بابٌ: النواسخبابٌ: النواسخ لِحكم المبتدإ والخبر ثلاثةُ أنواع: أحدُها كان وأمسى وأصبح وأضحى وظل وبات ومازال وما فَتِئَ وما انْفَكَّ وما بَرِحَ وما دام، فيرفَعْنَ المبتدأَ اسماً لهن وينصبْنَ الخبرَ خبراً لهن نحو ( وكان ربُّك قديراً ). وقد يتوسط الخبرُ نحو ( فليسَ سواءً عالمٌ وجهولٌ ). وقد يتقدمُ الخبرُ إلا خبرَ دام وليس. وتختص الخمسةُ الأول بمرادَفَةِ صار، وغيرُ ليس وفَتِئَ وزال بجواز التمامِ - أيْ الاستغناءِ عن الخبر - نحو ( وإن كان ذو عسرة فنظرةٌ إلى ميسرة ) ( فسبحانَ اللّه حين تمسون وحين تصبحون ) ( خالدين فيها ما دامت السموات والأرض )، وكان بجواز زيادتِها متوسطةً نحو ( ما كان أحسنَ زيداً ) وحذفِ نونِ مضارعها المجزومِ وصْلاً إن لم يلقَها ساكنٌ ولا ضميرُ نصبٍ متصلٌ، وحذفِها وحدَها معوَّضاً عنها ما في مثل ( أَمَّا أنت ذا نفر ) ومع اسمها في مثل ( إِنْ خيراً فخيرٌ ) و ( التَمِسْ ولو خاتَماً من حديد ). وما النافيةُ عند الحجازيِّينَ كليس إن تقدم الاسمُ، ولم يُسْبَقْ بـ( إن ) ولا بمعمولِ الخبر إلا ظرفاً أو جاراً ومجروراً، ولا اقترنَ الخبرُ بإلا، نحو ( ما هذا بشراً ). وكذا لا النافيةُ في الشعر بشرط تنكير معمولَيْها نحو ( تَعَزَّ فلا شيءٌ على الأرض باقياً ولا وَزَرٌ بما قضى اللّه واقياً ). ولاتَ لكنْ في الحين. ولا يُجْمع بين جزأَيْها، والغالبُ حذفُ المرفوع نحو ( ولاتَ حينَ مناصٍ ). الثاني إنّ وأنّ للتأكيد، ولكنَّ للاستدراك، وكأن للتشبيه أو الظن، وليت للتمني، ولعل للتَّرَجِّي أو الإشفاق أو التعليل. فينصِبْنَ المبتدأَ اسماً لهن، ويرفعْنَ الخبرَ خبراً لهن، إن لم تقترن بهن ما الحرفيةُ نحوُ ( إنما اللّه إلهٌ واحدٌ ) إلا ليت فيجوز الأمران، كإنْ المكسورة مخففةً. فأما لكنْ مخففةً فتُهْمَل. وأما أنْ فتَعمَل، ويجب في غير الضرورة حذفُ اسمها ضميرِ الشأن، وكونُ خبرها جملةً مفصولةً - إن بُدِئَتْ بفعلٍ مُتَصَرِّفٍ غيرِ دعاءٍ – بـ( قد أو تنفيس أو نفي أو لو ). وأما كأنَّ فتَعمل، ويَقِل ذكرُ اسمها، ويُفصَل الفعل منها بـ( لم أو قد ). ولا يَتَوَسط خبرُهن إلا ظرفاً أو مجروراً نحوُ ( إنّ في ذلك لعبرةً ) ( إنّ لدينا أنكالاً ). وتُكْسَر إِنَّ في الابتداء نحو ( إنا أنزلناه في ليلة القدر )، وبعد القسم نحوُ ( حم والكتاب المبين إنا أنزلناه )، والقول نحو ( قال إني عبد اللّه )، وقبل اللام نحو ( واللّه يعلم إنك لَرسوله ). ويجوز دخولُ اللام على ما تأخر من خبر إنَّ المكسورةِ، أو اسمها، أو ما توسط من معمول الخبر، أو الفصل. ويجب مع المخففة إن أُهْمِلَتْ ولم يظهر المعنى. ومثلُ إِنَّ لا النافيةُ للجنس. لكنْ عملُها خاصٌّ بالمُنَكَّراتِ المتصلةِ بها، نحوُ ( لا صاحبَ علمٍ ممقوتٌ ) و ( لا عشرينَ درهماً عندي ). وإن كان اسمُها غيرَ مضاف ولا شِبْهَهُ بُنِيَ على الفتح في نحو ( لا رجلَ ) و ( لا رجالَ )، وعليه أو على الكسر في نحو ( لا مسلماتِ )، وعلى الياء في نحو ( لا رجلَيْنِ ) و ( لا مسلمِيْنَ ). ولك في نحو ( لا حولَ ولا قوةَ ) فتحُ الأولِ، وفي الثاني الفتحُ والنصبُ والرفعُ، كالصفة في نحو ( لا رجلَ ظريفٌ ) ورفعُه فيمتنع النصبُ. وإن لم تُكَرَّر لا، أو فُصِلَتِ الصفةُ، أو كانت غيرَ مفردة، اِمْتنعَ الفتحُ. الثالثُ ظَنَّ ورأى وحَسِب ودَرَى وخال وزَعَمَ ووجد وعلم القلبياتُ. فتنصبهما مفعولَيْنِ، نحوُ ( رأيتُ اللّه أكبرَ كلِّ شيءٍ ). ويُلغَيْنَ برجحان إن تأخرْنَ نحو ( القومُ في أَثَري ظننتُ )، وبمساواة إن توسطنَ نحو ( وفي الأراجيزِ خِلتُ اللؤمَ و الخَوَرَا ). وإن وليَهن ما أو لا أو إِنْ النافياتُ، أو لامُ الابتداءِ أو القسمُ أو الاستفهامُ بطَل عملُهن في اللفظ وجوباً، وسُمِّيَ ذلك تعليقاً، نحو ( لِنَعْلَمَ أيُّ الحزبينِ أَحْصى ). |