٣- باب ما يقولُه عند عَقْدِ النِّكَاح يُستحبُّ أن يخطبَ بين يدي العقد خطبةً تشتملُ على ما ذكرناهُ في الباب الذي قبلَ هذا وتكونُ أطولَ من تلك، وسواء خطبَ العاقدُ أو غيرُه. وأفضلُها: ٧١٧- ما روينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وغيرها، بالأسانيد الصحيحة، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال: علَّمنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خطبة الحاجة: "الحَمْدُ للّه نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا، مَنْ يَهْدِ اللّه فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّه، وأشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ {يا أيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها، وَبَثَّ مِنْهُما رِجَالاً كَثِيراً وَنِساءً، واتَّقُوا اللّه الذي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ إنَّ اللّه كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء: ١]. {يا أيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّه حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وأَنْتُمْ مُسْلِمُون} [آل عمران: ١٠٢] {يا أيُّهَا الَّذين آمَنوا اتَّقُوا اللّه وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أعْمالَكُمْ، ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، وَمَنْ يُطِعِ اللّه وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيماً} [الأحزاب: ٧١]". هذا لفظ إحدى روايات أبي داود. وفي رواية له أخرى (٤) بعد قوله ورسوله "أرْسَلَهُ بالحَقّ بَشِيراً وَنَذِيراً بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، مَنْ يُطِعِ اللّه وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِما فإنَّهُ لا يَضُرُّ إِلاَّ نَفْسَهُ وَلا يَضُرُّ اللّه شَيْئاً" قال الترمذي: حديث حسن. قال أصحابنا: ويُستحبُّ أن يقول مع هذا: أُزوِّجك على ما أمر اللّه به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وأقلّ هذه الخطبة: الحَمْدُ للّه وَالصَّلاةُ على رَسُولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أُوصِي بِتَقْوَى اللّه، واللّه أعلم. (٥) واعلم أن هذه الخطبة سنّة، لو لم يأتِ بشيء منها صحَّ النكاح باتفاق العلماء. وحكي عن داود الظاهري رحمه اللّه أنه قال: لا يصحّ، ولكن قال .العلماء المحققون: لا تعدّوا خلافَ داود خلافاً معتبراً، ولا ينخرقُ الإِجماعُ بمخالفته، واللّه أعلم. وأما الزوجُ فالمذهب المختار أنه لا يخطب بشيء، بل إذا قال له الوليّ: زوّجتك فلانة. يقول متصلاً به: قبلتُ تزويجها؛ وإن شاء قال: قبلتُ نكاحَها، فلو قال: الحمد للّه والصلاة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قبلتُ، صحَّ النكاحُ، ولم يضرّ هذا الكلام بين الإِيجاب والقبول؛ لأنه فصل يسير له تعلق بالعقد. وقال بعض أصحابنا: يبطلُ به النكاح؛ وقال بعضهم: لا يبطلُ بل يُستحبّ أن يأتي به، والصوابُ ما قدّمناه أنه لا يأتي به ولو خالف فأتى به لا يَبطل النكاح، واللّه أعلم. |