باب ما جاء في تلقين الإنسان بعد موته شهادة الإخلاص في لحده ذكر أبو محمد عبد الحق يروي عن أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم : إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب . فليقم أحدكم على رأس قبره ، ثم يقول : يا فلان ابن فلانة فإنه يسمع و لا يجيب ، ثم ليقل : يا فلان ابن فلانة الثانية فإنه يستوي قاعداً ، ثم يقول : يا فلان ابن فلانة الثالثة فإنه يقول : أرشدنا رحمك اللّه ، و لكنكم لا تسمعون . فيقول : اذكر ما خرجت عليه من الدنيا : شهادة أن لا إله إلا اللّه ، و أن محمداً رسول اللّه ، و أنك رضيت باللّه رباً ، و بالإسلام ديناً ، و بمحمد صلّى اللّه عليه و سلم نبياً ، و بالقرآن إماماً ، فإن منكراً و نكيراً يتأخر كل واحد منهما . و يقول : انطلق بنا ما يقعدنا عند هذا ، و قد لقن حجته ، و يكون اللّه حجيجهما دونه . فقال رجل : يا رسول اللّه فإن لم تعرف أمه ؟ قال : ينسبه إلى أمه حواء . قلت : هكذا ذكره أبو محمد في كتاب العاقبة لم يسنده إلى كتاب و لا إلى إمام ، و عادته في كتبه نسبة ما يذكره من الحديث إلى الأئمة ، و هذا و اللّه أعلم ، نقله من إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد فنقله كما وجد و لم يزد عليه . و هو حديث غريب . خرجه الثقفي في الأربعين له ، أنبأناه الشيخ المسن الحاج الرواية : أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر بن علي بن فتوح بن أبي الحسن القرشي ـ عرف بابن رواح ـ بمسجده بثغر الإسكندرية حماه اللّه ، و الشيخ الفقيه الإمام مفتي الأنام أبو الحسن علي بن هبة اللّه الشافعي بمنية ابن خصيب . على ظهر النيل بها قالا جميعاً : حدثنا الشيخ الإمام الحافظ أبو ظاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد السلفي الأصبهاني قالا : أخبرنا الرئيس أبو عبد اللّه القاسم بن الفضل بن أحمد بن محمود الثقفي بأصبهان . أخبرنا أبو علي الحسين بن عبد الرحمن بن محمد بن عبدان التاجر بنيسابور ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، حدثنا أبو الدرداء هاشم بن يعلى الأنصاري ، حدثنا عتبة بن السكن الفزاري الحمصي ، عن أبي زكريا ، عن حماد بن زيد ، عن سعيد الأزدي قال : دخلت على أبي أمامة الباهلي و هو في النزع فقال لي : يا سعيد إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم أن نصنع بموتانا . ف قال : إذا مات الرجل منكم فدفنتموه فليقم أحدكم عند رأسه فليقل : يا فلان ابن فلانة فإنه سيسمع . فليقل يا فلان ابن فلانة فإنه يستوي قاعداً . فليقل يا فلان ابن فلانة فإنه سيقول : أرشدنا يرحمك اللّه فلقيل : اذكر ما خرجت عليه من الدنيا : شهادة أن لا إله إلا اللّه ، و أن محمداً عبده و رسوله ، و أن الساعة آتية لا ريب فيها ، و أن اللّه باعث من في القبور ، فإن منكر و نكيراً عند ذلك يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه و يقول : ما نصنع عند رجل لقن حجته فيكون اللّه حجيجهما دونه . حديث أبي أمامة في النزع غريب من حديث حماد بن زيد ما كتبناه إلا من حديث سعيد الأزدي . قال أبو محمد عبد الحق : و قال شيبة بن أبي شيبة : أوصتني أمي عند موتها . فقالت لي : يا بني إذا دفنتني فقم عند قبري ، و قل يا أم شيبة ، قولي : لا إله إلا اللّه . ثم انصرف ، فلما كان من الليل رأيتها في المنام فقالت لي : يا بني لقد كدت أن أهلك . لولا أن تداركتني لا إله إلا اللّه . فلقد حفظتني في وصيتي يا بني . قال المؤلف : قال شيخنا أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي : ينبغي أن يرشد الميت في قبره حيث يوضع فيه إلى جواب السؤال ، و يذكر بذلك فيقال له : قل اللّه ربي . و الإسلام ديني . و محمد رسولي فإنه عن ذلك يسأل . كما جاءت به الأخبار على ما يأتي إن شاء اللّه . و قد جرى العمل عندنا بقرطبة كذلك . في قال : قل هو محمد رسول اللّه و ذلك عند هيل التراب و لا يعارض هذا بقوله تعالى : و ما أنت بمسمع من في القبور . و قوله : إنك لا تسمع الموتى لأن النبي صلّى اللّه عليه و سلم قد نادى أهل القليب و أسمعهم و قال : ما أنتم بأسمع . و لكنهم لا يستطيعون جواباً ، و قد قال في الميت : إنه ليسمع قرع نعالهم . و أن هذا يكون في حال دون حال و وقت دون وقت . وسيأتي استيفاء هذا المعنى في باب : ما جاء أن الميت يسمع ما يقال : إن شاء اللّه . |