٢ المكتوب الثانى إلى جامع الأسرار والعلوم حضرة المخدوم زاده الخواجه محمد معصوم سلمه اللّه تعالى فى المواعظ والانقطاع عن الخلق والالتجاء إلى جناب الحق سبحانه وتعالى ) الحمد للّه رب العالمين فى السراء والضراء وفى اليسر والعسر وفى النعمة والنقمة وفى الرحمة والزحمة وفى الشدة والرخاء وفى العطية والبلاء والصلاة والسلام على من ما أوذى نبى مثل إيذائه وما ابتلى رسول بنحو ابتلائه لهذا صار رحمة للعالمين وسيد الأولين والآخرين إيها الأولاد الكرام إن وقت الابتلاء وإن كان مرا كريه الطعم ولكن الفرصة مغتنمة وحيث أنكم أعطيتم الفرصة فى هذا الوقت ينبغى أن تؤدوا حمد اللّه جل شأنه وأن تتوجهوا إلى أمركم من غير أن تجوزوا لأنفسكم فراغاً لمحة ولحظة ولا ينبغى لكم الخلو عن أحد أمور ثلاثة تلاوة القرآن المجيد وأداء الصلاة بطول القراءة وتكرار الكلمة الطيبة لا إله إلا اللّه ينبغى أن ينفى بكلمة لا آلهة أهواء النفس وأن يدفع المقاصد والمرادات فإن طلب الإنسان مراده دعوى منه الألوهية ينبغى أن لا يكون فى ساحة الصدر مجال مراد أصلا وأن لا يبقى هوس فى المتخيلة قطعاً حتى تتحقق حقيقة العبودية طلب العبد حصول مراده مستلزم لدفع مراد مولاه ومعارضة على ربه وهذا المعنى مستلزم لنفى مولاه وأثبات مولوية نفسه ينبغى أن يدرك قبح هذا الأمر وأن ينفى دعوى الألوهية عن نفسه إلى ان لا يبقى شئ من الأهواء والهوسات والمرادات غير مراد المولى وهذا المعنى نرجو أن يتيسر فى أيام البلاء وأوقات الابتلاء بالسهولة بعناية اللّه سبحانه وأما فى غير هذه الأيام فكل واحد من هذه الأهواء والهوسات كسد يأجوج فينبغى الاشتغال بهذا الأمر قاعدين فى الزوايا ان الفرصة مغتنمة القليل فى أيام الفتن يتقبل بالكثير فى غير أيام الفتن لابد من الرياضات والمجاهدات الخبر شرط يقع الملاقاة أم لا والنصيحة هى أن لا يبقى مراد ولا هوس أصلا واطلعوا والدتكم أيضاً على هذا المعنى ودلوها عليه وأحوال هذه النشأة حيث كانت ماضية ماذا نورد منها فى معرض البيان ارحموا الصغار ورغبوهم فى القراءة وارضوا أهل الحقوق من جانبنا مهما أمكن وكونوا ممدين ومعاونين بدعاء سلامة الإيمان ولنكتب مكررا ومؤكدا أنه لا تصرفوا هذا الوقت فى أمور لا طائل فيها وينبغى أن لا تشتغلوا بشئ غير ذكر اللّه جل شأنه وإن كان مطالعة الكتب وتعليم الطلبة فإن الوقت وقت الذكر واجعلوا الأهواء النفسانية داخلة تحت لا حتى تكون منتفية بالتمام ولا يبقى مراد ومقصود فى الصدر حتى إن تخلصى بالفعل الذى هو من أهم مقاصدكم ينبغى أن لا يكون مرادا لكم وارضوا بتقديره وفعله وإرادته تعالى وينبغى أن لا يكون فى جانب الإثبات من الكلمة الطيبة شئ غير غيب الهوية الذى هو وراء وراءه المعلومات والمتخيلات وهم الدار والقصر والبئر والبستان والكتب وأشياء أخر سهل ينبغى أن لا يكون شئ مزاحما لوقتكم ولا يكون شئ غير مرضيات الحق جل وعلا مرضيا ومرادا لكم فأنا لو ذهبنا ذهبت هذه الأشياء كلها فلتذهب فى حياتنا لا تتفكروا فيها وقد ترك الأولياء هذه الأمور باختيارهم فلنتركها نحن باختياره تعالى ونشكره سبحانه فعسى أن نكون من المخلصين بفتح اللام وكل موضع قعدتم فيه ينبغى أن تعتقدوه وطنا وفى أى محل تمر حياة أيام قليلة ينبغى أن تمر بذكر الحق جل شأنه فإن معاملة الدنيا سهلة ينبغى التوجه إلى معاملة الآخرة وينبغى أن تسلوا والدتكم وأن ترغبوها فى الآخرة فإن قدر اللّه سبحانه الملاقاة فى الدنيا فتتيسر وإلا فينبغى الرضاء والتسليم بتقدير اللّه تعالى والدعاء لأن يجمع اللّه سبحانه وتعالى فى دار السلام مجيلا لتلافى ملاقات الدنيا بكرمه تعالى على الآخرة الحمد للّه على كل حال . |