Geri

   

 

 

İleri

 

١٥

ذكر المعجزات الَّتِي وَقعت عِنْد وفادة الْوُفُود عَلَيْهِ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

بَاب مَا وَقع فِي وَفد ثَقِيف من الْآيَات

اخْرُج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن الزُّهْرِيّ وَمن طَرِيق عُرْوَة قَالَ قدم عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأسلم ثمَّ اسْتَأْذن ليرْجع إِلَى قومه فَقَالَ لَهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (إِنِّي أَخَاف أَن يَقْتُلُوك) وَلَفظ عُرْوَة أَنهم قاتلوك قَالَ لَو وَجَدُونِي نَائِما مَا أيقظوني فَرجع إِلَيْهِم فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَام فعصوه واسمعوه من الْأَذَى فَلَمَّا أَسحر وطلع الْفجْر قَامَ على غرفَة لَهُ فَأذن بِالصَّلَاةِ وَتشهد فَرَمَاهُ رجل من ثَقِيف بِسَهْم فَقتله فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حِين بلغه قَتله (مثل عُرْوَة مثل صَاحب يس دَعَا قومه إِلَى اللّه فَقَتَلُوهُ) ثمَّ أقبل بعد قَتله من وَفد ثَقِيف بضعَة عشر رجلا فيهم كنَانَة بن عبد ياليل وَعُثْمَان بن أبي الْعَاصِ فأسلموا وَأخرجه الْحَاكِم من طَرِيق عُرْوَة

واخرج ابْن سعد نَحوه من طَرِيق الوقدي عَن عبد اللّه بن يحيى عَن غير وَاحِد من اهل الْعلم وَفِيه (انهم إِذن قاتلوك) وَفِيه أَنه لما رمي قَالَ أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول اللّه لقد اخبرني بِهَذَا انكم تقتلوني

واخرج أَبُو نعيم عَن الْوَاقِدِيّ قَالَ لما رَجَعَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من الطَّائِف قَالَ عُرْوَة ابْن مَسْعُود لغيلان بن مسلمة أَلا ترى إِلَى مَا قد قرب اللّه من أَمر هَذَا الرجل وَأَن النَّاس قد تابعوه كلهم فراغب وخائف وَنحن عِنْد النَّاس أدهى الْعَرَب ومثلنا لَا يجهل مَا يَدْعُو إِلَيْهِ مُحَمَّد وَأَنه نَبِي وَإِنِّي ذَاكر لَك أمرا لم أذكرهُ لأحد قطّ إِنِّي

قدمت نَجْرَان فِي تِجَارَة قبل أَن يظْهر مُحَمَّد بِمَكَّة وَكَانَ أسقفها لي صديقا فَقَالَ يَا أَبَا يَعْفُور أظلكم نَبِي يخرج فِي حرمكم وَهُوَ آخر الْأَنْبِيَاء وليقتلن قومه قتل عَاد فَإِذا ظهر ودعا إِلَى اللّه فَاتبعهُ فَلم أذكر من ذَلِك حرفا وَاحِدًا لآحد من ثَقِيف وَلَا غَيرهم حَتَّى السَّاعَة وَإِنِّي متبعه فَقدم عُرْوَة الْمَدِينَة فَأسلم

واخرج الْبَيْهَقِيّ عَن وهب قَالَ سَأَلت جَابِرا عَن شَأْن ثَقِيف إِذا بَايَعت قَالَ أشترطت على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا صَدَقَة عَلَيْهَا وَلَا جِهَاد وَأَنه سمع النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك يَقُول (سيتصدقون ويجاهدون إِذا أَسْلمُوا)

واخرج مُسلم عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ قَالَ قلت يَا رَسُول اللّه إِن الشَّيْطَان قد حَال بيني وَبَين صَلَاتي وقراءتي فَقَالَ (ذَاك الشَّيْطَان يُقَال لَهُ خنزب فَإِذا أحسسته فتعوذ بِاللّه مِنْهُ وأتفل عَن يسارك ثَلَاثًا قَالَ فَفعلت فاذهبه اللّه عني

واخرج أَبُو نعيم عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ قَالَ لما بَعَثَنِي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الطَّائِف عرض لي شسء فِي صَلَاتي حَتَّى كنت لَا أَدْرِي مَا أُصَلِّي فَأتيت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ (ذَاك الشَّيْطَان أدن مني فدنوت فَقَالَ أفغرفاك فَضرب صَدْرِي بِيَدِهِ وتفل فِي فِي وَقَالَ اخْرُج عَدو اللّه فَفعل ذَلِك ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ إلحق بعملك فَمَا عرض لي بعد ذَلِك)

واخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ قَالَ شَكَوْت إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سوء حفظي لِلْقُرْآنِ فَقَالَ (ذَاك شَيْطَان يُقَال لَهُ خنزب أدن مني يَا عُثْمَان ثمَّ وضع يَده على صَدْرِي فَوجدت بردهَا بَين كَتِفي وَقَالَ اخْرُج يَا شَيْطَان من صدر عُثْمَان فَمَا سَمِعت بعد ذَلِك شَيْئا إِلَّا وحفظته)

واخرج الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ من وَجه آخر عَنهُ قَالَ قلت يَا رَسُول اللّه إِن الْقُرْآن يتفلت مني فَوضع يَده على صَدْرِي وَقَالَ (يَا شَيْطَان اخْرُج من صدر عُثْمَان فَمَا نسيت شَيْئا بعد أُرِيد حفظه)

واخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ قَالَ أتيت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَبِي وجع قد كَاد يهلكني فَقَالَ (امسح بيمينك سبع مَرَّات وَقل بِسم اللّه أعوذ بعزة اللّه وَقدرته من شَرّ مَا أجد سبع مَرَّات فَفعلت ذَلِك فَاذْهَبْ اللّه مَا كَانَ بِي فَلم أزل آمُر بِهِ أَهلِي بِهِ وَغَيرهم)

بَاب مَا وَقع فِي وَفد بني حنيفَة من الْآيَات

اخْرُج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قدم مُسَيْلمَة الْكذَّاب الْمَدِينَة فِي بشر كثير من قومه فَجعل يَقُول إِن جعل لي مُحَمَّد الْأَمر من بعده اتبعته فَأقبل النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ ثَابت بن قيس بن شماس وَفِي يَد النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قِطْعَة جريد حَتَّى وقف على مُسَيْلمَة فَقَالَ (لَئِن سَأَلتنِي هَذِه الْقطعَة مَا أعطيتكها وَلنْ تعدو أَمر اللّه فِيك وَلَئِن أَدْبَرت ليَعْقِرنك اللّه وَإِنِّي أَرَاك الَّذِي أريت فِيهِ مَا رَأَيْت وَهَذَا ثَابت بن قيس يجيبك عني) ثمَّ انْصَرف قَالَ ابْن عَبَّاس فَسَأَلت عَن قَول النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّك الَّذِي أريت فِيهِ مَا رَأَيْت) فَأَخْبرنِي أَبُو هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (بَيْنَمَا أَنا نَائِم أريت أَن فِي يَدي سِوَارَيْنِ من ذهب فَأَهَمَّنِي شَأْنهمَا فَأُوحي إِلَيّ فِي الْمَنَام أَن أَنْفُخَهُمَا فَنَفَخْتهمَا فطَارَا فَأَوَّلْتهمَا كَذَّابين يخرجَانِ من بعدِي فَهَذَا أَحدهمَا الْعَنسِي صَاحب صنعاء وَالْآخر مُسَيْلمَة صَاحب الْيَمَامَة)

واخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه (بَيْنَمَا أَنا نَائِم إِذْ أتيت بخزائن الأَرْض فَوضع فِي يَدي سواران من ذهب فَكَبرَا عَليّ وَأَهَمَّانِي فَأُوحي إِلَيّ ان انْفُخْهُمَا فَنَفَخْتهمَا فَأَوَّلْتهمَا الْكَذَّابين الَّذين أَنا بَينهمَا صَاحب صنعاء وَصَاحب الْيَمَامَة)

واخرج ابْن عدي من طَرِيق مُحَمَّد بن جَابر سَمِعت أبي يذكر عَن جدي سِنَان ابْن طلق اليمامي أَنه أول وَفد وفدوا على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من بني حنيفَة فَوَجَدته يغسل رَأسه فَقَالَ (اقعد يَا أَخا الْيَمَامَة فاغسل رَأسك فغسلت رَأْسِي بفضلة غسل

رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أسلمت ثمَّ كتب لي كتابا فَقلت يَا رَسُول اللّه أَعْطِنِي قِطْعَة من قَمِيصك أستأنس بهَا فَأَعْطَانِي قَالَ مُحَمَّد بن جَابر فَحَدثني أَنَّهَا كَانَت عِنْده يغسلهَا للْمَرِيض يستشفي بهَا

بَاب مَا وَقع فِي وَفد عبد الْقَيْس من الْآيَات

اخْرُج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ عَن مزيدة العصري قَالَ بَيْنَمَا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يحدث أَصْحَابه إِذْ قَالَ لَهُم سيطلع عَلَيْكُم من هَا هُنَا ركب هم خير أهل الْمشرق فَقَامَ عمر فَتوجه نحوهم فلقي ثَلَاثَة عشر رَاكِبًا فَقَالَ من الْقَوْم قَالُوا من بني عبد الْقَيْس

واخرج ابْن سعد عَن عُرْوَة أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نظر إِلَى الْأُفق صَبِيحَة لَيْلَة قدم وَفد عبد الْقَيْس فَقَالَ (ليَأْتِيَن ركب من الْمشرق لم يكرهوا على الْإِسْلَام قد أنضوا الركاب وأفنوا الزَّاد بِصَاحِبِهِمْ عَلامَة اللّهمَّ اغْفِر لعبد الْقَيْس أَتَوْنِي لَا يَسْأَلُونِي مَالا هم خير أهل الْمشرق فجاؤوا عشْرين رجلا وَرَأسه عبد اللّه بن عَوْف الآشج وَرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد فَسَلمُوا عَلَيْهِ فَسلم عَلَيْهِم وسألهم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (أَيّكُم عبد اللّه بن عَوْف الْأَشَج فَقَالَ أَنا يَا رَسُول اللّه وَكَانَ رجلا دميما فَنظر إِلَيْهِ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ انه لَا يَسْتَقِي فِي مسوك الرِّجَال إِنَّمَا يحْتَاج من الرجل إِلَى أصغريه لِسَانه وَقَلبه فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِيك خصلتان يحبهما اللّه قَالَ عبد اللّه وَمَا هما قَالَ الْحلم والأناة قَالَ أَشَيْء حدث أم جبلت عَلَيْهِ قَالَ بل جبلت عَلَيْهِ)

واخرج الْحَاكِم عَن أنس أَن وَفد عبد الْقَيْس من أهل هجر قدمُوا على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَبَيْنَمَا هم قعُود عِنْده إِذا أقبل عَلَيْهِم فَقَالَ (لكم تَمْرَة تدعونها كَذَا وَتَمْرَة تدعونها كَذَا حَتَّى عد ألوان تمرهم أجمع فَقَالَ لَهُ رجل من الْقَوْم بِأبي أَنْت وَأمي

يَا رَسُول اللّه لَو كنت ولدت فِي جَوف هجر مَا كنت بِأَعْلَم مِنْك السَّاعَة أشهد أَنَّك رَسُول اللّه فَقَالَ إِن أَرْضكُم رفعت لي مُنْذُ قعدتم إِلَيّ فَنَظَرت من أدناها إِلَى أقصاها فَخير تمراتكم البرني يذهب الدَّاء وَلَا دَاء فِيهِ)

واخرج أَحْمد الطَّبَرَانِيّ عَن الْوَازِع قَالَ قدمت على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم والآشج فِي ركب ومعنا رجل مصاب فَقلت يَا رَسُول اللّه إِن معي خالا مصابا فَادع اللّه لَهُ قَالَ (ائْتِنِي بِهِ فَأَتَيْته بِهِ فَأخذ طَائِفَة من رِدَائه فَرَفعهَا حَتَّى رَأَيْت بَيَاض إبطَيْهِ ثمَّ ضرب ظَهره وَقَالَ اخْرُج عَدو اللّه فَأقبل ينظر نظر الصَّحِيح لَيْسَ بنظره الأول ثمَّ أقعده بَين يَدَيْهِ فَدَعَا لَهُ وَمسح وَجهه فَلم يكن فِي الْوَفْد أحد بعد دَعْوَة رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يفضل عَلَيْهِ)

واخرج احْمَد عَن شهَاب بن عباد انه سمع بعض وَفد عبد الْقَيْس يَقُول قَالَ الْأَشَج يَا رَسُول اللّه إِن أَرْضنَا ثَقيلَة وخمة وَإِنَّا إِذا لم نشرب هَذِه الْأَشْرِبَة هيجت ألواننا وعظمت بطوننا فَرخص لنا فِي مثل هَذِه وأومى بكفيه فَقَالَ (يَا أشج إِنِّي إِن رخصت لَك فِي مثل هَذِه وَقَالَ بكفيه هَكَذَا شربته فِي مثل هَذِه وَفرج يَدَيْهِ وبسطهما يَعْنِي أعظم مِنْهَا حَتَّى إِذا ثمل أحدكُم من شرابه قَامَ إِلَى ابْن عَمه فهزر سَاقه بِالسَّيْفِ وَكَانَ فِي الْقَوْم رجل يُقَال لَهُ الْحَارِث قد هزرت سَاقه فِي شراب لَهُم فِي بَيت من الشّعْر تمثل بِهِ فِي امْرَأَة مِنْهُم فَقَالَ الْحَارِث لما سَمعتهَا من رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم جعلت أسدل ثوبي فأغطي الضَّرْبَة بساقي وَقد أبداها اللّه لنَبيه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم)

بَاب مَا وَقع فِي وَفد بني عَامر من الْآيَات

اخْرُج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن إِسْحَاق قَالَ قدم على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَفد بني عَامر يفهم عَامر بن الطُّفَيْل وأربد بن قيس وخَالِد بن جَعْفَر وَكَانَ هَؤُلَاءِ النَّفر

رُؤَسَاء الْقَوْم وشياطينهم فَقدم عَامر بن الطُّفَيْل على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُرِيد أَن يغدر بِهِ فَقَالَ لأربد إِذا قدمنَا على الرجل فَإِنِّي شاغل عَنْك وَجهه فَإِذا فعلت ذَلِك فادفع لَهُ بِالسَّيْفِ فَلَمَّا قدمُوا على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عَامر يَا مُحَمَّد خالني قَالَ (حَتَّى تؤمن بِاللّه وَحده) فَلَمَّا أَبى عَلَيْهِ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أما وَاللّه لأَمْلَأَنهَا عَلَيْك خيلا حمرا ورجالا فَلَمَّا ولي قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (اللّهمَّ ألعن عَامر ابْن طفيل) فَلَمَّا خَرجُوا قَالَ عَامر لأربد وَيحك يَا أَرْبَد أَيْن مَا كنت أَمرتك بِهِ قَالَ وَاللّه مَا هَمَمْت بِالَّذِي أَمرتنِي بِهِ إِلَّا دخلت بيني وَبَين الرجل أفأضربك بِالسَّيْفِ ثمَّ خَرجُوا رَاجِعين إِلَى بِلَادهمْ حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض الطَّرِيق بعث اللّه على عَامر بطاعون فِي عُنُقه فَقتله اللّه فِي بَيت امْرَأَة من بني سلول ثمَّ قدم أَصْحَابه أَرض بني عَامر فَقَالَ الْقَوْم مَا وَرَاءَك يَا أَرْبَد قَالَ دَعَانَا إِلَى عبَادَة شَيْء لَوَدِدْت أَنه عِنْدِي فأرميه بنبلي هَذِه حَتَّى أَقتلهُ فَخرج بعد مقَالَته بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ مَعَه جمل يَبِيعهُ فَأرْسل اللّه عَلَيْهِ وعَلى جمله صَاعِقَة فأحرقتهما وَأخرج أَبُو نعيم عَن عُرْوَة بن الزبير مثله

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن إِسْحَاق بن عبد اللّه بن أبي طَلْحَة قَالَ مكث رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو على عَامر بن الطُّفَيْل ثَلَاثِينَ صباحا (اللّهمَّ اكْفِنِي عَامر بن طفيل بِمَا شِئْت وَابعث عَلَيْهِ دَاء يقْتله فَبعث اللّه عَلَيْهِ طاعونا فَقتله

واخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُؤَمل بن جميل قَالَ أَتَى عَامر بن الطُّفَيْل النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ (يَا عَامر أسلم قَالَ أسلم على أَن لي الْوَبر وَلَك الْمدر قَالَ لَا فولى وَهُوَ يَقُول وَاللّه يَا مُحَمَّد لأَمْلَأَنهَا عَلَيْك خيلا جَرَادًا ورجالا مردا ولأربطن بِكُل نَخْلَة فرسا فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (اللّهمَّ اكْفِنِي عَامِرًا واهد قومه فَخرج حَتَّى إِذا كَانَ بِظهْر الْمَدِينَة فِي بَيت سَلُولِيَّة فَأَخَذته غُدَّة فِي حلقه فَوَثَبَ على فرسه وَأخذ رمحه وَأَقْبل يجول وَهُوَ يَقُول غُدَّة كَغُدَّة الْبكر وَمَوْت فِي بَيت سَلُولِيَّة فَلم يزل تِلْكَ حَاله حَتَّى سقط عَن فرسه مَيتا) وَأخرج الْحَاكِم من حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع نَحوه

وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس أَن أَرْبَد بن قيس وعامر بن الطُّفَيْل قدما على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عَامر أَتجْعَلُ لي الْأَمر أَن أسلمت من بعْدك فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ ذَلِك لَك وَلَا لقَوْمك قَالَ وَاللّه لأَمْلَأَنهَا عَلَيْك خيلا ورجالا فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يمنعك اللّه فَلَمَّا خرجا قَالَ عَامر يَا أَرْبَد إِنِّي اشغل عَنْك مُحَمَّدًا بِالْحَدِيثِ فأضربه بِالسَّيْفِ قَالَ افْعَل فَرَجَعَا فَقَالَ عَامر يَا مُحَمَّد قُم معي أُكَلِّمك فَقَامَ مَعَه النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فسل أَرْبَد السَّيْف فَلَمَّا وضع يَده على سَيْفه يَبِسَتْ على قَائِم السَّيْف وَأَبْطَأ أَرْبَد على عَامر بِالضَّرْبِ فانصرفا فَلَمَّا كَانَا بِالرَّقْمِ أرسل اللّه على أَرْبَد صَاعِقَة فَقتلته وَأرْسل على عَامر قرحَة فَأَخَذته فَمَاتَ وَانْزِلْ اللّه تَعَالَى {اللّه يعلم مَا تحمل كل أُنْثَى} إِلَى قَوْله شَدِيد الْمحَال قَالَ المعقبات من أَمر اللّه يحفظون مُحَمَّدًا صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

بَاب مَا وَقع فِي إِسْلَام عَمْرو بن الْعَاصِ وقدومه

أخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ كنت لِلْإِسْلَامِ مجانبا معاندا حضرت بَدْرًا مَعَ الْمُشْركين فنجوت ثمَّ حصرت أحد فدخوت ثمَّ حضرت الخَنْدَق فنجوت فَقلت فِي نَفسِي كم أوضع وَاللّه لَيظْهرَن مُحَمَّد على قُرَيْش فَلَمَّا حضرت الْحُدَيْبِيَة وَانْصَرف رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي الصُّلْح وَرجعت قُرَيْش إِلَى مَكَّة جعلت أَقُول يدْخل مُحَمَّد قَابلا مَكَّة بِأَصْحَابِهِ مَا مَكَّة بمنزل وَلَا الطَّائِف وَمَا شَيْء خير من الْخُرُوج وَأَنا بعد ناء عَن الْإِسْلَام أرى لَو أسلمت قُرَيْش كلهَا لم أسلم فَقدمت مَكَّة فَجمعت رجَالًا من قومِي وَكَانُوا يرَوْنَ رَأْيِي ويسمعون مني ويقدموني فِيمَا نابهم فَقلت لَهُم كَيفَ أَنا فِيكُم قَالُوا ذُو رَأينَا قلت تعلمُونَ إِنِّي وَاللّه لأرى أَمر مُحَمَّد أمرا يَعْلُو الْأُمُور علوا مُنْكرا وَإِنِّي قد رَأَيْت رَأيا قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ نلحق بالنجاشي فنكون مَعَه فَإِن ظهر مُحَمَّد كُنَّا عِنْد النجاشى

ونكون تَحت يَد النَّجَاشِيّ أحب إِلَيْنَا من أَن نَكُون تَحت يَد مُحَمَّد وَأَن تظهر قُرَيْش فَنحْن من قد عرفُوا فَقَالُوا هَذَا الرَّأْي قَالَ فاجمعوا مَا تهدون لَهُ وَكَانَ أحب مَا يهدى إِلَيْهِ من أَرْضنَا الْأدم فجمعنا أدما كثيرا ثمَّ خرجنَا حَتَّى قدمنَا على النَّجَاشِيّ فوَاللّه إِنَّا لعنده إِذْ جَاءَ عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي وَكَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قد بَعثه إِلَيْهِ بِكِتَاب كتبه يُزَوجهُ أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان فَدخل عَلَيْهِ ثمَّ خرج من عِنْده فَقلت لِأَصْحَابِي هَذَا عَمْرو بن أُميَّة وَلَو قد دخلت على النَّجَاشِيّ قد سَأَلته إِيَّاه فأعطانيه فَضربت عُنُقه فَإِذا فعلت ذَلِك سررت قُريْشًا وَكنت قد أَجْزَأت عَنْهَا حِين قتلت رَسُول اللّه مُحَمَّد فَدخلت على النَّجَاشِيّ فسجدت لَهُ كَمَا كنت أصنع فَقَالَ مرْحَبًا بصديقي أهديت لي من بلادك شَيْئا قلت نعم أَيهَا الْملك أهديت لَك أدما كثيرا ثمَّ قربته إِلَيْهِ فأعجبه فَفرق مِنْهُ أَشْيَاء بَين بطارقته وَأمر بسائره فَأدْخل فِي مَوضِع فَلَمَّا رَأَيْت طيب نَفسه قلت أَيهَا الْملك إِنِّي قد رَأَيْت رجلا قد خرج من عنْدك وَهُوَ رَسُول عَدو لنا قد وترنا وَقتل أشرافنا وخيارنا فأعطنيه فاقتله فَغَضب فَرفع يَده فَضرب بهَا أنفي ضَرْبَة ظَنَنْت أَنه كَسره فابتدرني منخراي فَجعلت أتلقى الدَّم بثيابي فَأَصَابَنِي من الذل مَا لَو انشقت لي الأَرْض دخلت فِيهَا فرقا مِنْهُ ثمَّ قلت أَيهَا الْملك لَو ظَنَنْت أَنَّك تكره مَا قلت مَا سألتكه فَقَالَ يَا عَمْرو تَسْأَلنِي أَن أُعْطِيك رَسُول من يَأْتِيهِ الناموس الْأَكْبَر الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى وَعِيسَى لتقتله قَالَ عَمْرو فَغير اللّه قلبِي عَمَّا كنت عَلَيْهِ وَقلت فِي نَفسِي عرف هَذَا الْحق الْعَرَب والعجم وتخالفه أَنْت قلت أَتَشهد أَيهَا الْملك بِهَذَا قَالَ نعم أشهد بِهِ عِنْد اللّه يَا عَمْرو فأطعني وَاتبعهُ فوَاللّه انه لعلى الْحق وليظهرن على من خَالفه كَمَا ظهر مُوسَى على فِرْعَوْن وَجُنُوده قلت أفتبايعني لَهُ على الْإِسْلَام قَالَ نعم فَبسط يَده فبايعني على الْإِسْلَام واخرجه ابْن إِسْحَاق وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن عَمْرو بن الْعَاصِ

واخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ لما قدم عَمْرو بن الْعَاصِ من أَرض الْحَبَشَة جلس فِي بَيته فَلم يخرج إِلَيْهِم فَقَالُوا مَا شَأْنه مَا يخرج فَقَالَ عَمْرو إِن أَصْحَمَة يزْعم أَن صَاحبكُم نَبِي

واخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (يقدم عَلَيْكُم اللَّيْلَة رجل حَكِيم مهَاجر) فَقدم عَمْرو بن الْعَاصِ فَأسلم

بَاب مَا وَقع فِي وَفد دوس من الْآيَات

قَالَ ابْن سعد ثَنَا الْوَاقِدِيّ حَدثنِي الْوَلِيد بن مُسلم عَن مِنْبَر بن عبيد اللّه الدوسي قَالَ أسلم زوج أم شريك الدوسية وَهُوَ أَبُو العكر فَهَاجَرَ إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَعَ أبي هُرَيْرَة وَمَعَ دوس حِين هَاجرُوا قَالَت أم شريك فجائني أهل أبي العكر فَقَالُوا لَعَلَّك على دينه قلت أَي وَاللّه إِنِّي لعلى دينه قَالُوا لَا جرم لنعذبنك عذَابا شَدِيدا فارتحلوا بِي على جمل ثفال شَرّ رِكَابهمْ وأغلظها يطعموني الْخبز بالعسل وَلَا يسقوني قَطْرَة من مَاء حَتَّى إِذا انتصف النَّهَار وسخنت الشَّمْس وَنحن قائظون نزلُوا فَضربُوا أخبيتهم وتركوني فِي الشَّمْس حَتَّى ذهب عَقْلِي وسمعي وبصري فَفَعَلُوا ذَلِك بِي ثَلَاثَة أَيَّام فَقَالُوا لي فِي الْيَوْم الثَّالِث اتركي مَا أَنْت عَلَيْهِ قَالَت فَمَا دَريت مَا يَقُولُونَ إِلَّا الْكَلِمَة بعد الْكَلِمَة فأشير بإصبعي إِلَى السَّمَاء بِالتَّوْحِيدِ قَالَت فوَاللّه إِنِّي لعلى ذَلِك وَقد بَلغنِي الْجهد إِذْ وجدت برد دلو على صَدْرِي فَأَخَذته فَشَرِبت مِنْهُ نفسا وَاحِدًا ثمَّ انتزع مني فَذَهَبت أنظر فَإِذا هُوَ مُعَلّق بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَلم أقدر عَلَيْهِ ثمَّ دُلي إِلَيّ ثَانِيَة فَشَرِبت مِنْهُ نفسا ثمَّ رفع فَذَهَبت أنظر فَإِذا هُوَ بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ثمَّ دُلي إِلَيّ الثَّالِثَة فشريت مِنْهُ حَتَّى رويت وَأَهْرَقت على رَأْسِي ووجهي وثيابي قَالَت فَخَرجُوا فنظروا فَقَالُوا من أَيْن لَك هَذَا قلت من عِنْد اللّه رزقا رزقنيه اللّه فَانْطَلقُوا سرَاعًا إِلَى قربهم وأداواهم فوجدوها موكاة لم تحل فَقَالُوا نشْهد أَن رَبك هُوَ رَبنَا وَأَن الَّذِي رزقك مَا رزقك فِي هَذَا الْموضع بعد أَن فعلنَا بك مَا فعلنَا هُوَ الَّذِي شرع الْإِسْلَام فأسلموا وَهَاجرُوا جَمِيعًا إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وكانو يعْرفُونَ فضلي عَلَيْهِم

وَمَا صنع اللّه بِي وَهِي الَّتِي وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت عَائِشَة مَا فِي امْرَأَة حِين تهب نَفسهَا لرجل خير فَأنْزل اللّه {وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي} فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة قَالَت عَائِشَة إِن اللّه ليسرع لَك فِي هَوَاك

وَقَالَ ابْن سعد أَنبأَنَا عَارِم بن الْفضل حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن يحيى بن سعيد قَالَ هَاجَرت أم شريك الدوسية فِي آخر اللَّيْل إِذا على صدرها دلو مَوْضُوع وصفن فَشَرِبت ثمَّ بعثتهم للدلجة فَقَالَ الْيَهُودِيّ إِنِّي لأسْمع صَوت فصحبت يَهُودِيّا فِي الطَّرِيق فأمست صَائِمَة فَقَالَ الْيَهُودِيّ لامْرَأَته لِأَن سقيتها لَأَفْعَلَنَّ فباتت كَذَلِك حَتَّى إِذا كَانَ امْرَأَة لقد شربت فَقَالَت لَا وَاللّه إِن سقتني قَالَ كَانَت لَهَا عكة تعير من أَتَاهَا فاستامها رجل فَقَالَت مَا فِيهَا رب فنفختها وعلقتها فِي الشَّمْس فَإِذا مَمْلُوءَة سمنا قَالَ فَكَانَ يُقَال وَمن آيَات اللّه عكة أم شريك والصفن مثل الجراب والمزود وَلِهَذَا الحَدِيث طرق مَوْصُولَة ستأتي فِي بَاب تَكْثِير الطَّعَام وَمَا يَلِيهِ

بَاب مَا وَقع فِي وَفد سليم

أخرج ابْن سعد أَنا هِشَام بن مُحَمَّد أَخْبرنِي رجل من بني سليم قَالَ وَفد رجل منا يُقَال لَهُ قدر بن عمار على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ فَأسلم وعاهده على أَن يَأْتِيهِ بِأَلف من قومه على الْخَيل ثمَّ أَتَى قومه فَخرج مَعَه تِسْعمائَة وَخلف فِي الْحَيّ مائَة فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (أَيْن تَكْمِلَة الْألف) قَالُوا قد خلف مائَة بالحي مَخَافَة حَرْب كَانَت بَيْننَا وَبَين كنَانَة قَالَ (ابْعَثُوا إِلَيْهَا فَأَتَتْهُ لَا يأتيكم فِي عامكم هَذَا شَيْء تكرهونه فبعثوا إِلَيْهَا بالهدأة فَلَمَّا سمعُوا وئيد الْخَيل قَالُوا يَا رَسُول اللّه أَتَيْنَا قَالَ لَا بل لكم لَا عَلَيْكُم هَذِه سليم بن مَنْصُور قد جَاءَت)

بَاب مَا وَقع فِي قدوم زِيَاد الْهِلَالِي

قَالَ ابْن سعد أَنا هِشَام بن مُحَمَّد أَنا جَعْفَر بن كلاب الْجَعْفَرِي عَن أَشْيَاخ لبني عَامر قَالُوا وَفد زِيَاد بن عبد اللّه بن مَالك على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَا لَهُ وَوضع يَده على رَأسه ثمَّ حدرها على طرف أَنفه فَكَانَت بَنو هِلَال تَقول مَا زلنا نتعرف الْبركَة فِي وَجه زِيَاد وَقَالَ الشَّاعِر لعَلي بن زِيَاد

(يَا ابْن الَّذِي مسح الرَّسُول بِرَأْسِهِ ... ودعا لَهُ بِالْخَيرِ عِنْد الْمَسْجِد)

(أَعنِي زيادا لَا أُرِيد سواءه ... من غائر أَو مُتَّهم أَو منجد)

(مَا زَالَ ذَاك النُّور فِي عرنينه ... حَتَّى تبوأ بَيته فِي ملحد)

بَاب مَا وَقع فِي قدوم أبي سُبْرَة

قَالَ ابْن سعد أَنا هِشَام بن مُحَمَّد حَدثنِي الْوَلِيد بن عبد اللّه الْجعْفِيّ عَن أَبِيه عَن أَشْيَاخهم قَالُوا وَفد أَبُو سُبْرَة يزِيد بن مَالك على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ إبناه سُبْرَة وعزيز فَقَالَ أَبُو سُبْرَة يَا رَسُول اللّه إِن بِظهْر كفي سلْعَة قد منعتني من خطام رَاحِلَتي فَدَعَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بقدح فَجعل يضْرب بِهِ على السّلْعَة ويمسحها فَذَهَبت

بَاب مَا وَقع فِي قدوم جرير من الْآيَات

أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جرير البَجلِيّ قَالَ قدمت على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَلبِست حلتي وَدخلت وَهُوَ يخْطب فَرَمَانِي النَّاس بالحدق فَقلت لجليسي هَل ذكر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من أَمْرِي شَيْئا قَالَ نعم ذكرك بِأَحْسَن الذّكر بَيْنَمَا هُوَ يخْطب إِذْ عرض لَهُ فِي خطبَته فَقَالَ (إِنَّه سيدخل عَلَيْكُم من هَذَا الْبَاب أَو من هَذَا الْفَج من خير ذِي يمن وَإِن على وَجهه لمسحة ملك)

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن جرير قَالَ قَالَ لي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (أَلا تريحني من ذِي الخلصة) فَقلت يَا رَسُول اللّه إِنِّي لَا أثبت على الْخَيل فَضرب فِي صَدْرِي وَقَالَ (اللّهمَّ ثبته واجعله هاديا مهديا فسرت إِلَيْهَا فِي مائَة وَخمسين فَارِسًا من أحمس فأتيناها فحرقناها)

وَأخرج أَبُو نعيم عَن جرير قَالَ كنت لَا أثبت على الْخَيل فَذكرت ذَلِك لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَضرب بِيَدِهِ على صَدْرِي حَتَّى رَأَيْت أثر يَده على صَدْرِي وَقَالَ (اللّهمَّ ثبته واجعله هاديا فَمَا سَقَطت عَن فرسي بعد)

 

  ١٥-١بَاب مَا وَقع فِي وَفد طَيء من الْآيَات

أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن إِسْحَاق قَالَ قدم وَفد طَيء مِنْهُم زيد الْخَيل فأسلموا وَسَماهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم زيد الْخَيْر ثمَّ خرج رَاجعا إِلَى قومه فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (لن ينجو زيد من حمى الْمَدِينَة فَلَمَّا انْتهى من بلد نجد إِلَى مَاء من مياهه أَصَابَته الْحمى فَمَاتَ بهَا وَأخرجه ابْن سعد عَن أبي عُمَيْر الطَّائِي نَحوه وَابْن دُرَيْد فِي الْأَخْبَار الْمَشْهُورَة عَن أبي مخنف نَحوه

وَأخرج البُخَارِيّ عَن عدي بن حَاتِم قَالَ بَيْنَمَا أَنا عِنْد النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِذْ أَتَاهُ رجل فَشَكا اللّه الْفَاقَة وَأَتَاهُ آخر فَشَكا إِلَيْهِ قطع السَّبِيل فَقَالَ (يَا عدي بن حَاتِم إِن طَالَتْ بك حَيَاة لترين الظعينة ترتحل من الْحيرَة حَتَّى تَطوف بِالْكَعْبَةِ لَا تخَاف أحدا إِلَّا اللّه قلت فِيمَا بيني وَبَين نَفسِي فَأَيْنَ دعار طَيء الَّذين سعروا الْبِلَاد وَلَئِن طَالَتْ بك حَيَاة لتفتحن كنوز كسْرَى قلت كسْرَى بن هُرْمُز قَالَ كسْرَى بن هُرْمُز وَلَئِن طَالَتْ بك حَيَاة لترين الرجل يخرج ملْء كفيه من ذهب أَو فضَّة يطْلب من يقبله مِنْهُ فَلَا يجد قَالَ عدي قد رَأَيْت الظعينة ترتحل من الْكُوفَة حَتَّى تَطوف

بِالْبَيْتِ لَا تخَاف إِلَّا اللّه وَكنت فِيمَن أفْتَتح كنوز كسْرَى وَلَئِن طَالَتْ بكم حَيَاة سَتَرَوْنَ الثَّالِثَة

قَالَ الْبَيْهَقِيّ قد وَقعت الثَّالِثَة فِي زمن عمر بن عبد الْعَزِيز النَّاس ثمَّ أخرج عَن عمر بن أسيد بن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب قَالَ إِنَّمَا ولي عمر بن عبد الْعَزِيز سنتَيْن وَنصفا وَاللّه مَا مَاتَ عمر بن عبد الْعَزِيز حَتَّى جعل الرجل يأتينا بِالْمَالِ الْعَظِيم فَيَقُول اجعلوا هَذَا حَيْثُ ترَوْنَ فِي الْفُقَرَاء فَمَا يبرح حَتَّى يرجع بِمَالِه يتَذَكَّر من يَضَعهُ فيهم فَلَا يجده فَيرجع بِمَالِه قد أغْنى عمر بن عبد الْعَزِيز النَّاس

بَاب مَا وَقع فِي قدوم طَارق بن عبد اللّه

أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن طَارق بن عبد اللّه قَالَ قدمنَا الْمَدِينَة فَلَمَّا دنونا من حيطانها نزلنَا نلبس ثيابًا إِذا رجل فِي طمرين لَهُ فَسلم وَقَالَ أَيْن تُرِيدُونَ قُلْنَا نُرِيد هَذِه الْمَدِينَة قَالَ مَا حَاجَتكُمْ فِيهَا قُلْنَا نمتار من تمرها ومعنا ظَعِينَة لنا ومعنا جمل أَحْمَر مَخْطُوم فَقَالَ أتبيعون جملكم هَذَا قُلْنَا نعم بِكَذَا وَكَذَا صَاعا من تمر قَالَ فَمَا استوضعنا مِمَّا قُلْنَا شَيْئا فَأخذ بِخِطَام الْجمل فَانْطَلق فَلَمَّا توارى عَنَّا قُلْنَا مَا صنعنَا بعنا جملنا بِمن لَا نَعْرِف وَلَا أَخذ ناله ثمنا فَقَالَت الْمَرْأَة الَّتِي مَعنا فَلَا تَلَاوَمُوا وَاللّه لقد رَأَيْت وَجه الرجل لَا يغدر بكم مَا رَأَيْت شَبِيها أشبه بالقمر لَيْلَة الْبَدْر من وَجهه أَنا ضامنة لثمن جملكم إِذْ أقبل رجل فَقَالَ أَنا رَسُول رَسُول اللّه هَذَا تمركم فَكُلُوا واشبعوا واكتالوا واستوفوا

بَاب مَا وَقع فِي وَفد حَضرمَوْت من الْآيَات

أخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن وَائِل بن حجر قَالَ بلغنَا ظُهُور رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقدمت عَلَيْهِ فَأَخْبرنِي أَصْحَابه أَنه بشرهم بمقدمي قبل أَن أقدم بِثَلَاث

وَأخرج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ وَعِكْرِمَة وَعَاصِم بن عمر بن قَتَادَة وَغَيرهم قالو قدم وَفد حَضرمَوْت على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فأسلموا وَقَالَ مخرس يَا رَسُول اللّه ادْع اللّه أَن يذهب عني هَذِه الرته من لساني فَدَعَا لَهُ

وَقَالَ ابْن سعد أَنا هِشَام بن مُحَمَّد حَدثنَا مولى لبني هَاشم عَن أبي عُبَيْدَة من ولد عمار بن يَاسر قَالَ وَفد مخرس بن معد يكرب فِيمَن مَعَه على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ خَرجُوا من عِنْده فأصابت مخرسا اللقوة فَرجع مِنْهُم نفر فَقَالُوا يَا رَسُول اللّه سيد الْعَرَب ضَربته اللقوة فأدللنا على دوائه فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (خُذُوا مخيطا فأحموه فِي النَّار ثمَّ اقلبوا شفر عينه فَفِيهَا شفاؤه وإليها مصيره فَاللّه أعلم مَا قُلْتُمْ حِين خَرجْتُمْ من عِنْدِي فصنعوه بِهِ فبرأ)

وَقَالَ ابْن سعد أَنا هِشَام بن مُحَمَّد حَدثنِي عَمْرو بن مهَاجر الْكِنْدِيّ قَالَ قدم من حَضرمَوْت على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كُلَيْب بن أَسد فَقَالَ حِين أَتَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

(من وفر برهوت تهوى بِي عذافرة ... إِلَيْك يَا خير من يحفى وينتعل)

(شَهْرَيْن أعملها نصا على وَجل ... أَرْجُو بِذَاكَ ثَوَاب اللّه يَا رجل)

(أَنْت النَّبِي الَّذِي كُنَّا نخبره ... وبشرتنا بك التَّوْرَاة وَالرسل)

بَاب مَا وَقع فِي قدوم الْأَشْعَرِيين من الْآيَات

أخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (يقدم عَلَيْكُم قوم هم أرق مِنْكُم قلوبا فَقدم الْأَشْعَرِيين فيهم أَبُو مُوسَى)

وَقَالَ عبد الرَّزَّاق أَنا معمر قَالَ بَلغنِي أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ جَالِسا فِي أَصْحَابه يَوْمًا فَقَالَ (اللّهمَّ أَنْج أَصْحَاب السَّفِينَة ثمَّ مكث سَاعَة فَقَالَ قد استمرت فَلَمَّا دنوا من الْمَدِينَة قَالَ قد جاؤا يقودهم رجل صَالح قَالَ وَالَّذين كَانُوا فِي السَّفِينَة

الأشعريون وَالَّذِي قادهم عَمْرو بن الْحمق الْخُزَاعِيّ فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من أَيْن جئْتُمْ قَالُوا من زبيد قَالَ بَارك اللّه فِي زبيد قَالُوا وَفِي رمع قَالَ فيبارك اللّه فِي زبيد قَالُوا وَفِي رمع قَالَ فِي الثَّالِثَة وَفِي رمع) أخرجه الْبَيْهَقِيّ

وَأخرج ابْن سعد عَن عِيَاض الْأَشْعَرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى {فَسَوف يَأْتِي اللّه بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قَالَ قَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (هم قوم هَذَا يَعْنِي أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ)

بَاب مَا وَقع فِي قدوم عبد الرَّحْمَن بن أبي عقيل من الْآيَات

أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عقيل قَالَ انْطَلَقت فِي وَفد إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فأتيناه فانخننا بِالْبَابِ وَمَا فِي النَّاس أبْغض إِلَيْنَا من رجل نلج عَلَيْهِ فَلَمَّا خرجنَا مَا فِي النَّاس أحب إِلَيْنَا من رجل دَخَلنَا عَلَيْهِ فَقَالَ قَائِل منا يَا رَسُول اللّه أَلا سَأَلت رَبك ملكا كملك سُلَيْمَان فَضَحِك ثمَّ قَالَ (فَلَعَلَّ صَاحبكُم عِنْد اللّه أفضل من ملك سُلَيْمَان إِن اللّه لم يبْعَث نَبيا إِلَّا أعطَاهُ دَعْوَة فَمنهمْ من اتخذ بهَا دنيا فأعطيها وَمِنْهُم من دَعَا بهَا على قومه إِذْ عصوه فاهلكوا بهَا وَإِن اللّه أَعْطَانِي دَعْوَة فأختبأتها عِنْد رَبِّي شَفَاعَة لآمتي يَوْم الْقِيَامَة)

بَاب مَا وَقع فِي قدوم مَاعِز بن مَالك

أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْجَعْد بن عبد الرَّحْمَن بن مَاعِز أَن ماعزا أَتَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَكتب لَهُ كتابا إِن ماعزا أسلم آخر قومه وَأَنه لَا يجني عَلَيْهِ إِلَّا يَده فَبَايعهُ على ذَا

بَاب مَا وَقع فِي وَفد مزينة من الْآيَات

أخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طرق عَن النُّعْمَان بن مقرن قَالَ قدمت على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي أربعمائه رجل من مزينة وجهينة فَأمرنَا بأَمْره ثمَّ قَالَ (يَا عمر زودهم فَقَالَ مَا عِنْدِي إِلَّا فضلَة من تمر فَقَالَ زودهم فَفتح لنا عَلَيْهِ فِيهَا قدر من تمر مثل الْجمل البارك فتزود مِنْهَا أَرْبَعمِائَة رَاكب قَالَ فَكنت فِي آخر من خرج فَالْتَفت إِلَيْهِمَا فَمَا فقدت مِنْهَا مَوضِع تَمْرَة وكأنا لم نرزأة تَمْرَة)

وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن دُكَيْن بن سعيد قَالَ أَتَيْنَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي أَرْبَعمِائَة رَاكب نَسْأَلهُ الطَّعَام فَقَالَ (يَا عمر إذهب فاطعمهم وأعطهم) فَقَالَ يَا رَسُول اللّه مَا عِنْدِي إِلَّا آصَع تمر مَا يقتات عيالي فَقَالَ أَبُو بكر أسمع وأطع فَقَالَ عمر سمعا وَطَاعَة فَانْطَلق عمر حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ فَقَالَ للْقَوْم ادخُلُوا فَخُذُوا فَأخذ كل رجل مِنْهُم مَا أحب ثمَّ الْتفت إِلَيْهِ وَإِنِّي لمن آخر الْقَوْم فكأنا لم نرزأة تَمْرَة

بَاب مَا وَقع فِي وَفد بني سحيم من الْآيَات

أخرج الرشاطي عب أبي عُبَيْدَة أَن الأقعس بن سَلمَة قدم على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي وَفد بني سحيم فَأسلم فردهم إِلَى قَومهمْ وَأمرهمْ أَن يَدعُوهُم إِلَى الْإِسْلَام وَأَعْطَاهُمْ أداوة من مَاء قد تفل فِيهَا أَو مج وَقَالَ (الكني إِلَى بني سحيم فلينضموا بِهَذِهِ الأداوة مَسْجِدهمْ وليرفعوا رؤوسهم إِذا رَفعهَا اللّه) قَالَ فَنًّا تبع مُسَيْلمَة مِنْهُم رجل وَلَا خرج مِنْهُم خارجي قطّ

بَاب مَا وَقع فِي وَفد شَيبَان من الْآيَات

أخرج ابْن سعد عَن قيلة بنت مخرمَة قَالَ قدمت على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَعَ وَفد من شَيبَان وَهُوَ قَاعد القرفصاء فَلَمَّا رَأَيْت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم متخشعا فِي الجلسة أرعدت من الْفرق فَقَالَ جليسه يَا رَسُول اللّه أرعدت المسكينة فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَلم ينظر إِلَيّ وَأَنا عِنْد ظَهره (يَا مسكينة عَلَيْك السكينَة) فَلَمَّا قَالَهَا أذهب اللّه مَا كَانَ دخل قلبِي من الرعب

بَاب مَا وَقع فِي وَفد عذرة

أخرج ابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَأَبُو سعد فِي شرف الْمُصْطَفى عَن مُدْلِج بن الْمِقْدَاد بن زمل بن عَمْرو العذري قَالَ عَن أَبِيه قَالَ وَفد زمل بن عَمْرو العذري على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بِمَا سمع من صَنَمهمْ فَقَالَ) ذَاك مُؤمن من الْجِنّ فَأسلم)

وَأخرج ابْن عَسَاكِر بِسَنَد مُتَّصِل عَن زمل بن عَمْرو العذري كَانَ لبني عذرة صنم يُقَال لَهُ حمام فَلَمَّا ظهر النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سمعنَا صَوتا يَقُول يَا بني هذر بن حرَام ظهر الْحق وأودي حمام وَدفع الشّرك الْإِسْلَام قَالَ ففزعنا لذَلِك وهالنا فَمَكثْنَا أَيَّامًا ثمَّ سمعنَا صَوتا وَهُوَ يَقُول يَا طَارق يَا طَارق بعث النَّبِي الصَّادِق بِوَحْي نَاطِق صدع صادع بِأَرْض تهَامَة لناصريه السَّلامَة والخاذلية الندامة وَهَذَا الْوَدَاع مني إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ وَقع الصَّنَم لوجهه قَالَ زمل فرحلت حَتَّى أتيت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَعَ نفر من قومِي فَأسْلمت وأخبرناه بِمَا سمعنَا فَقَالَ (ذَاك من كَلَام الْجِنّ)

بَاب مَا وَقع فِي وَفد نَجْرَان من الْآيَات

أخرج ابْن إِسْحَاق وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن كرز بن عَلْقَمَة قَالَ قدم وَفد نَصَارَى نَجْرَان على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سِتُّونَ رَاكِبًا فيهم أَبُو حَارِثَة بن عَلْقَمَة حَبْرهمْ وإمامهم وَكَانَت مُلُوك الرّوم قد شرفوه ومولوه وأخدموه وَبَنُو لَهُ الْكَنَائِس وبسطوا لَهُ الكرامات لما يبلغهم عَنهُ عَن عمله واجتهاده فِي دينهم فَلَمَّا وجهوه إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم جلس أَبُو حَارِثَة على بغلة لَهُ وَأَخُوهُ كرز بن عَلْقَمَة يسايره إِذْ عثرت بغلة أبي حَارِثَة فَقَالَ كرز تعس الْأَبْعَد يُرِيد النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ أَبُو حَادِثَة بل تعست أَنْت قَالَ وَلم يَا أخي قَالَ وَاللّه إِنَّه للنَّبِي الَّذِي كُنَّا ننتظره قَالَ لَهُ كرز فَمَا يمنعك وَأَنت تعلم هَذَا قَالَ مَا صنع بِنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْم شرفونا ومولونا وأكرمونا وَقد أَبَوا إِلَّا خِلَافه وَلَو فعلت نزعوا منا كل مَا ترى فاضمر عَلَيْهَا مِنْهُ أَخُوهُ كرز حَتَّى أسلم بعد ذَلِك

وَأخرجه ابْن سعد من وَجه آخر مُرْسلا وَفِيه بل تعست أَنْت أتشتم رجلا من الْمُرْسلين إِنَّه للَّذي بشر بِهِ عِيسَى وَأَنه لفي التَّوْرَاة قَالَ فَمَا يمنعك من دينه قَالَ شرفنا هَؤُلَاءِ الْقَوْم إِلَى آخِره فَحلف أَخُوهُ أَن لَا يثني لَهُ ضفرا حَتَّى يقدم الْمَدِينَة فَيُؤمن بِهِ

وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ أَيْضا من طَرِيق سعيد بن عَمْرو عَن أَبِيه عَن جده فِي أثْنَاء حَدِيث طَوِيل وَأخرجه أَبُو نعيم من طَرِيق مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن أَبِيه عَن جده بِنَحْوِهِ

وَأخرج البُخَارِيّ عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان أَن السَّيِّد وَالْعَاقِب أَتَيَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فأرادا أَن يلاعنهما فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه لَا تلاعنه فوَاللّه لَئِن كَانَ نَبيا فلاعنته لَا نفلح نَحن وَلَا عقبنا من بعْدهَا قَالُوا لَهُ نعطيك مَا سألتنا

وَأخرج مُسلم عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ بَعَثَنِي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى نَجْرَان فَقَالُوا أَرَأَيْت مَا تقرأون {يَا أُخْت هَارُون} وَقد كَانَ بَين مُوسَى وَعِيسَى مَا قد علمْتُم فَأتيت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ (أَلا أَخْبَرتهم أَنهم كَانُوا يسمعُونَ بأسماء أَنْبِيَائهمْ وَالصَّالِحِينَ قبلهم)

وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس أَن وَفد نَجْرَان قدمُوا فَنزلت آيَة المباهلة فَقَالُوا أخرنا ثَلَاثَة أَيَّام فَذَهَبُوا إِلَى بني قُرَيْظَة وَالنضير فاستشاروهم فأشاروا عَلَيْهِم أَن يصالحوه وَلَا يلاعنوه وَهُوَ النَّبِي الَّذِي نجده فِي التَّوْرَاة والانجيل فَصَالَحُوهُ على الفي حلَّة

وَأخرج أَبُو نعيم عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن كَانَ الْعَذَاب لقد نزل على أهل نَجْرَان وَلَو فعلوا لأستوصلوا عَن جَدِيد الأَرْض)

وَأخرج ابو نعيم عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لقد أَتَانِي البشير بهلكة أهل نَجْرَان حَتَّى الطير على الشّجر والعصافير على الشّجر لَو تَمُّوا على الْمُلَاعنَة)

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ أَبُو جهل لَئِن رَأَيْت مُحَمَّدًا عِنْد الْكَعْبَة يُصَلِّي لأتيته حَتَّى أَطَأ على عُنُقه فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (لَو فعل ذَلِك لَأَخَذته الْمَلَائِكَة عيَانًا وَلَو أَن الْيَهُود تمنوا الْمَوْت لماتوا وَلَو خرج الَّذين يباهلون رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لرجعوا لَا يَجدونَ مَالا وَلَا أَهلا)

وَأخرج الْخَطِيب فِي الْمُتَّفق والمفترق بِسَنَد فِيهِ مَجَاهِيل من طَرِيق قيس بن الرّبيع عَن الشمردل بن قباث الكعبي أَنه كَانَ فِي وَفد نَجْرَان فَقَالَ يَا رَسُول اللّه بِأبي أَنْت وَأمي إِنِّي كنت أتطبب فَمَا يحل لي قَالَ (فصد الْعرق ومجسة الطعنة إِن

اضطررت وَلَا تجْعَل فِي دوائك شبرما وَعَلَيْك بالسناء وَلَا تدوا أحدا حَتَّى تعرف داءه) فَقبل رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ أَنْت أعلم بالطب مني

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن عَسَاكِر عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ ركض عمر فرسا على عهد النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فانكشف فَخذه من تَحت العبأ فابصر رجل من أهل نَجْرَان شامة فِي فَخذه فَقَالَ هَذَا الَّذِي تَجدهُ فِي كتَابنَا يخرجنا من دِيَارنَا

بَاب مَا وَقع فِي وَفد جرش من الْآيَات

أخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن إِسْحَاق قَالَ قدم صرد بن عبد اللّه الْأَسدي فَأسلم فِي وَفد من الْأسد فَأمره رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على من أسلم من قومه وَأمره أَن يُجَاهد بِمن أسلم من كَانَ يَلِيهِ من أهل الشّرك فَخرج حَتَّى نزل بجرش فحاصرها قَرِيبا من شهر ثمَّ رَجَعَ عَنْهُم قَافِلًا حَتَّى إِذا كَانَ فِي جبل لَهُم يُقَال لَهُ كشر ظن أهل جرش أَنه إِنَّمَا ولى عَنْهُم مُنْهَزِمًا فَخَرجُوا فِي طلبه حَتَّى إِذا أدركوه عطف عَلَيْهِم فَقَاتلهُمْ قتالا شَدِيدا وَقد كَانَ أهل جرش بعثوا مِنْهُم رجلَيْنِ إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ يرتادان وَينْظرَانِ فَبَيْنَمَا هما عِنْد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عَشِيَّة بعد الْفطر قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (بِأَيّ بِلَاد شكر) فَقَالَ الجرشيان ببلادنا جبل يُقَال لَهُ كشر فَقَالَ إِنَّه لَيْسَ بكشر وَلكنه شكر قَالَا فَمَا لَهُ قَالَ إِن بدن اللّه لتنحر عِنْده الْآن فَجَلَسَ الرّجلَانِ إِلَى أبي بكر وَإِلَى عُثْمَان فَقَالَا لَهما ويحكما إِن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لينعي إلَيْكُمَا قومكما فقوما فاسألاه أَن يَدْعُو اللّه فَليرْفَعْ عَن قومكما فقاما إِلَيْهِ فَسَأَلَاهُ ذَلِك فَقَالَ اللّهمَّ ارْفَعْ عَنْهُم فَخَرَجَا من عِنْد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم رَاجِعين إِلَى قومهما فوجدا قومهما أصيبوا يَوْم أَصَابَهُم صرد بن عبد اللّه فِي الْيَوْم الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالَ فِي السَّاعَة الَّتِي ذكر فِيهَا مَا ذكر فَخرج وَفد جرش حَتَّى قدمُوا فأسلموا)

١٥-٢بَاب مَا وَقع فِي قدوم مُعَاوِيَة بن حيدة

أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُعَاوِيَة بن حيدة قَالَ أتيت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا دفعت إِلَيْهِ قَالَ (أما أَنِّي سَأَلت اللّه أَن يُعِيننِي عَلَيْكُم بِالسنةِ تحفيكم وبالرعب أَن يَجعله فِي قُلُوبكُمْ فَقَالَ بيدَيْهِ جَمِيعًا أما أَنِّي قد حَلَفت هَكَذَا وَهَكَذَا أَن لَا أُؤْمِن بك وَلَا أتبعك فَمَا زَالَت السّنة تحفيني وَمَا زَالَ الرعب يَجْعَل فِي قلبِي حَتَّى قُمْت بَين يَديك

بَاب إِسْلَام فَرْوَة بن عَمْرو

أخرج ابْن سعد عَن زامل بن عَمْرو الجذامي قَالَ كَانَ فَرْوَة بن عَمْرو الجذامي عَاملا للروم على عمان من أَرض البلقاء فَأسلم وَكتب إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِإِسْلَامِهِ فَبلغ ملك الرّوم إِسْلَام فَرْوَة فَدَعَاهُ فَقَالَ ارْجع عَن دينك نملكك قَالَ لَا أُفَارِق دين مُحَمَّد وَإنَّك تعلم أَن عِيسَى قد بشر بِهِ وَلَكِنَّك تضن بملكك فحبسه ثمَّ أخرجه فَقتله وصلبه

بَاب مَا وَقع فِي وَفد فَزَارَة

أخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي وجزة يزِيد بن عبيد السَّعْدِيّ قَالَ لما رَجَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من تَبُوك وَكَانَ سنة تسع قدم عَلَيْهِ وَفد بني فَزَارَة بضعَة عشر رجلا فَقَالَ أحدهم يَا رَسُول اللّه أَسِنَت بِلَادنَا وَهَلَكت مواشينا وأجدب جناننا وغرث عيالنا فَادع اللّه لنا فَصَعدَ الْمِنْبَر ودعا فَقَالَ (اللّهمَّ اسْقِ بلادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الْمَيِّت اللّهمَّ اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا

طبقًا وَاسِعًا عَاجلا غير آجل نَافِعًا غير ضار اللّهمَّ اسقنا سقيا رَحْمَة لَا سقيا عَذَاب وَلَا هدم وَلَا غرق وَلَا محق اللّهمَّ اسقنا الْغَيْث وَانْصُرْنَا على الْأَعْدَاء فَقَامَ أَبُو لبَابَة ابْن عبد الْمُنْذر فَقَالَ يَا رَسُول اللّه إِن التَّمْر فِي المرابد فَقَالَ اللّهمَّ اسقنا حَتَّى يقوم أَبُو لبَابَة عُريَانا يسد ثَعْلَب مربده بِإِزَارِهِ فمطرت فَمَا رَأَوْا السَّمَاء سِتا وَقَامَ أَبُو لبَابَة عُريَانا يسد ثَعْلَب مربده بِإِزَارِهِ ثمَّ قيل هَلَكت الْأَمْوَال وانقطعت السبل فَصَعدَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْمِنْبَر فَقَالَ (اللّهمَّ حوالينا وَلَا علينا اللّهمَّ على الأكمام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشّجر فانجابت السَّمَاء عَن الْمَدِينَة إنجياب الثَّوْب)

بَاب مَا وَقع فِي قدوم كَعْب بن مرّة

أخرج أَبُو نعيم عَن كَعْب بن مرّة قَالَ دَعَا رَسُول اللّه على مُضر فَأَتَيْته فَقلت إِن اللّه قد نصرك وأعطاك واستجاب لَك وَإِن قَوْمك قد هَلَكُوا فأدع اللّه لَهُم فَقَالَ (اللّهمَّ اسقنا غيثا مريعا طبقًا غدقا عَاجلا غير رائث نَافِعًا غير ضار قَالَ فَمَا أَتَى علينا جُمُعَة حَتَّى مُطِرْنَا)

وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس أَن نَاسا من مُضر أَتَوا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلُوهُ أَن يَدْعُو اللّه أَن يسقيهم فَقَالَ (اللّهمَّ اسقنا غيثا مغيثا هَنِيئًا مريئا مريعا غدقا طبقًا نَافِعًا غير ضار عَاجلا غير رائث فأطبقت عَلَيْهِم حَتَّى مُطِرُوا سبعا)

بَاب مَا وَقع فِي وَفد بني مرّة بن قيس

أخرج ابْن سعد وَأَبُو نعيم من طَرِيق الْوَاقِدِيّ حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم المري عَن أَشْيَاخهم قَالُوا قدم وَفد بني مرّة على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مرجعه من تَبُوك

سنة تسع فَقَالَ لَهُم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (كَيفَ الْبِلَاد قالو وَاللّه إِنَّا لمسنتون وَمَا فِي المَال مخ فَادع اللّه لنا فَقَالَ اللّهمَّ اِسْقِهِمْ الْغَيْث فَرَجَعُوا إِلَى بِلَادهمْ فوجدوها قد مطرَت فِي الْيَوْم الَّذِي دَعَا لَهُم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقدم عَلَيْهِ قادم وَهُوَ متجهز لحجة الْوَدَاع فَقَالَ يَا رَسُول اللّه رَجعْنَا إِلَى بِلَادنَا فَوَجَدْنَاهَا مصبوبة مَطَرا لذَلِك الْيَوْم الَّذِي دَعَوْت لنا فِيهِ ثمَّ قلدتنا أقلاد الزَّرْع فِي كل خمس عشرَة مطرة جودا وَقد رَأَيْت الْإِبِل تَأْكُل وَهِي برك وَإِن غنمنا مَا تواري من أَبْيَاتنَا فترجع فتقيل فِي أهلنا فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (الْحَمد للّه الَّذِي هُوَ صنع ذَلِك)

بَاب مَا وَقع فِي وَفد الداريين

أخرج ابْن سعد من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبَة قَالَ قدم وَفد الداريين على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم منصرفة من تَبُوك وهم عشرَة فيهم تَمِيم فأسلموا فَقَالَ تَمِيم يَا رَسُول اللّه لنا جيرة من الرّوم لَهُم قَرْيَتَانِ يُقَال لإحداهما حبرى وَالْأُخْرَى بَيت عينون فان فتح اللّه عَلَيْك الشَّام فهبهما لي قَالَ (فهما لَك وَكتب لَهُ بذلك كتابا فَلَمَّا قَامَ أَبُو بكر أعطَاهُ ذَلِك)

وَأخرج مُسلم عَن فَاطِمَة بنت قيس قَالَت قدم على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تَمِيم الدَّارِيّ فَأخْبرهُ أَنه ركب الْبَحْر فتاهت بِهِ سفينته فسقطوا إِلَى جَزِيرَة فَخَرجُوا إِلَيْهَا يَلْتَمِسُونَ المَاء فلقى إنْسَانا يجر شعره فَقَالَ من أَنْت قَالَ أَنا الْجَسَّاسَة قَالُوا فأخبرينا قَالَت لَا أخْبركُم وَلَكِن عَلَيْكُم بِهَذِهِ الجزيرة فدخلناها فَإِذا رجل مُقَيّد فَقَالَ من أَنْتُم قُلْنَا نَاس من الْعَرَب قَالَ مَا فعل هَذَا النَّبِي الَّذِي خرج فِيكُم قُلْنَا قد آمن بِهِ النَّاس وَصَدقُوهُ واتبعوه قَالَ ذَاك خير لَهُم قَالَ أَفلا تخبروني عَن عين زعر مَا فعلت فَأَخْبَرنَاهُ عَنْهَا فَوَثَبَ وثبة كَاد أَن يخرج من وَرَاء الْجِدَار ثمَّ قَالَ مَا فعل نخل بيسان هَل أطْعم بعد فَأَخْبَرنَاهُ أَنه قد أطْعم فَوَثَبَ مثلهَا ثمَّ

قَالَ أما لَو أذن لي فِي الْخُرُوج لوطئت الْبِلَاد كلهَا غير طيبَة قَالَت فَأمره رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَحدث النَّاس فَقَالَ (هَذِه طيبَة وَذَاكَ الدَّجَّال)

بَاب مَا وَقع فِي قدوم الْحَارِث بن عبد كلال

قَالَ الْهَمدَانِي فِي الْأَنْسَاب وَفد الْحَارِث بن عبد كلال الْحِمْيَرِي أحد أقيال الْيمن إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ قبل أَن يدْخل عَلَيْهِ (يدْخل عَلَيْكُم من هَذَا الْفَج رجل كريم الجدين صبيح الْخَدين فَدخل الْحَارِث فَأسلم فأعتنقه وافرشه رِدَاءَهُ)

بَاب مَا وَقع فِي وَفد بني الْبكاء

أخرج ابْن سعد وَابْن شاهين وثابت فِي الدَّلَائِل من طَرِيق الْجَعْد بن عبد اللّه بن مَاعِز البكائي عَن أَبِيه قَالَ وَفد من بني الْبكاء على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سنة تسع ثَلَاثَة نفر مُعَاوِيَة بن ثَوْر وَابْنه بشر والنجيع بن عبد اللّه وَمَعَهُمْ عبد عَمْرو قَالَ مُعَاوِيَة يَا رَسُول اللّه إِنِّي أتبرك بمسك فامسح وَجه بني بشر فَمسح وَجهه وَأَعْطَاهُ أَعْنُزًا عفرا وبرك عَلَيْهِنَّ قَالَ الْجَعْد فَالسنة رُبمَا أَصَابَت بني الْبكاء وَلَا تصيبهم وَقَالَ مُحَمَّد بن بشر بن مُعَاوِيَة فِي ذَلِك

(وَأبي الَّذِي مسح الرَّسُول بِرَأْسِهِ ... ودعا لَهُ بِالْخَيرِ والبركات)

(أعطَاهُ أَحْمد إِذا أَتَاهُ أَعْنُزًا ... عفرا نواجل لسن باللجبات)

(يملأن وَفد الْحَيّ كل عَشِيَّة ... وَيعود ذَاك الْمَلأ بالغداوات)

(بوركن من منح وبورك مانحا ... وَعَلِيهِ مني مَا حييت صَلَاتي) اللجبات: اللقلية اللَّبن

وَأخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالْبَغوِيّ وَابْن مندة فِي الصَّحَابَة من طَرِيق صاعد بن الْعَلَاء بن بشر عَن أَبِيه عَن جده بشر بن مُعَاوِيَة أَنه قدم مَعَ أَبِيه مُعَاوِيَة بن ثَوْر على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَمسح رَأسه ودعا لَهُ فَكَانَت فِي وَجهه مسحة النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كالغرة وَكَانَ لَا يمسح شَيْئا إِلَّا برأَ

بَاب مَا وَقع فِي وَفد تجيب

قَالَ ابْن سعد أَنا الْوَاقِدِيّ حَدثنَا عبد اللّه بن عَمْرو بن زُهَيْر عَن أبي الْحُوَيْرِث قَالَ قدم وَفد تجيب على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سنة تسع وَفِيهِمْ غُلَام فَقَالَ يَا رَسُول اللّه اقْضِ حَاجَتي قَالَ وَمَا حَاجَتك قَالَ تسْأَل اللّه أَن يغْفر لي ويرحمني وَيجْعَل غناي فِي قلبِي فَقَالَ اللّهمَّ أَغفر لَهُ وارحمه وَاجعَل غناهُ فِي قلبه فَرَجَعُوا ثمَّ وافوا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَوْسِم بمنى سنة عشر فَسَأَلَهُمْ عَن الْغُلَام فَقَالُوا مَا رَأينَا مثله أقنع مِنْهُ بِمَا رزقه اللّه فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (إِنِّي لأرجو أَن يَمُوت جَمِيعًا)

بَاب مَا وَقع فِي وَفد سلامان

أخرج أَبُو نعيم من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه أَن وَفد سلامان قدمُوا فِي شَوَّال سنة عشر فَقَالَ لَهُم النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (كَيفَ الْبِلَاد عنْدكُمْ) قَالُوا مُجْدِبَة فَادع اللّه أَن يسقينا فِي أوطاننا فَقَالَ (اللّهمَّ اِسْقِهِمْ الْغَيْث فِي بِلَادهمْ) فَقَالُوا يَا نَبِي اللّه ارْفَعْ يَديك فَأَنَّهُ أَكثر وَأطيب فَتَبَسَّمَ وَرفع يَدَيْهِ حَتَّى بدا بَيَاض إبطَيْهِ ثمَّ رجعُوا إِلَى بِلَادهمْ فوجدوها قد مطرَت فِي الْيَوْم الَّذِي دَعَا فِيهِ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي تِلْكَ السَّاعَة

بَاب مَا وَقع فِي وَفد محَارب

قَالَ ابْن سعد أَنا الْوَاقِدِيّ حَدثنِي مُحَمَّد بن صَالح عَن أبي وجزة السَّعْدِيّ قَالَ قدم وَفد محَارب سنة عشر فِي حجَّة الْوَدَاع وهم عشرَة نفر فيهم بَنو أبي الْحَارِث وَابْنه خُزَيْمَة فَمسح رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَجه خُزَيْمَة فَصَارَت لَهُ غرَّة بَيْضَاء

بَاب مَا وَقع فِي وَفد الْجِنّ

قَالَ أَبُو نعيم إِسْلَام الْجِنّ ووفادتهم على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كوفادة الْإِنْس فوجا بعد فَوْج وقبيلة بعد قَبيلَة بِمَكَّة وَبعد الْهِجْرَة

وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق عَمْرو بن غيلَان الثَّقَفِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ إِن أهل الصّفة أَخذ كل رجل مِنْهُم رجل يعشيه وَتركت فأخذني رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى حجرَة أم سَلمَة ثمَّ انْطلق بِي حَتَّى أَتَيْنَا بَقِيع الْغَرْقَد فَخط بعصاه خطة ثمَّ قَالَ اجْلِسْ فِيهَا وَلَا تَبْرَح حَتَّى آتِيك ثمَّ انْطلق يمشي وَأَنا أنظر إِلَيْهِ خلال النّخل حَتَّى إِذا كَانَ من حَيْثُ أرَاهُ ثارت مثل الْعَجَاجَة السَّوْدَاء ففرقت فَقلت إلحق برَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَإِنِّي أَظن هَذِه هوَازن مكروا برَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ليقتلوه فأسعى إِلَى الْبيُوت فاستغيث بِالنَّاسِ فَذكرت أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَوْصَانِي أَن لَا أَبْرَح مَكَاني الَّذِي أَنا فِيهِ فَسمِعت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يقرعهم بعصاه وَيَقُول اجلسوا فجلسوا حَتَّى كَاد ينشق عَمُود الصُّبْح ثمَّ ثَارُوا وذهبوا فَأَتَانِي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أُولَئِكَ وَفد الْجِنّ سَأَلُونِي الْمَتَاع والزاد فَمَتَّعْتهمْ بِكُل عظم حَائِل أَو رَوْثَة أَو بعر فَلَا يَجدونَ عظما إِلَّا وجدو عَلَيْهِ لَحْمه الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ يَوْم أكل وَلَا رَوْثَة إِلَّا وجدوا فِيهَا حبها الَّذِي كَانَ فِيهَا يَوْم أكلت

وَأخرج أَبُو نعيم عَن الزبير بن الْعَوام قَالَ صلى بِنَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الصُّبْح فِي مَسْجِد الْمَدِينَة فَلَمَّا انْصَرف قَالَ أَيّكُم يَتبعني إِلَى وَفد الْجِنّ اللَّيْلَة فَخرجت مَعَه حَتَّى خفيت عَنَّا جبال الْمَدِينَة كلهَا وأفضينا إِلَى أَرض برَاز فَإِذا رجال طوال كَأَنَّهُمْ الرماح مستذفري ثِيَابهمْ من بَين أَرجُلهم فَلَمَّا رَأَيْتهمْ غشيتني رعدة شَدِيدَة حَتَّى مَا تمسكني رجلاي من الْفرق فَلَمَّا دنونا مِنْهُم خطّ لي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خطا فَقَالَ لي أقعد فِي وَسطه فَلَمَّا جَلَست ذهب عني كل شَيْء كنت أَجِدهُ من رِيبَة وَمضى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بيني وَبينهمْ فتلأ قُرْآنًا وبقوا حَتَّى طلع الْفجْر ثمَّ أقبل فَقَالَ لي الْحق فمشيت مَعَه فمضينا غيربعيد فَقَالَ لي الْتفت وَانْظُر هَل ترى حَيْثُ كَانَ أُولَئِكَ من أحد فَقلت أرى سوادا كثيرا فخفض رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم رَأسه إِلَى الأَرْض فنظم عظما بروثة ثمَّ رمى بهَا إِلَيْهِم وَقَالَ إِنَّهُم سَأَلُونِي الزَّاد فَجعلت لَهُم كل عظم وروثة

وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ خرجت مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أبغني أحجارا استنفض بهَا وَلَا تأتني بِعظم وَلَا بروثة فَقلت يَا رَسُول اللّه مَا بَال الْعظم والروثة قَالَ (إِنَّه قد جَاءَنِي وَفد جن نَصِيبين من الشَّام وَنعم الْوَفْد فسألوني الزَّاد فدعوت لَهُم أَن لَا يمروا بِعظم وَلَا رَوْثَة إِلَّا وجدوا عَلَيْهِ طَعَاما)

وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن بِالْمَدِينَةِ نَفرا من الْجِنّ قد أَسْلمُوا فَمن رأى من هَذِه العوامر شَيْئا فليؤذنه ثَلَاثَة أَيَّام فَإِن بدا لَهُ بعد ثَلَاث فليقتله فَإِنَّهُ الشَّيْطَان)

وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم جَاءَتْهُ وُفُود الْجِنّ من الجزيرة فأقاموا عِنْد النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَا بدا لَهُم ثمَّ أَرَادوا الرُّجُوع إِلَى بِلَادهمْ فَسَأَلُوهُ أَن يزودهم فَقَالَ (مَا عِنْدِي مَا أزودكم وَلَكِن اذْهَبُوا فَكل عظم مررتم بِهِ فَهُوَ لكم لَحْمًا غريضا وكل رَوْث مررتم بِهِ فَهُوَ لكم تمر فَلذَلِك نهى أَن يستنجى بالروث والرمة)

وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ خرج رجل من خَيْبَر فَتَبِعَهُ رجلَانِ وَآخر يتلوهما يَقُول أرجعا حَتَّى أدركهما فردهما ثمَّ لحق الرجل فَقَالَ لَهُ إِن هذَيْن شيطانان وَإِنِّي لم أزل بهما حَتَّى رددتهما عَنْك فَإِذا أتيت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فاقرأ السَّلَام وَأخْبرهُ إِنَّا فِي جمع صَدَقَاتنَا وَلَو كَانَت تصلح لَهُ لبعثنا بهَا إِلَيْهِ فَلم قدم الرجل الْمَدِينَة أَتَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَنهى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذَلِك عَن الْخلْوَة

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَأَبُو نعيم عَن كثير بن عبد اللّه بن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده قَالَ بِلَال بن الْحَارِث نزلنَا مَعَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره العرج فَلَمَّا قاربته سَمِعت لَغطا وخصومة رجال لم أر أحد من ألسنتهم قطّ فوقفت حَتَّى جَاءَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يضْحك فَقَالَ (اخْتصم عِنْدِي الْجِنّ الْمُسلمُونَ وَالْجِنّ الْمُشْركُونَ فسألوني أَن أسكنهم فأسكنت الْمُسلمين الجلس وأسكنت الْمُشْركين الْغَوْر) وَقَالَ كثير الجلس الْقرى وَالْجِبَال والغور مَا بَين الْجبَال والبحار قَالَ كثير وَمَا رَأَيْت أحدا أُصِيب بالجلس إِلَّا سلم وَلَا أُصِيب بالغور إِلَّا لم يكد يسلم

وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ رَأَيْت من رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة أَشْيَاء لَو لم يَأْتِ بِالْقُرْآنِ لآمنت بِهِ تصحرنا فِي جبانة تَنْقَطِع الطّرق دونهَا فاخذ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْوضُوء وَرَأى نخلتين متفرقتين فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَا جَابر (اذْهَبْ إِلَيْهِمَا فَقل لَهما اجْتمعَا فاجتمعتا حَتَّى كَأَنَّهُمَا أصل وَاحِد فَتَوَضَّأ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فبادرته بِالْمَاءِ وَقلت لَعَلَّ اللّه أَن يطلعني على مَا خرج من جَوْفه فآكله فَرَأَيْت الأَرْض بَيْضَاء فَقلت يَا رَسُول اللّه أما كنت تَوَضَّأت قَالَ بلَى وَلَكنَّا معشر النَّبِيين أمرت الأَرْض أَن تواري مَا يخرج منا من الْغَائِط وَالْبَوْل ثمَّ افْتَرَقت النخلتان فَبَيْنَمَا نسير إِذا أَقبلت حَيَّة سَوْدَاء ثعبان ذكر فَوضعت رَأسهَا فِي أذن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَوضع النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَمه على أذنها فناجاها ثمَّ لكَأَنَّمَا الأَرْض قد ابتلعتها فَقلت يَا رَسُول اللّه لقد أشفقنا عَلَيْك قَالَ هَذَا وَفد الْجِنّ نسوا سُورَة فارسلوه إِلَيّ ففتحت عَلَيْهِم الْقُرْآن ثمَّ انتهينا إِلَى قَرْيَة فَخرج إِلَيْنَا فِئَام من النَّاس مَعَ جَارِيَة كَأَنَّهَا فلقَة الْقَمَر حِين تمحى عَنهُ السَّحَاب حسناء مَجْنُونَة فَقَالَ أَهلهَا احتسب فِيهَا يَا رَسُول اللّه فَدَعَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ لجنيها وَيحك أَنا مُحَمَّد رَسُول اللّه خل عَنْهَا واستحيت وَرجعت صَحِيحَة ياب مَا وَقع فِي قدوم خريم بن فاتك

أخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ خريم بن فاتك لعمر بن الْخطاب أَلا أخْبرك ببدء إسلامي بَينا فِي طلب نعم لي إِذْ جن اللَّيْل فناديت بِأَعْلَى صوتي أعوذ بعزيز هَذَا الْوَادي من سُفَهَاء قومه وَإِذا هَاتِف يَهْتِف بِي

(عذيا فَتى بِاللّه ذِي الْجلَال ... وَالْمجد والنعماء والإفضال)

(واقتر آيَات من الْأَنْفَال ... ووحد اللّه وَلَا تبال) فرعت من ذَلِك روعا شَدِيدا فَلَمَّا رجعت لنَفْسي قلت

(يَا أَيهَا الْهَاتِف مَا تَقول ... أرشد عنْدك أم تضليل)

(بَين لنا هديت مَا السَّبِيل ... ) فَقَالَ

(هَذَا رَسُول اللّه ذُو الْخيرَات ... بِيَثْرِب يَدْعُو إِلَى النجَاة)

(جَاءَ بياسين وحاميمات ... وسور بعد مفصلات)

(مُحرمَات ومحللات ... يَأْمُرنَا بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاة)

(ويزع النَّاس عَن الهنات ... يُنْهِي عَن الْمُنكر لَا الطَّاعَات) فركبت رَاحِلَتي فَدخلت الْمَدِينَة فاطلعت فِي الْمَسْجِد فَخرج إِلَيّ أَبُو بكر فَقَالَ ادخل رَحِمك اللّه فقد بلغنَا إسلامك فَدخلت وَرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر يَقُول (مَا من عبد مُسلم تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ صلى صَلَاة يَعْقِلهَا ويحفظها إِلَّا دخل الْجنَّة)

فَقَالَ عمر لتَأْتِيني على هَذَا بِبَيِّنَة فَشهد لَهُ عُثْمَان

وَأخرج ابْن عَسَاكِر من وَجه آخر عَن قيس بن الرّبيع الْأَسدي قَالَ قَالَ خريم فَذكر نَحوه وَزَاد بعد الشّعْر فَقلت يَعْنِي للّهاتف من أَنْت رَحِمك اللّه قَالَ أَنا عَمْرو بن اثال وَأَنا عَامله على جن نجد الْمُسلمين وكفيت إبلك حَتَّى تقدم على أهلك فَخرجت حَتَّى أتيت الْمَدِينَة فتلقاني رجل فَقَالَ إِن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول لقد بَلغنِي إسلامك قلت من أَنْت قَالَ أَنا أَبُو ذَر فَدخلت الْمَسْجِد وَرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر فَشَهِدت شَهَادَة الْحق وَقلت يَا رَسُول اللّه جزى اللّه صَاحِبي خيرا فَقَالَ أما علمت أَنه قد أدّى أبلك إِلَى أهلك

وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر أَيْضا من وَجه آخر عَن خريم وَفِيه فَقلت من أَنْت قَالَ أَنا مَالك بن مَالك الجني بَعَثَنِي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على جن أهل نجد قلت أما لَو كَانَ من يُؤَدِّي إبلي هَذِه إِلَى أَهلِي لأتيته حَتَّى أسلم قَالَ أَنا اؤديها فركبت بَعِيرًا مِنْهَا فَقدمت فَإِذا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر فَلَمَّا رَآنِي قَالَ مَا فعل الرجل الَّذِي ضمن لَك أَن يُؤَدِّي إبلك أما أَنه قد أَدَّاهَا سَالِمَة

بَاب مَا وَقع فِي إِسْلَام خنافر بن التؤم الْحِمْيَرِي

أخرج ابْن دُرَيْد فِي الْأَخْبَار المنثورة قَالَ أَخْبرنِي عمي عَن أَبِيه عَن ابْن الْكَلْبِيّ عَن أَبِيه قَالَ كَانَ خنافر بن التؤم كَاهِنًا فَلَمَّا وفدت وُفُود الْيمن على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ظهر الْإِسْلَام أفار على إبل لمراد وَخرج بِمَالِه وَأَهله فلحق بالشحر وَكَانَ لَهُ رئي فِي الْجَاهِلِيَّة فَفَقدهُ فِي الْإِسْلَام قَالَ فَبَيْنَمَا أَنا ذَات لَيْلَة بذلك الْوَادي إِذْ هوى عَليّ هوي الْعقَاب فَقَالَ خنافر فَقلت شصار فَقَالَ اسْمَع أقل قلت أسمع قَالَ عه تغنم لكل ذِي أمد نِهَايَة وكل ذِي ابْتِدَاء إِلَى غَايَة فَقلت أجل قَالَ كل دولة إِلَى أجل ثمَّ يتاح لَهَا حول وَقد انتسخت النَّحْل

وَرجعت إِلَى حقائقها الْملَل إِنِّي أتيت بِالشَّام نَفرا من آل العدام حكاما على الْحُكَّام يزبرون ذَا رونق من الْكَلَام لَيْسَ بالشعر الْمُؤلف وَلَا السجع الْمُكَلف فأصغيت فزجرت فعاودت فطلعت فَقلت بِمَا تهينمون وَإِلَى مَا تغترون فَقَالُوا خطاب كبار جَاءَ من عِنْد الْملك الْجَبَّار فاسمع يَا شصار لأصدق الْأَخْبَار واسلك أوضح الْآثَار تنج من أوار النَّار فَقلت وَمَا هَذَا الْكَلَام قَالُوا فرقان بَين الْكفْر والأيمان أَتَى بِهِ رَسُول من مُضر ثمَّ من أهل الدَّار انْبَعَثَ فَظهر فجَاء بقول قد بهر وأوضح نهجا قد دبر فَفِيهِ مواعظ لمن اعْتبر قلت وَمن هَذَا الْمَبْعُوث بِالْآيِ الْكبر قَالَ أَحْمد خير الْبشر فَإِن آمَنت أَعْطَيْت الْبشر وَإِن خَالَفت أصليت سقر فآمنت وَأَقْبَلت إِلَيْك أبادر فجانب كل نجس كَافِر وشائع كل مُؤمن طَاهِر وَإِلَّا فَهُوَ الْفِرَاق فاحتملت بأهلي فَرددت الْإِبِل إِلَى أَهلهَا ثمَّ أَقبلت إِلَى معَاذ بن جبل بِصَنْعَاء فَبَايَعته على الْإِسْلَام وَفِي ذَلِك أَقُول

(ألم تَرَ أَن اللّه عَاد بفضله ... وأنقذ من لفح الْجَحِيم خنافرا)

(دَعَاني شصار للَّتِي لَو رفضتها ... لأصليت جمرا من لظى الهول جامرا) 

  ١٥-٣بَاب مَا وَقع فِي قدوم جَهْجَاه

أخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَن جَهْجَاه الْغِفَارِيّ أَنه قدم فِي نفر من قومه يُرِيدُونَ الْإِسْلَام فَحَضَرُوا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْمغرب

بَاب مَا وَقع فِي قدوم رَاشد بن عبد ربه

أخرج أَبُو نعيم من طَرِيق حَكِيم بن عَطاء السّلمِيّ من ولد رشاد بن عبد ربه عَن أَبِيه عَن جده عَن رَاشد بن عبد ربه قَالَ كَانَ الصَّنَم الَّذِي يُقَال لَهُ سواع بالمعلاة من رهاط فارسلتني بَنو ظفر بهدية إِلَيْهِ فألفيت مَعَ الْفجْر ألى صنم قبل صنم سواع وَإِذا صارخ يصْرخ من جَوْفه الْعجب كل الْعجب من خُرُوج نَبِي من بني عبد الْمطلب يحرم الزِّنَا والربا وَالذّبْح للأصنام وحرست السَّمَاء ورمينا بِالشُّهُبِ ثمَّ هتف هَاتِف من جَوف صنم آخر ترك الضمار وَكَانَ يعبد خرج أَحْمد نَبِي يُصَلِّي الصَّلَاة وَيَأْمُر بِالزَّكَاةِ وَالصِّيَام وَالْبر والصلات للأرحام ثمَّ هتف من جَوف صنم آخر هَاتِف

(إِن الَّذِي ورث النُّبُوَّة وَالْهدى ... بعد ابْن مَرْيَم مِنْهُ قُرَيْش مهتدي)

(نَبِي يخبر بِمَا سبق وَمَا يكون فِي غَد ... ) قَالَ رَاشد فألفيت سواعا من الْفجْر فَإِذا ثعلبان يلحسان مَا حوله ويأكلان مَا يهدى لَهُ ثمَّ يعرجان عَلَيْهِ ببولهما فَعِنْدَ ذَلِك يَقُول رَاشد

(ارب يَبُول الثعلبان بِرَأْسِهِ ... لقد ذل من بَالَتْ عَلَيْهِ الثعالب) وَذَلِكَ عِنْد مخرج رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة فَخرج رَاشد حَتَّى أَتَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة فَأسلم وَبَايَعَهُ ثمَّ طلب من قطيعة برهاط فأقطعه إِيَّاهَا وَأَعْطَاهُ أدواة مَمْلُوءَة من مَاء وتفل فِيهَا وَقَالَ لَهُ (فرغها فِي أَعلَى القطيعة وَلَا تمنع النَّاس فضولها) فَفعل فجَاء المَاء معينا مجمة ألى الْيَوْم فغرس عَلَيْهَا النّخل وَيُقَال أَن رهاط كلهَا تشرب مِنْهُ وَسَماهُ النَّاس مَاء الرَّسُول وَأهل رهاط يغتسلون مِنْهُ ويستشفون بِهِ

بَاب مَا وَقع فِي إِسْلَام الْحجَّاج بن علاط

أخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الهواتف وَابْن عَسَاكِر عَن وَاثِلَة بن الاسقع قَالَ كَانَ سَبَب إِسْلَام الْحجَّاج بن علاط أَنه خرج فِي ركب من قومه إِلَى مَكَّة فَلَمَّا جن عَلَيْهِ اللَّيْل استوحش فَقَامَ يحرس أَصْحَابه بِهِ وَيَقُول

(أعيذ نَفسِي وأعيذ صبحي ... من كل جني بِهَذَا النقب)

(حَتَّى أَعُود سالما وركبي ... ) فَسمع قَائِلا يَقُول {يَا معشر الْجِنّ وَالْإِنْس إِن اسْتَطَعْتُم أَن تنفذوا من أقطار السَّمَاوَات وَالْأَرْض} الْآيَة فَلَمَّا قدم مَكَّة أخبر بذلك قُريْشًا فَقَالُوا لَهُ إِن هَذَا فِيمَا يزْعم مُحَمَّد أَنه أنزل عَلَيْهِ فَسَأَلَ عَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قيل لَهُ هُوَ بِالْمَدِينَةِ فَأسلم

بَاب مَا وَقع فِي إِسْلَام رَافع بن عُمَيْر

أخرج الخرائطي فِي الهواتف عَن سعيد بن جُبَير أَن رجلا من بني تَمِيم يُقَال لَهُ رَافع بن عُمَيْر ذكر عَن بَدْء إِسْلَامه قَالَ إِنِّي لأسير برمل عالج ذَات لَيْلَة إِذْ غلبني النّوم فَنزلت وَقلت أعوذ بعظيم هَذَا الْوَادي من الْجِنّ فَذكر قصَّة إِلَى أَن قَالَ وَإِذا بشيخ من الْجِنّ تبدى لي فَقَالَ يَا هَذَا إِذا نزلت وَاديا من الأودية فَخفت هوله فَقل أعوذ بِاللّه رب مُحَمَّد من هول هَذَا الْوَادي وَلَا تعذ بِأحد من الْجِنّ فقد بَطل أمرهَا فَقلت لَهُ وَمن مُحَمَّد هَذَا قَالَ هَذَا نَبِي عَرَبِيّ لَا شَرْقي وَلَا غربي بعث يَوْم الِاثْنَيْنِ قلت فَأَيْنَ مَسْكَنه قَالَ يثرب ذَات النّخل فركبت رَاحِلَتي وجديت السّير حَتَّى قدمت الْمَدِينَة فرآني رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَحَدثني بحديثي قبل أَن أذكر لَهُ مِنْهُ شَيْئا وَدَعَانِي إِلَى الْإِسْلَام فَأسْلمت

بَاب مَا وَقع فِي إِسْلَام الحكم بن كيسَان مولى بني مَخْزُوم

أخرج ابْن سعد عَن الْمِقْدَاد بن عَمْرو قَالَ أسرت الحكم بن كيسَان فقدمنا بِهِ على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَجعل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَدعُوهُ إِلَى الْإِسْلَام فَأطَال فَقَالَ عمر علام تكلم هَذَا يَا رَسُول اللّه وَاللّه لَا يسلم هَذَا آخر الْأَبَد دَعْنِي اضْرِب عُنُقه فَجعل النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَا يقبل على عمر حَتَّى أسلم الحكم قَالَ عمر فَمَا هُوَ إِلَّا أَن رَأَيْته قد أسلم أَخَذَنِي مَا تقدم وَمَا تَأَخّر قلت كَيفَ أرد على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أمرا هُوَ أعلم بِهِ مني ... بَاب مَا وَقع فِي قدوم أبي صفرَة

أخرج ابْن مندة وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُحَمَّد بن غَالب بن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد ابْن الْمُهلب بن أبي صفرَة قَالَ ذكر أبي عَن آبَائِهِ أَن أَبَا صفرَة قدم على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على أَن يبايعه وَعَلِيهِ حلَّة صفراء يسحبها خَلفه وَله طول ومنظر وجمال وفصاحة فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (من أَنْت) قَالَ أَنا قَاطع بن سَارِق بن ظَالِم بن عَمْرو بن شهَاب بِمَ مرّة بن الهلقام بن الجلندي بن المستكبر بن الجلندي الَّذِي كَانَ يَأْخُذ كل سفينة غصبا أَنا ملك ابْن ملك فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (أَنْت أَبُو صفرَة دع عَنْك سَارِقا ظَالِما) فَقَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللّه وانك عَبده وَرَسُوله) حَقًا حَقًا إِن ليل ثَمَانِيَة عشر ذكرا وَقد رزقت باخرة بِنْتا فسميتها صفرَة

بَاب مَا وَقع فِي قدوم عِكْرِمَة بن أبي جهل

أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن أَبَا جهل أَتَانِي فبايعني) فَلَمَّا أسلم خَالِد قيل لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قد صدق اللّه

رُؤْيَاك يَا رَسُول اللّه هَذَا كَانَ إِسْلَام خَالِد فَقَالَ (لَيَكُونن غَيره) حَتَّى أسلم عِكْرِمَة بن أبي جهل فَكَانَ ذَلِك تَصْدِيق رُؤْيَاهُ

وَأخرج الْحَاكِم عَن أم سَلمَة قَالَت قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (رَأَيْت لأبي جهل عذقا فِي الْجنَّة فَلم أسلم عِكْرِمَة قلت هُوَ هَذَا)

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ قتل عِكْرِمَة بن أبي جهل صَخْر الْأنْصَارِيّ فَبلغ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَضَحِك فَقَالَ الْأَنْصَار يَا رَسُول اللّه تضحك أَن قتل رجل من قَوْمك رجلا من قَومنَا قَالَ (مَا ذَاك أضحكني وَلكنه قَتله وَهُوَ مَعَه فِي دَرَجَته)

بَاب مَا وَقع فِي قدوم النخع

أخرج ابْن شاهين من طَرِيق ابي الْحسن الْمَدَائِنِي عَن شُيُوخه قَالُوا قدم وَفد النخع فِي الْمحرم سنة عشر عَلَيْهِم زُرَارَة بن عَمْرو فَقَالَ زُرَارَة يَا رَسُول اللّه رَأَيْت فِي طريقي رُؤْيا هالتني رَأَيْت أَتَانَا خلفتها فِي أَهلِي ولدت جديا أسفع أحوى وَرَأَيْت نَارا خرجت من الأَرْض حَالَتْ بيني وَبَين ابْن لي وَرَأَيْت النُّعْمَان بن الْمُنْذر عَلَيْهِ قرطان ودملجان ومسكتان وَرَأَيْت عجوزا شَمْطَاء خرجت من الأَرْض فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (هَل خلفت أمة مَسَرَّة حملا) قَالَ نعم قد ولدت غُلَاما وَهُوَ ابْنك قَالَ فَمَا باله أسفع أحوى قَالَ (ادن مني) فَدَنَا قَالَ (أبك برص تكتمه) قَالَ نعم وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا علمه أحد من الْخلق قبلك قَالَ (فَهُوَ ذَاك) قَالَ (وَأما النَّار فَإِنَّهَا تكون فتْنَة بعدِي) قَالَ وَمَا الْفِتْنَة قَالَ (يقتل النَّاس إمَامهمْ ويشتجرون حَتَّى يصير دم الْمُؤمن أحلى من شرب المَاء فَإِن مت أدْركْت ابْنك وَإِن أَنْت بقيت أَدْرَكتك) قَالَ فَادع اللّه لَا تدركني فَدَعَا لَهُ قَالَ فَكَانَ ابْنه عَمْرو بن زُرَارَة أول خلق خلع عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ (وَأما النعممان وَمَا عَلَيْهِ فَذَاك

ملك الْعَرَب يصير إِلَى أفضل بهجة وزينة والعجوز الشمطاء بَقِيَّة الدُّنْيَا ذكره ابْن سعد فِي الطَّبَقَات بِلَا إِسْنَاد

بَاب مَا وَقع فِي قدوم خفاف بن نَضْلَة

أخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو سعد فِي شرف الْمُصْطَفى قَالَ المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء وَفد خفاف بن نَضْلَة على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فأنشده

(إِنِّي أَتَانِي فِي الْمَنَام مخبر ... من خير وجرة فِي الْأُمُور مواتي)

(يَدْعُو إِلَيْك لياليا ولياليا ... ثمَّ اخزأل وَقَالَ لست بآتي)

(فركبت نَاجِية أضرّ بِنَفسِهَا ... جمز تخب بِهِ على الأكمات)

(حَتَّى وَردت إِلَى الْمَدِينَة جاهدا ... كَيْمَا أَرَاك فتفرج الكربات)

بَاب مَا وَقع فِي قدوم بني تَمِيم

أخرج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ وَسَعِيد بن عَمْرو قَالَا قدم وَفد بني تَمِيم على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فقدموا عُطَارِد بن حَاجِب فَخَطب فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لِثَابِت ابْن قيس (قُم فاجب خطيبهم وَمَا كَانَ درى من ذَلِك بِشَيْء وَمَا هيأ قبل ذَلِك مَا يَقُول) فَقَامَ فَخَطب ثمَّ قَامَ شَاعِرهمْ الزبْرِقَان فَأَنْشد فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (أجبهم يَا حسان وَقَالَ إِن اللّه ليؤيد حسانا بِروح الْقُدس مَا نافح عَن نبيه فَقَامَ حسان فَأَنْشد وخلا الْوَفْد ببعضهم إِلَى بعض فَقَالَ قَائِلهمْ تعلمن وَاللّه إِن هَذَا الرجل مؤيد مَصْنُوع لَهُ وَاللّه لخطيبه أَخطب من خَطِيبنَا ولشاعره أشعر من شَاعِرنَا وَلَهُم أحلم منا

(بَاب الْآيَة فِي قدوم الْأَعرَابِي)

أخرج الْبَزَّار وَأَبُو نعيم عَن بُرَيْدَة قَالَ جَاءَ إعرابي إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول اللّه قد أسلمت فأريني شَيْئا أزدد بِهِ يَقِينا قَالَ (مَا الَّذِي تُرِيدُ) قَالَ أدع تِلْكَ الشَّجَرَة فلتأتك قَالَ (إذهب فأدعها) فَأَتَاهَا الْأَعرَابِي فَقَالَ أجيبي رَسُول اللّه فمالت على جَانب من جوانبها فَقطعت عروقها ثمَّ مَالَتْ على الْجَانِب الآخر فَقطعت عروقها حَتَّى أَتَت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول اللّه فَقَالَ الْأَعرَابِي حسبي حسبي فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (أرجعي فَرَجَعت فَجَلَست على عروقها فَقَالَ الْأَعرَابِي ائْذَنْ لي يَا رَسُول اللّه أَن أقبل رَأسك ورجليك فَفعل ثمَّ قَالَ ائْذَنْ لي يَا رَسُول أَن أَسجد لَك فَقَالَ لَا يسْجد أحد لأحد)

وَأخرج أَبُو نعيم من وَجه آخر عَن بُرَيْدَة أَن إعرابيا جَاءَ فَقَالَ يَا نَبِي اللّه أَتَيْتُك مُسلما أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللّه وَإنَّك عَبده وَرَسُوله وَأُرِيد أَن تَدْعُو تِلْكَ الشَّجَرَة الخضراء فتأتيك فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (تعالي فاتكأت الشَّجَرَة على أُصُولهَا يمنا وَشمَالًا ثمَّ أكبت حَتَّى قطعت عروقها واستوت ثمَّ أَقبلت على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تجر عروقها فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (بِمَا تشهدين يَا شَجَرَة قَالَت أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللّه وانك رَسُول اللّه قَالَ صدقت قَالَ الْأَعرَابِي فَمُرْهَا فَلْتَرْجِعْ إِلَى مَكَانهَا فَقَالَ ارجعي إِلَى مَكَانك وكوني كَمَا كنت فَرَجَعت إِلَى حفرتها فدلت عروقها فِي الحفرة فَوَقع كل عرق فِي مَكَانَهُ الَّذِي كَانَ فِيهِ ثمَّ التأمت عَلَيْهَا الأَرْض فَقَالَ الْأَعرَابِي اذْهَبْ إِلَى أَهلِي وقومي فاخبرهم الْخَبَر وآتيك بطَائفَة مِنْهُم مُؤمنين)

بَاب الْآيَة فِي قدوم الْأَعرَابِي من بَين عَامر بن صعصعة

أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ والدارمي وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه وَالْبَيْهَقِيّ وابو يعلى وَابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ أَعْرَابِي من بني عَامر بن

صعصعة إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ بِمَ أعرف انك رَسُول اللّه قَالَ (أَرَأَيْت لَو دَعَوْت هَذَا العذق ينزل من النَّخْلَة أَتَشهد اني رَسُول اللّه قَالَ نعم فَدَعَا العذق فَجعل العذق من هَذِه النَّخْلَة حَتَّى سقط فِي الأَرْض فَجعل ينقز) وَفِي لفظ لأبي نعيم فَأقبل اليه وَهُوَ يسْجد وَيرْفَع رَأسه حَتَّى انْتهى إِلَيْهِ فَقَامَ بَين يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (أرجع إِلَى مَكَانك فَرجع إِلَى مَكَانَهُ فَقَالَ أشهد أَنَّك رَسُول اللّه وآمن)

بَاب الْآيَة فِي قدوم الْأَعرَابِي الآخر

أخرج الدَّارمِيّ وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عمر قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَأقبل اعرابي فَلَمَّا دنا قَالَ لَهُ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَيْن تُرِيدُ قَالَ إِلَى أَهلِي قَالَ هَل لَك فِي خير قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللّه وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله قَالَ من شَاهد على مَا تَقول قَالَ هَذِه الشَّجَرَة فَدَعَاهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهِي بشاطىء الْوَادي فَأَقْبَلت تخد الأَرْض خدا حَتَّى جَاءَت بَين يَدَيْهِ فاستشهدها ثَلَاثًا فَشَهِدت أَنه كَمَا قَالَ ثمَّ رجعت إِلَى منبتها وَرجع الْأَعرَابِي إِلَى قومه فَقَالَ إِن يتبعوني آتِك بهم وَإِلَّا رجعت إِلَيْك فَكنت مَعَك

بَاب مَا وَقع فِي حجَّة الْوَدَاع من الْآيَات والمعجزات

أخرج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد حسنه ابْن حجر فِي المطالب الْعَالِيَة عَن أُسَامَة ابْن زيد قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْحجَّة الَّتِي حَجهَا حَتَّى إِذا كُنَّا بِبَطن الروحاء نظر إِلَى امْرَأَة تؤمة فحبس رَاحِلَته فَلَمَّا دنت مِنْهُ قَالَت يَا رَسُول اللّه هَذَا

ابْني مَا أَفَاق من يَوْم وَلدته إِلَى يومي هَذَا فَأَخذه رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مِنْهَا وَوَضعه فِيمَا بَين صَدره وواسطة الرحل ثمَّ تفل فِي فِيهِ وَقَالَ أخرج يَا عَدو اللّه فَإِنِّي رَسُول اللّه ثمَّ ناولها إِيَّاه وَقَالَ خذيه فَلَا بَأْس عَلَيْهِ

قَالَ أُسَامَة فَلَمَّا قضى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حجَّته انْصَرف حَتَّى إِذا نزل بِبَطن الروحاء أَتَتْهُ تِلْكَ الْمَرْأَة بِشَاة قد شوتها ثمَّ قَالَ ناوليني ذِرَاعا فناولته ثمَّ قَالَ ناوليني ذِرَاعا فناولته ثمَّ قَالَ ناوليني ذِرَاعا فَقلت يَا رَسُول اللّه إِنَّمَا هما ذراعان وَقد ناولتك فَقَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو سكت مَا زلت تناوليني ذِرَاعا مَا قلت لَك ناوليني ذِرَاعا ثمَّ قَالَ أنظر هَل ترى من نخل أَو حِجَارَة فَقلت قد رَأَيْت نخلات متقاربات ورضما من حِجَارَة قَالَ انْطلق إِلَى النخلات فَقل لَهُنَّ إِن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يأمركن أَن تدانين لمخرج رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَقل للحجارة مثل ذَلِك فأتيتهن فَقلت لَهُنَّ ذَلِك فو الَّذِي بَعثه بِالْحَقِّ لقد جعلت أنظر إِلَى النخلات يخددن الأَرْض خدا حَتَّى اجْتَمعْنَ وَانْظُر إِلَى الْحِجَارَة يتناقزن حَتَّى صرن رضما خلف النخلات فَلَمَّا قضى حَاجته وَانْصَرف قَالَ عد إِلَى النخلات وَالْحِجَارَة فَقل لَهُنَّ أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يأمركن أَن ترجعن إِلَى مواضعكن

وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن رَاهْوَيْةِ وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر قَالَ خرجت مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر وَكَانَ إِذا أَرَادَ البرَاز تبَاعد حَتَّى لَا يرَاهُ أحد فنزلنا منزلا بفلاة من الأَرْض لَيْسَ فِيهَا علم وَلَا شجر فَقَالَ لي يَا جَابر خُذ الأداوة وَانْطَلق فملأت الأدواة مَاء وانطلقنا فمشينا حَتَّى لَا نكاد نرى فَإِذا شجرتان بَينهمَا أَذْرع فَقَالَ لي يَا جَابر أَنطلق فَقل لهَذِهِ الشَّجَرَة يَقُول لَك رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إلحقي بصاحبتك حَتَّى أَجْلِس خلفكما فَفعلت فلحقت بصاحبتها فَجَلَسَ خلفهمَا حَتَّى قضى حَاجته ثمَّ رَجعْنَا وركبنا فسرنا فَإِذا نَحن بِامْرَأَة قد عرضت لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَعهَا صبي تحمله فَقَالَت يَا رَسُول اللّه ان إبني يَأْخُذهُ الشَّيْطَان كل يَوْم ثَلَاث

مَرَّات لَا يَدعه فَوقف رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فتناوله فَجعله بَينه وَبَين مُقَدّمَة الرحل فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم (اخس عَدو اللّه أَنا رَسُول اللّه ثَلَاثًا ثمَّ ناولها إِيَّاه فَلَمَّا رَجعْنَا عرضت لنا الْمَرْأَة مَعهَا كبشان تقودهما وَالصَّبِيّ تحمله فَقَالَت يَا رَسُول اللّه إقبل مني هديتي فو الَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لم يعاود إِلَيْهِ بعد) فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خُذُوا أَحدهمَا مِنْهَا وردوا الآخر ثمَّ سرنا وَرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بَيْننَا فَجَاءَهُ جمل نَاد فَلَمَّا كَانَ بَين السماطين خر سَاجِدا فَقَالَ من صَاحب الْجمل فَقَالَ فتية من الْأَنْصَار هُوَ لنا قَالَ فَمَا شَأْنه قَالُوا سنونا عَلَيْهِ عشْرين سنة فَلَمَّا كَبرت سنة أردنَا نَحره لنقسمه بَين غلمتنا فَقَالَ تبيعونيه قَالُوا هُوَ لَك قَالَ فاحسنو إِلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيهِ أَجله

وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ مَعَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي سَفَره إِلَى مَكَّة وَلَفظ الطَّبَرَانِيّ فِي غَزْوَة حنين قَالَ فَذهب إِلَى الْغَائِط فَلم يجد شَيْئا يتَوَارَى بِهِ فَبَصر بشجرتين فَذكر قصَّة الشجرتين وقصة الْجمل نَحْو حَدِيث جَابر

وَأخرج أَحْمد وَابْن سعد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن يعلى بن مرّة قَالَ سَافَرت مَعَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى مَكَّة فَرَأَيْت مِنْهُ شَيْئا عجيبا نزلنَا منزلا فَقَالَ انْطلق إِلَى هَاتين الشجرتين فَقل أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَكمَا أَن تجتمعا فَانْطَلَقت فَقلت لَهما ذَلِك فانتزعت كل وَاحِدَة من أَصْلهَا فنزت كل وَاحِدَة إِلَى صاحبتها فالتقتا جَمِيعًا فَقضى حَاجته من ورائهما ثمَّ قَالَ انْطلق فَقل لَهما فَلْتَرْجِعْ كل وَاحِدَة إِلَى مكانتها فأتيتهما فَقلت لَهما ذَلِك فنزعت كل وَاحِدَة حَتَّى عَادَتْ إِلَى مَكَانهَا

وأتته امْرَأَة فَقَالَت ان ابْني هَذَا بِهِ لمَم مُنْذُ سبع سِنِين يَأْخُذهُ فِي كل يَوْم مرَّتَيْنِ فَقَالَ أدنيه فتفل فِي فِيهِ وَقَالَ أخرج عَدو اللّه أَنا رَسُول اللّه ثمَّ قَالَ لَهَا إِذا رَجعْنَا فاعلمينا مَا صنع فَلَمَّا رَجَعَ استقبلته فَقَالَت وَالَّذِي أكرمك مَا رَأينَا بِهِ شَيْئا مُنْذُ فارقتنا

ثمَّ أَتَاهُ بعير فَقَامَ بَين يَدَيْهِ فَرَأى عَيْنَيْهِ تدمعان فَبعث إِلَى أَصْحَابه فَقَالَ مَا لبعيركم هَذَا يشكوكم فَقَالُوا كُنَّا نعمل عَلَيْهِ فَلَمَّا كبر ذهب عمله تواعدنا لننحره غَدا قَالَ فَلَا تنحروه واجعلوه فِي الْإِبِل وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من وَجه آخر وَفِيه فَقَالَ هَذَا يَقُول نتجت عِنْدهم فاستعملوني حَتَّى إِذا كَبرت أَرَادوا أَن ينحروني

وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من وَجه آخر عَن يعلى قَالَ ثَلَاثَة أَشْيَاء رَأَيْتهَا من رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَمَا نَحن نسير مَعَه إِذْ مَرَرْنَا بِبَعِير يسني عَلَيْهِ فَلَمَّا رَآهُ الْبَعِير جرجر وَوضع جرانه فَدَعَا بِصَاحِبِهِ وَقَالَ إِنَّه قد شكى كَثْرَة الْعَمَل وَقلة الْعلف فَأحْسن إِلَيْهِ ثمَّ سرنا حَتَّى نزلنَا منزلا فَنَامَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَجَاءَت شَجَرَة تشق الأَرْض حَتَّى غَشيته ثمَّ رجعت إِلَى مَكَانهَا فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ ذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ هِيَ شَجَرَة اسْتَأْذَنت رَبهَا فِي أَن تسلم عَليّ فَأذن لَهَا ثمَّ ذكر قصَّة الصَّبِي

وَأخرج أَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن غيلَان بن سَلمَة الثَّقَفِيّ قَالَ خرجنَا مَعَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَرَأَيْنَا مِنْهُ عجبا مَرَرْنَا بِأَرْض فِيهَا إشاء متفرق فَقَالَ يَا غيلَان أيت هَاتين الاشاءتين فَمر إِحْدَاهمَا تنضم إِلَى صاحبتها فَانْطَلَقت فَقُمْت بَينهمَا فَقلت إِن نَبِي اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَأْمر إِحْدَاكُمَا تنضم إِلَى صاحبتها فمالت إِحْدَاهمَا ثمَّ انقلعت تخد فِي الأَرْض حَتَّى انضمت إِلَى صاحبتها فَنزل فَتَوَضَّأ خلفهمَا ثمَّ ركب وعادت تخد فِي الأَرْض إِلَى موضعهَا ثمَّ نزلنَا منزلا فَأَقْبَلت امْرَأَة بِابْن لَهَا فَقَالَت يَا نَبِي اللّه مَا كَانَ فِي الْحَيّ غُلَام أحب إِلَيّ من إبني هَذَا فأصابته الموته فَأَنا أَتَمَنَّى مَوته فَادع اللّه لَهُ فأدناه نَبِي اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ بِسم اللّه أَنا رَسُول اللّه أخرج عَدو اللّه ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ اذهبي بابنك لن تري بَأْسا إِن شَاءَ اللّه

ثمَّ مضينا فنزلنا منزلا فجَاء رجل فَقَالَ يَا نَبِي اللّه إِنَّه كَانَ لي حَائِط فِيهِ عيشي وعيش عيالي ولي فِيهِ ناضحان فاغتلما ومنعاني أَنفسهمَا وحائطي وَلَا يقدر أحد على الدنو مِنْهُمَا فَنَهَضَ بِأَصْحَابِهِ حَتَّى أَتَى الْحَائِط فَقَالَ لصَاحبه افْتَحْ قَالَ أَمرهمَا أعظم من ذَلِك قَالَ افْتَحْ فَلَمَّا حرك الْبَاب بالمفتاح أَقبلَا لَهما جلبة كحفبف الرّيح فَلَمَّا افرج الْبَاب فَنَظَرا إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بركا ثمَّ سجدا فَأخذ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم برؤوسهما ثمَّ دفعهما إِلَى صَاحبهمَا وَقَالَ استعملهما واحسن علفهما فَقَالَ الْقَوْم يَا نَبِي اللّه تسْجد لَك الْبَهَائِم فَنحْن أَحَق قَالَ إِن السُّجُود لَيْسَ إِلَّا للحي الَّذِي لَا يَمُوت ثمَّ رَجعْنَا فَجَاءَت أم الْغُلَام فَقَالَت وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا زَالَ من غلْمَان الْحَيّ

وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق سُلَيْمَان بن عَمْرو الْأَحْوَص عَن أمه أم جُنْدُب قَالَت رَأَيْت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عِنْد جَمْرَة الْعقبَة فَرمى وَرمى النَّاس ثمَّ انْصَرف فَجَاءَت امْرَأَة وَمَعَهَا ابْن لَهَا بِهِ مس قَالَت يَا رَسُول اللّه إِن ابْني هَذَا بِهِ بلَاء لَا يتَكَلَّم فَأمرهَا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَجَاءَت بتور من حِجَارَة فِيهِ مَاء فَأَخذه بِيَدِهِ فمج فِيهِ ودعاميه وَأعَاد فِيهِ ثمَّ أمرهَا فَقَالَ اسقيه واغسليه فِيهِ قَالَت فتبعتها فَقلت هبي لي من هَذَا المَاء قَالَت خذي مِنْهُ فَأخذت مِنْهُ حفْنَة فسقيته ابْني عبد اللّه فَعَاشَ فَكَانَ من بره مَا شَاءَ اللّه أَن يكون قَالَت وَلَقِيت الْمَرْأَة فَزَعَمت إِن ابْنهَا برأَ وَأَنه غُلَام لَا غُلَام خير مِنْهُ وَلَفظ أبي نعيم برأَ وعقل عقلا لَيْسَ كعقول النَّاس

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن معيقيب الْيَمَانِيّ قَالَ حججْت حجَّة الْوَدَاع فَدخلت دَارا بِمَكَّة فَرَأَيْت فِيهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَرَأَيْت مِنْهُ عجبا جَاءَهُ رجل من أهل الْيَمَامَة بِغُلَام يَوْم ولد فَقَالَ لَهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَا غُلَام من أَنا قَالَ أَنْت رَسُول اللّه قَالَ صدقت بَارك اللّه فِيك ثمَّ أَن الْغُلَام لم يتَكَلَّم بعد ذَلِك حَتَّى شب فَكُنَّا نُسَمِّيه مبارك الْيَمَامَة

وَأخرج ابْن النجار من طَرِيق أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبيد اللّه الْجَوْهَرِي ابْن الْحسن عَن مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار قَالَ حَدثنِي جَعْفَر بن مُحَمَّد الْكُوفِي عَن رجل من أَصْحَابنَا عَن أبي عبد اللّه الصَّادِق قَالَ لما انْتهى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الرُّكْن الغربي فجازه قَالَ لَهُ الرُّكْن يَا رَسُول اللّه أَلَسْت قعيدا من قَوَاعِد بَيت رَبك فَمَا بِي لَا أستلم فَدَنَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (اسكن عَلَيْك السَّلَام غير مهجور)

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي حجَّة الْوَدَاع (أَيهَا النَّاس اصنعوا مَا أَقُول لكم فَإِنِّي لَا أَدْرِي لعَلي لَا ألقاكم بعد عَامي هَذَا فِي هَذَا الْموقف اسمعوا أَيهَا النَّاس قولي فَإِنِّي قد تركت فِيكُم مَا أَن اعْتَصَمْتُمْ بِهِ لن تضلوا كتاب اللّه وسنتي)

وَأخرج مُسلم عَن جَابر قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَرْمِي الْجَمْرَة على رَاحِلَته يَوْم النَّحْر وَيَقُول (لِتَأْخُذُوا عني مَنَاسِككُم فَإِنِّي لَا أَدْرِي لعَلي لَا أحج بعد حجتي هَذِه)

وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عمر أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وقف يَوْم النَّحْر فِي الْحجَّة الَّتِي حج فَقَالَ للنَّاس (أَي يَوْم هَذَا الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ ثمَّ قَالَ هَل بلغت قَالُوا نعم قَالَ اللّهمَّ أشهد ثمَّ ودع النَّاس فَقَالُوا هَذِه حجَّة الْوَدَاع)

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أنس قَالَ كنت جَالِسا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي مَسْجِد الْخيف فَأتى رجل من الْأَنْصَار وَرجل من ثَقِيف فَقَالَا جئْنَاك يَا رَسُول اللّه قَالَ إِن شئتما أخبركما بِمَا تسألاني عَنهُ فعلت وَإِن شئتما أَن أسكت وتسألاني قَالَا أخبرنَا يَا رَسُول اللّه نزداد إِيمَانًا فَقَالَ للثقفي (جِئْت تسْأَل عَن صَلَاتك بِاللَّيْلِ وَعَن ركوعك وسجودك وصيامك وَعَن غسلك من الْجَنَابَة وَقَالَ للْأَنْصَارِيِّ جِئْت تسْأَل عَن خُرُوجك من بَيْتك تؤم الْبَيْت الْعَتِيق وَمَالك فِيهِ وَعَن وقوفك بِعَرَفَات وحلقك رَأسك وطوافك بِالْبَيْتِ ورميك الْجمار) قَالَا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ للَّذي جِئْنَا نَسْأَلك عَنهُ وَورد نَحوه من حَدِيث ابْن عمر وَسَيَأْتِي

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد اللّه بن قرط قَالَ قدم إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْم القربدنات خمس أَو سِتّ فطفقن يزدلفن إِلَيْهِ بأيتهن يبْدَأ

وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عِصَام بن حميد السكونِي أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أرسل معَاذ ابْن جبل إِلَى الْيمن فَخرج مَعَه يوصيه فَلَمَّا فرغ قَالَ يَا معَاذ إِنَّك عَسى أَن لَا تَلقانِي بعد عَامي ولعلك أَن تمر بمسجدي وقبري فَبكى معَاذ وَأخرجه أَحْمد من وَجه آخر عَن عَاصِم عَن معَاذ مَوْصُولا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن ابْن كَعْب بن مَالك قَالَ لما حج النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بعث معَاذًا إِلَى الْيمن فَقدم على أبي بكر من الْيمن وَقد توفّي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج الْخَطِيب بِسَنَد فِيهِ مَجْهُولُونَ عَن عائسة قَالَت حج بِنَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حجَّة الْوَدَاع فَمر بِي على عقبَة الْحجُون وَهُوَ باك حَزِين مُغْتَم ثمَّ وَعَاد وَهُوَ فَرح مبتسم فَسَأَلته فَقَالَ ذهبت إِلَى قبر أُمِّي فَسَأَلت اللّه أَن يحيها فآمنت بِي وردهَا اللّه