Geri

   

 

 

İleri

 

١١٨

المكتوب الثامن عشر والمائة

إلى الشيخ مودود محمد.

قال الشيخ قدس سره فى الباب التاسع من كتاب العوارف فى ذكر من انتمى إلى الصوفية من جملة أولئك قوم يقولون بالحلول خذلهم اللّه سبحانه ويزعمون أن اللّه تعالى يحل فيهم ويحل فى أجسام يصطفيها ويسبق إلى فهو مهم معنى من قول النصارى فى اللاهوت والناسوب ومنهم من يستبيح النظر إلى المستحسنات إشارة إلى هذا الوهم ويتخايل له أن من قال كلمات فى بعض غلباته كان مضمراً لشئ مما زعموه مثل قول الحلاج أنا الحق وما يحكى عن أبى يزيد من قوله سبحانى حاشا أن نعتقد فى أبى يزيد أنه يقول ذلك الأعلى معنى الحكاية عن اللّه تعالى وهكذا ينبغى أن نعتقد فى قول الحلاج ذلك ولو علمنا أنه ذكر ذلك القول مضمرا لشئ من الحلول رددناه كما نردهم انتهى فيا ليت شعرى ما معنى الحكاية عن اللّه تعالى وما وجه تخصيص أرباب السكر بمثل هذا القول على معنى الحكاية اللّهم إلا أن يقال أنه قدس سره أراد أن القائل بمثل هذا القول إن كان هو العبد كما هو الظاهر عند الأكثر فلابد أن يكون حكاية من اللّه تعالى فإن العبد لا يصير ربا لكن القائل به فى الحقيقة هو الرب سبحانه ولسان العبد مثل الشجرة الموسوية فلا اعتراض على الحلاج ولا تعرض على أبى يزيد قدس اللّه تعالى أسرارهما والظاهر من عبارة الشيخ أنه لو لم يحمل على معنى الحكاية يفهم منه الحلول وليس كذلك إذ يجوز أن يقول ذلك عند غلبات التوحيد واستتار ما سوى الواحد المشهود عند لمعان نور الشهود بلا شائبة حلول واتحاد فمعنى قوله أنا الحق عند اختفائه عن نظره لست أنا بشئ وإنما الموجود الحق لا أنى متحد من الحق أو حال فى الحق فإنه كفر ومناف للتوحيد الشهودى فإن المشهود فيه ليس إلا الواحد الأحد وعلى تقدير الحلول والاتحاد المشهود متعدد ولو على صفة الاتحاد والحالية ( قوله ) ومنهم من يستبيح النظر إلى المستحسنات إشارة إلى هذا الوهم إى الحلول والعجب من الشيخ الأجل إنما يفهم من أمثال هذه العبارات الاتحاد والحلول والحال أن المتبادر من هذه الأقوال الظهور وهو وراء الحلول لأن الحلول كينونة نفس شئ فى شئ مثل كينونة نفس زيد فى البيت والظهور كينونة عكس شئ مثل كينونة عكس زيد فى المرآة والأول محال فى مرتبة الوجوب ونقص لتلك المرتبة المقدس والثانى لا منع لثبوته ولا نقص عند حصوله فإن الأول يستلزم التغير المنافى للقدم والثانى لا يستلزم كما لا يخفى فلو ظهرت الكمالات الوجوبية فى مرايا الإعدام والإمكان لم يلزم منه حلول تلك الكمالات فى تلك المرايا ولا تغيرها ولا انتقالها المنافى للقدم وإنما هو ظهور وآراءة كمال فى مرآة فتجويز شهود كمالاته تعالى فى مرايا الإمكان ليس تجويز الحلول تلك الكمالات فيها بل هو تجويز لظهور الكمال فى المرآة ولا نقص فيه وإن كان المجوز لمثل هذا الشهود صاحب نقص وغير مستقيم على الجادة لكن المقصود دفع تهمة الحلول عند لا إثبات كماله وكونه على شئ واللّه سبحانه أعلم بحقائق الأمور كلها .