١١ المكتوب الحادي عشر الى المخدوم زاده معدن الحقائق والمعارف اللامتناهية ومظهر الفيوضات الالهية مجدالدين الخواجه محمد معصوم في بيان بعض خصائص ظهور ما فوق العرش ومعنى قوله تعالى اللّه نور السموات والارض التأويلي وبعض خواص كمالات الانسان وفضائل الجزء الارضي منه وما يناسب ذلك نحمده و نصلي على عبده و على آله الكرام (اعلم) أن العالم الكبير مع وجود الوسعة و التفصيل فيه لما لم يكون فيه الهيئة الوحدانية ليست فيه قابلية ظهور البسيط الحقيقي اﻟﻤﺠرد عن النسب والاعتبارات المعرى عن تفاصيل الشئون والصفات واشرف اجزاء العالم الكبير عرش الرحمن الذي هو محل ظهور أنوار حضرة الذات المستجمعة لجميع الصفات وما وراء العرش اﻟﻤﺠيد من العالم الكبير لا تخلو الظهورات فيه عن شائبة الظلية كائنًا ما كان ولهذا خصص رب العالمين سر الاستواء مما بين أجزاء العالم الكبير بالعرش اﻟﻤﺠيد لكونه أفضل أجزاء ذلك العالم فان ظهور ظل من الظلال ليس هو ظهوره تعالى في الحقيقة حتى يعبر عنه بعبارة الاستواء وأيضا ان الظهور الذي فيه دائمي من غير تخلل الاستتار وان كان نور السموات والارض هو الحق سبحانه و تعالى ولكن ذلك النور مقرون بحجب الظلال لا ظهور له تعالى فيها من غير توسط الظلية وجميع تلك الظهورات مقتبسة من أنوار الظهور العرشي ظهرت محجبة بحجاب ظل من الظلال كماء البحر المحيط يحمل بتوسط الظروف الى الجوانب والاطراف وكمشعل عظيم تشعل منه المشاعل الصغار ويستضاء ﺑﻬا الآفاق والاكناف وكأن في قوله تعالى اللّه نور السموات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح الآية ايماء الى هذه المعارف فان التمثيل في هذه الآية الكريمة انما اختير لئلا ينفهم ظهور ذلك النور من غير توسط ولئلا يشبته الاصل بالظل وليعلم ان نور الظل موقد مقتبس ومأخوذ من الاصل يهدي اللّه لنوره من يشاء الآية الكريمة محمولة على مراد اللّه تعالى ونحن اولنا بتأويل كشف لنا فنقول بعون اللّه تعالى وحسن توفيقه سبحانه اللّه نور السموات والارض النور هو الذي تشرق به الاشياء وتستضئ والسموات والارض انما أشرقت به تعالى فانه سبحانه اخرجها من ظلمات العدم وجعلها متصفة بالوجود وتوابعه ونورها ينبغي ان يتصور السموات والارض التي أشرقت بذلك النور مثل المشكاة وان يعلم ذلك النور بمثابة المصباح الذي هو مودع في تلك المشكاة ودخول كاف التمثيل على المشكاة لاشتمالها على المصباح وينبغي ان يلاحظ الزجاجة حجب الاسماء والصفات فان ذلك النور متلبس بالاسماء والصفات وليس بمعري عن الشؤن والاعتبارات وزجاجة الصفات كأﻧﻬا كوكب دري من حسن الوجوب وجمال القدم وذلك المصباح المودع في تلك المشكاة موقد من شجرة مباركة زيتونة وهي كناية عن الظهور الجامع العرشي الذي الاستواء رمز من ذلك الظهور فان الظهورات التي تتعلق بالسموات والارض بمثابة الاجزاء لذلك الظهور الجامع وحيث كان ذلك الظهور الجامع لا مكانيا ولا جهتيا جاز ان يقال انه لا شرقي ولا غربي يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسه نار صفة مادحة لتلك الشجرة المباركة التي هي ممثل ﺑﻬا وبيان لصفاء زيتها وتلألئه نور على نور يعني ان حجاب الزجاجة لصفائه واشراقه ازداد في ذلك النور و زاد في حسنه وجماله لانه اجتمعت كمالات الصفات مع كمال الذات واقترن حسن الصفات بجمال الذات مع وجود تضاعف النور وكمال الظهور يهدي اللّه لنوره من يشاء بلر من لم يجعل اللّه له نورا فما له من نور وهذا الظهور الجامع الذي انتسب الى العرش منتهى المشاهدادت والمعاينات والمكاشفات وﻧﻬاية التجليات والظهورات سواء كانت تجليات ذاتية أو صفاتية وبعد ذلك تتقرر المعاملة على الجهل كما سيأتي نبذة من بيان ذلك ان شاء اللّه تعالى وهذا الظهور الجامع وان كان مقرونا بالصفات ولكن الصفات ليست في هذا الموطن حجابا للذات وحجابية الصفات للذات مخصوصة بالظهورات الظلية التي في مرتبة العلم وظهور الاصل في مقام العين فالصفات حجاب للذات في العلم لا في العين ألا ترى ان زيدًا اذا تعقلته في مرتبة العلم يكون ظهوره في العلم بالصفات كالطويل او القصير او العالم او الجاهل او الصغير او الكبير او الشاعر او الكاتب وكل تلك الصفات التي تعقلها حجاب لذاته وجميع تلك التقييدات الكلية لا تكون مفيدة لتشخصه فاذا خرج زيد من العلم الى العين وصار مشهودا مع وجود الصفات وانتقلت المعاملة من الظلية وتقررت على الاصالة فان الصور العلمية لزيد ظل زيد الموجود في الخارج وهو أصله فحينئذ لا تكون الصفات حجابا لذاته و يكون المحسوس شخصا مستجمعا لجميع الصفات وكذلك مفارقة الصفات لحضرة الذات تعالت وتقدست انما هي في مراتب الظلال والتصورات المثالية واما اذا تيسر الوصول الى الاصل لا توجد الصفات منفكة عن الذات ولا يكون شهود الذات منفكا عن شهود الصفات وتجلي الصفات الذي ميزوه عن تجلي الذات واثبتوا تجلي الافعال على حدة كل ذلك في مقامات الظلال وبعد الوصول الى الاصل ليس الا تجل واحد متضمن للتجليات الثلاثة مثلا زيد الذي يكون مشهودا لا يكون شهود ذاته منفكا عن شهود صفاته بل المشاهد له يجده حين شهوده عالما فاض ً لا فكما ان علمه وفضله ليسا بحجاب لرؤيته كذلك ليسا بمنفكين عنه أيضا نعم اذا كان زيد متعقلا ومدركا بالصور الظلية تكون صفاته منفكة عن ذاته وحجابا له كما مر ألا ترى ان المرئي في الآخرة هو الذات المستجمعة للصفات لا الذات المعراة عن الاسماء والصفات فان ذلك مجرد الاعتبار لانه لا تجرد للذات عن الصفات أصلا وليست الصفات منفكة عن الذات قطعا والتجرد انما يقال باعتبار ان العارف الكامل اذا استولى عليه التعلق بالذات تعالت وتقدست تسقط عن نظره ملاحظة الاسماء والصفات ولا يبقى مشهوده غير احدية الذات أصلا فتجرد الذات عن الصفات انما كان باعتبار نظر العارف لا باعتبار الخارج ونفس الامر كما سيجئ تحقيقه ان شاء اللّه تعالى (و أيضًا) ان هذا الظهور الجامع منتهى التصورات المثالية والكمال الذي يحصل بعد ذلك لا يمكن كونه متصورا في مرآة المثال فان التصور في المثال انما يكون لامر له مشاﺑﻬة ومناسبة بما في الخارج وان كانت تلك المشاﺑﻬة في الاسم فقط وأما الامر الذي لا مشاﺑﻬة له بشئ في الخارج بوجه من الوجوه فتصويره في المثال محال والكمالات الفوقانية من هذا القبيل لاﻧﻬا لا شئ يشاﺑﻬها بوجه من الوجوه حتى يمكن تصويرها في المثال ومن ههنا كان الجهل من لوازم ذلك الموطن في جميع الاوقات وصار عدم الادراك فيه علامة الادراك وفي هذه النشأة وان لم يحصل من ذلك المقام شئ غير الجهل وعدم الوجدان ولكن المرجو ان يحصل في الآخرة قوة وقلب لا يتلاشى في تشعشع النور و يكون خبيرًا عن حقيقة المعاملة (شعر): ألا أعطني قلبا ترى من جسارة ال * أسود وان الفيتي قبل ثعلبا (ولا يوقعنك) بيان ظهور ما فوق العرش في توهم ان الحق سبحانه و تعالى مستقر فوق العرش وثابت له تعالى المكان والجهة تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرًا وعما لا يليق بجناب قدسه تعالى فان ظهور صورة زيد في المرآة لا يستلزم اسقرار زيد في المرآة وان وقع القاصرون في التوهم وللّه المثل الاعلى ألا ترى ان المؤمنين يرون الحق تعالى في الآخرة في الجنة مع أن الجنة وغيرها سيان بالنسبة اليه تعالى والكل مخلوقه تعالى والتجلي الواقع في جبل الطور ليس فيه شائبة الحالية والمحلية غاية ما في الباب أن بعض المحال فيه قابلية الظهور وبعض آخر ليست فيه تلك القابلية ألا ترى أن المرآة فيها قابلية لظهور الصور وليست تلك القابلية لنعال الدواب مع ان كلا منهما من الحديد فالتفاوت انما هو في المظهر لا في الظاهر وجميع المظاهر قابلة او غير قابلة سواسية بالنسبة الى الظاهر وكذلك الالفاظ التي توهم الكلية والجزئية ويفهم منها الحالية والمحلية مصروفة عن الظاهر ليست بلائقة بجناب قدسه تعالى وانما يرتكب ايراد هذه الالفاظ من ضيق العبارة (شعر): اين قاعده ياد دار كانجاكه خداست * نه جزو نه كل و نه ظرف و نه مظروف (ترجمة): تعالى اللّه عن جزء وكل * ومظروف وظرف أو حلول ولما كان قلب الانسان عرش العالم الصغير ومشاﺑﻬا بعرش العالم الكبير وكان التجلي هناك بدون شائبة الظلية كانت لمعة من ذلك التجلي بدون تلك الشائبة نصيب ذلك القلب وان كان للسموات والارض نصيب من ذلك التجلي ولكنه في حجاب ظل من الظلال بخلاف القلب فانه مبرأ عن شائبة الظلية مثل العرش وان كان الظهور متفاوتا باعتبار الصغر والكبر (ع): ويبدو على قدر المرايا جماله فالتجلي بدون شائبة الظلية بعد العرش اﻟﻤﺠيد نصيب قلب كمل الانسان وحاصل غيرهم الظلية (ينبغي) أن يعلم ان الظهور العرشي وان كان مبرأ عن شائبة الظلية ولكن الصفات ممتزجة هناك بالذات تعالت وتقدست والشؤن والاعتبارات ثابتة في الذات والشئون والصفات وان لم تكن حجابا للذات في تلك المرتبة ولكنها مشاركة في المشاهدة والادراك ومساهمة في المحبة والعلاقة واسارى محبة الاحدية اﻟﻤﺠردة تعالت وتقدست لا يرضون بشركة أمر وبحكم الا للّه الدين الخالص يطلبون الدين الخالص (وعدم) شركة الصفات على تفاوت الدرجات نصيب الهيئة الوحدانية الانسانية ونصيب هيئة وحدانية قلب الانسان ونصيب الجزء الارضي للانسان وفوق كل ذلك هيئة وحدانية للانسان كائنة بمثابة جزئه الارضي وآخذة حكمه وبالجملة ان العمدة في هذه المعاملة هي الجزء الارضي وبقية الامور يعني الاجزاء كالمحسنات الزائدة وفي الانسان شيئان ليس شئ منهما في العرش ولا نصيب منهما للعالم الكبير فيه جزء ارضي ليس هو في العرش وفيه هيئة وحدانية ليست هي في العالم الكبير والشعور المتعلق بالهيئة الوحدانية فهو نور على نور ومخصوص بالعالم الاصغر فالانسان اعجوبة حصل لياقة الخلافة وتحمل ثقل الامانة (واستمع) ما يتلى عليك من الخصائص الغريبة الانسانية أن معاملة الانسان تبلغ مرتبة تحصل له قابلية مرآتية الاحدية اﻟﻤﺠردة ويصير مظهرًا للذات الاحد من غير اقتران الصفات والشؤنات والحال أن حضرة الذات تعالت وتقدست مستجمعة لجميع الصفات والشؤنات في جميع الاوقات لا انفكاك بينهما اصلا في وقت من الاوقات (وبيانه) ان الانسان الكامل اذا تخلص من اسر ما سوى الذات الاحدية تعالت وتقدست يحصل له التعلق بالذات الاحد ولا يكون شئ من الصفات والشؤن ملحوظا ومنظورا ومقصودا او مطلوبا له وبحكم المرء مع من احب يحصل له نوع من الاتصال اﻟﻤﺠهول الكيفية بحضرة الاحدية اﻟﻤﺠردة وذلك التعلق الذي كان له بالذات الاحد يثبت له نسبة القرب اﻟﻤﺠهولة الكيفية بالذات المترهة عن الكيف فيكون الانسان الكامل في ذلك الوقت مرآة للذات الاحد بحيث لا يكون شئ من الصفات والشؤنات مشهودا ومرئيا فيه بل تكون الاحدية اﻟﻤﺠردة تعالت وتقدست ظاهرة ومتجلية فيه سبحان اللّه العظيم ان الذات التي لم يكن من شأﻧﻬا الانفكاك عن الصفات اصلا كانت ظاهرة ومتجلية في مرآة مثل هذا الانسان الكامل بحيثية التجرد وصار الحسن الذاتي متميزًا عن الحسن الصفاتي ولم تتيسر هذه المرآتية لاحد غير الانسان الكامل ولم تكن حضرة الذات تعالت وتقدست متجلية في شئ غير الانسان الكامل بلا اقتران الصفات والشؤنات والعرش اﻟﻤﺠيد انما كان مظهر الحضرة الذات المستجمعة لجميع الصفات في العالم الكبير والانسان الكامل صار مظهرًا للذات الاحد اﻟﻤﺠردة عن الاعتبارات في العالم الصغير وهذه المرآتية من أعجوبات الانسان واللّه سبحانه المعطي لا مانع لما اعطاه ولا معطي لما منعه و السلام على من اتبع الهدى والتزم متابعة المصطفى عليه و على آله وأصحابه الصلوات و التسليمات العلى. |