١٧- باب النّهي عنِ التَّكَنِّي بأبي القَاسِم ٧٦١- روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن جماعة من الصحابة منهم جابر وأبو هريرة رضي اللّه عنهما؛ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال قال: ”سَمُّوا باسْمي وَلا تُكَنٌّوا بِكُنْيَتِي" (٤٢) قلت: اختلف العلماء في التكنّي بأبي القاسم على ثلاثة مذاهب: فذهب الشافعي رحمه اللّه ومَنْ وافقه إلى أنه لا يَحِلُّ لأحد أن يَتَكَنَّى أبا القاسم، سواء كان اسمه محمداً أو غيره، وممّن روى هذا من أصحابنا عن الشافعي الأئمةُ الحفّاظُ الثقات الأثبات الفقهاء المحدّثون: أبو بكر البيهقي، وأبو محمد البغوي في كتابه "التهذيب" في أول كتاب الكاح، وأبو القاسم بن عساكر في تاريخ دمشق. والمذهب الثاني: مذهب مالك رحمه اللّه أنه يجوز التكنّي بأبي القاسم لمن اسمه محمد ولغيره، ويجعل النهي خاصاً بحياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. والمذهب الثالث: لا يجوز لمن اسمه محمد ويجوز لغيره. قال الإِمام أبو القاسم الرافعي من أصحابنا: يُشبه أن يكون هذا الثالث أصحّ، لأن الناس لم يزالوا يكتنون به في جميع الأعصار من غير إنكار، وهذا الذي قاله صاحب هذا المذهب فيه مخالفة ظاهرة للحديث. وأما إطباق الناس على فعله مع أن في المتكنين به والمكنّين الأئمة الأعلام، وأهل الحلّ والعقد والذين يُقتدى بهم في مهمات الدين ففيه تقوية لمذهب مالك في جوازه مطلقاً، ويكونون قد فهموا من النهي الاختصاص بحياته صلى اللّه عليه وسلم كما هو مشهور من سبب النهي في تكنّي اليهود بأبي القاسم ومناداتهم يا أبا القاسم للإِيذاء، وهذا المعنى قد زال، واللّه أعلم. |