٤٩وَ غَيْرَانُ الْمُكَوَّنُ لَا كَشَئْ ٍمَعَ التَّكْوِينِ خُذْهُ لِا كْتِحَالِ غير أن مثنى غير والمكون بفتح الواو المشددة اسم مفعول من التكوين والتكوين مصدر من كون بتشديد الواو وقد أثبته علماؤنا صفة للّه تعالى زائدة على القدرة والإرادة وقالوا بقدمه وفسروه بأنا صفة حقيقة وهي مبدأ الصفة الإضافية التي هي إخراج المعدوم إلى الوجود لا عينها لأن نفس الاخراج وصف إضافي في حادث وقديم والمكون هي الشئ الحاصل بالتكوين فهما متغايران الإعراب غير أن خبر مقدم والمكون مع التكوين مبتدأ مؤخر وفصل بينهما بالجملة المحذوفة المبتدأ الواقعة صفة لغيران أو تأكيد له أو خبر بعد خبر أي لا هما كشئ واحد على ما فيه من التسامح في التركيب لضرورة الوزن ولا يصح أن يقدر ذلك المبتدأ مفردا راجعا للمكون أي لا هو كشئ ويتنازع مع المكون في مع التكوين كما لا يخفى وخذه فعل أمر والهاء مفعولة راجع لمقدر أي خذ هذا الكلام أو هذا التقرير أو نحو ذلك ولاكتحال متعلق بخذ وأسقطت همزته تخفيفا (وحاصل معنى البيت) إن المكون والتكوين متغايران لا هما متحدان كشئ واحد فاحتفل أي أحسن القيام به بهذا الكلام فإنه يجلوا البصيرة كما (١٠٧) يجلوا الكحل البصر لأن التكوين الإيجاد والمكون هو الشئ الذي يوجد بالتكوين وهما متغايران إذ الفعل غير المفعول والسبب غير المسبب وذهبت المعتزلة إلى أنهما شئ واحد ونسب أيضا إلى الأشعري لكن المحقق التفتازاني والشارح الشافعي ردا نسبة ذلك على ظاهره إليه وحملا كلامه على محمل صحيح قال المحقق رحمه اللّه من قال إن التكوين عين المكون أراد أن الفاعل إذ فعل شيئا فليس ههنا إلا الفاعل والمفعول وأما المعبر عنه بالتكوين فهو أمر اعتباري يحصل في العقل من نسبة الفاعل إلى المفعول وهو ليس أمرا محققا مغايرا للمفعول في الخارج ولم يرد أن مفهوم بالتكوين هو بعينه مفهوم المكون وهذا خلاصة كلامه في شرح المقاصد والعقائد ونقله علي قاري لكن مقتضى ما في الطوالع أن الخلف حقيقي قال البحث الخامس في التكوين قال الحنفية التكوين صفة قديمة مغايرة للقدرة فإن متعلق القدرة قد لا يوجد أصلا بخلاف متعلق التكوين والقدرة تتعلق بإمكان الشئ والتكوين بوجوده قلت الإمكان بالذات فلا يكون بالغير والتكوين هو التعلق الحالي ولذا يترتب عليه الوجود كما قال اللّه تعالى إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون انتهى فبعد قوله والتكوين هو التعلق الحالي كيف يمكن التوفيق فتدبر وباللّه التوفيق والأظهر الموافق لمذهبنا ما قاله في العقائد وشرحه قال ولما استدل القائلون بحدوث التكوين بأنا لا يتصور بدون المكون كالضرب بدون المضروب التكوين هو تكوينه تعالى للعالم ولكل جزء من أجزائه لوقت وجوده على حسب علمه وإرادته فالتكوين باق أزلا وأبدا والمكون حادث بحدوث المتعلق كما في العلم والقدرة وغيرهما من الصفات القديمة التي لا يلزم من قدمها قدم متعلقاتها لكون متعلقاتها حادثة وهذا تحقيق ما يقال إن وجود العالم إن لم يتعلق بذات اللّه تعالى وصفة من صفاته لزم تعطيل الصانع واستغناء تحقق الحوادث عن الموجد وهو محال وإن تعلق فإما أن يستلزم ذلك قدم ما يتعلق وجوده به فيلزم قدم العالم فهو باطل فليكن التكوين أيضا قديما مع حدوث المكون المتعلق به فافهم واللّه أعلم قال الناظم رحمه اللّه تعالى |