Geri

   

 

 

İleri

 

٧ ( فصل في بيان النوافل )

[ تعريفها]

عبر بالنوافل دون السنن لأن النفل أعم إذ كل سنة نافلة ولا عكس والنفل لغة الزيادة وفي الشرع فعل ما ليس بفرض ولا واجب ولا مسنون من العبادة والسنة لغة مطلق الطريقة مرضية أو غير مرضية وفي الشريعة الطريقة المسلوكة في الدين من غير افتراض ولا وجوب وقال القاضي أبو زيد رحمه اللّه النوافل شرعت لجبر نقصان تمكن في الفرض لأن العبد وإن علت رتبته لا يخلو من تقصير وقال قاضيخان السنة قبل المكتوبة شرعت لقطع طمع الشيطان فإنه يقول من لم يطعني في ترك ما لم يكتب عليه فكيف يطيعني في ترك ما كتب عليه . والسنة مندوبة ومؤكدة وبين المؤكدة بقوله ( من سنة مؤكدة ) منها :

[ السنن المؤكدة]

- ( ركعتان قبل ) صلاة ( الفجر ) وهو أقوى السنن حتى روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه اللّه تعالى لو صلى قاعدا من غير عذر لا يجوز وروى المرغيناني عن أبي حنيفة رحمه اللّه أنها واجبة وقال صلى اللّه عليه وسلم " لا تدعوهما وإن طردتكم الخيل " وقال صلى اللّه عليه وسلم " ركعتا الفجر أحب إلي من الدنيا وما فيها "

ثم اختلف في الأفضل بعد ركعتي سنة الفجر قال الحلواني ركعتا المغرب ثم التي بعد الظهر ثم التي بعد العشاء ثم التي قبل الظهر ثم التي قبل العصر ثم التي قبل العشاء وقيل التي بعد العشاء والتي قبل الظهر وبعده وبعد المغرب كلها سواء وقيل التي قبل الظهر آكد قال الحسن وهو الأصح وقد ابتدأ في المبسوط بها

- ( ركعتان بعد الظهر ) ويندب أن يضم إليها ركعتان فتصير أربعا

- ( و ) منها ركعتان ( بعد المغرب ) ويستحب أن يطيل القراءة في سنة المغرب لأنه صلى اللّه عليه وسلم كان يقرأ في الأولى منهما ألم تنزيل وفي الثانية تبارك الذي بيده الملك كذا في الجوهرة وعن أنس قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " من صلى بعد المغرب ركعتين قبل أن ينطق مع أحد يقرأ في الأولى بالحمد وقل يا أيها الكافرون والثانية بالحمد وقل هو اللّه أحد خرج من ذنوبه كما تخرج الحية من سلخها

( و ) منها ركعتان ( بعد العشاء )

- ( وأربع قبل الظهر ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " من ترك الأربع قبل الظهر لم تنله شفاعتي " كذا في الاختيار وقال في البرهان كان صلى اللّه عليه وسلم يصلي قبل الظهر أربعا إذا زالت الشمس فسأله أبو أيوب الأنصاري عن ذلك فقال إن أبواب السماء تفتح في هذه الساعة فأحب أن يصعد لي في تلك الساعة خير قلت أفي كلهن قراءة قال نعم قلت أيفصل بينهن بسلام قال لا ولقوله صلى اللّه عليه وسلم " ما من عبد مسلم يصلي في كل يوم اثنتي عشر ركعة تطوعا من غير الفريضة إلا بنى اللّه له بيتا في الجنة " رواه مسلم زاد في الترمذي والنسائي : " أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل صلاة الغداة

- ( و ) منها أربع ( قبل الجمعة ) لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يركع قبل الجمعة أربعا لا يفصل في شيء منهن

- ( و ) منها أربع ( بعدها ) لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يصلي بعد الجمعة أربع ركعات يسلم في آخرهن فلذا قيدنا به في الرباعيات فقلنا ( بتسليمة ) لتعلقه بقوله وأربع وقال الزيلعي حتى لو صلاها بتسليمتين لا يعتد بها عن السنة . انتهى ولعله بدون عذر لقول النبي صلى اللّه عليه وسلم " إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعا فإن عجل بك شيء فصل ركعتين في المسجد وركعتين إذا رجعت " رواه الجماعة إلا البخاري والقسم الثاني المستحب من السنن شرع فيه بقوله

[ المندوبة]

- ( وندب ) أي استحب ( أربع ) ركعات ( قبل ) صلاة ( العصر ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " من صلى أربع ركعات قبل صلاة العصر لم تمسه النار " وورد أنه صلى اللّه عليه وسلم صلى ركعتين وورد أربعا فلذا خيره القدوري بينهما

- ( و ) ندب أربع قبل ( العشاء ) لما روي عن عائشة رضي اللّه عنها أنه عليه السلام كان يصلي قبل العشاء أربعا ثم يصلي بعدها أربعا ثم يضطجع

- ( و ) ندب أربع ( بعده ) أي بعد العشاء لما روينا ولقوله صلى اللّه عليه وسلم " من صلى قبل الظهر أربعا كان كأنما تهجد من ليلته ومن صلاهن بعد العشاء كان كمثلهن من ليلة القدر "

- ( و ) ندب ( ست ) ركعات ( بعد المغرب ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " من صلى بعد المغرب ست ركعات كتب من الأوابين ) وتلا قوله تعالى أنه كان للأوابين غفورا " والأواب هو الذي إذا أذنب ذنبا بادر إلى التوبة . وعن أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه أنه عليه السلام قال " من صلى بعد المغرب عشرين ركعة بنى له بيتا في الجنة " وعن ابن عباس أنه عليه السلام قال " من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن له عبادة اثنتي عشرة سنة " وعن عائشة رضي اللّه عنها أنه عليه الصلاة والسلام قال " من صلى بعد المغرب عشرين ركعة بنى اللّه بيتا في الجنة " . وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه عليه السلام قال " من صلى أربع ركعات بعد المغرب قبل أن يكلم أحدا رفعت له في عليين وكان كمن أدرك ليلة القدر في المسجد الأقصى وهو خير له من قيام نصف ليلة " . وعن ابن عمر قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " من صلى ست ركعات بعد المغرب قبل أن يتكلم غر له ذنوب خمسين سنة " . وعن عمار بن ياسر رضي اللّه عنه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " من صلى بعد المغرب ست ركعات غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر " لم يقيد فيها بكونها قبل التكلم وفي التجنيس الست بثلاث تسليمات وذكر القوني أنها بتسليمتين وفي الدرر بتسليمة واحدة

- وقد عطفنا المندوبات على المؤكدات كما في الكنز وغيره من المعتبرات وظاهره المغايرة فتكون الست في المغرب غير الركعتين المؤكدتين . وكذا في الأربع بعد الظهر . وقيل بها لما في الدراية أنه عليه السلام قال " من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه اللّه على النار " ومثله في الاختيار

[ أحكام الرباعية والثنائية]

- ( ويقتصر ) المتنفل ( في الجلوس الأول من ) السنة ( الرباعية المؤكدة ) وهي التي قبل الظهر والجمعة وبعدها ( على ) قراءة ( التشهد ) فيقف على قوله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وإذا تشهد في الآخر يصلي على النبي صلى اللّه عليه وسلم ( و ) إذا قام للشفع الثاني من الرباعية المؤكدة ( لا يأتي في ) ابتداء ( الثالثة بدعاء الاستفتاح ) كما في فتح القدير وهو الأصح كما في شرح المنية لأنها لتأكدها أشبهت الفرائض فلا تبطل شفعته ولا خيار المحيرة ولا يلزمه كمال المهر بالانتقال إلى الشفع الثاني منها لعدم صحة الخلوة بدخولها في الشفع الأول ثم أتم الأربع كما في صلاة الظهر ( بخلاف ) الرباعيات ( المندوبة ) فيستفتح ويتعوذ ويصلي على النبي صلى اللّه عليه وسلم في ابتداء كل شفع منها

وقال في شرح المنية مسألة الاستفتاح ونحوه ليست مروية عن المتقدمين من الأئمة وإنما هي اختيار بعض المتأخرين

( وإذا صلى نافلة أكثر من ركعتين ) كأربع فأتمها ( ولم يجلس إلا في آخرها ) فالقياس فسادها وبه قال زفر وهو رواية عن محمد وفي الاستحسان لا تفسد وهو قوله ( صح ) نفله ( استحسانا لأنها صارت صلاة واحدة ) لأن التطوع كما شرع ركعتين شرع أربعا أيضا ( وفيها الفرض الجلوس آخرها ) لأنها صارت من ذوات الأربع ويجبر ترك القعود على الركعتين ساهيا بالسجود ويجب العود إليه بتذكره بعد القيام ما لم يسجد كذا في الفتح وروى مسلم أنه صلى اللّه عليه وسلم صلى تسع ركعات لم يجلس إلا في الثامنة ثم نهض فصلى التاسعة وإذا لم يقعد إلا على الثالثة وسلم اختلف في صحتها وصحح الفساد في الخلاصة

( وكره الزيادة على أربع بتسليمة في ) نفل ( النهار و ) الزيادة ( على ثان ليلا ) بتسليمة واحدة لأنه صلى اللّه عليه وسلم لم يزد عليه وهذا اختيار أكثر المشايخ وفي المعراج والأصح أنه لا يكره لما فيه من وصل العبادة وكذا صحح السرخسي عدم كراهة الزيادة عليها لما في صحيح البخاري عن عائشة رضي اللّه عنها كان صلى اللّه عليه وسلم يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين فتبقى العشرة نفلا أي والثلاث وترا كما في البرهان ( والأفضل فيهما ) أي الليل والنهار ( رباع عند ) الإمام الأعظم ( أبي حنيفة ) رحمه اللّه تعالى لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يصلي بالليل أربع ركعات لا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا لا تسل عن طولهن وحسنهن وكان صلى اللّه عليه وسلم يصلي الضحى ( وعندهما ) أي أبي يوسف ومحمد ( الأفضل ) في النهار كما قال الإمام و ( في الليل مثنى مثنى ) قال في الدراية وفي العيون ( وبه ) أي بقولهما ( يفتى ) اتباعا للحديث وهو قوله عليه الصلاة والسلام " صلاة الليل مثنى مثنى "

( وصلاة الليل ) خصوصا في الثلث الأخير منه ( أفضل من صلاة النهار ) لأنه أشق على النفس وقال تعالى " تتجافى جنوبهم عن المضاجع "

( وطول القيام ) في الصلاة ليلا أو نهارا ( أحب من كثرة السجود ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " أفضل الصلاة طول القنوت " أي القيان ولأن القراءة تكثر بطول القيام وبكثرة الركوع والسجود يكثر التسبيح والقراءة أضل منه ونقل في المجتبي عن محمد خلافه وهو أن كثرة الركوع والسجود أفضل وفصل أبو يوسف رحمه اللّه تعالى فقال إذا كان له ورد من الليل بقراءة من القرآن فالأفضل أن تكثر عدد الركعات وإلا فطول القيام أفضل لأن القيام في الأول لا يختلف ويضم إليه زيادة الركوع والسجود

١

( فصل في تحية المسجد وصلاة الضحى وإحياء الليالي ) وغيرها

( سن تحية المسجد بركعتين ) يصليهما في غير وقت مكروه ( قبل الجلوس ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين " ( وأداء الفرض ينوب عنها ) قاله الزيلعي ( و ) كذا ( كل صلاة أداها ) أي فعليها ( عند الدخول بلا نية التحية ) لأنها لتعظيمه وحرمته وقد حصل ذلك بما صلاه ولا تفوت بالجلوس عندنا وإن كان الأفضل فعلها قبله وإذا تكرر دخوله يكفيه ركعتان في اليوم وندب أن يقول عند دخوله المسجد اللّهم افتح لي أبواب رحمتك وعند خروجه اللّهم إني أسألك من فضلك لأمر النبي صلى اللّه عليه وسلم به ( وندب ركعتان بعد الوضوء قبل جفافه ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين يقبل عليهما بقلبه إلا وجبت له الجنة " رواه مسلم

( و ) ندب صلاة الضحى على الراجع وهي ( أربع ) ركعات لما رويناه قريبا عن عائشة رضي اللّه عنها أنه عليه السلام كان يصلي الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء فلذا قلنا ندب أربع ( فصاعد في ) وقت ( الضحى ) وابتداؤه من ارتفاع الشمس إلى قبل زوالها فيزيد على الأربع اثنتي عشرة ركعة لما روى الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين ومن صلى أربعا كتب من العابدين ومن صلى ستا كفي ذلك اليوم ومن صلى ثمانية كتبه اللّه تعالى من القانتين ومن صلى اثني عشر ركعة بنى اللّه له بيتا في الجنة " ( وندب صلاة الليل ) خصوصا آخره كما ذكرناه وأقل ما ينبغي أن يتنفل بالليل ثمان ركعات كذا في الجوهرة وفضلها لا يحصر قال تعالى " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين " وفي صحيح مسلم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " عليكم بصلاة الليل فإنها دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم "

( و ) ندب ( صلاة الاستخارة ) وقد أفصحت السنة عن بيانها قال جابر رضي اللّه عنه كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل " اللّهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللّهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به " قال ويسمي حاجته رواه الجماعة إلا مسلم وينبغي أن يجمع بين الروايتين فيقول وعاقبة أمري وعاجله وآجله والاستخارة في الحج والجهاد وجميع أبواب الخير تحمل على تعيين الوقت لا نفس الفعل وإذا استخار يمضي لا ينشرح له صدره وينبغي أن يكررها سبع مرات لما روي عن أنس قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " يا أنس إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك فإن الخير فيه " ( و ) ندب ( صلاة الحاجة ) وهي ركعتان . عن عبد اللّه بن أبي أوفى قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " من كانت له حاجة إلى اللّه تعالى أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ وليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ثم ليثني على اللّه وليصلي على النبي صلى اللّه عليه وسلم ثم ليقل لا إله إلا اللّه الحليم الكريم سبحان رب العرش العظيم الحمد للّه رب العالمين أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة لك فيها رضى إلا قضيتها يا أرحم الراحمين " ومن دعائه اللّهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة صلى اللّه عليه وسلم يا محمد إني توجهت بك إلى ربك في حاجتي هذه لتقضى لك اللّهم فشفعه في

( وندب إحياء ليالي العشر الأخير من رمضان ) لما روي عن عائشة رضي اللّه عنها أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان إذا دخل العشر الأخير من رمضان أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر والقصد منه إحياء ليلة القدر فإن العمل فيها خير من العمل في ألف شهر خالية منها وروى أحمد " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر " وقال صلى اللّه عليه وسلم " تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان " متفق عليه وقال ابن مسعود رضي اللّه عنه هي في كل السنة وبه قال الإمام الأعظم في المشهور عنه أنها تدور في السنة وقد تكون في رمضان وقد تكون في غيره قاله قاضيخان وفي المبسوط أن المذهب عند أبي حنيفة أنها تكون في رمضان لكن تتقدم وتتأخر وعندهما لا تتقدم ولا تتأخر

( و ) ندب ( إحياء ليلة العيدين ) الفطر والأضحى لحديث " من أحيا ليلة العيد أحيا قلبه يوم تموت القلوب " ويستحب الإكثار من الاستغفار بالأسحار وسيد الاستغفار " اللّهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " والدعاء فيها مستجاب ( و ) ندب إحياء ( ليالي عشر ذي الحجة ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " ما من أيام أحب إلى اللّه تعالى أن يتعبد فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر " . وقال صلى اللّه عليه وسلم " صوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية " ( و ) يندب إحياء ( ليلة النصف من شعبان ) لأنها تكفر ذنوب السنة والليلة الجمعة تكفر ذنوب الأسبوع وليلة القدر تكفر ذنوب العمر ولأنها تقدر فيها الأرزاق والآجال والإغناء والإفقار والإعزاز والإذلال والإحياء والإماتة وعدد الحاج وفيها يسح اللّه تعالى الخير سحا وخمس ليالي لا يرد فيهن الدعاء ليلة الجمعة وأول ليلة من رجب وليلة النصف من شعبان وليلتا العيدين . وقال صلى اللّه عليه وسلم " إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن اللّه تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء فيقول ألا مستغفر فأغفر له ألا مسترزق فأرزقه حتى يطلع الفجر " وقال صلى اللّه عليه وسلم " من أحيا الليالي الخمس وجبت له الجنة ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر وليلة النصف من شعبان " وقال صلى اللّه عليه وسلم " من قام ليلة النصف من شعبان وليلتي العيدين لم يمت قلبه يوم تموت القلوب " ومعنى القيام أن يكون مشتغلا معظم الليل بطاعة وقيل بساعة منه يقرأ أو يسمع القرآن أو الحديث أو يسبح أو يصلي على النبي صلى اللّه عليه وسلم وعن ابن عباس بصلاة العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله " رواه مسلم ( ويكره الاجتماع على إحياء ليلة من هذه الليالي ) المتقدم ذكرها ( في المساجد ) وغيرها لأنه لم يفعله النبي صلى اللّه عليه وسلم ولا الصحابة فأنكره أكثر العلماء من أهل الحجاز منهم عطاء وابن أبي مليكة وفقهاء أهل المدينة وأصحاب مالك وغيرهم وقالوا ذلك كله بدعة ولم ينقل عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ولا عن أصحابه إحياء ليلتي العيدين جماعة واختلف علماء الشم في صفة إحياء ليلة النصف من شعبان على قولين أحدهما أنه استحب إحياؤها بجماعة في المسجد طائفة من أعيان التابعين كخالد بن معدان ولقمان بن عامر ووافقهم اسحق بن راهويه والقول الثاني أنه يكره الاجتماع لها في المساجد للصلاة وهذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم

٢

[ النفل والفرض : على الدابة ماشيا في السفينة]

( فصل في صلاة النفل جالسا و ) في ( الصلاة على الدابة ) وصلاة الماشي

( يجوز النفل ) إنما عبر به ليشمل السنن المؤكدة وغيرها فتصح إذا صلاها ( قاعدا مع القدرة على القيام ) وقد حكي فيه إجماع العلماء وعلى غير المعتمد يقال إلا سنة الفجر لما قيل بوجوبها وقوة تأكدها إلا التراويح على غير الصحيح لأن الأصح جوازه قاعدا من غير عذر فلا يستثنى من جواز النفل جالسا بلا عذر شيء على الصحيح لأنه صلى اللّه عليه وسلم كان يصلي بعد الوتر قاعدا وكان يجلس في عامة صلاته بالليل تخفيفا وفي رواية عن عائشة رضي اللّه عنها فلما أراد أن يركع قام فقرأ آيات ثم ركع وسجد وعاد إلى القعود وقال في معراج الدراية وهو المستحب في كل تطوع يصليه قاعدا موافقة للسنة ولو لم يقرأ حين استوى قائما وركع وسجد أجزأه ولو لم يستو قائما وركع لا يجزئه لأنه لا يكون ركوعا قائما ولا ركوعا قاعدا كما في التجنيس و ( لكن له ) أي للمتنفل جالسا ( نصف أجر القائم ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد " ( إلا ) أنهم قالوا هذا في حق القادر أما العاجز ( من عذر ) فصلاته بالإيماء أفضل من صلاة القائم الراكع الساجد لأنه جهد المقل والإجماع منعقد على أن صلاة القاعد بعذر مساوية لصلاة القائم في الأجر كذا في الدراية . قلت بل هو أرقى منه لأنه أيضا جهد المقل ونية المرء خير من عمله ( ويقعد ) المتنفل جالسا ( كالتشهد ) إذا لم يكن به عذر فيفترش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب يمناه ( في المختار ) وعليه الفتوى ولكن ذكر شيخ الإسلام الأفضل له أن يقعد في موضع القيام محتبيا لأن عامة صلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في آخر عمره كان محتبيا أي في النفل ولأن المحتبي أكثر توجها لأعضائه القبلة لتوجه الساقين كالقيام وعن أبي حنيفة رحمه اللّه تعالى يقعد كيف شاء لأنه لما جاز له ترك أصل القيام فترك صفة القعود أولى وأما المريض فلا يتقيد صفة جلوسه بشيء ( وجاز إتمامه ) أي إتمام القادر نفله ( قاعدا ) سواء كان في الأولى أو الثانية ( بعد افتتاحه قائما ) عند أبي حنيفة رحمه اللّه لأن القيام ليس ركنا في النفل فجاز تركه وعندهما لا يجوز لأن الشروع ملزم فأشبه النذر ولأبي حنيفة أن نذره ملزم صلاة مطلقة وهي الكاملة بالقيام مع جميع الأركان والشروع لا يلزمه إلا صيانة النفل وهي لا توجب القيام فيتمه جالسا ( بلا كراهة على الأصح ) لأن البقاء أسهل من الابتداء وابتداؤه جالسا لا يكره فالبقاء أولى وكان صلى اللّه عليه وسلم يفتتح التطوع ثم ينتقل من القيام إلى القعود ومن القعود إلى القيام روته عائشة رضي اللّه عنها

٣

( وينتقل ) أي جاز له التنفل بل ندب له ( راكبا خارج المصر ) يعني خارج العمران ليشمل خارج القرية والأخبية بمحل إذا دخله مسافر قصر الفرض وسواء كان مسافرا أو خرج لحاجة في بعض النواحي على الأصح وقيل إذا خرج قدر ميل وقيل إذا خرج قدر فرسخين جاز له وإلا فلا وعن أبي يوسف جوازها في المصر أيضا على الدابة ( موميا إلى أي جهة ) ويفتتح الصلاة حيث ( توجهت ) به ( دابته ) لمكان الحاجة ولا يشترط عجزه عن إيقافها للتحريمة في ظاهر الرواية لقول جابر " رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصلي النوافل على راحلته في كل وجه يومئ إيماء ولكنه يخفض السجدتين من الركعتين " ورواه ابن حبان في صحيحه وإذا حرك رجله أو ضرب دابته فلا بأس به إذا لم يصنع شيئا كثيرا ( وبنى بنزوله ) على ما مضى إذا لم يحصل منه عمل كثير كما إذا ثنى رجله فانحدر لأن إحرامه انعقد مجوزا للركوع والسجود عزيمة بنزوله بعده فكان له الإيماء بهما راكبا رخصة وبهذا يفرق بين جواز بنائه وعدم بناء المريض بالركوع والسجود وكان موميا لأن إحرام المريض لم يتناولهما لعدم قدرته عليهما فلذا ( لا ) يجوز البناء بعد ( ركوبه ) على ما مضى من صلاته نازلا في ظاهر الرواية عنهم لأن افتتاحه على الأرض استلزم جميع الشروط وفي الركوب يفوت شرط الاستقبال واتحاد المكان وطهارته وحقيقة الركوع والسجود ( و ) جاز الإيماء على الدابة و ( لو كان بالنوافل الراتبة ) المؤكدة وغيرها حتى سنة الفجر ( و ) روي ( عن أبي حنيفة رحمه اللّه تعالى أنه ينزل ) الراكب ( لسنة الفجر لأنها آكد من غيرها ) قال ابن شجاع رحمه اللّه يجوز أن يكون هذا لبيان الأولى يعني أن الأولى أن ينزل لركعتي الفجر كذا في العناية وقدمنا أن هذا على رواية وجوبها ( وجاز للمتطوع الاتكاء على شيء ) كحصى وحائط وخادم ( إن تعب ) لأنه عذر كما جاز أن يقعد ( بلا كراهة وإن كان ) الاتكاء ( بغير عذر كره في الأظهر لإساءة الأدب ) بخلاف القعود بغير عذر بعد القيام كما قدمناه ( ولا يمنع صحة الصلاة على الدابة نجاسة ) كثيرة ( عليها ) أي الدابة ( ولو كانت ) التي تزيد على الدرهم ( في السرج والركابين على الأصح ) وهو قول أكثر مشايخنا للضرورة ( ولا تصح صلاة الماشي بالإجماع ) أي إجماع أئمتنا لاختلاف المكان

٤

( فصل : في صلاة الفرض والواجب على الدابة ) والمحمل

( لا يصح على الدابة صلاة الفرائض ولا الواجبات كالوتر والمنذور ) والعيدين ( و ) لا قضاء ( ما شرع فيه نفلا فأفسده ولا صلاة الجنازة و ) لا ( سجدة ) تلاوة قد ( تليت آيتها على الأرض إلا لضرورة ) نص عليها في الفرض بقوله تعالى " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " والواجب ملحق به ( كخوف لص على نفسه أو دابته أو ثيابه لو نزل ) ولم تقف له رفقته ( وخوف سبع ) على نفسه أو دابته ( و ) وجود مطر و ( طين ) في ( المكان ) يغيب فيه الوجه أو يلطخه أو يتلف ما يبسطه عليه أما مجرد نداوة فلا يبيح ذلك والذي لا دابة له يصلي قائما في الطين بالإيماء ( وجموح الدابة وعدم وجدان من يركبه ) دابته ولو كانت غير جموح ( لعجزه ) بالاتفاق ولا تلزمه الإعادة بزوال العذر والمريض الذي يحصل له بالنزول والركوب زيادة مرض أو بطؤ برء يجوز له الإيماء بالفرض على الدابة واقفة مستقبل القبلة إن أمكن وإلا فلا وكذا لطين المكان وإن وجد العاجز عن الركوب معينا فهي مسألة القادر بقدرة غيره خلافا لهما كالمرأة إذا لم تقدر على النزول إلا بمحرم أو زوج ومعادل زوجته أو محرمه إذا لم يقم ولده محله كالمرأة

٥

( والصلاة في المحمل ) وهو ( على الدابة كالصلاة عليها ) في الحكم الذي علمته ( سواء كانت سائرة أو واقفة ولو ) أوقفها و ( جعل تحت المحمل خشبة ) أو نحوها ( حتى بقي قراره ) أي المحمل ( إلى الأرض ) بواسطة ما جعل تحته ( كان ) أي صار المحمل ( بمنزلة الأرض فتصح الفريضة فيه قائما ) لا قاعدا بالركوع والسجود

٦

( فصل في الصلاة في السفينة )

( صلاة الفرض ) والواجب ( فيها وهي جارية ) حال كونه ( قاعدا بلا عذر ) به وهو يقدر على الخرج منها ( صحيحة عند ) الإمام الأعظم ( أبي حنيفة ) رحمه اللّه تعالى لكن ( بالركوع والسجود ) لا بالإيماء لأن الغالب في القيام دوران الرأس والغالب كالمتحقق لكن القيام فيها والخروج أفضل إن أمكنه لأنه أبعد عن شبهة الخلاف وأسكن لقلبه ( وقالا ) أي أبو يوسف ومحمد رحمهما اللّه تعالى ( لا تصح ) جالسا ( إلا من عذر وهو الأظهر ) لحديث ابن عمر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم سئل عن الصلاة في السفينة فقال " صل فيها قائما إلا أن تكون تخاف الغرق " وقال مثله لجعفر ولأن القيام ركن فلا يترك إلا بعذر محقق لا موهوم ودليل الإمام أقوى فيتبع لأن ابن سيرين قال صلينا مع أنس في السفينة قعودا ولو شئنا لخرجنا إلى الجد وقال مجاهد صلينا مع جنادة رضي اللّه عنه في السفينة قعودا ولو شئنا لقمنا وقال الزاهدي وحديث عمر وجعفر محمول على الندب فظهر قوة دليله لموافقة تابعيين ابن سيرين ومجاهد وصحابيين أنس وجنادة فيتبع قول الإمام رحمه اللّه تعالى ( والعذر كدوران الرأس وعدم القدرة على الخروج ولا تجوز ) أي لا تصح الصلاة ( فيها بالإيماء ) لمن يقدر على الركوع والسجود ( اتفاقا ) لفقد المبيح حقيقة وحكما ( والمربوطة في لجة البحر ) بالمراسي والجبال ( و ) مع ذلك ( تحركها الريح ) تحريكا ( شديدا ) هي ( كالسائرة ) في الحكم الذي قد علمته والخلاف فيه ( وإلا ) أي وإن لم تحركها شديدا ( فكالواقفة ) بالشط ( على الأصح و ) الواقفة ذكرها مع حكمها بقوله ( إن كانت مربوطة بالشط لا تجوز صلاته ) فيها ( قاعدا ) مع قدرته على القيام لانتفاء المقتضي للصحة ( بالإجماع ) على الصحيح وهو احتراز عن قول بعضهم أنها أيضا على الخلاف ( فإن صلى ) في المربوطة بالشط ( قائما وكان شيء من السفينة على قرار الأرض صحت الصلاة ) بمنزلة الصلاة على السرير ( وإلا ) أي وإن لم يستقر منها شيء على الأرض ( فلا تصح ) الصلاة فيها ( على المختار ) كما في المحيط والبدائع لأنها حينئذ كالدابة . وظاهر الهداية والنهاية جواز الصلاة في المربوطة بالشط قائما مطلقا أي سواء استقرت بالأرض أو لا ( إلا إذا لم يمكنه الخروج ) بلا ضرر فيصلي فيها للحرج ( و ) إذا كانت سائرة ( يتوجه المصلي فيها إلى القبلة ) لقدرته على فرض الاستقبال ( عند افتتاح الصلاة وكلما استدارت ) السفينة ( عنها ) أي القبلة ( يتوجه ) المصلي باستدارتها ( إليها ) أي القبلة ( في خلال الصلاة ) وإن عجز يمسك عن الصلاة ( حتى ) يقدر إلى أن ( يتمها مستقبلا ) ولو ترك الاستقبال لا تجزئه في قولهم جميعا