٤٠ المكتوب الأربعون إلى مولانا محمد صادق الكشميرى فى بيان علم اليقين الحاصل للصوفية وعلم اليقين الكائن لأرباب المعقول. الحمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى اعلم أن علم اليقين عبارة عند الصوفية عن يقين حاصل من الاستدلال بالأثر على المؤثر وهذا المعنى ميسر لأهل النظر والاستدلال فما يكون الفرق بين علم اليقين المخصوص بالصوفية وعلم اليقين الحاصل لأرباب المعقول ولم يكون علم اليقين المختص بالصوفية داخلا فى الكشف والشهود ولا يكون ما للعلماء خارجاً عن مضيق النظر والفكر ( ينبغى ) أن يعلم أن شهود الأثر لازم فى علم كلتا الطائفتين حتى ينتقل منه إلى المؤثر الذى هو غير مشهود غاية ما فى الباب أنه لما كان بين الأثر والمؤثر ارتباط كان ذلك سببا للانتقال من وجود الأثر إلى وجود المؤثر وذلك الارتباط أيضاً مكشوف ومشهود فى علم اليقين المختص بالصوفية دون ما للعلماء فإنه نظرى وفكرى فيه فيكون الانتقال أيضاً نظريا وفكريا بالضرورة فيكون يقين الطائفة الأولى داخلا فى الكشف والشهود دون يقين الطائفة الثانية فإنه لا يكون خارجا من مضيق الاستدلال وإطلاق الاستدلال على يقين الصوفية مبنى على الظاهر والصورة لكونه متضمنا للانتقال من الأثر إلى المؤثر وإلا ففى الحقيقة داخل فى الكشف والشهود بخلاف يقين العلماء فإن فيه حقيقة الاستدلال ولما كان هذا الفرق الدقيق مخفياً على الأكثرين بقوا فى مرتبة الحيرة بالضرورة وأطال جماعة منهم من قصوره لسان الاعتراض على بعض الأعزة الذى فسر علم اليقين المختص بالصوفية بالاستدلال من الأثر إلى المؤثر كل ذلك لعدم الاطلاع على حقيقة الأمر واللّه يحق الحق وهو يهدى السبيل والسلام على من اتبع الهدى . |