٢١ ( باب الاستسقاء ) هو طلب السقا أي طلب العباد السقي من اللّه تعالى ( ١ ) بالاستغفار والحمد والثناء وشرع بالكتاب ( ٢ ) والسنة والإجماع ( له صلاة ) جائزة بلا كراهة وليست سنة لعدم فعل عمر رضي اللّه تعالى عنه لها حين استسقى لأنه كان أشد الناس اتباعا لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد استسقى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بجميع الصحابة ولو ثبت صلاته فيها لاشتهر نقله اشتهارا واسعا ولم يتركها عمر رضي اللّه عنه وبتركه لم ينكروا عليه وقد ورد شاذا صلاته صلى اللّه عليه وسلم للاستسقاء فقلنا بجوازها ( من غير جماعة ) عند الإمام كما قال إن صلوا وحدانا فلا بأس به وقال أبو يوسف ومحمد يصلي الأمام ركعتين يجهر فيهما بالقراءة كالعيد لما رواه ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه صلى اللّه عليه وسلم صلى فيهما ركعتين كصلاة العيد في الجهر بالقراءة والصلاة بلا أذان وإقامة قال شيخ الإسلام فيه دليل على الجواز وعندنا يجوز لو صلوا بجماعة لكن ليس بسنة ( وله استغفار ) لقوله تعالى " فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ( ويستحب الخروج ( ٣ ) له ) أي للاستسقاء ( ثلاثة أيام متتابعات ولم ينقل أكثر منهما ويخرجون ( مشاة في ثياب خلقة غسيلة ) غير مرقعة ( أو مرقعة ) وهو أولى إظهارا صفة كونهم ( متذللين متواضعين خاشعين للّه تعالى ناكسين رؤوسهم مقدمين الصدقة كل يوم قبل خروجهم ) ويجددون التوبة للمسلمين ويردون المظالم ( ويستحب إخراج الدواب ) بأولادها ويشتتون بينها ليحصل ظهور الضجيج بالحاجات ( و ) خروج ( الشيوخ الكبار والأطفال ) لأن نزول الرحمة بهم قال صلى اللّه عليه وسلم " هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم " رواه البخاري وفي خبر " لولا شباب خشع وبهائم رتع وشيوخ ركع وأطفال رضع لصب عليكم العذاب صبا ( و ) يخرجون للصحراء إلا ( في مكة وبيت المقدس ف ) إنهم ( في المسجد الحرام والمسجد الأقصى يجتمعون ) اقتداء بالسلف والخلف وشرف المحل وزيادة نزول الرحمة به ولا شك ( وينبغي ذلك ) أي الاجتماع للاستسقاء بالمسجد النبوي ( أيضا لأهل مدينة النبي صلى اللّه عليه وسلم ) وهذا أمر جلي إذ لا يستغاث وتستنزل الرحمة في مدينته بغير حضرته ومشاهدته في حادثة للمسلمين وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وهو المشفع في المذنبين فيتوسل إليه بصاحبيه ويتوسل بالجميع إلى اللّه تعالى فلا مانع من الاجتماع عند حضرته وإيقاف الدواب بباب المسجد لشفاعته ( ويقوم الإمام مستقبل القبلة ) حالة دعائه ( رافعا يديه ) لما روي عن عمر رضي اللّه تعالى عنه أنه رأى النبي صلى اللّه عليه وسلم يستسقي عند أحجار الزيت قريبا من الزوراء قائما يدعو رافعا يديه قبل وجهه لا يجاوز بهما رأسه اه ولم يزل يجافي في الرفع حتى بدى بياض إبطيه ثم حول إلى الناس ظهره ( والناس قعود مستقبلين القبلة يؤمنون على دعائه ) بما ورد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ومنه ما نص عليه بأن ( يقول اللّهم اسقنا غيثا ) أي مطرا ( مغيثا ) بضم أوله أي منقذا من الشدة ( هنيئا ) بالمد والهمز أي لا ينغصه شيء أو ينمي الحيوان من غير ضرر ( مريئا ) بفتح أوله وبالمد والهمز أي محمود العاقبة والهنيء النافع ظاهرا أو المريء النافع باطنا ( مريعا ) بضم الميم وبالتحتية أي آتيا بالمريع وهو الزيادة من المرواعة وهو الخصب بكسر أوله ويجوز فتح الميم هنا أي ذا ريع أي نماء أو بالموحدة من أربع البعير أكل الربيع أو الفوقية من رتعت الماشية أكلت ما شاءت والمقصود واحد ( غدقا ) أي كثير الماء والخير أو قطره كبار ( ٤ ) ( مجللا ) بكسر اللام أي ساترا للأفق لعمومه أو للأرض بالنبات كجل الفرس ( سحا ) بفتح السين المهملة وتشديد الحاء أي شديد الوقع بالأرض من سح جرى ( طبقا ) بفتح أوله أي يطبق الأرض حتى يعمها ( دائما ) إلى انتهاء الحاجة إليه ( و ) يدعو أيضا بكل ( ما أشبهه ) أي أشبه الذي ذكرناه مما يناسب المقام ( سرا أو جهرا ) وثبت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم " اللّهم اسقنا غيثا مغيثا نافعا غير ضار عاجلا غير آجل اللّهم اسق عبادتك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت اللّهم أنت اللّه لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين فإذا أمطروا قالوا استحبابا : اللّهم صيبا نافعا وإذا طلب رفعه عن الأماكن قالوا : اللّهم حوالينا ولا علينا اللّهم على الآكام ( ٥ ) والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر ( وليس فيه ) أي الاستسقاء ( قلب رداء ) عند أبي حنيفة وأبي يوسف وفي رواية عنه وما رواه محمد محمول على التفاؤل ( ٦ ) ولا يخطب عند أبي حنيفة لأنها تبع للصلاة بالجماعة ولا جماعة عنده وعندهما يخطب لكن عند أبي يوسف خطبة واحدة وعند محمد خطبتين ( ولا يحضره ) أي الاستسقاء ( ذمي ) لنهي عمر رضي اللّه عنه ولا يمكنون من فعله وحدهم أيضا لاحتمال أن يسقوا فقد يفتن به ضعفاء العوام _________ ( ١ ) إذا احتاجوا إلى الماء لأنفسهم أو دوابهم أو زروعهم ( ٢ ) الكتاب قوله تعالى " استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا " وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم ينكره الإسلام والأحاديث في هذا مشهورة . ) ( ٣ ) من البلد إلى الخلاء للاتباع ولأنه أقرب إلى التواضع وأوسع للجمع ( ٤ ) في بعض المتون زيادة ( عاجلا غير رائث ) أي غير مؤجل ولا بطيء ( ٥ ) الآكام جمع أكمة التراب المجتمع والظراب جمع ظرب : الجبل الصغير ( ٦ ) بأن الحال يتغير |