Geri

   

 

 

İleri

 

  ٢الجزء الثاني أهل الكتاب الخارجون

عن الملة الحيفية والشريعة الإسلامية

ممن يقول‏:‏ بشريعة وأحكام وحدود وأعلام‏.‏

وهم قد انقسموا‏:‏ إلى من له كتاب محقق مثل التوراة والإنجيل وعن هذا يخاطبهم التنزيل بأقل الكتاب‏.‏

وإلى من له شبهة كتاب مثل‏:‏ المجوس والمانوية فإن الصحف التي أنزلت على إبراهيم عليه السلام‏ قد رفعت إلى السماء لأحداث أحدثها بهم نحو اليهود والنصارى إذ هم‏:‏ من أهل الكتاب ولكن لا يجوز مناكحتهم ولا أكل ذبائحهم فإن الكتاب قد رفع عنهم‏.‏

فنحن‏:‏ نقدم ذكر أهل الكتاب لتقدمهم بالكتاب‏.‏

ونؤخر ذكر من له شبهة كتاب‏.‏

أهل الكتاب والأميون

الفرقتان المتقابلتان قبل المبعث هم‏:‏ أهل الكتاب والأميون والأمي‏:‏ من لا يعرف الكتابة‏.‏

وكانت اليهود والنصارى بالمدينة والأميون بمكة‏.‏

وأهل الكتاب‏:‏ كانوا ينصرون دين الأسباط ويذهبون مذهب بني إسرائيل والأميون كانوا ينصرون دين القبائل ويذهبون مذهب بني إسماعيل وكان النور المنحدر منه إلى بني إسرائيل ظاهراً والنور المنحدر منه إلى بني غسماعيل مخفياً‏.‏

كان يستدل على النور الظاهر بظهور الأشخاص‏.‏

وإظهار النبوة في شخص شخص ويستدل على النور المخفي بغبانة المناسك والعلامات وستر الحال في الأشخاص‏.‏

وقبلة الفرقة

الأولى‏‏:‏ بيت المقدس وقبلة الفرقة

الثانية‏‏:‏ بيت اللّه الحرام الذي وضع للناس بمكة مباركاً وهدى للعالمين‏.‏

وشريعة

الأولى‏‏:‏ ظواهر الأحكام وشريعة

الثانية‏‏:‏ رعاية المشاعر الحرام‏.‏

وخصماء الفريق الثاني‏:‏ المشركون مثل عبدة الأصنام والأوثان‏.‏

فتقابل الفريقان وصح التقسيم بهذين التقابلين‏.‏

اليهود والنصارى

وهاتان الأمتان‏:‏ من كبار اهل الكتاب‏.‏

والأمة اليهودية أكبر لأن الشريعة كانت لموسى عليه السلام‏ وجميع بني إسرائيل كانوا متعبدين بذلك مكلفين بالتزام أحكام التوراة‏.‏

والإنجيل النازل على المسيح عليه السلام‏‏:‏ لا يتضمن أحكاماً ولا يستبطن حلالاًو لا حراماً ولكنه‏:‏ رموز وأمثال ومواعظ ومزاجر وما سواها من الشرائع والأحكام فمحالة على التوراة كما سنبين فكانت اليهود لهذه القضية لم ينقادوا لعيسى بن مريم عليه السلام‏ وادعوا عليه‏:‏ أنه كان ماموراً بمتابعة موسى عليه السلام‏ وموافقة التوراة فغير وبدل وعدوا عليه تلك التغييرات‏:‏ منها‏:‏ تغيير السبت إلى الأحد ومنها‏:‏ تغيير أكل لحم الخنزير وكان حراماً في التوراة ومنها‏:‏ الختان والغسل‏.‏

وغير ذلك‏.‏

والمسلمون قد بينوا أن الأمتين‏:‏ قد بدلوا وحرفوا وإلا فعيسى عليه السلام‏ كان مقرراً لما جاء به موسى عليه السلام‏ وكلاهما مبشران بمقدم نبينا محمد نبي الرحمة صلوات اللّه عليهم أجمعين وقد أمرهم أئمتهم وأنبياؤهم وكتابهم بذلك‏.‏

وإنما بنى أسلافهم الحصون والقلاع بقرب المدينة لنصرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏ نبي آخر الزمان فأمروهم بمهاجرة أوطانهم بالشام إلى تلك القلاع والبقاع حتى إذا ظهر وأعلن الحق بفاران وهاجر لى دار هجرته يثرب‏:‏ هجروه وتركوا نصره وذلك قوله تعالى‏:‏ وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة اللّه على الكافرين‏.‏

وإنما الخلاف بين اليهود والنصارى ما كان يرتفع إلا بحكمه إذ كانت اليهود تقول‏:‏ ليست النصارى كل شيء ومانت النصارى تقول‏:‏ ليست اليهود على شيء وهو يتلون الكتاب وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم‏ يقول لهم‏:‏ لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما كان يمكنهم إقامتها إلا بإقامة القرآن الحكيم وبحكم نبي الحمة رسول آخر الزمان فلما أبوا ذلك وكفروا بآيات اللّه‏.‏

{‏ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من اللّه ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات اللّه‏}

الآية‏.‏

٢-١  الباب الأول‏ اليهود

خاصة هاد الرجل‏:‏ أي رجع وتاب وإنما لزمهم هذا الاسم لقول موسى عليه السلام‏‏:‏ إنا هدنا إليك أي رجعنا وتضرعنا‏.‏

وهم‏:‏ أمة موسى عليه السلام‏ وكتابهم التوراة وهو أول كتاب نزل من السماء أعني‏:‏ أن ما كان ينزل على إبراهيم وغير من الأنبياء عليهم السلام ما كان يسمى كتاباً بل صحفاً وقد ورد في الخبر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم‏ أنه قال‏:‏ ‏"‏ إن اللّه تعالى خلق آدم بيده وخلق جنة عدن بيده وكتب التوراة بيده ‏"‏ فأثبت لها اختصاصاً آخر سوى سائر الكتب‏.‏

وقد اشتمل ذلك على أسفار‏:‏ فيذكر مبتدأ الخلق في السفر الأول‏ ثم يذكر‏:‏ الأحكام والحدود والأحوال والقصص والمواعظ والأذكار‏.‏

في سفر سفر‏.‏

وأنزل عليه أيضاً الألواح على شبه مختصر ما في التوراة تشتمل على الأقسام العلمية والعملية

قال اللّه تعالى‏:‏ ‏"‏ وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة ‏"‏‏:‏ إشارة إلى تمام القسم العلمي وتفصيلاً لكل شيء‏:‏ إشارة إلى تمام القسم العلمي‏.‏

قالوا‏:‏ و كان موسى عليه السلام‏ قد أفضى بأسرار التوراة والألواح لى يوشع ابن نون‏:‏ وصيه وفتاه والقائم بالأمر من بعده ليفضي بها إلى أولاد هارون لأن الأمر كان مشتركاً بينه وبين أخيه هارون عليهما السلام إذ قال تعالى حكاية عن موسى عليه السلام‏ في دعائه حين أوحى ليه أولاً‏:‏ ‏"‏ وأشركه في أمري ‏"‏ وكان هو الةصي‏.‏

فلما مات هارون في حال حياة موسى‏:‏ انتقات الصية إلى يوشع بن نون وديعة ليوصلها إلى شبير وشبر‏:‏ ابني هارون قراراً و ذلك أن الوضية والإمامة‏:‏ بعضها مستقر وبغعضها مستودع‏.‏

واليهود تدعي أن الشريعة لا تكون غلا واحدة وهي ابتدأت بموسى عليه السلام‏ وتمت به فلم تكن قبله شريعة إلا حدود عقلية وأحكام مصلحية‏.‏

ولا يجيزوا النسخ أصلاً قالوا‏:‏ فلا يكون بعد شريعة أصلاً لأن النسخ في الأوامر بداء ولا يجوز البداء على اللّه تعالى‏.‏

و مسائلهم تدور على‏:‏ جواز النسخ ومنعه وعلى التشبيه ونفيه والقول بالقدر والجبرن وتجويز الرجعة واستحالتها‏.‏

وأما التشبيه فلأنهم وجدوا التوراة ملئت من المتشابهات مثل‏:‏ الصورة والمشافهة والتكليم جهراً والنزول على طور سينا انتقالاً والاستواء على العرش استقراراً وجواز الرؤية فوقاً‏.‏ وغير ذلك‏.‏

وأما القول بالقدر فهم مختلفون فيه حسب اختلاف الفريقين في الإسلام فالربانيون منهم كالمعتزلة فينا والقراءون كالمجبرة والمشبهة‏.‏

وأما جواز الرجعة‏:‏ فإنما وقع لهم من أمرين‏:‏ أحدهما‏‏ حديث عزير عليه السلام‏ إذ أماته اللّه مائة عام ثم بعثه والثاني‏‏ حديث هارون عليه السلام‏ إذ مات في التيه وقد نسبوا موسى إلى قتله بألواحه قالوا‏:‏ حسده لأن اليهود كانوا أميل إليه منهم إلى موسى‏.‏

واختلفوا في حال موته‏:‏ فمنهم من قال‏:‏ إنه مات وسيرجع‏:‏ ومنهم من قال‏:‏ غاب وسيرجع‏.‏

واعلم أن التوراة قد اشتملت بأسرها على دلالات وآيات تدل على كون شريعة نبينا المصطفى عليه السلام‏‏:‏ حقاً وكون صاحب الشريعة صادقاً بله ما حروفوه وغيروه وبدلوه‏:‏ إما تحريفاً من حيث‏:‏ الكتابة والصورة‏.‏

وإما تحريفاً من حيث‏:‏ التفسير والتأويل‏.‏

وأظهرها‏:‏ ذكر غبراهيم عليه السلام‏ ة ابنه إسماعيل ودعاؤه في حقه وفي حق ذريته وإجابة الرب تعالى إياه‏:‏ أني باركت على إسماعيل وأولاده وجعلت فيهم الخير كله وسأظهرهم على الأمم كلها وسأبعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتي‏.‏

واليهود معترفون بهذا القضية إلا أنهم يقولون‏:‏ أجابه بالملك دون النبوة والرسالة‏.‏

وقد ألزمتهم‏:‏ أن الملك الذي سلمتم‏:‏ أهو ملك بعدل وحق أم لا‏:‏ فإن لم يكن بعدل أو حق فكيف يمن على إبراهيم عليه السلام‏ بملك في أولاده وه هو جور وظلم وإن سلمتم العدل والصدق من حيث الملك فالملك يجب أن يكون صادقاً على اللّه تعالى فيما يدعيه ويقوله وكيف يكون الكاذب على اللّه تعالى صاحب عدل وحق‏.‏

غذ لا ظلم أشد من الكذب على اللّه تعالى ففي تكذيبه تجويره وفي التجوير رفع المنة بالنعمة وذلك‏:‏ خلف‏.‏

ومن العجب أن التوراة‏:‏ أن الأسباط من بني إسرائيل كانوا يراجعون القبائل من بني إسماعيل ويعلمون أن في ذلك الشعب علماً لدنياً لم تشتمل التوراة عليه‏.‏

وورد في التواريخ‏:‏ أن أولاد إسماعيل عليه السلام‏ كانوا يسمون‏:‏ إل اللّه وأهل اللّه وأولاد إسرائيل‏:‏ آل يعقوب وآل موسى وآل هارون‏.‏

وذلك‏:‏ كسر عظيم‏.‏

وقد ورد في التوراة‏:‏ أن اللّه تعالى‏:‏ جاء من طور سيناء وظهر بساعير وعلن بفاران وساعير‏:‏ جبال بيت المقدس التي كانت مظهر عيسى عليه السلام‏‏.‏

وفاران‏:‏ جبال مكة التي كانت مظهر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم‏‏.‏

ولما كانت الأسرار الإلهية والأنوار الربانية في‏:‏ الوحي التنزيل والمناجاة والتاويل على مراتب ثلاث‏:‏ مبدأ وسط وكمال والمجيء أشبه بالوسط والإعلان أشبه بالكمال عبرت التوراة‏:‏ عن طلوع صبح الشريعة والتنزيل‏:‏ بالمجيء من طور سيناء وعن طلوع الشمس‏:‏ بالظهور على ساعير وعن البلوغ إلى درجة الكمال‏:‏ بالاستواء والإعلان على فاران‏.‏

وفي هذه الكلمات‏:‏ إثبات نبوة المسيح عليه السلام‏ والمصطفى محمد صلى اللّه عليه وسلم‏‏.‏

وقد قال المسيح في الإنجيل‏:‏ ما جئت لأبطل التوراة بل جئت لأكملها قال صاحب التوراة‏:‏ النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص وأنا أقول‏:‏ إذالطمك أخوك على خدك الأيمن فضع له خدك الأيسر‏.‏

والشريعة الأخيرة وردت بالأمرين جميعاً‏:‏ أما القصاص ففي قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ كتب عليكم القصاص في القتلى ‏"‏‏.‏

واما العفو ففي قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ وأن تعفوا أقرب للتقوى ‏"‏‏.‏

ففي التوراة‏:‏ أحكام السياسة الظاهرة العامة وفي الإنجيل‏:‏ أحكام السياسة الباطنة الخاصة وفي القرآن أحكام السياستين جميعاً‏:‏ ‏"‏ ولكم في القصاص حياة ‏"‏ إشارة إلى تحقيق السياسة الظاهرة وقوله تعالى‏:‏ ‏"‏ وأن تعفوا أقرب للتقوى ‏"‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ‏"‏‏:‏ إشارة إلى تحقيق السياسة الباطنة وقد قال عليه السلام‏‏:‏ ‏"‏ هو أن تعفو عمن ظلمك ومن العجب‏!‏ أن من رأى غيره‏:‏ يصدق ما عنده ويكمله ويرقيه من درجة إلى درجة كيف يسوغ له تكذيبه والنسخ في الحقيقة ليس إبطالاً بل هو تكميل‏.‏

وفي التوراة‏:‏ أحكام عامة وأحكام خاصة‏:‏ إما بأشخاص وإما بأزمان وإذا انتهى الزمان لم يبق ذلك لا محالة ولا يقال‏:‏ إنه‏:‏ إبطال أو بداء‏.‏

كذلك ها هنا‏.‏

وأما السبت فلو أن اليهود عرفوا‏:‏ لم ورد التكليف بملازمة السبت وهو يوم أي شخص من الأشخاص وفي مقابلة أية حالة من الأحوال وجزئي أي زمان عرفوا‏:‏ أن الشريعة الأخيرة‏:‏ حق وأنها جاءت لتقرير السبت بذلك وبأن موسى عليه السلام‏ بنى بيتاً وصور فيه صوراً وأشخاصاً وبين مراتب الصور وأشار إلى تلك الرموز‏.‏

ولكن لما فقدوا الباب باب حطة ولم يمكنهم التسور على سنن اللصوص‏:‏ تحيروا تائهين وتاهوا متحيرين فاختلفوا على إحدى وسبعين فرقة‏.‏

ونحن نذكر منها‏:‏ أشهرها وأظهرها عندهم ونترك الباقي هملاً‏.‏

واللّه الموفق‏.‏

العنانية

نسبوا إلى رجل يقال له‏:‏ عثمان بن داود راس الجالوت‏.‏

يخالفون سائر اليهود في السبت والأعياد وينهون عن أكل الطير والظباء والسمك والجراد ويذبحون الحيوان على القفا ويصدقون عيسى عليه السلام‏ في مواعظه وإشاراته ويقولون‏:‏ إنه لم يخالف التوراة البتة بل قررها ودعا الناس إليها وهو من بني إسرائيل المتعبدين بالتوراة ومن المستجيبين لمسى عليه السلام‏ إلا أنهم لا يقولون بنبوته ورسالته‏.‏

ومن هؤلاء من يقول‏:‏ إن عيسى عليه السلام‏ لم يدع‏:‏ أنه نبي مرسل وليس من بني إسرائيل وليس هو صاحب شريعة ناسخة لشريعة موسى عليه السلام‏ بل هو أولياء اللّه المخلصين العارفين بأحكام التوراة‏.‏

وليس الإنجيل كتاباً غنزل عليه وحياً من اللّه تعالى بل هو‏:‏ جمع أحواله من مبدئه إلى كماله وإنما جمعه من أصحابه الحواريين فكيف يكون كتاباً منزلاً‏.‏

قالوا‏:‏ و اليهود ظلموه حيث‏:‏ كذبوه أولاً ولم يعرفوا بعد دعواه وقتلوه آخراً ولم يعلموا بعد محله ومغزاه‏.‏

وقد ورد في التوراة ذكر المشيحا في مواضع كثيرة وذلك هو‏:‏ المسيح ولكن لم ترد النبوة ولا الشريعة الناسخة‏.‏

وورد فارقليط وهو الرجل العالم وكذلك ورد ذكره في الإنجيل فوجب حمله على ما وجد‏.‏

وعلى من ادعى غير ذلك تحقيقه وحده‏.‏

العيسوية نسبوا إلى أبي عيسى‏:‏ إسحاق بن يعقوب الأصفهاني

وقيل‏:‏ إن اسمه‏:‏ عوفيد ألوهيم أي‏:‏ عابد اللّه‏.‏

كان في زمن المنصور وابتدأ دعوته في زمن ىخر ملوك بني أمية‏:‏ مروان بن محمد الحمار فأتبعه بشر كثير من اليهود وادعوا له آيات ومعجزات وزعموا‏:‏ أنه لما حورب خط على أصحابه خطاً بعود آس

وقال‏:‏‏ أقيموا في هذا الخطن فليس ينالكم عدو بسلاح فكان العدو يحملون عليهم حتى إذا بلغوا الخط رجعوا عنهم خوفاً من طلسم أو عزيمة ربما وضعها ثم إن أبا عيسى خرج من الخط وحده على فرسه فقاتل وقتل من المسلمين كثيراً وذهب إلى أصحاب موسى بن عمران الذين هم وراء النهر الرمل ليسمعهم كلام اللّه‏.‏

وقيل‏:‏ إنه لما حارب أصحاب المنصور بالري‏:‏ قتل وقتل أصحابه‏.‏

زعم أبو عيسى‏:‏ أنه نبي وأنه‏:‏ رسول المسيح المنتظر‏.‏

وزعم‏:‏ أن للمسيح خمسة من الرسل يأتون قبله واحداً بعد واحد‏.‏

وزعم‏:‏ أن اللّه تعالى كلمه وكلفه أن يخلص بني إسرائيل من أيدي الأمم العاصين والملوك الظالمين‏.‏

و زعم‏:‏ أن المسيح افضل ولد آدم وأنه أعلى منزلة من الأنبياء الماضين وإذ هو رسوله فهو أفضل الكل أيضاً‏.‏

وكان يوجب تصديق المسيح ويعظم دعوة الداعي ويزعم أيضاً‏:‏ أن الداعي هو المسيح‏.‏

وحرم في كتابه‏:‏ الذبائح كلها ونهى عن أكل كل ذي روح على الإطلاق‏:‏ طيراًكان أو بهيمة‏.‏

وأوجب عشر صلوات وأمر أصحابه بإقامتها وذكر أوقاتها‏.‏

وخالف اليهود في كثير من أحكام الشريعة الكثيرة المذكورة في التوراة‏.‏

وتوراة الناس‏:‏ هي التي جمعها ثلاثون حبراً لبعض ملوك الروم حتى لا يتصرف فيها كل جاهل المقاربة واليوذعانية نسبوا إلى‏:‏ يوذعان منن همذان‏:‏

وقيل‏:‏ كان اسمه‏:‏ يهوذا‏.‏

كان يحث على الزهد وتكثير الصلاة وينهى عن اللحوم والأنبذة وفيما نقل عنه‏:‏ تعظيم أمر الداعي‏.‏

وكان يزعم أن للتوراة‏:‏ ظاهراً وباطناً وتنزيلاً وتأويلاً‏.‏

وخالف بتأويلاته عامة اليهود وخالفهم في التشبيه ومال إلى القدر وأثبت الفعل حقيقة للعبد وقدر الثواب والعقاب عليه وشدد في ذلك‏.‏

ومنهم‏:‏ الموشكانية أصحاب‏:‏ موشكان‏.‏

كان على مذهب يوذعان غير أنه كان يوجب الخروج على مخالفيه ونصب القتال معهم فخرج في تسعة عشر رجلاً فقتل بناحية‏:‏ قم‏.‏

وذكر عن جماعة من الموشكانية‏:‏ أنهم أثبتوا نبوة المصطفى محمد عليه السلام‏ إلى العرب وسائر الناس سوى اليهود لأنهم أهل ملة وكتاب‏.‏

وزعمت فرقة من المقاربة‏:‏ أن اللّه تعالى خاطب الأنبياء عليهم السلام بواسطة ملك اختاره وقدمه على جميع الخلائق واستخلفه عليهم

وقالوا‏:‏ كل ما في التوراة وسائر الكتب من وصف اللّه تعالى فهو خبر عن ذلك الملك وإلا فلا يجوز أن يوصف اللّه تعالى بوصف‏.‏

قالوا‏:‏ وإن الذي كلم موسى عليه السلام‏ تكليماً‏:‏ هو ذلك الملك والشجرة المذكورة في التوراة‏:‏ هو ذلك الملك‏.‏

ويتعالى الرب تعالى عن أن يكلم بشراً تكليماً‏.‏

وحمل جميع ما ورد في التوراة‏:‏ من طلب الرؤية وشافهت اللّه وجاء اللّه و طلع اللّه في السحاب وكتب التوراة بيده واستوى على العرشس قراراً وله صورة آدم وشعر قطط و وفرة سوداء و انه بكى على طوفان نوح حتى رمدت عيناه وأنه ضحك الجبار حتى بدت نواجذه‏.‏

إلى غير ذلك على ذلك الملك

قال‏:‏ ويجوز في العادة أن يبعث ملكاً روحانياً من جملة خواصه ويلقي عليه اسمه ويقول‏:‏ هذا هو رسولي ومكانه فيكم مكاني وقوله قولي وأمره أمري وظهوره عليكم ظهوري كذلك يكون حال ذلك الملك‏.‏

وقيل إن أرنوس حيث قال في المسيح إنه هو اللّه وإنه صفوة العالم أخذ قوله من هؤلاء وكانوا قبل أرنوس بأربعمائة سنة وهم أصحاب زهد وتقشف‏.‏

وقيل صاحب هذه المقالة هو‏:‏ بنيامين النهاوندي‏:‏ قرر لهم هذا المذهب وأعلمهم أن الآيات المتشابهات في التوراة كلها مؤولة وأنه تعالى لا يوصف بأوصاف البشر ولا يشبه شيئاً من المخلوقات ولا يبهه شيء منها وأن المراد بهذه الكلمات الواردة في التوراة‏:‏ ذلك الملك المعظم‏.‏

وهذا كما يحمل في القرآن‏:‏ المجيء والإتيان على إتيان ملك من الملائكة وهو كما قال تعالى في حق مريم عليها السلام‏:‏ ‏"‏ فنفخنا فيها من روحنا ‏"‏ وفي موضع آخر‏:‏ ‏"‏ فنفخنا فيه روحنا ‏"‏ وإنما النافخ جبريل عليه السلام‏ حين تمثل لها بشراً سوياً ليهب لها غلاماً زكياً‏.‏

السامرة هؤلاء قوم يسكنون‏:‏ جبال بيت المقدس وقرى من اعمال مصر ويتقشفون في الطهارة أكثر من تقشف سائر اليهود‏.‏

أثبتوا نبوة‏:‏ موسى وهارون ويوشع بن نون عليهم السلام وأنكروا نبوة من بعدهم من الأنبياء إلا نبياً واحداً

وقالوا‏:‏ التوراة ما بشرت إلا بنبي واحد يأتي من بعد موسى يصدق ما بين يديه من التوراة ويحكم بحكمها ولا يخالفها البتة‏.‏

وظهر في السامرة رجل يقال له‏:‏ الألفان ادعى النبوة وزعم أنه هو الذي بشر به موسى عليه السلام‏ وأنه هو الكوكب الدري الذي ورد في التوراة‏:‏ أنه يضيء ضوء القمر وكان ظهوره قبل المسيح عليه السلام‏ بقريب من مائة سنة‏.‏

وافترقت السامرة‏:‏ إلى دوستانية وهم‏:‏ الألفانية وإلى كوستانية‏.‏

والوستانية معناها‏:‏ الفرقة المتفرقة الكاذبة‏.‏

والكوستانية معناها‏:‏ الجماعة الصادقة وهم يقرون بالآخرة والثواب والعقاب فيها‏.‏

والدوستانية تزهم أن الثواب والعقاب في الدنيا‏.‏

وبين الفريقين اختلاف في الأحكام والشرائع‏.‏

وقبلة السامرة جبل يقال له غريزيم بين بيت المقدس ونابلس‏.‏

قالوا‏:‏ إن اللّه تعالى أمر داود أن يبني بيت المقدس بجبل نابلس وهو الطور الذي كلم اللّه عليه موسى عليه السلام‏ فتحول داود إلى إيلياء وبنى البيت ثمة وخالف الأمر فظلم والسامرة توجهوا إلى تلك القبلة دون سائر اليهود‏.‏

ولغتهم غير لغة اليهود‏.‏

وزعموا‏:‏ أن التوراة كان بلسانهم وهي قريبة من العبرانية فهذه أربع فرق‏:‏ هم الكبار وانشعبت منهم الفرق إلى إحدى وسبعين فرقة‏.‏

وهم بأسرهم أجمعوا على‏:‏ أن في التوراة بشارة بواحد بعد موسى وأ نما افتراقهم‏:‏ إما في تعيين ذلك الواحد أو في الزيادة على ذلك الواحد وذكر المشيحا وآثره ظاهر في الأسفار وخرج واحد من آخر الزمان هو‏:‏ الكوكب المضيء الذي تشرق الأرض بنوره أيضاً‏:‏ متفق عليه‏.‏

واليهود على انتظاره والسبت يوم ذلك الرجل وهو يوم الاستواء بعد الخلق‏.‏

وقد اجتمعت اليهود عن آخرهم على أن اللّه تعالى لما فرغ من خلق السموات والأرض استوى على عرشه مستلقياً على قفاه واضعاً إحدى رجليه على الأخرى‏.‏

وقالت فرقة منهم‏:‏ إن ستة الأيام التي خلق اللّه تعالى فيها السموات والأرض‏:‏ هي ستة آلاف سنة فإن يوماً عند اللّه كألف سنة مما تعدون بالسير القمري وذلك هو ما مضى من لدن آدم عليه السلام‏ إلى يومنا هذا وبه يتم الخلق‏.‏

ثم إذا بلغ الخلق إلى النهاية‏:‏ ابتدأ الأمر ومن ابتداء الأمر يكون الاستواء على العرش والفراغ من الخلق وليس ذلك أمراً‏:‏ كان و مضى بل هو في المستقبل إذا عددنا الأيام بالألوف‏.‏

٢-٢  الباب الثاني النصارى

النصارى‏:‏ أمة المسيح عيسى بن مريم‏:‏ رسول اللّه وكلمته عليه السلام‏ وهو المبعوث حقاً بعد موسى عليه السلام‏ المبشر به في التوراة‏.‏

وكانت له آيات ظاهرة وبينات زاهرة ودلائل باهرة مثل‏:‏ غحياء الموتى وإبراء الأكمة والأبرص ونفس وجوده وفطرته‏:‏ آية كاملة على صدقه وذلك‏:‏ حصوله من غير نطفة سابقاً ونطقه البين من غير تعليم سالف‏.‏

وجميع الأنبياء بلاغ وحيهم أربعون سنة وقد أوحى اللّه تعالى إليه‏:‏ إنطاقاً في المهد وأوحى إليه‏:‏ إبلاغاً عند الثلاثين‏.‏

وكانت مدة دعوته‏:‏ ثلاث سنين وثلاثة أشهر و ثلاثة أيام‏.‏

فلما رفع إلى السماء اختلف الحواريون وغيرهم فيه وإنما اختلافاتهم تعود إلى أمرين‏:‏

أحدهما‏‏‏‏:‏ كيفية نزوله واتصاله برمه وتجسد الكلمة

والثاني‏‏‏:‏ كيفية صعوده واتصاله بالملائكة وتوحد الكلمة‏.‏

أما الأول‏ فإنهم قضوا بتجسد الكلمة و لهم في كيفية الاتحاد والتجسد كلام‏:‏ فمنهم من قال‏:‏ أشرق على جسدي إشراق النور على الجسم المشف و منهم من قال‏:‏ انطبع فيهم انطباع النقش في الشمع ومنهم من قال‏:‏ ظهر به ظهوراً الروحاني بالجسماني ومنهم من قال‏:‏ تدرع اللاهوت بالناسوت ومنهم من قال‏:‏ مازجت الكلمة جسد المسيح ممازجة اللبن الماء والماء اللبن‏.‏

وأثبتوا للّه تعالى أقانيم ثلاثة قالوا‏:‏ الباري تعالى جوهر واحد يعنون به‏:‏ القائم بالنفس لا التحيز والحجمية فهو‏:‏ واحد بالجوهرية‏:‏ ثلاثة بالأقنومية ويعنون بالأقانيم الصفات‏:‏ كالوجود والحياة والعلم وسموها‏:‏ الأب والابن وروح القدس وإنما العلم تدرع وتجسد دون سائر الأقانيم‏.‏

وقالوا في الصعود‏:‏ إنه قتل وصلب قتله اليهود‏:‏ حسداً وبغياً وإنكاراً لنبوته ودرجته ولكن القتل ما ورد على الجزء اللاهوتي و إنما ورد على الجزء الناسوتي‏.‏

قالوا‏:‏ وكمال الشخص الإنساني في ثلاثة أشياء‏:‏ نبوة وإمامة وملكة وغيره من الأنبياء كانوا موصوفين بهذه الصفات الثلاث أو ببعضها والمسيح عليه السلام‏ درجته فوق ذلك‏:‏ لأنه‏:‏ الابن الوحيد فلا نظير له ولا قياس له إلى غيره من الأنبياء و هو الذي به غفرت ذلة آدم عليه السلام‏ وهو الذي يحاسب الخلق‏.‏

ولهم في النزول اختلاف‏.‏

فمنهم من يقول‏:‏ ينزل قبل يوم القيامة كما قال أهل الإسلام ومنهم من يقول‏:‏ لا زول له إلا يوم الحساب‏.‏

وهو بعد أن قتل وصلب نزل ورأى شخصه شمعون الصفا وكلمه وأوصى إليه ثم فارق الدنيا وصعد إلى السماء‏.‏

فكان وصيه‏:‏ شمعون الصفا وهو أفضل الحواريين علماًو زهداً وأدباً غير ان فولوس شوش أمره وصير نفسه شريكاً له وغير أوضاع كلامه وخلطه بكلام الفلاسفة ووساوس خاطرة‏.‏

ورأيت رسالة فولوس التي كتبها إلى اليونانيين‏:‏ أنكم تظنون أن مكان عيسى عليه السلام‏ كمكان سائر الأنبياء و ليس كذلك بل إنه مثله مثل ملكيزداق وهو ملك السلام الذي كان إبراهيم عليه السلام‏ يعطى إليه العشور وكان يبارك على إبراهيم ويمسح رأسه‏.‏

ومن العجب‏:‏ أنه نقل في الأناجيل‏:‏ أن الرب تعالى قال‏:‏ انك أنت الابن الوحيد ومن كان وحيداً كيف يمثل بواحد من البشر‏!‏‏.‏

ثم أن أربعة من الحواريين اجتمعوا وجمع كل واحد منهم جمعاً سماه‏:‏ الأنجيل وهم‏:‏ متى ولوقا ومرقس ويوحنا‏.‏

وخاتمة إنجيل متى أنه قال‏:‏ إني أرسلكم إلى الأمم كما أرسلني أبي إليكم فاذهبوا وادعوا الأمم باسم‏:‏ الأب والابن وروح القدس‏.‏

وفاتحة إنجيل يوحنا‏:‏ على القديم الأزلي قد كانت الكلمة وهو ذا الكلمة كانت عند اللّه واللّه هو كان الكلمة وكل كان بيده‏.‏

ثم افترقت النصارى اثنتين وسبعين فرقة وكبار فرقهم ثلاثة‏:‏ الملكانية والنسطورية واليعقوبية‏.‏

وانشعبت منها‏:‏ الإليانية والبليارسية والمقدانوسية والسبالية والبوطنوسية والبولية‏.‏

على سائر الفرق

الملكانية أصحاب‏:‏ ملكا الذي ظهر بأرض الروم والستولى عليها‏.‏

و معظم الروم ملكانية‏.‏

قالوا‏:‏ إن الكلمة احدت بجسد المسيح وتدرعت بناسوته‏:‏ ويعنون بالكلمة‏:‏ أقنوم العلم ويعنون بروح القدس‏:‏ أقنوم الحياة ولا يسمون العلم قبل تدرعه ابناً بل المسيح مع ما تدرع به ابن‏:‏ فقال بعضهم‏:‏ إن الكلمة ما زجت جسد المسيح كما يمازج الخمر أو الماء اللبن‏.‏

وصرحت الملكانية‏:‏ بأن جوهر غير الأقانيم وذلك كالموصوف والصفة وعن هذا صرحوا بفثبات التثليث وأخبر عنهم القرآن‏:‏ ‏"‏ لقد كفر الذين قالوا‏:‏ إن اللّه ثالث ثلاثة ‏"‏‏.‏

وقالت الملكانية‏:‏ إن المسيح ناسوت كلي لا جزئي وهو قديم أزلين وقد ولدت مريم عليها السلام إلهاً أزلياً والقتل والصلب وقع على الناسوت واللاهوت معاً‏.‏

وأطلقوا لفظ الأبوة والنبوة على اللّه عز وجل وعلى المسيح لما وجددوا في الإنجيل حيث قال‏:‏ إنك أنت الابن الوحيد وحيث قال له شمعون الصفا‏:‏ إنك ابن اللّه حقاً‏.‏

ولعل ذلك من مجاز اللغة كما يقال لطلاب الدنيا‏:‏ أبناء الدنيا ولطلاب الىخرة‏:‏ أبناء الآخرة وقد قال المسيح عليه السلام‏ للحواريين‏:‏ أنا أقول لكم‏:‏ أحبوا اعداءكم وباركوا على لاعنيكم وأحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لاجل من يؤذيكم لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماء الذي تشرق شمسه كما أن اباكم الذي في السماء تام‏.‏

وقال‏:‏‏ انظروا صدقاتكم فلا تعطوها قدام الناس لترءوهم فلا يكون لكم اجر عند ابيكم الذي في السماء‏.‏

وقال حين كان يصلب‏:‏ أذهب إلى أبي وابيكم‏.‏

ولما قال أريوس‏:‏ القديم هو اللّهن والمسيح هو مخلوق اجتمعت‏:‏ البطارقةن والمطارنةن والأساقفة في بلد فسطنطينية بمحضر من ملكهم وكانوا ثلاثمائة وثمانية رجلاً واتفقوا على هذه الكلمة‏:‏ اعتقاداً ودعوة وذلك قولهم‏:‏ نؤمن باللّه الواحد‏:‏ الآب‏:‏ مالك كل شيء وصانع ما يرى وما لا يرى وبالابن الواحد‏:‏ يسوع المسيح‏:‏ ابن اللّه الواحد بكر الخلائق كلها الذي ولد من أبيه قبل العوالم كلها وليس بمصنوع إله حق من إله حق من جوهر أبيه الذي بيده أتقنت العوالم وخلق كل شيء من أجلنان ومن أجل معشر الناس‏.‏

ومن أجل خلاصنا‏:‏ نزل من السماء وتجسد من روح القدس وصار إنساناً وحبل به وولد من مريم البتول وقتل وصلب أيام فيلاطوسن ودفن ثم قام في اليوم الثالث وصعد إلى السماء وجلي عن يمين أبيه وهو مستعد للمجيء تارة أخرى للقضاء بين الأموات والأحياء‏.‏

ونؤمن بروح القدس الواحد روح الحق الذي يخرج من أبيه وبمعمودية واحدة‏:‏ لغفران الخطايا وبجماعةواحدة قدسية مسيحية جاثليقية وبقيام أبداننا وبالحياة الدائمة أبد الىبدين‏.‏

هذا هو الإتفاق الأول‏ على هذه الكلمات وفيه إشارة لى حشر الأبدان‏.‏

وفي النصارى من قال بحشر الارواح دون الأبدان وقال إن عاقبة الأشرار في القيامة‏:‏ غم وحزن الجهل وعاقبة الأخيار‏:‏ سرور وفرح العلم‏.‏

وأنكروا أن يكون في الجنة‏:‏ نكاح وأكل وشربز وقالمار إسحاق منهم إن اللّه تعالى وعد المطيعين وتوعد العاصين ولا يجوز أن يخلف الوعد لأنه لا يليق بالكريم ولكن يخلف الوعيد فلا يعذب العصاة ويرجع الخلق إلى سرور وسعادة ونعيم وعمم في الكل إذ العقاب الأبدي لا يليق بالجواد الحق تعالى‏.‏

النسطورية أصحاب‏:‏ نسطور الحكيم الذي ظهر في زمان المأمون وتصرف في الأناجيل بحكم رأيه‏.‏

وإضافته إليهم إضافة المعتزلة إلى هذه الشريعة‏.‏

قال‏:‏ إن اللّه تعالى واحد ذو أقانيم ثلاثة‏:‏ الوجود والعلم والحياة وهذه الأقانيم ليست زائدة على الذات ولا هي هو‏.‏

واتحدت الكلمة بجسد عيسى عليه السلام‏‏:‏ لا على طريق الامتزاج كما قالت الملكانية ولا على طريق الظهور به كما قالت اليعقوبية ولكن كإشراق الشمس في كوة على بلورة وكظهور النقش في الشمع إذا طبع بالخاتم‏.‏

واشبه المذاهب بمذهب نسطور في الأقانيم‏:‏ احوال أبي هاشم من المعتزلة فإنه يثبت خواص مختلفة لشيء هو مركباً من جنسين بل هو‏:‏ بسيط وواحد‏.‏

ويعنى بالحياة والعلم‏:‏ أقنومين جوهرين أي اصبين مبدأين للعالم ثم فسر العلم بالنطق والكلمة‏.‏

ويرجع منتهى كلامه إلى إثبات كونه تعالى‏:‏ موجوداًن حياً ناطقاً كما تقول الفلاسفة في حد الإنسان غلا أن هذه المعاني وبعضهم يثبت للّه تعالى صفات أخر بمنزلة القدرة والإرادة ونحوهما ولم يجعلوها أقانيم كما جعلوا الحياة والعلم أقنومين‏.‏

ومنهم من أطلق القول بأن كل واحد من الأقانيم الثلاثة‏:‏ حي ناطق إله‏.‏

وزعم الباقون‏:‏ أن اسم الإله لا يطلق على كل واحد من الأقانيم‏.‏

وزعموا‏:‏ أن الابن لم يزل متولداً من الأب وإنماتجسد واتحد بجسد المسيح حين ولد والحدوث راجع إلى الجسد والناسوت فهو‏:‏ إله وإنسان اتحدا وهما‏:‏ جوهرانن أقنومان طبيعتان‏:‏ جوهر قديم وجوهر محدث‏:‏ إله تام وإنسان تام ولم يبطل الاتحاد قدم القديم ولا حدوث المحدث لكنهما صارا‏:‏ مسيحاً واحداً طبيعة واحدة‏.‏

وربما بدلوا العبارة فوضعوا مكان الجوهر‏:‏ الطبيعة ومكان الأقنوم‏:‏ الشخص‏.‏

وأما قولهم في‏:‏ القتل والصلب فيخالف قول الملكانية واليعقوبية قالوا‏:‏ إن القتل وقع على المسيح من جهة ناسوته لا من جهة لاهوته لان الإله لا تحله الآلام‏.‏

وبوطينوس وبولس الشمشاطي يقولان‏:‏ إن الإله واحد وإن المسيح ابتدأ من مريم عليها السلام وإنه‏:‏ عبد صالح مخلوق إلا أن اللّه تعالى شرفه وكرمه لطاعته وسماه ابناً على التبني لا على الولادة والاتحاد‏.‏

ومن النسطورية قوم يقال لهم‏:‏ المصلين قالوا في المسيح مثل ما قال نسطور إلا انهم قالوا‏:‏ إذا اجتهد الرجل في العبادة وترك التغذي باللحم والدسم ورفض الشهوات الحيوانية والنفسانية‏:‏ تصفى جوهره حتى يبلغ ملكوت السماوات ويرى اللّه تعالى جهراً وينكشف له ما في الغيب‏:‏ فلا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء‏.‏

ومن النسطورية مكن ينفي التشبيه ويثبت القول بالقدر‏:‏ خيره وشره من العبد كما قالت القدرية‏.‏

اليعقوبية

أصحاب‏:‏ يعقوب‏.‏

قالوا بالأقانيم الثلاثة كما ذكرنا إلا أنهم قالوا‏:‏ انقلبت الكلمة لحماً‏.‏

ودماً فصار الإله هو المسيح وهو الظاهر بجسده بل هو‏:‏ هو‏.‏

وعنهم أخبرنا القرآن الكريم‏:‏ لقد كفر الذين قالوا إن اللّه هو المسيح ابن مريم‏.‏

فمنهم من قال‏:‏ إن المسيح هو اللّه تعالى‏.‏

ومنهم من قال‏:‏ ظهر اللاهوت بالناسوت فصار ناسوت المسيح مظهر الجوهر لا على طريق حلول جزء فيه ولا على سبيل اتحاد الكلمة التي هي في حكم الصفة بل صار هو‏:‏ هو وهذا كما يقال‏:‏ ظهر الملك بصورة إنسان أو ظهر الشيطان بصورة حيوان وكما أخبر التنزيل عن جبريل عليه السلام‏‏:‏ فتمثل لها بشراً سوياً‏.‏

وزعم أكثر اليعقوبية‏:‏ أن المسيح جوهر واحد‏.‏

أقنوم واحد إلا أنه من جوهرين وربما قالوا‏:‏ طبيعة واحدة من طبيعتين فجوهر الإله القديم وجوهر الإنسان المحدث تركبا تركيباً كما تركبت النفس والبدن فصارا جوهراً واحداً أقنوم واحداً وهو إنسان كله وإله كله فيقال‏:‏ الإنسان صار إلهاً ولا ينعكس فلا يقال‏:‏ الإله صار إنساناً كالفحمة تطرح في النار فيقال‏:‏ صارت الفحمة ناراً ولا يقال‏:‏ صارت النار فحمة وهي في الحقيقة‏:‏ لا نار مطلقة ولا فحمة مطلقة بل هي‏:‏ جمرة‏.‏

وزعموا‏:‏ أن الكلمة اتحدت بالإنسان الجزئي لا الكلي‏.‏

ربما عبروا عن الاتحاد بالإمتزاج والأدراع والحلول كحلول صورة الإنسان في المرآة المجلوة‏.‏

وأجمع أصحاب التثليث كلهم على أن القديم لا يجوز أن يتحد بالمحدث إلا أن الأقنوم الثاني الذي هو الكلمة اتحدت دون سائر الأقانيم‏.‏

وأجمعوا كلهم على أن المسيح عليه السلام‏ ولد من مريم عليها السلام وقتل وصلب ثم اختلفوا في كيفية ذلك فقالت الملكانية واليعقوبية‏:‏ إن الذي ولد من مريم هو الإله فالملكانية لما اعتقدت أن المسيح ناسوت كلي أزلي قالوا‏:‏ إن مريم إنسان جزئي والجزئي لا يلد الكلي و إنما ولده الأقنوم القديم‏.‏

واليعقوبية لما اعتقدت أن المسيح هو جوهر من جوهرينن وهو إلهن وهو المولود قالوا‏:‏ إن مريم ولدت إلهاً‏.‏

تعالى اللّه عن قولهم علواً كبيراً‏.‏

وكذلك قالوا في القتل والصلب‏:‏ إنه وقع على الجوهر الذي هو من جوهرين قالوا‏:‏ ولو وقع على وزعم بعضهم‏:‏ أنانثبت وجهين للجوهر القديم فالمسيح‏:‏ قديم من وجه محدث من وجه‏.‏

وزعم قوم من اليعقوبية‏:‏ أن الكلمة لم تأخذ من مريم شيئاً لكنها مرت بها كالماء بالميزاب وما ظهر بها من شخص المسيح في الأعين فهو كالخيال والصورة في المرآة وإلا فما كان جسماً متجسماً كثيفاً في الحقيقة‏.‏

وكذلك القتل والصلب إنما وقع على الخيال والحسبان وهؤلاء يقال لهم‏:‏ الإليانية‏.‏

وهم قوم بالشام واليمن وأرمينية قالوا‏:‏ وإنما صلب الإله من أجلنا حتى يخلصنا‏.‏

وزعم بعضهم‏:‏ أن الكلمة كانت تداخل جسم المسيح عليه السلام‏ أحياناً فتصدر عنه الآيات‏:‏ ن إحياء الموتى وإبراء الأكمة والأبرص وتفارقه في بعض الأوقات فترد عليه الآلام في بعض الأوقات فترد عليه الآلام والأوجاع‏.‏

ومنهم بليارس وأصحابه حكى عنه أنه كان يقول‏:‏ إذا صار الناس إلى الملكوت الأعلى‏:‏ أكلوا ألف سنة وشربوان وناكحوا ثم صاروا إلى النعم التي وعدهم آريوسح وكلها‏:‏ لذة وراحة وسرور وحبور لا أكل فيهان ولا شرب ولا نكاح‏.‏

وزعم مقدانيوس أن الجوهر القديم جوهر واحد أقنوم واحد له ثلاث خواصن واتحد بكليته بجسد عيسى بن مريم عليهما السلام‏.‏

وزعم آريوس‏:‏ أن اللّه واحد سماه‏:‏ آبا وأن المسيح كلمة اللّه وابنه‏:‏ على طريق الاصطفاء وهو مخلوق قبل خلق العالم وهو خالق الأشياء‏.‏

وزعم‏:‏ أن للّه تعالى روحاًمخلوقة أكبر منسائر الأرواح وأنها واسطة بين الآب والابن تؤدي غليه الوحي‏.‏

وزعم أن المسيح ابتدأ‏:‏ جوهراً لطيفاً روحانياً خالصاً غير مركب ولا ممزوج بشيء من الطبائع الأربع وإنما تدرع بالطبائع الأربع عند الاتحاد بالجسم المأخوذ من مريم‏.‏

وهذا آريوس قبل الفرق الثلاث فتبرءوا منه لمخالفتهم إياه في المذهب‏.‏