٤٥ المكتوب الخامس والاربعون الى منبع الحقائق ومعدن المعارف الخواجه حسام الدين احمد في بيان ان العالم بتمامه مجالي الاسماء والصفات الواجبية بخلاف الذات فانه لا نصيب للممكن منها وليس له قيام بنفسه بل هو عرض كله لم يشم رائحة من الجوهرية وما يناسب ذلك الحمد للّه و سلام على عباده الذين اصطفى (أيها المخدوم) المكرم (ع): واحسن ما يمى حديث الاحبة يحرر من المعارف الغريبة ينبغي استماعها ويبين طريق مراقبة أخص الخواص فليتوجه اليه بتوجه بليغ (ينبغي) ان يعلم ان العالم بتمامه مجالي الاسماء ومظاهر الصفات الواجبية تعالت وتقدست فان كان في الممكن حياة فهي مرآة لحياة الواجب تعالى وتقدس وان كان فيه علم فمرآة علمه تعالى وان كان قدرة فمرآة قدرته تعالى و على هذا القياس وليس لذاته تعالى مظهر في العالم ولا مرآة بل لا مناسبة لذاته تعالى بالعالم اصلا ولا اشتراك لها به في شئ قطعا وان كانت تلك المناسبة في الاسم وتلك المشاركة في الصورة ان اللّه لغني عن العالمين بخلاف الاسماء والصفات فان لها مع العالم مناسبة اسمية ومشاركة صورية كما ان في الواجب تعالى علما في الممكن ايضا صورة ذلك العلم وكما ان هناك قدرة هنا ايضا صورة تلك القدرة بخلاف الذات فان الممكن لا نصيب له من تلك الدولة ولم يمنح القيام بنفسه بل الممكن حيث كان مخلوق على صور اسمائه وصفاته تعالى فهو عرض بتمامه لم يشم رائحة من الجوهرية وقيامه بذات الواجب تعالى وتقدس وتقسيم ارباب المعقول العالم الى الجوهر والعرض فهو من كون نظرهم مقصورا على الظاهر وما ثبت من قيام بعض الممكن ببعض آخر فهو من قبيل قيام العرض بالعرض لا من قبيل قيام العرض بالجوهر بل قيام ذينك العرضين في الحقيقة بذات الواجب تعالى وتقدس لم يثبت بينهما جوهرية وقيوم جميع الممكنات هو تعالى وتقدس فليس للممكن في الحقيقة ذات تكون صفاته قائمة بتلك الذات بل الذات للواجب تعالى وتقدس ﺑﻬا قامت صفاته تعالى وكذلك جميع الممكنات والاشارة الواقعة من كل أحد الى ذاته بلفظ أنا فتلك الاشارة راجعة في الحقيقة الى تلك الذات الاحد التي قيام الكل ﺑﻬا يعرفه المشير اولا وان لم تكن ذاته تعالى مشارًا اليها باشارة ومتحدة بشئ اصلا ولا يخلط القاصرون هذه المعارف الغامضة بمعارف التوحيد الوجودي لا يظنون اليد والجيب متحدًا بعضه ببعض فان ارباب التوحيد الوجودي لا يقولون بموجود غير الذات الاحد تعالت وتقدست ويزعمون اسماءه وصفاته تعالى ايضا اعتبارات علمية ويقولون في حقائق الممكنات ما وصلت اليها رائحة من الوجود والاعيان ما شمت رائحة الوجود من كلامهم وهذا الفقير يعتقد ان صفاته تعالى ايضا موجودة بوجود زائد على الذات كما قال علماء اهل الحق ويثبت للممكنات التي هي مجالي الاسماء والصفات ايضا وجودا غاية ما في الباب انه لا يعلم الممكنات غير الاعراض التي لا قيام لها بنفسها ولا يثبت الجوهرية التي لها قيام بذاته في الممكنات بل يتيقن قيام الكل بذاته تعالى (فان قيل) يعلم من هذا التحقيق ان ذات الممكن عين ذات الواجب تعالى وان الممكن متحد بالواجب جل شأنه وهذا محال لاستلزامه قلب الحقائق (اجيب) ان ذات الممكن يعني ماهيته وحقيقته هي عين تلك الاعراض المتعددة المخصوصة التي هي مجالي اسماء الواجب وصفاته تعالى ولا عينية لتلك الاعراض مع ذات الواجب تعالى وتقدس اصلا ولا اتحاد بينهما بوجه ما قطعا حتى يلزم قلب الحقائق وليس هناك غير قيام تلك الاعراض بالذات تعالت وتقدست وقيوميته تعالى بجميع الاشياء (فان قيل) لما رجعت اشارة كل احد الى ذاته بلفظ انا الى ذات الواجب تعالى لزم ان تكون ذات الممكن يعني ماهيته وحقيقته عين ذات الواجب تعالى فان اشارة كل احد بلفظ انا الى ماهيته وحقيقته وهذا مستلزم لقلب الحقيقة وعين كلام ارباب التوحيد الوجودي (اجيب) نعم وان كان اشارة كل احد بلفظ انا الى حقيقته ولكن لما كانت حقيقته اعراضا مجتمعة ليست فيها قابلية هذه الاشارة فان الاعراض ليست بقابلة للاشارة الحسية بالاستقلال وبالاصالة ولما لم تقبل حقيقته هذه الاشارة صارت الاشارة راجعة الى مقوم تلك الحقيقة فماهية الممكن هي عين تلك الاعراض اﻟﻤﺠتمعة وان كانت الاشارة بواسطة عدم قابلية حقيقته راجعة الى مقومها الذي هو ذات الواجب تعالى وتقدس فلم يكن قلب الحقيقة وما صار الممكن واجبا تعالى وتقدس وكان الكلام مغايرا لكلام ارباب التوحيد الوجودي (و العجب) ان انا الصادر من الممكن يرجع الى الواجب ويبقى الممكن ممكنا على حاله ولا يتكلم بقول سبحاني وانا الحق بل لا يقدر ان يقول لكونه صاحب تميز (فان قيل) ان قيام الممكن بذات الواجب تعالى مستلزم لقيام الحوادث بذاته تعالى وهو ممتنع (اجيب) ان امتناع قيام الحوادث بمعنى حلول الحوادث في ذاته تعالى وهو محال ولكن القيام ليس هنا بمعنى الحلول بل بمعنى الثبوت والتقرر يعني ان ثبوت الممكن وتقرره بذات الواجب تعالى (فان قيل) اذا كان ثبوت الممكن بذات الواجب وقد تقرر انه عرض بتمامه فلا بد له من محل يقوم به وما ذاك المحل ليس هو ذات الواجب تعالى وكذلك لا يكون الممتنع محلا له (اجيب) ان العرض ما لا يكون له قيام بذاته بل يقوم بغيره ولما لم يفهم ارباب المعقول في قيام العرض غير الحلول اثبتوا للعرض محلا بالضرورة واستحالوا ثبوته من غير محل فاذا ظهر للقيام معنى آخر كما مر لا يلزم المحل اصلا ومحسوسنا ومشاهدتنا ان قيام جميع الاشياء بذات الواجب تعالى من غير ان يكون في البين حلول ومحل اصلا يصدقه ارباب المعقول او لا وتشكيكهم لا يكون مصادما لبداهتنا ولا يزول يقيننا بشكهم (ولنوضح) هذا المبحث بمثال ان ارباب الطلسم واصحاب السيمياء يرون ويظهرون الاشياء من جنس الاجسام الغريبة والاعراض العجيبة وفي هذه الصورة يعرف كل شخص ان هذه الاجسام ليس لها قيام بنفسها كالاعراض بل قيام كليهما بذات صاحب الطلسم ولا محل لهما اصلا ويعرفون ايضا ان ليس في هذا القيام شائبة الحالية والمحلية بل ثبوت تلك الاجسام والاعراض بذات صاحب الطلسم من غير توهم حلول وفيما نحن فيه ايضا عين هذا التصوير فان الحق سبحانه خلق الاشياء في مرتبة الحس والوهم وراعى الاتقان والاحكام في صنعها وجعل المعاملة الابدية والتنعيم والتعذيب السرمديين مربوطة ﺑﻬا فلا قيام لهذه الاشياء بذاﺗﻬا بل هي قائمة بذاته تعالى من غير شائبة الحلول وبلا مظنة الحال والمحل والتمثيل الآخر صورة جبل او صورة سماء تظهر في المرآة اي أبله تزعم تلك الصور اجساما وجواهر وتظن اﻧﻬا قائمة بنفسها فان زعم فرضا شخص تلك الصور اعراضا وقائمة بالغير وطلب لها محالا بعلة العرضية ويعدّ ثبوﺗﻬا من غير محال محالا فهذا الشخص ايضا سفيه فانه ينكر بداهة نفسه بتقليد الناس لان كل من عنده تمييز يعرف بالبداهة ان ليس لتلك الصور محال اصلا بل لا احتياج لها الى المحال وهكذا جميع الممكنات عند ارباب الكشف والشهود وليست غير التماثيل مثل هذه الصور غاية ما في الباب ان الحق سبحانه و تعالى اتقن تلك الصور والتماثيل بقدرته الكاملة واحكم على ﻧﻬج صارت مصونة عن الخلل ومحفوظة من الزوال والمعاملة الاخروية الابدية مربوطة ﺑﻬا كما مر غير مرة وقال النظام من المتكلمين ومن علماء المعتزلة بحكم رمية من غير رام العالم اعراض مجمتعة وظنه خاليا من الجواهر نعم ان الكذوب قد يصدق ولما لم يقل بقيام هذه الاعراض بذات واجب الوجود جل سلطانه من قصور نظره صار موردا لطعن العقلاء وتشنيعهم فان العرض لا بد له من قيام بالغير ولا هو قائل بوجود الجوهر حتى يجعل قيامه مستندا اليه ومن الصوفية اعتقد صاحب الفتوحات المكية العالم اعراضا مجتمعة في عين واحد وجعل العين الواحد عبارة عن ذات احدية جل سلطانه ولكنه حكم بعدم بقاء هذه الاعراض في زمانين وقال ان العالم ينعدم في كل آن ويتجدد مثله و عند الفقير هذه المعاملة شهودية لا وجودية كما حقق هذا المبحث في حواشي شرح الرباعيات انه قد يرى للسالك في توسط الاحوال قبل ان ترتفع الاغيار عن نظره مطلقا في آن ان العالم صار معدوما وفي آن ثان يرى ان العالم موجود وفي آن ثالث يجده ايضا معدوما وفي آن رابع موجودا الى ان يشرف بالفناء المطلق ويجد العالم معدوما دائما ففي هذا الوقت العالم مستمر العدم في شهوده وهكذا حين توسط حصول البقاء والرجوع الى العالم يظهر العالم في النظر تارة ويختفي أخرى ومن هناك ايضا يتوهم حالة تجدد الامثال فاذا تمت لهذا العارف معاملة البقاء والرجوع الى العالم واستند في مقام التكميل والارشاد يظهر العالم في نظره ايضا ويجد العالم مستمر الوجود فصارت هذه المعاملة راجعة الى شهود السالك لا الى وجود العالم فان وجوده ما زال على وتيرة واحدة فان كان تذبذب فهو في الشهود واللّه سبحانه الملهم للصواب والحكم بعدم بقاء الاعراض في زمانين كما قال بعض المتكلمين مدخول فيه لم يبلغ مرتبة الثبوت والادلة التي اوردوها في عدم بقاء الاعراض غير تامة وهذه المعارف الغامضة كاﻧﻬا درس لاكثر الاصحاب هناك ينبغي اعطاء نقلها لكل من له شوق اليها ولما كان في الفقير نوع مرض لم يكتب لكل واحد من الاصحاب على حدة واكتفي ﺑﻬذه المعارف فقط و السلام عليكم و على من لديكم. |