باب ذكر من يطرد عن الحوض البخاري عن أنس عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم قال : ليردن علي ناس من أصحابي الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني فأقول أصحابي ، فيقال لي : لا تدرلي ما أحدثوا بعدك . و عن أبي هريرة أنه كان يتحدث أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال : يرد علي الحوض رهط من أصحابي فيخلون عن الحوض فأقول يا رب أصحابي ، فيقول : إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري . مسلم عن أسماء بنت أبي بكر رضي اللّه عنهما قالت : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم : إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم ، و سيؤخذ ناس دوني فأقول : يا رب مني و من أمتي فيقال : أما شعرت ما عملوا بعدك ؟ و اللّه ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم . و في حديث أنس فيختلج العبد منهم فأقول : يا رب من أمتي في قال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، و قد تقدم . و كذلك حديث البخاري إذا زمرة حتى إذا عرفتهم تقدم أيضاً . و في الموطأ و غيره من حديث أبي هريرة فقالوا : كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك يا رسول اللّه ؟ الحديث . و فيه قال : فإنهم يأتون غراً محجلين من أثر الوضوء . فصل : قال علماؤنا رحمة اللّه عليهم أجمعين : فكل من ارتد عن دين اللّه أو أحدث فيه ما لا يرضاه اللّه و لم يأذن به اللّه ، فهو من المطرودين عن الحوض المبعدين عنه ، و أشدهم طرداً من خالف جماعة المسلمين و فارق سبيلهم كالخوارج على اختلاف فرقها ، و الروافض على تباين ضلالها ، و المعتزلة على أصناف أهوائها فهؤلاء كلهم مبدلون ، و كذلك الظلمة المسرفون في الجور و الظلم و تطميس الحق ، و قتل أهله و إذلالهم ، و المعلنون بالكبائر المستحفون بالمعاصي . و جماعة أهل الزيغ و الأهواء و البدع . ثم البعد قد يكون في حال و يقربون بعد المغفرة إن كان التبديل في الأعمال و لم يكن في العقائد ، و على هذا التقدير يكون نور الوضوء يعرفون به ، ثم يقال لهم سحقاً ، و إن كانوا من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يظهرون الإيمان و يسرون الكفر فيأخذهم بالظاهر . ثم يكشف لهم الغطاء فيقول لهم : سحقاً سحقاً ، و لا يخلد في النار إلا كافر جاحد مبطل ليس في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان . و قد يقال : إن من أنفذ اللّه عليه و عيده من أهل الكبائر إنه ، و إن ورد الحوض و شرب منه فإنه إذا دخل النار بمشيئة اللّه تعالى لا يعذب بعطش ، و اللّه أعلم . و روى الترمذي عن كعب بن عجرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم أعيذك باللّه يا كعب بن عجرة من أمراء يكونون من بعدي فمن غشى أبوابهم فصدقهم في كذبهم و أعانهم على ظلمهم فليس مني و لست منه ، و لا يرد على الحوض ، و منه غشى أبوابهم و لم يصدقهم في كذبهم و لم يعنهم على ظلمهم فهو مني و أنا منه ، و سيرد على الحوض ، يا كعب بن عجرة : الصلاة برهان ، و الصبر جنة حصينة ، و الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، يا كعب بن عجرة إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب . و خرجه أيضاً في كتاب الفتن و صححه . و خرج الأوزاعي أبو عمر في مسنده قال : حدثني عمرو بن سعد قال : حدثني يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك أنه سمع النبي صلّى اللّه عليه و سلم يقول : حوضي ما بين أيلة إلى مكة ، أباريقه كنجوم السماء أو كعدد نجوم نجوم السماء ، له ميزابان من الجنة كلما نضب أمداه ، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً ، و سيأتيه قوم ذابلة شفاههم ، لا يطمعون منه قطرة واحدة ، من كذب به اليوم لم يصب منه الشرب يومئذ . و خرج الترمذي الحكيم في نوادرالأصول من حديث عثمان بن مظعون ، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم أنه قال في آخره : يا عثمان لا ترغب عن سنتي فمن رغب عن سنتي ثم مات قبل أن يتوب ضربت الملائكة وجهه عن حوضي يوم القيامة ، و قد ذكرناه بكماله في آخر كتاب قمع الحرص بالزهد و القناعة . |