Geri

   

 

 

İleri

 

٣٣

وَ لَمْ يَفْضُلْ وَلِيٌّ قَطُّ دَهْرًا نَبِيًّا اَوْ رَسُولًا فِي انْتِحَالِ  

يفضل بضم كينصر من الفضل خلاف النقص وأراد به هنا نفي الرجحان أي لا يرجح عليه بالفضل يقال فضل فلان فلانا إذا زاد عليه في الفضل فذاك فاضل وهذا مفضول والفضيلة النعمة القاصرة على صاحبها كالزهد والصلاح والولاية والعلم الذي لا ينفع به غيره وغير ذلك والفاضلة النعمة التي يتعدى نفعها إلى الغير ويقع الشكر بمقابلته كالكرم والتعليم ونحوهما وكل منهما يكون سجية وقد يحصل بالكسب وقد يجتمعان في الشخص فيقال ذو الفضائل والفواضل وتقدمت قط وتخفيفها

(٧٤)

وقال لها اسكني أنا عدل فسكنت ومنعه النار التي كانت تأتي المدينة كل عام نشر ثوبه في وجهها ولم تأت بعد ذلك وكشرب خالد رضي اللّه عنه قدحا من السم وكالمشي على الماء كما وقع لكثير من الأولياء وفي الهواء كما نقل عن جعف بن أبي طالب وعن لقمان السرخسي وغيرهما وكلام الجماد كما روي أنه بين يدي سلمان وأبي درداء رضي اللّه عنهما قصعة فسبحت وسمعا تسبيحها وكما روي أنه عليه السلام قال بينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها إذ التفتت إليه وقالت إني لم أخلق لهذا وإنما خلقت للحرث فقال الناس سبحان اللّه بقرة تتكلم وغير ذلك مما وقع للأولياء من خوارق العادات وكل ذلك من معجزاته صلى اللّه عليه وسلم لأن الولي تابع له وكل كرامة لو لي تكون معجزة لمتبوعه ولا عبرة لانكار المعتزلة كرامات الأولياء واستدلالهم بأنا لو جاز ظهور خوارق العادات من الأولياء لاشتبهت الكرامة بالمعجزة ولم يتميز بين النبي والولي لأنا نقول إن ظهور الخارق من الولي ليس معه دعوى نبوة بخلافه من النبي وهو الفارق لأنه مأخوذ في تعريف المعجزة دون الكرامة.

تتمة ينبغي للولي الذي أكرمه اللّه تعالى أن يجتهد في كتمان ما خصه اللّه به من الكرامات ولا يظهره بالدعوى فإنه انحطاط في درجته ونقصان في مرتبته لاستر بينه وبين ربه فلا ينبغي أن يبوح به كما قال قائلهم * من باح بالسر كان القتل سيمته *

وأما ما يظهره بعضهم مما يزعم به المكاشفات والعلم بالمغيبات مع جهله بأمور الدين فإنما هو شأن الدجالين الزائغين عن الحق المبين الضالين المضلين وسيأتي تمامه والحمد للّه رب العالمين قال الناظم رحمه اللّه ٣٣ ولم يفضل ولي قط دهرا * نبيا أو رسولا في انتحال يفضل بضم كينصر من الفضل خلاف النقص وأراد به هنا نفي الرجحان أي لا يرجح عليه بالفضل يقال فضل فلان فلانا إذا زاد عليه في الفضل فذاك فاضل وهذا مفضول والفضيلة النعمة القاصرة على صاحبها كالزهد والصلاح والولاية والعلم الذي لا ينفع به غيره وغير ذلك والفاضلة النعمة التي يتعدى نفعها إلى الغير ويقع الشكر بمقابلته كالكرم والتعليم ونحوهما وكل منهما يكون سجية وقد يحصل بالكسب وقد يجتمعان في الشخص فيقال ذو الفضائل والفواضل وتقدمت قط وتخفيفها

(٧٤)

أفصح من تشديدها وهي لاستغراق ما مضى من الزمان وتختص بالنفي يقال ما فعلتها قط وبعض العامة لا أفعله قط وهو ولحن واشتقاقه من قططت الشئ أي قطعته فمعنى ما فعلته قط ما فعلته فيما انقطع من العمر لأن الماضي منقطع عن الحال فيكون قوله دهرا تأكيدا والدهر هو الزمان كما قدمنا وتقدم أيضا معنى النبي والرسول والانتحال افتعال قيل هو الادعاء الكذب

وقيل المراد به مرتبة الشرف وهذا حل مراد لا حل معنى لما في القاموس أنحله وتنحله ادعاه لنفسه وهو لغيره ونحله القول كمنعه نسبه إليه انتهى فالمعنى ههنا أن الولي مهما نسب إليه من الكرامات وإن عظمت لم يجز أن يدعي أن مرتبته تعدل مرتبة نبي أو رسول

وقيل معناه العطية يعني أنه مأخوذ من النحلة أي العطية لأن الكرامة عطاء اللّه تعالى

ثم اعلم أن كلام المص رحمه اللّه لا يخلو عن مسامحة لأن نفي التفضيل يصدق بالمواساة ولا قائل به أيضا فكان الأولى تبديل كلمة يفضل بيعدل أو نحوها أو أن يقول ومرتبة الولاية لا توازي لمرتبة النبوة في انتحال وقد يقال كان مراده الرد على القائل بذلك فصرح به كما سنذكره

الإعراب يفضل مجزوم بلم وولي فاعله وقط ظرف زمان ودهرا منصوب على الظرفية أيضا والعامل فيهما يفضل فهو من ذكر العام بعد الخاص ونبيا مفعول يفضل واو بمعنى الواو بمعنى بل فتكون للإضراب لأن الولي إذا لم يفضل النبي لم يفضل الرسول بالأولى وهذا بناء على ما في بعض النسخ من تقديم رسولا على نبيا فيكون المعنى لا يفضل الولي رسولا بل ولا نبيا فضلا عن رسولا

وأما على ما في أكثرها من تقديم نبيا فيتعين أن تكون بمعنى الواو أو بمعنى ولا على ما قاله ابن مالك في وقوعها في مثل ذلك وإن ردة ابن هشام أي لم يفضل الولي نبيا ولا رسولا وهذا مستقيم على النسختين وفي انتحال متعلق بيفضل

(وحاصل معنى البيت) إن الولي وإن علت رتبته وعظمت كرامته لا يفضل نبيا ولا رسولا ولا يساوي ولا يبلغ مرتبة أحدهما في زمن من الأزمنة أو لم يقع ذلك في جميع الدهر لأن الولي إنسان صالح تابع لسنة الرسول ولا يصح أن يكون التابع أعلى من المتبوع أو في رتبته وقد قال عليه السلام في حق أبي بكر رضي اللّه عنه ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين أفضل من أبي بكر،، فإن فيه دلالة صريحة على أن النبي أفضل من أبي بكر مع أن أبا بكر أفضل من غير الأنبياء فيكون النبي أفضل من سائر الأولياء

(٧٥)

بالضرورة وقد خالف في ذلك بعض الصوفية من أهل الإباحة فقال مرتبة الولي الكامل من الكمل أفضل من النبي وهو كفر وزندقة فقد

قال تعالى في حق الأنبياء عليهم السلام وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار، وكثير من الآيات شاهد على ذلك واعلم أن من وصل إلى درجة الأولياء وارتفعت منزلته بحيث بلغ أقصى مراتب الولاية لا يسقط عنه التكاليف والعبادات المفروضة كالصلاة والزكاة والحج والصوم وحقوق العباد ومن زعم أن من صار وليا ووصل إلى الحقيقة تسقط عنه أحكام الشرع فهو ملحد فاحذره كل الحذر فإن العبادات لم تسقط عن الأنبياء الذين هم في أمان عن الانعزال فكيف تسقط عن الأولياء الذين ليسوا في أمان عن ذلك على أن دعوى مثل ذلك لا يصدر عن ولي بحق لأنه لا يكون إلا عالما ما اتخذ اللّه وليا جاهلا فدعوى مثل ذلك يدل على جهله وبعده عن الإسلام فضلا عن مرتبة الولاية وأكثر ما يوجد هذا النوع في زماننا بالديار المصرية فإنهم يتوسلون بترك العبادات وكشف العورات إلى قضاء الشهوات ويزعمون الولاية وهم مكلفون والجهلة بهم يتبركون. ومنهم الدجالون وأكثر ما يوجدون بالديار الرومية يدعون الكشف وعلم الغيب ويخبرون بما سيكون ليتوسلوا بذلك إلى السحت والقبول عند الرؤساء وهم عندهم في أعلى المراتب والقبول ويصدقونهم فيما يزعمون وقد قال عليه السلام من أتى كاهنا فصدقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى اللّه عليه وسلم أو كما قال ولما أراد علي رضي اللّه عنه لقاء الخوارج قال له مسافر بن عوف وكان يعمل بالنجوم يا أمير المؤمنين لا تسر في هذه الساعة وسر في ثلاث ساعات تمضي من النهار فإنك إن سرت في هذه الساعة أصابك وأصاب أصحابك بلاء وضرر وإن سرت في الساعة التي أمرتك بها ظفرت وأصبت ما طلبت فقال علي رضي اللّه عنه ما كان ذلك لمحمد صلى اللّه عليه وسلم ولا لنا من بعدة في كلام طويل يحتج فيه بآيات فمن صدقك فيما تقول لا أؤمن عليه أن يكون كمن اتخذ للّه تعالى ندا اللّهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك ثم قال نكذبك ونخالفك ونسير في هذه الساعة ثم أقبل الناس فقال أيها الناس إنما المنجم كالساحر والساحر كالكافر والكافر في النار واللّه لئن بلغني أنك تنظر في النجوم وتعمل بها لأخلدنك في الحبس ما بقيت وبقيت ولأحرمنك العطاء ما كان لي من سلطان ثم سار في الساعة التي نهاه عنها فلقى القوم وقتلهم وهي واقعة النهروان ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم. قال الناظم رحمه اللّه:

(٧٦)