Geri

   

 

 

İleri

 

القسم الخامس

أي من العوارض المكتسبة وهو السفر السفر قطع المسافة لغة وفي الشريعة هو الخروج على قصد المسير إلى موضع بينه وبين ذلك الموضع مسيرة ثلاثة أيام فوقها سير الإبل ومشي الأقدام على ما عرف يعني في المبسوط وغيره أن ما ذكرنا هو المختار وأن

قوله عليه السلام يمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام ولياليها يدل على هذا التقرير المذكور وهو حديث مشهور وأنه لا ينافي شيئا من الأهلية أي لا يحل بها بوجه لبقاء القدرة الظاهرة والباطنة بكمالها

ولا يمنع شيئا أي

(٤/٥٢٤)

وجوب شيء من الأحكام نحو الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها لكنه جعل في الشرع من أسباب التخفيف بنفسه مطلقا يعني من غير نظر إلى كونه موجبا للمشقة أو غير موجب لها لأنه أي السفر من أسباب المشقة لا محالة يعني في الغالب حتى لو تنزه سلطان من بستان إلى بستان في خدمه وأعوانه لحقه مشقة بالنسبة إلى حال إقامته فلذلك اعتبر نفس السفر سببا للرخص وأقيم مقام المشقة بخلاف المرض حيث لم تتعلق الرخصة بنفسه لأنه متنوع إلى ما يضر به الصوم وإلى ما لا يضر به بل ينفعه فلذلك تعلقت الرخص بالمرض الذي يوجب المشقة بازدياد المرض لا بما لا يوجبها

ألا ترى أنه لو حدث به برص في حال الصوم لا يمكن أن يرخص له بالإفطار مع أنه من الأمراض الصعبة فعرفنا أن الحكم غير متعلق بنفس المرض كما ظنه بعض أصحاب الحديث واختلف في أثر السفر في الصلوات فأثره في حق الصلوات عندنا إسقاط الشطر من ذوات الأربع حتى لم يبق إلا كمال مشروع أصلا فكان ظهر المسافر وفجره سواء وعند الشافعي رحمه اللّه حكم السفر ثبوت حق الترخص له بأن يصلي ركعتين إن شاء كما في الإفطار حتى لو لم يشأ لم يجزه إلا الأربع وإذا فاتت لزمه قضاء الأربع عنده وقد أوضح الشيخ رحمه اللّه هذه المسألة هاهنا غاية الإيضاح وقد مر بيانها في باب العزيمة والرخصة فلا يحتاج إلى زيادة شرح دليلان ظاهران من النص والمعقول ودليلان خفيان منهما أيضا القصر أصل قال مقاتل كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يصلي بمكة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي فلما عرج به إلى السماء أمر بالصلوات الخمس فصارت الركعتان للمسافر وللمقيم أربعا كذا في

(٤/٥٢٥)

التيسير إلا بنص والنص في حال الإقامة دون السفر أن اللّه تعالى تصدق عليكم فاقبلوا صدقته يعني القصر المتعلق بالسفر صدقة من اللّه تعالى عليكم فاعملوا بها واعتقدوها والقصر المذكور في الكتاب المعلق بالخوف غير هذا القصر وهو قصر الأحوال على ما بيناه

لا يحتمل الرد لأن إثبات حق يحتمل التمليك من اللّه تعالى لا يحتمل الرد كالإرث فإسقاط حق لا يحتمل التمليك أولى أن لا يحتمل الرد وهذا بخلاف إبراء الدين من العباد حيث يحتمل الرد لأن فيه معنى التمليك من وجه لأن الدين مال من وجه دون وجه فلا يكون إسقاطا محضا فيجوز أن يرتد بالرد عملا بجهة التمليك وإن لم يتوقف صحته على القبول عملا بجهة الإسقاط فأما هذا فإسقاط محض فلا يحتمل الرد بوجه لأنه يتم بالمسقط وهو جواب عن تمسك الخصم بهذا الحديث فإنه قال سماه صدقة وأمر بالقبول فيتوقف الترخص على القبول فأجاب بما ذكر لكان اختيارا في وضع الشرع يعني لو علق الترخص باختياره على معنى إن شاء قبل وإن شاء رد لكان ذلك نصب شريعة مفوضا إلى رأي العباد وصار كأن الشارع قال اقصروا إن شئتم وهذا أمر لا نظير له فأمر اللّه تعالى من ندب أو إباحة أو وجوب غير متعلق برأي العبد بل حكمه نافذ في الحال ولو علق به لم يكن شرعا في الحال كالطلاق المعلق بالمشيئة وإذا شاء العبد كان الثبوت مضافا إلى المشيئة كما في الطلاق المعلق بالمشيئة بخلاف سائر الشروط لأن التعليق بالمشيئة تمليك ولا يجوز إضافة نصب الشريعة إلا إلى اللّه عز وجل أو رسله عليهم السلام بخلاف صدقة العباد فإنها متعلقة باختيار المتصدق عليه لأن ولاية المتصدق غير نافذة فلهذا تعلق به أما صيرورة الصلاة ركعتين أو أربعا فليس إلينا بل الأداء إلينا ومباشرة العلل من سفر وإقامة دون إثبات الأحكام

ولا يلزم عليه ثبوت الخيار بين المشروعين كما في الجمعة مع الظهر في حق العبد المأذون وكما في أنواع الكفارة لأن خياره هناك في تعيين

(٤/٥٢٦)

المشروع لا في أصل المشروع أما هاهنا فليس مشروع الوقت إلا صلاة واحدة مقصورة أو كاملة فمتى تعين القصر مشروعا لم يبق إلا كمال لأنهما لا يجتمعان كالظهر مع العصر في وقت واحد وهذا لأن السفر متى أوجب القصر طارئا لم يبق الأربع كالإبراء عن بعض الدين إذا وجب السقوط لم يبق الكمال إلا بالرد فكذلك هاهنا لا تكمل الصلاة إلا برد هذا الشرع وما للعبد هذه الولاية وهذا أي إثبات الخيار على وجه يؤدي إلى الشركة في وضع الشرع غلط ظاهر ألا ترى توضيحا لقوله إنما للعبد اختيار ما يرتفق به وكذلك المكاتب في جناياته يعني يلزمه الأقل من قيمته ومن الأرش ولا يخير بينهما وإذا كان كذلك أي كان الأقل متعينا في هذا المسائل ولم يثبت الخيار والجنس واحد احتراز عن التخيير بين الجمعة والظهر للعبد المأذون في الجمعة الثواب في حسن الطاعة لا في الطول والقصر قال عليه السلام ركعتان من تقي خير من ألف ركعة من مخلط فكذلك أي مثل ظهر العبد وجمعة الحر ظهر المقيم وظهر المسافر لا يصح بناؤه على حكم الآخرة بل يجب بناؤه على ما نعقله في الدنيا من لزوم وبراءة بلا أداء كما في الاختيار في أنواع كفارة اليمين فإنه مبني على اليسر الحالي في الدنيا لا على الثواب

قوله وإنما الحكم وهو قصر الصلاة بالسفر إذا اتصل السفر بسبب الوجوب وهو الجزء الذي يتصل بالأداء ثبت هذا إذ الجزء الأخير من الوقت حتى ظهر أثره أي أثر السفر في أصل الواجب وهو الأداء بالقصر فظهر في قضائه الذي هو خلفه فلهذا لو فاتته صلاة

(٤/٥٢٧)

في السفر قضاها في السفر وفي الحضر ركعتين وإذا لم يتصل السفر بالسبب فلا أي لا يثبت القصر حتى لو فاتته رباعية في الحضر قضاها في السفر أربعا وهذا لأنه لا بد من أن يقارن المانع المثبت ليمنعه عن العمل فإذا تأخر ثبت الحكم وتقرر فلا يزول إلا بالأداء أو الرافع والسفر مانع لا رافع وعند الشافعي رحمه اللّه إذا مضى من الوقت مقدار ما يصلى فيه أربع ركعات ثم خرج مسافرا صلى أربعا وعندنا يصلي ركعتين بناء على أن وجوب الصلاة عنده يتعلق بأول الوقت فإذا كان مقيما في أوله وجب عليه صلاة المقيمين وعندنا الوجوب يتعلق بآخر الوقت لأنه مخير في أول الوقت بين الأداء والتأخير والوجوب ينفي التخيير فإذا كان مسافرا في آخره كان عليه صلاة السفر

قوله ولما كان السفر من الأمور المختارة أي الأمور التي يتعلق وجودها باختيار العبد وكسبه ولم يكن موجبا ضرورة لازمه يعني بعدما تحقق لا يوجب ضرورة تدعو إلى الإفطار بحيث لا يمكن دفعها لأن المسافر قادر على الصوم من غير تكلف ومن غير أن تلحقه آفة في بدنه أو معناه أن الضرورة الداعية إلى الفطر غير لازمة لإمكان دفعها بالامتناع عن السفر لأنه من الأمور المختارة بخلاف المرض قيل له أي للمسافر إن المسافر هو من قبيل إقامة المظهر مقام المضمر ولو لم تذكر كلمة له لكان أوضح أي أجيب وأفتي في حق المسافر إذا نوى الصيام في رمضان وشرع فيه بأنه لم يحل له الفطر لعدم الضرورة الداعية إليه وتقرر الوجوب بالشروع وإنما قيد بقوله وشرع فيه لأنه إذا عزم على الصوم ثم فسخه قبل انفجار الصبح يباح له الإفطار كمن عزم على صوم النفل ثم رجع عنه قبل الصبح يباح له الأكل ولا يلزمه القضاء لأنه لم يوجد منه الشروع في الصوم فكذلك هاهنا بخلاف المريض إذا تكلف للصوم بتحمل زيادة المرض ثم بدا له أن يفطر حل له ذلك لأن الضمير راجع إلى المفهوم أي المرض سبب ضروري للمشقة أي هو

(٤/٥٢٨)

يوجب مشقة لازمة على تقدير الصوم إذ لو لم يوجب مشقة لما صلح سببا للترخص بالإفطار وكذا لا يمكن دفعه لأنه أمر سماوي وهذا أي السفر موضوع للمشقة أي أقيم مقام المشقة في إباحة الإفطار لا أن يكون موجبا للمشقة حقيقة لا محالة فكانت المشقة فيه موجودة تقديرا لا تحقيقا فلا تؤثر في إباحة نقض الصوم الذي شرع فيه مع أن السفر لا ينافي استحقاق الصوم

ولكنه أي المسافر استدراك من

قوله لم يحل له الفطر وإذا أصبح رجل مقيما وعزم على الصوم ثم سافر لم يحل له الفطر لأن أداء الصوم وجب عليه في هذا اليوم حقا للّه تعالى وإنما إنشاء السفر باختياره فلا يسقط به ما تقرر وجوبه عليه بخلاف ما إذا مرض المقيم حيث حل له الفطر لأنه أمر سماوي موجب للمشقة حقيقة فيؤثر في إباحة الإفطار وإذا أفطر أي في حال السفر مع أنه يحل له الفطر لم تلزمه الكفارة عندنا لتمكن الشبهة في وجوب الكفارة باقتران السبب المبيح بالفطر فإن السفر مبيح للفطر في الجملة فصورته تمكن شبهة وإن لم توجب إباحة وذكر عن الشافعي رحمه اللّه في مختصر البويطي أنه تلزمه الكفارة اعتبارا لآخر النهار بأوله وهذا بعيد فإن في أوله يعري فطره عن شبهة وبعد السفر يقترن السبب المبيح بالفطر ولو وجد هذا السبب في أول النهار يباح له الفطر فإذا وجد في آخره يصير شبهة كذا في المبسوط

وإذا نظر أي المقيم العازم على الصوم ثم سافر لم تسقط عنه الكفارة بخلاف ما إذا مرض بعد الفطر مرضا يبيح الإفطار حيث تسقط به الكفارة عنه لما قلنا إن السفر مكتسب ولا يزيل استحقاق الصوم عليه حق لا يباح له الفطر ولا يصير شبهة في سقوط حكم تقرر عليه شرعا حقا للّه تعالى لأنه يصير كأنه أسقطه باختياره هذا أي المرض سماوي وإذا وجد في آخر النهار يزيل استحقاق الصوم لأنه يبيح له الفطر لو كان صائما وزوال الاستحقاق لا يتجزأ فيصير زائلا من أوله كالحيض يعدم الصوم من أوله فيصير شبهة في سقوط الكفارة حتى لو صار السفر خارجا عن اختياره أيضا بأن أكرهه السلطان على السفر في اليوم الذي أفطر فيه متعمدا سقط عنه الكفارة أيضا في رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمهما اللّه كذا في فتاوى قاضي خان رحمه اللّه فإن قيل السبب المبيح إنما يعمل في القائم ولم يبق الصوم فكيف يعمل في

(٤/٥٢٩)

المعدوم قلنا ولو كان الصوم قائما لما أوجب الإباحة حقيقة من أول النهار لكنه لما كان معدوما صار شبهة لأن الفطر إنما يكون علة لوجوب الكفارة باعتبار أن الصوم مستحق وإنما يكون ذلك الجزء مستحقا على تقدير عدم تحقق المبيح إلى آخر النهار لأنه مما لا يتجزأ ثبوته فإذا زال في البعض زال في الكل

قوله وأحكام السفر أي الرخص التي تعلقت به ثبت بنفس الخروج من عمر أن المصرح بالسنة المشهورة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فإنه عليه السلام كان يترخص ترخص المسافرين حين يخرج إلى السفر وعلي رضي اللّه عنه حين خرج من البصرة يريد الكوفة صلى الظهر أربعا ثم نظر إلى خص أمامه وقال لو جاوزنا ذلك الخص صلينا ركعتين

وكان القياس أن لا يثبت الأحكام إلا بعد تمام السفر بالمسير ثلاثة أيام لأن العلة تتم به والحكم لا يثبت قبل تمام العلة لكن ترك القياس بالسنة تحقيقا للرخصة في حق الجميع فإن شرعية رخص السفر للترفيه فلو توقف الترخص بها على تمام العلة بتمام ثلاثة أيام لتعطلت الرخص في حق من لم يكن مقصده سوى مسيرة ثلاثة أيام ولم تفد فائدتها في حقه فتعلقت بنفس الخروج تعميما للحكم في حق الجميع وإثباتا للترفيه في جميع مدة السفر ثم استوضح عدم تمام السفر علة بقوله

ألا ترى أن المسافر إذا نوى رفض السفر بأن بدا له أن يرجع إلى مصره قبل أن يسير ثلاثة أيام صار مقيما حتى صلى صلاة المقيم في انصرافه ولم يشترط لصيرورته مقيما محل الإقامة لأن السفر لما لم يتم علة بالمسير ثلاثة أيام كانت نية الإقامة منه نقضا للعارض وهو السفر لا ابتداء علة وصار كأن السفر لم يكن وكأنه لم يزل مقيما كما كان فلم يشترط محل الإقامة

وإذا سار ثلاثا ثم نوى الإقامة في غير موضع إقامة لا تصح لأن هذا أي نية الإقامة على تأويل القصد إيجاب أي إثبات إقامة ابتداء لا نقض السفر لأنه قد تم فلم يصح في غير محله أي لم يصح الإيجاب وهو الإقامة في غير محله وهو المفازة

قوله لقوله تعالى فمن اضطر غير باغ ولا عاد وجه تمسكه به أنه تعالى

(٤/٥٣٠)

أثبت الترخص بأكل الميتة للمضطر الموصوف بكونه غير باغ أي خارج على الإمام ولا عاد أي على المسلمين بقطع الطريق فبقيت الحرمة في حق الباغي والعادي بأول الآية كما بقيت في حق غير المضطر وإذا ثبت هذا الشرط في الترخص بقصر الصلاة والإخطار وسائر رخص السفر بطريق الدلالة أو بالقياس أو بعدم القائل بالفصل

ولأنه أي الباغي ومن في معناه عاص في مباشرة هذا السبب لأن عينه معصية فلم يصلح سبب رخصة لأنها نعمة وهي لا تستحق بالمعصية وجعل معدوما زجرا وعقوبة كما جعل السكر المحظور معدوما في حق الأحكام بهذا الطريق ولنا أن سبب الترخص وهو السفر موجود لأنه إنما يتحقق بالخروج والقصد إلى مكان بعيد وقد تحقق ذلك منه مع قصد الإغارة والتمرد فينظر أنه كان مسافرا بقصد الإغارة والتمرد أو بقصده مكانا بعيدا عينه للإغارة فيه فوجدناه مسافرا بقصده المكان البعيد لأنه لو قصد ذلك الموضع بدون قصد الإغارة يصير مسافرا ولو قصد الإغارة بدون القصد إلى المكان البعيد لم يصر مسافرا وإن طاف الدنيا بهذا القصد فإذا وجد الأمران هاهنا جعلناه مسافرا بقصده ذلك المكان وألغينا قصد الإغارة لأنه منفصل عنه على ما قرر في الكتاب بخلاف السكر لأنه حدث من شربه وشرب ما يسكره حرام فصار النهي عن هذه الجملة أي عن سفر البغي وسفر الإباق وسفر قطع الطريق ونحوها من كل وجه احتراز عن النهي لمعنى في غير المنهي عنه متصل به وصفا كصوم يوم العيد

وبذلك أي بالنهي لمعنى في غير المنهي عنه من كل وجه لا يمتنع تحقق الفعل مشروعا بالاتفاق كالصلاة في أرض مغصوبة فلا يمتنع تحقق الفعل سببا للرخصة بهذا النهي بطريق الأولى لأن صفة الحل في السبب دون صفة القربة في المشروع مقصودة لأنه مشروع للتقرب وصفة الحل في السبب غير مقصودة لأن السبب

(٤/٥٣١)

غير مقصود بنفسه بل هو وسيلة إلى المقصود وإنما يحتاج فيه إلى صفة الحل ليصلح سببا للمشروع ومنافاة النهي القربة أقوى من منافاته الحل لأن القربة لا تثبت بدون الطلب والندب والحل يثبت بنفس الإباحة فكان النهي الذي هو للمنع أقوى منافاة للطلب من منافاته للحل ثم النهي الذي ورد لمعنى في غير المنهي عنه من كل وجه لا يوجب زوال صفة القربة عن المشروع ولا يمنع تحققه كالنهي عن الصلاة في الأرض المغصوبة فلأن لا يوجب زوال صفة الحل عن السبب ولا يمنع تحققه كان أولى أو يقال زوال صفة القربة عن المشروع بمثل هذا النهي لا يمنع تحقق المشروع كالطلاق في حالة الحيض فلأن لا يمنع زوال صفة الحل عن السبب بهذا النهي عن تحقق السبب كان أولى كذا في بعض الشروح

والأول أوجه وتبين أن قوله تعالى غير باغ في نفس الفعل يعني تبين بما ذكرنا أن المراد من قوله تعالى غير باغ ولا عاد البغي والعداء في نفس الفعل وكذلك أي البغي والعداء في نفس الفعل أن يتعدى المضطر إلى الميتة في الأكل عما يمسك به مهجته فعلى هذا كان البغي والعداء بمعنى واحد قال الإمام نجم الدين رحمه اللّه في التيسير قيل هما واحد ومعناهما مجاوزة قدر الحاجة والتكرار للتأكيد كقوله تعالى رءوف رحيم وقيل غير باغ أي طالب للمحرم وهو يجد غيره ولا عاد أي مجاوز قدر ما يقع به دفع الهلاك عن نفسه

وقيل هما تفسير

قوله فمن اضطر أي المضطر هو الذي يكون غير باغ ولا عاد في الأكل وهو كقوله تعالى محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإنه تفسير للمحصنات وقيل غير باغ أي متلذذ ولا عاد أي متزود وفي الكشاف غير باغ على مضطر آخر بالاستيثار عليه ولا عاد سدا لجوعة فتبين بهذه التأويلات أن المراد نفي البغي والعدو عن نفس الفعل وهو الأكل وأن التقدير فمن اضطر إلى المحرم فأكله غير باغ ولا عاد في أكله وصيغة الكلام أدل على هذا أي على رجوع البغي والعدو إلى الأكل مما قاله الشافعي من رجوعهما إلى الاضطرار لأن الآية سيقت لبيان حرمة الأكل وحله فكان صرف البغي والعدو إلى الفعل الذي هو

(٤/٥٣٢)

مقصود الكلام أولى من صرفه إلى ما ليس بمقصود فيه وذكر في شرح التأويلات أنه لا فتوى أضيع من فتواه هذه لأن أحدا من البغاة وقطاع الطريق لا يأخذ بفتياه لأنه لما لم يمتنع عن البغي أو قطع الطريق مع أنه لا يلحقه كثير ضرر في الامتناع عنه فكيف يمتنع عن أكل الميتة وفي ذلك هلاكه ثم هذا مناقضة منه فإنه قال في الباغي المقيم يمسح يوما وليلة وإذا سافر هذا الباغي لم يرخص له المسح والمسح كما هو رخصة في السفر رخصة في الحضر فما باله حرم إحدى الرخصتين وأباح الأخرى مع وجود الظلم والبغي ولم يعتبر ما ذكر من المعنى

(٤/٥٣٣)