Geri

   

 

 

İleri

 

٢٨

ذكر الخصائص الَّتِي اخْتصَّ بهَا عَن أمته من وَاجِبَات ومحرمات ومباحات وكرامات مِمَّا لم يتَقَدَّم لَهُ ذكر

وَهَذَا النَّوْع أفرده جمَاعَة من الْفُقَهَاء وَتعرض لَهُ أَصْحَابنَا الشَّافِعِيَّة فِي كتبهمْ الْفِقْهِيَّة فِي بَاب النِّكَاح وَلم يستوفوا وانا أستوفي هُنَا إِن شَاءَ اللّه تَعَالَى ذَلِك إستيفاء لَا مزِيد عَلَيْهِ وَأعلم إِنِّي أذكر كل مَا قَالَ فِيهِ عَالم أَنه من خَصَائِصه سَوَاء كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابنَا أم لَا مصححا أم لَا فَإِن ذَلِك دأب المتتبعين المستوعبين وَإِن كَانَ الجهلة القاصرون إِذا رَأَوْا مثل ذَلِك بَادرُوا إِلَى الْإِنْكَار على مورده

قسم الْوَاجِبَات وَالْحكمَة فِي اخْتِصَاصه بهَا زِيَادَة الدَّرَجَات والزلفى

فَفِي الصَّحِيح عَن اللّه تَعَالَى لن يتَقرَّب إِلَيّ المتقربون بِمثل أَدَاء مَا افترضت عَلَيْهِم وَفِي حَدِيث أَن ثَوَاب الْفَرْض يعدل سبعين مَنْدُوبًا

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب صَلَاة اللَّيْل وَالْوتر وَالْفَجْر وَالضُّحَى والسواك والضحية

قَالَ تَعَالَى {وَمن اللَّيْل فتهجد بِهِ نَافِلَة لَك}

أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة فِي الْآيَة قَالَ كَانَت للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نَافِلَة وَلكم فَضِيلَة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (ثَلَاثَة هن عَليّ فَرَائض وَلكم سنة الْوتر والسواك وَقيام اللَّيْل)

وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (ثَلَاث هن عَليّ فَرَائض وَلكم تطوع النَّحْر وَالْوتر وركعتا الضُّحَى)

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (ثَلَاث هن عَليّ فَرَائض وَلكم تطوع النَّحْر وَالْوتر وركعتا الْفجْر)

وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا أمرت بركعتي الْفجْر وَالْوتر وَلَيْسَ عَلَيْكُم الضُّحَى)

وَأخرج أَحْمد وَعبيد فِي مُسْنده عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا (أمرت بركعتي الضُّحَى وَلم تؤمروا بهَا وَأمرت بالأضحى وَلم تكْتب عَلَيْكُم)

وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من وَجه ثَالِث عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا (ثَلَاث عَليّ فَرِيضَة وَهن لكم تطوع الْوتر وركعتا الْفجْر وركعتا الضُّحَى)

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن عبد اللّه بن حَنْظَلَة الغسيل أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُؤمر بِالْوضُوءِ لكل صَلَاة طَاهِرا كَانَ أَو غير طَاهِر فَلَمَّا شقّ ذَلِك عَلَيْهِ أَمر بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة وَوضع عَنهُ الْوضُوء إِلَّا من حدث

فَائِدَة ثَبت أَنه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم صلى الْوتر على الرَّاحِلَة قَالَ بَعضهم وَلَو كَانَ وَاجِبا عَلَيْهِ لم يجز فعله على الرَّاحِلَة وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب كَانَ من خَصَائِصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم جَوَاز فعل هَذَا الْوَاجِب الْخَاص بِهِ على الرَّاحِلَة

فَائِدَة

أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ أوتر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ عَلَيْك وَصلى الضُّحَى وبس عَلَيْك وَصلى قبل الظّهْر وبس عَلَيْك وضحى وَلَيْسَ عَلَيْك وَهَذَا قد يشْعر بِأَن الصَّلَاة الَّتِي كَانَ يُصليهَا عِنْد الزَّوَال من خَصَائِصه الْوَاجِبَة عَلَيْهِ

وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس بِسَنَد فِيهِ نوح ابْن أبي مَرْيَم وَهُوَ وَضاع من حَدِيث ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا الْوتر عَليّ فَرِيضَة وَهُوَ لكم تطوع والأضحى عَليّ فَرِيضَة وَهِي لكم تطوع وَالْغسْل يَوْم الْجُمُعَة عَليّ فَرِيضَة وَهُوَ لكم تطوع

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب الْمُشَاورَة

قَالَ تَعَالَى {وشاورهم فِي الْأَمر}

أخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت {وشاورهم فِي الْأَمر} قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (أما أَن اللّه وَرَسُوله لَغَنِيَّانِ عَنْهَا وَلَكِن جعلهَا اللّه تَعَالَى رَحْمَة لأمتي)

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (إِن اللّه أَمرنِي بمداراة النَّاس كَمَا أَمرنِي بِإِقَامَة الْفَرَائِض)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ مَا رَأَيْت من النَّاس أحدا أَكثر مشورة لأَصْحَابه من رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج الْحَاكِم عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (لَو كنت مستخلفا أحدا عَن غير مشورة لاستخلفت ابْن أم عبد)

وَأخرج أَحْمد عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي بكر وَعمر (لَو اجتمعتما فِي مشورة مَا خالفتكما)

وَأخرج الْحَاكِم عَن الْحباب بن الْمُنْذر قَالَ أَشرت على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بخصلتين فقبلهما مني خرجت مَعَه يَوْم بدر فَعَسْكَرَ خلف المَاء فَقلت يَا رَسُول اللّه أبوحي فعلت أم بِرَأْي قَالَ بِرَأْي يَا حباب قلت فَإِن الرَّأْي أَن تجْعَل المَاء خَلفك فَإِن لجأت لجأت إِلَيْهِ فَقبل ذَلِك مني

وَنزل جِبْرِيل فَقَالَ أَي الْأَمريْنِ أحب إِلَيْك أَن تكون فِي دنياك مَعَ أَصْحَابك أَو ترد إِلَى رَبك فِيمَا وَعدك من جنَّات النَّعيم فَاسْتَشَارَ النَّاس أَصْحَابه فَقَالُوا يَا رَسُول اللّه تكون مَعنا احب إِلَيْنَا وتخبرنا بعورات عدونا تَدْعُو لنيصرنا عَلَيْهِم وتخبرنا من خبر السَّمَاء فَقَالَ مَا لَك لَا تَتَكَلَّم يَا حباب قلت يَا رَسُول اللّه اختر حَيْثُ اخْتَار لَك رَبك فَقبل ذَلِك مني

وَأخرج ابْن سعد عَن يحيى بن سعيد ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اسْتَشَارَ يَوْم بدر فَقَامَ الْحباب بن الْمُنْذر فَقَالَ نَحن أهل الْحَرْب أرى أَن تغور المياء إِلَّا مَاء وَاحِدًا نلقاهم عَلَيْهِ قَالَ واستشارهم يَوْم قُرَيْظَة وَالنضير فَقَامَ الْحباب بن الْمُنْذر فَقَالَ أرى أَن تنزل بَين الْقُصُور فتقطع خبر هَؤُلَاءِ عَن خبر هَؤُلَاءِ وَخبر هَؤُلَاءِ عَن خبر هَؤُلَاءِ فَأخذ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بقوله

وَأخرج الْحَاكِم عَن عبد الحميد بن ابي عبس بن مُحَمَّد بن أبي عبس عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (من لي بِابْن الْأَشْرَف فقد آذَى اللّه تَعَالَى وَرَسُوله فَقَالَ مُحَمَّد بن مسلمة أَتُحِبُّ أَن أَقتلهُ فَصمت ثمَّ قَالَ ائْتِ سعد بن معَاذ فاستشره فَجِئْته فَذَكرته فَذكرت لَهُ ذَلِك فَقَالَ امْضِ على بركَة اللّه)

قَالَ المارودي اخْتلف فِيمَا يشاور فِيهِ فَقَالَ قوم فِي الحروب ومكابدة الْعَدو خَاصَّة وَقَالَ آخَرُونَ فِي أُمُور الدُّنْيَا وَالدّين وَقَالَ آخَرُونَ فِي أُمُور الدّين تَنْبِيها لَهُم على علل الْأَحْكَام وَطَرِيق الإجتهاد

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب مصابرة الْعَدو وَأَن كثر عَددهمْ وَوُجُوب تَغْيِير الْمُنكر وَلَا يسْقط للخوف بِخِلَاف غَيره من الامة فيهمَا

وَوجه الْأَمريْنِ أاللّه تَعَالَى وعده بِالْحِفْظِ والعصمة فَقَالَ {وَاللّه يَعْصِمك من النَّاس} فَلم يَكُونُوا يصلونَ إِلَيْهِ بِسوء قلوا اَوْ كَثُرُوا

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب قَضَاء دين من مَاتَ من الْمُسلمين مُعسرا

أخرج ابْن ماجة عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (من ترك مَالا فلأهله وَمن ترك دينا أَو ضيَاعًا فعلي وإلي)

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يؤتيى بِالرجلِ المتوفي عَلَيْهِ الدّين فَيسْأَل هَل ترك لدينِهِ من قَضَاء فَإِن حدث أَنه ترك وَفَاء صلى عَلَيْهِ وَإِلَّا قَالَ للْمُسلمين صلوا على صَاحبكُم فَلَمَّا فتح اللّه عَلَيْهِ الْفتُوح قَامَ فَقَالَ أَنا أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم فَمن توفّي من الْمُؤمنِينَ فَترك دينا فعلي قَضَاؤُهُ وَمن ترك مَالا فلورثته

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب تَخْيِير نِسَائِهِ وإمساك مختارته وَتَحْرِيم طَلاقهَا

أخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن جَابر قَالَ دخل أَبُو بكر وَعمر على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَحَوله نساؤه وَهُوَ سَاكِت فَقَالَ عمر لأُكلمَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يضْحك فَقَالَ عمر يَا رَسُول اللّه لَو رَأَيْت إبنة زيد إمرأة عمر سَأَلتنِي النَّفَقَة آنِفا فَوَجَأْت عُنُقهَا فَضَحِك النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ (هن حَولي يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَة) فَقَامَ أَبُو بكر إِلَى عَائِشَة ليضربها وَقَامَ عمر الى حَفْصَة كِلَاهُمَا يَقُولَانِ تَسْأَلَانِ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَا لَيْسَ عِنْده وَأنزل اللّه تَعَالَى الْخِيَار فَبَدَأَ بعائشة فَقَالَ إِنِّي ذَاكر لَك أمرا فَأحب ان لَا تعجلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك قَالَت مَا هُوَ فَتلا عَلَيْهَا {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا} الْآيَة قَالَت عَائِشَة أفيك استأمر أَبَوي بل اخْتَار اللّه وَرَسُوله)

واخرج ابْن سعد عَن أبي جَعْفَر قَالَ نسَاء النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَا نسَاء بعد النَّبِي أغْلى مهورا منا فغار اللّه لنَبيه فَأمره ان يعتزلهن فاعتزلهن تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا ثمَّ أمره ان يُخَيِّرهُنَّ فخيرهن

واخرج ابْن سعد عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ لما خير رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ بَدَأَ بعائشة فاخترنه جَمِيعًا غير العامريه اخْتَارَتْ قَومهَا فَكَانَت بعد تَقول أَنا الشقية وَكَانَت تلقط البعر وتبيعه وتستأذن على أَزوَاج النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وتسألهن وَتقول أَنا الشقية

واخرج ابْن سعد عَن ابْن مناح قَالَ اخترنه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم جَمِيعًا غير العامرية اخْتَارَتْ قَومهَا فَكَانَت ذَاهِبَة الْعقل حَتَّى مَاتَت

واخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة قَالَ لما خيرهن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اخْترْنَ اللّه وَرَسُوله فَأنْزل اللّه تَعَالَى {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} قَالَ من بعد هَؤُلَاءِ التسع اللَّاتِي اخترنك فقد حرم عَلَيْك تزوج غَيْرهنَّ

واخرج ابْن سعد عَن ابي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام وَعَن الْحسن وَعَن مُجَاهِد وَعَن أبي امامة بن سهل قَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} حبس رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على نِسَائِهِ فَلم يتَزَوَّج بعدهن

واخرج ابْن سعد عَن عَائِشَة قَالَت لم يمت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى احل لَهُ ان يتَزَوَّج من النِّسَاء مَا شَاءَ إِلَّا ذَات محرم لقَوْله تَعَالَى {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} الآيه

واخرج ابْن سعد مثله عَن أم سَلمَة وَابْن عَبَّاس وَعَطَاء بن يسَار وَمُحَمّد بن عمر ابْن عَليّ بن أبي طَالب

وَأخرج ابْن سعد عَن عَائِشَة قَالَت لما نزل {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} قلت آن اللّه يُسَارع لَك فِيمَا تُرِيدُ

وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي نُكْتَة التَّخْيِير فَقَالَ الْغَزالِيّ لَان الْغيرَة توغر الصُّدُور وتنفر الْقلب وتوهن الِاعْتِقَاد

قَالَ الرَّافِعِيّ لما خَيره اللّه تَعَالَى بَين الْغنى والفقر فَاخْتَارَ الْفقر واثر لنَفسِهِ الصَّبْر عَلَيْهِ أمره بتخييرهن لِئَلَّا يكون مكْرها لَهُنَّ على الْفقر والضر قَالَ بَعضهم امتحنهن بالتخيير ليَكُون لرَسُوله خير النِّسَاء

قَالَ فِي الرَّوْضَة وَغَيرهَا لما خيرهن فاخترنه كافأهن اللّه على حسن صنيعهن بِالْجنَّةِ فَقَالَ (فان اللّه اعد للمحسنات مِنْكُن أجرا عَظِيما) بِأَن حرم على رَسُوله التَّزَوُّج عَلَيْهِنَّ والاستبدال بِهن فَقَالَ (لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد وَلَا ان تبدل بِهن من أَزوَاج) ثمَّ نسخ ذَلِك لتَكون الْمِنَّة لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بترك التَّزَوُّج عَلَيْهِنَّ بقوله (يَا أَيهَا النَّبِي انا أَحللنَا لَك أَزوَاجك) الْآيَة

واخرج احْمَد والترمذي وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن عَائِشَة قَالَت مَا مَاتَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى حل لَهُ النِّسَاء إِسْنَاده صَحِيح وَاخْتلف هَل احل لَهُ جَمِيع النِّسَاء أَو الْمُهَاجِرَات فَقَط لظَاهِر الْآيَة على وَجْهَيْن حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيّ فعلى الثَّانِي يكون ذَلِك أَيْضا خصيصة انه يحرم عَلَيْهِ نِكَاح من لم تهَاجر وَيُؤَيِّدهُ مَا اخرجه التزمذي عَن أم هاني قَالَت لم أكن احل لَهُ لِأَنِّي لم اهاجر وَرجح الأول بِأَنَّهُ اوسع فِي النِّكَاح من أمته فَلم يجز ان ينقص عَنْهُم وَبِأَنَّهُ تزوج صَفِيَّة بعد وَلَيْسَت من الْمُهَاجِرَات

وَيُجَاب عَن الأول بِأَن ذَلِك لَا يُنَافِي كَونه أوسع تَشْرِيفًا لمنصبه بِدَلِيل انه لَا ينْكح الْكِتَابِيَّة وَهِي مُبَاحَة للامة

وَعَن الثَّانِي بِأَن الْمُرَجح أَن تَزْوِيج صَفِيَّة كَانَ قبل نزُول الْآيَة فانه تزَوجهَا فِي خَبِير سنة سبع وَالْآيَة نزلت سنة تسع

قَالَ أَصْحَابنَا وأبيح لَهُ التبدل بِهن لكنه لم يَفْعَله وَخَالف أَبُو حنيفَة فَقَالَ دَامَ التَّحْرِيم وَلم ينْسَخ

وَأحد الْوَجْهَيْنِ عندنَا وَهُوَ نَص الشَّافِعِي فِي الْأُم وَبِه قطع الْمَاوَرْدِيّ انه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يحرم عَلَيْهِ طَلَاق من اختارته كَمَا كَانَ يحرم إِِمْسَاكهَا لَو رغبت عَنهُ وَحكى أَصْحَابنَا وَجْهَيْن فِيمَن اخْتَارَتْ الْفِرَاق أَحدهمَا تحرم عَلَيْهِ مُؤَبَّدًا لاختيارها الدُّنْيَا على الْآخِرَة فَلم تكن من أَزوَاجه فِي الْآخِرَة وعَلى هَذَا فَذَلِك من خَصَائِصه لَان الْوَاحِد من الْأمة إِذا خير زَوجته فَاخْتَارَتْ نَفسهَا وجعلناه طَلَاقا لم تحرم عَلَيْهِ على التَّأْبِيد

بَاب قَوْله صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْعَيْش عَيْش الاخرة

قيل من خَصَائِصه ان كَانَ يجب عَلَيْهِ إِذْ رأى مَا يُعجبهُ ان يَقُول لبيْك ان الْعَيْش عَيْش الاخرة حَكَاهُ الرَّافِعِيّ

وَمِنْهَا انه يجب عَلَيْهِ اداء فرض الصَّلَاة كَامِلَة لَا خلل فِيهَا ذكره الْمَاوَرْدِيّ وَغَيره

وَمِنْهَا انه كَانَ يُؤْخَذ عَن الدُّنْيَا حَالَة الْوَحْي وَلَا تسْقط عَن الصَّلَاة وَالصَّوْم وَسَائِر الْأَحْكَام ذكره ابْن الْقَاص فِي التخليص والقفال وَحَكَاهُ النَّوَوِيّ فِي زَوَائِد الرَّوْضَة وَجزم بِهِ ابْن سبع

وَمِنْهَا انه كَانَ يلْزمه اتمام كل تطوع شرع فِيهِ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا

وَمِنْهَا انه كَانَ مطالبا بِرُؤْيَة مُشَاهدَة الْحق مَعَ معاشرة النَّاس بِالنَّفسِ وَالْكَلَام

وَمِنْهَا انه كلف من الْعلم وَحده مَا كلفه النَّاس بأجمعهم

وَمِنْهَا انه يدْفع بِالَّتِي هِيَ أحسن

وَمِنْهَا انه كَانَ يغان على قلبه فيستغفر اللّه كل يَوْم سبعين مرّة ذكر هَذِه كلهَا ابْن الْقَاص من أَصْحَابنَا فِي تلخيصه وَابْن سبع

وَحكى الْجِرْجَانِيّ فِي الشافي وَجها ان الامامة فِي مُحَمَّد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم افضل من الْأَذَان بِخِلَاف غَيره لانه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يقر على السَّهْو الْغَلَط بِخِلَاف غَيره

قلت وَهَذَا الْوَجْه يَنْبَغِي ان يقطع بِهِ وَيجْعَل مَحل الْخلاف فِي التَّفْضِيل بَين الاقامه وَالْأَذَان فِي غَيره

قسم الْمُحرمَات

وفائته التكرمة حَيْثُ تنزه عَن سفساف الْأُمُور وَحمل على مَكَارِم الْأَخْلَاق ولان اجْرِ ترك الْمحرم اكثر من الْمَكْرُوه

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الزَّكَاة وَالصَّدَقَة عَلَيْهِ وعَلى آله وعَلى موَالِيه وموالي آله

اخْرُج مُسلم عَن الْمطلب بن رَبِيعه ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ان هَذِه الصَّدقَات

إِنَّمَا هِيَ أوساخ النَّاس وانها لَا تحل لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد

واخرج ابْن سعد عَن أبي هُرَيْرَة وَعَائِشَة وعبد اللّه بن بسر أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقبل الْهَدِيَّة وَلَا يقبل الصدقه

واخرج ابْن سعد عَن الْحسن ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ان اللّه حرم على الصَّدَقَة وعَلى أهل بَيْتِي

واخرج احْمَد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِذا أُتِي بِطَعَام من غير اهله سَأَلَ عَنهُ فَإِن قيل هَدِيَّة اكل وان قيل صدقه لم يَأْكُل

واخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ اسْتعْمل النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الأرقم الزُّهْرِيّ على السّعَايَة فاستتبع أَبَا

واخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ اسْتعْمل النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الأرقام الزُّهْرِيّ على السّعَايَة فاستتبع أَبَا رَافع مولى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأتي النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا ابا رَافع ان الصَّدَقَة حرَام على مُحَمَّد وعَلى ال مُحَمَّد

واخرجه احْمَد وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي رَافع وَفِيه فَقَالَ ان الصَّدَقَة لَا تحل لنا وان مولى الْقَوْم من انفسهم

واخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ قَالَ قلت للْعَبَّاس سل النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ان يستعملك على الصَّدَقَة فَسَأَلَهُ فَقَالَ ماكنت لاستعملك على غسالة الْأَيْدِي

واخرج ابْن ابْن سعد عَن عبد الْملك بن الْمُغيرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَا بني عبد الْمطلب ان الصَّدَقَة أوساخ النَّاس فَلَا تَأْكُلُوهَا وَلَا تعملوا عَلَيْهَا

وَأخرج مُسلم وَابْن سعد عَن الْمطلب بن ربيعَة بن الْحَارِث قَالَ جِئْت انا وَالْفضل بن الْعَبَّاس فَقُلْنَا يَا رَسُول اللّه جِئْنَا لتؤمرنا على هَذِه الصَّدقَات فَسكت وفع رَأسه الى سقف الْبَيْت حَتَّى أردنَا ان نكلمه فَأَشَارَتْ إِلَيْنَا زَيْنَب من وَرَاء حجابها كَأَنَّهَا تَنْهَانَا عَن كَلَامه وَأَقْبل فَقَالَ ان الصَّدَقَة لَا تحل لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد وانما هِيَ اوساخ النَّاس

قَالَ الْعلمَاء لما كَانَت الصَّدَقَة أوساخ النَّاس نزه منصبه الشريف عَن ذَلِك وانجز الى بسبه آله وايضا فالصدقة تُعْطى على سَبِيل الترحم الْمَبْنِيّ على ذَلِك الْآخِذ فأبدلوا

عَنْهَا بِالْغَنِيمَةِ الْمَأْخُوذَة بطرِيق الْعِزّ والشرف المنبئ عَن عز الْآخِذ وذل الْمَأْخُوذ مِنْهُ

وَقد اخْتلف عُلَمَاء السّلف هَل شَاركهُ فِي ذَلِك الْأَنْبِيَاء أم اخْتصَّ بِهِ دونهم فَقَالَ بِالْأولِ الْحسن والبصري وَبِالثَّانِي سُفْيَان بن عيينه

ثمَّ الزَّكَاة وَصدقَة التَّطَوُّع بِالنِّسْبَةِ اليه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سَوَاء وَأما آله فمذهبنا انه لَا يحرم عَلَيْهِم سوى الزَّكَاة وَأما صَدَقَة التَّطَوُّع فَتحل لَهُم فِي الْأَصَح وَفِي وَجه عندنَا وَهُوَ مَذْهَب الْمَالِكِيَّة انها تحرم عَلَيْهِم أَيْضا وَفِي وَجه ثَالِث تحرم عَلَيْهِم الْخَاصَّة دون الْعَامَّة كالمساجد ومياه الْآبَار

وَحكى ابْن الصّلاح عَن أمالي ابي الْفرج السَّرخسِيّ ان فِي صرف الْكَفَّارَة وَالنّذر الى الْهَاشِمِي قَوْلَيْنِ وَفِي جَوَاز كَونهم عمالا على الزَّكَاة وَجْهَان اصحهما ايضا الْمَنْع والاحاديث السَّابِقَة صَرِيحَة فِيهِ

بَاب لايصح لآل مُحَمَّد اكل ثمن اُحْدُ من ولد اسماعيل

اخْرُج احْمَد عَن عمرَان بن حُصَيْن الضَّبِّيّ ان لاجلا حَدثهُ قَالَ كَانَ شَيْخَانِ للحي قد انْطلق ابْن لَهما فلحق النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَا ائته فأطلبه مِنْهُ فَإِن أبي الا الْفِدَاء فافتده فَأَتَيْته فطلبته مِنْهُ فَقَالَ هُوَ ذَا فأت بِهِ اباه فَقلت الْفِدَاء يَا نَبِي اللّه فَقَالَ انه لايصلح لنا آل مُحَمَّد ان نَأْكُل ثمن اُحْدُ من ولد اسماعيل هَذَا الحكم الْمَذْكُور فِي هَذَا الحَدِيث لم أر أحدا من الْفُقَهَاء نبه عَلَيْهِ

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم اكل مَا لَهُ ريح كريهه فِي اُحْدُ الْوَجْهَيْنِ

أخرج احْمَد وَالْحَاكِم عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ نزل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على أبي ايوب وَكَانَ إِذا اكل طَعَاما بعث اليه بفضله فَينْظر الى مَوضِع يَد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأتى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا فَقَالَ يارسول اللّه لم أر أثر أصابعك قَالَ انه كَانَ فِيهِ ثوم قَالَ احرام هُوَ قَالَ لَا انك لست مثلي إِنَّه يأتيني الْملك

واخرج الشَّيْخَانِ عَن جَابر قَالَ أَتَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِقدر فِيهِ خضراوات من بقول فَوجدَ لَهَا ريحًا فَسَأَلَ فَأخْبر بِمَا فِيهَا من الْبُقُول فَقَالَ قربوها الى بعض اصحابه فَلَمَّا رَآهُ كره اكلها قَالَ كل فَإِنِّي أُنَاجِي من لَا تناجي

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الاكل مُتكئا فِي أحد الْوَجْهَيْنِ

أخرج البُخَارِيّ عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أما أَنا فَلَا آكل مُتكئا

وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَمْرو قَالَ مارؤي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَأْكُل مُتكئا قطّ

وَأخرج ابْن سعد وابو يعلى بِسَنَد حسن عَن عَائِشَة ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا يَا عَائِشَة لَو شِئْت لَسَارَتْ معي جبال الذَّهَب أَتَانِي ملك وَإِن حجزته لتساوي الْكَعْبَة فَقَالَ ان رَبك يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام وَيَقُول لَك ان شِئْت نَبيا ملكا وَإِن شِئْت نَبيا عبدا فَأَشَارَ الى جِبْرِيل ضع نَفسك فَقلت نَبيا عبدا قَالَت فَكَانَ بعد ذَلِك لَا يَأْكُل مُتكئا وَيَقُول آكل كَمَا يَأْكُل العَبْد واجلس كَمَا يجلس العَبْد

وَأخرج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ بلغنَا انه اتى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ملك لم يَأْته قبلهَا وَمَعَهُ جِبْرِيل فَقَالَ الْملك وَجِبْرِيل صَامت ان رَبك يخيرك بَين ان تكون نَبيا ملكا وَبَين أَن تكون نَبيا عبدا فَنظر إِلَى جِبْرِيل كالمستأمر لَهُ فَأَشَارَ اليه ان تواضع فَقَالَ بل نَبيا عبدا فزعموا انه لم يَأْكُل مُنْذُ قَالَهَا مُتكئا حَتَّى فَارق الدُّنْيَا

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن اللّه أرسل إِلَى نبيه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ملكا من الملائكه مَعَه جِبْرِيل فَقَالَ إِن اللّه يخيرك بَين أَن تكون عبدا نَبيا وَبَين ان تكون ملكا نَبيا فَالْتَفت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جِبْرِيل كالمستشير لَهُ فَأَشَارَ جِبْرِيل الى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ان تواضع فَقَالَ بل أكون عبدا نَبيا فَمَا اكل بعد تِلْكَ الْكَلِمَة طَعَاما مُتكئا حَتَّى لَقِي ربه

وَأخرج ابْن سعد عَن عَطاء بن يسَار أَن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِأَعْلَى مكه يَأْكُل مُتكئا فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمَّد أكل الْمُلُوك فَجَلَسَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن انس ان جِبْرِيل جَاءَ الى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَأْكُل مُتكئا فَقَالَ الاتكاء من النِّعْمَة فَاسْتَوَى قَاعِدا فَمَا رؤى بعد ذَلِك مُتكئا وَقَالَ إِنَّمَا أَنا عبد آكل كَمَا يَأْكُل العَبْد واشرب كَمَا يشرب العَبْد

قَالَ الْخطابِيّ المُرَاد بالمتكئ هُنَا الْجَالِس الْمُعْتَمد على وطأ تَحْتَهُ وَأقرهُ الْبَيْهَقِيّ وَابْن دحيه وَالْقَاضِي عِيَاض وَنسبه للمحققين وَقَالَ بَعضهم المُرَاد بِهِ المائل على جنب

 

  ٢٨-١بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الْكِتَابَة وَالشعر

قَالَ اللّه تَعَالَى {الَّذين يتبعُون الرَّسُول النَّبِي الْأُمِّي} وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا كنت تتلو من قبله من كتاب وَلَا تخطه بيمينك إِذا لارتاب المبطلون} وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا علمناه الشّعْر وَمَا يَنْبَغِي لَهُ}

وَأخرج ابْن ابي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ كَانَ أهل الْكتاب يَجدونَ فِي كتبهمْ ان مُحَمَّدًا لَا يخط بِيَمِينِهِ وَلَا يقْرَأ كتابا فَنزلت وَمَا كنت تتلو من قبله من كتاب ولاتخطه بيمينك الآيه

قَالَ الرَّافِعِيّ وَإِنَّمَا يتَّجه القَوْل بتحريمهما إِذا قُلْنَا انه كَانَ يحسنهما

وَتعقبه النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة فَقَالَ لَا يمْتَنع تحريمهما وَإِن لم يحسنهما وَتَكون المُرَاد تَحْرِيم التَّوَصُّل إِلَيْهِمَا وَالصَّوَاب أَنه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يحسنهما

ذهب بَعضهم الى خِلَافه متمسكا بِحَدِيث الْقَضِيَّة انه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كتب هَذَا مَا صَالح عَلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد اللّه وَالْجَوَاب ان المُرَاد بكتب أَمر بالكتابه

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَوْف بن عبد اللّه بن عتبَة عَن أَبِيه قَالَ مَا مَاتَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى قَرَأَ وَكتب سَنَده ضَعِيف وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ هَذَا حَدِيث مُنكر

قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْحسن الهيتمي وأظن ان مَعْنَاهُ أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لم يمت حَتَّى قَرَأَ عبد اللّه بن عتبَة وَكتب يَعْنِي أَنه كَانَ يعقل فِي زَمَانه

وَوَقع فِي اطراف أبي مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي حَدِيث الْقَضِيَّة أَنه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اخذ الْكتاب وَلَيْسَ يحسن أَن يكْتب فَكتب مَكَان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مُحَمَّدًا

وَذكر عمر بن شيبَة فِي كتاب الْكتاب لَهُ انه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كتب بِيَدِهِ يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَأَنه لم يكن يعلم الْكِتَابَة قبل ذَلِك وَأَن ذَلِك من معجزاته أَن علم الْكتاب من وقته وَقَالَ بِهَذَا القَوْل جمَاعَة من الْمُحدثين مِنْهُم أَبُو در الْهَرَوِيّ وَأَبُو الْفَتْح النَّيْسَابُورِي وَالْقَاضِي أَبُو الْوَلِيد اللَّخْمِيّ وَالْقَاضِي أَبُو جَعْفَر السمناني الأصولي

قَالَ أَبُو الْوَلِيد كَانَ من أوكد معجزاته أَنه يكْتب من غير تعلم

وَقَالَ بَعضهم كتب فِي ذَلِك الْيَوْم غير عَالم بِالْكِتَابَةِ وَلَا مُمَيّزا لحروفها لكنه أَخذ الْقَلَم بِيَدِهِ فَخط بِهِ مَا لم يميزه هُوَ فاذا هُوَ كتاب ظَاهر بَين على حسب المُرَاد

وَمِمَّا يدل على تَحْرِيم الشّعْر عَلَيْهِ مَا أخرجه أَبُو دَاوُد عَن ابْن عمر سَمِعت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا ابالي مَا أتيت إِن أَنا شربت ترياقا اَوْ تعلّقت تَمِيمَة أَو قلت الشّعْر من قبل نَفسِي

واخرج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ قَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يبنون الْمَسْجِد

(هَذَا الْحمال لَا حمال خَيْبَر ... هَذَا أبر رَبنَا وأطهر)

وَكَانَ الزُّهْرِيّ يَقُول إِنَّه لم يقل شَيْئا من الشّعْر إِلَّا قد قيل قبله الا هَذَا

وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْعَبَّاس بن مرداس أَرَأَيْت قَوْلك

(أصبح نهي وَنهب العبيد ... بَين الاقرع وعيينه)

فَقَالَ أَبُو بكر بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول اللّه مَا أَنْت بشاعر وَلَا راوية وَلَا يَنْبَغِي لَك إِنَّمَا قَالَ بَين عيينه والاقرع

قَالَ الْعلمَاء ماروي عَنهُ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من الرجز كَقَوْلِه هَل أَنْت إِلَّا إِصْبَع دميت وَغَيره مَحْمُول على أَنه لم يَقْصِدهُ وَلَا يُسمى شعرًا إِلَّا ماكان مَقْصُودا وَكَذَا وَقع فِي الْقُرْآن آيَات موزونة لانها لم تقصد

قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وكما يحرم عَلَيْهِ الْكتاب تحرم عَلَيْهِ الْقِرَاءَة فِي الْكتاب لقَوْله تَعَالَى وَمَا كنت تتلومن قبله من كتاب وَلَا تخطه بيمينك قَالَ وكما يحرم عَلَيْهِ قَول الشّعْر تحرم عَلَيْهِ رِوَايَته

قَالَ الْحَرْبِيّ وَلم يبلغنِي أَنه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أنْشد بَيْتا تَاما على رويته بل أما الصَّدْر كَقَوْل لبيد

(أَلا كل شَيْء مَا خلا اللّه بَاطِل ... ) أَو الْعَجز كَقَوْل طرفَة

(ويأتيك بالاخبار من لم تزَود ... )

فَإِن انشد بيات كَامِلا غَيره كبيت الْعَبَّاس بن مرداس

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَ مَا جمع رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بَيت شعر قطّ ۰

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم نزع لامته إِذا لبسهَا قبل ان يُقَاتل

أخرج أَحْمد وَابْن سعد عَن جَابر بن عبد اللّه أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم أحد رَأَيْت كَأَنِّي فِي درع حَصِينَة وَرَأَيْت بقرًا منحرة فأولت أَن الدرْع الْمَدِينَة

وَالْبَقر نقر فَإِن شِئْتُم اقمتم بِالْمَدِينَةِ فَإِن دخلُوا علينا قاتلناهم فِيهَا فَقَالُوا وَاللّه مَا دخلت علينا فِي الْجَاهِلِيَّة أفتدخل علينا فِي الاسلام قَالَ فشأنكم إِذن فَذَهَبُوا فَلبس رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لامته فَقَالُوا مَا صنعنَا رددنا على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم رَأْيه فَجَاءُوا فَقَالُوا شَأْنك يَا رَسُول اللّه قَالَ الْآن إِنَّه لَيْسَ لنَبِيّ إِذا لبس لامته أَن يَضَعهَا حَتَّى يُقَاتل

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الْمَنّ ليستكثر

قَالَ اللّه تَعَالَى {وَلَا تمنن تستكثر}

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ لاتعط عَطِيَّة تلتمس بهَا أفضل مِنْهَا

وَأجْمع الْمُفَسِّرُونَ على أَن ذَلِك خَاص بِهِ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا آتيتم من رَبًّا} الْآيَة قَالَ هَذَا هُوَ الرِّبَا الْحَلَال يهدي الشَّيْء ليثاب أفضل مِنْهُ ذَلِك لاله وَلَا عَلَيْهِ وَنهى عَنهُ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم مد الْعين الى مَا متع بِهِ النَّاس

قَالَ تَعَالَى {وَلَا تَمُدَّن عَيْنَيْك إِلَى مَا متعنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُم} الْآيَة وَهَذَا الحكم نَقله الرَّافِعِيّ عَن صَاحب الايضاح وَجزم النَّوَوِيّ فِي أصل الروضه وَابْن القَاضِي فِي التَّلْخِيص

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الصَّلَاة على من عَلَيْهِ دين

كَانَ ذَلِك أول الاسلام ثمَّ نسخ لما حصل التَّوَسُّع وَتقدم حَدِيثه فِي قسم الْوَاجِبَات

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم امساك كارهته

أخراج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة أَن ابْنة الجون لما دخلت على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وردنا مِنْهَا قَالَت أعوذ بِاللّه مِنْك فَقَالَ لقد عذت بعظيم إلحقي بأهلك

قَالَ ابْن الملقن فِي خَصَائِصه وَفهم من ذَلِك أَنه يحرم عَلَيْهِ نِكَاح كل امْرَأَة كرهت صحبته قَالَ وَيشْهد لذَلِك إِيجَاب التَّخْيِير الْمُتَقَدّم

وَأخرج ابْن سعد عَن مُجَاهِد قَالَ كَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِذا خطب فَرد لم يعد فَخَطب امْرَأَة فَقَالَ استأمر أبي فَلَقِيت أَبَاهَا فَأذن لَهَا فَلَقِيت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت لَهُ فَقَالَ قد التحفنا لحافا غَيْرك

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم نِكَاح الْكِتَابِيَّة

أخرج ابو دَاوُد فِي ناسخه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} قَالَ نسَاء أهل الْكتاب

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى لَا تحل لَك النِّسَاء من بعد قَالَ يهوديات وَلَا نصرانياه لَا يَنْبَغِي أَن يكن أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ قَالَ

الْأَصْحَاب لَان ازواجه أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وزوجات لَهُ فِي الآخر مَعَه فِي دَرَجَته فِي الْجنَّة ولانه أشرف من أَن يضع مَاءَهُ فِي رحم كَافِرَة ولانها تكره صحبته ولان اللّه تَعَالَى شَرط فِي اباحة النِّسَاء لَهُ الْهِجْرَة فَقَالَ {اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك} فَإِذا حرم عَلَيْهِ الْمسلمَة الَّتِي لم تهَاجر فَغير الْمسلمَة أولى

قَالَ أَبُو اسحاق من اصحابنا وَلَو نكح كِتَابِيَّة لهديت إِلَى الاسلام كَرَامَة لَهُ وَذهب بعض أَصْحَابنَا إِلَى تَحْرِيم تسريه بالأمة الْكِتَابِيَّة أَيْضا لَكِن الْأَصَح فِيهَا الْحل

قَالَ الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي وَقد استمتع صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بأمته رَيْحَانَة قبل أَن تسلم وعَلى هَذَا فَهَل عَلَيْهِ تخييرها بَين أَن تسلم فيمسكها أَو تقيم على دينهَا فيفارقها فِيهِ وَجْهَان

أَحدهمَا نعم لتَكون من زَوْجَاته فِي الْآخِرَة وَالثَّانِي لَا لانه لما عرض على ريحانه الاسلام فَأَبت لم يزلها عَن ملكه وَأقَام على الِاسْتِمْتَاع

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم نِكَاح الْمسلمَة الَّتِي لم تهَاجر

أخرج التزمذي وَحسنه وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نهى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عَن اصناف النِّسَاء إِلَّا ماكان من الْمُؤْمِنَات الْمُهَاجِرَات قَالَ تَعَالَى {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج وَلَو أعْجبك حسنهنَّ إِلَّا مَا ملكت يَمِينك} فأحل لَهُ الفتيات الْمُؤْمِنَات وَامْرَأَة مؤمنه إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي وَحرم كل ذَات دين غير الأسلام وَقَالَ تَعَالَى (يَا ايها النَّبِي إِنَّا احللنا لَك أَزوَاجك) الى قَوْله تَعَالَى {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} وَحرم مَا سوى ذَلِك من اصناف النِّسَاء

بَاب تَحْرِيمه نِكَاح الأمه الْمسلمَة

وَمن خَصَائِصه تَحْرِيم نِكَاح الْمسلمَة فِي الْأَصَح لِأَن جَوَازه مَشْرُوط بخوف الْعَنَت وَهُوَ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَعْصُوم وبفقدان طول الْحرَّة ونكاحه غير مفتقر إِلَى الْمهْر وَلِأَن من نكح أمة كَانَ وَلَده مِنْهَا رَقِيقا ومنصبه منزه عَن ذَلِك

وَقَالَ الرَّافِعِيّ لَكِن من جوز ذَلِك قَالَ خوف الْعَنَت إِنَّمَا يشْتَرط فِي حق الأمه وَكَذَا فقد الطول وعَلى هَذَا يجوز لَهُ الزِّيَادَة على أمة وَاحِدَة بِخِلَاف الْأمة وَلَو قدر نِكَاحه أمة فَأَتَت بِولد لم يكن رَقِيقا وَلَا يلْزمه قيمَة الْوَلَد لسَيِّدهَا على الصَّحِيح لَان الرّقّ مُتَعَذر

قَالَ الامام وَلَو قدر نِكَاح غرور فِي حَقه عَلَيْهِ السَّلَام وَلم يلْزمه قيمَة الْوَلَد

قَالَ ابْن الرّفْعَة فِي الْمطلب وَفِي إِمْكَان تصور نِكَاح الْغرُور ووطئة فِيهِ نظر إِذا قُلْنَا أَن وطي الشُّبْهَة حرَام مَعَ كَونه لَا إِثْم فِيهِ فَيجوز أَن يصان جَانِبه الْعلي عَن ذَلِك وَيجوز أَن يُقَال بِجَوَازِهِ لَان الاثم مَفْقُود بِإِجْمَاع كالنسيان

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم خَائِنَة الْأَعْين

أخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعد بن أبي وَقاص أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْفَتْح أَمن النَّاس إِلَّا أَرْبَعَة نفر مِنْهُم عبد اللّه بن أبي سرح فَاخْتَبَأَ عِنْد عُثْمَان بن عَفَّان فَلَمَّا دَعَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم النَّاس إِلَى الْبيعَة جَاءَ بِهِ فَقَالَ يَا رَسُول اللّه بَايع عبد اللّه فَرفع رَأسه فَنظر إِلَيْهِ ثَلَاثًا كل ذَلِك يأبي فَبَايعهُ بعد ثَلَاث ثمَّ أقبل على أَصْحَابه فَقَالَ أما فِيكُم رجل رشيد يقوم إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْت يَدي عَن بيعَته ليَقْتُلهُ قَالُوا مَا يُدْرِينَا يَا رَسُول اللّه مَا فِي نَفسك هلا أَوْمَأت بِعَيْنِك قَالَ انه لَا يَنْبَغِي أَن تكون لنَبِيّ خَائِنَة الْأَعْين

وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن الْمسيب مُرْسلا نَحوه وَآخره فَقَالَ الايماء خيانه لَيْسَ لنَبِيّ ان يومي

قَالَ الرَّافِعِيّ خَائِنَة الاعين هِيَ الايماء إِلَى مُبَاح من قبل أَو ضرب على خلاف مَا يظْهر ويشعر بِهِ الْحَال وَلَا يحرم ذَلِك على غَيره الا فِي مَحْظُور

وَاسْتدلَّ بِهِ صَاحب التَّلْخِيص على أَنه لم يكن لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَن يخدع فِي الْحَرْب وَخَالفهُ الْمُعظم

قَالَ الرَّافِعِيّ لِأَنَّهُ اشْتهر أَنه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَرَادَ سفر أَو ري بِغَيْرِهِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث كَعْب بن مَالك وَالْفرق أَن الرَّمْز يزري بالرامز بِخِلَاف الايهام فِي الامور الْعِظَام

قلت وَقد أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لأبي بكر فِي مدخله الْمَدِينَة ايه النَّاس عني فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لنَبِيّ ان يكذب فَكَانَ أَبُو بكر إِذا سُئِلَ مَا أَنْت قَالَ باغي فَإِذا قتل من الَّذِي مَعَك قَالَ هاد يهديني وَهَذَا يدل على أَن التورية فِي الْأُمُور الْخَاصَّة لَا تلِيق أَيْضا بالأنبياء فان الَّذِي قَالَه أَبُو بكر لم يكن كذبا وَإِنَّمَا هُوَ تورية وَمرَاده يهديني سَبِيل الْخَيْر وَلكنه سمي كذبا لما كَانَ بصورته وَبِهَذَا يَتَّضِح حَدِيث قَول ابراهيم علية الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي الشَّفَاعَة إِنِّي كذبت ثَلَاث كذبات وَإِنَّمَا هن توريات فَالظَّاهِر أَن من خَصَائِص الانبياء الْمَنْع من ذَلِك فَلذَلِك عدهن على نَفسه

بَاب تَحْرِيم الاغارة إِذا سمع التَّكْبِير

عد ابْن سبع من خَصَائِص تَحْرِيم الاغارة إِذا سمع التَّكْبِير ويستدل لَهُ بِمَا اخرجه الشَّيْخَانِ عَن أنس أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ اذا غزا قوما لم يكن يَغْزُو بِنَا حَتَّى يصبح وَينظر فان سمع أذانا كف عَنْهُم وان لم يسمع اذانا اغار عَلَيْهِم

بَاب تَحْرِيمه قبُول الاستعانه الْمُشْركين

وَمن خَصَائِصه فِيمَا ذكر الْقُضَاعِي انه كَانَ يحرم عَلَيْهِ قبُول الِاسْتِعَانَة بالمشركين

أخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن حبيب بن يسَاف قَالَ خرج النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَجها فَأَتَيْته أَنا وَرجل من قومِي قُلْنَا انا نكره أَن يشْهد قَومنَا مشهدا لَا نشهده مَعَهم فَقَالَ اسلمتما قُلْنَا لَا قَالَ لَا فَإنَّا لَا نستعين بالمشركين على الْمُشْركين

بَاب إِنَّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَا يشْهد على جور

وعد الْقُضَاعِي من خَصَائِصه أَنه لَا يشْهد على جور

أخرج الشَّيْخَانِ عَن النُّعْمَان بن بشير وبيض لَهُ الْمُؤلف

 

  ٢٨-٢ قسم الْمُبَاحَات

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِإِبَاحَة الصَّلَاة بعد الْعَصْر

قَالَ فِي الرَّوْضَة فَاتَهُ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَانِ بعد الظّهْر فقضاهما بعد الْعَصْر ثمَّ واظب عَلَيْهِمَا بعد الْعَصْر وَفِي اخْتِصَاصه بِهَذِهِ المداومة وَجْهَان أصَحهمَا الِاخْتِصَاص

أخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سَلمَة أَنه سَأَلَ عَائِشَة عَن السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّيهمَا بعد الْعَصْر فَقَالَت كَانَ يُصَلِّيهمَا قبل الْعَصْر ثمَّ أَنه شغل عَنْهُمَا فصلاهما بعد الْعَصْر ثمَّ اثبتهما وَكَانَ اذا صلى صَلَاة أثبتها

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان بِسَنَد صَحِيح عَن أم سَلمَة قَالَت صلى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْعَصْر ثمَّ دخل بَيْتِي فصلى رَكْعَتَيْنِ فَقلت يَا رَسُول اللّه صليت صَلَاة لم تكن تصليها قَالَ قدم خَالِد فشغلني عَن رَكْعَتَيْنِ كنت أركعهما بعد الظّهْر فصليتهما الْآن قلت يَا رَسُول اللّه افنقضيهما إِذا فاتتنا قَالَ لَا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة أَن رَسُول اللّه كَانَ يُصَلِّي بعد الْعَصْر وَيُنْهِي عَنْهَا ويواصل وَيُنْهِي عَن الْوِصَال

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَت رَكْعَتَانِ لم يكن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يدعهما سرا وَلَا عَلَانيَة رَكْعَتَانِ قبل الصُّبْح وركعتان بعد الْعَصْر

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِحمْل الصَّغِير فِي الصَّلَاة فِيمَا ذكر بَعضهم

أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي قَتَادَة أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم صلى وَهُوَ حَامِل أُمَامَة بنت زَيْنَب بنت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فاذا سجد وَضعهَا واذا قَامَ حملهَا

قَالَ بَعضهم هَذَا من خصائصة صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نَقله ابْن حجر فِي شرح البُخَارِيّ

بَاب صلَاته على الْغَائِب

ذهب أَبُو حنيفَة إِلَى أَن الصَّلَاة على الْغَائِب من خَصَائِصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَحمل على ذَلِك صلَاته على النَّجَاشِيّ وَقَالَ أَنه لَا يجوز لغيره

بَاب صلَاته بِالنَّاسِ جَالِسا

وَقَالَت طَائِفَة من خَصَائِصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَنه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم صلى بِالنَّاسِ جَالِسا كَمَا فِي حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ وَنهى عَن ذَلِك

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن من طَرِيق جَابر الْجعْفِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَا يُؤمن أحد بعدِي جَالِسا

قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لم يروه غير جَابر الْجعْفِيّ وَهُوَ مَتْرُوك والْحَدِيث مُرْسل لَا تقوم بِهِ حجَّة

وَقَالَ الشَّافِعِي قد علم الَّذِي احْتج بِهَذَا أَن لَيست فِيهِ حجَّة لِأَنَّهُ مُرْسل وَلِأَنَّهُ عَن رجل يرغب النَّاس عَن الرِّوَايَة عَنهُ

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِإِبَاحَة الْوِصَال

أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إيَّاكُمْ والوصال قَالُوا فانك تواصل يَا رَسُول اللّه قَالَ اني لست مثلكُمْ إِنِّي أَبيت يطعمني رَبِّي ويسقيني

أختلف فِي معنى هَذَا الحَدِيث فَقيل المُرَاد الْحَقِيقَة وَأَنه يَأْتِيهِ الطَّعَام وَالشرَاب من الْجنَّة وَأكل الْجنَّة لَا يفْطر وَقيل الْمجَاز وَالْمرَاد أَنه يَجْعَل فِيهِ قُوَّة الطاعم والشارب ثمَّ الْجُمْهُور على أَن الْوِصَال فِي حَقه من الْمُبَاحَات

وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ هُوَ قربَة فِي حَقه وَهَهُنَا لَطِيفَة نبه عَلَيْهَا صَاحب الْمطلب وَهُوَ أَن خصوصيته باباحة الْوِصَال على كل أمته لَا عَليّ أحد أفرادها لَان كثيرا من الصلحاء اشْتهر عَنْهُم الْوِصَال قَالَ وَالنَّهْي توجه بِحَسب الْمَجْمُوع انتهي

فَائِدَة

قَالَ ابْن حبَان فِي صَحِيحه يسْتَدلّ بِهَذَا الحَدِيث على بطلَان مَا ورد أَنه كَانَ يضع الْحجر على بَطْنه من الْجُوع لِأَنَّهُ كَانَ يطعم ويسقي من ربه إِذا وَاصل فَكيف يتْرك جائعا مَعَ عدم الْوِصَال حَتَّى يحْتَاج إِلَى شدّ حجر على بَطْنه قَالَ وانما لفظ الحَدِيث الحجز بالزاي وَهُوَ طرف الازار فتصحف بالراء

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَن لَهُ ان يَسْتَثْنِي فِي كَلَامه بعد زمَان مُنْفَصِلا

قَالَ تَعَالَى وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غداإذا إِلَّا أَن يَشَاء اللّه وَاذْكُر بك إِذا نسيت

أخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن ابي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ إِذا نسيت الِاسْتِثْنَاء فَاسْتَثْنِ إِذا ذكرت وَقَالَ هِيَ خَاصَّة برَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ لأحد منا ان يَسْتَثْنِي الا فِي صلَة من يَمِينه

بَاب لَهُ الْجمع فِي الضَّمِير بَينه وَبَين ربه

وَمن خَصَائِصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَمَا قَالَ الشَّيْخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام وَغَيره ان لَهُ الْجمع فِي الضَّمِير بَينه وَبَين ربه سُبْحَانَهُ لقَوْله ان يكون اللّه وَرَسُوله احب اليه مِمَّا سواهُمَا وَقَوله وَمن يعصهما فانه لَا يضر إِلَّا نَفسه وَذَلِكَ مُمْتَنع على غَيره لقَوْله للخطيب حِين قَالَ من يطع اللّه وَرَسُوله فقد رشد وَمن يعصهما فقد غوي بئس الْخَطِيب أَنْت قل {وَمن يعْص اللّه وَرَسُوله} قَالُوا إِنَّمَا امْتنع من غَيره دونه لِأَن غَيره إِذا جمع أوهم إِطْلَاقه التَّسْوِيَة بِخِلَافِهِ هُوَ فَإِن منصبه يتَطَرَّق إِلَيْهِ ايهام ذَلِك

بَاب لَا تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة

وَمن خَصَائِصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم انه لَا تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة

قَالَ الشَّيْخ تَاج الدّين بن عَطاء اللّه شيخ الصُّوفِيَّة على طَرِيق الشاذلية فِي كِتَابه التَّنْوِير الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام لَا تجب عَلَيْهِم الزَّكَاة لأَنهم لَا ملك لَهُم مَعَ اللّه إِنَّمَا كَانُوا يشْهدُونَ مَا فِي أنفسهم من ودائع اللّه لَهُم يبذلونه فِي أَوَان بذله ويمنعونه فِي غير مَحَله ولان الزَّكَاة إِنَّمَا هِيَ طهرة لما عساه ان يكون مِمَّن أوجبت عَلَيْهِ والأنبياء مبرأون من الدنس لعصمتهم

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بأَرْبعَة أَخْمَاس الْفَيْء وَخمْس خمس الْفَيْء وَالْغنيمَة وباصطفاه مَا يختاره من الْغَنِيمَة قبل الْقِسْمَة من جَارِيَة وَغَيرهَا

قَالَ اللّه تَعَالَى {مَا أَفَاء اللّه على رَسُوله من أهل الْقرى فَللّه وَلِلرَّسُولِ} وَقَالَ تَعَالَى وَاعْلَمُوا إِنَّمَا غَنِمْتُم من شَيْء فَإِن اللّه خَمْسَة وَلِلرَّسُولِ

أخرج احْمَد والشيخان عَن عمر قَالَ إِن اللّه كَانَ خص رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الْفَيْء بِشَيْء لم يُعْطه احدا غَيره فَقَالَ مَا أَفَاء اللّه على رَسُوله مِنْهُم فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب وَلَكِن اللّه يُسَلط رسله على من يَشَاء وَاللّه على كل شَيْء قدير فَكَانَت هَذِه خَاصَّة لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ ينْفق على أَهله نَفَقَة سنتهمْ ثمَّ يَأْخُذ مَا بَقِي فَيَجْعَلهُ مجعل مَال اللّه فَعمل بذلك حَيَاته ثمَّ توفّي فَقَالَ ابو بكر انا ولي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَعمل فِيهِ بِمَا عمل فِيهِ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج ابو دَاوُد وَالْحَاكِم عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل لي من غنائمكم مثل هَذَا إِلَّا الْخمس وَالْخمس مَرْدُود فِيكُم

وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عمر بن الحكم قَالَ لما سبيت بَنو قُرَيْظَة عرض السَّبي على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَت فِيهِ رَيْحَانَة بنت زيد بن عَمْرو فَأمر بهَا فعزلت وَكَانَ يكون لَهُ صفي من كل غنيمَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن يزِيد بن الشخير عَن رجل من الصحابه من أهل الْبَادِيَة ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كتب لَهُ فِي قِطْعَة أَدِيم من مُحَمَّد رَسُول اللّه الى بني زُهَيْر بن أَقيس انكم إِن شهدتم ان لَا إِلَه إِلَّا اللّه وان مُحَمَّد رَسُول اللّه وأقمتم الصَّلَاة واتيتم الزَّكَاة وأديتم الْخمس من الْمغنم وَسَهْم النَّبِي وَسَهْم الصفي انتم آمنون بِأَمَان اللّه وَرَسُوله

قَالَ ابْن عبد الْبر سهم الصفي مَشْهُور فِي صَحِيح الْآثَار مَعْرُوف عِنْد أهل الْعلم وَلَا يخْتَلف اهل السّير فِي ان صَفِيَّة مِنْهُ وَأجْمع الْعلمَاء على انه خَاص بِهِ وَذكر الرَّافِعِيّ ان ذَا الفقار كَانَ من الصفي

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بالحمى لنَفسِهِ وانه لَا ينْقض مَا حماه

أخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن الصعب بن جثامة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَا حمى إِلَّا للّه وَلِرَسُولِهِ

قَالَ الاصحاب من خَصَائِصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ان لَهُ ان يحمي الْموَات لنَفسِهِ وَلَا يجوز ذَلِك لسَائِر الْأَئِمَّة قطعا وَإِنَّمَا يجوز لَهُم الْحمى للْمُسلمين وَقيل لَا يجوز أَيْضا وعَلى الْجَوَاز يحوز نقضه لمن بعده وَمَا حماه النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَا ينْقض وَلَا يُغَيِّرهُ بِحَال وَكَانَ يحمي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِقطع الْأَرَاضِي قبل فتحهَا لِأَن اللّه تَعَالَى ملكه إِيَّاهَا يفعل فِيهَا مَا يَشَاء وَقد اقْطَعْ تَمِيم الدَّارِيّ وَذريته قَرْيَة بِبَيْت الْمُقَدّس قبل فَتحه وَهِي فِي يَد ذُريَّته إِلَى الْيَوْم وَأَرَادَ بعض الْوُلَاة التشويش عَلَيْهِم فَأفْتى الْغَزالِيّ بِكُفْرِهِ قَالَ لِأَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقطع أَرض الْجنَّة فأرض الدُّنْيَا أولى

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِإِبَاحَة الْقِتَال بِمَكَّة وَالْقَتْل بهَا ودخولها بِغَيْر احرام وَالْقَتْل بعد الامان

قَالَ تَعَالَى {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد}

أخرج الشَّيْخَانِ عَن انس ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم دخل مَكَّة عَام الْفَتْح وعَلى رَأسه المغفر فَلَمَّا نَزعه جَاءَهُ رجل فَقَالَ ان ابْن خطل مُتَعَلق باستار الْكَعْبَة فَقَالَ اقْتُلُوهُ

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي شيح الْعَدوي قَالَ سَمِعت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يَوْم الْفَتْح ان مَكَّة حرمهَا اللّه وَلم يحرمها النَّاس فَلَا يحل لامريء يُؤمن بِاللّه وَالْيَوْم الاخر ان يسفك بهَا دَمًا وَلَا يعضد بهَا شَجَرَة فان اُحْدُ ترخص بِقِتَال رَسُول اللّه فَقولُوا ان اللّه أذن لرَسُوله وَلم يَأْذَن لكم

وَأخرج مُسلم عَن جَابر بن عبد اللّه ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم دخل يَوْم فتح مكه وَعَلِيهِ عِمَامَة سَوْدَاء بِغَيْر إِحْرَام

قَالَ ابْن الْقَاص وَكَانَ يجوز لَهُ الْقَتْل بعد الْأمان قَالَ الرَّافِعِيّ وَخَطأَهُ فِيهِ وَقَالُوا من تحرم عَلَيْهِ خَائِنَة الْأَعْين كَيفَ يجوز لَهُ قتل من أَمنه

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِالْقضَاءِ بِعِلْمِهِ ولنفسه وَولده وَقبُول شَهَادَة من يشْهد لَهُ ولولده وَالشَّهَادَة لنَفسِهِ ولولده وقبوله للّهدية بِخِلَاف غَيره من الْحُكَّام

أورد الْبَيْهَقِيّ فِي الْقَضَاء بِالْعلمِ حَدِيث هِنْد زوج أبي سُفْيَان وَقَوله لَهَا خذي من مَاله بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيك وَيَكْفِي بنيك وَأورد فِي الحكم لنَفسِهِ وَقبُول شَهَادَة من يشْهد لَهُ حَدِيث شَهَادَة خُزَيْمَة الْآتِي قَالَ وَإِذا جَازَ ذَلِك جَازَ ان يحكم لوَلَده وَتقدم حَدِيث قبُول الْهَدِيَّة

 

  ٢٨-٣بَاب لَا يخَاف عَلَيْهِ من الْغَضَب

وَمن خَصَائِصه انه كَانَ لَا يكره لَهُ الحكم وَالْفَتْوَى فِي حَال الْغَضَب لِأَنَّهُ لَا يخَاف عَلَيْهِ من الْغَضَب مَا يخَاف علينا

ذكره النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم عِنْد حَدِيث اللّقطَة فَإِنَّهُ افتى فِيهِ وَقد غضب حَتَّى احْمَرَّتْ وجنتاه

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز القبله وَهُوَ صَائِم مَعَ قُوَّة شَهْوَته وَذَلِكَ حرَام على غَيره

أخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يقبل وَهُوَ صَائِم وايكم يملك اربه كَمَا كَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يملك اربه

وَأخرج مُسلم وَابْن ماجة عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يُبَاشر وَهُوَ صَائِم وَكَانَ أملككم لإربه

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقبلهَا وَهُوَ صَائِم ويمص لسانها

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز اسْتِمْرَار الطّيب بعد الاحرام فِيمَا ذكره الْمَالِكِيَّة

أخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَ كَأَنِّي انْظُر الى وبيص الطّيب فِي مفارق النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محرم

قَالَ الْمَالِكِيَّة اسْتِدَامَة الطّيب بعد الاحرام من خصائصة لِأَنَّهُ من دواعي النِّكَاح فنهي النَّاس عَنهُ وَكَانَ هُوَ أملك النَّاس لاربه فَفعله وَلِأَنَّهُ حبب إِلَيْهِ فَرخص لَهُ فِيهِ ولمباشرته الْمَلَائِكَة لأجل الْوَحْي

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز الْمكْث فِي الْمَسْجِد جنبا وَبعد انْتِقَاض وضوئِهِ بِالنَّوْمِ مُضْطَجعا وباللمس فِي اُحْدُ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الْأَصَح عِنْدِي

أخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لعَلي لَا يحل لَاحَدَّ يجنب فِي هَذَا الْمَسْجِد غير وَغَيْرك

وَأخرج الْبَزَّار عَن سعد قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لعَلي لَا يحل لأحد ان يجبنب فِي هَذَا الْمَسْجِد غَيْرِي وَغَيْرك

وَأخرج ابو يعلي عَن عمر بن الْخطاب قَالَ لقد أعْطى عَليّ ثَلَاث خِصَال لِأَن تكون لي خصْلَة مِنْهَا أحب إِلَيّ من أَن أعْطى حمر النعم تَزْوِيجه فَاطِمَة وسكناه الْمَسْجِد مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل لي فِيهِ مَا يحل لَهُ والراية يَوْم خَيْبَر

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أم سَلمَة قَالَت قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل هَذَا الْمَسْجِد لجنب وَلَا حَائِض الا لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَعلي وَفَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن

وَأخرج الزبير بن بكار فِي اخبار الْمَدِينَة عَن أبي حَازِم الْأَشْجَعِيّ قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِن اللّه امْر مُوسَى ان يَبْنِي مَسْجِدا طَاهِرا لَا يسكنهُ إِلَّا هُوَ وَهَارُون وَأَن اللّه أَمرنِي أَن ابْني مَسْجِدا طَاهِرا لَا يسكنهُ إِلَّا أَنا وَعلي وابنا عَليّ

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لعَلي انه يحل لَك فِي الْمَسْجِد مَا يحل لي

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أم سَلمَة ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنِّي لَا أحل الْمَسْجِد لجنب وَلَا لحائض الا لمُحَمد وأزواجه وَعلي وَفَاطِمَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنِّي لَا أحل الْمَسْجِد لحائض وَلَا جَنْبي إِلَّا لمُحَمد وَآل مُحَمَّد واخراج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ بِاللَّيْلِ وَصلى ثمَّ نَام حَتَّى سَمِعت غَطِيطه ثمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذّن فَقَامَ الى الصَّلَاة وَلم يتَوَضَّأ

وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن مَسْعُود ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينَام وَهُوَ ساجد ثمَّ يقوم فيمضي فِي صلَاته

وَأخرج ابْن ماجة وَأَبُو يعلى عَن ابْن مَسْعُود قَالَ كَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ينَام مُسْتَلْقِيا حَتَّى ينْفخ ثمَّ يقوم فَيصَلي وَلَا يتَوَضَّأ وَعلة ذَلِك انه تنام عينه وَلَا ينَام قلبه

وَأخرج ابْن ماجة عَن عَائِشَة ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قبل بعض نِسَائِهِ ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ وَفِي لفظ لَهُ عَنْهَا كَانَ يتَوَضَّأ ثمَّ يقبل وَيُصلي وَلَا يتَوَضَّأ قَالَ عبد الْحق لَا اعْلَم بِهَذَا الحَدِيث عِلّة توجب تَركه

وَأخرج النَّسَائِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة قَالَت ان كَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ليُصَلِّي وَإِنِّي لمعترضة بَين يدية اعْتِرَاض الْجِنَازَة حَتَّى إِذا أَرَادَ ان يُوتر نبهني بِرجلِهِ

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز لعن من شَاءَ بِغَيْر سَبَب قَالَه ابْن الْقَاص وامام الْحَرَمَيْنِ وَمَا فِيهِ من الْفَوَائِد

أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اللّهمَّ إِنِّي اتخذ عنْدك عهدا لَا تخلفنيه فَإِنَّمَا انا بشر فَأَي الْمُؤمنِينَ آذيته اَوْ سببته اَوْ لعنته أَو جلدته فاجعلها ذَلِك لَهُ زَكَاة وَصَلَاة وقربة تقربه بهَا إِلَيْك يَوْم القيامه

وَأخرج احْمَد بِسَنَد صَحِيح عَن انس ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم دفع إِلَى حَفْصَة رجلا وَقَالَ احْتَفِظِي بِهِ فغفلت عَنهُ وَمضى فَقَالَ لَهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قطع اللّه يدك فَفَزِعت فَقَالَت إِنِّي سَأَلت رَبِّي تبَارك وَتَعَالَى أَيّمَا إِنْسَان من أمتِي دَعَوْت اللّه عَلَيْهِ أَن يَجْعَلهَا لَهُ مغْفرَة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن مُعَاوِيه سَمِعت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اللّهمَّ من لعنت فِي الْجَاهِلِيَّة ثمَّ دخل فِي الاسلام فَاجْعَلْ ذَلِك قربَة لَهُ إِلَيْك

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بقهر من شَاءَ على طَعَامه وَشَرَابه وعَلى الْمَالِك الْبَذْل وان كَانَ مُحْتَاجا ويفدى بمهجته مهجة رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ اللّه تَعَالَى {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم}

وَذكر جمَاعَة أَنه لَو قَصده ظَالِم وَجب على من حَضَره ان يبْذل نَفسه دونه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَمَا وَقَاه طلحه بِنَفسِهِ يَوْم أحد وَلَو رغب فِي نِكَاح امْرَأَة فَإِن كَانَت

خلية وَجب عَلَيْهَا الاجابة وَحرم إِلَى غَيره خطبتها وَإِن كَانَت ذَات زوج وَجب على زَوجهَا طالقها لينكحها لِلْآيَةِ السابقه وَلقَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اسْتجِيبُوا للّه وَلِلرَّسُولِ}

كَذَا اسْتدلَّ بهَا الْمَاوَرْدِيّ وَاسْتدلَّ الْغَزالِيّ لوُجُوب التَّطْلِيق بِقصَّة زيد قَالَ وَلَعَلَّ السِّرّ فِيهِ من جَانب الزَّوْج امتحان ايمانه بتكليفه النُّزُول عَن أَهله فَإِن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يُؤمن احدكم حَتَّى أكون اجب إِلَيْهِ من اهله وَولده وَالنَّاس اجمعين وَمن جَانِبه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ابتلاؤه بالبلية البشرية وَمنعه من خَائِنَة الْأَعْين وَمن الاضمار الَّذِي يُخَالف الأظهار

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِنِكَاح اكثر من أَربع نسْوَة وَهُوَ إِجْمَاع

أخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله تَعَالَى {مَا كَانَ على النَّبِي من حرج فِيمَا فرض اللّه لَهُ سنة اللّه فِي الَّذين خلوا من قبل} قَالَ يَعْنِي يتَزَوَّج من النِّسَاء مَا شَاءَ هَذَا فَرِيضَة وَكَانَ من كَانَ من الْأَنْبِيَاء هَذَا سنتهمْ قد كَانَ لسلمان بن دَاوُد ألف أمْرَأَة وَكَانَ لداود مائَة امراء

وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه فِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} إِلَى قَوْله تَعَالَى {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} فأحل لَهُ مَعَ أَزوَاجه وَكن ذَوَات عدد من لَيْسَ لَهُ بِزَوْج يَوْم احل لَهُ من بَنَات عَمه وَبَنَات عماته وَبَنَات خَاله وَبَنَات خالاته

قَالَ الْعلمَاء لما كَانَ الْحر لفضله على العَبْد يستبيح من النسْوَة اكثر مِمَّا يستبيحه العَبْد وَجب ان يكون النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لفضله على جَمِيع الأمه يستبيح من النِّسَاء أَكثر مَا تستبيحه الأمه

وَحكى الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِيره انه أحل لنبينا صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تسع وَتسْعُونَ إمرأة وَذكر فِي ذَلِك فَوَائِد

مِنْهَا نقل محاسنه الْبَاطِنَة فَإِنَّهُ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مكمل الظَّاهِر وَالْبَاطِن

وَمِنْهَا نقل الشَّرِيعَة الَّتِي لم يطلع عَلَيْهَا الرِّجَال

وَمِنْهَا تشريف الْقَبَائِل بمصاهرته

وَمِنْهَا شرح صَدره بكثرتهن عَمَّا يقاسيه من اعدائه

وَمِنْهَا زِيَادَة التَّكْلِيف فِي الْقيام بِهن مَعَ تحمل اعباء الرسَالَة فَيكون ذَلِك أعظم لمشاقه وَأكْثر لاجره

وَمِنْهَا ان النِّكَاح فِي حَقه عبَادَة قَالُوا وَقد تزوج أم حَبِيبَة وأبوها فِي ذَلِك الْوَقْت عدوه وَصفِيَّة وَقد قتل اباه وعمها وَزوجهَا فَلَو لم يطلعن من بَاطِن احواله على ان اكمل الْخلق لكَانَتْ الطباع البشرية تفتضي ميلهن إِلَى آبائهن وقرابتهن وَكَانَ فِي كَثْرَة النِّسَاء عِنْده بَيَان لمعجزاته وكماله بَاطِنا كَمَا عرفه الرِّجَال مِنْهُ ظَاهرا صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز النِّكَاح بِغَيْر ولي وشهود

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سعيد قَالَ لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشهود وَمهر إِلَّا مَا كَانَ للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

وَأورد الْبَيْهَقِيّ أَيْضا مَا اخرجه مُسلم عَن أنس أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حِين بني بصفية قَالَ النَّاس لَا نَدْرِي أَتَزَوَّجهَا ام اتخذها ام ولد فَقَالُوا ان حجبها فَهِيَ امْرَأَته وَإِن لم يحجبها فَهِيَ أم ولد فَلَمَّا أَرَادَ ان يركب حجبها فعرفوا أَنه قد تزَوجهَا وَوجه الدّلَالَة مِنْهُ ظَاهِرَة كَمَا ترى

قَالَ الْعلمَاء إِنَّمَا اعْتبر الْوَلِيّ فِي نِكَاح الْأمة للمحافظة على الْكَفَاءَة وَهُوَ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَوق الأكفاة وَإِنَّمَا اعْتبر الشُّهُود لَا من الْجُحُود وَهُوَ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَا يجْحَد وَلَو جحدت هِيَ لم يرجع إِلَى قَوْلهَا على خلاف قَوْله بل قَالَ الْعِرَاقِيّ فِي شرح الْمُهَذّب تكون كَافِرَة بتكذيبه وَكَانَ لَهُ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تَزْوِيج الأمرأة من نَفسه وتولي الطَّرفَيْنِ بِغَيْر إِذْنهَا وَإِذن وَليهَا لقَوْله تَعَالَى (النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم)

بَاب الْمَرْأَة تحل لَهُ بِغَيْر عقد

وَمن خَصَائِصه أَن الْمَرْأَة كَانَت تحل لَهُ بتحليل اللّه تَعَالَى فَيدْخل عَلَيْهَا بِغَيْر عقد

قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَإِذا جَازَ بذلك جَازَ أَن يعْقد على الْمَرْأَة بِغَيْر استئمارها

قَالَ تَعَالَى {فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطرا زَوَّجْنَاكهَا}

وَأخرج البُخَارِيّ عَن انس قَالَ كَانَت زَيْنَب تفتخر على أَزوَاج رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تَقول زوجكن أهاليكن وزوجني اللّه من فَوق سبع سموات

وَأخرج مُسلم عَن انس قَالَ لما انْقَضتْ عدَّة زَيْنَب قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لزيد اذْهَبْ فاذكرها عَليّ فَذهب فاخبرها فَقَالَ مَا أَنا بِصَانِعَةٍ شَيْئا حَتَّى أوَامِر رَبِّي فَقَامَتْ الى مَسْجِدهَا وَنزل الْقرَان وَجَاء رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى دخل عَلَيْهَا بِغَيْر إِذن

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن على بن الْحُسَيْن فِي قَوْله تَعَالَى {وتخفي فِي نَفسك مَا اللّه مبديه}

قَالَ كَانَ اللّه أعلمهُ أَن زَيْنَب سَتَكُون من ازواجه قبل أَن يَتَزَوَّجهَا فَلَمَّا أَتَاهُ زيد يشكوها إِلَيْهِ قَالَ اتَّقِ اللّه وامسك عَلَيْهِ زَوجك فَقَالَ لَهُ قد أَخْبَرتك اني مزوجكها وتخفي فِي نَفسك مَا اللّه مبدية

وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن أم سَلمَة عَن زَيْنَب أَنَّهَا قَالَت إِنِّي وَاللّه مَا أَنا كَأحد من نسَاء رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إنَّهُنَّ زوجن بالمهور وزوجهن الْأَوْلِيَاء وزوجني اللّه رَسُوله وَانْزِلْ فِي الْكتاب يَقْرَؤُهُ الْمُسلمُونَ لَا يُبدل وَلَا يُغير

وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة قَالَت يرحم اللّه زَيْنَب بنت جحش لقد نَالَتْ فِي هَذِه الدُّنْيَا الشّرف الَّذِي لَا يبلغهُ شرف إِن اللّه زَوجهَا نبيه فِي الدُّنْيَا ونطق بِهِ الْقرَان وان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لنسائه وَنحن حوله أَسْرَعكُنَّ بِي لُحُوقا اطولكن باعا فبشرها بِسُرْعَة لحوقها بِهِ وَهِي زَوجته فِي الْجنَّة

وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ كَانَت زَيْنَب تَقول للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لأدل عَلَيْك بِثَلَاث مَا من نِسَائِك امْرَأَة تدل بِهن إِن جدي وَجدك وَاحِد واني انكحنيك اللّه من السَّمَاء وان السفير جِبْرِيل

بَاب النِّكَاح يحل لَهُ بِلَا مهر

وَمن خَصَائِصه أَن لَهُ النِّكَاح بِلَفْظ الْهِبَة وَبلا مهر ابْتِدَاء وانتهاء قَالَ تَعَالَى (وَامْرَأَة مومنة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي ان اراد النَّبِي ان يستنكحها خَالِصَة من دون الْمُؤمنِينَ) اخْرُج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة أَن مَيْمُونَة بنت الْحَارِث وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم واخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ أَن أم شريك وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَلم يقبلهَا فَلم تتَزَوَّج حَتَّى مَاتَت واخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله تَعَالَى تربى من نشَاء مِنْهُنَّ قَالَ كن نسَاء وهبْنَ انفسهن للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَدخل ببعضهن وأرجا بَعْضًا فَلم ينكحن بعده مِنْهُنَّ أم شريك

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن الْمسيب قَالَ لَا تحل الهبه لأحد بعد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهل يَكْفِي لفظ الاتهاب من جِهَته أَيْضا كَمَا يَكْفِي من الْمَرْأَة أَو يشْتَرط مِنْهُ لفظ النِّكَاح وَجْهَان اصححهما الثَّانِي لظَاهِر قَوْله (ان يستنكحها) فَاعْتبر فِي جَانِبه النِّكَاح

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم باباحة عدم الْقسم لازواجه فِي اُحْدُ الْوَجْهَيْنِ

وَهُوَ الْمُخْتَار وَصَححهُ الْغَزالِيّ

قَالَ تَعَالَى {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء وَمن ابْتَغَيْت مِمَّن عزلت فَلَا جنَاح عَلَيْك}

أخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ كَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم موسع عَلَيْهِ فِي قسم أَزوَاجه يقسم بَينهُنَّ كَيفَ شَاءَ وَذَلِكَ قَول اللّه تَعَالَى وَذَلِكَ أدنى أَن تقر أعينهن إِذا علمنَا أَن ذَلِك من اللّه تَعَالَى

قَالَ بَعضهم فِي وجوب الْقسم عَلَيْهِ شغل عَن لَوَازِم الرسَالَة وَقد صَحَّ أَنه كَانَ يطوف على نِسَائِهِ فِي السَّاعَة الْوَاحِدَة وَذَلِكَ يُنَافِي وجوب الْقسم

وَقد ذكر ابْن الْقشيرِي فِي تَفْسِيره أَنه كَانَ وَاجِبا عَلَيْهِ ثمَّ نسخ بِالْآيَةِ المذكوره فِي وجوب نَفَقَة أَزوَاجه عَلَيْهِ وَجْهَان صحّح النَّوَوِيّ الْوُجُوب وعَلى هَذَا لَا يتَقَدَّر بِخِلَاف نَفَقَة غَيره

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاز النِّكَاح وَهُوَ محرم

أاخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نكح مَيْمُونَة وَهُوَ محرم

وَفِي وَجه حَكَاهُ الرَّافِعِيّ انه كَانَ يجوز لَهُ نِكَاح الْمُعْتَدَّة من غَيره وَالْجمع بَين الْمَرْأَة وَأُخْتهَا وعمتها وخالتها وإبنتها والاصح فِي الْجَمِيع الْمَنْع وَيشْهد لَهُ حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ فِي بنت أم سَلمَة وَقَوله لأم حَبِيبه وَقد عرضت عَلَيْهِ أُخْتهَا أَن ذَلِك لَا يحل لي فَلَا تعرضن على بناتكن وَلَا أخواتكن وَقد صَحَّ أَنه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تزوج عَائِشَة بنت سِتّ سِنِين أَو سبع فَذهب ابْن شبرمه فِيمَا حَكَاهُ ابْن حزم الى أَن ذَلِك خَاص بِهِ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وانه لَا يجوز للْأَب إنكاح ابْنَته حَتَّى تبلغ أوردهُ ابْن الملقن فِي الخصائص وَقَالَ هَذَا غَرِيب لَا نعلمهُ عَن غَيره وَقد قَالَ الْجُمْهُور ان ذَلِك لكل اُحْدُ وَأَنه لَيْسَ من الخصائص بل نقل ابْن الْمُنْذر الاجماع عَلَيْهِ

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِعِتْق امته وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا

أخرج الشَّيْخَانِ عَن انس ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اعتنق صَفِيَّة وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اعْتِقْ صَفِيَّة وَتَزَوجهَا فَسئلَ مَا أصدقهَا قَالَ نَفسهَا

قَالَ ابْن حبَان فعل ذَلِك عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلم يقم دَلِيل على أَنه خَاص بِهِ دون امته فَيُبَاح لَهُم ذَلِك لعدم جود تَخْصِيصه فِيهِ

قلت وَقَول ابْن حبَان هُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي وَهُوَ مَذْهَب احْمَد واسحاق

 

  ٢٨-٤بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم باباحة النّظر الى الأجنبيات وَالْخلْوَة بِهن

أخرج البُخَارِيّ عَن خَالِد بن ذكْوَان قَالَ قَالَت الرّبيع بنت معوذ بن عفراء جَاءَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَدخل عَليّ حِين بني على فَجَلَسَ على فِرَاشِي كمجلسك مني

قَالَ الْكرْمَانِي فِي هَذَا الحَدِيث هُوَ // مَحْمُول // على أَن ذَلِك كَانَ قبل نزُول آيَة الْحجاب أَو جَازَ النّظر للْحَاجة أَو للأمن من الْفِتْنَة

وَقَالَ ابْن حجر الَّذِي وضح لنا بالأدلة القوية أَن من خَصَائِص النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم جَوَاز الْخلْوَة بالاجنبية وَالنَّظَر اليها وَهُوَ الْجَواب الصَّحِيح عَن قصَّة أم حرَام بنت ملْحَان فِي دُخُوله عَلَيْهَا ونومه عِنْدهَا وتقليتها رَأسه وَلم يكن بَينهمَا محرمية وَلَا زوجية

وَفِي الخصائص لِابْنِ الملقن وَقد ذكر حَدِيث أم حرَام من احاط علما بِالنّسَبِ علم أَنه لَا محرمية بَينهَا وَبَين النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَقد بَين ذَلِك الْحَافِظ شرف الدّين الدمياطي وَقَالَ هَذَا خَاص بِأم حرَام وَأُخْتهَا ام سليم

قَالَ ابْن الملقن وَالنَّبِيّ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَعْصُوم فَيُقَال كَانَ من خَصَائِصه الْخلْوَة بالأجنبية وَقد إدعاه بعض شُيُوخنَا انْتهى

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ يُزَوّج من شَاءَ من النِّسَاء بِمن شَاءَ من الرِّجَال إجبارا بِغَيْر رضاهن ورضى آبائهن

قَالَ تَعَالَى وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مومنة اذا قضى اللّه وَرَسُوله امرا ان تكون لَهُم الْخيرَة من امرهم الْآيَة وَأورد الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه فِي الْبَاب قَوْله تَعَالَى {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم}

وَمَا أخرجه البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من مُؤمن إِلَّا وَأَنا أولى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة

وَمَا أخرجه الشَّيْخَانِ عَن سهل بن سعد أَن امْرَأَة أَتَت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فعرضت نَفسهَا عَلَيْهِ فَقَالَ مَالِي بِالنسَاء من حَاجَة فَقَالَ رجل يَا رَسُول اللّه زوجنيها فَقَالَ زوجتكها بِمَا مَعَك من الْقرَان

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خطب زَيْنَب بنت جحش على فتاه زيد بن حارثه فَقَالَت لست بناكحته فَبَيْنَمَا هما يتحدثان أنزل اللّه على رَسُوله هَذِه الاية {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة} الْآيَة قَالَت قد رضيته لي يَا رَسُول اللّه قَالَ نعم قَالَت إِذا لَا أعصى رَسُول اللّه

وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ أَن عبد اللّه ذَا البجادين خطب إمرأة فَلم تتزوجه فَسَأَلَهَا أَبُو بكر وَعمر فَأَبت فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا عبد اللّه ألم يبلغنِي انك تذكر فُلَانُهُ قَالَ بلَى قَالَ فَانِي قد زوجتكها فأدخلت عَلَيْهِ

بَاب اخْتِصَاصه من انكاح الصَّغِيرَة

وَله على ذَلِك تَزْوِيج الصَّغِيرَة من غير بَنَاته

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَن عمَارَة بنت حَمْزَة بن عبد الْمطلب كَانَت بِمَكَّة فَلَمَّا قدم النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي عمْرَة الْقَضِيَّة خرج بهَا عَليّ وَقَالَ للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تزَوجهَا فَقَالَ إِنَّهَا ابْنة أخي من الرضَاعَة فَزَوجهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سَلمَة بن أبي سَلمَة

قَالَ الْبَيْهَقِيّ للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي بَاب النِّكَاح من انكاح الصَّغِيرَة وَغير ذَلِك مَا لَيْسَ لغيره وَلذَلِك تولى تَزْوِيجهَا دون عَمها الْعَبَّاس

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم انه كَانَ لَهُ فِي بَاب النِّكَاح مَا لم يكن لغيره

أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سَلمَة بن أبي سَلمَة ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خطب أم سَلمَة قَالَت لَيْسَ أحد من أوليائي شَاهد قَالَ مري ابْنك أَن يزوجك فَزَوجهَا إبنها وَهُوَ يَوْمئِذٍ صَغِير لم يبلغ

قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَكَانَ لَهُ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي بَاب النِّكَاح مَا لم يكن لغيره

بَاب عدم انحصار طَلَاقه فِي الثَّلَاث

وَمن خَصَائِصه عدم انحصار طَلَاقه فِي الثَّلَاث فِي اُحْدُ الْوَجْهَيْنِ كَمَا لَا ينْحَصر عدد زَوْجَاته وعَلى الْحصْر لَو طلق وَاحِدَة ثَلَاثًا فَهَل تحل لَهُ من غير أَن تنْكح غَيره فِيهِ وَجْهَان

احدهما نعم لما خص بِهِ من تَحْرِيم نِسَائِهِ على غَيره

وَالثَّانِي لَا تحل لَهُ أبدا

بَاب وَمن خَصَائِصه انه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حرم أمته مَارِيَة فَلم تحرم عَلَيْهِ وَلم تلْزمهُ كَفَّارَة فِيمَا قَالَه مقَاتل لانه مغْفُور لَهُ وَغَيره من الْأمة إِذا حرم أمته لَزِمته الْكَفَّارَة

بَاب اخْتِصَاصه فِي انه ضحى عَن أمته

وَمن خَصَائِصه انه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ضحى عَن أمته وَلَيْسَ لأحد ان يُضحي عَن الْغَيْر بِغَيْر إِذْنه

أخرج الْحَاكِم عَن ابي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ذبح كَبْشًا اقرن بالمصلى ثمَّ قَالَ اللّهمَّ هَذَا عني وَعَن من لم يضح من أمتِي

وَأخرج الْحَاكِم عَن عَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ضحى بكبشين فذبح أَحدهمَا فَقَالَ اللّهمَّ عَن مُحَمَّد وَأمته من شهد لَك بِالتَّوْحِيدِ ولي بالبلاغ

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ بن الْحُسَيْن {لكل أمة جعلنَا منسكا هم ناسكوه} قَالَ ذبح هم ذابحوه

حَدثنِي أَبُو رَافع أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ اذا ضحى اشْترِي بكبشين املحين اقرنين فاذا خطب وَصلى ذبح احدهما ثمَّ يَقُول اللّهمَّ هَذَا عَن أمتِي جَمِيعًا من شهد لَك بِالتَّوْحِيدِ ولي بالبلاغ ثمَّ اتي بِالْآخرِ فذبحه وَقَالَ اللّهمَّ هَذَا عَن مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد ثمَّ يطْعمهَا الْمَسَاكِين وَيَأْكُل هُوَ واهله مِنْهُمَا فَمَكثْنَا سِنِين قد كفانا اللّه الْغرم والمئونة لَيْسَ اُحْدُ من بني هَاشم يُضحي

بَاب اكله من لحم الْفُجَاءَة مَعَ نَهْيه عَنهُ

قَالَ ابْن الْقَاص وَمن خَصَائِصه أَنه اكل من طَعَام الْفُجَاءَة مَعَ نَهْيه عَنهُ وانكر ذَلِك الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ انه مُبَاح للْأمة وَالنَّهْي لم يثبت

بَاب لَهُ أَن يقتل من سبه أَو هجاه

عد ابْن سبع من خَصَائِصه أَن لَهُ قتل من سبه أَو هجاه وَذَلِكَ رَاجع إِلَى الْقَضَاء لنَفسِهِ

قسم الكرامات

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ لَا يُورث وَأَن مَاله بعد مَوته قَائِم على نَفَقَته

أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي بكر الصّديق أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا نورث مَا تركنَا صَدَقَة إِنَّمَا يَأْكُل آل مُحَمَّد فِي هَذَا المَال) وَإِنِّي وَاللّه لَا أغير شَيْئا من صَدَقَة رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عَن حَالهَا الَّتِي كَانَت عَلَيْهِ فِي عهد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ولأعملن فِيهَا مَا عمل بِهِ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا تقتسم ورثتي دِينَارا وَلَا درهما مَا تركت بعد نَفَقَة نسَائِي ومئونة عَامِلِي فَإِنَّهُ صَدَقَة)

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَلي (أما ترضي أَن تكون مني بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى إِلَّا أَنه لَا نبوة وَلَا وراثة)

فَائِدَة

حكى القَاضِي عِيَاض عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ هَذِه الخصيصة مُخْتَصَّة بنبينا صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِخِلَاف سَائِر الْأَنْبِيَاء فَإِنَّهُم يورثون لقَوْله تَعَالَى {وَورث سُلَيْمَان دَاوُد} وَقَوله زَكَرِيَّا رب هَب لي من لَدُنْك وليا يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب وعَلى هَذَا فتضم هَذِه إِلَى الخصائص الَّتِي امتاز بهَا عَن الْأَنْبِيَاء وَلَكِن الصَّوَاب الَّذِي عَلَيْهِ جَمِيع الْعلمَاء أَن ذَلِك لجَمِيع الْأَنْبِيَاء لما أخرجه النَّسَائِيّ من حَدِيث الزبير مَرْفُوعا (إِن معاشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث)

وَالْجَوَاب عَن الْآيَتَيْنِ أَن المُرَاد فيهمَا إِرْث النُّبُوَّة وَالْعلم

وَقد روى ابْن ماجة عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (إِن الْعلمَاء هم وَرَثَة الْأَنْبِيَاء لِأَن الْأَنْبِيَاء لم يورثوا دِينَارا وَلَا درهما إِنَّمَا ورثوا الْعلم فَمن أَخذه أَخذ بحظ وافر)

وَقد ذكر فِي الْحِكْمَة فِي كَون الْأَنْبِيَاء لَا يورثون أوجه

مِنْهَا أَن لَا يتَمَنَّى قريبهم مَوْتهمْ فَيهْلك بذلك

وَمِنْهَا أَن لَا يظنّ بهم الرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا وَجَمعهَا لوارثهم

وَمِنْهَا أَنهم أَحيَاء والحي لَا يُورث وَلِهَذَا ذهب إِمَام الْحَرَمَيْنِ إِلَى أَن مَاله بَاقٍ على ملكه ينْفق مِنْهُ على أَهله كَمَا كَانَ عَلَيْهِ وَالسَّلَام يُنْفِقهُ فِي حَيَاته لِأَنَّهُ حَيّ

وَلذَلِك كَانَ الصّديق ينْفق مِنْهُ على أَهله وخدمه ويصرفه فِيمَا كَانَ يصرفهُ فِي حَيَاته

وَرجح النَّوَوِيّ وَغَيره أَنه زَالَ ملكه عَنهُ وَأَنه صَدَقَة على جَمِيع الْمُسلمين لَا تخْتَص بِهِ الْوَرَثَة وَأخذ بَعضهم من هَذَا خصيصة أُخْرَى وَهُوَ أَنه أُبِيح لَهُ التَّصَدُّق بِجَمِيعِ مَاله بعد مَوته بِخِلَاف أمته فأنهم مقصورون على الثُّلُث

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أَزوَاجه أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ

وَذَلِكَ فِي تَحْرِيم نِكَاحهنَّ وَوُجُوب إحترامهن وطاعتهن وَلَا فِي النّظر وَنَحْوه

قَالَ تَعَالَى

{النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم} وقرىء وَهُوَ أَب لَهُم

قَالَ الْبَغَوِيّ وَهن أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ من الرِّجَال دون النِّسَاء لِأَن فَائِدَة الأمومة فِي حق الرِّجَال وَهِي النِّكَاح مفقودة فِي حق النِّسَاء

وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَن امْرَأَة قَالَت لَهَا يَا أمه قَالَت أَنا أم رجالكم وَلست أم نِسَائِكُم

وَأخرج ابْن سعد عَن أم سَلمَة أَنَّهَا قَالَت أَنا أم الرِّجَال مِنْكُم وَالنِّسَاء وَبِه قَالَ طَائِفَة لِأَن فَائِدَة الإحترام والتعظيم مَوْجُودَة فِي النِّسَاء أَيْضا

قَالَ الْبَغَوِيّ وَكَانَ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَبَا الرِّجَال وَالنِّسَاء جَمِيعًا فِي الْحُرْمَة والتعظيم

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم رُؤْيَة أشخاص أَزوَاجه فِي الأزر وسؤالهن مشافهة

قَالَ اللّه تَعَالَى {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا فَاسْأَلُوهُنَّ من وَرَاء حجاب}

قَالَ فِي الرَّوْضَة تبعا للرافعي وَالْبَغوِيّ لَا يحل لأحد أَن يسألهن إِلَّا من وَرَاء حجاب ألاية وَأما غَيْرهنَّ فَيجوز أَن يسألهن مشافهة

وَقَالَ القَاضِي عِيَاض والوري فِي شرح مُسلم خصصن بِفَرْض الْحجاب عَلَيْهِنَّ بِلَا خلاف فِي الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ فَلَا يجوز لَهُنَّ كشف ذَلِك لشهادة وَلَا غَيرهَا وَلَا إِظْهَار شخوصهن وَإِن كن مستترات إِلَّا لضَرُورَة خروجهن للبراز وَقَالَ وَكن إِذا قعدن للنَّاس جلس من وَرَاء حجاب وَإِذا خرجن حجبن وسترن أشخاصهن وَلما توفيت زَيْنَب جعلُوا لَهَا قبَّة فَوق نعشها لستر شذمها

وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة خرجت سَوْدَة بَعْدَمَا ضرب الْحجاب لحاجتها وَكَانَت امْرَأَة جسيمة لَا تخفي على من يعرفهَا فرآها عمر فَقَالَ يَا سَوْدَة أما وَاللّه لَا تخفين علينا فانظري كَيفَ تخرجين قَالَت فَانْكَفَأت رَاجِعَة إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأَنه ليتعشى وَفِي يَده عرق فَقلت يَا رَسُول اللّه خرجت لبَعض حَاجَتي فَقَالَ لي

عمر كَذَا وَكَذَا فَأوحى اللّه تَعَالَى إِلَيْهِ وَأَن الْعرق فِي يَده مَا وَضعه فَقَالَ (إِنَّه قد أذن لَكِن أَن تخرجن لحاجتكن)

وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ أَرْسلنِي عمر وَعُثْمَان بِأَزْوَاج النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم السّنة الَّتِي توفّي فِيهَا عمر يحجبهن فَكَانَ عُثْمَان يسير أمامهن فَلَا يتْرك أحدا يدنو مِنْهُنَّ وَلَا يراهن إِلَّا من مد الْبَصَر وَعبد الرَّحْمَن خلفهن يفعل مثل ذَلِك وَهن فِي الهوادج وَكَانَا ينزلان بِهن فِي الشعاب وَلَا يتركان أحدا يمر عَلَيْهِنَّ

وَأخرج ابْن سعد عَن أم معبد بنت خَالِد بن خليف قَالَت رَأَيْت عُثْمَان وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف فِي خلَافَة عمر حجا بنساء رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَرَأَيْت على هوادجهن الطيالسة الْخضر وَهن حجرَة من النِّسَاء يسير أمامهن عُثْمَان على رَاحِلَته يَصِيح إِذا دنا مِنْهُنَّ أحد إِلَيْك إِلَيْك وَابْن عَوْف من ورائهن يفعل مثل ذَلِك

وَأخرج ابْن سعد عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ قد رَأَيْت عُثْمَان وَهُوَ أَمَام أَزوَاج النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يلقِي النَّاس مُقْبِلين فِي وَجهه فينحيهم حَتَّى يَكُونُوا مد الْبَصَر حَتَّى يمضين

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب جُلُوس أَزوَاجه من بعده فِي بُيُوتهنَّ وَتَحْرِيم خروجهن وَلَو لحج أَو عمْرَة فِي أحد الْقَوْلَيْنِ

قَالَ اللّه تَعَالَى {وَقرن فِي بيوتكن}

أخرج ابْن سعد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لنسائه فِي حجَّة الْوَدَاع (هَذِه الْحجَّة ثمَّ ظُهُور الْحصْر) قَالَ وَكن يحجبن كُلهنَّ إِلَّا سَوْدَة وَزَيْنَب قَالَتَا لَا تحركنا وَاللّه دَابَّة بعد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن سِيرِين قَالَ قَالَت سَوْدَة حججْت واعتمرت فَأَنا أقعد فِي بَيْتِي كَمَا أَمرنِي اللّه وَكَانَت قد أخذت بقول رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عَام قَالَ (هَذِه الْحجَّة ثمَّ ظُهُور الْحصْر) فَلم تحج حَتَّى توفيت

وَأخرج ابْن سعد عَن عَطاء بن يسَار أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأزواجه (أيتكن أتقت اللّه وَلم تأت بِفَاحِشَة مبينَة ولزمت ظهر حصيرها فَهِيَ زَوْجَتي فِي الْآخِرَة)

وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن أبي جَعْفَر أَن عمر ابْن الْخطاب منع أَزوَاج النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْحَج وَالْعمْرَة

وَأخرج ابْن سعد عَن عَائِشَة قَالَت منعنَا عمر الْحَج وَالْعمْرَة حَتَّى إِذا كَانَ آخر عَام أذن لنا فحججنا مَعَه فَلَمَّا ولي عُثْمَان استأذناه فَقَالَ أفعلن مَا رأيتن فحج بِنَا إِلَّا امْرَأتَيْنِ منا زَيْنَب وَسَوْدَة لم تخرج من بَيتهَا بعد النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَكُنَّا نستتر

وَقَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة كَانَ نسَاء النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي معنى المعتدات وللمعتدة السُّكْنَى فَجعل لَهُنَّ سُكْنى الْبيُوت مَا عشن وَلَا يملكن رقابها

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِطَهَارَة دَمه وبوله وغائطه

أخرج الغطريف فِي جزئه وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن سلمَان الْفَارِسِي أَنه دخل على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا عبد اللّه بن الزبير مَعَه طست يشرب مَا فِيهِ فَقَالَ لَهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (مَا شَأْنك قَالَ أَحْبَبْت أَن يكون من دم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي جوفي قَالَ ويل لَك من النَّاس وويل للنَّاس مِنْك لَا تمسك النَّار إِلَّا قسم الْيَمين)

وَأخرج ابْن حبَان فِي الضُّعَفَاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ حجم النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم غُلَام لبَعض قُرَيْش فَلَمَّا فرغ من حجامته أَخذ الدَّم فَذهب بِهِ فشربه ثمَّ أقبل فَنظر فِي وَجهه فَقَالَ وَيحك مَا صنعت بِالدَّمِ قَالَ يَا رَسُول اللّه نفست على دمك أَن أهريقه فِي الأَرْض فَهُوَ فِي بَطْني فَقَالَ (إذهب فقد أحرزت نَفسك من النَّار)

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت إِن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم احْتجم فَدفع دَمه إِلَى إبني فشربه فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَأخْبرهُ فَقَالَ مَا صنعت قَالَ كرهت أَن أصب دمك فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (لَا تمسك النَّار وَمسح على رَأسه وَقَالَ ويل للنَّاس مِنْك وويل لَك من النَّاس)

وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن أبي خَيْثَمَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن وَالطَّبَرَانِيّ عَن سفينة قَالَ احْتجم النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لي غيب الدَّم فَذَهَبت فَشَربته ثمَّ جِئْت فَقَالَ مَا صنعت قلت غيبته قَالَ شربته قلت نعم فَتَبَسَّمَ

وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن بِسَنَد حسن عَن عبد اللّه ابْن الزبير قَالَ احْتجم النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأَعْطَانِي الدَّم فَقَالَ اذْهَبْ فغيبه فَذَهَبت فَشَربته ثمَّ أتيت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي مَا صنعت قلت غيبته قَالَ لَعَلَّك شربته قلت شربته

وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ شج رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد فَتَلقاهُ أبي فملج الدَّم عَن وَجهه بفمه وازدرده فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من سره أَن ينظر إِلَى من خالط دمي دَمه فَلْينْظر إِلَى مَالك بن سِنَان

وَأخرجه ابْن السكن وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِلَفْظ فَقَالَ خالط دَمه بدمي وَلَا تمسه النَّار

وَأخرج أَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن أم أَيمن قَالَت قَامَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من اللَّيْل إِلَى فخارة فَبَال فِيهَا فَقُمْت من اللَّيْل وَأَنا عَطْشَانَة فَشَرِبت مَا فِيهَا فَلَمَّا أصبح أخْبرته فَضَحِك وَقَالَ أما أَنَّك لَا يتجعن بَطْنك أبدا وَلَفظ أبي يعلى إِنَّك لن تَشْتَكِي بَطْنك بعد يَوْمك هَذَا أبدا

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن حكيمة بنت أُمَيْمَة عَن أمهَا قَالَت كَانَ للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قدح من عيدَان يَبُول فِيهِ ويضعه تَحت سَرِيره فَقَامَ فَطَلَبه فَلم يجده فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالَ أَيْن الْقدح قَالُوا شربته برة خَادِم أم سَلمَة الَّتِي قدمت مَعهَا من أَرض الْحَبَشَة فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لقد احتظرت من النَّار بحظار

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن سلمى امْرَأَة أبي رَافع قَالَت اغْتسل النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَشَرِبت مَاء غسله فَأَخْبَرته فَقَالَ اذهبي فقد حرم اللّه بدنك على النَّار

قَالَ أَصْحَابنَا وشعره طَاهِر بِالْإِجْمَاع وَلَا يجْرِي فِيهِ الْخلاف فِي شعر سَائِر النَّاس

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لما حلق شعره يَوْم النَّحْر أَن يقسم بَين النَّاس فَأخذ أَبُو طَلْحَة مِنْهُ طَائِفَة قَالَ ابْن سِيرِين لِأَن يكون عِنْدِي مِنْهُ شَعْرَة وَاحِدَة أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا

 

  ٢٨-٥بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَن تطوعه فِي الصَّلَاة قَاعِدا كتطوعه قَائِما

أخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد عَن ابْن عمر قَالَ حدثت أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (صَلَاة الرجل قَاعِدا نصف الصَّلَاة فَأَتَيْته فَوَجَدته يُصَلِّي جَالِسا فَقلت يَا رَسُول اللّه حدثت أَنَّك قلت صَلَاة الرجل قَاعِدا نصف الصَّلَاة وَأَنت تصلي قَاعِدا قَالَ أجل وَلَكِنِّي لست كَأحد مِنْكُم)

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَن عمله لَهُ نَافِلَة)

أخرج أَحْمد بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة أَنَّهَا سُئِلت عَن صِيَام رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت أتعملون كعمله فَإِنَّهُ قد غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر كَانَ عمله لَهُ نَافِلَة

وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة فِي قَوْله تَعَالَى {نَافِلَة لَك} قَالَ إِنَّمَا كَانَت النَّافِلَة خَاصَّة لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى {نَافِلَة لَك} قَالَ لم تكن النَّافِلَة لأحد إِلَّا للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة من أجل أَنه قد غفر مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر

فَمَا عمل من عمل سوى الْمَكْتُوب فَهُوَ نَافِلَة من أجل أَنه لَا يعْمل ذَلِك فِي كَفَّارَة الذُّنُوب وَالنَّاس يعْملُونَ مَا سوى الْمَكْتُوب فِي كَفَّارَة ذنوبهم فَلَيْسَ للنَّاس نوافل إِنَّمَا هِيَ للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة

وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى {نَافِلَة لَك} أَي زِيَادَة على ثَوَاب الْفَرَائِض بِخِلَاف تهجد غَيره فَإِنَّهُ جَابر للنقصان المتطرق إِلَى الْفَرَائِض وَهُوَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مَعْصُوم عَن تطرق الْخلَل إِلَى مفروضاته

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَن الْمُصَلِّي يخاطبه بقوله سَلام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَلَا يُخَاطب سَائِر النَّاس وَأَنه يجب عَلَيْهِ إجَابَته إِذا دَعَاهُ وَلَا تبطل صلَاته

أخرج البُخَارِيّ عَن أبي سعيد بن المعلي الْأنْصَارِيّ أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم دَعَاهُ وَهُوَ يُصَلِّي فصلى ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ مَا مَنعك أَن تُجِيبنِي إِذا دعوتك قَالَ إِنِّي كنت أُصَلِّي فَقَالَ ألم يقل اللّه عز وَجل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اسْتجِيبُوا للّه وَلِلرَّسُولِ إِذا دعَاكُمْ} الْآيَة ثمَّ قَالَ أَلا أعلمك أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن قَالَ فَكَأَنَّهُ نَسِيَهَا أَو نسي قلت يَا رَسُول اللّه الَّذِي قلت لي قَالَ {الْحَمد للّه رب الْعَالمين} هِيَ السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَن من تكلم فِي عَهده وَهُوَ يخْطب بطلت جمعته وَبِأَنَّهُ لَا يجوز لأحد الْخُرُوج من مَجْلِسه إِلَّا بِإِذْنِهِ

قَالَ اللّه تَعَالَى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين آمنُوا بِاللّه وَرَسُوله وَإِذا كَانُوا مَعَه على أَمر جَامع لم يذهبوا حَتَّى يستأذنوا) الْآيَة

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ كَانَ لَا يصلح للرجل أَن يخرج من الْمَسْجِد إِلَّا بِإِذن من النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْم الْجُمُعَة بَعْدَمَا يَأْخُذ فِي الْخطْبَة وَكَانَ إِذا أَرَادَ أحدهم الْخُرُوج أَشَارَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَيَأْذَن لَهُ من غير أَن يتَكَلَّم الرجل لِأَن الرجل مِنْهُم كَانَ إِذا تكلم كَانَ إِذا تكلم وَالنَّبِيّ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يخْطب بطلت جمعته

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَن الْكَذِب عَلَيْهِ لَيْسَ كالكذب على غَيره وَبِأَن من كذب عَلَيْهِ لم تقبل لَهُ رِوَايَة بعد ذَلِك وَإِن تَابَ وَبِأَنَّهُ يكفر بذلك فِيمَا قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الجميني

أخرج الشَّيْخَانِ عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن كذبا عَليّ لَيْسَ ككذب على أحد فَمن كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار)

قَالَ النَّوَوِيّ وَغَيره الْكَذِب عَلَيْهِ من الْكَبَائِر وَلَا يكفر فَاعله على الصَّحِيح وَقَوله الْجُمْهُور وَقَالَ الْجُوَيْنِيّ هُوَ كفر فَإِن تَابَ مِنْهُ فَذهب جمَاعَة مِنْهُم الإِمَام أَحْمد والصيرفي وخلائق إِلَى أَنه لَا تقبل لَهُ رِوَايَة أبدا وَإِن حسنت حَاله بِخِلَاف التائب من الْكَذِب على غَيره وَمن سَائِر أَنْوَاع الْفسق وَهَذَا مِمَّا خَالف فِيهِ الْكَذِب على غَيره وَهَذَا القَوْل هُوَ الْمُعْتَمد فِي فن الحَدِيث كَمَا بَينته فِي شرح التَّقْرِيب وَشرح ألفية الحَدِيث وَإِن رجح النَّوَوِيّ خِلَافه

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم التَّقْدِيم بَين يَدَيْهِ وَرفع الصَّوْت فَوق صَوته والجهر لَهُ بالْقَوْل وندائه من وَرَاء الحجرات والصياح بِهِ من بعيد

قَالَ اللّه تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي اللّه وَرَسُوله وَاتَّقوا اللّه إِن اللّه سميع عليم} {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بالْقَوْل كجهر بَعْضكُم لبَعض أَن تحبط أَعمالكُم وَأَنْتُم لَا تشعرون} {إِن الَّذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم عِنْد رَسُول اللّه أُولَئِكَ الَّذين امتحن اللّه قُلُوبهم للتقوى لَهُم مغْفرَة وَأجر عَظِيم}

{إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} {وَلَو أَنهم صَبَرُوا حَتَّى تخرج إِلَيْهِم لَكَانَ خيرا لَهُم وَاللّه غَفُور رَحِيم}

وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا} يُرِيد يَصِيح من بعيد يَا أَبَا الْقَاسِم وَلَكِن كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الحجرات {إِن الَّذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم عِنْد رَسُول اللّه} الْآيَة قَالَ جمَاعَة وَيكرهُ رفع الصَّوْت عِنْد قَبره صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لِأَن حرمته مَيتا كحرمته حَيا

وَرُوِيَ ابْن حميد قَالَ نَاظر أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور مَالِكًا فِي مَسْجِد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ بَين يَدي الْخَلِيفَة فِي ذَلِك الْيَوْم خَمْسمِائَة سيف فَقَالَ لَهُ مَالك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا ترفع صَوْتك فِي هَذَا الْمَسْجِد فَإِن اللّه تَعَالَى أدب قوما فَقَالَ {لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم} الْآيَة ومدح قوما فَقَالَ {إِن الَّذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم} الْآيَة وذم قوما فَقَالَ {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات} الْآيَة وَإِن حُرْمَة رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَيتا كحرمته حَيا فاستكان لَهُ الْخَلِيفَة

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَن من استهان بِهِ كفر وَمن سبه أَو هجاه قتل

أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي بَرزَة أَن رجلا سبّ أَبَا بكر رَضِي اللّه عَنهُ فَقلت أَلا أضْرب عُنُقه يَا خَليفَة رَسُول اللّه فَقَالَ لَيست هَذِه لأحد بعد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لَا يقتل أحد بسب أحد إِلَّا بسب النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن أعمى بكانت لَهُ أم ولد على عهد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تكْثر الوقيعة فِي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وتشتمه فَقَتلهَا الْأَعْمَى فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (أشهد أَن دَمهَا هدر)

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ أَن يَهُودِيَّة كَانَت تَشْتُم النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَتَقَع فِيهِ فخنقها رجل حَتَّى مَاتَت فَأبْطل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم دَمهَا

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوب محبته ومحبة أهل بَيته وَأَصْحَابه

قَالَ اللّه تَعَالَى {قل إِن كَانَ آباؤكم وأبناؤكم} إِلَى قَوْله {أحب إِلَيْكُم من اللّه وَرَسُوله وَجِهَاد فِي سَبيله فتربصوا}

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى أكون أحب إِلَيْهِ من وَالِده وَولده وَالنَّاس أَجْمَعِينَ) وَعبارَة ابْن الملقن فِي الخصائص أَنه يجب على أمته أَن يحبوه أَعلَى دَرَجَات الْمحبَّة

وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ كُنَّا نلقي النَّفر من قُرَيْش وهم يتحدثون فيقطعون حَدِيثهمْ فَذَكرنَا ذَلِك لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (مَا بَال أَقوام يتحدثون فَإِذا رَأَوْا الرجل من أهل بَيْتِي قطعُوا حَدِيثهمْ وَاللّه لَا يدْخل قلب رجل الْإِيمَان حَتَّى يُحِبهُمْ اللّه ولقرابتهم مني)

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (آيَة الْإِيمَان حب الْأَنْصَار وَآيَة النِّفَاق بغض الْأَنْصَار)

وَأخرج ابْن ماجة عَن الْبَراء قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (من أحب الْأَنْصَار أحبه اللّه وَمن أبْغض الْأَنْصَار أبغضه اللّه)

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أَوْلَاد بَنَاته ينسبون إِلَيْهِ وَأَوْلَاد بَنَات غَيره لَا ينسبون إِلَيْهِ فِي الْكَفَاءَة وَلَا فِي غَيرهَا

أخرج الْحَاكِم عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (لكل بني أم عصبَة إِلَّا إبني فَاطِمَة وَأَنا وليهما وعصبتهما)

وَأخرج أَبُو يعلى مثله من حَدِيث فَاطِمَة

وَأورد الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَاب حَدِيث قَوْله فِي الْحسن (إِن إبني هَذَا سيد) وَقَوله لعَلي حِين ولد الْحسن مَا سميت إبني وَكَذَا حِين ولد الْحُسَيْن

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَن بَنَاته لَا يتَزَوَّج عَلَيْهِنَّ

أخرج الشَّيْخَانِ عَن الْمسور بن مخرمَة سَمِعت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَهُوَ على الْمِنْبَر (إِن بني هِشَام بن الْمُغيرَة اسْتَأْذنُوا فِي أَن ينكحوا ابنتهم عَليّ بن أبي طَالب فَلَا آذن ثمَّ لَا آذن ثمَّ لَا آذن إِلَّا أَن يُرِيد ابْن أبي طَالب أَن يُطلق ابْنَتي وينكح ابنتهم فَإِنَّمَا هِيَ بضعَة مني يريبني مَا أرابها وَيُؤْذِينِي مَا آذاها) قَالَ ابْن حجر لَا يبعد أَن يكون من خَصَائِصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم منع التَّزْوِيج على بَنَاته

وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة عَن عَليّ بن الْحُسَيْن قَالَ أَرَادَ عَليّ بن أبي طَالب أَن يخْطب بنت أبي جهل فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّه لَيْسَ لأحد أَن يتَزَوَّج إبنة عَدو اللّه على إبنة رَسُول اللّه)

وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي حَنْظَلَة أَن عليا خطب ابْنة أبي جهل فَبلغ ذَلِك رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (إِنَّمَا فَاطِمَة بضعَة مني فَمن آذاها فقد آذَانِي) // مُرْسل قوي //

وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبيد اللّه بن أبي رَافع عَن الْمسور أَنه بعث إِلَيْهِ حسن بن حسن يخْطب إبنته فَقَالَ وَاللّه مَا من نسب وَلَا سَبَب وَلَا صهر أحب إِلَيّ مِنْكُم وَلَكِن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (فَاطِمَة بضعَة مني يقبضني مَا يقبضهَا ويبسطني مَا يبسطها)

وعندك ابْنَتهَا وَلَو زَوجتك لقبضها ذَلِك فَانْطَلق عاذرا لَهُ

بَاب قَوْله صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تَنْقَطِع الْأَسْبَاب والأنساب يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا مَا كَانَ من سَببه وَنسبه

أخرح ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْحَارِث عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (لَا يدْخل النَّار من تزوج إِلَيّ أَو تزوجت إِلَيْهِ)

أخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن أبي أوفى قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (سَأَلت رَبِّي أَن لَا أزوج أحدا من أمتِي وَلَا أَتزوّج إِلَى أحد من أمتِي كَانَ معي فِي الْجنَّة فَأَعْطَانِي) وَأخرج الْحَارِث مثله من حَدِيث ابْن عَمْرو

وَأخرج ابْن رَاهْوَيْةِ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب أَنه خطب إِلَى عَليّ أم كُلْثُوم فَتَزَوجهَا فَأتى عمر الْمُهَاجِرين فَقَالَ أَلا تهنئوني بِأم كُلْثُوم إبنة فَاطِمَة سَمِعت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول كل سَبَب وَنسب يَنْقَطِع يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا مَا كَانَ من سببي ونسبي فَأَحْبَبْت أَن يكون بيني وَبَين رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سَبَب وَنسب

وَأخرج أَبُو يعلى عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (تَنْقَطِع الْأَسْبَاب والأنساب والأصهار إِلَّا صهري)

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم النقش بنقش خَاتمه

أخرج ابْن سعد عَن أنس قَالَ اصْطنع رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خَاتمًا وَنقش عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول اللّه وَقَالَ إِنَّا قد اصطنعنا خَاتمًا ونقشنا فِيهِ نقشا فَلَا ينقش عَلَيْهِ أحد

وَأخرج ابْن سعد عَن طَاوُوس قَالَ اتخذ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خَاتمًا وَنقش فِيهِ مُحَمَّد رَسُول اللّه وَقَالَ (لَا ينقش أحد على نقش خَاتمِي)

وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن أنس عَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا تستضيئوا بِنَار الْمُشْركين وَلَا تنقشوا فِي خواتيمكم عَرَبيا) قَالَ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه يَعْنِي عَرَبيا مُحَمَّد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (لَا تكْتبُوا مثل خَاتم النَّبِي مُحَمَّد رَسُول اللّه)

 

  ٢٨-٦بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِصَلَاة الْخَوْف

فِي مَذْهَب طَائِفَة مِنْهُم أَبُو يُوسُف صَاحب أبي حنيفَة لقَوْله تَعَالَى {وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة} الْآيَة فقيد بِكَوْنِهِ فيهم

وَالْحكمَة فِيهِ من حَيْثُ الْمَعْنى أَن الصَّلَاة مَعَه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَضِيلَة لَا يعادلها شَيْء فَاحْتمل لأَجلهَا تَغْيِير نظم الصَّلَاة حَتَّى لَا يحصل الإنفراد عَنهُ وَغَيره من الْأَئِمَّة لَيْسَ فِي مقَامه فالإستبدال بِهِ فِي الْجَمَاعَة سهل

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بالعصمة من كل ذَنْب كَبِيرا أَو صَغِيرا عمدا أَو سَهوا

قَالَ اللّه تَعَالَى {ليغفر لَك اللّه مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} قَالَ السُّبْكِيّ فِي تَفْسِيره أَجمعت الْأمة على عصمَة الْأَنْبِيَاء فِيمَا يتَعَلَّق بالتبليغ وَفِي غير ذَلِك من الْكَبَائِر وَمن الصَّغَائِر الرذيلة الَّتِي تحط مرتبتهم وَمن المداومة على الصَّغَائِر هَذِه الْأَرْبَعَة مجمع عَلَيْهَا

وَاخْتلف فِي الصَّغَائِر الَّتِي لَا تحط من مرتبتهم فَذَهَبت الْمُعْتَزلَة وَكثير من غَيرهم إِلَى جَوَازهَا وَالْمُخْتَار الْمَنْع لأَنا مأمورون بالأقتداء بهم فِي كل مَا يصدر مِنْهُم من قَول أَو فعل فَكيف يَقع مِنْهُم مَا لَا يَنْبَغِي وَيُؤمر بالإقتداء فِيهِ

قَالَ وَالَّذِي جوز ذَلِك لم يجوزها بِنَصّ وَلَا دَلِيل إِنَّمَا أَخذ ذَلِك من هَذِه الْآيَة يَعْنِي الْآيَة السَّابِقَة قَالَ وَلَقَد تأملتها مَعَ مَا قبلهَا وَمَا بعْدهَا فَوَجَدتهَا لَا تحْتَمل إِلَّا وَجها

وَاحِدًا وَهُوَ تشريف النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من غير أَن يكون هُنَاكَ ذَنْب وَلكنه أُرِيد أَن يستوعب فِي الْآيَة جَمِيع أَنْوَاع النعم من اللّه على عباده الأخروية وَجَمِيع النعم الأخروية شَيْئَانِ سلبية وَهِي غفران الذُّنُوب وثبوتية وَهِي لَا تتناهى أَشَارَ إِلَيْهَا بقوله تَعَالَى {وَيتم نعْمَته عَلَيْك} وَجَمِيع النعم الدُّنْيَوِيَّة شَيْئَانِ دينية أَشَارَ إِلَيْهَا بقوله {ويهديك صراطا مُسْتَقِيمًا} ودنيوية وَهِي قَوْله تَعَالَى {وينصرك اللّه نصرا عَزِيزًا} فانتظم بذلك تَعْظِيم قدر النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بإتمام أَنْوَاع نعم اللّه إِلَيْهِ المتفرقه فِي غَيره وَلِهَذَا جعل ذَلِك غَايَة لِلْفَتْحِ الْمُبين الَّذِي عظمه وفخمه بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِ بنُون العظمة وَجعله خَاصّا بِالنَّبِيِّ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بقوله لَك

قَالَ وَقد سبق إِلَى نَحْو هَذَا إِبْنِ عَطِيَّة فَقَالَ وَإِنَّمَا الْمَعْنى التشريف بِهَذَا الحكم وَلم تكن ذنُوب الْبَتَّةَ ثمَّ قَالَ وعَلى تَقْدِير الْجَوَاز لَا شكّ وَلَا ارتياب أَنه لم يَقع مِنْهُ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَكَيف يتخيل خلاف ذَلِك {وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى} فاما الْفِعْل فاجماع الصَّحَابَة على اتِّبَاعه والتأسي بِهِ فِي كل مَا يَفْعَله من قَلِيل أَو كثير وصغير أَو كَبِير لم يكن عِنْدهم فِي ذَلِك توقف وَلَا بحث حَتَّى أَعماله فِي السِّرّ وَالْخلْوَة يحرصون على الْعلم بهَا وعَلى اتباعها علم بهم أَو لم يعلم وَمن تَأمل أَحْوَال الصَّحَابَة مَعَه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم استحي من اللّه أَن يخْطر بِبَالِهِ خلاف ذَلِك انْتهى

واخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن ابيه عَن جده قَالَ قلت يَا رَسُول اللّه أتأذن لي فَاكْتُبْ مَا اسْمَع مِنْك قَالَ نعم قلت فِي الرِّضَا وَالْغَضَب قَالَ نعم فانه لَا يَنْبَغِي أَن أَقُول عِنْد الرِّضَا وَالْغَضَب إِلَّا حَقًا

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا اقول إِلَّا حَقًا فَقَالَ بعض اصحابه فَإنَّك تداعبنا فَقَالَ لَا أَقُول إِلَّا حَقًا)

بَاب إِنَّه منزه عَن فعل الْمَكْرُوه

وَمن خَصَائِصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَنه منزه عَن فعل الْمَكْرُوه قَالَ ابْن السُّبْكِيّ فِي (جمع الْجَوَامِع) وَفعله غير محرم للعصمة وَغير مَكْرُوه للنزاهة وَمَا فعله مِمَّا هُوَ مَكْرُوه فِي حَقنا فَإِنَّمَا فعله لبَيَان الْجَوَاز فَهُوَ فِي حَقه وَاجِب للتبليغ أَو فَضِيلَة ويثاب عَلَيْهِ ثَوَاب وَاجِب أَو فَاضل

بَاب من اخْتِصَاصه انه لَا يجوز عَلَيْهِ الْجُنُون

وَمن خَصَائِصه وَسَائِر الانبياء أَنه لَا يجوز عَلَيْهِم الْجُنُون بِخِلَاف الْإِغْمَاء لِأَن الْجُنُون نقص وَالْإِغْمَاء مرض

وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد لَا يجوز عَلَيْهِم أَيْضا الْإِغْمَاء الطَّوِيل الزَّمن وَجزم بِهِ البُلْقِينِيّ فِي (حَوَاشِي الرَّوْضَة)

وَنبهَ السُّبْكِيّ على ان الْإِغْمَاء الَّذِي يحصل لَهُم لَيْسَ كالاغماء الَّذِي يحصل لآحاد النَّاس وانما هُوَ غَلَبَة الأوجاع للحواس الظَّاهِرَة فَقَط دون الْقلب قَالَ لِأَنَّهُ قد ورد أَنه إِنَّمَا تنام أَعينهم دون قُلُوبهم فاذا حفظت قُلُوبهم وعصمت من النّوم الَّذِي هُوَ أخف من الاغماء فَمن الاغماء بطرِيق الأولى انْتهى وَهُوَ نَفِيس جدا

وَالْأَشْهر امْتنَاع الِاحْتِلَام عَلَيْهِم كَمَا قَالَه النَّوَوِيّ فِي (الرَّوْضَة) وَتقدم دَلِيله فِي أول الْكتاب

قَالَ السُّبْكِيّ فَلَا يجوز عَلَيْهِم الْعَمى أَيْضا لِأَنَّهُ نقص وَلم يعم نَبِي قطّ وَمَا ذكر عَن شُعَيْب أَنه كَانَ ضريرا فَلم يثبت وَأما يَعْقُوب فَحصل لَهُ غشاوة وزالت

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَن رُؤْيَاهُ وَحي وكل مَا رَآهُ فَهُوَ حق

أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ (مَا رأى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي نَومه اَوْ

يقظته فَهُوَ حق)

واخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {إِنِّي رَأَيْت أحد عشر كوكبا} قَالَ رُؤْيا الْأَنْبِيَاء وَحي

بَاب وَمن خَصَائِصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ان رُؤْيَته فِي الْمَنَام حق

اخْرُج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (من رَآنِي فِي الْمَنَام فقد رَآنِي فان الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بِي)

قَالَ القَاضِي أَبُو بكر مَعْنَاهُ أَن رُؤْيَاهُ صَحِيحَة لَيست بأضغاث

وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَاهُ رَآهُ حَقِيقَة وَقَالَ بَعضهم خص صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَن رُؤْيَته فِي الْمَنَام صَحِيحَة وَمنع الشَّيْطَان أَن يتَصَوَّر فِي خلقته لِئَلَّا يكذب على لِسَانه فِي النّوم كَمَا مَنعه أَن يتَصَوَّر فِي صورته فِي الْيَقَظَة إِكْرَاما لَهُ

وَفِي (شرح مُسلم) للنووي لَو رأى شخص النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرهُ بِفعل مَا هُوَ مَنْدُوب إِلَيْهِ أَو ينهاه عَن منهى عَنهُ أَو يرشده إِلَى فعل مصلحَة مصلحَة فَلَا خلاف فِي أَنه يسْتَحبّ لَهُ الْعَمَل بِمَا امْرَهْ بِهِ

وَفِي (فَتَاوَى الحناطي) لَو رأى إِنْسَان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي مَنَامه على الصّفة المنقولة عَنهُ فَسَأَلَهُ عَن حكم فأفتاه بِخِلَاف مذْهبه وَلَيْسَ مُخَالفا للنَّص وَلَا إِجْمَاع فَفِيهِ وَجْهَان احدهما يَأْخُذ بقوله تَعَالَى لانه مقدم على الْقيَاس وَالثَّانِي لَا لِأَن الْقيَاس دَلِيل والأحلام لَا تعويل عَلَيْهَا فَلَا يتْرك من اجلها الدَّلِيل

وَفِي (كتاب الجدل) للأستاذ أبي اسحاق الاسفرائني لَو رأى رجل النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وَأمره بِأَمْر هَل يجب عَلَيْهِ امتثاله إِذا اسْتَيْقَظَ وَجْهَان وَجه الْمَنْع عدم ضبط الرَّأْي لَا الشَّك فِي الرُّؤْيَة فان الْخَبَر لَا يقبل إِلَّا من ضَابِط مُكَلّف والنائم بِخِلَافِهِ

وَفِي فتاوي القَاضِي حُسَيْن مثله فِيمَا لَو رُؤِيَ لَيْلَة الثَّلَاثِينَ من شعْبَان وَأخْبر أَن غَدا من رَمَضَان هَل يجب الصَّوْم وَفِي (روضه الاحكام) للْقَاضِي شُرَيْح لَو رأى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لفُلَان على فلَان كَذَا فَهَل للسامع أَن يشْهد بذلك وَجْهَان

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بفضيلة الصَّلَاة عَلَيْهِ

قَالَ اللّه تَعَالَى {إِن اللّه وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا}

اخْرُج مُسلم عَن ابي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (من صلى عَليّ وَاحِدَة صلى اللّه عَلَيْهِ عشرا)

واخرج احْمَد عَن ابْن عَمْرو قَالَ (من صلى على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة صلى اللّه عَلَيْهِ وَمَلَائِكَته بهَا سبعين صَلَاة فَلْيقل العَبْد من ذَلِك أَو ليكْثر)

واخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي طَلْحَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (أَتَانِي ملك فَقَالَ إِن رَبك يَقُول أما يرضيك أَن لَا يُصَلِّي عَلَيْك أحد من أمتك إِلَّا صليت عَلَيْهِ عشرا وَلَا يسلم عَلَيْك إِلَّا سلمت عَلَيْهِ عشرا)

واخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي اللّه عَنهُ أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن جِبْرِيل أَتَانِي فَقَالَ من صلى عَلَيْهِ صَلَاة صلى اللّه عَلَيْك عشرا وَرَفعه عشر دَرَجَات)

وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (من صلى عَليّ صَلَاة كتب اللّه لَهُ بهَا عشر حَسَنَات)

وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو قَالَ من صلى على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كتب اللّه لَهُ عشر حَسَنَات ومحا عَنهُ عشر سيئات وَرفع لَهُ عشر دَرَجَات

وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن سعد بن عُمَيْر عَن أَبِيه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (من صلى عَليّ صَلَاة صَادِقا من نَفسه صلى اللّه عَلَيْهِ عشر صلوَات وَرَفعه عشر دَرَجَات وَكتب لَهُ بهَا عشر حَسَنَات)

وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة عَن عَامر بن ربيعَة سَمِعت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (من صلى عَليّ لم تزل الْمَلَائِكَة تصلي عَلَيْهِ مَا صلى فَلْيقل عبد من ذَلِك أَو ليكْثر)

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان عَن ابْن مَسْعُود أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن أولى النَّاس بِي يَوْم الْقِيَامَة أَكْثَرهم عَليّ صَلَاة)

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ عَن الْحُسَيْن بن عَليّ أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (الْبَخِيل من ذكرت عِنْده فَلم يُصَلِّي عَليّ)

وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (من نسي الصَّلَاة عَليّ خطىء طَرِيق الْجنَّة)

وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (مَا جلس قوم مَجْلِسا لم يذكرُوا اللّه فِيهِ وَلم يصلوا على نَبِيّهم إِلَّا كَانَ عَلَيْهِم ترة إِن شَاءَ عذبهم وَإِن شَاءَ غفر لَهُم)

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم عَن أبي كَعْب قَالَ قلت يَا رَسُول اللّه إِنِّي أَكثر الصَّلَاة عَلَيْك فكم أجعَل من صَلَاتي قَالَ (مَا شِئْت قلت الرّبع قَالَ مَا شِئْت فَإِن زِدْت فَهُوَ خير قلت فالنصف قَالَ مَا شِئْت فَإِن زِدْت فَهُوَ خير قلت فالثلثين قَالَ مَا شِئْت فَإِن زِدْت فَهُوَ خير قلت أجعَل لَك صَلَاتي كلهَا قَالَ إِذا تَكْفِي همك وَيغْفر لَك ذَنْبك)

وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل فِي فضل الصَّلَاة عَن يَعْقُوب بن زيد بن طَلْحَة التَّيْمِيّ قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (أَتَانِي آتٍ من رَبِّي فَقَالَ مَا من عبد يُصَلِّي عَلَيْك صَلَاة إِلَّا صلى اللّه عَلَيْهِ بهَا عشرا فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ يَا رَسُول اللّه إجعل نصف دعائي لَك قَالَ إِن شِئْت قَالَ أَلا أجعَل ثُلثي دعائي لَك قَالَ إِن شِئْت قَالَ أَلا أجعَل دعائي لَك كُله قَالَ إِذا يَكْفِيك اللّه هم الدُّنْيَا وَالْآخِرَة)

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ رغم أنف إمرىء ذكرت عِنْده فَلم يصل عَلَيْك)

وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (كفى بِهِ شحا أَن يذكرنِي قوم فَلَا يصلونَ عَليّ)

وَأخرج أَيْضا عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ) من ذكرت عِنْده فَلم يصل عَليّ فقد خطىء طَرِيق الْجنَّة)

وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (صلوا عَليّ فَإِن صَلَاتكُمْ عَليّ زَكَاة لكم)

وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (صلوا عَليّ فَإِن صَلَاتكُمْ عَليّ كَفَّارَة لكم)

وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن خَالِد بن طهْمَان قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (من صلى عَليّ صَلَاة وَاحِدَة قضيت لَهُ مائَة حَاجَة)

وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (مَا من قوم يَقْعُدُونَ ثمَّ ويقومون وَلَا يصلونَ على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا كَانَ عَلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة حسرة وَإِن دخلُوا الْجنَّة لما يرَوْنَ من الثَّوَاب)

وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (إِن أنجاكم يَوْم الْقِيَامَة من أهوالها ومواطنها أَكْثَرَكُم عَليّ فِي دَار الدُّنْيَا صَلَاة إِنَّه قد كَانَ فِي اللّه وَمَلَائِكَته كِفَايَة وَلَكِن خص الْمُؤمنِينَ بذلك ليثيبهم عَلَيْهِ)

وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن أبي بكر الصّديق قَالَ الصَّلَاة على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أفضل من عتق الرّقاب وَحب رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أفضل من مهج الْأَنْفس أَو قَالَ من ضرب السَّيْف فِي سَبِيل اللّه

وَأخرج الْبَزَّار والأصبهاني عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (لَا تجعلوني كقدح الرَّاكِب فَإِن يمْلَأ قدحه ويضعه فَإِن احْتَاجَ إِلَى الشّرْب شرب أَو إِلَى الْوضُوء تَوَضَّأ وَإِلَّا اهراقه وَلَكِن إجعلوني فِي أول الدُّعَاء وأوسطه وَآخره)

وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (من دُعَاء إِلَّا بَينه وَبَين السَّمَاء حجاب حَتَّى يصل على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وعَلى آل مُحَمَّد فَإِذا فعل ذَلِك إنخرق الْحجاب وَدخل الدُّعَاء وَإِن لم يفعل ذَلِك رَجَعَ الدُّعَاء)

وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ الدُّعَاء مَوْقُوف بَين السَّمَاء وَالْأَرْض لَا يصعد مِنْهُ شَيْء حَتَّى تصلي على نبيك

وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ مَا من دَعْوَة لَا يُصَلِّي على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قبلهَا إِلَّا كَانَت معلقَة بَين السَّمَاء وَالْأَرْض

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن ابي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (مَا من صلى عَليّ حِين يصبح عشرا وَحين يُمْسِي عشرا أَدْرَكته شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة)

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (أَكْثرُوا الصَّلَاة عَليّ فِي يَوْم الْجُمُعَة وَلَيْلَة الْجُمُعَة فَمن فعل ذَلِك كنت لَهُ شَهِيدا أَو شافعا يَوْم الْقِيَامَة)

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة فِي حَدِيث الرُّؤْيَا قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (رَأَيْت رجلا من أمتِي يرعد على الصِّرَاط كَمَا ترْعد السعفة فَجَاءَتْهُ صلَاته عَليّ فسكنت رعدته)

وَأخرج الديلمي عَن أنس مَرْفُوعا من أَكثر الصَّلَاة عَليّ كَانَ فِي ظلّ الْعَرْش

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد حسن عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (أَكْثرُوا عَليّ من الصَّلَاة فِي ى كل يَوْم جُمُعَة فَإِن صَلَاة أمتِي تعرض عَليّ فِي كل يَوْم جُمُعَة فَمن كَانَ أَكْثَرهم عَليّ صَلَاة كَانَ أقربهم مني منزلَة)

وَأخرج أَبُو عبد اللّه النميري فِي فضل الصَّلَاة عَن عبد اللّه بن عَمْرو قَالَ إِن لآدَم من اللّه موقفا فِي فسح الْعَرْش عَلَيْهِ ثَوْبَان أخضران كَأَنَّهُ نَخْلَة سحوق ينظر إِلَى من ينْطَلق بِهِ من وَلَده إِلَى الْجنَّة وَينظر إِلَى من ينْطَلق بِهِ من وَلَده إِلَى النَّار فَبَيْنَمَا آدم على ذَلِك إِذْ نظر إِلَى رجل من أمة مُحَمَّد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ينْطَلق بِهِ إِلَى النَّار فينادي آدم يَا أَحْمد يَا أَحْمد فَيَقُول لبيْك يَا أَبَا الْبشر فَيَقُول هَذَا رجل من أمتك ينْطَلق بِهِ إِلَى النَّار فأشد المئزر وأهرع فِي إِثْر الْمَلَائِكَة وَأَقُول يَا رسل رَبِّي قفوا فَيَقُولُونَ نَحن الْغِلَاظ الشداد الَّذين لَا نعصى اللّه مَا أمرنَا ونفعل مَا نؤمر فَإِذا يئس النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قبض لحيته بِيَدِهِ الْيُسْرَى واستقبل الْعَرْش بِوَجْهِهِ فَيَقُول رب قد وَعَدتنِي أَن لَا تخزيني فِي أمتِي فَيَأْتِي النداء من عِنْد الْعَرْش أطِيعُوا مُحَمَّدًا وردوا هَذَا العَبْد إِلَى الْمقَام فَأخْرج من حجزتي بطاقة بَيْضَاء كالأنملة فألقيها فِي كفة الْمِيزَان الْيُمْنَى وَأَنا أَقُول بِسم اللّه فترجح الْحَسَنَات على السَّيِّئَات فينادي سعد وَسعد جده وثقلت مَوَازِينه إنطلقوا بِهِ إِلَى الْجنَّة فَأَقُول يَا رسل رَبِّي قفوا حَتَّى أسأَل هَذَا العَبْد الْكَرِيم على ربه فَيَقُول بِأبي أَنْت وَأمي مَا أحسن وَجهك وَأحسن خلقك من أَنْت فقد أقلتني عثرتي ورحمت عبرتي فَيَقُول أَنا نبيك مُحَمَّد وَهَذِه صَلَاتك الَّتِي كنت تصلي عَليّ وافتك أحْوج مَا تكون إِلَيْهَا

وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا إِذا فرغ أحدكُم من طهوره فليشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللّه وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله ثمَّ ليصل عَليّ فَإِذا قَالَ فلك فتحت لَهُ أَبْوَاب الرَّحْمَة

وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن ابي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (من صلى عَليّ فِي كتاب لم تزل الْمَلَائِكَة تستغفر لَهُ مَا دَامَ إسمي فِي ذَلِك الْكتاب) وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث ابْن عَبَّاس بِلَفْظ لم تزل الصَّلَاة جَارِيَة لَهُ

وَأخرج أَيْضا عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ أوحى اللّه عز وَجل إِلَى مُوسَى يَا مُوسَى أَتُحِبُّ أَن لَا ينالك من عَطش يَوْم الْقِيَامَة قَالَ نعم قَالَ فَأكْثر الصَّلَاة على مُحَمَّد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج ابْن أبي الْحسن الْمَيْمُونِيّ قَالَ رَأَيْت أَبَا عَليّ الْحسن بن عُيَيْنَة فِي الْمَنَام بعد مَوته وَكَانَ على أَصَابِع يَدَيْهِ شَيْئا مَكْتُوبًا بلون الذَّهَب فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ يَا بني هَذَا لكتبي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

بَاب يجل منصبه عَن الدُّعَاء للّه بِالرَّحْمَةِ

وَمن خَصَائِصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَنه يجل منصبه عَن الدُّعَاء لَهُ بِالرَّحْمَةِ

قَالَ ابْن عبد الْبر لَا يجوز لأحد إِذا ذكر النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَن يَقُول رَحمَه اللّه لِأَنَّهُ قَالَ من صلى عَليّ وَلم يقل من ترحم عَليّ وَلَا من دَعَا لي وَإِن كَانَ معنى الصَّلَاة الرَّحْمَة وَلكنه خص بِهَذَا اللَّفْظ تَعْظِيمًا لَهُ فَلَا يعدل عَنهُ إِلَى غَيره وَيُؤَيِّدهُ قَوْله تَعَالَى {لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا} انْتهى

قَالَ ابْن حجر فِي شرح البُخَارِيّ وَهُوَ بحث حسن

وَقد ذكر نَحْو ذَلِك القَاضِي أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ من الْمَالِكِيَّة والصيدلاني من الشَّافِعِيَّة فَقَالَ أَبُو الْقَاسِم الْأنْصَارِيّ شَارِح الأرشاد يجوز ذَلِك مُضَافا للصَّلَاة وَلَا يجوز مُفردا

وَفِي الذَّخِيرَة من كتب الْحَنَفِيَّة عَن مُحَمَّد يكره ذَلِك لإيهامه النَّقْص لِأَن الرَّحْمَة غَالِبا إِنَّمَا تكون لفعل مَا يلام عَلَيْهِ

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَن لَهُ أَن يُصَلِّي بِلَفْظ الصَّلَاة على من شَاءَ بِمَا وَلَيْسَ لأحد غَيره أَن يُصَلِّي إِلَّا على نَبِي أَو ملك

أخرج الشَّيْخَانِ عَن عبد اللّه بن أبي أوفى قَالَ كَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَاهُ قوم بِصَدَقَاتِهِمْ قَالَ أللّهم صل عَلَيْهِم فَأَتَاهُ أبي بصدقتة فَقَالَ اللّهمَّ صل على آل أبي أوفى

وَأخرج ابْن سعد وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيل وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ جَاءَنَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فنادته امْرَأَتي يَا رَسُول اللّه صل عَليّ وعَلى زَوجي فَقَالَ صلى اللّه عَلَيْك وعَلى زَوجك

وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لَا تصلح الصَّلَاة على أحد إِلَّا على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَلَكِن يدعى للْمُسلمين وَالْمُسلمَات بالإستغفار

قَالَ أَصْحَابنَا تكره الصَّلَاة على غير الْأَنْبِيَاء إبتداء وَقيل تحرم

قَالَ الْجُوَيْنِيّ وَالسَّلَام فِي معنى الصَّلَاة فَإِن اللّه قرن بَينهمَا فَلَا يفرد بِهِ غَائِب غير الْأَنْبِيَاء وَلَا بَأْس بِهِ على سَبِيل المخاطبة للأحياء والأموات من الْمُؤمنِينَ

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ يخص من شَاءَ بمل شَاءَ من الْأَحْكَام

أخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق عمَارَة بن خُزَيْمَة الْأنْصَارِيّ عَن عَمه أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إبتاع فرسا من رجل من الْأَعْرَاب فاستتبعه ليقضيه ثمن فرسه فأسرع

رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْمَشْي وَأَبْطَأ الْأَعرَابِي فَطَفِقَ رجال يعترضون الْأَعرَابِي يساومونه بالفرس وَلَا يَشْعُرُونَ أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قد ابتاعه حَتَّى زَاد بَعضهم الْأَعرَابِي فِي السّوم على ثمن الْفرس الَّذِي ابتاعه رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا زَاده نَادَى الْأَعرَابِي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن كنت مبتاعا هَذَا الْفرس فابتعه أَو لأبيعنه فَقَامَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حِين سمع نِدَاء الْأَعرَابِي حَتَّى أَتَاهُ الْأَعرَابِي فَقَالَ لَهُ أولست قد ابتعته مِنْك قَالَ الْأَعرَابِي لَا وَاللّه مَا بِعْتُك قَالَ فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بلَى قد ابتعته مِنْك فَطَفِقَ النَّاس يلوذون برَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وبالأعرابي وهما يتراجعان وطفق الْأَعرَابِي يَقُول هَلُمَّ شَهِيدا يشْهد إِنِّي بَايَعْتُك فَمن جَاءَ من الْمُسلمين قَالَ للأعرابي وَيلك أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يَقُول إِلَّا حَقًا حَتَّى جَاءَ خُزَيْمَة فاستمع مَا يُرَاجع رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَيُرَاجع الْأَعرَابِي وطفق الْأَعرَابِي يَقُول هَلُمَّ شَهِيدا يشْهد إِنِّي بَايَعْتُك قَالَ خُزَيْمَة أَنا أشهد أَنَّك قد بايعته فَأقبل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على خُزَيْمَة قَالَ بِمَ تشهد قَالَ بتصديقك يَا رَسُول اللّه فَجعل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم شَهَادَة خُزَيْمَة بِشَهَادَة رجلَيْنِ

وَأخرج ابْن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده عَن النُّعْمَان بن بشيرأن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اشْترى من أَعْرَابِي فرسا فجحده الْأَعرَابِي فجَاء خُزَيْمَة بن ثَابت فَقَالَ يَا أَعْرَابِي أَنا أشهد عَلَيْك أَنَّك بِعته فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَا خُزَيْمَة إِنَّا لم نشهدك كَيفَ تشهد قَالَ أَنا أصدقك على خبر السَّمَاء أَلا أصدقك على ذَا الْأَعرَابِي فَجعل النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم شَهَادَته بِشَهَادَة رجلَيْنِ فَلم يكن فِي الْإِسْلَام رجل تجوز شَهَادَته بِشَهَادَة رجلَيْنِ غير خُزَيْمَة بن ثَابت

وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن خُزَيْمَة أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من شهد لَهُ خُزَيْمَة أَو شهد عَلَيْهِ فحسبه

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ خَطَبنَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم النَّحْر فَقَالَ (من صلى صَلَاتنَا ونسك نسكنا فقد أصَاب النّسك وَمن نسك قبل الصَّلَاة فَتلك شَاة لحم فَقَامَ أَبُو بردة بن نيار فَقَالَ يَا رَسُول اللّه لقد نسكت قبل أَن أخرج إِلَى

الصَّلَاة وَعرفت أَن الْيَوْم يَوْم أكل وَشرب فتعجلت وأكلت وأطعمت أَهلِي وجيراني فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ شَاة لحم قَالَ فَإِن عِنْدِي عنَاق جَذَعَة هِيَ خير من شاتي لحم فَهَل تجزىء عني قَالَ نعم وَلنْ تجزىء عَن أحد بعْدك

وَأخرج مُسلم عَن أم عَطِيَّة قَالَت لما نزلت هَذِه الْآيَة {يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللّه شَيْئا} إِلَى {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} قَالَت كَانَ من النِّيَاحَة فَقلت يَا رَسُول اللّه إِلَّا آل فلَان فَإِنَّهُم كَانُوا أسعدوني فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَا بُد لي من أَن أسعدهم فَقَالَ إِلَّا آل فلَان

قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مَحْمُول على الترخيص لأم عَطِيَّة فِي آل فلَان خَاصَّة وللشارع أَن يخص من الْعُمُوم مَا شَاءَ

وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن عَن سهلة امْرَأَة أبي حُذَيْفَة أَنَّهَا ذكرت لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سالما مولى أبي حُذَيْفَة ودخوله عَلَيْهَا فَأمرهَا أَن ترْضِعه فأرضعته وَهُوَ رجل كَبِير بَعْدَمَا شهد بَدْرًا

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أم سَلمَة قَالَت أَبى سَائِر الْأزْوَاج النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَن يدْخل عَلَيْهِنَّ أحد بِهَذَا الرَّضَاع وقلن إِنَّمَا هَذَا رخصَة من رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لسالم خَاصَّة وَفِي لفظ لسهلة بن سُهَيْل خَاصَّة

وَأخرج الْحَاكِم عَن ربيعَة قَالَ كَانَت رخصَة لسالم

وَأخرج ابْن سعد عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس قَالَت لما أُصِيب جَعْفَر بن أبي طَالب قَالَ لي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تسلبي ثَلَاثًا ثمَّ اصنعي مَا شِئْت

وَأخرج ابْن سعد عَن عَليّ أَن الْعَبَّاس سَأَلَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي تَعْجِيل صدقته قبل أَن تحل فَرخص لَهُ فِي ذَلِك

وَأخرج ابْن سعد عَن الحكم بن عُيَيْنَة أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تعجل من الْعَبَّاس صَدَقَة سنتَيْن

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي النُّعْمَان الْأَسدي قَالَ زوج النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إمرأة على سُورَة من الْقُرْآن وَقَالَ لَا يكون لأحد من بعْدك مهر // مُرْسل // وَفِيه من لَا يعرف

وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن مَكْحُول قَالَ لَيْسَ هَذَا لأحد بعد النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن عوَانَة عَن اللَّيْث بن سعد نَحوه

وَأخرج ابْن سعد عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه قَالَ كَانَت أم أَيمن إِذا دخلت على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَت سَلام لَا عَلَيْكُم فَرخص لَهَا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَن تَقول السَّلَام وَمن وَجه آخر أَنَّهَا كَانَت عسراء اللِّسَان

وَأخرج ابْن سعد عَن مُنْذر الثَّوْريّ قَالَ وَقع بَين عَليّ وَطَلْحَة كَلَام فَقَالَ لَهُ طَلْحَة لَا كجرأتك على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سميت باسمه وكنيت بكنيته وَقد نهى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَن يجمعهما أحد من أمته بعده فَدَعَا عَليّ بِنَفر من قُرَيْش فَقَالُوا نشْهد أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَنه سيولد لَك بعدِي غُلَام فقد نحلته اسْمِي وكنيتي وَلَا تحل لأحد من أمتِي بعده

وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق مُنْذر الثَّوْريّ قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن الحنيفة قَالَ كَانَت رخصَة لعَلي قَالَ يَا رَسُول اللّه إِن ولد لي ولد بعْدك اسميه بِاسْمِك وأكنيه بكنيتك قَالَ نعم

بَاب اخْتِصَاصه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ كَانَ يؤاخي بَين من شَاءَ وَيثبت بَينهم التَّوَارُث وَلَيْسَ ذَلِك لغيره

أخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن زيد فِي قَوْله تعاى {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} قَالَ الَّذين عقد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فأتوهم نصِيبهم إِذا لم يَأْتِ رحم يحول بَينهم قَالَ وَهُوَ لَا يكون الْيَوْم إِنَّمَا كَانَ نفر آخى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بَينهم وَانْقطع ذَلِك وَلَا يكون هَذَا لأحد إِلَّا للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ آخى بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَالْيَوْم لَا يؤاخي بَين أحد

بَاب

قَالَ أَصْحَابنَا من صلى فِي الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة فمحراب رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي حَقه كالكعبة لَا يجوز الْعُدُول عَنهُ بالإجتهاد بِحَال وَكَذَا سَائِر الْبِقَاع الَّتِي صلى فِيهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يجوز الإجتهاد فِي ذَلِك التَّيَامُن والتياسر بِخِلَاف سَائِر الْبِلَاد فَإِنَّهُ يجوز فِيهَا الِاجْتِهَاد فِي التَّيَامُن والتياسر وعَلى أصح الْأَوْجه