٧٢- باب تحريم الكبر والإعجاب قَالَ اللّه تَعَالَى : { تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُواً فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } [ القصص : ٨٣ ] ، وقال تعالى : { وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحا } [ الإسراء : ٣٧ ] ، وقال تَعَالَى : { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إنَّ اللّه لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } [ لقمان : ١٨ ] . ومعنى ( تُصَعِّر خَدَّكَ لِلنَّاسِ ) : أيْ تُمِيلُهُ وتُعرِضُ بِهِ عَنِ النَّاسِ تَكَبُّراً عَلَيْهِمْ . وَ( المَرَحُ ) : التَّبَخْتُرُ . وقال تَعَالَى : { إنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الكُنُوزِ مَا إنَّ مَفَاتِحَهُ لتَنُوءُ بِالعُصْبَةِ أُولِي القُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إنَّ اللّه لاَ يُحِبُّ الفَرِحِينَ } [ القصص : ٧٦ ] ، إِلَى قَوْله تَعَالَى : { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ } الآيات . ٦١٢- وعن عبد اللّه بن مسعود رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، عن النبي صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : ( لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّة مِنْ كِبْرٍ ! ) فَقَالَ رَجُلٌ : إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَناً ، ونَعْلُهُ حَسَنَةً ؟ قَالَ : ( إنَّ اللّه جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ ، الكِبْرُ : بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ ) رواه مسلم . ( بَطَرُ الحَقِّ ) : دَفْعُهُ وَرَدُّهُ عَلَى قَائِلِهِ ، وَ( غَمْطُ النَّاسِ ) : احْتِقَارُهُمْ . ٦١٣- وعن سلمة بن الأكوع رَضِيَ اللّه عَنْهُ : أنّ رَجُلاً أكَلَ عِنْدَ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم بشمالِهِ ، فَقَالَ : ( كُلْ بيَمِينِكَ ) قَالَ : لاَ أسْتَطِيعُ ! قَالَ : ( لا اسْتَطَعْتَ ) مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الكِبْرُ . قَالَ : فما رفَعها إِلَى فِيهِ . رواه مسلم . ٦١٤- وعن حارثة بن وهْبٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، يقول : ( ألا أُخْبِرُكُمْ بأهْلِ النَّار : كلُّ عُتُلٍ جَوّاظٍ مُسْتَكْبرٍ ) متفقٌ عَلَيْهِ ، وتقدم شرحه في بابِ ضعفةِ المسلمين . ٦١٥- وعن أَبي سعيد الخدري رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، عن النبي صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : ( احْتَجّتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ ، فَقَالَت النَّارُ : فيَّ الْجَبَّارُونَ والمُتَكَبِّرُونَ . وقالتِ الجَنَّةُ : فيَّ ضُعفاءُ الناس ومساكينُهُم ، فقضى اللّه بَينهُما : إنكِ الجنّةُ رَحْمَتِي أرْحَمُ بِك مَنْ أشَاءُ ، وَإنَّكِ النَّارُ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أشَاءُ ، وَلِكِلَيْكُمَا عَلَيَّ مِلْؤُهَا ) رواه مسلم . ٦١٦- وعن أَبي هريرة رَضِيَ اللّه عَنْهُ : أنَّ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : ( لاَ يَنْظُرُ اللّه يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إزَارَهُ بَطَراً ) متفقٌ عَلَيْهِ . ٦١٧- وعنه ، قَالَ : قَالَ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّه يَوْمَ القِيَامَة ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ، وَلاَ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ : شَيْخٌ زَانٍ ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ ) رواه مسلم . ( العَائِلُ ) : الفَقِيرُ . ٦١٨- وعنه ، قَالَ : قَالَ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( قَالَ اللّه عزَّ وجَلَّ : العِزُّ إزَاري ، والكبرياءُ رِدائي ، فَمَنْ يُنَازِعُنِي في وَاحِدٍ منهما فَقَد عَذَّبْتُهُ ) رواه مسلم . ٦١٩- وعنه : أنَّ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : ( بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمشِي في حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ ، مُرَجِّلٌ رَأسَهُ ، يَخْتَالُ فِي مَشْيَتهِ ، إِذْ خَسَفَ اللّه بِهِ ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ في الأَرضِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ) متفقٌ عَلَيْهِ . ( مُرَجِّلٌ رَأسَهُ ) : أيْ مُمَشِّطُهُ، ( يَتَجَلْجَلُ ) بالجيمين : أيْ يَغُوصُ وَيَنْزِلُ. ٦٢٠- وعن سَلَمةَ بنِ الأكْوَعِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( لاَ يَزَالُ الرَّجُلُ يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ حَتَّى يُكْتَبَ في الجبَّارِين ، فَيُصيبَهُ مَا أصَابَهُمْ ) رواه الترمذي ، وقال: ( حديث حسن ) . ( يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ ) أيْ : يَرْتَفِعُ وَيَتَكبَّرُ . |