١٧- باب النَّهي عن اللَّعْن ٩٢٥- روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن ثابت بن الضحَّاك رضي اللّه عنه، وكان من أصحاب الشجرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ". (٧) ٩٢٦- وروينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه؛ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لا يَنْبَغِي لِصِدِّيقٍ أنْ يَكُونَ لَعَّاناً". (٨) ٩٢٧- وروينا في صحيح مسلم أيضاً، عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعاءَ وَلا شُهَدَاءَ يَوْمَ القِيامَةِ". (٩) ٩٢٨- وروينا في سنن أبي داود والترمذي، عن سمرة بن جندب رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا تَلاعَنُوا بِلَعْنَةِ اللّه وَلا بِغَضَبِهِ وَلا بالنَّارِ" قال الترمذي: حديث حسن صحيح. (١٠) ٩٢٩- وروينا في كتاب الترمذي، عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لَيْسَ المُؤْمِنُ بالطَّعَّانِ وَلا اللَّعّان وَلا الفاحِشِ وَلا البَذيء" قال الترمذي: حديث حسن. (١١) ٩٣٠- وروينا في سنن أبي داود، عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إنَّ العَبْد إذَا لَعَنَ شَيْئاً صَعِدَتِ اللَّعْنَةُ إلى السَّماءِ فَتُغْلَقُ أبْوَابُ السَّماءِ دُونَهَا، ثمَّ تَهْبِطُ إلى الأرْضِ فَتُغْلَقُ أبْوَابُها دُونَها، ثُمَّ تأخُذُ يَمِيناً وَشِمالاً، فإذَا لَمْ تَجِدْ مَساغاً رَجَعَتْ إلى الَّذي لُعِنَ، فإن كان أهْلاً لِذَلِكَ وَإِلاَّ رَجَعَتْ إلى قائِلِها". (١٢) ٩٣١- وروينا في كتابي أبي داود والترمذي، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛ أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: "مَنْ لَعَنَ شَيْئاً لَيْسَ بأهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَة عَلَيْهِ". (١٣) ٩٣٢- وروينا في صحيح مسلم، عن عمران بن الحصين رضي اللّه عنهما قال: بينما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فَضَجِرَتْ فلعنتها، فسمعَها رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: "خُذُوا ما عَلَيْها وَدَعُوها فإنَّها مَلْعُونَةٌ" قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يَعرض لها أحد. (١٤) قلت: اختلف العلماء في إسلام حصين والد عمران وصحبته، والصحيح إسلامه وصحبته، فلهذا قلت رضي اللّه عنهما. ٩٣٣- وروينا في صحيح مسلم أيضاً، عن أبي برزة رضي اللّه عنه قال: بينما جاريةٌ على ناقةٍ عليها بعضُ متاع القوم، إذ بصرتْ بالنبيّ صلى اللّه عليه وسلم وتضايقَ بهم الجبلُ فقالت: حَلْ اللّهمّ العنها، فقالَ النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم: "لا تُصَاحِبُنا ناقَةٌ عَلَيْها لَعْنَةٌ" وفي رواية: "لا تُصَاحِبُنا رَاحِلَةٌ عَلَيْها لَعْنَةٌ مِنَ اللّه تَعالى". (١٥) قلت: حَلْ بفتح الحاء المهملة وإسكان اللام، وهي كلمة تزجر بها الإِبل. فصل:٩٣٤-في جواز لعن أصحاب المعاصي غير المعينين والمعروفين؛ ثبت في الأحاديث الصحيحة المشهورة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لَعَنَ اللّه الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ" (١٦) الحديث، وأنه قال: "لَعَنَ اللّه آكِلَ الرّبا" (١٧) الحديث، وأنه قال: "لَعَنَ اللّه المُصَوِّرِينَ" (١٨) وأنه قال: "لَعَنَ اللّه مَنْ غَيَّرَ مَنارَ الأرْضِ" (١٩) وأنه قال "لَعَنَ اللّه السَّارِقَ يَسْرِقُ البَيْضَةَ (٢٠) وأنه قال: "لَعَنَ اللّه مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ، وَلَعَنَ اللّه مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللّه" (٢١) وأنه قال "مَنْ أحْدَثَ فِينا حَدَثاً أوْ آوَى مُحْدِثاً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللّه وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أجمَعِينَ" (٢٢) وأنه قال: "اللّهمَّ الْعَنْ رِعْلاً وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللّه وَرَسُولَهُ" (٢٣) وهذه ثلاث قبائل من العرب، وأنه قال: "لَعَنَ اللّه اليَهُودَ حُرّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فجمَلُوها فَباعُوها" (٢٤) وأنه قال: "لَعَنَ اللّه اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيائِهِمْ مَسَاجِدَ" (٢٥) وأنه "لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال" (٢٦) وجميع هذه الألفاظ في صحيحي البخاري ومسلم بعضها فيهما وبعضها في أحدهما، وإنما أشرتُ إليها ولم أذكر طرقها للاختصار. ٩٣٥- وروينا في صحيح مسلم، عن جابر: أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم رأى حِماراً قد وُسِمَ في وجهه فقال: "لَعَنَ اللّه الَّذي وَسَمَهُ". (٢٧) ٩٣٦- وفي الصحيحين، أن ابن عمر رضي اللّه عنهما مرَّ بفتيان من قُريش قد نَصبوا طيراً وهم يرمونه، فقال ابن عمر: لعن اللّه من فعلَ هذا، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لَعَنَ اللّه مَنِ اتَّخَذَ شَيْئاً فِيهِ الرُّوحُ غَرَضاً". (٢٨) فصل:اعلم أن لعن المسلم المصون حرامٌ بإجماع المسلمين، ويجوزُ لعنُ أصحاب الأوصاف المذمومة كقولك: لعن اللّه الظالمين، لعن اللّه الكافرين، لعن اللّه اليهود والنصارى، ولعن اللّه الفاسقين، لعن اللّه المصوّرين، ونحو ذلك مما تقدَّم في الفصل السابق. وأما لعن الإِنسان بعينه ممّن اتَّصَفَ بشيءٍ من المعاصي؛ كيهودي أو نصراني أو ظالم أو زانٍ أو مصوّرٍ أو سارقٍ أو آكلِ ربا، فظواهر الأحاديث أنه ليس بحرام. وأشارَ الغزالي إلى تحريمه إلا في حقّ مَن عَلِمْنَا أنه مات على الكفر كأبي لهب وأبي جهل وفرعونَ وهامانَ وأشباههم، قال: لأن اللعن هو الإِبعاد عن رحمة اللّه تعالى، وما ندري ما يُتم به لهذا الفاسق أو الكافر. قال: وأما الذين لعنَهم رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بأعيانهم فيجوزُ أنه صلى اللّه عليه وسلم عَلِمَ موتَهم على الكفر. قال: ويقربُ من اللعن الدعاء على الإِنسان بالشرّ حتى الدعاء على الظالم؛ كقول الإِنسان: لا أصحَّ اللّه جسمَه، ولا سلَّمه اللّه، وما جرى مجراه، وكلُّ ذلك مذمومٌ، وكذلك لعنُ جميع الحيوانات والجماد فكلُّه مذموم. فصل:حكى أبو جعفرُ النحاس عن بعض العلماء أنه قال: إذا لعن الإِنسانُ ما لا يستحقّ اللعن، فليبادرْ بقوله: إلاّ أن يكون لا يستحقّ. فصل:ويجوزُ للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر وكلّ مؤدِّب أن يقولَ لمن يخاطبه في ذلك الأمر: ويلك، أو يا ضعيفَ الحال! أو يا قليلَ النظر لنفسه! أو يا ظالمَ نفسه! وما أشبه ذلك بحيث لا يتجاوز إلى الكذب، ولا يكون فيه لفظُ قذفٍ، صريحاً كان أو كنايةً أو تعريضاً، ولو كان صادقاً في ذلك، وإنما يجوزُ ما قدَّمناه ويكون الغرضُ منه التأديب والزجر، وليكونَ الكلامُ أوقعَ في النفس. ٩٣٧- روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أنس رضي اللّه عنه؛ أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم رأى رجلاً يسوقُ بدنةً، فقال: "ارْكَبْها"، فقال: إنها بدنة، قال قال: ”ارْكَبْها"، قال: إنها بدنة، قال في الثالثة: ارْكَبْها وَيْلَك". ٩٣٨- وروينا في صحيحيهما، عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: بينا نحن عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو يَقسم قَسْماً أتاه ذو الخويصرة، رجلٌ من بني تميم، فقال: يا رسول اللّه! اعدل، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أعْدِلْ". (٢٩) ( البخاري (٦١٦٣)، ومسلم (١٠٦٤) ٩٣٩- وروينا في صحيح مسلم، عن عديّ بن حاتم رضي اللّه عنه: أن رجلاً خطبَ عندَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: مَنْ يُطع اللّه ورسولَه فقد رشدَ، ومَنْ يعصهِمَا فقد غوى، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "بِئْسَ الخَطِيبُ أنْتَ، قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللّه وَرَسُولَهُ". (٣٠) ٩٤٠- وروينا في صحيح مسلم، أيضاً، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما: أن عبداً لحاطب رضي اللّه عنه جاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يشكو حاطباً فقال: يا رسولَ اللّه! ليدخلنّ حاطبٌ النَّارَ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "كَذَبْتَ لا يَدْخُلُها، فإنَّهُ شَهِدَ بَدْراً وَالحُدَيْبِيَةَ". (٣١) ١٦/٩٣١ وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، قولَ أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه لابنه عبد الرحمن حين لم يجده عشَّى أضيافه: يا غنثر، وقد تقدم بيان هذا الحديث في كتاب الأسماء. (٣٢) ١٧/٩٣٢ وروينا في صحيحيهما: أن جابراً صلَّى في ثوب واحد وثيابه موضوعة عنده، فقيل له: فعلتَ هذا؟ فقال: فعلته ليراني الجهّالُ مثلكُم، وفي رواية: ليراني أحمق مثلك. (٣٣) |