٤٩ المكتوب التاسع والأربعون إلى جناب حضرة المير محمد نعمان فى بيان أن العلم الحضورى للعارف بنفسه يتعلق به تعالى. الحمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى ينبغى أن يعلم أن العلم الحصولى هو بالنسبة إلى الآفاق والعلم الحضورى بالنسبة إلى الأنفس فإذا ظهرت معاملة أقربيته تعالى لعارف تام المعرفة وحصلت وكان العارف متحليا بهذا المقام العالى يكون حكم تلك الأنفس فى حقه حكم الآفاق ويتبدل العلم الحضورى المتعلق بها علما حصوليا وفى هذا الوقت يعرض لأقربيته تعالى حكم الأنفس والعلم الحضورى الذى كان أولا متعلقاً بالأنفس يكون ح متعلقا بتلك الأقربية لا بمعنى أنه يجد نفسه عين الواجب تعالى ويظن أن العلم المتعلق بنفسه متعلق بعينه بالواجب سبحانه فإن هذا هو بعينه معاملة التوحيد ومتعلق بمقامات القرب ونهاية القرب هى الاتحاد والأقربية غير ذلك ومعاملته شئ آخر ينبغى مجاوزة الاتحاد والاعتراف بالأثنينية حتى يتصور الأقربية ولا يقعن القاصر من لفظ الأثنينية فى التوهم ولا يزعمن أن الاتحاد فوق الأثنينية فإن الاثنينية التى هى دون الاتحاد مقام العوام كالأنعام وهذه الإثنينية التى لها ألوف مزية على الاتحاد مقام الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام كما أن الصحو الذى دون السكر هو حال العوام والصحو الذى بعد السكر مقام الخواص بل أخص الخواص وكما أن الإسلام الذى قبل كفر الطريقة إسلام عوام أهل الإسلام والإسلام الذى بعد كفر الطريقة إسلام أخص الخواص والعجب أن العارف وإن لم ير نفسه واجباً تعالى ولكن العلم الحضورى المتعلق بنفس العارف يتعلق بالواجب ويكون علمه بنفسه الذى هو حضورى حصوليا (ع) وكم فى العشق من عجب عجيب * والعقل المعتقل لا يهتدى إلى هذه الدقيقة بل يجعلها راجعة إلى جمع الضدين قال واحد من العارفين عرفت ربى بجميع الأضداد ربنا آتنا من لدنك رحمة وهئ لنا من أمرنا رشدا والسلام على من اتبع الهدى . |