Geri

   

 

 

İleri

 

٣٧

وَلِلْكَرَّارِ فَضْلٌ بَعْدَ هَذَا عَلَي الْاَغْيَارِ طُرًّا لَاتُبَالِ

لقب علي رضي اللّه عنه وكرم اللّه وجهه بالكرار لما قدمنا

وقوله بعدا هذا إشارة إما إلى ما ذكر من ترتيب تفضيل الثلاثة أبي بكر ثم عمر ثم عثمان فيستفاد منه تفضيلهم عليه مقابلة أو إشارة إلى عثمان فيستفاد تفضيل الأولين عليه بطريق الأولوية لأنه إذا فضله المفضول فضله الأفضل بالأولى وعلى كل فتفضيلهم عليه قد علم مما تقدم أنه كرر ذكر تفضيل عثمان عليه ردا لما سنذكره من الخلاف فالأظهر أن الإشارة إلى عثمان أقرب مذكور والأغيار جمع غير

والمراد بهم بقية الصحابة أو جميع الأمة بعد الثلاثة المذكورين لا يقال يتعين إرادة الأول لأن أغيارا جمع قلة فيحمل على الأول فإنا نقول استعماله في الكثرة شايع ذايع وعلى آل الجنسية تبطل إرادة الجمعية بالكلية

الإعراب للكرار خبر مقدم على المبتدأ وهو فضل وبعد منصوب على الظرفية متعلق بكائن مضاف وهذا في محل جر مضاف إليه على الأغيار متعلق بفضل أو بما تعلق به الظروف الأول وكل منهما في محل رفع صفة بعد صفة لفضل وطرا بمعنى جميعا حال من الأغيار لا تبال لا نافية تبال مجزوم بها بحذف الياء والياء الموجودة للإشباع

(وحاصل معنى البيت) أن عليا رضي اللّه عنه وكرم اللّه وجهه بعد هؤلاء الثلاثة أفضل جميع أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم من بقية الصحابة وغيرهم فعليك بالتمسك بهذا القول فإنه مذهب أهل السنة والجماعة ولا تبال بقول من خالف في ذلك من الشيعة وكثير من المعتزلة القائلين بتفضيل علي على الصديق وقول بعض أهل السنة منهم سفيان الثوري بتفضيله على عثمان وما نقل عن مالك من أنه توقف بينهما فقد حكى الإمام القاضي أبو الفضل عياض أن مالكا رجع إلى قول الأكثر الذي استقر عليه مذهب أهل السنة ولا يرد السؤال بأنهم كيف فضلوا عليا وهو أقربهم إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم نسبا وصهرا لأن ذلك من فضل اللّه يؤتيه من يشاء على أن ذلك لا يقدح في كمال مرتبته كيف وقد كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول له: أنت أخي في الدنيا والآخرة ويدل لأفضليتهم على هذا الترتيب خلافتهم كذلك كما أشار إليه صاحب الجوهرة

بقوله وأمرهم في الفضل كالخلافة * والأدلة من السنة على ذلك كثيرة تظافر دلالة مجموعها حتى تظهر لمن اطلع عليها كفلق الصبح وبعلي رضي اللّه عنه ختمت الخلافة الثابتة للأربعة بإشارة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على هذا الترتيب في تلك المدة ووقع على ذلك الترتيب

(٨١)

الإجماع وذلك لأن الصحابة رضي اللّه عنهم قد اجتمعوا يوم توفي النبي صلى اللّه عليه وسلم في سقيفة بني ساعدة واستقر رأيهم بعد المشاورة على خلافة أبي بكر رضي اللّه عنه فأجمعوا على ذلك وبايعه علي كرم اللّه وجهه ورضي اللّه عنه على رؤس الإشهاد ولو لم تكن الخلافة حق له لما اتفق عليه الصحابة ولنازع علي رضي اللّه عنه كما نازع معاوية رضي اللّه عنه ولأحتج عليهم لو كان في حقه نص كما زعمه الشيعة وكيف يتصور في حق أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الاتفاق على الباطل وترك العمل بالنص الوارد ثم إن أبا بكر رضي اللّه عنه لما آيس من حياته دعى عثمان وأملى عليه كتاب عهده لعمر فلما كتب ختم الصحيفة

وأخرجها إلى الناس وأمرهم بأن يبايعوا لمن في الصحيفة فبايعوه حتى مرت بعلي فقال بايعنا لمن بها وأن كان عمر فوقع الاتفاق على خلافته ثم استشهد وترك الخلافة شورى بين الستة عثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص ثم فوض الأمر خمستهم إلى عبد الرحمن بن عوف ورضوا بحكمه فاختار عثمان وبايعه بمحضر من الصحابة فبايعوه وانقادوا إلى أمره وصلوا معه الجمع والأعياد فكان إجماعا ثم استشهد عثمان رضي اللّه عنه وترك الأمر مهملا فاجتمع كبار المهاجرين والأنصار على علي كرم اللّه وجهه لما كان أفضل عصره وأولاهم بالخلافة وما وقع من المخالفات والمحاورات لم يكن عن نزاع في خلافته بل عن خطأ في الاجتهاد وما وقع من الاختلافات بين الشيعة وأهل السنة في هذه المسألة وادعاء كل من الفريقين النص في باب الإمامة وإيراد الأسئلة والأجوبة من الجانبين فمذكور في المطولات ثم كانت مدة خلافة الأربعة ثلاثين سنة كما أخبر به عليه الصلاة والسلام الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا عضوضا،، أي الخلافة الكاملة التي لا يشوبها من المخالفات فلا يرد أنه أتى بعدهم خلفا ء راشدون كعمر بن عبد العزيز أسلم علي رضي اللّه عنه وكرم وجهه وعمره سبع سنين حين دعاه النبي صلى اللّه عليه وسلم وولي الخلافة بعد عثمان خمس سنين إلا ثلاثة أشهر قيل أول من أسلم ولذلك كان يفتخر بذلك وفيه يقول:

سبقتكم إلى الإسلام طررا * صبيا ما بلغت أوان حلمي * وسبقتكم إلى الإيمان قهرا * بقوة صارمي ووان عزمي وبهذا استدل أصحابنا على صحة إسلام الصبي العاقل وصحة ارتداده

وقيل إن أول من أسلم أبو بكر رضي اللّه عنه

وقيل خديجة رضي اللّه عنها

وقيل زيد بن حارثة رضي اللّه عنهما قال المحققون توفيقا بين الأقوال والأورع أن يقال إن أول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر رضي اللّه عنه ومن الصبيان علي رضي اللّه عنه ومن النساء خديجة رضي اللّه عنها ومن الموالي زيد بن حارثة رضي اللّه عنه ومن العبيد بلال رضي اللّه عنه وعنهم أجمعين ولم يسجد علي رضي اللّه عنه لصنم قط ولهذا يقال كرم اللّه وجهه

(٨٢)

قال الثوري نقولا عنه آثارا كثيرة تدل على أنه علم السنة والشهر والليلة التي يقتل فيها وأنه لما خرج إلى صلاة الصبح صاحت الرواقي أي الديوك في وجهه فقال دعوهن فإنهن نوايح

وروي أنه جاء إليه رجل من مراد وهو يصلي في المسجد فقال له احترس فإن أناسا من مراد يريدون قتلك فقال إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر عليه فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه فإن الأجل حصينة ضربة عبد الرحمن المرادي بن ملجم بسيف مسموم في جبهته فأوصله إلى دماغه ليلة الجمعة وتوفي ليلة الأحد التاسع أو سابع عشر من رمضان سنة أربعين ثم بعد الأربعة الخلفاء رضي اللّه عنهم في الفضل بقية العشرة المشهود لهم بالجنة والإجماع على ذلك روى أصحاب السنن وصححه الترمذي عن سعيد رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال عشرة في الجنة أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة والزبير في الجنة وطلحة في الجنة وعبد الرحمن في الجنة وأبو عبيدة في الجنة وسعد بن أبي وقاص في الجنة وسعيد بن زيد في الجنة ولم يرد صريح تفضيل بين هؤلاء الستة وممن شهد له بالجنة فاطمة والحسن والحسين رضي اللّه عنهم لما في الحديث الصحيح أن فاطمة أسعد النساء وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ثم أهل بدر وفي الحديث الصحيح لعل اللّه اطلع على أهل بدر فقال لهم اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ويليهم أهل أحد الذين شهدوا وقعتها ويليهم أهل بيعة الرضوان قال عليه السلام لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة رواه أبو داود ونقل أبو منصور التميمي الإجماع على هذا الترتيب وهذا باعتبار من حضر إحدى الغزوات دون غيرها وإلا فقد يكون أحديا بدريا مثلا فافهم ثم سائر الصحابة رضي اللّه عنهم أفضل من غيرهم من بقية الأمة قال عليه السلام لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه رواه مسلم فباقي الأمة أفضل من سائر الأمم

قال تعالى كنتم خيرا أمة أخرجت للناس، وذلك مع اختلاف مراتبهم باختلاف أوصافهم وأعمالهم فمنهم العالم والعابد والتالي والسابق والمقتصد والظالم لنفسه وقد قال بعض العلماء: من الدين تفضيل الشيخين يعني أبا بكر وعمر وحب الختنين يعني عثمان وعليا لأن الختن هو الصهر ومن جعلهما الحسن والحسين فقد غلط كما نبه عليه غير واحد وأن يرى المسح على الخفين ويعتقد أن أبا حنيفة إمامنا ومالكا والشافعي وأحمد وسائر أئمة أهل السنة على هدى من ربهم

(٨٣)

في العقائد وغيرها ولا التفات لمن تكلم بما هم بريئون عنه قال الناظم رحمه اللّه