِي قَالَ نبئت ان عبد اللّه أَتَى على إمرأة من خثعم فرأت بَين عَيْنَيْهِ نورا ساطعا إِلَى السَّمَاء فَقَالَت هَل لَك فِي قَالَ نعم حَتَّى ارمي الْجَمْرَة فَانْطَلق فَرمى الْجَمْرَة ثمَّ أَتَى امْرَأَته آمِنَة ثمَّ ذكر الخثعمية فَأَتَاهَا فَقَالَت هَل أتيت امْرَأَة بعدِي قَالَ نعم امْرَأَتي آمِنَة قَالَت فَلَا حَاجَة لي فِيك إِنَّك مَرَرْت وَبَين عَيْنَيْك نور سَاطِع إِلَى السَّمَاء فَلَمَّا وَقعت عَلَيْهَا ذهب فَأَخْبرهَا انها قد حملت بِخَير أهل الأَرْض أخرجه ابْن عَسَاكِر واخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَت امْرَأَة من خثعم تعرض نَفسهَا فِي موسم من المواسم وَكَانَت ذَات جمال وَمَعَهَا ادم تَطوف بِهِ كأنهها تبيعه فَأَتَت على عبد اللّه بن عبد الْمطلب فَلَمَّا رَأَتْهُ أعجبها فعرضت نَفسهَا عَلَيْهِ فَقَالَ مَكَانك حَتَّى ارْجع إِلَيْك فَانْطَلق إِلَى أَهله فَبَدَا لَهُ فواقع أَهله فَحملت بِالنَّبِيِّ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهَا قَالَت وَمن أَنْت قَالَ انا الَّذِي وعدتك قَالَت لَا مَا أَنْت هُوَ وَلَئِن كنت ذَاك لقد رَأَيْت بَين عَيْنَيْك نورا مَا أرَاهُ الْآن وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وابو نعيم عَن ابْن شهَاب قَالَ كَانَ عبد اللّه احسن رجل رُؤِيَ قطّ خرج يَوْمًا على نسَاء قُرَيْش فَقَالَت امْرَأَة مِنْهُنَّ أيتكن تتَزَوَّج بِهَذَا الْفَتى فتصطب النُّور الَّذِي بَين عَيْنَيْهِ فَانِي أرى بَين عَيْنَيْهِ نورا فتزوجته آمِنَة فَحملت برَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم واخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عُرْوَة وَغَيره قَالُوا إِن قتيلة بنت نَوْفَل اخت ورقة بن نَوْفَل كَانَت تنظر وتعتاف فَمر بهَا عبد اللّه فدعته ليستبضع مِنْهَا ولزمت طرف ثَوْبه فَأبى وَقَالَ حَتَّى آتِيك وَخرج سَرِيعا حَتَّى دخل على آمِنَة فَوَقع عَلَيْهَا فَحملت برَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رَجَعَ الى الْمَرْأَة فَوَجَدَهَا تنتظره فَقَالَ لَهَا هَل لَك فِي الَّذِي عرضت عَليّ قَالَت لَا مَرَرْت وَفِي وَجهك نور سَاطِع ثمَّ رجعت وَلَيْسَ فِيهِ ذَلِك النُّور وَفِي لفظ مَرَرْت وَبَين عَيْنَيْك غرَّة مثل غرَّة الْفرس وَرجعت وَلَيْسَ هِيَ فِي وَجهك وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الْمَرْأَة الَّتِي عرضت على عبد اللّه مَا عرضت هِيَ أُخْت ورقة بن نَوْفَل وَقَالَ ابْن سعد انا الْوَاقِدِيّ حَدثنِي عَليّ بن يزِيد عَن عبد اللّه بن وهب بن زَمعَة عَن أَبِيه عَن عمته قَالَت كُنَّا نسْمع ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لما حملت بِهِ آمِنَة كَانَت تَقول مَا شَعرت أَنِّي حملت بِهِ وَلَا وجدت ثقله كَمَا تَجِد النِّسَاء إِلَّا أنني قد أنْكرت رفع حيضتي وَرُبمَا كَانَت ترفع وتعود وأتاني آتٍ وَأَنا بَين النَّائِم وَالْيَقظَان فَقَالَ هَل شَعرت أَنَّك حملت فَأَقُول مَا ادري فَقَالَ انك حملت بِسَيِّد هَذِه الْأمة ونبيها وَذَلِكَ يَوْم الِاثْنَيْنِ ثمَّ امهلني حَتَّى إِذا ادنت ولادتي أَتَانِي ذَلِك الْآتِي فَقَالَ لي قولي أُعِيذهُ بِالْوَاحِدِ من شَرّ كل حَاسِد فَكنت أَقُول ذَلِك فَذكرت ذَلِك لنسائي فَقُلْنَ لي تعلقي عَلَيْك حديدا فِي عضديك وَفِي عُنُقك قَالَت فَفعلت فَلم يكن يتْرك عَليّ إِلَّا أَيَّامًا فأجده قد قطع فَكنت لَا أتعلقه وَأخرج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ قَالَت آمِنَة لقد علقت بِهِ فَمَا وجدت لَهُ مشقة حَتَّى وَضعته واخرج عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ أمرت آمِنَة وَهِي حَامِل برَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ان تسميه أَحْمد وَأخرج أَبُو نعيم عَن بُرَيْدَة وَابْن عَبَّاس قَالَا رَأَتْ آمِنَة فِي منامها فَقيل لَهَا انك قد حملت بِخَير الْبَريَّة وَسيد الْعَالمين فَإِذا ولدتيه فَسَمِّيهِ أحمدا ومحمدا وعلقي عَلَيْهِ هَذِه فانتبهت وَعند رَأسهَا صحيفَة من ذهب مَكْتُوب عَلَيْهَا أُعِيذهُ بِالْوَاحِدِ من شَرّ كل حَاسِد وكل خلق رائد من قَائِم وقاعد عَن السَّبِيل عَائِد على الْفساد جَاهد من نافث اَوْ عَاقد وكل خلق مارد يَأْخُذ بالمراصد فِي طرق الْمَوَارِد أنهاهم عَنهُ بِاللّه الْأَعْلَى واحوطه مِنْهُم بِالْيَدِ الْعليا والكف الَّذِي لَا يرى يَد اللّه فَوق أَيْديهم وحجاب اللّه دون عاديهم لَا يطردوه وَلَا يضروه فِي مقْعد وَلَا مَنَام وَلَا مسير وَلَا مقَام أول اللَّيَالِي وَآخر الْأَيَّام فَائِدَة فِي بَيَان وَفَاة وَالِده صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَسنة يَوْم وَفَاته اخْرُج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب وَغَيره ان وَالِد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَاتَ بِالْمَدِينَةِ مرجعه من الشَّام فِي تِجَارَة وَرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ حمل ولعَبْد اللّه يَوْم توفى خمس وَعِشْرُونَ سنة قَالَ الْوَاقِدِيّ هَذَا أثبت الْأَقَاوِيل وَالرِّوَايَات فِي وَفَاته وسنه فَائِدَة قَالَ الْوَاقِدِيّ الْمَعْرُوف عندنَا وَعند أهل الْعلم ان آمِنَة وَعبد اللّه لم يلدا غير رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بَاب كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل عَام وِلَادَته صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تَشْرِيفًا لَهُ ولبلدهاخْرُج ابْن سعد وَابْن ابي الدُّنْيَا وَابْن عَسَاكِر عَن ابي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ كَانَ قدوم أَصْحَاب الْفِيل لِلنِّصْفِ من الْمحرم فَبين الْفِيل وَبَين مولد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خَمْسُونَ لَيْلَة واخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ اقبل اصحاب الْفِيل حَتَّى إِذا دنوا من مَكَّة اسْتَقْبَلَهُمْ عبد الْمطلب فَقَالَ لملكهم مَا جَاءَ بك إِلَيْنَا أَلا بعثت فنأتيك بِكُل شَيْء أردْت فَقَالَ اخبرت بِهَذَا الْبَيْت الَّذِي لَا يدْخلهُ اُحْدُ إِلَّا أَمن فَجئْت أخيف أَهله فَقَالَ لَهُ إِنَّا نَأْتِيك بِكُل شَيْء تُرِيدُ فَارْجِع فَأبى إِلَّا ان يدْخلهُ وَانْطَلق يسير نَحوه وتخلف عبد الْمطلب فَقَامَ على جبل فَقَالَ لَا أشهد مهلك هَذَا الْبَيْت وَأَهله ثمَّ قَالَ (اللّهمَّ إِن لكل إِلَه حَلَالا فامنع حلالك ... لَا يغلبن محا لَهُم محا لَك) (اللّهمَّ فَإِن فعلت فَأمر مَا بدا لَك ... ) فَأَقْبَلت مثل السحابة من نَحْو الْبَحْر حَتَّى أظلتهم طيرا أبابيل فَجعل الْفِيل يعج عجا فجعلهم كعصف مَأْكُول وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله تَعَالَى {طيرا أبابيل} قَالَ نشأت من قبل الْبَحْر لَهَا مثل رُؤُوس السبَاع لم تَرَ قبل ذَلِك وَلَا بعده فأثرت فِي جُلُودهمْ أَمْثَال الجدري فَأَنَّهُ لأوّل مَا رُؤِيَ الجدري وَأخرج عَن عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ قَالَ لما أَرَادَ اللّه ان يهْلك أَصْحَاب الْفِيل بعث عَلَيْهِم طيرا نشأت من الْبَحْر كَأَنَّهَا الخطاطيف بلق كل طير مِنْهَا مَعَه ثَلَاثَة أَحْجَار فِي منقاره حجر وحجران فِي رجلَيْهِ ثمَّ جَاءَت حَتَّى صفت على رؤوسهم ثمَّ صاحت وَأَلْقَتْ مَا فِي أرجلها ومناقيرها فَمَا من حجر وَقع مِنْهَا على رجل إِلَّا خرج من الْجَانِب الآخر إِن وَقع على رَأسه خرج من دبره وَإِن وَقع على شَيْء من جسده خرج من جَانب آخر وَبعث اللّه ريحًا شَدِيدَة فَضربت أرجلها فزادها شدَّة فأهلكوا جَمِيعًا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ اصحاب الْفِيل حَتَّى نزلُوا الصفاح فَجَاءَهُمْ عبد الْمطلب فَقَالَ إِن هَذَا بَيت اللّه لم يُسَلط اللّه عَلَيْهِ أحدا قَالُوا لَا نرْجِع حَتَّى نهدمه قَالَ وَكَانُوا لَا يقدمُونَ فيلهم إِلَّا تَأَخّر فَدَعَا اللّه الطير الأبابيل فَأَعْطَاهَا حِجَارَة سَوْدَاء عَلَيْهَا الطين فَلَمَّا حاذتهم رَمَتْهُمْ فَمَا بَقِي اُحْدُ مِنْهُم إِلَّا أَخَذته الحكة فَكَانَ لَا يحك انسان مِنْهُم جلده إِلَّا تساقط لَحْمه وَأخرج ابو نعيم عَن وهب قَالَ كَانَت الفيلة مَعَهم فشجع مِنْهَا فيل فحصب فَرَجَعت الفيلة ٢-١بَاب مَا وَقع فِي حفر عبد الْمطلب زَمْزَم من الْآيَاتاخْرُج ابْن اسحاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن ابي طَالب قَالَ بَينا عبد الْمطلب نَائِم فِي الْحجر أُتِي فَقيل لَهُ احْفِرْ برة قَالَ وَمَا برة فَذهب عَنهُ حَتَّى اذا كَانَ الْغَد نَام فِي مضجعه ذَلِك فَأتي فَقيل لَهُ احْفِرْ المضنونة قَالَ وَمَا مضنونة فَذهب عَنهُ حَتَّى إِذا كَانَ الْغَد عَاد فَنَامَ فِي مضجعه ذَلِك فَأتي فَقيل لَهُ احْفِرْ طيبَة قَالَ وَمَا طيبَة فَذهب عَنهُ فَلَمَّا كَانَ الْغَد عَاد لمضجعه فَنَامَ فِيهِ فَأتي فَقيل لَهُ احْفِرْ زَمْزَم قَالَ وَمَا زَمْزَم قَالَ لَا تنزف وَلَا تذم ثمَّ نعت لَهُ موضعهَا فَقَامَ يحْفر حَيْثُ نعت لَهُ فَقَالَت لَهُ قُرَيْش مَا هَذَا يَا عبد الْمطلب قَالَ امرت بِحَفر زَمْزَم فَلَمَّا كشف عَنهُ وبصروا بالطي قَالُوا يَا عبد الْمطلب إِن لنا فِيهَا حَقًا مَعَك إِنَّهَا لشرب أَبينَا إِسْمَاعِيل قَالَ مَا هِيَ لكم لقد خصصت بهَا دونكم قَالُوا تحاكمنا قَالَ نعم قَالُوا بَيْننَا وَبَيْنك كاهنة بني سعد بن هذيم وَكَانَت باشراف الشَّام فَركب عبد الْمطلب فِي نفر من بني أَبِيه وَركب مَعَه من كل بطن من أفناء قُرَيْش نفر وَكَانَت الأَرْض مفاوز فِيمَا بَين الشَّام والحجاز حَتَّى اذا كَانُوا بمفازة من تِلْكَ الْبِلَاد فني مَاء عبد الْمطلب وَأَصْحَابه حَتَّى أيقنوا بالهلكة ثمَّ استسقوا الْقَوْم قَالُوا مَا نستطيع ان نسقيكم وَإِنَّا نَخَاف مثل الَّذِي أَصَابَكُم فَقَالَ عبد الْمطلب لأَصْحَابه مَاذَا ترَوْنَ قَالُوا مَا رَأينَا إِلَّا تبع لرأيك قَالَ فَإِنِّي أرى ان يحْفر كل رجل مِنْكُم حفرته فَكلما مَاتَ رجل مِنْكُم دَفعه أَصْحَابه فِي حفرته حَتَّى يكون آخركم يَدْفَعهُ صَاحبه فضيعة رجل أَهْون من ضَيْعَة جميعكم فَفَعَلُوا ثمَّ قَالُوا وَاللّه إِن القاءنا بِأَيْدِينَا للْمَوْت لَا نضرب فِي الارض ونستقي لَعَلَّ اللّه يسقينا لعجز فَقَالَ لأَصْحَابه ارتحلوا فارتحلوا وارتحل فَلَمَّا جلس على نَاقَته فانبعثت بِهِ انفجرت عُيُون تَحت خفها بِمَاء عذب فَأَنَاخَ وأناخ أَصْحَابه فَشَرِبُوا واستقوا وَسقوا ثمَّ دعوا أَصْحَابهم هلموا إِلَى المَاء فقد سقانا اللّه فَجَاءُوا واستقوا وَسقوا ثمَّ قَالُوا يَا عبد الْمطلب قد وَاللّه قضي لَك ان الَّذِي سقاك المَاء بِهَذِهِ الفلاة لَهو الَّذِي سقاك زَمْزَم إنطلق فَهِيَ لَك فَمَا نَحن بمخاصميك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ اول مَا ذكر من عبد الْمطلب جد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ان قُريْشًا خرجت من الْحرم فارة من أَصْحَاب الْفِيل وأجلت عَنهُ قُرَيْش فَقَالَ وَاللّه لَا اخْرُج من حرم اللّه ابْتغِي الْعِزّ فِي غَيره فَجَلَسَ عِنْد الْبَيْت فَقَالَ اللّهمَّ ان الْمَرْء يمْنَع رَحْله فامنع حلالك فَلم يزل ثَابتا فِي الْحرم حَتَّى أهلك اللّه الْفِيل وَأَصْحَابه فَرَجَعت قُرَيْش وَقد عظم فيهم لِصَبْرِهِ وتعظيمه محارم اللّه فَبينا هُوَ على ذَلِك أُتِي فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ احْفِرْ زَمْزَم خبئة الشَّيْخ الْأَعْظَم فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ اللّهمَّ بَين لي فأري فِي الْمَنَام مرّة أُخْرَى أحفر تكْتم بَين الفرث وَالدَّم فِي مَبْحَث الْغُرَاب الأعصم فِي قَرْيَة النَّمْل مُسْتَقْبلَة الانصاب الْحمر فَقَامَ عبد الْمطلب فَمشى حَتَّى جلس فِي الْمَسْجِد الْحَرَام ينْتَظر مَا سمى لَهُ من الْآيَات فنحرت بقرة بالحزورة فانفلتت من جازرها بحشاشة نَفسهَا حَتَّى غلبها الْمَوْت فِي الْمَسْجِد فِي مَوضِع زَمْزَم فنحرت تِلْكَ الْبَقَرَة فِي مَكَانهَا حَتَّى احْتمل لَحمهَا فَأقبل غراب يهوى حَتَّى وَقع فِي الفرث فبحث عَن قَرْيَة النَّمْل فَقَامَ عبد الْمطلب فحفر هُنَالك فَجَاءَتْهُ قُرَيْش فَقَالَت لَهُ مَا هَذَا الصَّنِيع قَالَ إِنِّي لحافر هَذَا الْبِئْر حَتَّى إِذا امكن الْحفر وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْأَذَى نذر أَن ينْحَر اُحْدُ وَلَده ثمَّ حفر حَتَّى انيط المَاء ثمَّ بنى عَلَيْهَا حوضا يملأه وَيشْرب مِنْهُ الْحَاج فيكسره اناس حسدة من قُرَيْش بِاللَّيْلِ فَيُصْلِحهُ عبد الْمطلب حِين يصبح فَلَمَّا اكثروا إفساده دَعَا عبد الْمطلب ربه فأري فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ قل اللّهمَّ إِنِّي لَا احلها لمغتسل وَلَكِن هِيَ لشارب حل وبل ثمَّ كفيتهم فَقَامَ عبد الْمطلب فنادي بِالَّذِي أرِي ثمَّ انْصَرف فَلم يكن يفْسد حَوْضه عَلَيْهِ أحد إِلَّا رمي فِي جسده بداء حَتَّى تركُوا حَوْضه وسقايته ثمَّ قَالَ اللّهمَّ اني نذرت لَك نحر أحد أَوْلَادِي وَإِنِّي اقرع بَينهم فأصب بذلك من شِئْت فأقرع بَينهم فَصَارَت الْقرعَة على عبد اللّه وَكَانَ احب وَلَده اليه فَقَالَ عبد الْمطلب اللّهمَّ هُوَ احب اليك ام مائَة من الْإِبِل ثمَّ أَقرع بَينه وَبَين الْمِائَة فَكَانَت الْقرعَة على مائَة من الْإِبِل فنحرها مَكَان عبد اللّه وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما رأى عبد الْمطلب قلَّة أعوانه فِي حفر زَمْزَم نذر لَئِن أكمل اللّه لَهُ عشرَة ذُكُور حَتَّى يراهم أَن يذبح احدهم فَلَمَّا تكاملوا عشرَة ذُكُور جمعهم ثمَّ اخبرهم بنذره فَأَجَابُوهُ وَقَالُوا أوف بِنَذْرِك وَافْعل مَا شِئْت فَضرب بَينهم الْقرعَة فَخرجت على عبد اللّه فَأخذ بِيَدِهِ يَقُودهُ إِلَى المذبح وَمَعَهُ المدية فَبكى بَنَات عبد الْمطلب وَقَالَت إِحْدَاهُنَّ اعذر فِي ابْنك بِأَن تضرب فِي إبلك السوائم الَّتِي فِي الْحرم فَضرب عَلَيْهِ وعَلى عشر من الابل وَكَانَت الدِّيَة يَوْمئِذٍ عشرا من الابل فَخرجت على عبد اللّه فَجعل يزِيد عشرا عشرا كل ذَلِك يخرج على عبد اللّه حَتَّى كملت الْمِائَة فَخرجت على الْإِبِل فَكبر عبد الْمطلب وَالنَّاس مَعَه وَقدم الْإِبِل فنحرها وَكَانَ عبد الْمطلب اول من سنّ دِيَة النَّفس مائَة من الْإِبِل فجرت فِي قُرَيْش وَالْعرب وأقرها رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الْحَاكِم وَابْن جرير والأموي فِي مغازيه من طَرِيق الصنَابحِي عَن مُعَاوِيَة قَالَ كُنَّا عِنْد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَجَاءَهُ اعرابي فَقَالَ يَا رَسُول اللّه خلفت الْكلأ يَابسا وَالْمَاء عَابِسا هلك الْعِيَال وَضاع المَال فعد عَليّ مِمَّا أَفَاء اللّه عَلَيْك يَا ابْن الذبيحين فَتَبَسَّمَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَلم يُنكر عَلَيْهِ فَقَالَ الْقَوْم من الذَّبِيحَانِ يَا امير الْمُؤمنِينَ قَالَ إِن عبد الْمطلب لما أَمر بِحَفر زَمْزَم نذر إِن سهل امرها ان ينْحَر بعض بنيه فَلَمَّا فرغ أسْهم بَينهم وَكَانُوا عشرَة فَخرج السهْم على عبد اللّه فَأَرَادَ ان ينحره فَمَنعه اخواله بَنو مَخْزُوم وَقَالُوا ارْض رَبك وَافد ابْنك فَفَدَاهُ بِمِائَة نَاقَة قَالَ مُعَاوِيَة فَهَذَا وَاحِد وَالْآخر إِسْمَاعِيل بَاب مَا ظهر فِي لَيْلَة مولده صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من المعجزات والخصائصأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن حسان بن ثَابت قَالَ إِنِّي لغلام يفعة ابْن سبع سِنِين اَوْ ثَمَان أَعقل مَا رَأَيْت وَسمعت إِذا يَهُودِيّ بِيَثْرِب يصْرخ ذَات غَدَاة على أطمه يَا معشر يهود فَاجْتمعُوا إِلَيْهِ وَأَنا اسْمَع قَالُوا وَيلك مَالك قَالَ طلع نجم أَحْمد الَّذِي ولد بِهِ فِي هَذِه اللَّيْلَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ قَالَ حَدَّثتنِي امي انها شهِدت ولادَة آمِنَة أم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة وَلدته قَالَت فَمَا شَيْء أنظر إِلَيْهِ فِي الْبَيْت إِلَّا نور وَإِنِّي لأنظر الى النُّجُوم تَدْنُو حَتَّى أَنِّي لأقول ليقعن عَليّ فَلَمَّا وضعت خرج مِنْهَا نور أَضَاء لَهُ الْبَيْت وَالدَّار حَتَّى جعلت لَا أرى إِلَّا نورا وَأخرج احْمَد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنِّي عبد اللّه وَخَاتم النَّبِيين وان آدم لَمُنْجَدِل فِي طينته وَسَأُخْبِرُكُمْ عَن ذَلِك دَعْوَة أبي ابراهيم وَبشَارَة عِيسَى ورؤيا امي الَّتِي رَأَتْ وَكَذَلِكَ امهات النَّبِيين يرين وَأَن ام رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم رَأَتْ حِين وَضعته نورا أَضَاءَت لَهُ قُصُور الشَّام وَأخرج ابْن سعد وَاحْمَدْ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وابو نعيم عَن ابي أُمَامَة قَالَ قيل يَا رَسُول اللّه مَا كَانَ بدؤ امرك قَالَ دَعْوَة ابي ابراهيم وبشرى عِيسَى وَرَأَتْ امي حِين حملت انه خرج مِنْهَا نور أَضَاءَت بِهِ قُصُور الشَّام واخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن خَالِد بن معدان عَن اصحاب رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم انهم قَالُوا يَا رَسُول اللّه اُخْبُرْنَا عَن نَفسك فَقَالَ دَعْوَة ابي ابراهيم وبشرى عِيسَى وَرَأَتْ امي حِين حملت كَأَنَّهُ خرج مِنْهَا نور اضاءت لَهُ بصرى من أَرض الشَّام قلت قَوْله حِين حملت هِيَ رُؤْيا نوم وَقعت فِي الْحمل وَأما لَيْلَة الْولادَة فرأت ذَلِك رُؤْيَة عين كَمَا روى ابْن اسحاق كَانَت آمِنَة تحدث انها اتيت حِين حملت فَقيل لَهَا انك قد حملت بِسَيِّد هَذِه الْأمة وَآيَة وَآيَة ذَلِك ان يخرج مَعَه نور يمْلَأ قُصُور بصرى من ارْض الشَّام فاذا وَقع فَسَمِّيهِ مُحَمَّدًا وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس ان آمِنَة قَالَت لقد علقت بِهِ فَمَا وجدت لَهُ مشقة حَتَّى وَضعته فَلَمَّا فصل مني خرج مَعَه نور أَضَاء لَهُ مَا بَين الْمشرق إِلَى الْمغرب ثمَّ وَقع على الأَرْض مُعْتَمدًا على يَدَيْهِ ثمَّ اخذ قَبْضَة من تُرَاب فقبضها وَرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء واخرج ابْن سعد من طَرِيق ثَوْر بن يزِيد عَن ابي الْعَجْفَاء عَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رَأَتْ امي حِين وَضَعتنِي سَطَعَ مِنْهَا نور أَضَاءَت لَهُ قُصُور بصرى وَأخرج ابو نعيم عَن عَطاء بن يسَار عَن ام سَلمَة عَن آمِنَة قَالَت لقد رَأَيْت لَيْلَة وَضعته نورا اضاءت لَهُ قُصُور الشَّام حَتَّى رَأَيْتهَا وَأخرج ابو نعيم عَن بُرَيْدَة عَن مرضعته من بني سعد ان آمِنَة قَالَت رَأَيْت كَأَنَّهُ خرج من فَرجي شهَاب أَضَاء لَهُ الأَرْض حَتَّى رَأَيْت قُصُور الشَّام وَأخرج ابْن سعد أَنا عَمْرو بن عَاصِم الْكلابِي حَدثنَا همام بن يحيى عَن اسحاق بن عبد اللّه ان ام رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَت لما وَلدته خرج من فَرجي نور أَضَاء لَهُ قُصُور الشَّام فولدته نظيفا مَا بِهِ قذر وَوَقع إِلَى الأَرْض وَهُوَ جَالس على الأَرْض بِيَدِهِ وَقَالَ أَنبأَنَا معَاذ الْعَنْبَري ثَنَا ابْن عون عَن ابْن الْقبْطِيَّة فِي مولد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَت امهِ رَأَيْت كَأَن شهابا خرج مني أَضَاءَت لَهُ الأَرْض وَأخرج عَن حسان بن عَطِيَّة ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لما ولد وَقع على كفيه وركبتيه شاخصا بَصَره إِلَى السَّمَاء واخرج عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة عَن أَخِيه قَالَ لما ولد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَوَقع إِلَى الأَرْض وَقع على يَدَيْهِ رَافعا رَأسه إِلَى السَّمَاء وَقبض قَبْضَة من التُّرَاب بِيَدِهِ فَبلغ ذَلِك رجلا من لَهب فَقَالَ لصَاحب الْخَبَر لَئِن صدق هَذَا الفأل ليغلبن هَذَا الْمَوْلُود أهل الأَرْض وَأخرج ابو نعيم عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن امهِ الشِّفَاء بنت عَمْرو بنت عَوْف قَالَت لما ولدت آمِنَة رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَقع على يَدي فَاسْتهلَّ فَسمِعت قَائِلا يَقُول رَحِمك اللّه ورحمك رَبك قَالَت الشِّفَاء فاضاء لي مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب حَتَّى نظرت الى بعض قُصُور الرّوم قَالَت ثمَّ ألبسته وأضجعته فَلم انشب ان غشيتني ظلمَة ورعب وقشعريرة عَن يَمِيني فَسمِعت قَائِلا يَقُول أَيْن ذهبت بِهِ قَالَ الى الْمغرب واسفر ذَلِك عني ثمَّ عاودني الرعب والظلمة والقشعريرة عَن يساري فَسمِعت قَائِلا يَقُول أَيْن ذهبت بِهِ قَالَ الى الْمشرق قَالَت فَلم يزل الحَدِيث مني على بَال حَتَّى ابتعثه اللّه فَكنت فِي أول النَّاس إسلاما وَأخرج ابو نعيم عَن عَمْرو بن قُتَيْبَة قَالَ سَمِعت أبي وَكَانَ من أوعية الْعلم قَالَ لما حضرت ولادَة آمِنَة قَالَ اللّه لملائكته افتحوا ابواب السَّمَاء كلهَا وأبواب الْجنان كلهَا وامر اللّه الْمَلَائِكَة بالحضور فَنزلت تبشر بَعْضهَا بَعْضًا وتطاولت جبال الدُّنْيَا وَارْتَفَعت الْبحار وتباشر أَهلهَا فَلم يبْق ملك إِلَّا حضر وَأخذ الشَّيْطَان فَغَلَّ سبعين غلا وَأُلْقِي منكوسا فِي لجة الْبَحْر الخضراء وغلت الشَّيَاطِين والمردة وألبست الشَّمْس يَوْمئِذٍ نورا عَظِيما وأقيم على رَأسهَا سَبْعُونَ الف حوراء فِي الْهَوَاء ينتظرون ولادَة مُحَمَّد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ قد أذن اللّه تِلْكَ السّنة لِنسَاء الدُّنْيَا أَن يحملن ذُكُورا كَرَامَة لمُحَمد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وان لَا تبقى شَجَرَة إِلَّا حملت وَلَا خوف إِلَّا عَاد أمنا فَلَمَّا ولد النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم امْتَلَأت الدُّنْيَا كلهَا نورا وتباشرت الْمَلَائِكَة وَضرب فِي كل سَمَاء عَمُود من زبرجد وعمود من ياقوت قد استنار بِهِ فَهِيَ مَعْرُوفَة فِي السَّمَاء قد رَآهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْإِسْرَاء قيل هَذَا مَا ضرب لَك استبشارا بولادتك وَقد انبت اللّه لَيْلَة ولد على شاطئ نهر الْكَوْثَر سبعين الف شَجَرَة من الْمسك الأذفر جعلت ثمارها بخور أهل الْجنَّة وكل اهل السَّمَوَات يدعونَ اللّه بالسلامة ونكست الْأَصْنَام كلهَا وَأما اللات والعزى فَإِنَّهُمَا خرجا من خزانتهما وهما يَقُولَانِ وَيْح قُرَيْش جَاءَهُم الْأمين جَاءَهُم الصّديق لَا تعلم قُرَيْش مَاذَا اصابها وَأما الْبَيْت فأياما سمعُوا من جَوْفه صَوتا وَهُوَ يَقُول الْآن يرد عَليّ نوري الْآن يجيئني زواري الْآن أطهر من أنجاس الْجَاهِلِيَّة أيتها الْعُزَّى هَلَكت وَلم تسكن زَلْزَلَة الْبَيْت ثَلَاثَة ايام ولياليهن وَهَذَا اول عَلامَة رَأَتْ قُرَيْش من مولد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ من دلالات حمل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ان كل دَابَّة كَانَت لقريش نطقت تِلْكَ اللَّيْلَة وَقبلت حمل برَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَرب الْكَعْبَة وَهُوَ امان الدُّنْيَا وسراج اهلها وَلم تبْق كاهنة فِي قُرَيْش وَلَا فِي قَبيلَة من قبائل الْعَرَب إِلَّا حجبت عَن صاحبتها وانتزع علم الكهنة مِنْهَا وَلم يبْق سَرِير ملك من مُلُوك الدُّنْيَا إِلَّا أصبح منكوسا وَالْملك مخرسا لَا ينْطق يَوْمه ذَلِك وَمَرَّتْ وَحش الْمشرق إِلَى وَحش الْمغرب بالبشارات وَكَذَلِكَ أهل الْبحار يبشر بَعضهم بَعْضًا لَهُ فِي كل شهر من شهوره نِدَاء فِي الارض ونداء فِي السَّمَاء ان ابشروا فقد آن لأبي الْقَاسِم ان يخرج إِلَى الأَرْض ميمونا مُبَارَكًا قَالَ وَبَقِي فِي بطن أمه تِسْعَة أشهر كملا لَا تَشْكُو وجعا وَلَا ريحًا وَلَا مغصا وَلَا مَا يعرض للنِّسَاء ذَوَات الْحمل وَهلك ابوه عبد اللّه وَهُوَ فِي بطن أمه فَقَالَت الْمَلَائِكَة إلهنا وَسَيِّدنَا بَقِي نبيك هَذَا يَتِيما فَقَالَ اللّه انا لَهُ ولي وحافظ ونصير وتبركوا بمولده فمولده مَيْمُون مبارك وَفتح اللّه لمولده ابواب السَّمَاء وجنانه فَكَانَت آمِنَة تحدث عَن نَفسهَا وَتقول آتَانِي آتٍ حِين مر بِي من حمله سِتَّة اشهر فوكزني بِرجلِهِ فِي الْمَنَام وَقَالَ لي يَا آمِنَة انك قد حملت بِخَير الْعَالمين طرا فَإِذا ولدتيه فَسَمِّيهِ مُحَمَّدًا فَكَانَت تحدث عَن نفَاسهَا وَتقول لقد اخذني مَا يَأْخُذ النِّسَاء وَلم يعلم بِي أحد من الْقَوْم فَسمِعت وجبة شَدِيدَة وامرا عَظِيما فهالني ذَلِك فَرَأَيْت كَأَن جنَاح طير أَبيض قد مسح على فُؤَادِي فَذهب عني كل رعب وكل وجع كنت أجد ثمَّ الْتفت فَإِذا انا بِشَربَة بَيْضَاء لَبَنًا وَكنت عطشى فتناولتها فشربتها فأضاء مني نور عَال ثمَّ رَأَيْت نسْوَة كالنخل الطوَال كأنهن من بَنَات عبد منَاف يحدقن بِي فَبينا أَنا أعجب وَإِذا بديباج أَبيض قد مد بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَإِذا بقائل يَقُول خذوه من اعين النَّاس قَالَت وَرَأَيْت رجَالًا قد وقفُوا فِي الْهَوَاء بِأَيْدِيهِم أَبَارِيق فضَّة وَرَأَيْت قِطْعَة من الطير قد أَقبلت حَتَّى غطت حجري مناقيرها من الزمرد وأجنحتها من اليواقيت فكشف اللّه عَن بَصرِي وأبصرت تِلْكَ السَّاعَة مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا وَرَأَيْت ثَلَاثَة أَعْلَام مضروبات علما فِي الْمشرق وعلما فِي الْمغرب وعلما على ظهر الْكَعْبَة فأخذني الْمَخَاض فَولدت مُحَمَّدًا صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا خرج من بَطْني نظرت إِلَيْهِ فَإِذا أَنا بِهِ سَاجِدا قد رفع إصبعيه كالمتضرع المبتهل ثمَّ رَأَيْت سَحَابَة بَيْضَاء قد اقبلت من السَّمَاء حَتَّى غَشيته فغيب عَن وَجْهي وَسمعت مناديا يُنَادي طوفوا بِمُحَمد شَرق الأَرْض وغربها وأدخلوه الْبحار ليعرفوه باسمه ونعته وَصورته ويعلمون انه سمى فِيهَا الماحي لَا يبْقى شَيْء من الشّرك إِلَّا مُحي فِي زَمَنه ثمَّ تجلت عَنهُ فِي السرع وَقت فَإِذا انا بِهِ مدرج فِي ثوب صوف أَبيض وَتَحْته حريرة خضراء وَقد قبض على ثَلَاثَة مَفَاتِيح من اللُّؤْلُؤ الرطب وَإِذا قَائِل يَقُول قبض مُحَمَّد على مَفَاتِيح النُّصْرَة ومفاتيح الرّيح ومفاتيح النُّبُوَّة ثمَّ أَقبلت سَحَابَة اخرى يسمع مِنْهَا صَهِيل الْخَيل وخفقان الاجنحة حَتَّى غَشيته فغيب عَن عَيْني فَسمِعت مناديا يُنَادي طوفوا بِمُحَمد الشرق والغرب وعَلى مواليد النَّبِيين وأعرضوه على كل روحاني من الْجِنّ والأنس وَالطير وَالسِّبَاع وَأَعْطوهُ صفاء آدم ورقة نوح وخلة ابراهيم ولسان اسماعيل وبشرى يَعْقُوب وجمال يُوسُف وَصَوت دَاوُد وصبر أَيُّوب وزهد يحيى وكرم عِيسَى وأعمروه فِي اخلاق الْأَنْبِيَاء ثمَّ تجلت عَنهُ فَإِذا انا بِهِ قد قبض على حريرة خضراء مطوية وَإِذا قَائِل يَقُول بخ بخ قبض مُحَمَّد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على الدُّنْيَا كلهَا لم يبْق خلق من أَهلهَا إِلَّا دخل فِي قَبضته وَإِذا انا بِثَلَاثَة نفر فِي يَد أحدهم ابريق من فضَّة وَفِي يَد الثَّانِي طست من زمرد أَخْضَر وَفِي يَد الثَّالِث حريرة بَيْضَاء فنشرها فَأخْرج مِنْهَا خَاتمًا تحار أبصار الناظرين دونه فَغسله من ذَلِك الإبريق سبع مَرَّات ثمَّ ختم بَين كَتفيهِ بالخاتم ولفه فِي الحريرة ثمَّ حمله فَأدْخلهُ بَين اجنحته سَاعَة ثمَّ رده إِلَيّ وَأخرج ابو نعيم بِسَنَد ضَعِيف عَن الْعَبَّاس قَالَ لما ولد اخي عبد اللّه وَهُوَ اصغرنا كَانَ فِي وَجهه نور يزهر كنور الشَّمْس فَقَالَ أَبوهُ ان لهَذَا الْغُلَام لشأنا فَرَأَيْت فِي مَنَامِي انه خرج من منخره طَائِر أَبيض فطار فَبلغ الشرق والغرب ثمَّ رَجَعَ حَتَّى سقط على الْكَعْبَة فسجدت لَهُ قُرَيْش كلهَا ثمَّ طَار بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَأتيت كاهنة بني مَخْزُوم فَقَالَت لي لَئِن صدقت رُؤْيَاك ليخرجن من صلبه ولد يصير أهل الْمشرق وَالْمغْرب لَهُ تبعا فَلَمَّا ولدت آمِنَة قلت لَهَا مَا الَّذِي رَأَيْت فِي ولادتك قَالَت لما جَاءَنِي الطلق وَاشْتَدَّ بِي الْأَمر سَمِعت جلبة وكلاما لَا يشبه كَلَام الْآدَمِيّين وَرَأَيْت علما من سندس على قضيب من ياقوت قد ضرب مَا بَين السَّمَاء والارض وَرَأَيْت نورا ساطعا من رَأسه حَتَّى بلغ السَّمَاء وَرَأَيْت قُصُور الشامات كلهَا شعلة نَار وَرَأَيْت قربي سربا من القطاء قد سجدت لَهُ ونشرت أَجْنِحَتهَا وَرَأَيْت تَابِعَة سعيرة الأَسدِية قد مرت وَهِي تَقول مَا لَقِي الْأَصْنَام والكهان من ولدك هَذَا هَلَكت سعيرة وَالْوَيْل للأصنام وَرَأَيْت شَابًّا من اتم النَّاس طولا وأشدهم بَيَاضًا فَأخذ الْمَوْلُود مني فتفل فِي فِيهِ وَمَعَهُ طاس من ذهب فشق بَطْنه شقا ثمَّ اخْرُج قلبه فشقه شقا فَأخْرج مِنْهُ نُكْتَة سَوْدَاء فَرمى بهَا ثمَّ أخرج صرة من حَرِير أَبيض فَفَتحهَا فَإِذا فِيهَا شَيْء كالذريرة الْبَيْضَاء فحشاه ثمَّ أخرج صرة من حَرِير أَبيض فَفَتحهَا فَإِذا فِيهَا خَاتم فَضرب على كتفه كالبيضة وَألبسهُ قَمِيصًا فَهَذَا مَا رَأَيْت قلت هَذَا الاثر والاثر ان قبله فِيهَا نَكَارَة شَدِيدَة وَلم أورد فِي كتابي هَذَا اشد نَكَارَة مِنْهَا وَلم تكن نَفسِي لتطيب بايرادها لكني تبِعت الْحَافِظ أَبَا نعيم فِي ذَلِك وروى الْحَافِظ ابو زَكَرِيَّا يحيى بن عَائِذ فِي مولده عَن ابْن عَبَّاس ان آمِنَة كَانَت تحدث عَن يَوْم ميلاده وَمَا رَأَتْ من الْعَجَائِب قَالَت بَينا أَنا أعجب إِذا بِثَلَاثَة نفر ظَنَنْت ان الشَّمْس تطلع من خلال وجههم بيد أحدهم إبريق فضَّة وَفِي ذَلِك الابريق ريح كريح الْمسك وَفِي يَد الثَّانِي طست من زمردة خضراء عَلَيْهَا أَرْبَعَة نواحي على كل نَاحيَة من نَوَاحِيهَا لؤلؤة بَيْضَاء وَإِذا قَائِل يَقُول هَذِه الدُّنْيَا شرقها وغربها وبرها وبحرها فاقبض يَا حبيب اللّه على اي نَاحيَة شِئْت مِنْهَا قَالَت فَدرت لأنظر ايْنَ قبض من الطست فَإِذا هُوَ قد قبض على وَسطهَا فَسمِعت الْقَائِل يَقُول قبض مُحَمَّد على الْكَعْبَة وَرب الْكَعْبَة اما أَن اللّه قد جعلهَا لَهُ قبْلَة ومسكنا مُبَارَكًا وَرَأَيْت بيد الثَّالِث حريرة بَيْضَاء مطوية طيا شَدِيدا فنشرها فَإِذا فِيهَا خَاتم تحار أبصار الناظرين دونه ثمَّ جَاءَ إِلَيّ فتناوله صَاحب الطست فَغسل بذلك الإبريق سبع مَرَّات ثمَّ ختم بَين كَتفيهِ بالخاتم ختما وَاحِدًا ولفه فِي الحريرة مربوطا عَلَيْهِ بخيط من الْمسك الأذفر ثمَّ حمله فَأدْخلهُ بَين أجنحته سَاعَة قَالَ ابْن عَبَّاس كَانَ ذَلِك رضوَان خَازِن الْجنان وَقَالَ فِي أُذُنه كلَاما لم أفهمهُ وَقَالَ اُبْشُرْ يَا مُحَمَّد فَمَا بَقِي لنَبِيّ علم إِلَّا وَقد أَعْطيته فَأَنت أَكْثَرهم علما وأشجعهم قلبا مَعَك مَفَاتِيح النُّصْرَة قد ألبست الْخَوْف والرعب لَا يسمع اُحْدُ بذكرك إِلَّا وَجل فُؤَاده وَخَافَ قلبه وَإِن لم يَرك يَا خَليفَة اللّه قَالَ ابْن دحْيَة فِي التَّنْوِير هَذَا حَدِيث غَرِيب وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ يَهُودِيّ قد سكن مَكَّة يتجر بهَا فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة الَّتِي ولد فِيهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي مجْلِس من قُرَيْش يَا معشر قُرَيْش هَل ولد فِيكُم اللَّيْلَة مَوْلُود فَقَالَ الْقَوْم وَاللّه مَا نعلمهُ قَالَ احْفَظُوا مَا اقول لكم ولد هَذِه اللَّيْلَة نَبِي هَذِه الْأمة الْأَخِيرَة بَين كَتفيهِ عَلامَة فِيهَا شَعرَات متواترات كَأَنَّهُمْ عرف فرس لَا يرضع لَيْلَتَيْنِ وَذَلِكَ ان عفريتا من الْجِنّ أَدخل اصبعه فِي فَمه فَمَنعه الرَّضَاع فتصدع الْقَوْم من مجلسهم وهم يتعجبون من قَوْله فَلَمَّا صَارُوا إِلَى مَنَازِلهمْ اخبر كل انسان مِنْهُم أَهله فَقَالُوا قد ولد لعبد اللّه بن عبد الْمطلب غُلَام سموهُ مُحَمَّدًا فَالتقى الْقَوْم حَتَّى جَاءُوا الْيَهُودِيّ فأخبروه الْخَبَر قَالَ فاذهبوا معي حَتَّى انْظُر اليه فَخَرجُوا بِهِ حَتَّى أدخلوه على آمِنَة فَقَالَ اخْرُجِي إِلَيْنَا ابْنك فاخرجته وكشفوا لَهُ عَن ظَهره فَرَأى تِلْكَ الشامة فَوَقع الْيَهُودِيّ مغشيا عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاق قَالُوا وَيلك مَا لَك قَالَ وَاللّه ذهبت النُّبُوَّة من بني اسرائيل أفرحتم بِهِ يَا معشر قُرَيْش أما وَاللّه ليسطون بكم سطوة يخرج خَبَرهَا من الْمشرق إِلَى الْمغرب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن ابي الحكم التنوحي قَالَ كَانَ الْمَوْلُود إِذا ولد فِي قُرَيْش دفعوه إِلَى نسْوَة من قُرَيْش الى الصُّبْح فكفأن عَلَيْهِ برمة فَلَمَّا ولد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم دَفعه عبد الْمطلب إِلَى نسْوَة يكفئن عَلَيْهِ برمة فَلَمَّا أصبحن أتين فوجدن البرمة قد انفلقت عَنهُ بِاثْنَتَيْنِ فوجدنه مَفْتُوح الْعَينَيْنِ شاخصا ببصره إِلَى السَّمَاء فأتاهن عبد الْمطلب فَقُلْنَ لَهُ مَا رَأينَا مولودا مثله وَجَدْنَاهُ قد انفلقت عَنهُ البرمة ووجدناه مَفْتُوحًا عينه شاخصا ببصره إِلَى السَّمَاء فَقَالَ احفظنه فَإِنِّي أَرْجُو ان يُصِيب خيرا فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم السَّابِع ذبح عَنهُ ودعا لَهُ قُريْشًا فَلَمَّا أكلُوا قَالُوا يَا عبد الْمطلب مَا سميته قَالَ سميته مُحَمَّدًا قَالُوا فَمَا رغبت بِهِ عَن أَسمَاء اهل بَيْتك قَالَ اردت ان يحمده اللّه فِي السَّمَاء وخلقه فِي الأَرْض وَأخرج ابو نعيم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْمسيب بن شريك عَن مُحَمَّد بن شريك عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ كَانَ بمر الظهْرَان رَاهِب من أهل الشَّام يدعى عيصى وَكَانَ قد آتَاهُ اللّه علما كثيرا وَكَانَ يلْزم صومعة لَهُ وَيدخل مَكَّة فَيلقى النَّاس وَيَقُول انه يُوشك ان يُولد فِيكُم مَوْلُود يَا أهل مَكَّة تدين لَهُ الْعَرَب وَيملك الْعَجم هَذَا زَمَانه فَمن أدْركهُ وَاتبعهُ أصَاب حَاجته وَمن أدْركهُ وَخَالفهُ أَخطَأ حَاجته وتاللّه مَا تركت أَرض الْخمر والخمير والأمن وَلَا حللت أَرض الْبُؤْس والجوع وَالْخَوْف إِلَّا فِي طلبه فَكَانَ لَا يُولد بِمَكَّة مَوْلُود إِلَّا يسْأَل عَنهُ فَيَقُول مَا جَاءَ بعد فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَة الْيَوْم الَّذِي ولد فِيهِ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خرج عبد الْمطلب حَتَّى أَتَى عيصى فَوقف فِي أصل صومعته فناداه فَقَالَ من هَذَا قَالَ انا عبد الْمطلب فاشرف عَلَيْهِ فَقَالَ كن أَبَاهُ فقد ولد ذَلِك الْمَوْلُود الَّذِي كنت احدثكم بِهِ عَنهُ يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَهُوَ يبْعَث يَوْم الِاثْنَيْنِ وَيَمُوت يَوْم الِاثْنَيْنِ وَإِن نجمه طلع البارحة وَآيَة ذَلِك انه الْآن وجع فيشتكي ثَلَاثًا ثمَّ يعافى فاحفظ لسَانك فَإِنَّهُ لم يحْسد حسده اُحْدُ وَلم يبغ على اُحْدُ كَمَا يبغى عَلَيْهِ قَالَ فَمَا عمره قَالَ إِن طَال عمره اَوْ قصر لم يبلغ السّبْعين يَمُوت فِي وتر دونهَا فِي السِّتين فِي إِحْدَى وَسِتِّينَ اَوْ ثَلَاث وَسِتِّينَ أَعمار جلّ امته قَالَ وَحمل برَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْم عَاشُورَاء الْمحرم وَولد يَوْم الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عشرَة خلت من رَمَضَان وَأخرج ابو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ فِي عهد الْجَاهِلِيَّة إِذا ولد لَهُم الْمَوْلُود من تَحت اللَّيْل رَمَوْهُ تَحت الْإِنَاء فَلَا ينظرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى يصبحوا فَلَمَّا ولد النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم طرحوه تَحت البرمة فَلَمَّا أَصْبحُوا اتوا البرمة فَإِذا هِيَ قد انفلقت اثْنَتَيْنِ وَعَيناهُ إِلَى السَّمَاء فعجبوا من ذَلِك وَرفع إِلَى امْرَأَة من بني بكر ترْضِعه فَلَمَّا أَرْضَعَتْه دخل عَلَيْهَا الْخَيْر من كل جَانب وَلها شويهات فَبَارك اللّه فِيهَا فَنمت وزادت وَأخرج ابو نعيم عَن دَاوُد بن أبي هِنْد قَالَ لما ولد النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نارت الظراب لوضعه وَاتَّقَى الارض بكفيه حِين وَقع وَأصْبح يتَأَمَّل السَّمَاء بِعَيْنِه وكفئوا عَلَيْهِ برمة ضخمة فانفلقت عَنهُ فلقَتَيْنِ وَأخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لما وَلدته أمه وَضعته تَحت برمة فانفلقت عَنهُ قَالَت فَنَظَرت إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ قد شقّ بَصَره ينظر إِلَى السَّمَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره عَن عِكْرِمَة قَالَ لما ولد النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أشرقت الارض نورا وَقَالَ إِبْلِيس لقد ولد اللَّيْلَة ولد يفْسد علينا أمرنَا فَقَالَ لَهُ جُنُوده فَلَو ذهبت اليه فخبلته فَلَمَّا دنا من النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بعث اللّه جبرئيل فركضه ركضة فَوَقع بعدن وَأخرج الزبير بن بكار وَابْن عَسَاكِر عَن مَعْرُوف بن خَرَّبُوذ قَالَ كَانَ ابليس يخرق السَّمَوَات السَّبع فَلَمَّا ولد عِيسَى حجب من ثَلَاث سموات فَكَانَ يصل إِلَى أَربع فَلَمَّا ولد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حجب من السَّبع قَالَ وَولد يَوْم الِاثْنَيْنِ حِين طلع الْفجْر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم والخرائطي فِي الهواتف وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق أبي أَيُّوب يعلى بن عمرَان البَجلِيّ عَن مَخْزُوم بن هاني المَخْزُومِي عَن ابيه وَأَتَتْ لَهُ مائَة وَخَمْسُونَ سنة قَالَ لما كَانَت اللَّيْلَة الَّتِي ولد فِيهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ارتجس إيوَان كسْرَى وَسَقَطت مِنْهُ أَرْبَعَة عشرَة شرفة وخمدت نَار فَارس وَلم تخمد قبل ذَلِك ألف عَام وغاضت بحيرة ساوة فَلَمَّا أصبح كسْرَى أفزعه ذَلِك فتصبر عَلَيْهِ تشجعا فَلَمَّا عيل صبره رأى أَن لَا يستر ذَلِك عَن وزرائه فَلبس تاجه وَقعد على سَرِيره وجمعهم إِلَيْهِ واخبرهم بِمَا رأى فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ ورد عَلَيْهِ الْكتاب بخمود النَّار فازداد غما إِلَى غمه فَقَالَ لَهُ الموبذان وَأَنا أصلح اللّه الْملك رَأَيْت فِي هَذِه اللَّيْلَة إبِلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت فِي بلادها فَقَالَ أَي شَيْء يكون يَا موبذان قَالَ حَادث يكون من نَاحيَة الْعَرَب فَكتب كسْرَى إِلَى النُّعْمَان بن الْمُنْذر أما بعد فَوجه إِلَيّ بِرَجُل عَالم بِمَا أُرِيد أَن أسأله عَنهُ فَوجه اليه بِعَبْد الْمَسِيح بن عَمْرو ابْن حسان الغساني فَلَمَّا ورد عَلَيْهِ قَالَ لَهُ الْملك أَلَك علم بِمَا أُرِيد أَن أَسأَلك عَنهُ قَالَ ليخبرني الْملك فان كَانَ عِنْدِي مِنْهُ علم وَإِلَّا أخْبرته بِمن يُعلمهُ فَأخْبرهُ قَالَ علم ذَلِك عِنْد خَال لي يسكن مشارف الشَّام يُقَال لَهُ سطيح قَالَ فأته فَاسْأَلْهُ فَخرج عبد الْمَسِيح حَتَّى انْتهى إِلَى سطيح وَقد اشفى على الضريح فَسلم عَلَيْهِ فَلَمَّا سمع سطيح سَلَامه رفع رَأسه وَقَالَ عبد الْمَسِيح على جمل مشيح أقبل إِلَى سطيح وَقد أوفى على الضريح بَعثك ملك بني ساسان لارتجاس الإيوان وخمود النيرَان ورؤيا الموبذان رأى إبِلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت فِي بلادها يَا عبد الْمَسِيح إِذا كثرت التِّلَاوَة وَظهر صَاحب الهراوة وفاض وَادي السماوة وغاضت بحيرة ساوة وخمدت نَار فَارس فَلَيْسَ الشَّام لسطيح شاما يملك مِنْهُم مُلُوك وملكات على عدد الشرفات وكل مَا هُوَ آتٍ آتٍ ثمَّ قضى سطيح مَكَانَهُ فَأتى عبد الْمَسِيح إِلَى كسْرَى فَأخْبرهُ فَقَالَ إِلَى ان يملك منا أَرْبَعَة عشر ملكا كَانَت أُمُور وَأُمُور فَملك مِنْهُم عشرَة فِي أَربع سِنِين وَملك الْبَاقُونَ إِلَى خلَافَة عُثْمَان قَالَ ابْن عَسَاكِر حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مَخْزُوم عَن أَبِيه تفرد بِهِ أَبُو أَيُّوب البَجلِيّ هَكَذَا قَالَ فِي تَرْجَمَة سطيح فِي تَارِيخه وَقَالَ فِي تَرْجَمَة عبد الْمَسِيح بعد ان اخرجه من هَذَا الطَّرِيق وَرَوَاهُ مَعْرُوف بن خَرَّبُوذ عَن بشر بن تيم الْمَكِّيّ قَالَ لما كَانَت اللَّيْلَة الَّتِي ولد فِيهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَذكر نَحوه قلت وَمن هَذَا الطَّرِيق أخرجه عَبْدَانِ فِي كتاب الصَّحَابَة وَقَالَ ابْن حجر فِي الاصابة انه مُرْسل وَأخرج الخرائطي فِي الهواتف وَابْن عَسَاكِر عَن عُرْوَة ان نَفرا من قُرَيْش مِنْهُم ورقة بن نَوْفَل وَزيد بن عَمْرو بن نفَيْل وَعبيد اللّه بن جحش وَعُثْمَان بن الْحُوَيْرِث كَانُوا عِنْد صنم لَهُم يَجْتَمعُونَ إِلَيْهِ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ لَيْلَة فرأوه مكبوبا على وَجهه فانكروا ذَلِك فَأَخَذُوهُ فَردُّوهُ إِلَى حَاله فَلم يلبث ان انْقَلب انقلابا عنيفا فَردُّوهُ إِلَى حَاله فَانْقَلَبَ الثَّالِثَة فَقَالَ عُثْمَان بن الْحُوَيْرِث إِن هَذَا لأمر قد حدث وَذَلِكَ فِي اللَّيْلَة الَّتِي ولد فِيهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَجعل عُثْمَان يَقُول شعرًا (أيا صنم الْعِيد الَّذِي صف حوله ... صَنَادِيد وَفد من بعيد وَمن قرب) (تنكس مقلوبا فَمَا ذَاك قل لنا ... أأذاك شَيْء أم تنكس للعب) (فَإِن كَانَ من ذَنْب أسأنا فإننا ... نبوء باقرار ونلوي عَن الذَّنب) (وَإِن كنت مَغْلُوبًا تنكست صاغرا ... فَمَا أَنْت فِي الْأَوْثَان بالسيد الرب) قَالَ فاخذوا الصَّنَم فَردُّوهُ إِلَى حَاله فَلَمَّا اسْتَوَى هتف بهم هَاتِف من الصَّنَم بِصَوْت جهير وَهُوَ يَقُول (تردى لمولود أنارت بنوره ... جَمِيع فجاج الأَرْض بالشرق والغرب) (وخرت لَهُ الْأَوْثَان طرا وأرعدت ... قُلُوب مُلُوك الأَرْض طرا من الرعب) (ونار جَمِيع الْفرس باخت وأظلمت ... وَقد بَات شاه الْفرس فِي أعظم الكرب) (وصدت عَن الْكُهَّان بِالْغَيْبِ جنها ... فَلَا مخبر مِنْهُم بِحَق وَلَا كذب) (فيالقصي ارْجعُوا عَن ضلالكم ... وهبوا إِلَى الْإِسْلَام والمنزل الرحب) واخرج الخرائطي من طَرِيق هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن جدته اسماء بنت ابي بكر قَالَت كَانَ زيد بن عَمْرو بن نفَيْل وورقة بن نَوْفَل يذكران انهما اتيا النَّجَاشِيّ بعد رُجُوع أَبْرَهَة من مَكَّة قَالَا فَلَمَّا دَخَلنَا عَلَيْهِ قَالَ أصدقاني أَيهَا القرشيان هَل ولد فِيكُم مَوْلُود أَرَادَ أَبوهُ ذبحه فَضرب عَلَيْهِ بِالْقداحِ فَسلم ونحرت عَنهُ جمال كَثِيرَة قُلْنَا نعم قَالَ فَهَل لَكمَا علم بِهِ مَا فعل قُلْنَا تزوج امْرَأَة يُقَال لَهَا آمِنَة تَركهَا حَامِلا وَخرج قَالَ فَهَل تعلمان ولدت أم لَا قَالَ ورقة اخبرك ايها الْملك اني لَيْلَة قد بت عِنْد وثن لنا إِذْ سَمِعت من جَوْفه هاتفا يَقُول (ولد النَّبِي فذلت الْأَمْلَاك ... ونأى الضلال وَأدبر الْإِشْرَاك) ثمَّ انتكس الصَّنَم على رَأسه فَقَالَ زيد عِنْدِي كخبره ايها الْملك إِنِّي فِي مثل هَذِه اللَّيْلَة خرجت حَتَّى اتيت جبل ابي قبيس إِذْ رَأَيْت رجلا ينزل من السَّمَاء لَهُ جَنَاحَانِ أخضران فَوقف على أبي قبيس ثمَّ اشرف على مَكَّة فَقَالَ ذل الشَّيْطَان وَبَطلَت الْأَوْثَان وَولد الْأمين ثمَّ نشر ثوبا مَعَه وأهوى بِهِ نَحْو الْمشرق وَالْمغْرب فرأيته قد جلل مَا تَحت السَّمَاء وسطع نور كَاد يخطف بَصرِي وهالني مَا رَأَيْت وخفق الْهَاتِف بجناحيه حَتَّى سقط على الْكَعْبَة فسطع لَهُ نور أشرقت لَهُ تهَامَة وَقَالَ زكتْ الارض وَأَدت ريعها وأومى إِلَى الْأَصْنَام الَّتِي كَانَت على الْكَعْبَة فَسَقَطت كلهَا قَالَ النَّجَاشِيّ ويحكما أخبركما عَمَّا أصابني إِنِّي لنائم فِي اللَّيْلَة الَّتِي ذكرتما فِي قبتي وَقت خلوتي إِذْ خرج عَليّ من الأَرْض عنق وَرَأس وَهُوَ يَقُول حل الويل بأصحاب الْفِيل رَمَتْهُمْ طير أبابيل بحجارة من سجيل هلك الْأَثْرَم المعتدي المجرم ولد النَّبِي الامي الحرمي الْمَكِّيّ من أَجَابَهُ سعد وَمن أَبَاهُ عِنْد ثمَّ دخل الأَرْض فَغَاب فَذَهَبت أصيح فَلم أطق الْكَلَام ورمت الْقيام فَلم أطق الْقيام فَأَتَانِي اهلي فَقلت احجبوا عني الْحَبَشَة فحجبوهم عني ثمَّ اطلق عَن لساني ورجلي بَاب الْآيَة فِي وِلَادَته صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مختونا مَقْطُوع السِّرّأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم والخطيب وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن انس عَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم انه قَالَ من كَرَامَتِي على رَبِّي اني ولدت مختونا وَلم ير أحد سوأتي وَصَححهُ الضياء فِي المختارة وَقَالَ ابْن سعد أَنا يُونُس بن عَطاء الْمَكِّيّ حَدثنِي الحكم بن أبان الْعَدنِي حَدثنَا عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس عَن أَبِيه الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ ولد النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مختونا مَسْرُورا واعجب ذَلِك عبد الْمطلب وحظي عِنْده وَقَالَ لَيَكُونن لِابْني هَذَا شَأْن فَكَانَ لَهُ شَأْن أخرجه الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ ولد النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَسْرُورا مختونا واخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابي هُرَيْرَة ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ولد مختونا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر قَالَ ولد النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَسْرُورا مختونا قَالَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك تَوَاتَرَتْ الْأَحَادِيث أَنه ولد مختونا وَفِي الوشاح لِابْنِ دُرَيْد قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ بلغنَا عَن كَعْب الاحبار انه قَالَ نجد فِي بعض كتبنَا ان آدم خلق مختونا واثني عشر نَبيا من بعده من وَلَده خلقُوا مختتنين آخِرهم مُحَمَّد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وشيث وَإِدْرِيس ونوح وسام وَلُوط ويوسف ومُوسَى وَسليمَان وَشُعَيْب وَيحيى وَهود وَصَالح صلى اللّه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن ابي بكرَة أَن جبرئيل ختن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حِين طهر قلبه بَاب مناغاته صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم للقمر وَهُوَ فِي مهدهوَأخرج الْبَيْهَقِيّ والصابوني فِي المأتين والخطيب وَابْن عَسَاكِر فِي تاريخيهما عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ قلت يَا رَسُول اللّه دَعَاني إِلَى الدُّخُول فِي دينك امارة لنبوتك رَأَيْتُك فِي المهد تناغي الْقَمَر وتشير إِلَيْهِ باصبعك فَحَيْثُ اشرت اليه مَال قَالَ إِنِّي كنت احدثه ويحدثني ويلهيني عَن الْبكاء واسمع وجبته حِين يسْجد تَحت الْعَرْش قَالَ الْبَيْهَقِيّ تفرد بِهِ أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الجيلي وَهُوَ مَجْهُول وَقَالَ الصَّابُونِي هَذَا حَدِيث غَرِيب الْإِسْنَاد والمتن فِي المعجزات حسن بَاب كَلَامه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي المهدقَالَ الْحَافِظ ابو الْفضل بن حجر فِي شرح البُخَارِيّ فِي سير الْوَاقِدِيّ أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تكلم اوائل مَا ولد وَذكر ابْن سبع فِي الخصائص ان مهده كَانَ يَتَحَرَّك بتحريك الْمَلَائِكَة وَأَن أول كَلَام تكلم بِهِ أَن قَالَ أللّه أكبر كَبِيرا وَالْحَمْد للّه كثيرا بَاب مَا ظهر فِي زمَان رضاعه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من الْآيَات والمعجزاتاخْرُج ابْن اسحاق وَابْن رَاهَوَيْه وابو يعلي وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وابو نعيم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عبد اللّه بن جَعْفَر بن ابي طَالب قَالَ حدثت عَن حليمة بنت الْحَارِث ام رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي ارضعته قَالَت قدمت مَكَّة فِي نسْوَة من بني سعد بن بكر نلتمس الرضعاء فِي سنة شهباء فَقدمت على أتان لي وَمَعِي صبي لنا وشارف لنا وَاللّه مَا تبض بقطرة وَمَا ننام ليلنا ذَلِك أجمع مَعَ صبينا ذَاك لَا يجد فِي ثديي مَا يُغْنِيه وَلَا فِي شارفنا مَا يغذيه فقدمنا مَكَّة فوَاللّه مَا علمت منا امْرَأَة الا وَقد عرض عَلَيْهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فتأباه إِذا قيل انه يَتِيم فوَاللّه مَا بَقِي من صواحبي امْرَأَة إِلَّا أخذت رضيعا غَيْرِي فَلَمَّا لم أجد غَيره قلت لزوجي وَاللّه إِنِّي لأكْره ان أرجع من بَين صواحبي لَيْسَ معي رَضِيع لأنطلقن إِلَى ذَلِك الْيَتِيم فلآخذنه فَذَهَبت فَأَخَذته فَمَا هُوَ إِلَّا ان أَخَذته فَجئْت بِهِ رحلي فَأقبل عَلَيْهِ ثدياي بِمَا شَاءَ من لبن فَشرب حَتَّى رُوِيَ وَشرب أَخُوهُ حَتَّى رُوِيَ وَقَامَ صَاحِبي إِلَى شارفنا تِلْكَ فَإِذا انها لحافل فَحلبَ مَا شرب وشربت حَتَّى روينَا وبتنا بِخَير لَيْلَة فَقَالَ صَاحِبي يَا حليمة وَاللّه إِنِّي لأرَاك قد أخذت نسمَة مباركة ألم تري مَا بتنا بِهِ اللَّيْلَة من الْخَيْر وَالْبركَة حِين أخذناه فَلم يزل اللّه يزيدنا خيرا ثمَّ خرجنَا رَاجِعين إِلَى بِلَادنَا فوَاللّه لَقطعت أَتَانِي بالركب حَتَّى مَا يتَعَلَّق بهَا حمَار حَتَّى ان صواحباتي يقلن وَيلك أهذي أتانك الَّذِي خرجت عَلَيْهَا مَعنا فَأَقُول نعم وَاللّه انها لهي فيقلن وَاللّه إِن لَهَا لشأنا حَتَّى قدمنَا أَرض بني سعد وَمَا أعلم أَرضًا من أَرض اللّه أجدب مِنْهَا فَإِن كَانَت غنمي لتسرح ثمَّ تروح شباعا لَبَنًا فَنحْن وماشيتنا وَمَا حولنا أحد تبض لَهَا شَاة بقطرة لبن وَأَن اغنامهم لتروح جياعا حَتَّى أَنهم ليقولون لرعائهم وَيحكم انْظُرُوا حَيْثُ تسرح غنم حليمة فاسرحوا مَعهَا فَيسرحُونَ مَعَ غنمي حَيْثُ تسرح فيروحون أغنامهم جياعا مَا فِيهَا قَطْرَة لبن وَتَروح غنمي شباعا لَبَنًا فَلم يزل اللّه يرينا الْبركَة ونتعرفها حَتَّى بلغ سنتَيْن فَكَانَ يشب شبَابًا لَا يشبه الغلمان فوَاللّه مَا بلغ السنتين حَتَّى كَانَ غُلَاما جفرا فقدمنا بِهِ إِلَى امهِ وَنحن أضن شَيْء بِهِ مِمَّا رَأينَا فِيهِ من الْبركَة فَلَمَّا رَأَتْهُ امهِ قُلْنَا لَهَا يَا ظئر دعينا نرْجِع بإبننا هَذِه السّنة الْأُخْرَى فَإنَّا نخشى عَلَيْهِ وباء مَكَّة فوَاللّه مَا زلنا بهَا حَتَّى قَالَت نعم فسرحته مَعنا فَأَقَمْنَا بِهِ شَهْرَيْن اَوْ ثَلَاثَة فَبَيْنَمَا هُوَ خلف بُيُوتنَا مَعَ أَخ لَهُ من الرضَاعَة فِي بهم لنا جَاءَنَا اخوه يشْتَد فَقَالَ ذَاك اخي الْقرشِي قد جَاءَهُ رجلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَاب بَيَاض فاضجعاه فشقا بَطْنه فَخرجت أَنا وَأَبوهُ نشتد نَحوه فنجده قَائِما منتقعا لَونه فاعتنقه ابوه وَقَالَ أَي بني مَا شَأْنك قَالَ جَاءَنِي رجلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَاب بَيَاض فأضجعاني فشقا بَطْني ثمَّ استخرجا مِنْهُ شَيْئا فطرحاه ثمَّ رداه كَمَا كَانَ فرجعنا بِهِ مَعنا فَقَالَ ابوه يَا حليمة لقد خشيت ان يكون ابْني قد أُصِيب فانطلقي بِنَا نرده إِلَى أَهله قبل ان يظْهر بِهِ مَا نتخوف قَالَت حليمة فاحتملناه حَتَّى قدمنَا بِهِ إِلَى أمه فَقَالَت مَا ردكما بِهِ فقد كنتما عَلَيْهِ حريصين قُلْنَا نخشى الْإِتْلَاف والاحداث فَقَالَت مَاذَا بكما فأصدقاني شأنكما فَلم تدعنا حَتَّى اخبرناها خَبره قَالَت أخشيتما عَلَيْهِ الشَّيْطَان كلا وَاللّه مَا للشَّيْطَان عَلَيْهِ سَبِيل وانه لكائن لإبني هَذَا شَأْن إِلَّا أخبركما خَبره قُلْنَا بلَى قَالَت حملت بِهِ فَمَا حملت حملا قطّ أخف مِنْهُ فَأريت فِي النّوم حِين حملت بِهِ أَنه خرج مني نور أَضَاءَت لَهُ قُصُور الشَّام ثمَّ وَقع حِين وَلدته وَقعا مَا يقعه الْمَوْلُود مُعْتَمدًا على يَدَيْهِ رَافعا رَأسه إِلَى السَّمَاء فَدَعَاهُ عنكما وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الْغلابِي عَن يَعْقُوب بن جَعْفَر بن سُلَيْمَان عَن عَليّ بن عبد اللّه بن عَبَّاس عَن أَبِيه عَن جده قَالَ كَانَت حليمة تحدث أَنَّهَا لما فطمت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تكلم فَقَالَ اللّه اكبر كَبِيرا وَالْحَمْد للّه كثيرا وَسُبْحَان اللّه بكرَة وَأَصِيلا فَلَمَّا ترعرع كَانَ يخرج فَينْظر إِلَى الصّبيان يَلْعَبُونَ فيتجنبهم فَقَالَ لي يَوْمًا يَا أُمَّاهُ مَا لي لَا أرى اخوتي بِالنَّهَارِ قلت فدتك نَفسِي يرعون غنما لنا فيروحون من ليل إِلَى ليل قَالَ ابعثيني مَعَهم فَكَانَ يخرج مَسْرُورا وَيرجع مَسْرُورا فَلَمَّا كَانَ يَوْمًا من ذَلِك خَرجُوا فَلَمَّا انتصف النَّهَار إِذا بِابْني ضَمرَة يعدو فَزعًا وجبينه يرشح باكيا يُنَادي يَا أَبَت وَيَا أمه إلحقا أخي مُحَمَّد فَمَا تلحقانه إِلَّا مَيتا قُلْنَا وَمَا قصَّته قَالَ بَينا نَحن قيام إِذْ أَتَاهُ رجل فاختطفه من أوساطنا وَعلا بِهِ ذرْوَة الْجَبَل وَنحن نَنْظُر إِلَيْهِ حَتَّى شقّ من صَدره إِلَى عانته وَلَا أَدْرِي مَا فعل بِهِ فَأَقْبَلت أَنا وَأَبوهُ نسعى سعيا فَإِذا نَحن بِهِ قَاعد على ذرْوَة الْجَبَل شاخصا ببصره إِلَى السَّمَاء يبتسم ويضحك فأكببت عَلَيْهِ وَقبلت مَا بَين عَيْنَيْهِ وَقلت فدتك نَفسِي مَا الَّذِي دهاك قَالَ خيرا يَا اماه بَينا انا السَّاعَة قَائِم إِذْ أَتَانِي رَهْط ثَلَاثَة بيد احدهم ابريق فضَّة وَفِي يَد الثَّانِي طست من زمردة خضراء ملأى ثلجا فأخذوني فَانْطَلقُوا بِي إِلَى ذرْوَة الْجَبَل فأضجعوني على الْجَبَل إضجاعا لطيفا ثمَّ شقّ احدهم من صَدْرِي إِلَى عانتي وَأَنا أنظر إِلَيْهِ فَلم اجد لذَلِك حسا وَلَا ألما ثمَّ ادخل يَده فِي جوفي فَأخْرج احشاء بَطْني فغسلها بذلك الثَّلج فأنعم غسلهَا ثمَّ أَعَادَهَا وَقَامَ الثَّانِي فَقَالَ للْأولِ تَنَح فقد أنجزت مَا أَمرك اللّه بِهِ فَدَنَا مني فَأدْخل يَده فِي جوفي فَانْتزع قلبِي وَشقه فَأخْرج مِنْهُ نُكْتَة سَوْدَاء مَمْلُوءَة بِالدَّمِ فَرمى بهَا فَقَالَ هَذَا حَظّ الشَّيْطَان مِنْك يَا حبيب اللّه ثمَّ حشاه بِشَيْء كَانَ مَعَه ورده مَكَانَهُ ثمَّ خَتمه بِخَاتم من نور فَأَنا السَّاعَة أجد برد الْخَاتم فِي عروقي ومفاصلي وَقَامَ الثَّالِث فَقَالَ تنحيا فقد انجزتما مَا أمركما اللّه بِهِ فِيهِ ثمَّ دنا مني فَأمر يَده من مفرق صَدْرِي إِلَى مُنْتَهى عانتي وَقَالَ زنوه من أمته بِعشْرَة فوزنوني فرجحتهم ثمَّ قَالَ دَعوه فَلَو وزنتموه بأمته كلهَا لرجح بهم ثمَّ اخذ بيَدي فانهضني إنهاضا لطيفا فأكبوا عَليّ وقبلوا رَأْسِي وَمَا بَين عَيْني وَقَالُوا يَا حبيب اللّه لن تراع وَلَو تَدْرِي مَا يُرَاد بك من الْخَيْر لقرت عَيْنَاك وتركوني قَاعِدا فِي مَكَاني هَذَا ثمَّ جعلُوا يطيرون حَتَّى دخلُوا حِيَال السَّمَاء قَالَت فاحتملته فَأتيت بِهِ منَازِل بني سعد فَقَالَ النَّاس اذْهَبُوا بِهِ إِلَى الكاهن حَتَّى ينظر إِلَيْهِ ويداويه فَقَالَ مَا بِي شَيْء مِمَّا تذكرُونَ إِنِّي ارى نَفسِي سليمَة وفؤادي صَحِيح فَقَالَ لي النَّاس اصابه لمَم أَو طائف من الْجِنّ فغلبوني على رَأْيِي فَانْطَلَقت بِهِ الى الكاهن فقصصت عَلَيْهِ الْقِصَّة قَالَ دعيني انا اسْمَع مِنْهُ فَإِن الْغُلَام أبْصر بأَمْره مِنْكُم تكلم يَا غُلَام فَقص قصَّته من أَولهَا إِلَى آخرهَا فَوَثَبَ الكاهن قَائِما على قَدَمَيْهِ ونادى بِأَعْلَى صَوته يَا للْعَرَب من شَرّ قد اقْترب اقْتُلُوا هَذَا الْغُلَام واقتلوني مَعَه فَإِنَّكُم إِن تَرَكْتُمُوهُ وَأدْركَ مدرك الرِّجَال ليسفهن أحلامكم وليكذبن أديانكم وليدعونكم إِلَى رب لَا تعرفونه وَدين تُنْكِرُونَهُ قَالَت فَلَمَّا سَمِعت مقَالَته انتزعته من يَده وَقلت لأَنْت أعته مِنْهُ وأجن وَلَو علمت أَن هَذَا يكون من قَوْلك مَا أَتَيْتُك بِهِ أطلب لنَفسك من يقتلك فَإنَّا لَا نقْتل مُحَمَّدًا فاحتملته فَأتيت منزلي فَمَا أتيت بِهِ منزلا من منَازِل بني سعد إِلَّا وَقد شممنا مِنْهُ ريح الْمسك وَكَانَ فِي كل يَوْم ينزل عَلَيْهِ رجلَانِ أبيضان فيغيبان فِي ثِيَابه وَلَا يظهران فَقَالَ النَّاس رديه يَا حليمة على جده وأخرجي من أمانتك قَالَت فعزمت على ذَلِك فَسمِعت مناديا يُنَادي هَنِيئًا لَك يَا بطحاء مَكَّة الْيَوْم الْيَوْم يرد عَلَيْك النُّور وَالدّين والبهاء والكمال فقد أمنت ان تخذلي اَوْ تخزي أَبَد الآبدين قَالَت حليمة وَحدثت عبد الْمطلب بحَديثه كُله فَقَالَ يَا حليمة إِن لِابْني هَذَا شَأْنًا وددت أَنِّي أدْرك ذَلِك الزَّمَان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الزُّهْرِيّ ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي حجر جده عبد الْمطلب فاسترضعته امْرَأَة من بني سعد فَنزلت بِهِ سوق عكاظ فَرَآهُ كَاهِن من الْكُهَّان فَقَالَ يَا اهل عكاظ اقْتُلُوا هَذَا الْغُلَام فَإِن لَهُ ملكا فزاغت بِهِ أمه الَّتِي ترْضِعه فأنجاه اللّه ثمَّ شب عِنْدهَا حَتَّى إِذا سعى وَأُخْته من الرضَاعَة تحضنه جَاءَت أُخْته فَقَالَت يَا امتاه اني رَأَيْت رهطا اخذوا أخي الْقرشِي آنِفا فشقوا بَطْنه فَقَامَتْ امهِ فزعة حَتَّى أَتَتْهُ فَإِذا هُوَ جَالس منتقع لَونه لَا ترى عِنْده أحدا فارتحلت بِهِ حَتَّى أقدمته على أمه فَقَالَت لَهَا اقبضي عني ابْنك فَإِنِّي قد خشيت عَلَيْهِ فَقَالَت أمه لَا وَاللّه مَا بإبني مِمَّا تَخَافِينَ لقد رَأَيْته وَهُوَ فِي بَطْني أَنه خرج مُعْتَمدًا على يَدَيْهِ رَافعا رَأسه إِلَى السَّمَاء فافتصلت أمه وجده عبد الْمطلب ثمَّ توفيت امهِ فَيتم فِي حجر جده فَكَانَ وَهُوَ غُلَام يَأْتِي وسَادَة جده فيجلس عَلَيْهَا فَيخرج جده وَقد كبر فَتَقول الْجَارِيَة الَّتِي تقود جده إنزل عَن وسَادَة جدك فَيَقُول عبد الْمطلب دعوا ابْني فانه يحس بِخَير فَتوفي جده فَكَفَلَهُ ابو طَالب فَلَمَّا ناهز الْحلم ارتحل بِهِ أَبُو طَالب تَاجِرًا قبل الشَّام فَلَمَّا نزل تيماء رَآهُ حبر من الْيَهُود فَقَالَ لأبي طَالب مَا هَذَا الْغُلَام مِنْك قَالَ هُوَ ابْن اخي قَالَ أشفيق انت عَلَيْهِ قَالَ نعم قَالَ فوَاللّه لَئِن قدمت الشَّام لَيَقْتُلَنهُ الْيَهُود إِن هَذَا عدوهم فَرجع بِهِ أَبُو طَالب إِلَى مَكَّة وَأخرج ابو يعلى وابو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن شَدَّاد بن أَوْس أَن رجلا من بني عَامر سَأَلَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَا حَقِيقَة أَمرك فَقَالَ بدؤ شأني أَنِّي دَعْوَة إِبْرَاهِيم وبشرى أخي عِيسَى واني كنت بكر أُمِّي وَأَنَّهَا حملت بِي كأثقل مَا تحمل النِّسَاء وَجعلت تَشْتَكِي الى صواحبها ثقل مَا تَجِد ثمَّ ان امي رَأَتْ فِي منامها أَن الَّذِي فِي بَطنهَا نور وَقَالَت فَجعلت أتبع بَصرِي النُّور يسْبق بَصرِي حَتَّى اضاءت لي مَشَارِق الارض وَمَغَارِبهَا ثمَّ انها ولدتني فَنَشَأَتْ فَلَمَّا نشأت بغضت إِلَيّ أوثان قُرَيْش وبغض إِلَيّ الشّعْر فَكنت مسترضعا فِي بني لَيْث بن بكر فَبَيْنَمَا انا ذَات يَوْم منتبذ من أَهلِي فِي بطن وَاد مَعَ أتراب لي من الصّبيان إِذا انا برهط ثَلَاثَة مَعَهم طست من ذهب مَلِيء ثلجا فأخذوني من بَين أَصْحَابِي وَانْطَلق الصّبيان هرابا مُسْرِعين إِلَى الْحَيّ فَعمد أحدهم فأضجعني على الأَرْض إضجاعا لطيفا ثمَّ شقّ مَا بَين مفرق صَدْرِي إِلَى مُنْتَهى عانتي وَأَنا أنظر إِلَيْهِ لم اجد لذَلِك مسا ثمَّ أخرج أحشاء بَطْني ثمَّ غسلهَا بذلك الثَّلج فأنعم غسلهَا ثمَّ اعادها مَكَانهَا ثمَّ قَامَ الثَّانِي فَقَالَ لصَاحبه تَنَح ثمَّ أَدخل يَده فِي جوفي فَأخْرج قلبِي وَأَنا انْظُر إِلَيْهِ فصدعه ثمَّ أخرج مِنْهُ مُضْغَة سَوْدَاء فَرمى بهَا ثمَّ قَالَ بِيَدِهِ يمنة ويسرة كَأَنَّهُ يتَنَاوَل شَيْئا فاذا انا بِخَاتم فِي يَده من نور يحار الناظرين دونه فختم بِهِ قلبِي فَامْتَلَأَ نورا وَذَلِكَ نور النُّبُوَّة وَالْحكمَة ثمَّ أَعَادَهُ مَكَانَهُ فَوجدت برد ذَلِك الْخَاتم فِي قلبِي دهرا ثمَّ قَالَ الثَّالِث لصَاحبه تَنَح فَأمر يَده بَين مفرق صَدْرِي إِلَى مُنْتَهى عانتي فالتأم ذَلِك الشق بِإِذن اللّه تَعَالَى ثمَّ أَخذ بيَدي فأنهضني من مَكَاني إنهاضا لطيفا ثمَّ قَالَ للْأولِ زنه بِعشْرَة من أمته فوزنوني بهم فرجحتهم ثمَّ قَالَ زنه بِمِائَة من أمته فوزنوني بهم فرجحتهم ثمَّ قَالَ زنه بِأَلف من أمته فوزنوني بهم فرجحتهم فَقَالَ دَعوه فَلَو وزنتموه بأمته كلهَا لرجحهم ثمَّ ضموني إِلَى صُدُورهمْ وقبلوا رَأْسِي وَمَا بَين عَيْني ثمَّ قَالُوا يَا حبيب اللّه لم ترع إِنَّك لَو تَدْرِي مَا يُرَاد بك من الْخَيْر لقرت عَيْنَاك ثمَّ جَاءَ الْحَيّ فَأَخْبَرتهمْ فَقَالَ بعض الْقَوْم إِن هَذَا الْغُلَام أَصَابَهُ لمَم اَوْ طائف من الْجِنّ فَانْطَلقُوا بِهِ إِلَى كاهننا حَتَّى ينظر إِلَيْهِ ويداويه فَقَالَ مَا بِي شَيْء مِمَّا تذكرُونَ إِنِّي أرى نَفسِي سليمَة وفؤادي صَحِيح فَقَالَ زوج ظئري أَلا ترَوْنَ أَن كَلَامه كَلَام صَحِيح إِنِّي لأرجو ان لَا يكون بِابْني بَأْس فَذَهَبُوا بِي إِلَى الكاهن فقصوا عَلَيْهِ قصتي فَقَالَ اسْكُتُوا حَتَّى اسْمَع من الْغُلَام فَإِنَّهُ أعلم بأَمْره مِنْكُم فقصصت عَلَيْهِ قصتي فَلَمَّا سمع قولي وثب إِلَيّ وضمني إِلَى صَدره ثمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوته يال الْعَرَب يال الْعَرَب اقْتُلُوا هَذَا الْغُلَام واقتلوني مَعَه فواللات والعزى لَئِن تَرَكْتُمُوهُ وَأدْركَ ليبدلن دينكُمْ وليسفهن عقولكم وعقول آبائكم وليخالفن أَمركُم وليأتينكم بدين لم تسمعوا بِمثلِهِ قطّ فعمدت ظئري فانتزعتني من حجره وَقَالَت لأَنْت أعته مِنْهُ وأجن لَو علمت ان هَذَا يكون من قَوْلك مَا أتيت بِهِ إِلَيْك فاطلب لنَفسك من يقتلك فانا غير قاتلي هَذَا الْغُلَام ثمَّ احتملوني فأدوني إِلَى اهلي وَأصْبح اثر الشق مَا بَين صَدْرِي إِلَى منتهي عانتي كانه الشرَاك قَالَ ابو نعيم فِي هَذَا الحَدِيث أَن آمِنَة وجدت الثّقل فِي حمله وَفِي سَائِر الاحاديث انها لم تَجِد ثقلا وَالْجمع ان الثّقل بِهِ فِي ابْتِدَاء علوقها بِهِ وَأَن الخفة عِنْد اسْتِمْرَار الْحمل بهَا فَيكون على الْحَالين خَارِجا عَن الْمُعْتَاد الْمَعْرُوف وَأخرج ابو نعيم عَن بُرَيْدَة قَالَ كَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مسترضعا فِي بني سعد بن بكر فَقَالَت أمه آمِنَة لمرضعته انظري ابْني هَذَا فسلي عَنهُ فَإِنِّي رَأَيْت كَأَنَّهُ خرج من فَرجي شهَاب اضاءت لَهُ الأَرْض كلهَا حَتَّى رَأَيْت قُصُور الشَّام فَلَمَّا كَانَ ذَات يَوْم مرت بكاهن وَالنَّاس يسألونه فَجَاءَت بِهِ فَلَمَّا رَآهُ الكاهن أَخذ بذراعه فَقَالَ أَي قوم اقْتُلُوهُ اقْتُلُوهُ قَالَت فَوَثَبت عَلَيْهِ فَأخذت بعضديه وَجَاء نَاس كَانُوا مَعنا فَلم يزَالُوا حَتَّى انتزعوه مِنْهُ وذهبوا بِهِ وَأخرج ابْن سعد وابو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن يحيى بن يزِيد السَّعْدِيّ قَالَ قدم مَكَّة عشر نسْوَة من بني سعد بن بكر يطلبن الرَّضَاع فأصبن الرَّضَاع كُلهنَّ إِلَّا حليمة فَعرض عَلَيْهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَجعلت تَقول يَتِيم وَلَا مَال لَهُ وَمَا عست امهِ ان تفعل فَقَالَ لَهَا زَوجهَا خذيه عَسى اللّه ان يَجْعَل لنا فِيهِ خيرا فَأَخَذته فَوَضَعته فِي حجرها فَأقبل ثدياها حَتَّى تقطرا لَبَنًا فَشرب وَشرب أَخُوهُ وَكَانَ أَخُوهُ لَا ينَام من الغرث وَقَالَت امهِ يَا ظئر سَلِي عَن ابْنك فَإِنَّهُ سَيكون لَهُ شَأْن وأخبرتها بِمَا رَأَتْ وَمَا قيل لَهَا فِيهِ حِين وَلدته وَقَالَت قيل لي ثَلَاث لَيَال استرضعي ابْنك فِي بني سعد بن بكر ثمَّ فِي آل أبي ذُؤَيْب قَالَت حليمة فَإِن زَوجي أَبُو ذُؤَيْب ثمَّ ركبت أتانها وَركب زَوجهَا شارفه فطلعا على صواحبها بوادي السرر وَهن مرتعات وهما يتواهقان فَقُلْنَ يَا حليمة مَا صنعت قَالَت أخذت خير مَوْلُود رَأَيْته قطّ وأعظمه بركَة قَالَت فَمَا رحلنا من منزلنا ذَلِك حَتَّى رَأَيْت الْحَسَد فِي بعض نسائنا وَأخرج ابو نعيم من طَرِيق الواحدي حَدثنِي عبد الصَّمد بن مُحَمَّد السَّعْدِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ حَدثنِي بعض من كَانَ يرْعَى غنم حليمة انهم كَانُوا يرَوْنَ غنمها مَا ترفع برؤوسها وَترى الْخضر فِي أفواهها وأبعارها وَمَا تزيد غنمنا على ان تربض مَا تَجِد عودا تَأْكُله فتروح الْغنم اغرث مِنْهَا حِين غَدَتْ وَتَروح غنم حليمة يخَاف عَلَيْهِمَا الحبط قَالُوا فمكت صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سنتَيْن حَتَّى فطم وَكَأَنَّهُ ابْن أَربع سِنِين فقدموا بِهِ على أمه زائرين لَهَا وهم أحرص شَيْء على رده مَكَانَهُ لما رَأَوْا من عظم بركته فَلَمَّا كَانُوا بوادي السدر لقِيت نَفرا من الْحَبَشَة فرافقتهم فَسَأَلُوهَا فنظروا إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نظرا شَدِيدا ثمَّ نظرُوا إِلَى خَاتم النُّبُوَّة بَين كَتفيهِ وَإِلَى حمرَة فِي عَيْنَيْهِ فَقَالُوا هَل يشتكي عَيْنَيْهِ قَالَت لَا وَلَكِن هَذِه الْحمرَة لَا تُفَارِقهُ قَالُوا هَذَا وَاللّه نَبِي فَأَتَت بِهِ أمه ثمَّ رجعت بِهِ مَعهَا فمرت يَوْمًا بِذِي الْمجَاز وَبِه عراف يُؤْتى إِلَيْهِ بالصبيان ينظر إِلَيْهِم فَلَمَّا نظر إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَإِلَى الْحمرَة فِي عَيْنَيْهِ وَإِلَى خَاتم النُّبُوَّة صَاح يَا معشر الْعَرَب اقْتُلُوا هَذَا الصَّبِي فليقتلن اهل دينكُمْ وليكسرن اصنامكم وليظهرن امْرَهْ عَلَيْكُم فانسلت بِهِ حليمة وَكَانَت لَا تعرضه لأحد من النَّاس وَلَقَد نزل بهم عراف فَأخْرج إِلَيْهِ صبيان الْحَيّ فَأَبت حليمة ان تخرجه إِلَى إِن غفلت عَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَخرج من المظلة فَرَآهُ العراف فَدَعَاهُ فَأبى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَدخل الْخَيْمَة فجهد بهم الْعرف ان يخرجوه إِلَيْهِ فابت فَقَالَ هَذَا نَبِي وَأخرج ابْن سعد وَالْحسن بن الطراح فِي كتاب الشواعر عَن زيد بن أسلم أَن حليمة لما أخذت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَت لَهَا أمه اعلمي انك قد أخذت مولودا لَهُ شَأْن وَاللّه لحملته فَمَا كنت أجد مَا تَجِد النِّسَاء من الْحمل وَلَقَد أتيت فَقيل لي أَنَّك ستلدين غُلَاما فَسَمِّيهِ أَحْمد وَهُوَ سيد الْعَالمين وَلَقَد وَقع مُعْتَمدًا على يَدَيْهِ رَافعا رَأسه إِلَى السَّمَاء فَخرجت حليمة إِلَى زَوجهَا فَأَخْبَرته فسر بذلك وَخَرجُوا على أتانهم منطلقة وعَلى شارفهم قد درت بِاللَّبنِ فَكَانُوا يحلبون مِنْهَا غبوقا وصبوحا قَالَت حليمة وَكنت لَا أروي ابْني وَلَا يدعنا ننام من الغرث فَهُوَ وَأَخُوهُ يرويان مَا أحبا وينامان وَلَو كَانَ مَعَهُمَا ثَالِث لروي وَأَتَتْ عرافا من هُذَيْل فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ صَاح يَا معشر الْعَرَب اقْتُلُوا هَذَا الصَّبِي فليقتلن أهل دينكُمْ وليكسرن آلِهَتكُم وليظهرن أمره عَلَيْكُم فانسلت بِهِ حليمة وَأخرج ابْن سعد وَابْن الطراح عَن عِيسَى بن عبد اللّه بن مَالك قَالَ جعل الشَّيْخ الْهُذلِيّ يَصِيح بالهذيل وآلهته أَن هَذَا لينتظر أمرا من السَّمَاء وَجعل يغري بِالنَّبِيِّ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَلم ينشب ان دله فَذهب عقله حَتَّى مَاتَ كَافِرًا وَأخرج ابْن سعد وَابْن الطراح عَن اسحاق بن عبد اللّه ان ام النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لما دَفعته إِلَى السعدية الَّتِي أَرْضَعَتْه قَالَت لَهَا احفظي ابْني وأخبرتها بِمَا رَأَتْ فَمر بهَا الْيَهُود فَقَالَت أَلا تحدثوني عَن ابْني هَذَا فَإِنِّي حَملته كَذَا وَوَضَعته كَذَا وَرَأَيْت كَذَا كَمَا وصفت امهِ فَقَالَ بَعضهم لبَعض اقْتُلُوهُ قَالُوا أيتيم هُوَ قَالَت لَا هَذَا ابوه وَأَنا امهِ فَقَالُوا لَو كَانَ يَتِيما لقتلناه وَأخرج ابْن سعد وابو نعيم وَابْن عَسَاكِر وَابْن الطراح من طَرِيق عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَت حليمة لَا تَدعه يذهب مَكَانا بَعيدا فغفلت عَنهُ فَخرج مَعَ أُخْته الشيماء فِي الظهيرة إِلَى البهم فَخرجت حليمة تطلبه حَتَّى تَجدهُ مَعَ اخته فَقَالَت فِي هَذَا الْحرَّة فَقَالَت اخته يَا أمه مَا وجد أخي حرا رَأَيْت غمامة تظل عَلَيْهِ إِذا وقف وقفت وَإِذا سَار سَارَتْ حَتَّى انْتهى إِلَى هَذَا الْموضع قَالَت أحقا يَا بنية قَالَت أَي وَاللّه وَأخرج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ قدم وَفد هوَازن على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَفِيهِمْ عَم لَهُ من الرضَاعَة أَبُو ثروان فَقَالَ يَا رَسُول لقد رَأَيْتُك مُرْضعًا فَمَا رَأَيْت مُرْضعًا خيرا مِنْك ورأيتك فطيما فَمَا رَأَيْت فطيما خيرا مِنْك ثمَّ رَأَيْتُك شَابًّا فَمَا رَأَيْت شَابًّا خيرا مِنْك وَقد تكاملت فِيك خلال الْخَيْر فَائِدَة فِي ذكر شعر حليمة مِمَّا كَانَت ترقص بهَا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي زمَان صباه قَالَ ابْن الطراح رَأَيْت فِي كتاب الترقيص لأبي عبد اللّه مُحَمَّد بن الْمُعَلَّى الْأَزْدِيّ ان من شعر حليمة مِمَّا كَانَت ترقص بِهِ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (يَا رب إِذْ أَعْطيته فابقه ... واعله إِلَى الْعلَا وارقه) (وادحض أباطيل العدى بِحقِّهِ ... ) وَذكر ابْن سبع فِي الخصائص ان حليمة قَالَت كنت أعْطِيه الثدي الْأَيْمن فيشرب مِنْهُ ثمَّ احوله إِلَى الثدي الْأَيْسَر فيأبى أَن يشرب مِنْهُ قَالَ بَعضهم وَذَلِكَ من عدله لِأَنَّهُ علم ان لَهُ شَرِيكا فِي الرضَ |