Geri

   

 

 

İleri

 

٢٦

المكتوب السادس والعشرون

إلى السيد محمد نعمان فى بيان أن الحق سبحانه كما هو موجود بذاته لا بالوجود حى وعالم وموصوف بالصفات الثمانية بذاته لا بصفات زائدة وما يناسب ذلك.

الحمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى اعلم أن الحق سبحانه كاف بذاته القدس فى نفس الوجود وفى سائر كمالات الوجود وتوابعه من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة والكلام والتكوين ليس بمحتاج فى حصول هذه الكمالات إلى صفات زائدة وإن كانت له سبحانه صفات كاملة زائدة أيضاً فهو تعالى كما أنه موجود بذاته الأقدس لا بالوجود حى بذاته لا بالحياة التى هى صفته تعالى عالم بذاته لا بصفة العلم يصير بذاته لا بصفة لا بصفة البصر سميع بذاته لا بصفة السمع وقادر بذاته لا بصفة القدرة مريد بذاته لا بصفة الإرادة ومتكلم بذاته لا بصفة الكلام ومبدأ إيجاد الكائنات بذاته لا بصفة التكوين وإن كان وجود العالم بتوسط التكوين وسائر الصفات كما سيجئ تحقيق هذا العنى وهذا التكوين وراء القدرة فإن فى القدرة صحة الفعل والترك وفى التكوين جانب الفعل متعين وأيضاً للقدرة تقدم على الإدارة والتكوين بعد الإرادة وهذا التكوين شبيه باستطاعة العبد التى قال علماء أهل الحق إنها مقرونة بالفعل ووراء القدرة والإرادة القدرة مصححة لكلا طرفى الفعل والترك والإرادة مرجحة لأحد الطرفين والإيجاد بتعلق بالتكوين بعد ترجيح الإرادة فلو لم تثبت القدرة التى هى مصححة الطرفين يلزم الإيجاب ولو لم يثبت التكوين يلزم الإيجاد من غير مستند فإن القدرة مصححة الإيجاد والتكوين مباشر الإيجاد فلابد إذا من إثبات التكوين وقد اهتدى إليه علماء الماتريدية ولما وجد الأشاعرة إضافته وتعلقه إلى الأشياء أكثر ظنوه من الصفات الإضافية واللّه يحق الحق وهو يهدى السبيل وإرجاع التخلق والترزيق والإحياء والإماتة وأمثالها إلى صفة التكوين أحسن من القول بكون كل منها صفة قديمة برأسها لئلا يلزم إثبات قدماء متكثرة من غير ضرورة فلاح من هذا البيان أن ما يتيسر لغيره تعالى بإيجاده سبحانه بواسطة الصفات حاصل له تعالى بذاته من غير توسط الصفات فإن ذاته تعالى جامعة لجميع الكمالات من غير ملاحظة أمر واعتبار بل هى عين كل كمال فإن التبعض والتجزى مفقود فى حضرته فهو سبحانه عالم بتمام ذاته وسميع بالتمام وبصير بالتمام على هذا القياس سائر الصفات ومع ذلك له سبحانه وتعالى صفات سبعة بل ثمانية كما قال بها علماء أهل الحق شكر اللّه تعالى سعيهم وهذه الصفات الكاملة القديمة ظلال تلك الكمالات الذاتية ومظاهرها ويمكن أن يقال أنها نقاب تلك الكمالات وحجب أنوارها المكنونة

( فإن قيل ) إذا كان ذاته تعالى كافية فى حصول جميع الكمالات فلأى شئ تثبت الصفات ولم يقال بوجود تعدد القدماء ولهذا اكتفى الفلاسفة والمعتزلة بالذات وهربوا من القول بتعدد القدماء وقالوا بنفى الصفات

( أجيب ) أن حضرة الذات تعالت وتقدست وإن كانت كافية فى حصول الكمالات ولكن لابد فى تكوين الأشياء وتخليقها من الصفات الزائدة فإن ذاته تعالى فى نهاية التنزه والتقدس وفى غاية العظمة وجلال الكبرياء وكمال الغناء لا مناسبة لها بالأشياء أن اللّه لغنى عن العالمين وبمقتضى الحكمة ووفق العادة لابد فى الإفادة والإفاضة من المناسبة للمستفيد والمستفيض والصفات قد تنزلت درجة واحدة وحصلت ظلية ومناسبة بالأشياء ولو فى الجملة فلو لم يكن توسط الصفات لما يتصور حصول شئ من الأشياء فإنه لا نصيب للأشياء فى سطوة أشعة أنوار حضرة الذات تعالت وتقدست غير الهلاك والفناء والانمحاء والانعدام ولا فكر فيمن ينسب إيجاد الأشياء إلى الذات البحت من غير إثبات الصفات وما هو الصادر الأول حتى لا يكون مضمحلا ومتلاشياً فى سبحات وجه ذاته تعالى

( فإن قيل ) إن الفلاسفة والمعتزلة وإن لم يثبتوا الصفات فى الخارج ولكنهم قائلون باعتبارات علمية ومثبتون لكمالات ذاتية متمايزة فى العلم فلم يكن إيجاد الأشياء منسوبا إلى الذات البحت بل بتوسط الاعتبارات

( أجيب ) أن إيجاد العالم فى الخارج والعالم موجود فى الخارج فلابد من الحجب الخارجية حتى يمكن أن تكون وسيلة لوجود الأشياء فى الخارج وحافظة إياها عن الانمحاء والاستهلاك والاعتبارات العلمية لا تجدى شيأ فى الوجودات الخارجية ولا يكفى الحجاب العلمى فى محافظة الموجودات الخارجية وبعض الصوفية الذين لا يقولون بوجود العالم فى غير العلم لعل الاعتبارات العلمية تنفعهم ويمكن أن تكون وسيلة لوجودات علمية ولكن العالم موجود فى الخارج وإن كان هذا الخارج ظل ذلك الخارج وهذا الوجود ظل ذاك الوجود فلابد من الحجب الخارجية حتى يمكن أن تكون وسيلة لوجود العالم فى الخارج فينبغى أن تكون الصفات الحقيقية موجودة فى الخارج ومربية للأشياء ومجلية للكمالات الذاتية بوساطة نفسها فى مرايا العالم وموردة إياها فى منصة الظهور والصفات وإن كانت حجبا للذات تعالت ولكن ظهور الكمالات الذاتية مربوط بوجودها وحجابية الصفات كحجابية المنظرة التى هى سبب للإراءة وهذا الظهور وإن كان ظليا ولكن ماذا نصنع قد جعل وجودنا مربوطا بالظل وتحققنا منوطا بالحجاب ما بالذات لا ينفك عن الذات (ع) سياهى أزحبشى كى رودكه خودرنك است .

ومن بعد هذا ما يدق صفاته  * وما كتمه أحظى لدىّ وأجمل

العبد لا يكون حقا سبحانه ولكن بفضله تعالى لا ينفك عن الحق جل شأنه المرء مع من أحب وإن كانت له سبحانه نسبة المعية بجميع الأشياء ولكن هذه المعية التى منشاؤها المحبة غير تلك المعية ومن لا محبة له لا معرفة له بتلك المعية وحيث أن الدرجات متفاوتة فى المحبة فالتفاوت أيضاً حاصل فى المعية بقدر تفاوت المحبة وهذه المعية هى السبب للتخلص عن الظلية والواسطة للاضمحلال بالكلية وهى المزيلة للرقية والمثبتة للحرية فى عين العبدية وهى المسقطة للأنانية بل الرافعة للأنانية إلى الدرجات الكمالية

( ينبغى ) أن يعلم أنه سبحانه قال فى المعية العامة بالأشياء وهو معكم فأثبت المعية فى طرفه سبحانه وفى المعية الخاصة بحكم المرء مع من أحب أثبت المعية فى هذا الطرف بمقتضى المحبة شتان ما بين المعيتين فإن فى المعية الخاصة إثبات المعية من الطرفين وفى المعية العامة من ذاك الطرف فقط فيلزمها الحرمان فى عين الوجدان يا حسرتا على ما فرطت فى جنب اللّه والعالم وإن كان ظلال الصفات وعرض له الوجود والبقاء بتوسط الصفات ولكن محب حضرة الذات تعالت وتقدست بتوسط المحبة الذاتية مع حضرة الذات تعالت قد ترقى من الصفات التى هى أصوله بعروج لا كيفى واتصل بأصل الأصول متجاوزا الأصول ولكن اتصاله لا كيفى فلو لم يترق عن أصله فما تكون الفائدة فى مجيئه يعنى وجوده وما الحاجة إلى المحبة فإنه كان له اتصال بأصله فى جميع الأوقات وكان الوصل الظلى ميسرا له دائماً والأمر هو جعل الأصل مرقاة كالظل والترقى بأجنحة المحبة إلى ما فوقه وفهم هذا العروج ليس مما يحصل فى حوصلة فهم كل أحد والترقى عن نفسه تاركا لنفسه ليس مما يكون معقولا لأرباب النظر والفكر بل الصوفية أيضاً يشرف منهم بهذه الدولة واحد من ألوف وينكشف له سر هذا المعمى.

هزار نكتهء باريك ترز موئ اينجاست  * نه هركه سر بترا شد قلندرى داند

( فإن قيل ) أن هذا السير هل هو آفاقى وأنفسى

( أجيب ) أنه ليس بآفاقى ولا أنفسى فإن المراد من الآفاق والأنفس الداخل والخارج وهذه المعاملة وراء الدخول والخروج وإن كانت محالا عند أرباب النظر فإنه إذا كان المطلوب أقدس من الدخول والخروج وتكون النسبة معه أيضاً منزهة عن الدخول والخروج بالضرورة وهذا السير مع هذا الأشكال ومع هذه الدقة معلوم ومتميز عند أربابه أن كان من أرباب العلم كسير الدهلى وأكره وكل منزل ممتاز عن منزل آخر

( تنبيه ) أن العالم وإن كان ظلال الصفات والصفات ظلال حضرة الذات ولكن للظلية درجات ومراتب كل منها حجاب للمطلوب إن للّه سبعين ألف حجاب من نور وظلمة وما لم تخترق الحجب بالتمام لا يتخلص من الظلية والمراد من خرق الحجاب هنا خرق شهودى وما ورد فى آخر هذا الخبر من منع خرق جميع الحجب فالمراد منه خرق وجودى وهو ممتنع لأنه مستلزم لرفع الصفات القديمة وهو محال ولكن إذا حصلت المعية الغير المتكيفة فلها حكم الخرق الوجودى ومع الحجب كأنه لا حجب فإن للمعية دقة بحيث لا تطيق الحائل ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير الحمد للّه رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعليهم وعلى آله الطاهرين أجمعين .