٩ المكتوب التاسع الى الملا عارف الختني في بيان فضائل الكلمة الطيبة لا اله الا اللّه وتحقيق مقام التتريه وبيان أن الايمان بالغيب أنما يتحقق اذا انتهت المعاملة الى الاقربية فان تلك المعاملة خارجة عن حيطة الوهم والخيال الحمد للّه و سلام على عباده الذين اصطفى لينف مولانا عارف الختني اولا الآلهة الباطلة وليثبت ثانيا المعبود بالحق جل سلطانه وكلما هو متسم بسمة الكيف والكم ينبغي ادخالها تحت كلمة لا وتحصيل الايمان بانه متره عن الكيف والمثال وأتم العبارات في النفي والاثبات الكلمة الطيبة لا اِله الا اللّه قال النبي عليه و على آله الصلاة و السلام أفضل الذكر لا اِله الا اللّه وقال عليه و على آله الصلاة و السلام حاكيا عن اللّه سبحانه لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والارضين السبع وضعن في كفة ولا اِله اِلا اللّه في كفة لمالت ﺑﻬن لا اِله اِلا اللّه وكيف لا تكون أفضل وكيف لا تكون ارجح فان كلمة منها تنفي جميع ما سواه تعالى سواء كان سموات او ارضين او عرشا او كرسيا او لوحا او قلمًا او عالما او آدما وكلمة أخرى منها تثبت المعبود بالحق جل برهانه الذي هو خالق السموات والارضين وما سوى الحق جل وعلا من الآفاق والانفس كله متسم بسمة الكيف والكم فكلما يتجلي في مرايا الآفاق والانفس يكون كيفيا وكميا بالضرورة فيكون مستحقا للنفي فمعلومنا وموهومنا ومشهودنا ومحسوسنا كلها متصفة بالكيف والمثال ومكتنفة بعيوب الحدوث والامكان فان معلومنا ومحسوسنا منحوت ومجعول والتتريه الذي يتعلق علمنا به عين تشبيه والكمال الذي هو على مقدار فهمنا عين نقص فكلما يكون متجليا لنا او مكشوفًا او مشهودًا فهو غير الحق سبحانه و تعالى وهو تعالى وراء الوراء قال اللّه تبارك و تعالى حكاية عن الخليل عليه السلام {أتعبدون ما تنحتون * واللّه خلقكم وما تعملون} ومنحوتنا كله مخلوق الحق سبحانه و تعالى سواء نحتناه بايدينا او بعقولنا واوهامنا ليس بمستحق للعبادة والمستحق للعبادة انما هو الاله المتره عن الكيف والمثال الذي يد وهمنا قاصرة عن الوصول الى ذيل ادراكه وعيون كشفنا وشهودنا متحيرة وعاجزة عن شهود عظمته وجلاله تعالى فالايمان بمثل هذا الاله المتره عن الكيف والمثال لايتيسر إلا بطريق الغيب فان الايمان الشهودي ليس ايمانا به تعالى بل هو ايمان بمنحوت نفسه الذي هو من مخلوقاته تعالى واشراك الايمان بغيره بالايمان به تعالى بل ايمان بغيره تعالى فقط اعاذنا اللّه سبحانه من ذلك وانما يتيسر الايمان بالغيب اذا لم يبق للوهم السريع السير مجال فيه ولم ينتقش منه شئ في المتخيلة وهذا المعنى متحقق في الاقربية التي هي خارجة عن حيطة الوهم والخيال فان الشئ كلما يكون أبعد يكون مجال الوهم فيه أزيد واوسع و يكون في الدخول تحت سلطنة الخيال أقرب وأسرع وهذه الدولة مخصوصة بالانبياء عليهم الصلاة و السلام والايمان بالغيب نصيب هؤلاء الاكابر عليهم الصلوات و التسليمات بالاصالة وقد يشرف به كل من أريد في حقه ذلك بطريق التبعية لهم والوراثة منهم والايمان الغيب الذي هو حاصل لعوام المؤمنين ليس بخارج عن حيطة الوهم فان وراء الوراء في حق العوام في جانب البعد الذي فيه مجال للوهم ووراء الوراء عند هؤلاء الاكابر في جانب القرب الذي لا مجال فيه للوهم ومادامت الدنيا قائمة والحياة الدنيوية موجودة لا بد من الايمان بالغيب فان الايمان بالمشهود معلول هنا واذا كانت النشأة الاخروية وانكسرت سورة الوهم والخيال يكون الايمان الشهودي مقبولا ومبرأ عن علة الجعل والنحت واظن أن محمدا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لما كان في دار الدنيا مشرفا بدولة الرؤية لو اثبتنا الايمان الشهودي في حقه هنا لكان محمودًا ومترها عن علة الجعل والنحت فان الذي هو موعود لغيره في الآخرة ميسر له صلى اللّه عليه و سلم هنا ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذوالفضل العظيم (ينبغي) أن يعلم أن كلمة النفي قد أتمها الخليل على نبينا وعليه الصلاة و السلام ولم يترك بابا من ابواب الشرك غير مسدود أصلا ولهذا صار امام الانبياء واسبقهم قدما فان ظهور ﻧﻬاية الكمال في النشأة الدنياوية منوط باتمام هذا النفي وظهور كمالات كلمة الاثبات موقوف على نشأة الآخرة غاية ما في الباب ان خاتم الرسل عليه وعليهم الصلاة و السلام لما تشرف في هذه النشأة بدولة الرؤية وجد نصيبا وافرا من كمالات كلمة الاثبات في هذه النشأة أيضا حتى يمكن ان يقال ان كلمة الاثبات قد تمت ببعثته عليه الصلاة و السلام بمقياس هذه النشأة ويمكن ان يكون اثبات التجلي الذاتي في حقه صلى اللّه عليه و سلم في هذه النشأة لهذا المعنى ووعد في حق الآخرين و السلام على من اتبع الهدى والتزم متابعة المصطفى عليه و على آله من الصلوات أفضلها ومن التسليمات أكملها. |