باب الترجيحاعلم أن العلماء اختلفوا في جواز التمسك بالترجيح عند التعارض ووجوب العمل بالراجح فقال بعضهم الواجب عند التعارض التوقف أو التخيير دون الترجيح لقوله تعالى فاعتبروا يا أولي الأبصار فقد أمر بالاعتبار والعمل بالمرجوح اعتبار وقوله عليه السلام ونحن نحكم بالظاهر والحكم بالمرجوح حكم بالظاهر ولأن الأمارات الظنية لا تزيد على البينات والترجيح غير معتبر في البينات حتى لم ترجح شهادة الأربعة على شهادة الاثنين فكذا في الأمارات وذهب الجمهور إلى صحة الترجيح ووجوب العمل بالراجح متمسكين في ذلك بإجماع الصحابة والسلف على تقديم بعض الأدلة الظنية على البعض إذا اقترن به ما يقوى به على معارضة فإنهم قدموا خبر عائشة رضي اللّه عنها في التقاء الختانين على خبر من روى أن لا ماء إلا من الماء وقدموا أيضا من روت من أزواجه أنه عليه السلام كان يصبح جنبا وهو صائم على ما روى أبو هريرة عن الفضل بن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ورضي عنهم من أصبح جنبا فلا صيام له وقوى علي خبر أبي بكر رضي اللّه عنهما فلم يحلفه وحلف غيره وقوى أبو بكر رضي اللّه عنه خبر المغيرة في ميراث الجدة لما روى معه محمد بن مسلمة إلى غير ذلك مما يكثر تعداده ولأن العقلاء يوجبون العمل بالراجح بعقولهم في الحوادث والأصل تنزيل الأمور الشرعية على وزان الأمور العرفية لكونه أسرع إلى الانقياد ولهذا قال عليه السلام ما رآه المسلمون حسنا فهو عند اللّه حسن والجواب عن تمسكهم بالآية أن مقتضاها وجوب النظر وليس فيها ما ينافي القول بوجوب العمل بالراجح وعن احتجاجهم بالسنة منع كون المرجوح ظاهرا لأن الظاهر هو ما ترجح أحد طرفيه على الآخر والمرجوح مع الراجح ليس كذلك وعن تعلقهم بمسألة الشهادة ما سيأتي واعلم أيضا أن الترجيح إنما يقع بين المظنونين لأن الظنون تتفاوت في القوة ولا يتصور ذلك في معلومين إذ ليس بعض العلوم أقوى من بعض وإن كان بعضها أجلى وأقرب حصولا وأشد استغناء عن التأمل ولذلك قلنا إذا تعارض نصان قاطعان فلا سبيل إلى (٤/١١٠) الترجيح بل المتأخر هو الناسخ إن عرف التاريخ وإلا وجب المصير إلى دليل آخر أو التوقف ولا في معلوم ومظنون لاستحالة بقاء الظن في مقابلة العلم فثبت أن محل الترجيح الدلائل الظنية فبعد ذلك الكلام في ترجيح الأقيسة على الأوجه التي ذكرها الشيخ في الكتاب قوله في تفسير الترجيح ومعناه لغة وشريعة يحتمل أن يكون من اللف والنشر المستقيم أي في تفسير الترجيح لغة ومعناه شريعة ويجوز أن يكون من اللف والنشر المشوش أي في تفسير الترجيح شريعة ومعناه لغة أما الأول وهو تفسير الترجيح لغة وشريعة والثاني في الوجوه التي يقع بها الترجيح أي الوجوه الصحيحة التي يقع بها الترجيح في الأقيسة فأما وجوه الترجيح في الأخبار فقد مر الكلام فيها فإن الترجيح عبارة عن كذا فيه توسع لأن ما ذكر معنى الرجحان لا معنى الترجيح فإن الترجيح إثبات رجحان ولهذا قال القاضي الإمام الترجيح لغة إظهار الزيادة لأحد المثلين على الآخر وصفا لا أصلا من قولك أرجحت الوزن إذا زدت جانب الموزون حتى مالت كفته وطفت كفة السنجات ميلا لا يبطل معنى الوزن فصار الترجيح بناء على المماثلة فقوله بناء خبر صار وقائما خبر بعد خبر أو بناء مصدر بمعنى المفعول وقع موقع الحال وقائما خبر صار أي صار الترجيح على هذا التفسير الذي ذكرنا مبنيا على المماثلة قائما بكذا لأنه لما كان عبارة عن فضل أحد المثلين لا بد من المماثلة وقيام التعارض ولما كان ذلك الفضل من حيث الوصف لا بد من أن يكون قائما أي ثابتا بوصف هو تابع إذ الأوصاف أتباع للذوات ثم يحتمل أن يكون قوله فصار الترجيح إلى آخره بيان المعنى الشرعي والأول بيان المعنى اللغوي ويحتمل أن يكون هذا تحقيق المعنى اللغوي وقوله كذلك معنى الترجيح شرعا إشارة إلى المعنى الشرعي وأصل ذلك أي أصل الترجيح بالتفسير الذي ذكرناه رجحان الميزان أي هو مأخوذ منه فإنه عبارة عن زيادة بعد ثبوت المعادلة بين كفتي الميزان وتلك الزيادة على وجه لا يقوم بها المماثلة ابتداء ولا تدخل تحت الوزن منفردة عن المزيد عليه قصدا في العادة كالدانق ونحوه مثل الحبة والشعيرة فإن الدانق في مقابلة العشرة لا يعتبر وزنه عادة (٤/١١١) ولا يفرد له الوزن في مقابلتها بل يهدر ويجعل كأن لم يكن أما الستة والسبعة الواو بمعنى أو إذا ضمت إلى إحدى العشرتين يعني إذا قوبلت عشرة بعشرة وضمت إلى إحداهما ستة أو سبعة أو نحوهما لا يسمى ذلك ترجيحا لأن الستة ونحوها يعتبر وزنها في مقابلة العشرة ولا يهدر قال شمس الأئمة تسمى زيادة درهم على العشرة في أحد الجانبين رجحانا لأن المماثلة تقوم به أصلا وتسمى زيادة الحبة ونحوها رجحانا لأن المماثلة لا تقوم بها عادة ويجوز أن يكون مراد الشيخ من إحدى العشرتين حقيقة العشرة ومن الآخر السنجة التي في مقابلتها قوله وكذلك معنى الترجيح شرعا أي وكما بينا معنى الترجيح لغة فهو في الشرع بذلك المعنى أيضا إذ هو في الشرع عبارة عن إظهار قوة لأحد الدليلين المتعارضين لو انفردت عنه لا تكون حجة معارضة وهو معنى قول صاحب الميزان الترجيح أن يكون لأحد الدليلين زيادة قوة مع قيام التعارض ظاهرا وعبارة بعض الأصوليين أنه تقوية أحد الطريقين على الآخر ليعلم الأقوى فيعمل به ويطرح الآخر وفسره بعضهم بأنه عبارة عن اقتران أحد الصالحين للدلالة على المطلوب مع تعارضهما بما يقوى على معارضة فقوله أحد الصالحين احتراز عما لا يكون أحدهما أو كلاهما صالحي الدلالة وقوله مع تعارضهما احتراز عن الصالحين اللذين لا تعارض بينهما إذ الترجيح إنما يكون مع التعارض لا مع عدمه قوله ألا ترى أنا جوزنا التوضيح لما ذكر أن الترجيح في الشرع كالترجيح في اللغة من حيث إن ما يقع به الترجيح يكون وصفا لا أصلا فإنا قد جوزنا فضلا في الوزن في قضاء الديون بقوله عليه السلام للوزان حين اشترى سراويل بدرهمين زن وأرجح فإنا معاشر الأنبياء هكذا نزن ولم يجعله أي ذلك الفضل هبة حتى منع من الجواز لأن الفضل الذي يحصل به الرجحان زيادة تقوية وصفا بالموزون لا مقصودا بسببه فإن كان (٤/١١٢) ذلك الفضل أكثر مما يقع الترجيح كالدرهم على العشرة وكان من قبيل ما يقع به التعارض بصفة التطفيف يعني بوزن قصد في مقابلة الآخر وإن كان فيه صفة التطفيف صار ذلك الفضل هبة حتى كان باطلا لو لم يكن متميزا كهبة المشاع لأنه مما يقوم به المماثلة فإنه يكون مقصودا بالوزن فلا بد من أن يجعل مقصودا في التمليك بسببه وليس ذلك إلا الهبة فإن قضاء العشرة يكون بمثلها عشرة فتبين أن بالرجحان لا يفوت أصل المماثلة لأنه زيادة وصف بمنزلة زيادة وصف الجودة وما يكون مقصودا بالوزن يفوت به المماثلة ولا يكون ذلك من الرجحان في شيء قوله ولهذا قلنا أي ولما ذكرنا أن الترجيح لغة وشريعة إنما يقع بوصف هو تابع لا بما هو أصل قلنا في ترجيح العلل إنه لا يقع بما يصلح علة بانفراده لأنه لا يصلح تبعا وإنما يقع الترجيح بوصف لا يصلح علة بانفراده وهو قوة الأثر واعلم أن العلماء اختلفوا في الترجيح بكثرة الأدلة مثل أن يكون في أحد الجانبين حديث واحد أو قياس واحد وفي الآخر حديثان أو قياسان فذهب بعض أهل النظر من أصحابنا وبعض أصحابي إلى أنه يصح الترجيح بها لأن الدليل الواحد لا يقاوم إلا دليلا واحدا من جنسه فيتساقطان بالتعارض فيبقى الدليل الآخر سالما عن المعارضة فيصح الاحتجاج به ولأن المقصود من الترجيح قوة الظن الصادر عن إحدى الأمارتين المتعارضتين وقد حصلت قوة الظن في الدليل الذي عارضه دليل آخر مثله في إثبات الحكم فيترجح على الآخر ألا ترى أن العلة المنتزعة من أصول تترجح على المنتزعة من أصل واحد لتقويها بكثرة أصولها بالعلل المنتزعة من أصول وكلها يدل على حكم واحد تكون أولى بالترجح من العلة الواحدة من المنتزعة من أصل واحد لتقويها بكثرتها في أنفسها وكثرة أصولها أيضا وذهب عامة الأصوليين إلى أن الترجيح لا يقع بكثرة الأدلة لأن الشيء إنما يتقوى بصفة توجد في ذاته لا بانضمام مثله إليه كما في المحسوسات وهذا لأن الوصف لا قوام له بنفسه فلا يوجد إلا تبعا لغيره فيتقوى به الموصوف فأما الدليل المستبد بنفسه فلا يكون تبعا لغيره بل يكون كل واحد معارضا للدليل الذي يوجب الحكم على خلافه فيتساقط الكل بالتعارض وهذا بخلاف العلة المنتزعة من أصول لأنها باعتبار شهادة الأصول بصحتها تقوت في نفسها فتترجح على الأخرى بتقويها فأما العلل فلا تتقوى بكثرتها ولا بكثرة أصولها لأن كل أصل (٤/١١٣) يشهد بصحة علته المنتزعة منه لا بصحة علة أصل آخر ولا نسلم أن قوة الظن تحصل بكثرة الأدلة فإنه لو اجتمع ألف قياس وعارض تلك الأقيسة خبر واحد من أخبار الآحاد كان ذلك الخبر راجحا كما لو كان القياس واحدا ولو كان للكثرة أثر في قوة الظن لترجحت الأقيسة المتكثرة بتعاضدها على الحديث الواحد ويؤيد ما ذكرنا اتفاقهم على عدم ترجيح الشهادة بكثرة العدد فإن أحد المدعيين لو أقام شاهدين والآخر أربعة لا يترجح شهادة الأربعة على شهادة الاثنين لأن شهادة الاثنين علة تامة للحكم فلا تصلح مرجحة للحجة وكذا لو أقام ثلاثة لأن زيادة شاهد واحد من جنس ما يقوم به الحجة بطريق الأصالة كالذي يشهد بهلال رمضان وحده وفي السماء غيم فإن تلك الشهادة حجة حتى وجب على القاضي الأمر بالصوم فلا يقع به الترجيح ولو أقام أحدهما شاهدين مستورين والآخر شاهدين عدلين يترجح شهادة العدلين لظهور ما يؤكد معنى الصدق في شهادتهما فثبت أن الترجيح بكثرة الأدلة غير صحيح وأن الترجيح إنما يحصل بما يزيد قوة لما جعل حجة ويصير وصفا له قوله ولهذا أي ولأن الترجيح لا يقع بما يصلح دليلا بانفراده قالوا إن القياس لا يترجح بقياس آخر لما قلنا بل يترجح بقوة الأثر فيه يتأكد ما هو الركن في القياس ولا القياس بالنص لأن النص متى شهد لصحة القياس صارت العبرة للنص وسقط القياس في أن يضاف الحكم إليه في المنصوص نفسه على ما مر أن تعليل النص بعلة لا تتعدى ساقط ولأن النص فوق القياس وقد بينا أن القياس لا يترجح بقياس آخر لأنه لا يصير تبعا له فبالنص أولى ولا نص الكتاب بنص آخر يعني إذا وقعت المعارضة بين اثنين لا يترجح أحدهما بآية أخرى بل تترجح بقوة في النص بأن يكون مفسرا أو محكما والذي يعارضه دونه بأن كان مجملا أو مؤولا على ما ذكره في أول الكتاب حتى صار الحديث المشهور أولى من الغريب أي من الخبر الذي دونه من أخبار الآحاد لأن الحجة هي الخبر المنقول عن النبي صلى اللّه عليه وسلم والاشتهار يوجب قوة ثبوت في النقل الذي به يثبت الخبر عن النبي عليه السلام ويصير حجة ويصير وصفا للخبر لأنا نقول خبر مشهور ومتواتر وشاذ وبهذا خرج (٤/١١٤) الجواب عما يقال كان ينبغي أن يترجح الخبر بكثرة الرواة حتى لو كان لخبر راو واحد ولمعارضه راويان أو رواة يترجح على الأول إذ ليس في الاشتهار إلا كثرة الرواة وقد أنكر الشيخ ذلك في باب المعارضة لأن بكثرة الرواة إذا لم يبلغوا حد التواتر أو الشهرة لا يحدث وصف في الخبر يتقوى به بل هو في خبر الآحاد كما كان فأما إذا بلغ حد التواتر أو الشهرة فقد حدث فيه وصف تقوى به حيث يقال خبر مشهور ومتواتر فيعتبر هذه الكثرة في الترجيح دون الأولى ونقل عن بعض مشايخنا أن أحد النصين المتعارضين وإن كان لا يترجح بنص آخر ولكنه يترجح بالقياس لأن القياس غير معتبر في مقابلة النص فكان بمنزلة الوصف للنص الذي يوافقه وتابعا له فيصلح مرجحا وذكر شمس الأئمة رحمه اللّه أن أحد الخبرين لا يترجح بالقياس وينبغي أن يكون هذا أصح لأنه من جنس ما يصلح حجة بنفسه حالة الانفراد وإن لم يبق حجة مع النص كالشاهد الثالث لا يصلح مرجحا لإحدى البينتين لأنه من جنس ما يصلح حجة بنفسه بطريق الأصالة وإن لم يكن حجة في هذا الموضع وكذلك أي وكما لا يترجح أحد الدليلين بدليل آخر فيما ذكرنا من الأمثلة لا يترجح صاحب الجراحات على صاحبه فيما إذا جرح رجل رجلا جراحة يعني جراحة يقصد بها القتل وجرحه آخر جراحات كذلك أيضا حتى لو خدش أحدهما وجرح الآخر فالضمان إن كان خطأ والقصاص إن كان عمدا على الجارح دون الخادش فمات منها أي من جميع الجراحات بأن مات ولم تندمل واحدة منها حتى لو جرحه أحدهما واندمل ثم جرحه الآخر أو اندمل جرح أحدهما بعدما جرحاه ثم مات قبل اندمال جرح الآخر كان الدية أو القصاص على من لم يندمل جرحه دون الآخر وذلك خطأ إنما قيد به مع أنه لو كان عمدا لا يترجح صاحب الجراحات على الآخر بل يجب القصاص عليهما أيضا ليبين أن صاحب الجراحات وإن لم يترجح يساوي صاحب الجراحة الواحدة في وجوب الدية ولا يعتبر عدد الجراحات مع إمكان اعتباره بقسمة الدية عليه وبيانه أنه لو جرح أحدهما جراحة واحدة والآخر تسع جراحات فلو قيل بالترجيح لكان الدية في الخطأ والقصاص في العمد على صاحب التسع دون الآخر ولما سقط الترجيح كان اعتبار عدد الجراحات ممكنا في الخطأ بقسمة الدية عليه وإيجاب عشرها على صاحب الجراحة الواحدة وتسعة أعشارها على الآخر ومع ذلك لم يعتبر بل اعتبر عدد الجاني لا عدد الجنايات وفي العمد بعد سقوط الترجيح لا يمكن اعتبار عدد الجنايات بعدم تجزؤ القصاص فوضع المسألة في الخطأ ليبين (٤/١١٥) أن بعد سقوط الترجيح المصير إلى عدد الجاني لا إلى عدد الجنايات وإنما وجب المصير إلى عدد الجاني دون عدد الجنايات لأن الإنسان قد يموت من جراحة واحدة وقد لا يموت من جراحات كثيرة فلا يعتبر العدد في الجراحات ويعتبر الجراحات الحاصلة من الواحد بمنزلة جراحة واحدة ألا ترى أنه لو انفرد صاحب الجراحات لم تكن عليه إلا دية واحدة ولو انفرد صاحب الجراحة الواحدة كان عليه دية كاملة فعرفنا أن المعتبر عدد الجاني لا عدد الجنايات حتى يجعل وحده قاتلا إنما ذكر هذا ليعلم أن الترجيح في جعله قاتلا وحده وإهدار جناية الآخر لا في اعتبار عدد جناياته مع اعتبار جناية الآخر لأن كل جراحة يعني من جراحات صاحب الجنايات المتعددة يصلح معارضة لجراحة صاحب الواحدة فلم تصلح وصفا لجناية أخرى فلا يقع بها الترجيح ولو قطع أحدهما يده ثم جز الآخر رقبته فالقاتل هو الذي جز رقبته دون الآخر صاحب بزيادة قوة فيما هو علة النقل من فعله وهو أنه لا يتوهم بقاؤه حيا بعد فعله بخلاف الآخر قوله وكذلك قلنا أي وكما قلنا بمساواة صاحب الجراحات المتعددة صاحب الجراحة الواحدة قلنا بمساواة صاحب القليل صاحب الكثير في استحقاق الشقص الشائع المبيع في الشفعة والشقص الجزء من الشيء والنصيب وإنما وضع المسألة في الشقص وإن كان حكم الجواز عندنا كذلك حتى من كان جوازه من جانبين لا يترجح على من كان جوازه من جانب واحد ليمكنه بيان قول الشافعي رحمه اللّه بقوله وقد وافقنا الشافعي في هذا وصورته دار بين ثلاثة لأحدهم نصفها وللآخر ثلثها وللثالث سدسها فباع صاحب النصف نصيبه وطلب الآخران الشفعة لم يترجح صاحب الثلث على الآخر في استحقاق الشفعة حتى لم يكن له أن يأخذ جميع المبيع بالاتفاق لكن كان لكل واحد منهما استحقاق الشفعة بقدر نصيبه عند الشافعي فيقضى بالشقص المبيع بينهما أثلاثا بقدر ملكهما وإن كان البائع صاحب الثلث قضى به بين الباقيين أرباعا وإن كان صاحب السدس قضى به بين الآخرين أخماسا وعندنا يقضي بالمبيع بين الباقين أنصافا بكل حال وقوله لأن كل جزء إلى آخره دليل على المفهوم من هذا التقرير لا على الملفوظ وهو المساواة يعني قلنا إنهما سواء في استحقاق الشقص ولا رجحان لصاحب الكثير على (٤/١١٦) صاحب القليل لأن كل جزء من أجزاء السهم يعني السهم الذي في يد صاحب الأكثر علة تامة لاستحقاق جملة المبيع بالشفعة فقامت المعارضة لصاحب الكثير مع صاحب القليل بكل جزء مما في يده وإن قل فلم يصلح شيء من السهم الذي في يده وصفا لغير ذلك الشيء وهو باقي السهم فلا يقع به الترجيح إذ لم يوجد في جانب صاحب الكثير إلا كثرة العلة وهي غير صالحة للترجيح وقوله قد وافقنا الشافعي على هذا إشارة إلى المفهوم أيضا أي وافقنا على عدم الترجيح حيث لم يقل باستحقاق صاحب الكثير كل المبيع أيضا ولو رجح صاحب الكثير لحكم باستحقاقه الجميع وبحرمان صاحبه لكنه جعل حق الشفعة من مرافق الملك أي من منافعه وثمراته كالثمر والولد المتولدين من الأشجار والحيوانات المشتركة فجعله أي حق الشفعة منقسما على قدر الملك وكان هذا أي ما ذهب إليه الشافعي غلطا بأن جعل حكم العلة وهو استحقاق الشفعة متولدا من العلة وهي ملك الشفيع ما يشفع به ومنقسما على أجزائها وكلاهما غير مستقيم لأن الحكم يثبت بالعلة لا بطريق التولد بل بإيجاب اللّه تعالى إياه مقارنا للعلة وكذا الحكم لا ينقسم على أجزاء العلة لاستلزامه صيرورة كل جزء من العلة علة لكل جزء من الحكم والشرع جعل جميعها علة لجميع الحكم لا غير فالقول بالانقسام كان نصبا للشرع بالرأي وذلك فاسد بل الشفيع يأخذ المبيع باعتبار أن ملكه القديم جعله أحق من الدخيل لا من حيث إن المأخوذ صار حقا لملكه شرعا وإذا لم يصر المأخوذ من مرافق ملكه لم يتوزع عليه ولئن كان مرفقا فهو مرفق من حيث إن الأصل علة وثبوت حق التملك للمبيع حكم له ثم الملك يثبت له من الثمن الذي يعطيه فكان مرفقا من حكم العلة لا من العلة فلم يؤثر فيه زيادة العلة بخلاف الثمرة لأنها تتولد من الشجر فثلث الشجر لا يولد إلا ثلث الثمرة والغلة بدل المنفعة فثلث المنفعة لا يكون له إلا ثلث البدل قوله وأجمع الفقهاء في ابني عم أحدهما زوج المرأة يعني ماتت امرأة وتركت ابني عم أحدهما زوجها وصورته ظاهرة أن التعصيب الذي في الزوج لا يترجح بالزوجية بل يعتبر كل واحد من التعصيب والزوجية علة للاستحقاق بانفراده بمنزلة ما لو كانا في شخصين فيستحق النصف بالزوجية والباقي بينهما بالتعصيب وتصح من أربعة ثلاثة للزوج وسهم للآخر وقال عامة الصحابة في ابني عم أحدهما أخ لأم (٤/١١٧) وصورة المسألة أخوان زيد وعمرو ولكل واحد منهما ابن فمات زيد وتزوج امرأته التي هي أم ابنه عمرو فولدت له ابنا فهذا الابن الذي كان لعمرو من غير هذه المرأة ابنا عم لابن زيد أحدهما أخوه لأم ومات هذا الابن وترك ابني عمه هذين لا غير كان للذي هو أخوه لأم السدس بالفرضية والباقي بينهما بالعصوبة ويصح من اثني عشر سهما سبعة أسهم للأخ وخمسة للآخر وهو مذهب علي وزيد وعامة الصحابة رضي اللّه عنهم وقال ابن مسعود رضي اللّه عنه المال كله لابن العم الذي هو أخ لأم وهو إحدى الروايتين عن عمر رضي اللّه عنه لأنه اجتمع للميت عصبتان استويا في قرابة الأب وتفردت إحداهما بقرابة الأم فتترجح على الأخرى كأخوين لأب أحدهما لأم وهذا لأن العلة تترجح بزيادة من جنسها إذا كانت الزيادة لا تصلح علة بنفسها لو انفردت كما بينا والزيادة هاهنا وهي الأخوة لأم من جنس العمومة لأنها قرابة كالعمومة ولو انفردت لم يصلح علة للتعصيب فتصلح مرجحة لقرابة العصوبة كما في الأخوين لأب أحدهما لأم بخلاف ابني عم أحدهما زوج حيث لم يترجح أحدهما بالزوجية لأن الزوجية ليست من جنس القرابة والعلة إنما تترجح بالزيادة من جنسها لا من خلاف جنسها وجه قول العامة إنه اجتمع في ابن العم الذي هو أخ سببان للميراث الأخوة والعمومة فيستحق بكل واحد منهما ولا يصير أحدهما تبعا للآخر كما لو وجدا في شخصين وهذا لأن الترجيح إنما يقع بما لم يصلح علة بانفراده فأما ما يصلح علة بانفراده فلا يقع به الترجيح كما بينا في الجراحات والشهادات وهاهنا الأخوة بانفرادها علة صالحة للاستحقاق ولا تصلح وصفا للعمومة لأنها ليست من جنس العمومة وهي أقرب من العمومة فإن استحقاق العم وابن العم بعد استحقاق الأخ فلا تصلح مرجحة للعمومة بل تعتبر علة بانفرادها كالزوجية في المسألة الأولى بخلاف الأخوين لأب أحدهما لأم حيث يرجح أحدهما بقرابة الأم لأن السبب واحد وهو الأخوة والأخوة لأم في معنى زيادة وصف في الأخوة لأب ألا ترى أن الأخ لأب وأم لو انفرد لم يكن قرابة الأم فيه سببا لاستحقاق حتى لم يستحق بالفرضية شيئا وإنما يستحق بالعصوبة لا غير وإذا لم يصلح علة والمنزل واحد وهو الأخوة صلحت مرجحة ولا يلزم عليه الأخوان لأم أحدهما لأب حيث لا يترجح الأخ الذي لأب وأم على الأخ الذي لأم بل يرث الذي لأم ما يفرض والآخر بالعصوبة مع أن المنزل واحد وهو قرابة الأخوة لأن ذلك (٤/١١٨) امتنع لمعنيين أحدهما أن قرابة الأب أقوى من قرابة الأم فلا تصلح تبعا لقرابة الأم بوجه والثاني أن استحقاق الأخ بالفرض واستحقاق الآخر بالعصوبة فلم يكن بينهما مزاحمة لاختلاف الحكم فلم يحتج إلى الترجيح وما يجري مجراه أي مجرى المذكور وهو العدالة مثل فقه الراوي وحسن ضبطه وإتقانه ومثل التأثير في القياس قوله وأما الثاني وهو الوجوه التي بها يقع الترجيح على وجه الصحة فأربعة أحدها الترجيح بقوة الأثر يعني إذا كان القياسين المؤثرين المتعارضين أقوى تأثيرا من الآخر كان راجحا عليه وسقط العمل به فأما إذا لم يكن أحدهما مؤثرا فلا يكون حجة فلا يتأتى الترجيح والثاني بقوة ثباته أي ثبات الوصف المؤثر على الحكم المشهود به والمراد به أن يكون وصف أحد القياسين ألزم للحكم المتعلق به من وصف القياس الآخر لحكمه والثالث بكثرة أصوله أي أصول أحد القياسين أو أصول الوصف والرابع الترجيح بالعدم أي عدم الحكم عند عدمه أي عدم الوصف وهو العكس الذي مر بيانه أما الأول أي صحة الوجه الأول فلأن الأثر معنى الحجة يعني المعنى الذي صار الوصف به حجة هو الأثر فمهما قوي أي كان أقوى كان الاحتجاج به أولى لفضل وصف في الحجة أي لزيادة أثر وكان في الوصف الذي هو حجة على مثال الاستحسان في معارضة القياس فإن القياس وإن كان مؤثرا ترجح عليه الاستحسان لزيادة قوة فيه وكذا عكسه وهو أي القياس في ترجحه بقوة الأثر مثل الخبر في ترجحه بقوة الاتصال أو ترجيح القياس بقوة الأثر مثل ترجيح الخبر فإنه لما صار حجة بالاتصال بالرسول صلى اللّه عليه وسلم ازداد الخبر قوة بما يزيد قوة في ذلك المعنى وهو الاتصال بضبط الراوي الباء متعلقة بيزيد وسلامته أي سلامة الخبر عن الانقطاع باتصال الإسناد على ما مر ذكره في بيان أقسام السنة قوله وليس كذلك فضل عدالة بعض الشهود جواب عما يقال إن الشهادة صارت حجة بالعدالة كما صار الوصف حجة بالأثر والخبر بالاتصال ثم الشهادة لا تترجح (٤/١١٩) بقوة العدالة عند التعارض حتى لو وجد أصل العدالة في الجانبين تحقق التعارض وإن كانت العدالة في أحد الجانبين أقوى منها في الجانب الآخر فكذا القياسان بعدما ظهر تأثيرهما ينبغي أن لا يترجح أحدهما بقوة الأثر فقال وليس كذلك أي كما ذكرنا من قوة الأثر الاتصال فضل عدالة بعض الشهود لأنه أي الفضل أو العدالة على تأويل المذكور ليس بذي حد ليمكن معرفة ترجح البعض بزيادة قوة فيه عند الرجوع إلى حده ولا متنوع أي ليس بذي أنواع متفاوتة بعضها فوق بعض ليظهر لبعضها قوة عند المقابلة بالبعض بل هو أي العدالة هي التقوى والانزجار عن ارتكاب ما يعقد الحرمة فيه ولا تفاوت فيه بين الناس وكذا الوقوف على حقيقته متعذر لأنه أمر باطن فربما كان الذي يظن أنه أعدل أدنى درجة في التقوى من الذي يظن أنه دونه فيها بخلاف تأثير العلة فإن قوة الأثر عند المقابلة تظهر على وجه لا يمكن إنكاره وذلك لأن تأثير العلة إنما يثبت بأدلة معلومة متفاوتة الأثر بعضها فوق بعض يمكن العمل بها على أنا لا نسلم أن الشهادة صارت حجة بالعدالة بل بالولاية الثابتة بالحرية والناس كلهم سواء في أصل الولاية الثابتة بأصل الحرية وإنما شرطت العدالة لظهور جانب الصدق فإذا ظهر الصدق بأصل العدالة وجب على القاضي القضاء ولا يلتفت إلى زيادة قوة في العدالة من أحد الجانبين فأما القياس فما صار حجة إلا بالتأثير والتفاوت فيه ثابت على ما بينا مثاله أي مثال الترجيح بقوة الأثر ما قلنا في طول الحرة أي الغناء والقدرة على تزوج الحرة وفي المغرب الطول الفضل يقال لفلان على فلان طول أي زيادة وفضل وعن الشعبي إذا وجد الطول إلى الحرة بطل نكاح الأمة فعداه بإلى وأما قولهم طول الحرة فمتسع فيه أنه لا يمنع الحر من نكاح الأمة حتى لو كان مالكا لمهر الحرة فتزوج أمة جاز عندنا وقيد بالحر لأنه لا يمنع العبد بالاتفاق وقال الشافعي رحمه اللّه يمنع يعني لم يجز له نكاح الأمة مع طول الحرة المؤمنة أو الكتابية لأنه يرق ماءه بنكاح الأمة إذ الولد يتبع الأم في الرق والحرية على غنية أي حال كونه مستغنيا عن إرقاق جزئه بقدرته على نكاح الحرة وذلك أي استرقاق الجزء مع الاستغناء عنه حرام على كل حر لأنه كالإهلاك حكما إذ الرق في الأصل عقوبة الكفر الذي موجبه القتل ولهذا كان للإمام الخيار في الكافر المغنوم بين القتل والإرقاق ولأنه استدلال الجزء وكان حراما إلا لضرورة وهي خوف الوقوع في الزنا المشار إليه في قوله تعالى ذلك لمن خشي العنت منكم وذلك لأن طريق اقتضاء (٤/١٢٠) الشهوة في الأصل النكاح لا غير وهذه الشهوة مركبة في الطباع فمتى اشتهى وهو عاجز لم يؤمن من الوقوع في الزنا فأبيح له حال العدم نكاح الأمة لدفع الضرورة والضرورة ترتفع بإصابة الطول فيرتفع الإباحة كحل الميتة وفي قوله على حر احتراز عن العبد فإنه لا يحرم عليه إرقاق جزئه بنكاح الأمة مع قدرته على نكاح الحرة لأنه رقيق حقيقة فلا يكون في نكاحه للأمة إرقاق جزئه الحر بل كان امتناعا من تحصيل صفة الحرية للجزء وذلك لا يحرم عليه وهذا وصف بين الأثر وهو ما بينا أن الإرقاق كالإهلاك إلى آخره ولا يلزم عليه ما إذا تزوج حرة على أمة حيث يبقى نكاح الأمة صحيحا مع أن فيه إرقاق الولد أيضا مع الغنية لأنا أقمنا السبب وهو العقد مقام حقيقة الإرقاق في الحرمة بلا ضرورة فيكون إذا للبقاء على السبب حكم البقاء على رق ثبت والإرقاق ابتداء حرام لأنه عقوبة الكفر لا البقاء عليه فإنه يبقى بعد الإسلام والتوبة ولا يلزم أيضا إباحة العزل مع أن فيه إعدام الولد أصلا لأن في العزل تضييع الماء والامتناع من تحصيل الولد وكان دون التسبب لإهلاك الولد الموجود ولا يلزم أيضا ما إذا كان الزوج مجبوبا أو عنينا أو كانت الأمة المنكوحة عجوزا أو عقيما أو صغيرة حيث لا يباح النكاح ولم يكن فيه إرقاق الولد لأن الإرقاق أمر يحصل بالعلوق من مائه وذلك أمر باطن لا يوقف عليه فأقيم نكاح الأمة مقام الإرقاق كما أقيم النكاح مقام الوطء والعلوق في إثبات حرمة المصاهرة وثبوت النسب وقلنا إنه أي نكاح الأمة مع طول الحرة جائز لأنه نكاح يملكه العبد بإذن المولى فيملكه الحر كسائر الأنكحة التي يملكها العبد وهذا قوي الأثر أي هذا القياس أقوى أثرا من القياس الأول لأن الحرية من صفات الكمال فإن الآدمي يصير بها أهلا للولايات وتملك الأشياء واستحقاق الكرامات الموضوعة للبشر فكان تأثيرها في الإطلاق وفتح باب النكاح الذي هو من النعم لا في المنع والحجر والرق من أسباب تنصيف الحل فإن العبد لا يملك إلا نكاح امرأتين لنقصان حاله بالرق والحر يملك نكاح أربع بشرف الحرية فيجب أن يكون الرقيق في النصف مثل الحر في الكل في اعتبار الشروط لأنهما مختلفان في أصل الحل لا في الشروط ألا ترى أن العبد في الثنتين مثل الحر في الأربع في اشتراط الشهود ووجوب المهر والخلو عن عدة الغير والمولى على أصل الخصم فلو كان عدم الطول شرطا لجواز نكاح الأمة في حق الحر لكان شرطا في حق العبد أيضا لأنه لا أثر للرق في إسقاط الشروط وتنصيفها وكيف يجوز أن يتسع الحل الذي يثبت بطريق الكرامة بالرق الذي هو من أوصاف النقصان ويتضيق بالحرية التي هي من أوصاف الكمال وأسباب الكرامات فيحل للعبد تزوج الأمة (٤/١٢١) مع طول الحرة وتزوج الأمة على أمة وعلى حرة ولا يحل شيء منهما للحر وهذا عكس المعقول ونقض الأصول وهذا أي ما بينا أن الحرية من صفات الكمال إلى آخره أثر ظهرت قوته في نفسه بالنظر إلى الأصل وازداد قوة ووضوحا بالتأمل في أحوال البشر فإن ما يثبت بطريق الكرامة في حق البشر ازداد بزيادة الشرف حتى إن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما كان أشرف الناس أبيح له نكاح تسع نسوة أو ما لا يتناهى على ما روت عائشة رضي اللّه عنها ما قبض رسول اللّه حتى أبيح له من النساء ما شاء فثبت أن زيادة الكرامة توجب زيادة الحل فلا يجوز القول بزيادة حل العبد مع نقصان حاله على الحر فإن قيل نحن نسلم أن تأثير الرق في المنع وتأثير الحرية في الإطلاق ولكن ما لم يؤد إلى الإرقاق فإذا أدى حرم كرامة له لا بحسابه كما حرمت المجوسية على المسلم دون الكافر قلنا نحن لا نسلم أنه إرقاق ولئن سلمنا أنه إرقاق فلا نسلم أن الإرقاق بهذا الطريق حرام لما سنبين فأما ما ذكر الشافعي من الأثر وهو أن الإرقاق إهلاك حكما فضعيف بحقيقته أي في نفسه لأن إرقاق الحر دون التضييع لأن بالإرقاق يفوت صفة الحرية لا أصل الولد مع أنه أمر يرجى زواله بالعتق وبالتضييع يفوت أصل الولد على وجه لا يرجى وجوده ثم التضييع بالعزل بإذن الحرة وبنكاح الصبية والعجوز والعقيم مع أنه إتلاف حقيقة جائز فالإرقاق الذي هو إهلاك حكما كان أولى بالجواز فإن قيل في العزل امتناع من اكتساب سبب الوجود لكن إذا أراد مباشرة سبب الوجود ينبغي أن يباشر على وجه لا يفضي إلى الإهلاك لا يوصف بالرق ولا بالحرية إلا بطريق التبع للأصل فإذا انفصل لم يقبل صفة الرق ولا صفة الحرية وإنما يصير ولدا بعد الاختلاط بمائها فقبله له حكم العدم لأنه بمنزلة أحد شطري العلة ولا حكم ببعض العلة قبل وجود الباقي وإذا اختلط ترجح ماؤها على مائه بحكم الحضانة فيتخلق الولد من الماءين رقيقا ابتداء فلم يثبت له صفة الحرية أصلا فلم يكن هذا إرقاق الحر ومعنى العقوبة والإهلاك في إرقاق الحر وضعيف بأحواله أي بأحوال الأثر فإن نكاح الأمة جائز لمن ملك سرية أو أم ولد يستغني بها عن نكاح الأمة وإرقاق الجزء فإنها إذا جاءت بولد يكون حر الأصل وكذا لو (٤/١٢٢) كانت تحته أمة ثم تزوج حرة فإن نكاحها لا يبطل وقد استغنى عن إرقاق الولد فإن الرق صفة الولد فلا يحدث قبل وجوده وإنما يوجد بالوطء فكان ينبغي أن يحرم الوطء وإذا حرم الوطء يبطل النكاح ومع هذا لم يبطل وإذا كان كذلك لم يكن وصف الإرقاق مطردا في إثبات الحرمة في جميع الأحوال فتفسد العلة بفوات الإطراد الذي هو شرط صحتها وأما عدم جواز نكاح الأمة على الحرة فليس باعتبار حرمة إرقاق الجزء كما ذكره الشافعي بل باعتبار نقصان حالها بالرق كما سنبينه واعلم أن ما ذكر الشيخ رحمه اللّه من جواز نكاح الأمة لمن ملك سرية مذهبنا فأما عند الخصم فلا يجوز فقد ذكر في التهذيب وإن كان في ملكه أمة يحل له وطؤها أو كان قادرا على أن يشتري أمة لا يحل أن ينكح الأمة لأنه مستغن عن إرقاق ولده بما معه فعلى هذا لا يصح الاحتجاج به على الخصم لأنه احتجاج بالمختلف على المختلف وهو غير جائز والسرية الأمة التي اتخذها مولاها للفراش وحصنها وطلب ولدها فعلية من السر أي الجماع أو فعولة من السرو السيادة قوله ومن ذلك أي ومن الترجيح بقوة الأثر قول أصحاب الشافعي وكان ينبغي أن يقال ومن ذلك ما بينا في هذه المسألة كذا لأن ما بينا هو الذي ترجح بقوة الأثر دون قولهم إلا أن الشيخ تسامح في العبارة فإن بسياق الكلام يفهم أن مراده بيان مثال آخر ترجح فيه قولنا بقوة الأثر فكان التقدير ومن الأمثلة التي ترجح قولنا بقوة الأثر هذه المسألة في نكاح الأمة الكتابية أنه لا يجوز للمسلم يعني إذا فات طول الحرة حتى حل نكاح الأمة إنما يجوز نكاح الأمة المسلمة ولا يجوز نكاح الأمة الكتابية لأن الرق من الموانع يعني له تأثير في تحريم النكاح حتى لم يجز نكاح الأمة على الحرة وكذلك الكفر في الجملة حتى لم يجز نكاح الكافر للمسلمة أصلا ولم يجز للمسلم تزوج كل كافرة فإذا اجتمعا تأيدا أحدهما بالآخر وألحق المجموع بالكفر الغليظ وهو كفر غير أهل الكتاب كالمجوسية والارتداد في المنع من النكاح ولأن جواز نكاح الأمة ضروري لما فيه من إرقاق الجزء على ما بينا والضرورة انقضت بإحلال الأمة المسلمة التي هي أظهر من الكافرة فلا حاجة إلى إحلال الكافرة كالمضطر إلى الطعام إذا وجد الميتة وذبيحة المسلم وهو غائب لم يحل له الميتة لأن الذبيحة أظهر وإن كانت حراما بدون إذن المالك في غير حالة الضرورة فلما وقعت الغنية بالأظهر لم تحل الأخرى وقلنا نحن لا بأس به أي بنكاح الأمة الكتابية عند عدم الطول ووجوده وإن كان تركه أولى عند وجود الطول لأنه (٤/١٢٣) الضمير راجع إلى المفهوم أي لأن دين أهل الكتاب دين يصح معه نكاح الحرة فيصح نكاح الأمة كدين الإسلام وهو نكاح يملكه العبد فيملكه الحر فكل واحد من النكتتين في مقابلة إحدى نكتتي الخصم وقوله وهذا أثر ظهرت قوته ببيان تأثير النكتة الأولى فإنه قد بين تأثير النكتة الثانية في المسألة المتقدمة وتقريره أن الرق لا يؤثر في تحريم أصل النكاح بل أثره في التنصيف فيما يقبله حتى كان طلاق الأمة ثنتين وعدتها حيضتين وقسمها على النصف من قسم الحرة وحد العبد والأمة في الزنا والقذف على النصف من حد الحر وقوله فيما يقبله احتراز عن نحو حد السرية والطلقة الواحدة والحيضة الواحدة وما يتعلق بالعبادات فإنها لا تقبل التنصيف فلم يؤثر الرق فيها وذلك أي التنصيف يختص بما يقبل العدد من الأحكام والتجزئة لأن تنصيف الشيء بدون أن يكون ذا عدد وذا أجزاء لا يتصور والنكاح الذي يبتني على الحل في جانب الرجل متعدد حيث يجوز له تزوج أربع من النسوة فيظهر التنصيف فيه بالرق فيحل للعبد نكاح امرأتين فأما نكاح المرأة في نفسه مقابلا بالرجال فليس بمتعدد إذ لا تحل المرأة لرجلين بحال ليتنصف بالرق إلى رجل واحد فتعذر التنصيف من هذا الوجه لكنه أي نكاح المرأة ذو أحوال متعددة حال اجتماعها مع الضرة قد يكون متقدما على نكاح الضرة ومتأخرا عنه ومقارنا إياه فيقبل التنصيف بالرق باعتبار الأحوال فيصح نكاح الأمة متقدما على نكاح الحرة ولم يصح متأخرا عنه قولا بالتنصيف فبقي حالة المقارنة وهي لا تقبل التنصيف وقد اجتمع فيها معنى الحل والحرمة لأن إلحاقها بحالة التقدم اقتضى الحل وإلحاقها بحالة التأخير اقتضى الحرمة فيغلب معنى الحرمة احتياطا كالطلاق الثلاث والأقراء لما أوجب الرق تنصفها والطلقة المتوسطة والقرء المتوسط لم يقبلا التنصيف وقد اجتمع فيهما جهتا الثبوت والسقوط بالنظر إلى طرفيهما رجحنا جانب الثبوت احتياطا أو يقال لنكاح الأمة حالتان حالة الانفراد عن الحرة بالسبق وحالة الانضمام إلى الحرة بالمقارنة أو التأخر فتكون محلة في إحدى الحالتين دون الأخرى (٤/١٢٤) فإن قيل سلمنا أن رق الرجل يؤثر في تنقيص الحل لأن الرق يؤثر في تنقيض مالكيته التي عليها يبتني الحل ولكن لا نسلم أن رق المرأة في تنقيص حلها لأن حلها بناء على المملوكية والرق يزيد في مملوكيتها فكيف يؤثر في تنقيص الحل المبني عليها والدليل عليه أن الرق يفتح عليها بابا من الحل كان مسدودا قبله فإنها تحل بملك اليمين والنكاح جميعا وقبل الاستراق لم تكن تحل إلا بملك النكاح فاستحال أن يسد عليها بابا كان مفتوحا قبله وإذا كان يثبت حل جديد فيها بالرق لا يجوز أن ينتقص الحل الثابت فيها بالرق قلنا كما أن الحل في الرجل كرامة فكذلك في حق المرأة كرامة لأن النكاح نعمة من الجانبين على ما عرف فلما كان حل الرجل يتنصف برقه فكذلك حل الأمة وقوله انفتح بسبب رقها باب من الحل قلنا حل ملك اليمين بطريق العقوبة ولهذا لا تطالبه بالوطء ولا تستحق عليه شيئا فالاستمتاع بها كالاستمتاع بسائر الأموال ولما كان كذلك أثر الرق في فتحه فأما ملك النكاح وحله من الجانبين فقد ثبت كرامة فأثر الرق في الجانبين جميعا ولهذا ينتقص قسم الأمة وعدتها بالاتفاق وطلاقها عندنا وإذا ثبت أن أثر الرق في التنصيف لا في تغيير أصل النكاح لا يتغير حكم النصف الباقي وبقي على ما كان فيجوز نكاح الأمة المسلمة والكتابية متقدما على نكاح الحرة لا متأخرا أو مقارنا عملا بالتنصيف كما يجوز نكاح الحرة المسلمة والكتابية مطلقا فهذا وصف أي الوصف الذي اعتمدنا عليه وهو أن دين الكتابية دين يصح معه نكاح فيصح نكاح الأمة وصف قوي أثره لما بينا أن الحل الذي به تصير المرأة محلا للنكاح ولا يختلف بدين أهل الكتاب كما في الحرة وأصل هذا الحل لا يتغير بالرق فبقيت كالأمة المسلمة وكالحرة في أصل العقد ولذلك أي ولأن أثر الرق في التنصيف لا غير أو لأن ما يملكه العبد من الأنكحة يملكه الحر قلنا في الحر إذا تزوج أمة على أمة إنه صحيح خلافا للشافعي كالعبد فعله لأن أثر الرق في التنصيف لا في إزالة الحل وإثباته وقد كانت الإماء من المحللات فبقين على ما كن عليه قبل الرق وضعف أثر وصف الشافعي فإنه جعل الرق أي رق المرأة من أسباب التحريم وليس كذلك بل هو من أسباب التنصيف كرق الرجل وقد جعل أي الشافعي الرق من أسباب فضل الحل حيث أباح للعبد مع (٤/١٢٥) نقصان حاله من الأنكحة ما لم يبح للحر مع شرفه وفضله على العبد وهذا أي جعل الرق من أسباب فضل الحل عكس المعقول لأن الحل نعمة تستحق بالشرف والفضل والعقل يأبى أن يكون الحر الشريف أنقص نعمة من العبد الخسيس ونقض الأصول وهي أن يكون أثر الرق في التنصيف لا غير وأن يكون الحر أوسع حلا من العبد وأن يكون العبد أدنى درجة من الحر في استحقاق الكرامة وفيما ذهب إليه نقض هذه الأصول وقوله ودين الكتابي جواب عن قوله وكذلك الكفر يعني كما أن الرق ليس من أسباب التحريم دين الكتابي كذلك ألا ترى أن النكاح يصح معه ابتداء وبقاء حتى جاز للمسلم تزوج الكتابية وبقي النكاح بعدما أسلم زوج الكتابية حتى لو أبت عن الإسلام لا يفرق بينهما وإذا كان كذلك لا يوجب انضمام الرق البيع تغلظا فيه وتحريما للنكاح لعدم تأثيرهما في التحريم ولو كان كفر الكتابية يتغلظ بالرق في حكم النكاح لكان كذلك في ملك اليمين أيضا كالمجوسية وأثرهما مختلف يعني إن سلمنا أن الرق والكفر من الموانع لا يمكن الجمع بينهما أيضا ليصيرا بمنزلة علة ذات وصفين لأن منع الرق النكاح باعتبار نقصان الحال ومنع الكفر إياه باعتبار خبث الاعتقاد فكان منع الكفر بطريقة غير طريقة منع الرق فلا يمكن أن يجعل الكل علة واحدة وبدون الاتحاد لا يثبت معنى التغلظ فكان اجتماعهما بمنزلة اجتماع علتين في شخص واحد فلم يقو أحدهما بالآخر كابني عم أحدهما زوج أو أخ لأم قال القاضي الإمام في الأسرار أما اعتبار الخبث ففاسد لأن الخبث بالكفر من طريق الشرع وبالرق لا يزداد خبث الكفر فالرقيق ربما يكون أنقى وأتقى من الحر فيكون أطهر شرعا إنما سقوط منزلته عند الناس وما له أثر في تحريم الحل وقوله وغير مسلم جواب عن النكتة الثانية يعني لا نسلم أن جواز نكاح الأمة بطريق الضرورة لما بينا أن الرقيق في النصف مثل الحر وكما أن نكاح الحرة بطريق الأصالة في جميع الأحوال لا بطريق الضرورة فكذلك نكاح الأمة في النصف الباقي لها والدليل عليه أنه لو تزوج أمة ثم تزوج حرة لا يبطل نكاح الأمة ولو كان جواز نكاح الأمة ضروريا لما بقي بعدما زالت الضرورة بنكاح الحرة كما لو قدر المتيمم على الماء في خلال الصلاة أو قدر المضطر على الطعام الحلال في خلال أكل الميتة ولا يقال القدرة على الأصل لا يبطل حكم البدل بعد حصول المقصود وهاهنا لما جاز العقد وتم فقد حصل المقصود لأنا نقول نحن لا (٤/١٢٦) نسلم حصول المقصود فإن النكاح عقد عمر وحصول المقصود عنه بانقضاء العمر فقبل الانقضاء لا يتم المقصود لكنه في حكم الاستحباب يعني أنه في حكم الجواز ليس بضروري ولكنه في حكم الاستحباب ضروري مثل نكاح الحرة الكتابية مع وجود المؤمنة لما قلنا من سقوط حرمة الإرقاق هذا تعليل لكونه غير ضروري يعني لا نسلم أنه ضروري لأن كونه ضروريا مبني على ثبوت حرمة الإرقاق وقد بينا أن حرمة الإرقاق ساقطة فانتفى كونه ضروريا لانتفاء دليله قوله ومثاله أيضا أي مثال آخر للترجيح بقوة الأثر ترجيح دليلنا في هذه المسألة إذا أسلم أحد الزوجين في دار الإسلام ولا يمكن إبقاء النكاح بينهما إن أسلمت المرأة وبقي الزوج كافرا أو أسلم والمرأة وثنية أو مجوسية لا يقع الفرقة عندنا بنفس الإسلام بل يجب عرض الإسلام على الآخر فإن أسلم بقي النكاح وإن أبى فرق القاضي بينهما سواء كان بعد الدخول أو قبله وإذا ارتد أحد الزوجين والعياذ باللّه وقعت الفرقة بنفس الردة قبل الدخول وبعده وقال الشافعي رحمه اللّه إن لم تكن المرأة مدخولا بها وقعت الفرقة للحال في الفصلين أعني في الإسلام والردة وإن كانت مدخولا بها تتوقف الفرقة على انقضاء العدة في الفصلين أيضا فتبين بهذا أن المراد من قوله من أسباب الفرقة إلى آخره أن الإسلام من أسباب الفرقة عند انقضاء العدة إن كانت المرأة من أهل وجوب العدة بأن كانت مدخولا بها وإن لم تكن كذلك فالفرقة واقعة بمجرد الإسلام وحصول الاختلاف والمراد بالعدة انقضاء ثلاثة أطهار على ما عرف من أصله واحتج في ذلك بأن هذه فرقة وجبت بسبب طارئ غير مناف للنكاح بحكمه موجب حرمة الاستمتاع فوجب أن يتعجل في غير المدخول بها ويتأجل إلى انقضاء العدة في المدخول بها قياسا على الفرقة بطلاق وإنما قلنا طارئ لأنها تجب لاختلاف الدينين وأنه طارئ وإنما قلنا إنه غير مناف حكما بدليل أن النكاح باق مع الاختلاف إلى العرض والإباء عندكم وإلى انقضاء العدة عندي وكذلك مع ردتها جميعا أصلكم وما ينافي حكما لا يتصور معه البقاء كملك اليمين وحرمة الرضاع والمصاهرة وهذا معنى مؤثر لأن لمثل هذا الاختلاف أثرا في إيجاب الفرقة بدليل أنه يمنع ابتداء النكاح فصحت إضافة الفرقة إليه وقلنا نحن إن الإسلام ليس من أسباب الفرقة لأنه من أسباب العصمة أي عصمة الحقوق وتأكيد الإملاك بقوله عليه السلام فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم فلا يجوز أن يستحق به زوال (٤/١٢٧) الملك بحال والدليل عليه أن قرار النكاح توقف على الإسلام الآخر حتى لو أسلم بقيا عليه وما يوجب الفرقة لا يجوز أن يتوقف قرار النكاح على وجوده فثبت أنه لا تأثير للإسلام في إيجاب الفرقة وبقاء الآخر على ما كان من الكفر ليس من أسباب التفريق أيضا بالإجماع فإن كفر ما كان موجودا وصح معه النكاح ابتداء وبقاء فلا يجوز أن يكون سببا للفرقة لأن ما لم يكن قاطعا لا يوجب قطعا ضرورة فإن قيل إنا نسلم أن كفره لم يكن سببا مع كفر الآخر لبقاء الاتفاق فأما مع إسلامه فلا نسلم أنه ليس بسبب لأنه قد حدث أمر مؤثر وهو اختلاف الدينين ألا ترى أن كفره لم يكن مانعا ابتداء العقد ومحرما للوطء مع كفر الآخر والآن هو مانع ومحرم قلنا صيرورته مانعا ومحرما بتبدل الحال لا تدل على صيرورته قاطعا فإن كثيرا من الأشياء يمنع ولا يقطع والنزاع وقع في القطع فصار في حق القطع كأن الحالة لم تتبدل ألا ترى أن قيام العدة وعدم الشهود يمنعان ابتداء النكاح ولا يمنعان البقاء والاستغناء عن نكاح الأمة بنكاح الحرة يمنع نكاحها ابتداء ولا يمنع البقاء إذا تزوج الحرة بعد الأمة ولما لم يصلح الإسلام سببا للفرقة ولا كفر الباقي لم يصلح اختلاف الدين الناشئ منهما سببا لأنه ليس لكل واحد منهما أثر في الفرقة فإذا اجتمعا يكون كذلك أيضا ولو جعل الاختلاف سببا وجب إضافة الحكم إلى الإسلام الذي هو الوصف الأخير منهما لأن الكفر سابق عليه وكذا الاختلاف وجد به وقد بينا أنه لا يصلح سببا وإذا ظهر أن واحدا من هذه الأشياء لا يصلح سببا لاستحقاق الفرقة ولا بد من دفع ضرر الظلم لأن ما هو المقصود بالنكاح وهو الاستمتاع فات شرعا وجب إثبات الحكم مضافا إلى سبب جديد وهو فوات أغراض النكاح من حل الوطء والمس والتقبيل مضافا إلى امتناع الآخر عن أداء الإسلام يعني فوات هذه الأغراض بتحقيق بامتناع الآخر عن أداء الإسلام لا بإسلام الأول لأنه لو أسلم الثاني بقي النكاح بأغراضه بالإجماع فوجب إصابة استحقاق الغربة إلى الامتناع الحادث لا إلى الإسلام العاصم وكفر الباقي حقا للذي أسلم متعلق بقوله فوجب إثبات الحكم أي وجب إثبات استحقاق الفرقة رعاية لحق المسلم فإن المسلم إن كان هو الزوج وجب عليه إدرار النفقة من غير أن يكون له فائدة الاستمتاع وإن كانت المرأة صارت كالمعلقة بفوات أغراض النكاح مع بقائه والتعليق ظلم وتفويت للإمساك بالمعروف وإذا كان كذلك صار مفوضا إلى القاضي لأنها فرقة لإزالة الظلم والقاضي قد ولي لإزالة الظلم عن الناس وهو أي فوات الأغراض سبب للفرقة ظاهر الأثر فإن الأسباب تراعى لأحكامها فإذا خلت عنها وجب القول بإلغائها كما (٤/١٢٨) في الصور المذكورة فإن وقوع الفرقة فيها بناء على فوات أغراض النكاح محالا به على من كان فوات الإمساك بالمعروف من جهته أما في الجب والعنة فظاهر وأما في اللعان فلأن الاستمتاع لما حرم بالتلاعن وفات غرض النكاح بسبب فعل الزوج وهو الرمي بقيت المرأة معلقة مظلومة لا يصل إليها حقها فوجب دفع الظلم عنها بالتفريق وكذا في الإيلاء فإن الزوج ظلمها بمنع حقها في المدة فجوزي بزوال نعمة النكاح عند مضي المدة وعلى أصل الشافعي صار الزوج ظالما بعد مضي المدة بمنع حقها فوجب التفريق إذا أصر على الظلم ولا يلزم على ما ذكرنا الحرمة بسبب الإحرام والعدة والحيض والنفاس لأن هذه حرمات لا تدوم بل هي بعرض الزوال فلا يؤدي إلى تفويت أغراض النكاح فلا يتحقق الظلم بخلاف ما نحن فيه قوله فأما الردة فمنافية لأنها من أسباب زوال العصمة يعني هي موجبة للفرقة على سبيل المنافاة لا لأنها موضوعة للفرقة فثبت بالحرمة بنفسها من غير توقف على انقضاء عدة ولا قضاء قاض كما في طروء الرضاع وحرمة المصاهرة وذلك لأنا وجدنا الردة قد أبطلت النكاح بالإجماع ولا تخلو من أن تكون مبطلة وضعا أو بطريق المنافاة ولا وجه إلى الأول لأن المبطل لشيء وضعا لا يتصور وجوده غير مبطل له لأنه وضع لإبطاله فإذا لم يبطل لا يكون موجودا كالعتق لما وضع لإبطال الملك وإزالة الرق لم يكن عتقا عند عدم الإبطال والإزالة وقد وجدنا الردة متحققة غير مبطلة للنكاح فيما إذا ارتد ولم يكن له امرأة فعلمنا أنها لم توضع لإبطال ملك النكاح ولأن الموضع لإبطال أمر شرعي يكون مشروعا لإبطاله لا محالة والردة ليست بمشروعة بوجه ولما ثبت أنها ليست موضوعة لإبطال ملك النكاح وقد أبطلت النكاح علمنا أنها إنما تبطله بطريق المنافاة كالرضاع والمصاهرة فإنهما ليسا بموضوعين لإبطال النكاح لتحققهما في غير ملك النكاح ولكنهما منافيان للنكاح على معنى أنهما سببا الجزئية والبعضية والحرمة المبنية على الجزئية منافية للنكاح فكذلك الردة تبديل الدين وذلك توجب إبطال عصمة الشخص وعصمة أملاكه فتوجب بطلان عصمة ملك النكاح لأن ملك النكاح دون نفسه وكذا الشخص ببطلان العصمة يلتحق بالموتى والجمادات والميت ليس بأهل لملك النكاح بوجه وإذا كان كذلك وجب أن يتعجل الفرقة على كل حال لأن الشيء لا يبقى مع ما ينافيه وذلك أمر بين أي كون الردة من أسباب زوال العصمة التي عليها مبنى النكاح أمر ظاهر لا خفاء فيه إذ الردة تؤثر في إزالة عصمة النفس والمال بالإجماع ولا يلزم إذا ارتدا معا يعني لا يقال لو كان بطلان النكاح بالردة للمنافاة لزم أن تبطل بارتدادهما بالطريق (٤/١٢٩) الأولى لازدياد المنافي كما لو اجتمع الرضاء والنسب أو المصاهرة لأنا نقول كان القياس أن يكون ارتدادهما مبطلا أيضا للمنافاة كما قال زفر رحمه اللّه إلا أنا تركناه بإجماع الصحابة رضي اللّه عنهم فإن العرب ارتدوا في عهد أبي بكر رضي اللّه عنه فلما أسلموا لم يأمرهم بتجديد الأنكحة ولم ينكر عليه أحد من الصحابة رضي اللّه عنهم فحل محل الإجماع وهذا لأن الأصل في كل شيئين ظهرا ولم يعرف التاريخ بينهما أن يجعلا كأنهما وقعا معا كما في الغرقى والحرقى وقد تحقق ارتداد العرب ولم يعرف التاريخ أن المرأة ارتدت أولا أم الرجل فجعل كالواقع معا فصار إجماعا من هذا الوجه ولأن حال الاتفاق دون حال الاختلاف يعني لو لم يكن الإجماع منعقدا لا يدل منافاة ارتداد أحدهما للنكاح على منافاة ارتدادهما إياه لأن حال اتفاقهما على الارتداد في اقتضاء الحرمة دون حال اختلافهما فيه لأن في حال الاختلاف ليس الكافر منهما بمعصوم في حق المسلم فلانقطاع العصمة بينهما بطل النكاح وهذا المعنى في حال الاتفاق معدوم فلم يصلح التعدية أي تعدية حكم الاختلاف إليه أي إلى الاتفاق في تضاد حكمين أي مع تضاد حكمي الاتفاق والاختلاف فإن الاتفاق يقتضي الحل وبقاء النكاح والاختلاف يوجب الحرمة والفرقة وضعف أثر قوله يعني ضعف أثر قياس الشافعي واعتباره ارتداد أحدهما بارتدادهما جميعا في عدم منافاته النكاح وقوله لأنا وجدنا دليلا على قوله فلم يصح التعدية وقوله وضعف أثر قوله إن الردة كذا يعني لا يمكن اعتبار ارتدادهما بارتداد أحدهما في إثبات المنافاة فيه ولا ارتداد أحدهما بارتدادهما في نفي المنافاة عنه لأنا وجدنا لاختلاف الدين تأثيرا في الحرمة فإنه يمنع ابتداء النكاح بلا خلاف ويقطعه أيضا عنده كما بينا ولاتفاق الدين تأثير في الحال حتى جاز نكاح مجوسيين ولو أسلم أحدهما لم يجز فثبت أن الاتفاق ليس مثل الاختلاف فلا يمكن إلحاق أحدهما بالآخر ولا يلزم من منافاة أحدهما منافاة الآخر ولا من عدم منافاة أحدهما عدم منافاة الآخر وذكر شمس الأئمة رحمه اللّه ولا يجوز أن يجعل امتناع صحة النكاح بينهما ابتداء بعد الردة علة للمنع من بقاء النكاح لا بابتناء فساد اعتبار حالة البقاء بحالة الابتداء وهذا لأن البقاء لا يستدعي دليلا مبقيا وإنما يستدعي الفائدة في الإبقاء وبعد ردتهما يتوهم منهما الرجوع إلى الإسلام وبه يظهر فائدة البقاء فأما الثبوت ابتداء فيستدعي الحل في المحل وذلك (٤/١٣٠) معدوم بعد الردة وعند ردة أحدهما لا يظهر في الإبقاء فائدة مع ما هما عليه من الاختلاف ومثاله أي مثال قول الشافعي إن الردة غير منافية في النصف قوله في مسح الرأس إنه ركن في الوضوء فيسن فيه التكرار كالغسل هذا أي وصف الركن ضعيف الأثر لأن الركنية لا تؤثر في التكرار بدليل عدم تأثيرها فيه في غير هذا الموضع بل تأثيرها في الوجود لا غير ولا يختص فيه أي لا يختص التكرار بالركن في الوضوء أيضا فإن التكرار مسنون في المضمضة والاستنشاق وهما ليسا بركنين يعني أنهما ليسا بمتلازمين فإن الركن قد يوجد بدون التكرار كما في أركان الصلاة والحج وغيرها والتكرار قد يوجد بدون الركنية كما في المضمضة وتعليلنا بأنه مسح فلا يسن فيه التكرار تعليل بوصف قوي أثره فإن أثر المسح في التخفيف بين لا شبهة فيه إذ الاكتفاء بالمسح مع إمكان الغسل ما كان إلا للتخفيف وتأدي الفرض ببعض المحل مع إمكان الاستيعاب للتخفيف أيضا وكذا سقوط التكرار في مسح الخف والجبيرة والتيمم للتخفيف فعرفنا أن تأثيره في التخفيف قوي لا ضعف فيه وهذا أي الترجيح بقوة الأثر في مسائل أصحابنا أكثر من أن يحصى قوله وأما الثاني أي صحة الوجه الثاني من الترجيح وهو قوة ثباته أي ثبات الوصف على الحكم المشهود به أي الحكم الذي شهد الوصف بثبوته فلأن الوصف المؤثر إنما صار حجة بأثره ومرجع أثره الكتاب أو السنة أو الإجماع يعني يعتبر أثره لثبوته بأحد هذه الأدلة فإذا ازداد الوصف ثباتا على الحكم ازداد قوة بفضل معناه الذي صار به حجة وهو رجوع أثره إلى هذه الأدلة فإن وصف المسح لما ظهر أثره في التخفيف كان زيادة ثباته على هذا الحكم ثابتة بالنص أو الإجماع أيضا كثبوت أصل الأثر فيترجح على ما لم يوجد فيه هذه القوة (٤/١٣١) وذلك أي الترجيح بقوة الثبات ألا ترى توضيح لعدم ثبات وصف الركنية على التكرار لازم تفسير لثابت إذ المراد من الثبات على الحكم لزومه له في كل ما لا يعقل تطهيرا أي في كل مسح شرع للتطهير ولم يعقل منه معنى التطهير وهو احتراز عن الاستنجاء بغير الماء فإنه مسح وقد شرع فيه التكرار لأنه عقل فيه معنى التطهير إذا المقصود منه التنقية والتكرار يؤثر في تحصيل هذا المقصود ومسح الجوارب يعني على قول من يجيزه وكذلك قولنا أي مثل قولنا في المسح قولنا في صوم رمضان إنه متعين فلا يشترط تعيينه كصوم النفل فإنه أولى من قول أصحاب الشافعي صوم فرض فيشترط تعيينه كصوم القضاء لكونه أثبت على حكمه مما ذكروا لأن وصف الفرضية لا يوجب إلا الامتثال به أي لا يقتضي إلا الإتيان بالمفروض لا التعيين لا محالة أي لا يقتضي التعيين ألبتة فإن الحج يجوز بمطلق النية وبنية النفل على أصله وذلك أي وصف الفرضية وصف خاص في الباب أي في باب الصوم يعني التعليل بوصف الفرضية لإيجاب التعيين لو صح إنما يصح في باب الصوم دون سائر المواضع لأنه لا يقتضي التعيين في غير هذه الصورة بل التعيين في غيرها إنما يجب بمعان أخر لا بوصف الفرضية فأما التعيين أي سقوط التعيين فلازم لوصف التعيين أو المراد من التعيين التعيين بطريق إطلاق اسم السبب وإرادة المسبب يعني التعليل بوصف العينية في سقوط اشتراط التعيين لازم أي ثابت في كل عين حتى تعدى أي ثبت في رد الودائع والغصوب ورد البيع الفاسد حتى لو رد الوديعة أو المغصوب إلى المالك أو رد المبيع إلى البائع في البيع الفاسد لا يشترط تعيينه لأجل الوديعة أو الغصب أو لرد البيع بل بأي طريق وجد يقع في الجهة المستحقة لتعين المحل ولو أدى الدين يشترط التعيين وعقد الإيمان باللّه تعالى يعني لا يشترط نية التعيين في الإيمان باللّه عز وجل بأن يعين أنه يؤدي الفرض مع أنه أقوى الفروض بل على أي وجه يأتي به يقع على الفرض لكونه متعينا غير متنوع إلى فرض ونفل وفي بعض النسخ وعقد الأيمان بفتح الهمزة يعني إذا حلف على فعل عين أو على الامتناع عن فعل بأن حلف ليصومن يوم الجمعة أو لا يكلم فلانا اليوم ففعل ذلك أو امتنع عنه لا على قصد البر يقع عن (٤/١٣٢) البر للتعين أو معناه إذا وجد الفعل الذي هو شرط الحنث على أي وجه وجد نسيانا أو كرها أو خطأ لتعينه ونحوها كتصديق النصاب على الفقير بدون الزكاة فإنه مسقط للزكاة لتعين المحل وكإطلاق النية في الحج يتأدى به الفرض لتعين حجة الإسلام بدلالة الحال وكالسيف المحلى بالذهب أو الفضة إذا بيع بجنس الحلية وقد أدى بعض ثمن السيف في المجلس ثم افترقا يتعين المؤدى للحلية سواء أطلق أو عين أو قيل من ثمنهما لتعين ثمن الحلية للقبض قوله وكذلك قولنا يعني وكما كان قولنا فيما تقدم أولى وأرجح لقوة ثبات الوصف المذكور كان قولنا في المنافع أنها لا تضمن بالإتلاف لأجل مراعاة شرط ضمان العدوان لأن ضمان العدوان بالنص وهو قوله تعالى فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم مقدر بالمثل صورة ومعنى بلا صورة وإيجاب الزيادة على المثل حرام بالإجماع والأعيان ليست بمماثلة للمنافع في المالية للتفاوت الفاحش بينهما من حيث إن الأعيان تبقى وتدوم ولا بقاء للمنافع وإذا كان كذلك لا يمكن إيجاب ما هو فوق المتلف في صفة المالية على المتعدي كما لا يمكن إيجاب الجيد مكان الرديء وهو معنى قوله بالاحتراز عن الفصل أولى من قولهم إن ما يضمن بالعقد يضمن بالإتلاف تحقيقا للجبر كالأعيان وذلك لأن المنفعة مال كالعين بدليل أن الحيوان لا يثبت دينا في الذمة بدلا عنها والناس يتمولونها والتفاوت الثابت باعتبار العينية والعرضية مجبور بكثيرة الأجزاء في أحد الجانبين لأن منفعة شهر واحد أكثر أجزاء عند المقابلة بالدرهم الواحد فيجبر النقصان بتلك الزيادة فاستويا قيمة فبقي بعد ذلك التفاوت فيما وراء القيمة وذلك غير معتبر كالتفاوت في الحنطة من حيث الحبات واللون ونحوها فيما إذا أتلف حنطة وأتى بمثلها وهذا معنى قوله وإثبات المثل تقريبا يعني إيجاب المثل ثابت بقدر الإمكان فإذا لم يكن إلا بأدنى تفاوت يتحمل كما في إيجاب القيمة عن العين عند تعذر إيجاب المثل صورة مع أنها تستدرك بالظن والحزر وإن كان فيه أي في إيجاب الضمان إيجاب فضل لأنه الضمير راجع إلى المفهوم أي الواجب في المسألة إما إيجاب فضل على المتعدي أو إهدار على المظلوم حقه يعني لما لم يمكن إيجاب المثل بدون الفضل لم يكن بد من التزام أحد محذورين إما إيجاب الفضل على المتعدي رعاية (٤/١٣٣) لجانب المظلوم بجبر حقه أو إهدار حق المظلوم بعدم إيجاب الضمان على المتعدي احترازا عن إيجاب الفضل فكان الأول أولى لأن إلحاق الخسران بالظالم أحق وفيه دفع الظلم وسد باب العدوان أو الضمير راجع إلى الفضل ومعناه أن ذلك الفضل إن اعتبر فهو فضل واجب على المتعدي ذلك ليس بمستبعد في حقه لتعديه وإن لم يعتبر فهو إهدار لجهة الفضيلة على المظلوم تحقيقا لإيجاب المثل جبرا لحقه وهو جائز أيضا كإهدار المودة في باب الربا تحقيقا للمساواة ولأنه الضمير راجع إلى المفهوم أيضا أي ولأن الثابت في هذه المسألة إما إهدار وصف عما وجب على الظالم وهو العينية الموجبة للبقاء على تقدير إيجاب الضمان أو إهدار أصل أي إسقاط أصل حق المظلوم على تقدير عدم إيجاب الضمان فكان الأول وهو إهدار الوصف أولى تحملا لأدنى الضررين لدفع أعلاهما ولو صرفت الضمير في لأنه إلى شيء مما تقدم من إيجاب الضمان ونحوه لفسد المعنى لأن ما حكمت عليه بأنه إهدار وصف غير ما حكمت عليه بأنه إهدار أصل ولا بد في مثل هذا الكلام أن يكون المحكوم عليه واحدا وقوله لأن التقييد دليل على قوله أولى من قولهم يعني قولنا كذا أولى من قولهم كذا لأن التقييد بالمثل واجب في كل باب أي في كل نوع من الضمانات ماليا كان أو بدنيا فإن ضمان الصيام والصلاة والاعتكاف والحج مقيد بالمثل بالإجماع عند الإمكان فكان هذا الوصف أثبت مما ذكروا فكان أرجح ووضع الضمان في المعصوم أي إسقاط الضمان عمن أتلف مالا معصوما أمر جائز في الشرع مثل العادل يتلف مال الباغي فإن ماله مع بغيه معصوم لا يباح لغير العادل إتلافه ولا يجوز استغناؤه وتملكه لأحد وفي التقويم كإتلاف الباغي أموالنا ونفوسنا في حال المنعة وهو أظهر والفضل على المتعدي أي إيجاب الفضل على المتعدي غير مشروع فإنا لم نجد تعديا أوجب زيادة على المثل بعذر من الأعذار في الدنيا والآخرة فثبت أن ما ذكرنا في نفي الزيادة عن المتعدي أثبت مما ذكروا وهذا أي عدم إيجاب الفضل لأن الفضل وإن قل فإنه أي إيجاب حكم شرعي ينسب إلى صاحب الشرع لأن الضمان يجب بقضاء القاضي وهو ثابت الشرع فيكون هذا إضافة الظلم إلى الشرع بغير واسطة يعني بدون جناية من العبد إذ لم يوجد من التعدي في مقابلة الفضل الواجب عليه تعد على الغير فيكون جورا ونسبة الجور إلى صاحب الشرع باطلة وقد يظن أن قوله بدون واسطة فعل العبد هاهنا غير محتاج إليه لأنه يوهم أن نسبة الجور إليه بواسطة فعل العبد جائزة وليس (٤/١٣٤) كذلك بل نسبة الجور إليه لا تجوز بحال وما يضاف إلى صاحب الشرع من إيجاب الجزاء بواسطة فعل العبد ليس بجور وعبارة التقويم تؤيده فإن المذكور فيه أن الزيادة راجعة إلى ما يتبين من حكم اللّه بفتوانا وحكم اللّه تعالى مصون عن الجور إلا أنه ذكر في نسخة من نسخ أصول الفقه وأظنها للشيخ أن إضافة الظلم إلى الشرع بواسطة فعل العبد يجوز من حيث الإرادة والتقدير والمشيئة دون الرضاء والأمر به فعلى هذا يكون ذكره مفيدا ومحتاجا إليه وأن لا يضمن أي عدم وجوب الضمان وسقوطه مضاف إلى عجزنا عن الدرك أي درك المثل الواجب في هذا الموضع فإنا نعلم أنه قد وجب على ذمة المتلف ضمان ما أتلفه مقدرا بالمثل فإن إيجاب المثل من العدل ولكنا عجزنا عن معرفته فسقط ذلك للعجز وذلك أي عدم وجوب الضمان وسقوطه للعجز سائغ حسن كسقوط وجوب المثل صورة عند العجز في ضمان العدوان وسقوط فضل الوقت في ضمان الصوم والصلاة ولأن الوصف وهو الفضل على تقدير إيجاب الضمان فائت أصلا بلا بدل إذ لا يبقى للمتلف حق فيه في الدنيا ولا في الآخرة لوجوبه بحكم الشرع فكان إيجابه إبطالا له أصلا والأصل وهو حق المظلوم وإن عظم بالنسبة إلى الوصف فائت على تقدير عدم إيجاب الضمان إلى الضمان في دار الجزاء فكان عدم إيجابه تأخيرا لا إبطالا والتأخير أهون من الإبطال في الضرر فكان أولى مع أن تأخير الحق بالعذر أمر مشروع بقوله عز اسمه وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وتأخير الحقوق إلى دار الآخرة أصل فإنها دار الجزاء على الحقيقة وهذا أي اشتراط المماثلة في سائر الأحكام كذلك أي مثل اشتراطها هاهنا أو اشتراطها هاهنا مثل اشتراطها في عامة الأحكام يعني ما اعتبرناه من رعاية شرط المماثلة ليس بوصف خاص بل هو ثابت في عامة الأحكام التي تتعلق بالضمان فأما ضمان العقد فباب خاص لأنه ثابت بخلاف القياس للحاجة مختصا بالعقد على ما مر بيانه فلا يكون ثباته على الحكم مثل ثبات الأول فكان الأول أرجح وأما اعتباره ضمان المنافع بضمان القيمة عن العين فليس بصحيح لأنه لا يلزم من إيجاب القيمة إيجاب زيادة بالفتوى ونسبة جور إلى الشرع بل الواجب قيمة عدل على الحقيقة فإن لكل عين متقومة قيمة مثل على الحقيقة عند اللّه تعالى وربما يوصل إليها باتفاق الحال وهي الواجبة بالفتوى إلا أنه إذا آل الأمر إلى الاستيفاء وذلك يبتني على الوسع قلنا يتقدر بقدر الوسع ويسقط اعتبار أدنى تفاوت في القيمة لأنه لا يستطاع التحرز عنه فأما هاهنا فالتفاوت في أصل الواجب لا في (٤/١٣٥) الاستيفاء ولا يلزم عليه الشاهد على إبراء الدين إذا رجع فإنه يضمن النقد وله فضل على الدين لأنا نقول إنه أتلف على المشهود عليه دينا يتعين بالقبض فيضمن دينا يتعين بالقبض فليس فيه إيجاب فضل وأما ما اعتبر من ترجيح جانب المظلوم فهو ضعيف جدا لأن الظالم لا يظلم ولكن ينتصف منه مع قيام حقه في ملكه فلو لم يوجب الضمان سقط حق المظلوم لا بفعل مضاف إلينا وعند إيجاب الضمان سقط حق الظالم في الوصف بمعنى مضاف إلينا وهو أنا نلزمه إذا ذلك بطريق الحكم به عليه ومراعاة الوصف في الوجوب كمراعاة الأصل ألا ترى أن في القصاص الذي يبتني على المساواة التفاوت في الوصف يمنع جريان القصاص كالصحيحة مع الشلاء ولا ينظر إلى ترجيح جانب المظلوم وإلى ترجيح جانب الأصل على الوصف فعرفنا أن قوة الثبات فيما قلنا كذا ذكر شمس الأئمة رحمه اللّه قوله وأما الثالث وهو كثرة الأصول معنى الترجيح بكثرة الأصول أن يشهد لأحد الوصفين أصلان أو أصول فيرجح على الوصف الذي لم يشهد له إلا أصل واحد مثل وصف المسح في مسألة التثليث فإنه لما شهد لصحة التيمم ومسح الخف ومسح الجبيرة وغيرها ولم يشهد لصحة وصف الخصم وهو الركنية إلا الغسل ترجح عليه ثم زعم بعض أصحابنا وبعض أصحاب الشافعي أن الترجيح بكثرة الأصول غير صحيح لأن كثرة الأصول في القياس بمنزلة كثرة الرواة في الخبر والخبر لا يترجح بكثرة الرواة على ما مر بيانه فكذا هذا ولأنه من جنس الترجيح بكثرة العلة لأن شهادة كل أصل بمنزلة علة على حدة وعند الجمهور هو صحيح لأن الحجة هي الوصف المؤثر الأصل المستنبط منه لكن كثرة الأصول يوجب زيادة تأكيد ولزوم للحكم بذلك الوصف من وجه آخر غير ما ذكرنا من شدة التأثير والثبات على الحكم فيحدث بها قوة في نفس الوصف فلذلك صلحت للترجيح فهو أي الوجه الثالث من الترجيح من جنس الاشتهار في السن فإن كثرة الرواة ليست بحجة بل الخبر هو الحجة ولكن يحدث بكثرة الرواة قوة وزيادة اتصال في نفس الخبر فيصير مشهورا أو متواترا فيترجح على ما ليس بتلك الصفة فتبين بما ذكرنا أنه في الحقيقة ترجيح الوصف القوي على ما ليس بقوي لا ترجيح الأصول على أصل وهو أي الترجيح بكثرة الأصول قريب من القسم الثاني وهو الترجيح بقوة إثبات من هذا الباب أي باب الترجيح قال شمس الأئمة رحمه اللّه وما من نوع من هذه (٤/١٣٦) الأنواع إذا قرر به في مسألة إلا ويتبين به إمكان تقدير النوعين للآخر فيه أيضا وهكذا في التقويم وذلك لأن الأقسام الثلاثة راجعة إلى معنى واحد وهو الترجيح بقوة تأثير الوصف إلا أن الجهات مختلفة فتعددها باعتبار الجهات فالترجيح بقوة التأثير بالنظر إلى نفس الوصف والترجيح بالثبات بالنظر إلى الحكم والترجيح بكثرة الأصول بالنظر إلى الأصل وذكر في بعض فوائد هذا الكتاب أن الفرق بين هذا القسم والقسم الثاني أن في القسم الثاني أخذ الترجيح من قوة هذا الوصف وفي هذا أخذ من نظائره ولا يكون هذا ترجيح القياس بالقياس لأن ذلك إنما لا يجوز باعتبار أن كل قياس علة على حدة وفيما نحن فيه القياس واحد والمعنى واحد إلا أن أصوله كثيرة قوله وأما الرابع فهو العكس اختلف في الترجيح بالعكس فعند بعض المتأخرين لا عبرة به لأن العدم لا يتعلق به حكم أي لا يوجب عدم العلة عدم الحكم ولا وجوده لأنه ليس بشيء فلا يصلح مرجحا لأن الرجحان لا بد له من سبب ومختار عامة الأصوليين أنه صالح للترجيح لأن عدم الحكم عند عدم الوصف الذي جعل حجة دليل على اختصاص الحكم بذلك الوصف ووكادة تعلقه به فصلح مرجحا من هذا الوجه لكنه ترجيح ضعيف لاستلزامه إضافة الرجحان إلى العدم الذي ليس بشيء كما قال الفريق الأول ويظهر ثمرته عند المعارضة فإنه إذا عارض هذا النوع ترجيح آخر من الأنواع الثلاثة كان ذلك مقدما عليه كالترجيح في الذات على الترجيح في الحال وهو ينعكس بما ليس بمسح أي ينعدم الحكم المرتب على المسح وهو سقوط التكرار بعدم وصف المسح كما في غسل الوجه واليد والرجل فإنه يسن فيه التكرار وكذا في كل ما يعقل تطهيرا يسن فيه التكرار أيضا وكذلك أي ومثل قولنا في المسح قولنا فيما إذا ملك الرجل أخاه أو أخته إن قرابة الأخوة محرمة للنكاح الذي هو استدلال فيوجب العتق كقرابة الولادة أحق من قول أصحاب الشافعي هذه قرابة يجوز وضع زكاة أحدهما في الآخر فلا توجب العتق كقرابة بني الأعمام لأن ما قلنا ينعكس في بني الأعمام فإن قرابتهم لما لم توجب حرمة النكاح لم توجب العتق وقولهم لا ينعكس فإن الوصف الذي ذكروه وهو جواز وضع الزكاة قد انعدم في الكافر ولم ينعدم الحكم المرتب عليه وهو عدم العتق فإن الكافر لا يعتق على (٤/١٣٧) المسلم إذا ملكه وكذلك أي وكقولنا فيما تقدم قولنا في بيع الطعام بالطعام إلى آخره إذا باع طعاما بعينه بطعام بعينه لا يشترط القبض في المجلس عندنا لأنه أي لأن كل واحد من البدلين مبيع عين فلا يشترط قبضه في المجلس كما إذا باع ثوبا بثوب وقال الشافعي رحمه اللّه يشترط القبض في المجلس لأن البدلين مالان لو قوبل كل واحد منهما بجنسه يحرم التفاضل فيشترط التقابض في بيع أحدهما بالآخر كالذهب والفضة ثم ما ذكرناه أولى لأنه ينعكس ببدل الصرف ورأس مال السلم لأنه أي لأن كل واحد منهما دين بدين يعني قد عدمت العينية في هذين العقدين فعدم الحكم المرتب عليها وهو عدم اشتراط التقابض وذلك لأن الأصل في الصرف النقود وهي لا تتعين في العقود فكان دينا بدين وكذا المسلم فيه دين ورأس المال في الغالب من النقود أيضا فكان دينا بدين فشرط فيهما القبض فثبت أن ما ذكرنا منعكس ولا ينعكس تعليله أي تعليل الخصم لأن بيع السلم لم يشمل أموال الربا أي لم يقتصر عليها إن جاز حمل الشمول على الاقتصار يعني كما يكون السلم في مال الربا بأن أسلم دراهم في حنطة يكون في غيره بأن يكون رأس المال ثوبا أو معناه أن بيع السلم قد يكون غير مشتمل على أموال الربا بأن أسلم ثوبا في عدد متقارب وعبارة التقويم أوضح من عبارة الكتاب وهي وعلتهم لا توجب العدم لعدمها فإن القبض شرط في المجلس في باب السلم وإن لم يشتمل على أموال الربا ومع ذلك أي مع كونه غير مشتمل على أموال الربا وجب فيه القبض للاحتراز عن النسيئة بالنسيئة فثبت أن ما ذكروا غير منعكس ببقاء الحكم عند عدم الوصف فإن قيل ما ذكرنا وإن لم يكن منعكسا فهو مطرد وما ذكرتم ليس بمطرد فإن بيع إناء من فضة بإناء من فضة أو ذهب يوجب القبض في المجلس وإن كانا عينين وكذا لو كان رأس المال ثوبا يشترط قبضه في المجلس وإن كان عينا فكان ما قلناه أولى قلنا الأصل في الصرف والسلم ورودهما على الدين بالدين وربما يقع على عين بدين ويتعذر على عامة التجار معرفة ما يتعين وما لا يتعين فأقيم اسم الصرف والسلم مقام الدين بالدين وعلق وجوب القبض بهما تيسيرا على الناس ووجب القبض بهما سواء وردا على دين بدين أو (٤/١٣٨) عين بدين أو عين بعين لأن الكل في حكم الدين تقديرا وهذا لأن الشيء إذا أقيم مقام شيء فالمنظور نفسه لا الشيء الذي هو أقيم هو مقامه كالنوم لما أقيم مقام الحدث عند الاسترخاء والسفر لما أقيم مقام المشقة لم يتلفت بعد إلى حقيقة الحدث والمشقة فإن قيل ما ذكرنا وإن لم يكن منعكسا موافق للنص وهو قوله عليه السلام الحنطة بالحنطة مثل بمثل يد بيد أي قبض بقبض وفي بعض الروايات قبض بقبض وقوله صلى اللّه عليه وسلم إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم بعد أن يكون يدا بيد وما ذكرتم مخالف للنص فكان مردودا قلنا قد ثبت بالدليل أن المراد بقوله يد بيد عين بعين نقد بنقد يقال لما ليس بنسيئة بيع يد بيد وهذا لأن اليد آلة التعيين كالإشارة والإحضار كما هي آلة القبض وكذلك القبض باليد للتعيين فيجوز أن يعبر باليد والقبض عنه فيحمله عليه لئلا يزيد على كتاب اللّه تعالى وهو قوله جل ذكره وأحل اللّه البيع وحرم الربا وقوله جل جلاله إلا أن تكون تجارة عن تراض شرطا ليس منه لأنه بمنزلة النسخ كذا في الأسرار ولا يقال قد زدتم اشتراط العينية على الكتاب بنهيه عليه السلام عن الكالئ بالكالئ فزيدوا القبض بهذا النص أيضا لأنا نقول انضم الإجماع وقبول الأمة إلى هذا الخبر فيجوز الزيادة به على الكتاب ولم يوجد ذلك في خبر القبض فافترقا قوله وأما القسم الثالث يعني من أقسام أول الباب وهو بيان المخلص في تعارض وجوه الترجيح فإن الترجيحين إذا تعارضا يحتاج إلى ترجيح أحدهما على الآخر دفعا للتعارض أحدهما في الذات أي بمعنى راجع إلى الذات والثاني في الحال أي بوصف في الذات على مضادة الوجه الأول أي على مخالفته إذ لو كان على موافقته لا يحتاج إلى الترجيح ثانيا أحدهما أن الذات أسبق وجودا من الحال زمانا أو رتبة فبعدما وقع الترجيح لمعنى في الذات لا يتغير لما حدث من معنى في حال الآخر بعد ذلك كاجتهاد أمضى حكمه لا يحتمل النسخ بما يحدث من اجتهاد آخر بعده وإذا اتصل الحكم بشهادة المستورين بالنسب أو النكاح لرجل لم يتغير بعد ذلك بشهادة عدلين لآخر كذا ذكر شمس الأئمة ولا يقال الذات أسبق على حال نفسها لا على حال ذات أخرى وترجيح الخصم يقع بحال ذات أخرى فيتساويان لأنا نقول المنظور كون الذات في نفس الأمر (٤/١٣٩) مقدمة على الحال على أن الترجيح بالحال وبالذات قد يقعان في شيء واحد كما في مسألة التبييض رجحنا بالكثرة وهي راجعة إلى ذات الصوم ورجح الخصم بالفساد احتياطا وهو راجع إلى حال الصوم أيضا ولأن الحال قائمة بالذات بيان الوجه الثاني أي الحال قائمة بغيرها وما هو قائم بغيره له حكم العدم في حق نفسه لعدم قيامه وبقائه بنفسه فكانت الحال موجودة من وجه دون وجه تابعة لغيرها والذات موجودة من كل وجه وأصل بنفسها فكان الترجيح بها أولى وبعدما صار الدليل راجحا باعتبار الذات لا يجعل الآخر راجحا باعتبار الحال لأنه يصير نسخا وإبطالا لما هو أصل بنفسه بما هو تبع لغيره والتبع لغيره لا يصلح مبطلا لما هو أصل بنفسه وناسخا له وقد يرد عليه أيضا أن تبع الشيء لا يصلح مبطلا لذات الشيء ولكنه يصلح مبطلا لشيء آخر والجواب مثل الأول وهذا عندنا أي هذا النوع من الترجيح مذهبنا والشافعي وإن كان لا يخالفنا في هذا الأصل ولكن خفي عليه هذا الأصل في بعض المسائل وهو معذور في مزل القدم فإن المجتهد إذا أخطأ في موضع الخفاء كان معذورا وإنما المأخوذ عليه الخطأ في موضع الظهور والمصيب في مراكز الزلل مأجور يعني ومن أصاب الحق في مواضع تزل فيها أقدام الخواطر فهو مأجور أراد به أبا حنيفة وأصحابه رحمه اللّه فإنهم أمعنوا في طلب الحق فأصابوا حقيقة المعنى فلم تزل أقدامهم عن الصواب وبيانه أي بيان رجحان الترجيح بالذات على الترجيح بالحال في المواضع المتفق عليها قولنا في ابن ابن الأخ لأب وأم أو لأب أنه أحق بالتعصيب من العم لأن هذا أي ابن ابن الأخ راجح في ذات القرابة فإن قرابته قرابة أخوة وهي مقدمة على العمومة بالاتفاق لأن الأخ مجاوره في الصلب والعم مجاور أبيه والعم راجح بحالة وهي زيادة القرب لأنه يتصل بواسطة واحدة وهي الأب وابن ابن الأخ بواسطتين وكذلك العمة لأم مع الخال لأب وأم أحق بالثلثين من الخال والثلث للخال لأن العمة راجحة في ذات القرابة لإدلائها إلى الميت بالأب والخال راجح بحالة وهي الذكورة وقوة القرابة فإنه (٤/١٤٠) يتصل بأم الميت من الجانبين والعمة متصلة بأبيه من جانب واحد لاستوائهما في الذات أي ذات القرابة فإن الكل قرابة أخوة فيترجح أي الأول بالحال وهي زيادة الاتصال ل أحدهما وابن ابن الأخ لأب وأم لا يرث مع ابن الأخ لأب للرجحان في الذات يعني أنهما وإن استويا في ذات القرابة لأن منزلهما واحد وهو الأخوة لكن ل أحدهما وهو ابن الأخ لأب معنى مرجح في ذاته وهو القرب فإن نفسه أقرب إلى الميت بواسطة وللآخر معنى مرجح يرجع إلى غيره وهو زيادة الاتصال لجده فكان الأول أحق بالعصوبة ومثله أي ومثل الترجيح المذكور في الفرائض كثير فإن ابن العم لأب أولى من ابن ابن العم لأب وأم لما قلنا والجد وإن علا أولى من العم وبنت العمة وإن سلفت أولى بالثلثين من الخال والخالة للرجحان في ذات القرابة والعمة لأب وأم أولى من العمة لأب أو لأم وإن استويا في الذات للرجحان في الحال وقس على هذا قوله وعلى هذا أي على أن الترجيح بالذات أقوى من الترجيح بالحال عند تعارض الترجيحين قال أصحابنا في مسائل صنعة الغاصب بأن أحدث في المغصوب صنعة متقومة وهي ما تزداد قيمة العين به في الخياطة بدل من قوله في مسائل صنعة الغاصب مع تكرير العامل وتفسير له أي بأن غصب ثوبا فقطعه قميصا وخاطه والصياغة بأن غصب نقرة فصاغها حليا أو ضربها دراهم والطبخ والشي بأن غصب طعاما فطبخه أو شاة فذبحها وشواها ونحوها بأن غصب ساجة أو أجرة فأدخلها في بنائه أو حديدا فضربه سيفا أو صفرا فضربه آنية أنه ينقطع حق المالك يعني من العين إلى القيمة لا أنه ينقطع أصلا وهذا الجواب في مسألة الصياغة على قول أبي يوسف ومحمد فأما عند أبي حنيفة رحمهم اللّه فلا ينقطع بالصياغة حق المالك من العين لما سنبين وذلك لأن الوصف الحادث في المغصوب بصنعة الغاصب متقوم وهو حق الغاصب بدليل أن المغصوب منه لا يأخذ العين إلا ويعطيه ما زادت الصنعة فيها من الخياطة والشي والأصل متقوم حقا للمغصوب منه ولا يمكن التمييز بينهما في الشي والطبخ ونحوهما أصلا وفي الخياطة ونحوها إلا بنقضها والنقض إبطال لحق الغاصب وحقه محترم لا يجوز الإبطال عليه كحق المغصوب منه ولا سبيل إلى إثبات الشركة لاختلاف الملكين جنسا فلا بد من تملك أحدهما بالآخر (٤/١٤١) بالقيمة فقلنا حق الغاصب أولى بالاعتبار لأن حقه في الصنعة قائم لأنها موجودة من كل وجه لبقائها على الوجه الذي حدثت من غير تغيير وهو المراد من قوله قائمة بذاتها لا القيام بالذات الذي يكون للعين لأن المراد بالصنعة أثرها ولا بد له من القيام بمحل ولا يضاف حدوثها إلى صاحب العين لأنه لم يحدث في الثوب شيئا والثوب ليس بعلة أيضا لصيرورته مخيطا فثبت أنه مضاف إلى فعل الغاصب لا غير وكأنه احتراز عن الزوائد المتولدة من العين فإنها حق المالك لتولدها من ملكه وعما إذا هبت الريح بحنطة مغصوبة وألقتها في طاحونة فطحنتها أو ألقتها في أرض الغاصب فنبتت حيث لم يقطع به حق المالك لأن صيرورتها دقيقا وزرعا لما لم يكن بفعل أحد وفعل الطاحونة والريح لا يصلح للإضافة إليه بقيت مضافة إلى الحنطة فيصير ملكا لصاحب الحنطة إليه أشير في الأسرار وحق المالك في المغصوب ثابت من وجه دون وجه لأنه قائم من وجه هالك من وجه وذلك لأن حقه في الثوب ولم يبق صورة ومعنى من وجه لأنه كان ثوبا بالتركيب وقد زال بالقطع من وجه وبعض المنافع القائمة به زالت بالقطع وحدث بالخياطة ما لم يكن وكذا حدث بفعل الشي صفة النضج وهي متقومة لأنها تزيد في قيمة اللحم واللحم يصير بها مستهلكا صورة ومعنى من وجه أما الصورة فظاهرة وأما المعنى فلأنه كان صالحا لوجوده من الأغذية والآن لم يصلح إلا لما آل إليه وكذا الطبخ بالماء فثبت أن العين هالكة من وجه ولهذا كان للمالك حق الترك في هذه الصورة وتضمين كل القيمة وهي من ذلك الوجه أي الوجه الذي صارت هالكة تضاف إلى صنعة الغاصب لأن الصنعة متى أوجبت تبديل المحل من جميع الوجوه يصير وجوده مضافا إلى الفعل كما إذا غصب حنطة فزرعها فنبتت أو طحنها أو بيضا فحضنها تحت دجاجة حتى أفرخت أو تالة فأنبتها حتى غرست فإذا تغير من وجه دون وجه يصير الوجود في حق المالك مضافا إلى الفعل من وجه وقد بينا أن الثوب تبدل من وجه صورة ومعنى فمن ذلك الوجه يصير مضافا إلى فعل الغاصب وجودا والصنعة وجدت بفعله من كل وجه وليس لها حكم الوجود بالثوب والوجود معنى راجع إلى الذات فرجحنا الصنعة باعتبار أنها في الوجود راجحة لكونها موجودة من وجه وأن وجود الثوب من وجه مضاف إليها وهي غير مضافة إليه كذا في شرح التقويم ولا يلزم على هذا ما إذا صبغ الثوب أحمر أو أصفر أو قطعه قباء ولم يخطه أو ذبح (٤/١٤٢) الشاة وسلخها وأربها ولم يشوها حيث لم ينقطع في هذه الصور حق المالك مع وجود صنعة الغاصب وتغير المغصوب بها لأنا نقول إن كان حق الغاصب في صورة الصنع قائما من كل وجه فحق المالك في الثوب قائم من كل وجه أيضا لأنه لم يفت الاسم والهيئة ولا المعاني فإن الثوب الأحمر يصلح لجميع ما يصلح له الأبيض إلا أن الناس ما اعتادوا الانتفاع به إلا بجهة مخصوصة فأما صلاحيته لجميع الانتفاعات فعلى ما كان من قبل ولما كان كل واحد منهما قائما من كل وجه ترجح الأصل على الوصف وفي قطع الثوب وذبح الشاة بدون الخياطة والشي وجد الاستهلاك من وجه إلا أنه لم يعارضه فعل الغاصب لأنه ليس بمتقوم فلم يبطل به حق المالك لكنه يخير إن شاء مال إلى جهة الهلاك فيضمنه القيمة وإن شاء مال إلى جهة القيام فيأخذ الثوب ويضمنه النقصان ولا يلزم عليه أيضا مسألة الصياغة على قول أبي حنيفة رحمه اللّه فإن عنده لا ينقطع بها حق مالك حتى كان له أن يأخذ العين من غير أن يضمن للغاصب شيئا لأن الصنعة هناك قائمة من وجه دون وجه إذ هي قائمة صورة لا معنى لأن الجودة بانفرادها لا قيمة لها في أموال الربا فصارت الصنعة والأصل سواء فترجح الأصل على الوصف بخلاف الصفراء أو الحديد فإنه يخرج بالصنعة من أن يكون مال الربا فإنه يباع بعد الصنعة عددا لا وزنا فكانت الجودة فيه متقومة فافترقا وقال الشافعي رحمه اللّه صاحب الأصل راجح على صاحب الصنعة لأن الصنعة باقية بالمصنوع لأنها لا تقوم بنفسها لكونها عرضا تابعة لها لأنها وصف والأوصاف أتباع لموصوفاتها والجواب ما قلنا أن البقاء حال بعد الوجود فإذا تعارضا أي الترجيح بالوجود والترجيح بالحال كان الوجود أحق من البقاء ثم كون الشيء تابعا ووصفا لغيره لا يبطل حق صاحبه فإن حق الإنسان في التبع محترم كما أن حقه في الأصل محترم فأما هلاك الشيء فمبطل للحق فمتى كان الشيء هالكا من وجه فمن ذلك الوجه ليس بمستحق فلا يعارض حقا مستحقا قائما من كل وجه سواء كان تابعا أو أصلا بنفسه فلهذا رجحنا حق الغاصب قوله وكذلك أي وكما قلنا في صنعة الغاصب قلنا على هذا الأصل في كذا فإذا وجدت العزيمة في البعض دون البعض تعارضا أي البعض الذي وجدت العزيمة فيه والبعض الذي لم توجد فيه أو تعارض وجود العزيمة في البعض وعدمها في البعض فإن وجودها يقتضي الجواز وعدمها يوجب الفساد فرجحنا بالكثرة أي رجحنا البعض الذي وجدت العزيمة فيه أو وجود العزيمة بالكثرة التي هي معنى راجع إلى الذات وحكمنا بالصحة ورجح الشافعي البعض الذي لم يوجد فيه العزيمة فحكم بالفساد احتياطا في (٤/١٤٣) العبادة فإنه إذا اجتمع فيها جهة الصحة وجهة الفساد ترجح جانب الفساد بالاتفاق وما اعتبره معنى في الحال لأن الفساد من الأحوال والجواب عما قال الشافعي رحمه اللّه أن الترجيح بالفساد يؤدي إلى نسخ الذات بالحال فإن اعتبار الكثرة يقتضي الجواز وبترجيح الفساد يبطل ذلك لا محالة فيكون فيه نسخ الذات بالحال وهو غير جائز لما مر ولا يقال ليس كذلك بل فيه نسخ الحال بالحال لأن الكثرة والقلة من الأوصاف أيضا لأنا نقول الكثرة تحصل بانضمام الأجزاء وهو معنى راجع إلى الذات والفساد حال طارئ على الذات من كل وجه فكان الأول أولى وعلى هذا على الأصل المذكور فإن وهبت له ألف ضمها إلى الألف أولى وهي الألف المملوكة دون ثمن السائمة لأنها أقرب الألفين إلى الحول يعني قد استحق عليه الضم بمعنى المجانسة وقد تعارض هذا المعنى في الألفين على السواء فوجب الترجيح بالقرب إلى الحول لأنه يرجع إلى الاحتياط في حق اللّه تعالى كعروض التجارة يقوم بما هو الأنفع للفقراء احتياطا فإن تصرف في ثمن الإبل فربح ألفا ضم الربح إلى أصله وإن بعد أصله عن الحول ولا يعتبر الرجحان بالاحتياط في الزكاة بأن يضم إلى الألف الأخرى باعتبار القرب إلى الوجوب لأن التبعية معنى يرجع إلى ذات المستفاد فإن كون الشيء متفرعا من الشيء معنى يرجع إلى ذاته لأن ذاته جزء منه والقرب إلى الحول حال زائدة فيه فكان الترجيح بمعنى راجع إلى الذات أحق من الترجيح بالحال وهذا كعروض التجارة إذا كانت مشتراة بأحد النقدين يقوم في حكم الزكاة به وإن كان التقويم بالنقد الآخر أنفع لحصول ذاتها به ثم استوضح محمد رحمه اللّه في الجامع هذا الكلام فقال لو كان باع الغنم بجارية تساوي ألف درهم فزادت زيادة متصلة حتى صارت تساوي ألفين فلو قلنا بضم الزيادة إلى (٤/١٤٤) المال الآخر إذا كان أقرب إلى الحول لأدى إلى أمر قبيح وهو أن يزكى أصل الجارية باعتبار حول وصفتها باعتبار حول آخر فلهذا يضم المتولد إلى ما تولد منه كذا في شرح الجامع لشمس الأئمة رحمه اللّه ليكون أصلا لغيرها من الفروع كما إذا أحرم المكي لعمرة وطاف لها شوطا ثم أحرم بالحج يرفض إحرام العمرة عند أبي يوسف ومحمد رحمهما اللّه لأن العمرة أيسر قضاء وأقل أعمالا ويرفض إحرام الحج عند أبي حنيفة رحمه اللّه لأن العمرة راجحة في ذاتها لوجود جزء من أركانها بخلاف الحج وما قالاه ترجيح بالحال قوله وأما الرابع يعني من أقسام أول الباب وهو بيان الفاسد من وجوه الترجيح وترجيح القياس بقياس آخر وقد مر الكلام فيه وما يجري مجراه مثل ترجيح أحد القياسين بالخبر لأن القياس متروك بالخبر فلا يكون حجة في مقابلته والمصير إلى الترجيح بعد وقوع التعارض باعتبار المماثلة ومثل ترجيح أحد الخبرين بنص الكتاب لأن الخبر لا يكون حجة في معارضة النص على ما قلنا يعني في أول الباب إن الترجيح لا يقع مما يصلح علة بانفراد والثاني من الترجيحات الفاسدة الترجيح بغلبة الأشباه وهو أن يكون للفرع بأحد الأصلين شبه من وجه واحد وبالأصل الآخر الذي يخالف أصل الأول شبه من وجهين أو من وجوه وهو صحيح عند عامة أصحاب الشافعي وقد نقل صاحب القواطع عن الشافعي رحمه اللّه أنه قال في كتاب أدب القاضي الشيء إذا أشبه أصلين ينظر إن أشبه أحدهما في خصلتين والآخر في خصلة ألحقته بالذي أشبهه في خصلتين وهذا تنصيص على ترجيح إحدى العلتين بكثرة الشبه وهذا لأن القياس لم يجعل حجة إلا لإفادته غلبة الظن ولا شك أن الظن يزداد قوة عند كثرة الأشباه كما يزداد عند كثرة الأصول وهذا باطل عندنا لأن الأشباه أوصاف وأحكام تجعل عللا وكثرة العلل لا توجب ترجيحا ككثرة الآيات والأخبار ولا فرق بين أوصاف تستنبط من أصل أو أصول ولو كانت من أصول شتى توجب ترجيحا فكذا هذا وهذا بخلاف كثرة الأصول فإن هناك الوصف واحد وكل أصل يشهد بصحته فيوجب قوته وثباته على الحكم فأما هاهنا فأصل واحد والأوصاف متعددة لأن كل شبهة (٤/١٤٥) وصف على حدة يصلح للجمع بين الأصل والفرع فكان من قبيل الترجيح بكثرة الأدلة قال الغزالي رحمه اللّه ترجيح العلة بكثرتها شبها بأصلها على التي هي أقل شبها بأصلها ضعيف عند من لا يرى مجرد الشبه في الوصف الذي يتعلق الحكم به موجبا للحكم ومن رأى ذلك موجبا فغايته أن يكون كعلة أخرى ولا تجب ترجيح علتين علة واحدة لأن الشيء يترجح بقوته لا بانضمام مثله إليه كما لا يرجح الحكم الثابت بالكتاب والسنة الإجماع على الثابت بأحد هذه الأصول والثالث من الترجيحات الفاسدة الترجيح بالعموم مثل ترجيح أصحاب الشافعي التعليل بوصف الطعم في الأشياء الأربعة على التعليل بالكيل والجنس لأن وصف الطعم يعم القليل وهو الحفنة مثلا والكثير وهو المكيل والتعليل بالكيل والجنس لا يتناول الكثير فكان أولى لأن المقصود من التعليل تعميم حكم النص فكونه أعم كان أوفق لمقصوده وهذا باطل عندنا لأن الوصف فرع النص لكونه مستنبطا منه وثابتا به والنص الخاص والعام سواء عندنا وعند الخصم الخاص يقضي أي يترجح على العام فكيف صار العام أحق من الذي هو فرعه هو راجع إلى العام والضمير المجرور راجع إلى الذي يعني كيف صار العام في الفرع أحق من الخاص الذي هو أي العام دونه في الرتبة ويؤيده عبارة شمس الأئمة وعنده الخاص يقضي على العام كيف يقول في العلل أن ما يكون أعم فهو مرجح على ما يكون أخص أو يقال معناه كيف صار العام من الوصف أحق أي أقوى من النص الذي هو فرعه حيث لم يترجح العام من النص على الخاص منه وترجح العام من الوصف على الخاص منه ولأن التعدي غير مقصود من التعليل عند الخصم حيث جوز التعليل بعلة قاصرة فكان وجود التعدي وعدمه في التعليل بمنزلة لصحته بدونه قبل الترجيح بالعموم الذي هو عبارة عن زيادة التعدي ألا ترى أن كثيرا من أصحاب الشافعي لم يرجحوا المتعدية على القاصرة وقالوا هما سواء منهم صاحب القواطع والغزالي ورجح بعضهم القاصرة على المتعدية منهم أبو إسحاق الإسفراييني ولو كان العموم مقصودا لترجحت المتعدية بعمومها على القاصرة قال الغزالي رحمه اللّه ترجيح المتعدية على القاصرة ضعيف عند من لا يفسد القاصرة لأن كثرة الفروع بل وجود أصل الفروع لا تبين قوة في (٤/١٤٦) ذات العلة بل ينقدح أن يقال القاصرة أوفق للنص وآمن من الزلل فكانت أولى وعندنا صار الوصف علة بمعناه وهو التأثير ولا مدخل للعموم في ذلك بل العموم صورة ولا اعتبار لها في العلل والرابع من الترجيحات الفاسدة الترجيح بقلة الأوصاف مثل ترجيح بعض الشافعية وصف الطعم في باب الربا على الكيل والجنس بوحدة الوصف إذ الجنس شرط عندهم قالوا علة هي ذات وصف واحد أقرب إلى الضبط وأبعد عن الخلاف وأكثر تأثيرا من ذات وصفين لعدم توقفها في إثارة الحكم على شيء آخر فكانت أولى ومنهم من قال التي هي أكثر وصفا أولى لأنها أكثر شبها بالأصل والصحيح أنهما سواء لأن ثبوت الحكم بالعلة فرع لثبوته بالنص والنص الموجز لا يترجح على المطول في البيان فكذا العلة ولم يعتبر ذلك أي الرجحان بالقلة والكثرة في النص الذي جعل نظمه حجة مع تحقق الاختصار والإشباع فيه ومع كونه أصلا ففي هذا أي في التعليل الذي هو فرع النص ولا يتحقق فيه الاختصار والإشباع أولى أن لا يعتبر القلة والكثرة إذ الاعتبار فيه للتأثير لا للقلة والكثرة بخلاف اعتبار الكثرة في الصوم لأن الصوم إنما صار صوما باعتبار صورته ومعناه فكان اعتبار الكثرة فيه اعتبارا للذات في مقابلة الحال فأما هاهنا فلا اعتبار للصورة إذ العلة صارت علة بمعناها لا بصورتها فلم يكن فيها اعتبار الكثرة واعلم أن الأصوليين ذكروا وجوها كثيرة في الترجيح الصحيحة والفاسدة بحيث لا تكاد تضبط لأن الشيخ رحمه اللّه اقتصر في بيان الوجوه الصحيحة على الأربعة المتقدمة لأنها هي المبنية على المعاني الفقهية والمتداولة بين أهل الفقه ولأن ما سواها من الوجوه الصحيحة قد اندرج فيما تقدم من الأبواب واقتصر في بيان الوجوه الفاسدة على هذه الأربعة لأنها هي المتداولة بين أهل النظر وقد يحصل الوقوف ببيان فسادها على فساد ما سواها من الوجوه الفاسدة فنقل الفائدة في الاشتغال بتفاصيلها واللّه أعلم (٤/١٤٧) |