Geri

   

 

 

İleri

 

١٣

ذكر المعجزات الْوَاقِعَة فِي الْغَزَوَات

بَاب مَا وَقع فِي عزوة بدر من الْآيَات والمعجزات

قَالَ تَعَالَى {وَلَقَد نصركم اللّه ببدر} الْآيَات وَقَالَ {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ربكُم} الْآيَات وَقَالَ {وَإِذ يريكموهم إِذْ التقيتم فِي أعينكُم قَلِيلا} الْآيَات

وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ انْطلق سعد بن معَاذ مُعْتَمِرًا فَنزل على أُميَّة بن خلف بن صَفْوَان وَكَانَ أُميَّة إِذا انْطلق إِلَى الشَّام فَمر بِالْمَدِينَةِ نزل على سعد فَقَالَ أُميَّة لسعد انْتظر حَتَّى إِذا انتصف النَّهَار وغفل النَّاس انْطَلَقت فطفت قَالَ فَبَيْنَمَا سعد يطوف إِذا أَتَاهُ أَبُو جهل فَقَالَ من هَذَا الَّذِي يطوف بِالْكَعْبَةِ فَقَالَ سعد بن معَاذ انا سعد فَقَالَ أَبُو جهل أتطوف بِالْكَعْبَةِ آمنا وَقد آويتم مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه فتلاحيا فَقَالَ أُميَّة لسعد لَا ترفع صَوْتك على أبي الحكم فَإِنَّهُ سيد أهل هَذَا الْوَادي فَقَالَ لَهُ سعد وَاللّه لَئِن منعتني أَن أَطُوف بِالْبَيْتِ لأقطعن عَلَيْك متجرك بِالشَّام فَجعل أُميَّة يَقُول لسعد لَا ترفع صَوْتك ويسكته فَغَضب سعد فَقَالَ دَعْنَا عَنْك فَإِنِّي سَمِعت مُحَمَّدًا صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يزْعم أَنه قَاتلك قَالَ إيَّايَ قَالَ نعم قَالَ وَاللّه مَا يكذب مُحَمَّد إِذا حدث فَرجع إِلَى امْرَأَته فَقَالَ أما تعلمين مَا قَالَ أخي اليثربي قَالَت وَمَا قَالَ قَالَ زعم انه سمع مُحَمَّدًا يزْعم أَنه قاتلي قَالَت فوَاللّه مَا يكذب مُحَمَّد فَلَمَّا خَرجُوا لبدر وَجَاء الصَّرِيخ قَالَت لَهُ امْرَأَته اما علمت مَا قَالَ

لَك أَخُوك اليثربي قَالَ فَإِنِّي إِذا لَا أخرج فَقَالَ لَهُ أَبُو جهل إِنَّك من أشرف أهل الْوَادي فسر مَعنا يَوْمًا اَوْ يَوْمَيْنِ فَسَار مَعَهم فَقتل

وَأخرج ابْن اسحاق وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس وَمن طَرِيق عُرْوَة بن الزبير وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن شهَاب قَالُوا رَأَتْ عَاتِكَة بنت عبد الْمطلب فِيمَا يرى النَّائِم قبل مقدم ضَمْضَم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ على قُرَيْش بِمَكَّة بِثَلَاث لَيَال رُؤْيا فَأَصْبَحت عَاتِكَة فأعظمتها فَبعثت إِلَى أَخِيهَا الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب فَقَالَت لَهُ يَا أخي لقد رَأَيْت اللَّيْلَة رُؤْيا أفزعتني ليدخلن على قَوْمك مِنْهَا شَرّ وبلاء فَقَالَ وَمَا هِيَ قَالَت رَأَيْت أَن رجلا أقبل على بعير لَهُ فَوقف بِالْأَبْطح فَقَالَ انفروا يَا آل غدر لمصارعكم فِي ثَلَاث فَأذن النَّاس فَاجْتمعُوا إِلَيْهِ ثمَّ ان بعيره دخل بِهِ الْمَسْجِد وَاجْتمعَ إِلَيْهِ النَّاس ثمَّ مثل بِهِ بعيره فَإِذا هُوَ على رَأس الْكَعْبَة فَقَالَ انفروا يَا آل غدر لمصارعكم فِي ثَلَاث ثمَّ اخذ صَخْرَة فأرسلها من رَأس الْجَبَل فَأَقْبَلت تهوي حَتَّى إِذا كَانَت فِي أَسْفَله ارفضت فَمَا بقيت دَار من دور قَوْمك وَلَا بَيت إِلَّا دخل فِيهِ بَعْضهَا فَقَالَ الْعَبَّاس وَاللّه إِن هَذِه لرؤيا فاكتميها قَالَت وَأَنت فاكتمها لَئِن بلغت هَذِه قُريْشًا ليؤذوننا فَخرج الْعَبَّاس من عِنْدهَا فَلَقِيَهُ الْوَلِيد بن عتبَة وَكَانَ لَهُ صديقا فَذكرهَا لَهُ واستكتمه إِيَّاهَا فَذكرهَا الْوَلِيد لِأَبِيهِ فَتحدث بهَا فَفَشَا الحَدِيث قَالَ الْعَبَّاس فَإِنِّي لغاد إِلَى الْكَعْبَة فَإِذا أَبُو جهل قَالَ يَا أَبَا الْفضل مَتى حدثت هَذِه النبية فِيكُم قلت وَمَا ذَاك قَالَ رُؤْيا رأتها عَاتِكَة أما رَضِيتُمْ يَا بني عبد الْمطلب أَن يتنبأ رجالكم حَتَّى تتنبأ نِسَاؤُكُمْ سنتربص بكم هَذِه الثَّلَاث الَّتِي ذكرت عَاتِكَة فَإِن كَانَ حَقًا فسيكون وَإِلَّا كتبنَا عَلَيْكُم كتابا أَنكُمْ أكذب أهل بَيت فِي الْعَرَب فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث إِذا ضَمْضَم بن عَمْرو بِالْأَبْطح على بعيره يخبر ان العير قد عرض لَهَا مُحَمَّد وَأَصْحَابه فَلم يكن إِلَّا الجهاز حَتَّى خرجنَا فَأصَاب قُريْشًا مَا أَصَابَهَا يَوْم بدر فَقَالَت عَاتِكَة فِي ذَلِك أبياتا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب وَمن طَرِيق عُرْوَة بن الزبير قَالَا لما نفرت قُرَيْش إِلَى بدر نزلُوا الْجحْفَة عشَاء وَفِيهِمْ رجل من بني الْمطلب

ابْن عبد منَاف يُقَال لَهُ جهيم بن الصَّلْت بن مخرمَة فَوضع جهيم رَأسه فأغفى ثمَّ فزع فَقَالَ لأَصْحَابه هَل رَأَيْتُمْ الْفَارِس الَّذِي وقف عَليّ آنِفا فَقَالُوا لَا إِنَّك مَجْنُون قَالَ قد وقف عَليّ فَارس آنِفا فَقَالَ قتل أَبُو جهل وَعتبَة وَشَيْبَة وَزَمعَة وَأَبُو البخْترِي وَأُميَّة بن خلف فعد أشرافا من كفار قُرَيْش فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه إِنَّمَا لعب بك الشَّيْطَان وَرفع الحَدِيث إِلَى أبي جهل فَقَالَ قد جئْتُمْ بكذب بني الْمطلب مَعَ كذب بني هَاشم سيرون غَدا من يقتل

وَأخرج البُخَارِيّ عَن الْبَراء قَالَ كُنَّا نتحدث أَن عدَّة أهل بدر ثَلَاث مائَة وَبضْعَة عشر كعدة أَصْحَاب طالوت الَّذين جاوزوا مَعَه النَّهر

وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خرج يَوْم بدر بثلاثمائة وَخَمْسَة عشر من الْمُقَاتلَة كَمَا خرج طالوت فَدَعَا لَهُم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حِين خرج فَقَالَ اللّهمَّ إِنَّهُم حُفَاة فاحملهم اللّهمَّ انهم عُرَاة فاكسهم اللّهمَّ إِنَّهُم جِيَاع فأشبعهم فَفتح اللّه لَهُم يَوْم بدر فانقلبوا وَمَا مِنْهُم رجل إِلَّا وَقد رَجَعَ بجمل أَو بجملين واكتسوا وشبعوا

وَأخرج وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ مَا كَانَ مَعنا يَوْم بدر إِلَّا فرسَان فرس للزبير وَفرس لِلْمِقْدَادِ بن الاسود

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ أَخذنَا رجلَيْنِ يَوْم بدر فَأَفلَت أَحدهمَا وأخذنا الآخر فَقُلْنَا كم الْقَوْم قَالَ كثير عَددهمْ شَدِيد بأسهم فَجعلنَا نضربه حَتَّى انتهينا إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأبى أَن يُخبرهُ فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كم تنحرون من الْجَزُور فَقَالَ فِي كل يَوْم عشرا فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْقَوْم ألف لكل جزور مائَة

وَأخرج ابْن اسحاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن يزِيد بن رُومَان نَحوه وَفِيه كم تنحرون كل يَوْم قَالَ يَوْمًا عشرا وَيَوْما تسعا فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْقَوْم بَين الْألف والتسعمائة

وَأخرج ابْن سعد وَابْن رَاهَوَيْه وَابْن منيع وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ لقد قللُوا فِي أَعيننَا يَوْم بدر حَتَّى قلت لرجل إِلَى جَنْبي أَترَاهُم سبعين قَالَ أَرَاهُم مائَة فَأَسَرْنَا رجلا مِنْهُم فَقُلْنَا كم كُنْتُم قَالَ ألفا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب وَمن طَرِيق عُرْوَة أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اضْطجع يَوْم بدر وَقَالَ لأَصْحَابه لَا تقاتلوا حَتَّى أؤذنكم وغشيه نوم فغلبه فاستيقط وَقد أرَاهُ اللّه إيَّاهُم فِي مَنَامه قَلِيلا وقلل الْمُسلمين فِي أعين الْمُشْركين حَتَّى طمع بعض الْقَوْم فِي بعض

وَأخرج وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما دنا الْقَوْم بَعضهم من بعض قلل اللّه الْمُسلمين فِي أعين الْمُشْركين وقلل الْمُشْركين فِي أعين الْمُسلمين

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ لما دنا الْقَوْم منا وصاففناهم إِذا بِرَجُل مِنْهُم يسير فِي الْقَوْم على جمل أَحْمَر فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من صَاحب الْجمل الْأَحْمَر ثمَّ قَالَ إِن يَك فِي الْقَوْم أحد يَأْمر بِخَير فَعَسَى أَن يكون صَاحب الْجمل الاحمر فجَاء حَمْزَة فَقَالَ هُوَ عتبَة بن ربيعَة وَهُوَ ينْهَى عَن الْقِتَال وَيَأْمُر بِالرُّجُوعِ وَيَقُول يَا قوم أعصبوها الْيَوْم برأسي وَقَالُوا جبن عتبَة وَأَبُو جهل يَأْبَى ذَلِك وَأخرج أَيْضا نَحوه من طَرِيق ابْن شهَاب وَمن طَرِيق عُرْوَة وَزَاد بعد قَوْله الْأَحْمَر وَأَن يطيعوه يرشدوا

وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْلَة بدر هَذَا مصرع فلَان إِن شَاءَ اللّه تَعَالَى غَدا وَوضع يَده على الأَرْض وَهَذَا مصرع فلَان إِن شَاءَ اللّه تَعَالَى غَدا وَوضع يَده على الأَرْض وَهَذَا مصرع فلَان إِن شَاءَ اللّه تَعَالَى غَدا وَوضع يَده على الارض وَهَذَا مصرع فلَان إِن شَاءَ اللّه تَعَالَى غَدا وَوضع يَده على الأَرْض فوالذي بَعثه بِالْحَقِّ مَا أخطأوا تِلْكَ الْحُدُود جعلُوا يصرعون عَلَيْهَا ثمَّ ألقوا فِي القليب وَجَاء النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا فلَان ابْن فلَان ابْن فلَان هَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا فَإِنِّي وجدت مَا وَعَدَني رَبِّي حَقًا قالو يَا رَسُول اللّه

أَتكَلّم أجسادا لَا أَرْوَاح فِيهَا فَقَالَ مَا أَنْتُم بأسمع مِنْهُم وَلَكنهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ ان يردوا عَليّ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب وَمن طَرِيق عُرْوَة بن الزبير أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لما اسْتَشَارَ أَصْحَابه فِي الْخُرُوج إِلَى بدر قَالَ سِيرُوا على اسْم اللّه فَإِنِّي قد رَأَيْت مصَارِع الْقَوْم

وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ لما نظر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمُشْركين يَوْم بدر قَالَ كأنكم بأعداء اللّه بِهَذِهِ الضلع الْحَمْرَاء من الْجَبَل يقتلُون

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ مَا سَمِعت مناشدا ينشد حَقًا لَهُ أَشد من مناشدة مُحَمَّد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر وَجعل يَقُول اللّهمَّ إِنِّي أنْشدك عَهْدك وَوَعدك اللّهمَّ ان تهْلك هَذِه الْعِصَابَة لَا تعبد ثمَّ الْتفت كَأَن شقّ وَجهه الْقَمَر فَقَالَ كَأَنَّمَا أنظر إِلَى مصَارِع الْقَوْم عَشِيَّة

وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي قُبَّته يَوْم بدر اللّهمَّ اني انشدك عَهْدك وَوَعدك اللّهمَّ إِن شِئْت لم تعبد بعد الْيَوْم أبدا فَأخذ ابو بكر بِيَدِهِ فَقَالَ حَسبك يَا رَسُول اللّه فقد ألححت على رَبك فَخرج وَهُوَ يثب فِي الدرْع وَيَقُول سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر

وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ حَدثنِي عمر بن الْخطاب رَضِي اللّه عَنهُ قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر نظر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمُشْركين وهم ألف وَأَصْحَابه ثَلَاثمِائَة وَسَبْعَة عشر رجلا فَاسْتقْبل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْقبْلَة ثمَّ مد يَدَيْهِ فَجعل يَهْتِف بربه مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبل الْقبْلَة حَتَّى سقط رِدَاؤُهُ عَن مَنْكِبَيْه فَأَتَاهُ أَبُو بكر فَأخذ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ على مَنْكِبَيْه ثمَّ الْتَزمهُ من وَرَائه فَقَالَ يَا نَبِي اللّه كفاء مُنَاشَدَتك رَبك فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَك مَا وَعدك فَأنْزل اللّه {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ربكُم فَاسْتَجَاب لكم أَنِّي مُمِدكُمْ بِأَلف من الْمَلَائِكَة مُردفِينَ} فأمده اللّه بِالْمَلَائِكَةِ قَالَ ابْن عَبَّاس فَبَيْنَمَا رجل من الْمُسلمين

يَوْمئِذٍ يشْتَد فِي اثر رجل من الْمُشْركين أَمَامه إِذْ سمع ضَرْبَة بِالسَّوْطِ فَوْقه وَصَوت الْفَارِس أقدم حيزوم إِذْ نظر إِلَى الْمُشرك أَمَامه مُسْتَلْقِيا فَنظر إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ قد حطم أَنفه وشق وَجهه كَضَرْبَة السَّوْط فأخضر ذَلِك أجمع فجَاء الْأنْصَارِيّ فَحدث ذَلِك رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ صدقت ذَلِك من مدد السَّمَاء الثَّالِثَة فَقتلُوا يَوْمئِذٍ سبعين وأسروا سبعين

وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر قَاتَلت شَيْئا من قتال ثمَّ جِئْت مسرعا إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لأنظر مَا فعل فَإِذا هُوَ ساجد يَقُول يَا حَيّ يَا قيوم يَا حَيّ يَا قيوم لَا يزِيد عَلَيْهَا ثمَّ رجعت إِلَى الْقِتَال ثمَّ جِئْت وَهُوَ ساجد يَقُول ذَلِك ثمَّ رجعت لِلْقِتَالِ ثمَّ جِئْت وَهُوَ ساجد يَقُول ذَلِك فَفتح اللّه عَلَيْهِ

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ رَأَيْت يَوْم بدر رجلَيْنِ عَن يَمِين النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَحدهمَا وَعَن يسَاره أَحدهمَا يقاتلان أَشد الْقِتَال ثمَّ ثلثهما ثَالِث من خَلفه ثمَّ ربعهما رَابِع أَمَامه

وَأخرج ابْن اسحاق وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس عَن رجل من بني غفار قَالَ حضرت أَنا وَابْن عَم لي بَدْرًا وَنحن على شركنا فَإنَّا لفي جبل نَنْتَظِر الْوَقْعَة على من تكون الدبرة فننتهب فَأَقْبَلت سَحَابَة فَلَمَّا دنت من الْجَبَل سمعنَا فِيهَا حَمْحَمَة الْخَيل وَسَمعنَا فِيهَا فَارِسًا يَقُول اقدم حيزوم فَأَما صَاحِبي فانكشف قناع قلبه فَمَاتَ مَكَانَهُ وَأما أَنا فكدت أهلك ثمَّ انتعشت بعد ذَلِك

وَأخرج ابْن اسحاق وَابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي أسيد السَّاعِدِيّ انه قَالَ بَعْدَمَا عمي لَو كنت مَعكُمْ ببدر الْآن وَمَعِي بَصرِي لأخبرتكم بِالشعبِ الَّذِي خرجت من الْمَلَائِكَة لَا أَشك وَلَا أتمارى

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس وَحَكِيم بن حزَام قَالَا لما حضر الْقِتَال رفع رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَدَيْهِ يسْأَل اللّه النَّصْر وَمَا وعده وَقَالَ اللّهمَّ إِن ظَهَرُوا على هَذِه الْعِصَابَة ظهر الشّرك وَلَا يقوم لَك دين وَأَبُو بكر يَقُول وَاللّه لينصرنك اللّه وليبيضن وَجهك

فَانْزِل اللّه ألف من الْمَلَائِكَة مُردفِينَ عِنْد أكناف الْعَدو قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أبشر يَا أَبَا بكر هَذَا جبرئيل معتجر بعمامة صفراء آخذ بعنان فرسه بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَلَمَّا نزل إِلَى الأَرْض تغيب عني سَاعَة ثمَّ طلع على ثناياه النَّقْع يَقُول أَتَاك نصر اللّه إِذْ دَعوته

وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم بدر هَذَا جبرئيل آخذ بِرَأْس فرسه عَلَيْهِ أَدَاة الْحَرْب

وَأخرج ابو يعلى وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ بَيْنَمَا انا اميح من قليب بدر إِذْ جَاءَت ريح شَدِيدَة لم أر مثلهَا قطّ ثمَّ ذهبت ثمَّ جَاءَت ريح شَدِيدَة لم أر مثلهَا قطّ إِلَّا الَّتِي كَانَت قبلهَا ثمَّ جَاءَت ريح شَدِيدَة قَالَ فَكَانَت الرّيح الأولى جبرئيل عَلَيْهِ السَّلَام نزل فِي ألف من الْمَلَائِكَة مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت الرّيح الثَّانِيَة مِيكَائِيل نزل فِي ألف من الْمَلَائِكَة عَن يَمِين رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ أَبُو بكر عَن يَمِينه وَكَانَت الرّيح الثَّالِثَة إسْرَافيل نزل فِي ألف من الْمَلَائِكَة عَن ميسرَة رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا فِي الميسرة

وَأخرج احْمَد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ قيل لي وَلأبي بكر يَوْم بدر قيل لِأَحَدِنَا مَعَك جبرئيل وَقيل للْآخر مَعَك مِيكَائِيل وإسرافيل ملك عَظِيم يشْهد الْقِتَال وَلَا يُقَاتل وَيكون فِي الصَّفّ

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن سهل بن حنيف قَالَ لقد رَأَيْتنَا يَوْم بدر وان أَحَدنَا يُشِير بِسَيْفِهِ إِلَى رَأس الْمُشرك فَيَقَع رَأسه عَن جسده قبل أَن يصل إِلَيْهِ

وَأخرج ابْن اسحاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ قَالَ إِنِّي لَأَتبع يَوْم بدر رجلا من الْمُشْركين لأَضْرِبهُ فَوَقع رَأسه قبل ان يصل إِلَيْهِ سَيفي فَعرفت ان غَيْرِي قد قَتله

واخرج ابْن جرير وَأَبُو نعيم عَن أبي دَاوُد الْمَازِني مثله

وَأخرج ابو نعيم عَن ابي دارة قَالَ حَدثنِي رجل من قومِي من بني سعد بن بكر قَالَ إِنِّي لمنهزم يَوْم بدر إِذْ أَبْصرت رجلا بَين يَدي مُنْهَزِمًا فَقلت الْحَقْهُ فأستأنس بِهِ فَتَدَلَّى من جرف وَلَحِقتهُ فَإِذا رَأسه قد زايله سَاقِطا وَمَا رَأَيْت قربه أحدا

وَأخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة قَالَ كَانَ يَوْمئِذٍ ينْدر رَأس الرجل لَا يدْرِي من ضربه وتندر يَد الرجل لَا يدْرِي من ضربه

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الرّبيع بن انس قَالَ كَانَ النَّاس يَوْم بدر يعْرفُونَ قَتْلَى الْمَلَائِكَة مِمَّن قتلوهم بِضَرْب فَوق الْأَعْنَاق وعَلى البنان مثل سمة النَّار قد أحرق بِهِ

وَأخرج ابْن اسحاق وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَت سيماء الْمَلَائِكَة يَوْم بدر عمائم بيض قد أرسلوها فِي ظُهُورهمْ وَيَوْم حنين عمائم حمر وَلم تقَاتل الْمَلَائِكَة فِي يَوْم سوى يَوْم بدر وَكَانُوا يكونُونَ فِيمَا سواهُ من الْأَيَّام عددا ومددا لَا يضْربُونَ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن سُهَيْل بن عَمْرو قَالَ لقد رَأَيْت يَوْم بدر رجَالًا بيضًا على خيل بلق بَين السَّمَاء وَالْأَرْض معلمين يقتلُون وَيَأْسِرُونَ

وَأخرج ابْن سعد عَن حويطب بن عبد الْعُزَّى قَالَ لقد شهِدت بَدْرًا مَعَ الْمُشْركين فَرَأَيْت عيرًا رَأَيْت الْمَلَائِكَة تقتل وتأسر بَين السَّمَاء وَالْأَرْض

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن خَارِجَة بن ابراهيم عَن أَبِيه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لجبرئيل من الْقَائِل يَوْم بدر من الْمَلَائِكَة اقدم حيزوم فَقَالَ جبرئيل مَا كل أهل السَّمَاء أعرف

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن صُهَيْب قَالَ مَا أَدْرِي كم يَد مَقْطُوعَة أَو ضَرْبَة جَائِفَة لم يدم كلمها يَوْم بدر قد رَأَيْتهَا

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي بردة بن نيار قَالَ جِئْت يَوْم بدر بِثَلَاثَة رُؤُوس فوضعتهن بَين يَدي النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول اللّه أما رأسان فقتلتهما وَأما الثَّالِث فَإِنِّي رَأَيْت رجلا أَبيض طَويلا ضربه فَأخذت رَأسه فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ذَاك فلَان من الْمَلَائِكَة

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ الْملك يتَصَوَّر فِي صُورَة من يعْرفُونَ من النَّاس يثبتونهم فَيَقُول إِنِّي قد دَنَوْت مِنْهُم فَسَمِعتهمْ يَقُولُونَ لَو حملُوا علينا مَا ثبتنا لَيْسُوا بِشَيْء فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {إِذْ يوحي رَبك إِلَى الْمَلَائِكَة أَنِّي مَعكُمْ فثبتوا الَّذين آمنُوا}

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن السَّائِب بن أبي حُبَيْش انه كَانَ يَقُول وَاللّه مَا أسرني أحد من النَّاس فَيُقَال فَمن فَيَقُول لما انْهَزَمت قُرَيْش انْهَزَمت مَعهَا فيدركني رجل أَبيض طَوِيل على فرس أَبيض بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فأوثقني رِبَاطًا وَجَاء عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فوجدني مربوطا فَنَادَى فِي الْعَسْكَر من أسر هَذَا فَلَيْسَ يزْعم أحد أَنه أسرني حَتَّى انْتهى بِي إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي من أسرك فَقلت لَا أعرفهُ وكرهت ان اخبره بِالَّذِي رَأَيْت فَقَالَ أسرك ملك من الْمَلَائِكَة

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن حَكِيم بن حزَام قَالَ لقد رَأَيْتنَا يَوْم بدر وَقد وَقع بوادي خليص بجاد من السَّمَاء قد سد الْأُفق وَإِذا الْوَادي يسيل نملا فَوَقع فِي نَفسِي أَن هَذَا شَيْء من السَّمَاء أيد بِهِ مُحَمَّد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَمَا كَانَت إِلَّا الْهَزِيمَة وَهِي الْمَلَائِكَة

وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم بِسَنَد حسن عَن جُبَير بن مطعم قَالَ رَأَيْت قبل هزيمَة الْقَوْم وَالنَّاس يقتتلون مثل البجاد الْأسود أقبل من السَّمَاء حَتَّى وَقع على الأَرْض فَنَظَرت فَإِذا مثل النَّمْل السود مبثوث حَتَّى امْتَلَأَ الْوَادي فَلم أَشك أَنَّهَا الْمَلَائِكَة فَلم يكن إِلَّا هزيمَة الْقَوْم

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عَليّ قَالَ جَاءَ رجل من الْأَنْصَار قصير بِرَجُل من بني هَاشم وَلَفظ أبي نعيم بِالْعَبَّاسِ أَسِيرًا يَوْم بدر فَقَالَ الرجل إنهذا وَاللّه مَا أسرني لقد أسرني رجل أجلح من أحسن النَّاس وَجها على فرس ابلق مَا أرَاهُ فِي الْقَوْم فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ذَاك ملك كريم

واخرج احْمَد وَابْن سعد وَابْن جرير وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ الَّذِي أسر الْعَبَّاس أَبُو الْيُسْر كَعْب بن عَمْرو وَكَانَ أَبُو الْيُسْر رجلا مجموعا وَكَانَ الْعَبَّاس رجلا جسيما فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَا أَبَا الْيُسْر كَيفَ أسرت الْعَبَّاس قَالَ يَا رَسُول اللّه لقد اعانني عَلَيْهِ رجل مَا رَأَيْته قبل ذَلِك وَلَا بعده هَيئته كَذَا وَكَذَا فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لقد أعانك عَلَيْهِ ملك كريم

واخرج ابو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قلت لأبي يَا أبه كَيفَ أسرك ابو الْيُسْر وَلَو شِئْت لجعلته فِي كفك قَالَ يَا بني لَا تقل ذَلِك لقد لَقِيَنِي وَهُوَ أعظم فِي عَيْني من الخندمة جبل بِمَكَّة

وَأخرج ابْن سعد عَن مَحْمُود بن لبيد قَالَ حَدثنَا عبيد بن أَوْس قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر أسرت الْعَبَّاس وَعقيل بن أبي طَالب فَلَمَّا نظر إِلَيْهِمَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أعانك عَلَيْهِمَا ملك كريم

وَأخرج ابْن سعد عَن عَطِيَّة بن قيس قَالَ لما فرغ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من قتال أهل بدر جَاءَهُ جبرئيل على فرس انثى حَمْرَاء عَلَيْهِ درعه وَمَعَهُ رمحه فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِن اللّه بَعَثَنِي إِلَيْك وَأَمرَنِي أَن لَا أُفَارِقك حَتَّى ترْضى هَل رضيت قَالَ نعم رضيت فَانْصَرف

وَأخرج أَبُو يعلى عَن جَابر قَالَ كُنَّا نصلي مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة بدر إِذْ تَبَسم فِي صلَاته فَلَمَّا قضى الصَّلَاة قُلْنَا يَا رَسُول اللّه رَأَيْنَاك تبسمت قَالَ مر بِي مِيكَائِيل وعَلى جنَاحه أثر الْغُبَار وَهُوَ رَاجع من طلب الْقَوْم فَضَحِك إِلَيّ فتبسمت إِلَيْهِ

وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر اتقينا الْمُشْركين برَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ أَشد النَّاس بَأْسا وَمَا كَانَ أحد أقرب إِلَى الْمُشْركين مِنْهُ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب وَمن طَرِيق عُرْوَة قَالَا أَخذ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَلأ كَفه من الْحَصَاة فَرمى بهَا وُجُوه الْمُشْركين فَجعل اللّه تِلْكَ الْحَصْبَاء عَظِيما شَأْنهَا لم تتْرك من الْمُشْركين رجلا إِلَّا مَلَأت عَيْنَيْهِ ويجدون النَّفر كل رجل مِنْهُم منكبا على وَجهه لَا يدْرِي أَيْن يتَوَجَّه يعالج التُّرَاب يَنْزعهُ من عَيْنَيْهِ وَوجد ابْن مَسْعُود أَبَا جهل مصروعا بَينه وَبَين المعركة غير كثير مقنعا فِي الْحَدِيد وَاضِعا سَيْفه على فَخذيهِ لَيْسَ بِهِ جرح وَلَا يَسْتَطِيع ان يُحَرك مِنْهُ عضوا وَهُوَ منْكب ينظر إِلَى الأَرْض فَضَربهُ من قَفاهُ فَوضع رَأسه ثمَّ سلبه فَإِذا هُوَ لَيْسَ بِهِ جراج وَأبْصر فِي عُنُقه خدرا وَفِي يَدَيْهِ وكتفيه كَهَيئَةِ اثار للسياط فَأخْبر بذلك النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ذَاك ضرب الْمَلَائِكَة

وَأخرج ابو نعيم عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ سَمِعت صَوت حَصَيَات وقعن من السَّمَاء يَوْم بدر كأنهن وقعن فِي طست فَلَمَّا اصطف النَّاس أخذهن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَرمى بِهن فِي وُجُوه الْمُشْركين فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {وَمَا رميت إِذْ رميت} الْآيَة

وَأخرج ابْن اسحاق وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد اللّه بن ثَعْلَبَة بن صَغِير ان المستفتح يَوْم بدر أَبُو جهل قَالَ لما التقى الْجَمْعَانِ قَالَ اللّهمَّ اقطعنا للرحم وأتانا بِمَا لَا نَعْرِف فاحنه الْغَدَاة فَقتل وَفِيه انْزِلْ اللّه {إِن تستفتحوا فقد جَاءَكُم الْفَتْح}

وَأخرج وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق ابْن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ اقبلت عير أهل مَكَّة تُرِيدُ الشَّام فَبلغ اهل الْمَدِينَة ذَلِك فَخَرجُوا وَمَعَهُمْ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يُرِيدُونَ العير فَبلغ ذَلِك اهل مَكَّة فَأَسْرعُوا السّير إِلَيْهَا لكيلا يغلب عَلَيْهَا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

وَأَصْحَابه فسبقت العير رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ اللّه وعدهم إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَكَانُوا أَن يلْقوا العير أحب إِلَيْهِم وأيسر شَوْكَة وأحضر مغنما فَلَمَّا سبقت العير وفاتت سَار رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِالْمُسْلِمين يُرِيد الْقَوْم فكره الْقَوْم مَسِيرهمْ لشوكة الْقَوْم فَنزل النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم والمسلمون وَبينهمْ وَبَين المَاء رَملَة دحضة فَأصَاب الْمُسلمين ضعف شَدِيد وَألقى الشَّيْطَان فِي قُلُوبهم الغيظ يوسوسهم تَزْعُمُونَ انكم أَوْلِيَاء اللّه وَفِيكُمْ رَسُوله وَقد غَلَبَكُمْ الْمُشْركُونَ على المَاء وَأَنْتُم كَذَا فَأمْطر اللّه عَلَيْهِم مَطَرا شَدِيدا فَشرب الْمُسلمُونَ وَتطَهرُوا فَأذْهب اللّه عَنْهُم رجز الشَّيْطَان وَصَارَ الرمل كَذَا ذكر كلمة أخبر أَنه أَصَابَهُ الْمَطَر وَمَشى النَّاس عَلَيْهِ وَالدَّوَاب فَسَار إِلَى الْقَوْم وأمد اللّه نبيه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُؤمنِينَ بِأَلف من الْمَلَائِكَة وَكَانَ جبرئيل فِي خَمْسمِائَة من الْمَلَائِكَة مجنبة وَمِيكَائِيل فِي خَمْسمِائَة مجنبة وَجَاء إِبْلِيس فِي جند من الشَّيَاطِين مَعَه رَأَيْته فِي صُورَة رجال بني مُدْلِج والشيطان فِي صُورَة سراقَة بن مَالك بن جعْشم فَقَالَ الشَّيْطَان للْمُشْرِكين لَا غَالب لكم الْيَوْم من النَّاس وَإِنِّي جَار لكم فَلَمَّا اخْتَلَط الْقَوْم قَالَ أَبُو جهل اللّهمَّ أولانا بِالْحَقِّ فانصره وَرفع رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَده فَقَالَ يَا رب إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة فَلَنْ تعبد فِي الأَرْض أبدا فَقَالَ لَهُ جبرئيل خُذ قَبْضَة من التُّرَاب فَأخذ قَبْضَة من التُّرَاب فَرمى بهَا وُجُوههم فَمَا من الْمُشْركين أحد إِلَّا أصَاب عَيْنَيْهِ وَمنْخرَيْهِ وفمه تُرَاب من تِلْكَ القبضة فَوَلوا مُدبرين

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب وَمن طَرِيق عُرْوَة قَالَا انْزِلْ اللّه عَلَيْهِم فِي تِلْكَ اللَّيْلَة مَطَرا وَاحِدًا فَكَانَ على الْمُشْركين بلَاء شَدِيدا مَنعهم ان يَسِيرُوا وَكَانَ على الْمُسلمين دِيمَة خَفِيفَة لبدلهم الْمسير والمنزل وَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم هَذِه مصَارِعهمْ إِن شَاءَ اللّه بِالْغَدَاةِ

وَأخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة قَالَ كَانُوا يَوْمئِذٍ يميدون من النعاس ونزلوا على كثيب أهيل فمطرت السَّمَاء فَصَارَ مثل الصَّفَا يسعون عَلَيْهِ سعيا وَانْزِلْ اللّه {إِذْ يغشيكم النعاس} الْآيَة

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن حَكِيم بن حزَام قَالَ الْتَقَيْنَا يَوْم بدر فاقتتلنا فَسمِعت صَوتا وَقع من السَّمَاء إِلَى الأَرْض مثل وَقع الْحَصَى فِي الطست وَقبض النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَبْضَة فَرمى بهَا فَانْهَزَمْنَا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن حَكِيم بن حزَام قَالَ سمعنَا يَوْم بدر صَوتا من السَّمَاء وَقع إِلَى الأَرْض كَأَنَّهُ صَوت حَصَاة فِي طست فَرمى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ الْحَصَاة فَمَا بَقِي منا أحد

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن نَوْفَل بن مُعَاوِيَة الذيلي قَالَ انهزمنا يَوْم بدر وَنحن نسْمع كوقع الْحَصَى فِي الطست فِي افئدتنا وَمن خلفنا وَكَانَ ذَلِك من أَشد الرعب علينا

وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا رميت إِذْ رميت} قَالَ مَا وَقع مِنْهَا شَيْء إِلَّا فِي عين رجل

واخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ اخذتهم يَوْم بدر ريح عقيم

وَأخرج ابْن اسحاق وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيقه حَدثنِي خبيب بن عبد الرَّحْمَن قَالَ ضرب خبيب جدي يَوْم بدر فَمَال شقَّه فتفل عَلَيْهِ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ولأمه ورده فانطبق

وَأخرج ابْن عدي وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن جده قَتَادَة بن النُّعْمَان أَنه اصيبت عينه يَوْم بدر فسالت حدقته على وجنته فأرادوا أَن يقطعوها فسألوا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَا فَدَعَا بِهِ فغمز حدقته براحته فَكَانَ لَا يدْرِي أَي عَيْنَيْهِ أُصِيبَت واخرجه الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن قَتَادَة مثله وَزَاد بعد براحته وَقَالَ اللّهمَّ اكسه جمالا

وَأخرج ابْن سعد عَن زيد بن أسلم ان عين قَتَادَة بن النُّعْمَان أُصِيبَت فسالت على خَدّه فَردهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ فَكَانَت أصح عَيْنَيْهِ وأحسنهما

واخرج أَبُو نعيم من طَرِيق عبد اللّه بن أبي صعصعة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن أَخِيه قَتَادَة بن النُّعْمَان قَالَ أُصِيبَت عَيْنَايَ يَوْم بدر فسقطتا على وجنتي فَأتيت بهما النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فأعادهما مكانهما وبزق فيهمَا فعادتا تبرقان

وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن معَاذ بن رِفَاعَة بن رَافع بن مَالك عَن أَبِيه قَالَ رميت بِسَهْم يَوْم بدر ففقئت عَيْني فبصق فِيهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ودعا لي فَمَا آذَانِي مِنْهَا شَيْء

وَأخرج الْوَاقِدِيّ حَدثنِي عمر بن عُثْمَان الحَجبي عَن أَبِيه عَن عمته قَالَت كَانَ عكاشة بن مُحصن قَالَ إنقطع سَيفي يَوْم بدر فَأَعْطَانِي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عودا فَإِذا هُوَ سيف أَبيض طَوِيل وقاتلت بِهِ حَتَّى هزم اللّه الْمُشْركين فَلم يزل عِنْده حَتَّى هلك أخرجه الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر

وَقَالَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ عَن دَاوُد بن الْحصين عَن رجال من بني عبد الْأَشْهَل عدَّة قَالُوا انْكَسَرَ سيف سَلمَة بن أسلم بن حريش يَوْم بدر فَبَقيَ أعزل لَا سلَاح مَعَه فَأعْطَاهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَضِيبًا كَانَ فِي يَده من عراجين ابْن طَابَ فَقَالَ أضْرب بِهِ فَإِذا هُوَ سيف جيد فَلم يزل عِنْده حَتَّى قتل يَوْم جسر أبي عبيد أخرجه الْبَيْهَقِيّ

وَقَالَ ابْن سعد انا عَليّ بن مُحَمَّد عَن ابي معشر عَن زيد بن اسْلَمْ وَيزِيد بن رُومَان وَإِسْحَاق بن عبد اللّه بن أبي فَرْوَة وَغَيرهم إِن عكاشة بن مُحصن انْقَطع سَيْفه يَوْم بدر فَأعْطَاهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم جذلا من شَجَرَة فَعَاد فِي يَده سَيْفا صَارِمًا صافي الحديدة شَدِيد الْمَتْن

وَأخرج الشَّيْخَانِ من طَرِيق قَتَادَة عَن أنس ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وقف على قتل بدر فِي الركي فَجعل يناديهم يَا فلَان ابْن فلَان هَل يسركم انكم أطعتم اللّه وَرَسُوله فَإنَّا قد وجدنَا مَا وعدنا رَبنَا حَقًا قَالَ عمر يَا رَسُول اللّه مَا تكلم من اجساد لَا ارواح فِيهَا

قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا أَنْتُم بأسمع لما أَقُول مِنْهُم قَالَ قَتَادَة أحياهم اللّه حَتَّى أسمعهم قَوْله توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندامة

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر اللّهمَّ اكْفِنِي نَوْفَل بن خويلد ثمَّ قَالَ من لَهُ علم بنوفل فَقَالَ عَليّ أَنا قتلته يَا رَسُول اللّه فَكبر وَقَالَ الْحَمد للّه الَّذِي اجاب دَعْوَتِي فِيهِ

واخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت مَا كَانَ بعد نزُول قَوْله تَعَالَى {وذرني والمكذبين أولي النِّعْمَة ومهلهم قَلِيلا} إِلَّا قَلِيل حَتَّى اصاب اللّه قُريْشًا بالوقعة يَوْم بدر

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ بَينا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي عِنْد الْكَعْبَة وَجمع من قُرَيْش فِي مجَالِسهمْ فَقَالُوا ايكم يقوم إِلَى جزور بني فلَان فَيَأْتِي بسلاها فيضعه بَين كَتفيهِ إِذا سجد فانبعث أَشْقَى الْقَوْم فجَاء بِهِ فَوَضعه بَين كَتفيهِ وَثَبت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سَاجِدا وَضَحِكُوا حَتَّى مَال بَعضهم على بعض من الضحك فَانْطَلق منطلق إِلَى فَاطِمَة وَهِي جوَيْرِية فَأَقْبَلت تسْعَى حَتَّى ألقته عَنهُ وَأَقْبَلت عَلَيْهِم تسبهم فَلَمَّا قضى صلَاته قَالَ اللّهمَّ عَلَيْك بِقُرَيْش ثَلَاثًا ثمَّ سمى اللّهمَّ عَلَيْك بِعَمْرو بن هِشَام يَعْنِي أَبَا جهل وَعتبَة بن ربيعَة وَشَيْبَة بن ربيعَة والوليد بن عتبَة وَأُميَّة بن خلف وَعقبَة ابْن أبي معيط وَعمارَة بن الْوَلِيد قَالَ ابْن مَسْعُود فَلَقَد رَأَيْتهمْ صرعى يَوْم بدر

وَأخرج احْمَد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما فرغ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من الْقَتْلَى قيل لَهُ عَلَيْك بالعير لَيْسَ دونهَا شَيْء فناداه الْعَبَّاس وَهُوَ أَسِير فِي وثَاقه إِنَّه لَا يصلح لَك قَالَ لم قَالَ لِأَن اللّه وَعدك إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَقد أنْجز لَك مَا وَعدك

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ أَن رجلا قَالَ للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي مَرَرْت ببدر فَرَأَيْت رجلا يخرج من الأَرْض فيضربه رجل بمقمعة مَعَه حَتَّى يغيب فِي

الأَرْض ثمَّ يخرج فيفعل بِهِ مثل ذَلِك مرَارًا فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ذَاك أَبُو جهل يعذب إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عمر قَالَ بَينا أَنا أَسِير بجنبات بدر اذ خرج رجل من حُفْرَة فِي عُنُقه سلسلة فناداني يَا عبد اللّه اسْقِنِي فَلَا أَدْرِي اعرف اسْمِي أَو دَعَاني بِدِعَايَةِ الْعَرَب وَخرج رجل من تِلْكَ الحفرة فِي يَده سَوط فناداني يَا عبد اللّه لَا تسقه فَإِنَّهُ كَافِر ثمَّ ضربه بِالسَّوْطِ حَتَّى عَاد إِلَى حفرته فَأتيت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ لي أَو قد رَأَيْته قلت نعم قَالَ ذَاك عَدو اللّه أَبُو جهل وَذَاكَ عَذَابه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب وَمن طَرِيق عُرْوَة قَالَا أذلّ اللّه بوقعة بدر رِقَاب الْمُشْركين وَالْمُنَافِقِينَ فَلم يبْق فِي الْمَدِينَة مُنَافِق وَلَا يَهُودِيّ إِلَّا وَهُوَ خاضع عُنُقه لِوَقْعَة بدر وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْفرْقَان يَوْم فرق اللّه بَين الشّرك وَالْإِيمَان وَقَالَت الْيَهُود تَيَقنا أَنه النَّبِي الَّذِي نجد نَعته فِي التَّوْرَاة وَاللّه لَا يرفع راية بعد الْيَوْم إِلَّا ظَهرت

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ قَالَ سَالَتْ أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ عَن قَول اللّه عز وَجل {الم غلبت الرّوم} الْآيَة قَالَ كَانَت فَارس غلبت الرّوم ثمَّ غلبت الرّوم فَارس بعد ذَلِك الْتَقَيْنَا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ومشركو الْعَرَب يَوْم بدر والتقت الرّوم وَفَارِس فنصرنا على الْمُشْركين وَنصر أهل الْكتاب على الْمَجُوس ففرحنا بنصر اللّه إيانا على الْمُشْركين وفرحنا بنصر اللّه أهل الْكتاب على الْمَجُوس فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {ويومئذ يفرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر اللّه}

وَأخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي قبَّة يَوْم بدر فَقَالَ قومُوا إِلَى جنَّة عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض أعدت لِلْمُتقين فَقَالَ عُمَيْر بن الْحمام بخ بخ

فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لم تبخبخ قَالَ رَجَاء أَن أكون من أَهلهَا قَالَ فَإنَّك من اهلها فانتثل تمرات من قرنه فَجعل يلوكهن ثمَّ قَالَ وَاللّه لِأَن بقيت حَتَّى ألوكهن إِنَّهَا لحياة طَوِيلَة فنبذهن وَقَاتل حَتَّى قتل

وَأخرج وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي الأساري يَوْم بدر إِن شِئْتُم قَتَلْتُمُوهُمْ وَإِن شِئْتُم فَادَيْتُمُوهُمْ وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِالْفِدَاءِ وَاسْتشْهدَ مِنْكُم بِعدَّتِهِمْ وَكَانَ آخر السّبْعين ثَابت بن قيس قتل يَوْم الْيَمَامَة

وَأخرج أَبُو نعيم بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس أَن عقبَة بن أبي معيط دَعَا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى طَعَامه فَقَالَ مَا أَنا بآكل حَتَّى تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللّه وَأَنِّي رَسُول اللّه فَشهد بذلك فَلَقِيَهُ خَلِيل لَهُ فلامه على ذَلِك فَقَالَ مَا يُبرئ صُدُور قُرَيْش مني قَالَ إِن تَأتيه فِي مَجْلِسه فَتَبَزَّقَ فِي وَجهه فَفعل فَلم يزدْ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على أَن مسح وَجهه وَقَالَ إِن وَجَدْتُك خَارِجا من جبال مَكَّة أضْرب عُنُقك صبرا فَلَمَّا كَانَ يَوْم بدر وَخرج أَصْحَابه أَبى أَن يخرج وَقَالَ قد وَعَدَني هَذَا الرجل إِن وجدني خَارِجا من جبال مَكَّة ان يضْرب عنقِي صبرا فَقَالُوا لَك جمل أَحْمَر لَا يدْرك فَلَو كَانَت الْهَزِيمَة طرت فَخرج مَعَهم فَلَمَّا عزم الْمُشْركُونَ وَحل بِهِ جمله فِي جدد من الأَرْض فَأخذ أَسِيرًا فَضرب النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عُنُقه صبرا وَقَالَ الْعَبَّاس حِين أَخذ مِنْهُ الْفِدَاء لقد تَرَكتنِي فَقير قُرَيْش مَا بقيت قَالَ كَيفَ تكون فَقير قُرَيْش وَقد اسْتوْدعت بَنَادِق الذَّهَب أم الْفضل وَقلت لَهَا إِن قتلت فقد تركتك غنية مَا بقيت فَقَالَ أشهد ان الَّذِي تَقوله قد كَانَ وَمَا اطلع عَلَيْهِ إِلَّا اللّه

وَأخرج ابْن اسحاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن الزُّهْرِيّ وَجَمَاعَة ان الْعَبَّاس قَالَ لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَا عِنْدِي مَا أفدي بِهِ قَالَ فَأَيْنَ المَال الَّذِي دَفَنته أَنْت وَأم الْفضل فَقلت لَهَا إِن أصبت فِي سَفَرِي هَذَا فَهَذَا المَال لبني الْفضل وَعبد اللّه وَقثم فَقَالَ وَاللّه إِنِّي لأعْلم انك رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَاللّه ان هَذَا لشَيْء مَا علمه أحد غَيْرِي وَغير أم الْفضل

وَأخرجه الْحَاكِم من طَرِيق ابْن اسحاق عَن يحيى بن عباد عَن أَبِيه عَن عَائِشَة بِهِ وَصَححهُ

وَأخرجه أَبُو نعيم من طَرِيق ابْن اسحاق عَن بعض أَصْحَابه عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس

واخرجه احْمَد من طَرِيق ابْن اسحاق عَمَّن سمع عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس

واخرجه ابْن سعد من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس

واخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد اللّه بن الْحَارِث بن نَوْفَل قَالَ لما أسر نَوْفَل بن الْحَارِث ببدر قَالَ لَهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم افْدِ نَفسك يَا نَوْفَل قَالَ مَا لي شَيْء افدي بِهِ نَفسِي قَالَ افْدِ نَفسك من مَالك الَّذِي بجدة قَالَ اشْهَدْ انك رَسُول اللّه ففدى نَفسه بهَا

وَأخرج ابْن اسحاق وَابْن سعد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وابو نعيم من طَرِيقه حَدثنِي الْحُسَيْن بن عبد اللّه بن عَبَّاس عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ حَدثنِي ابو رَافع قَالَ كُنَّا آل الْعَبَّاس قد دَخَلنَا الْإِسْلَام وَكُنَّا نستخفي بإسلامنا وَكنت غُلَاما للْعَبَّاس فَلَمَّا سَارَتْ قُرَيْش إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر جعلنَا نتوقع الْأَخْبَار فَقدم علينا الحسيمان الْخُزَاعِيّ بالْخبر فَوَجَدنَا فِي أَنْفُسنَا قُوَّة وسرنا مَا جَاءَنَا من الْخَبَر من ظُهُور رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فوَاللّه إِنِّي لجالس فِي صفة زَمْزَم وَعِنْدِي أم الْفضل إِذْ أقبل الْخَبيث أَبُو لَهب بشر يجر رجلَيْهِ قد كبته اللّه وأخزاه لما جَاءَهُ من الْخَبَر حَتَّى جلس على طُنب الْحُجْرَة وَقَالَ لَهُ النَّاس هَذَا ابو سُفْيَان بن حَرْب قد قدم وَاجْتمعَ عَلَيْهِ النَّاس فَقَالَ أَبُو لَهب هَلُمَّ إِلَيّ فعندك الْخَبَر فجَاء حَتَّى جلس فَقَالَ وَاللّه مَا هُوَ إِلَّا أَن لَقينَا الْقَوْم فمنحناهم اكتافنا يضعون السِّلَاح منا حَيْثُ شاؤوا وَوَاللّه مَعَ ذَلِك مَا

لمت النَّاس لَقينَا رجَالًا بيضًا على خيل بلق لَا وَاللّه مَا تبقي شَيْئا قَالَ فَرفعت طُنب الْحُجْرَة فَقلت تِلْكَ وَاللّه الْمَلَائِكَة وَقَامَ ابو لَهب يجر رجلَيْهِ ذليلا ورماه اللّه بالعدسة فوَاللّه مَا مكث إِلَّا سبعا حَتَّى مَاتَ فَلَقَد تَركه ابناه فِي بَيته ثَلَاثًا مَا يدفنانه حَتَّى أنتن وَكَانَت قُرَيْش تتقي العدسة كَمَا تتقي الطَّاعُون حَتَّى قَالَ لَهما رجل من قُرَيْش ويحكما أَلا تستحيان إِن أَبَاكُمَا قد انتن فِي بَيته لَا تدفنانه فَقَالَا إِنَّمَا نخشى عدوى هَذِه القرحة فَقَالَ انْطَلقَا فَأَنا أعينكما عَلَيْهِ فوَاللّه مَا غسلوه إِلَّا قذفا بِالْمَاءِ عَلَيْهِ من بعيد مَا يدنون مِنْهُ ثمَّ احتملوه إِلَى أَعلَى مَكَّة فَأَسْنَدُوهُ إِلَى جِدَار ثمَّ رضموا عَلَيْهِ الْحِجَارَة

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عُرْوَة قَالَ اعْتِقْ أَبُو لَهب ثويبة فأرضعت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهب أريه بعض أَهله فِي النّوم بشر خيبة فَقَالَ مَاذَا لقِيت قَالَ لم الق بعدكم رخاء غير أَنِّي سقيت فِي هَذِه بعتاقتي ثويبة وَأَشَارَ إِلَى النقرة الَّتِي بَين الْإِبْهَام وَالَّتِي تَلِيهَا من الْأَصَابِع

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْوَاقِدِيّ قَالَ قَالُوا كَانَ قباث بن أَشْيَم الْكِنَانِي يَقُول شهِدت مَعَ الْمُشْركين بَدْرًا وَإِنِّي لأنظر إِلَى قلَّة أَصْحَاب مُحَمَّد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي عَيْني وَكَثْرَة من مَعنا من الْخَيل وَالرِّجَال فانهزمت فِيمَن هزم فَلَقَد رَأَيْتنِي انْظُر إِلَى الْمُشْركين فِي كل وَجه وَإِنِّي لأقول فِي نَفسِي مَا رَأَيْت مثل هَذَا الْأَمر فر مِنْهُ إِلَّا النِّسَاء فَلَمَّا كَانَ بعد الخَنْدَق وَقع فِي قلبِي الاسلام فَقدمت على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة فَسلمت فَقَالَ لي يَا قباث أَنْت الْقَائِل يَوْم بدر مَا رَأَيْت مثل هَذَا الْأَمر فر مِنْهُ إِلَّا النِّسَاء فَقلت أشهد أَنَّك رَسُول اللّه وَأَن هَذَا الْأَمر مَا خرج مني إِلَى اُحْدُ قطّ وَمَا تزمزمت بِهِ إِلَّا شَيْئا حدثت بِهِ نَفسِي فلولا أَنَّك نَبِي مَا اطلعك اللّه عَلَيْهِ فَعرض عَليّ الْإِسْلَام فَأسْلمت

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبان بن سلمَان عَن ابيه سلمَان قَالَ كَانَ إِسْلَام قباث بن أَشْيَم اللَّيْثِيّ ان رجَالًا من الْعَرَب اتوه فَقَالُوا إِن مُحَمَّدًا خرج يَدْعُو الى غير ديننَا فَقَامَ قباث حَتَّى أَتَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ لَهُ اجْلِسْ يَا قباث فأوجم

فَقَالَ لَهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَنْت الْقَائِل لَو خرجت نسَاء قُرَيْش بأكمتها ردَّتْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه فَقَالَ قباث وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا تحرّك بِهِ لساني وَلَا تزمزمت بِهِ شفتاي وَمَا سَمعه مني أحد وَمَا هُوَ إِلَّا شَيْء هجس فِي نَفسِي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللّه وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد ان مُحَمَّدًا رَسُول اللّه وان مَا جِئْت بِهِ الْحق

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن مُوسَى بن عقبَة وَعَن عُرْوَة بن الزبير قَالَا لما رَجَعَ وَفد الْمُشْركين إِلَى مَكَّة أقبل عُمَيْر بن وهب الجُمَحِي حَتَّى جلس إِلَى صَفْوَان بن أُميَّة فِي الْحجر فَقَالَ صَفْوَان قبح الْعَيْش بعد قَتْلَى بدر قَالَ أجل وَاللّه مَا فِي الْعَيْش خير بعدهمْ وَلَوْلَا دين عَليّ لَا أجد لَهُ قَضَاء وعيال لَا أدع لَهُم شَيْئا لرحلت إِلَى مُحَمَّد فَقتلته إِن مَلَأت عَيْني مِنْهُ إِن لي عِنْده عِلّة أعتل بهَا اقول قدمت على ابْني هَذَا الْأَسير ففرح صَفْوَان بقوله وَقَالَ عَليّ دينك وَعِيَالك أُسْوَة عيالي فِي النَّفَقَة لَا يسعني شَيْء ويعجز عَنْهُم فَحَمله صَفْوَان وجهزه وَأمر بِسيف عُمَيْر فصقل وسم وَقَالَ عُمَيْر لِصَفْوَان اكتمني أَيَّامًا فَأقبل عُمَيْر حَتَّى قدم الْمَدِينَة فَنزل بِبَاب الْمَسْجِد وعقل رَاحِلَته وَأخذ السَّيْف فَعمد إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَدخل هُوَ وَعمر بن الْخطاب رَضِي اللّه عَنهُ فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لعمر تَأَخّر ثمَّ قَالَ مَا أقدمك يَا عُمَيْر قَالَ قدمت على أسيري عنْدكُمْ قَالَ اصدقني مَا اقدمك قَالَ مَا قدمت إِلَّا فِي أسيري قَالَ فَمَاذَا شرطت لِصَفْوَان بن أُميَّة فِي الْحجر فَفَزعَ عُمَيْر وَقَالَ مَاذَا شرطت لَهُ قَالَ تحملت لَهُ بقتلي على أَن يعول بنيك وَيَقْضِي دينك وَاللّه حَائِل بَيْنك وَبَين ذَلِك قَالَ عُمَيْر أشهد انك رَسُول اللّه إِن هَذَا الحَدِيث كَانَ بيني وَبَين صَفْوَان فِي الْحجر لم يطلع عَلَيْهِ أحد غَيْرِي وَغَيره فأخبرك اللّه بِهِ فآمنت بِاللّه وَرَسُوله ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة فَدَعَا إِلَى الاسلام فَأسلم على يَده بشر كثير ثمَّ أخرجه الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير فَذكره نَحوه وَأخرجه ابو نعيم عَن الزُّهْرِيّ نَحوه وَأخرجه ابْن سعد وَأَبُو نعيم عَن عِكْرِمَة فَهَذِهِ طرق مُرْسلَة وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق أبي عمرَان الْجونِي عَن أنس بن مَالك مَوْصُولا بِسَنَد صَحِيح

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جُبَير بن مطعم أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَو كَانَ الْمطعم حَيا ثمَّ كلمني فِي هَؤُلَاءِ لأطلقتهم لَهُ يَعْنِي أُسَارَى بدر قَالَ سُفْيَان وَكَانَت لَهُ عِنْد النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَد وَكَانَ أجزى النَّاس بِالْيَدِ

وَأخرج أَبُو نعيم عَن جُبَير بن مطعم قَالَ أتيت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ُأكَلِّمهُ فِي أُسَارَى بدر فوافقته يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ فَسَمعته يَقُول {إِن عَذَاب رَبك لوَاقِع مَا لَهُ من دَافع} فَكَأَنَّمَا صدع قلبِي

وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَقبلت يَوْم بدر من قتال الْمُشْركين وَأَنا جَائِع فاستقبلتني امْرَأَة يَهُودِيَّة على رَأسهَا جَفْنَة فِيهَا جدي مشوي فَقَالَت الْحَمد للّه يَا مُحَمَّد الَّذِي سلمك كنت نذرت للّه نذرا إِن قدمت الْمَدِينَة سالما لأذبحن هَذَا الجدي ولأشوينه ولأحملنه إِلَيْك لتأكل مِنْهُ فاستنطق اللّه الجدي فَقَالَ يَا مُحَمَّد لَا تأكلني فَإِنِّي مَسْمُوم

فَائِدَة

اشْتَمَل هَذَا الْبَاب على أَكثر من سبعين معْجزَة كَمَا يدْرك بِالتَّأَمُّلِ

فَائِدَة فِي حِكْمَة قتال الْمَلَائِكَة مَعَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

سُئِلَ السُّبْكِيّ عَن الْحِكْمَة فِي قتال الْمَلَائِكَة مَعَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَعَ أَن جبرئيل قَادر على أَن يدْفع الْكفَّار بريشة من جنَاحه

فَأجَاب بِأَن ذَلِك لإِرَادَة أَن يكون الْفِعْل للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَتَكون الْمَلَائِكَة مدَدا على عَادَة مدد الجيوش رِعَايَة لصورة الْأَسْبَاب وسنتها الَّتِي أجراها اللّه فِي عباده وَاللّه سُبْحَانَهُ هُوَ فَاعل الْجَمِيع

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا أنزلنَا على قومه من بعده من جند من السَّمَاء وَمَا كُنَّا منزلين}

فَإِن قلت فَلم أنزل الْجنُود من السَّمَاء يَوْم بدر وَالْخَنْدَق فَقَالَ {فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنودا لم تَرَوْهَا} وَقَالَ {بِأَلف من الْمَلَائِكَة مُردفِينَ} {بِثَلَاثَة آلَاف من الْمَلَائِكَة منزلين} {بِخَمْسَة آلَاف من الْمَلَائِكَة مسومين}

قلت إِنَّمَا كَانَ يَكْفِي ملك وَاحِد فقد أهلكت مَدَائِن قوم لوط بريشة من جنَاح جبرئيل وبلاد ثَمُود وَقوم صَالح بصيحة وَلَكِن اللّه فضل مُحَمَّدًا صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِكُل شَيْء على كبار الْأَنْبِيَاء أولي الْعَزْم من الرُّسُل فضلا عَن حبيب النجار وَأَوْلَاده من أَسبَاب الْكَرَامَة والإعزاز مَا لم يؤته أحدا فَمن ذَلِك انه انْزِلْ لَهُ جُنُودا من السَّمَاء وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بقوله وَمَا انزلنا وَمَا كُنَّا منزلين إِلَى ان إِنْزَال الْجنُود من عظائم الْأُمُور الَّتِي لَا يؤهل لَهَا إِلَّا مثلك وَمَا كُنَّا نفعله بغيرك انْتهى

بَاب مَا وَقع فِي غَزْوَة غطفان من المعجزات

قَالَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي مُحَمَّد بن زِيَاد حَدثنَا زيد بن أبي عتاب (ح)

وحَدثني الضَّحَّاك بن عُثْمَان وَعبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي بكر وَغَيرهم قَالُوا بلغ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَن جمعا من غطفان من بني ثَعْلَبَة بن محَارب بِذِي أَمر قد تجمعُوا يُرِيدُونَ أَن يُصِيبُوا من أَطْرَاف رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَعَهم رجل مِنْهُم يُقَال لَهُ دعثور ابْن الْحَارِث فَخرج رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي أَرْبَعمِائَة وَخمسين رجلا وَمَعَهُمْ أَفْرَاس فهزمت مِنْهُ الْأَعْرَاب فَوق ذرْوَة من الْجبَال وَنزل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ذَا أَمر وعسكر بِهِ وأصابهم مطر كثير فَذهب رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لِحَاجَتِهِ فَأَصَابَهُ ذَلِك الْمَطَر فَبل ثَوْبه وَقد جعل وَادي أَمر بَينه وَبَين أَصْحَابه ثمَّ نزع ثِيَابه فنشرها لتجف وَأَلْقَاهَا على شَجَرَة ثمَّ اضْطجع تحتهَا والأعراب ينظرُونَ فَقَالَت لدعثور وَكَانَ سَيِّدهَا وأشجعها قد

أمكنك مُحَمَّد وَقد انْفَرد من أَصْحَابه حَيْثُ ان غوث بِأَصْحَابِهِ لم يغث حَتَّى تقتله فَاخْتَارَ سَيْفا من سيوفهم صَارِمًا ثمَّ اقبل حَتَّى قَامَ على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِالسَّيْفِ مَشْهُورا فَقَالَ يَا مُحَمَّد من يمنعك مني الْيَوْم قَالَ اللّه وَدفع جبرئيل فِي صَدره فَوَقع السَّيْف من يَده فَأَخذه رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَقَامَ على رَأسه وَقَالَ من يمنعك مني قَالَ لَا اُحْدُ وَأَنا أشهد ان لَا إِلَه إِلَّا اللّه وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول اللّه لَا أَكثر عَلَيْك جمعا أبدا فَأعْطَاهُ سَيْفه ثمَّ أدبر ثمَّ أقبل فَقَالَ وَاللّه لأَنْت خير مني فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَنا أَحَق بذلك مِنْك فَأتى قومه فَقَالُوا أَيْن مَا كنت تَقوله وَالسيف فِي يدك قَالَ قد كَانَ وَاللّه ذَلِك رَأْيِي وَلَكِنِّي نظرت إِلَى رجل أَبيض طَوِيل فَدفع فِي صَدْرِي فَوَقَعت لظهري وَعرفت أَنه ملك وَشهِدت أَن مُحَمَّدًا رَسُول اللّه وَجعل يَدْعُو قومه إِلَى الاسلام وَنزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة اللّه عَلَيْكُم إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم فَكف أَيْديهم عَنْكُم} الْآيَة اخرجه الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ قد رُوِيَ فِي عزوة ذَات الرّقاع قصَّة أُخْرَى مثل هَذِه فَإِن كَانَ الْوَاقِدِيّ قد حفظ مَا ذكر فِي هَذِه الْغَزْوَة فَإِنَّهُمَا قصتان

بَاب مَا وَقع فِي عزوة بني النَّضِير من المعجزات وَهِي الْجلاء الَّذِي كَانَ مَكْتُوبًا عَلَيْكُم فِي التَّوْرَاة وَغير ذَلِك

قَالَ يَعْقُوب بن سُفْيَان أَنبأَنَا أَبُو صَالح حَدثنِي اللَّيْث حَدثنِي عقيل عَن ابْن شهَاب قَالَ كَانَت وقْعَة بني النَّضِير وهم طَائِفَة من الْيَهُود على رَأس سِتَّة أشهر من وقْعَة بدر فَحَاصَرَهُمْ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى نزلُوا على الْجلاء وَإِن لَهُم مَا أقلت الْإِبِل من الْأَمْوَال والأمتعة إِلَّا الْحلقَة وَهِي السِّلَاح وأجلاهم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قبل الشَّام فَكَانُوا ينزعون مَا أعجبهم من سقف فيحملونه على الْإِبِل وَأنزل اللّه فيهم {سبح للّه مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض} إِلَى قَوْله {وليخزي الْفَاسِقين}

والجلاء انه كَانَ كتب عَلَيْهِم فِي التَّوْرَاة وَكَانُوا من سبط لم يصبهم الْجلاء قبل مَا سلط عَلَيْهِم بِهِ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أخرجه الْبَيْهَقِيّ ثمَّ أخرجه مَوْصُولا من طَرِيق آخر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَقَالَ ذكر عَائِشَة فِيهِ غير مَحْفُوظ

قلت أخرج هَذِه الطَّرِيق الموصولة عَن عَائِشَة الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَانَت نخل بني النَّضِير لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة أعطَاهُ اللّه إِيَّاهَا وَخَصه بهَا فَقَالَ {مَا أَفَاء اللّه على رَسُوله مِنْهُم فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب} يَقُول بِغَيْر قتال فَأعْطى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَكْثَرهَا الْمُهَاجِرين وَقسمهَا بَينهم وَقسم مِنْهَا لِرجلَيْنِ من الْأَنْصَار كَانَا ذَوي حَاجَة لم يقسم لأحد من الْأَنْصَار غَيرهمَا وَبَقِي مِنْهَا صدقته الَّتِي فِي أَيدي بني فَاطِمَة

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي اللّه عَنهُ أَن أَمْوَال بني النَّضِير كَانَت مِمَّا أَفَاء اللّه على رَسُوله مِمَّا لم يوجف الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ بخيل وَلَا ركاب فَكَانَت لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة فَكَانَ ينْفق مِنْهَا على أَهله نَفَقَة سنة وَمَا بَقِي جعله فِي الكراع وَالسِّلَاح عدَّة فِي سَبِيل اللّه عز وَجل

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن الزُّهْرِيّ وَمن طَرِيق عُرْوَة بن الزبير قَالَا خرج النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بني النَّضِير يَسْتَعِينهُمْ فِي عقل الكلابيين فَقَالُوا اجْلِسْ يَا ابا الْقَاسِم حَتَّى تطعم وَترجع بحاجتك فَجَلَسَ وَمن مَعَه من أَصْحَابه فِي ظلّ جِدَار ينتظرون ان يصلحوا أَمرهم فَلَمَّا خلوا والشيطان مَعَهم ائْتَمرُوا بقتل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا لن تَجِدُوهُ أقرب مِنْهُ الْآن فَقَالَ رجل مِنْهُم إِن شِئْتُم ظَهرت فَوق الْبَيْت الَّذِي هُوَ تَحْتَهُ فدليت عَلَيْهِ حجرا فَقتلته وَأوحى اللّه إِلَيْهِ فَأخْبرهُ بِمَا ائْتَمرُوا بِهِ من شَأْنه فَقَامَ وَرجع أَصْحَابه وَنزل الْقُرْآن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة اللّه عَلَيْكُم إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم} الْآيَة فَلَمَّا اظهره اللّه على

خيانتهم أَمرهم ان يخرجُوا من دِيَارهمْ إِلَى حَيْثُ شاؤوا فَلَمَّا سمع المُنَافِقُونَ مَا يُرَاد بأخوانهم وأوليائهم من اهل الْكتاب أرْسلُوا إِلَيْهِم فَقَالُوا لَهُم انا مَعكُمْ محيانا ومماتنا إِن قوتلتم فلكم علينا النَّصْر وَإِن أخرجتم لن نتخلف عَنْكُم فَلَمَّا وثقوا بِأَمَان الْمُنَافِقين عظمت غرتهم ومناهم الشَّيْطَان الظُّهُور فَنَادوا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه إِنَّا وَاللّه لَا نخرج وَلَئِن قَاتَلْتنَا لنقاتلنك فَحَاصَرَهُمْ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهدم دُورهمْ وَقطع نَخْلهمْ وحرقها وكف اللّه أَيْديهم وأيدي الْمُنَافِقين فَلم ينصروهم وَألقى اللّه فِي قُلُوب الْفَرِيقَيْنِ الرعب فَلَمَّا يئسوا من الْمُنَافِقين سَأَلُوا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي كَانَ عرض عَلَيْهِم قبل ذَلِك فقاضاهم على ان يجليهم وَلَهُم مَا أقلت الْإِبِل إِلَّا السِّلَاح

وَأخرج ابو نعيم نَحوه من طَرِيق مقَاتل عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي اللّه عَنْهُمَا وَمن طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي اللّه عَنْهُمَا

وَأخرج ابْن جرير نَحوه عَن عِكْرِمَة وَيزِيد بن أبي زِيَاد وَغَيرهمَا وَفِي رِوَايَة يزِيد فجاؤوا إِلَى رحى عَظِيمَة ليطرحوها عَلَيْهِ فَأمْسك اللّه عَنْهَا أَيْديهم حَتَّى جَاءَهُ جبرئيل فأقامه من ثمَّ وَنزلت الْآيَة

وَقَالَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي ابراهيم بن جَعْفَر عَن أَبِيه قَالَ لما خرجت بَنو النَّضِير من الْمَدِينَة أقبل عَمْرو بن سعدى فَطَافَ بمنازلهم فَرَأى خرابها فَأتى بني قُرَيْظَة فَقَالَ رَأَيْت الْيَوْم عبرا رَأَيْت اخواننا جالية بعد الْعِزّ وَالْجَلد والشرف وَالْعقل قد تركُوا اموالهم وَخَرجُوا خُرُوج ذل والتوراة مَا سلط هَذَا على قوط قطّ للّه بهم حَاجَة فأطيعوني وتعالوا نتبع مُحَمَّدًا فوَاللّه انكم لتعلمون انه نَبِي وَقد بشرنا بِهِ وبأمره ابْن الهيبان ابو عَمْرو وَابْن جواس وهما اعْلَم يهود جَاءَا من بَيت الْمُقَدّس يتوكفان قدومه ثمَّ امرانا باتباعه وأمرانا ان نقرئه مِنْهُمَا السَّلَام ثمَّ مَاتَا ودفناهما بحرتنا هَذِه فَقَالَ الزبير بن باطا قد قَرَأت صفته فِي كتاب باطا التَّوْرَاة الَّتِي انزلت على مُوسَى لَيْسَ فِي المثاني الَّذِي احدثنا فَقَالَ لَهُ كَعْب بن أَسد فَمَا يمنعك من اتِّبَاعه قَالَ أَنْت

قَالَ كَعْب وَلم وَمَا حلت بَيْنك وَبَينه قطّ قَالَ الزبير أَنْت صَاحب عَقدنَا وعهدنا فان اتبعته اتبعناه وان أَبيت أَبينَا فَأقبل عَمْرو بن سعدى على كَعْب فَتَقَاوَلَا فِي ذَلِك إِلَى ان قَالَ كَعْب مَا عِنْدِي فِي أمره إِلَّا مَا قلت مَا تطيب نَفسِي أَن أصير تَابعا اخرجه الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم

وَأخرج ابو نعيم من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر قَالَ لما رابط النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بني النَّضِير وَطَالَ الْمكْث عَلَيْهِم أَتَاهُ جبرئيل وَهُوَ يغسل رَأسه فَقَالَ عَفا اللّه عَنْك يَا مُحَمَّد مَا أسْرع مَا مللتم وَاللّه مَا نَزَعْنَا من لِأُمَّتِنَا شَيْئا مُنْذُ نزلت عَلَيْهِم قُم فَشد عَلَيْك سِلَاحك وَاللّه لأدقنهم كَمَا تدق الْبَيْضَة على الصَّفَا فنهضنا إِلَيْهَا ففتحناها

بَاب مَا وَقع فِي قتل كَعْب بن الاشرف من المعجزات

اخْرُج ابْن اسحاق وَابْن رَاهَوَيْه وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ مَشى مَعَهم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بَقِيع الْغَرْقَد ثمَّ وجههم وَقَالَ انْطَلقُوا على اسْم اللّه أعنهم يَعْنِي الَّذين أرسلهم على قتل كَعْب بن الْأَشْرَف

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي عبد اللّه بن المعقب ان الْحَارِث بن أَوْس فِي قتل كَعْب بن الْأَشْرَف أَصَابَهُ بعض أسيافهم فجرح فِي رَأسه وَرجله فاحتملوه فجاؤوا بِهِ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فتفل على جرحه فَلم يؤذه قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَكَذَا أخرجه الْوَاقِدِيّ بأسانيده

بَاب مَا وَقع فِي غَزْوَة أحد من الْآيَات والمعجزات

اخْرُج الشَّيْخَانِ عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أريت فِي الْمَنَام أَنِّي أُهَاجِر من مَكَّة إِلَى أَرض بهَا نخل فَذهب وهلي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَة أَو هجر فَإِذا هِيَ الْمَدِينَة يثرب وَرَأَيْت فِي رُؤْيَايَ هَذِه إِنِّي قد هززت سَيْفا فَانْقَطع صَدره فَإِذا هُوَ مَا أُصِيب من الْمُؤمنِينَ يَوْم أحد ثمَّ هززته أُخْرَى فَعَاد أحسن مَا كَانَ فَإِذا هُوَ مَا جَاءَ اللّه بِهِ من الْفَتْح واجتماع الْمُؤمنِينَ وَرَأَيْت فِيهَا أَيْضا بقرًا وَاللّه خير فَإِذا هم النَّفر من الْمُؤمنِينَ يَوْم أحد وَإِذا الْخَيْر مَا جَاءَ اللّه بِهِ من الْخَيْر وثواب الصدْق الَّذِي آتَانَا بعد يَوْم بدر

وَأخرج احْمَد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما جَاءَ الْمُشْركُونَ يَوْم أحد كَانَ رَأْي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ان يُقيم بِالْمَدِينَةِ يقاتلهم فِيهَا فَقَالَ لَهُ نَاس لم يَكُونُوا شهدُوا بَدْرًا تخرج بِنَا يَا رَسُول اللّه نقاتلهم بِأحد ورجوا ان يُصِيبُوا من الْفَضِيلَة مَا أَصَابَهُ أهل بدر فَمَا زَالُوا برَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى لبس أداته ثمَّ ندموا وَقَالُوا يَا رَسُول اللّه أقِم فَالرَّأْي رَأْيك فَقَالَ مَا يَنْبَغِي لنَبِيّ ان يضع أداته بعد أَن لبسهَا حَتَّى يحكم اللّه بَينه وَبَين عدوه وَكَانَ مِمَّا قَالَ لَهُم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ قبل ان يلبس الأداة إِنِّي رَأَيْت أَنِّي فِي درع حَصِينَة فَأَوَّلتهَا الْمَدِينَة وَإِنِّي مردف كَبْشًا فَأَوَّلْته كَبْش الكتيبة وَرَأَيْت ان سَيفي ذَا الفقار فل فَأَوَّلْته فَلَا فِيكُم وَرَأَيْت بقرًا تذبح فبقر وَاللّه خير

وَأخرج احْمَد وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن انس ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رَأَيْت فِيمَا يرى النَّائِم كَأَنِّي مردف كَبْشًا وَكَأن ظبة سَيفي انْكَسَرت فأولت أَنِّي أقتل

كَبْشًا لقوم وأولت كسر ظبة سَيفي قتل رجل من عِتْرَتِي فَقتل حَمْزَة وَقتل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم طَلْحَة وَكَانَ صَاحب اللِّوَاء

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب قَالَ يَقُول رجال كَأَن الَّذِي رأى بِسَيْفِهِ الَّذِي أصَاب وَجهه

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ وَكَانَ أبي بن خلف قَالَ حِين افتدى وَاللّه إِن عِنْدِي لفرسا أعلفها كل يَوْم فرقا من ذرة ولأقتلن عَلَيْهَا مُحَمَّدًا فبلغت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ بل أَنا اقتله إِن شَاءَ اللّه فَأقبل أبي مقنعا فِي الْحَدِيد على فرسه تِلْكَ يَقُول لَا نجوت إِن نجا مُحَمَّد فَحمل على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يُرِيد قَتله

قَالَ مُوسَى بن عقبَة قَالَ سعيد بن الْمسيب فَاعْترضَ لَهُ رجال من الْمُؤمنِينَ فَأَمرهمْ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَخلوا طَرِيقه وَأبْصر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ترقوة أبي بن خلف من فُرْجَة بَين سابغة الْبَيْضَة والدرع فطعنه بحربته فَوَقع أبي عَن فرسه وَلم يخرج من طعنته دم

قَالَ سعيد فَكسر ضلع من أضلاعه فَفِي ذَلِك نزل {وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن اللّه رمى} فَأَتَاهُ أَصْحَابه وَهُوَ يخور خوار الثور فَقَالُوا مَا جزعك إِنَّمَا هُوَ خدش فَذكر لَهُم قَول رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَنا أقتل أَبَيَا ثمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو كَانَ هَذَا الَّذِي بِي بِأَهْل ذِي المجار لماتوا أَجْمَعُونَ فَمَاتَ أبي قبل ان يقدم مَكَّة

قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَرَوَاهُ أَيْضا عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن مُسَافر عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب

قلت اخرجه من هَذَا الطَّرِيق ابْن سعد وَأَبُو نعيم ثمَّ اخْرُج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عُرْوَة بن الزبير مثله وَلم يذكر فَكسر ضلعا من أضلاعه وَلَا نزُول الْآيَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن اسحاق قَالَ ذكر الزُّهْرِيّ أَن أبي بن خلف أدْرك النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول يَا مُحَمَّد لَا نجوت إِن نجوت فَقَالَ الْقَوْم يَا رَسُول اللّه يعْطف عَلَيْهِ رجل منا فَقَالَ دَعوه فَلَمَّا دنا تنَاول رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الحربة من الْحَارِث بن الصمَّة قَالَ بعض الْقَوْم كَمَا ذكر لي فانتفض بهَا انتفاضة تطائرنا عَنهُ تطائر الشّعْر عَن ظهر الْبَعِير إِذا انتفض ثمَّ استقبله فطعنه فِي عُنُقه طعنة تدأدأ مِنْهَا عَن فرسه مرَارًا

وَأخرجه ابو نعيم من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي صَالح بن ابراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بِهِ

واخرجه أَيْضا من طَرِيقه عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد اللّه بن كَعْب بن مَالك بِهِ وَمن طَرِيقه عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن عبد اللّه بن كَعْب بن مَالك عَن أَبِيه بِهِ

وَأخرجه أَيْضا من طَرِيق معمر عَن مقسم بِهِ وَفِيه فَقَالَ وَاللّه لَو لم يُصِبْنِي إِلَّا بريقه لَقَتَلَنِي أَلَيْسَ قد قَالَ أَنا أَقتلهُ

قَالَ الْوَاقِدِيّ وَكَانَ ابْن عمر يَقُول مَاتَ أبي بن خلف بِبَطن رابغ فَإِنِّي لأسير بِبَطن رابغ بعد هوي من اللَّيْل إِذا نَار تأجج لي فهبتها وَإِذا رجل يخرج مِنْهَا فِي سلسلة يجتذبها يَصِيح الْعَطش وَإِذا رجل يَقُول لَا تسقه فَإِن هَذَا قَتِيل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم هَذَا أبي بن خلف

وَقَالَ ابْن اسحاق حَدثنِي ابْن شهَاب وَعَاصِم ابْن عمر بن قَتَادَة وَمُحَمّد بن يحيى بن حبَان وَغَيرهم من عُلَمَائِنَا أَن رجلا من الْمُشْركين خرج يَوْم أحد فَدَعَا إِلَى البرَاز وَهُوَ على جمل فَقَامَ إِلَيْهِ الزبير فَوَثَبَ إِلَيْهِ وَهُوَ على بعيره فَاسْتَوَى مَعَه على رَحْله ثمَّ عانقه فاقتتلا فَوق الْبَعِير جَمِيعًا فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي يَلِي حضيض الارض مقتول فَوَقع الْمُشرك وَوَقع الزبير عَلَيْهِ فذبحه بِسَيْفِهِ أخرجه الْبَيْهَقِيّ

وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن الْبَراء قَالَ جعل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على الرُّمَاة يَوْم أحد وَكَانُوا خمسين رجلا عبد اللّه بن جُبَير ووضعهم موضعا وَقَالَ إِن رَأَيْتُمُونَا تخطفنا الطير فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أرسل إِلَيْكُم فهزموهم قَالَ فَأَنا وَاللّه رَأَيْت

النِّسَاء يشددن على الْجَبَل وَقد بَدَت أسوقهن وخلا خيلهن رافعات ثيابهن فَقَالَ أَصْحَاب عبد اللّه بن جُبَير الْغَنِيمَة أَي قوم الْغَنِيمَة ظهر أصحابكم فَمَا تنتظرون وَقَالَ عبد اللّه بن جُبَير فنسيتم مَا قَالَ لكم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا إِنَّا وَاللّه لنأتين النَّاس فلنصيبن من الْغَنِيمَة فَلَمَّا أتوهم صرفت وُجُوههم فَأَقْبَلُوا منهزمين فَذَلِك الَّذِي يَدعُوهُم الرَّسُول فِي أخراهم فَلم يبْق مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم غير اثْنَي عشر رجلا فَأَصَابُوا منا سبعين وَكَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه أصَاب من الْمُشْركين يَوْم بدر أَرْبَعِينَ وَمِائَة سبعين أَسِيرًا وَسبعين قَتِيلا

وَأخرج احْمَد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ مَا نصر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي موطن كَمَا نصر يَوْم أحد فانكروا ذَلِك فَقَالَ ابْن عَبَّاس بيني وَبَين من أنكر ذَلِك كتاب اللّه إِن اللّه يَقُول فِي يَوْم أحد {وَلَقَد صدقكُم اللّه وعده إِذْ تحسونهم بِإِذْنِهِ}

قَالَ ابْن عَبَّاس وَالْحسن الْقَتْل حَتَّى إِذا فشلتم الْآيَة وَإِنَّمَا عَنى بِهَذَا الرُّمَاة وَذَلِكَ ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أقامهم فِي مَوضِع ثمَّ قَالَ احموا ظُهُورنَا فَإِن رَأَيْتُمُونَا نقْتل فَلَا تنصرونا وَإِن رَأَيْتُمُونَا قد غنمنا فَلَا تشركونا فَلَمَّا غنم النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وأباحوا عَسْكَر الْمُشْركين اكب الرُّمَاة جَمِيعًا فِي الْعَسْكَر ينتهبون وَقد الْتَقت صُفُوف أَصْحَاب النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فهم هَكَذَا وَشَبك اصابع يَدَيْهِ واتشبوا فَلَمَّا اخلت الرُّمَاة تِلْكَ الْخلَّة الَّتِي كَانُوا فِيهَا دخلت الْخَيل من ذَلِك الْموضع على أَصْحَاب النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَضرب بَعضهم بَعْضًا والتبسوا وَقتل من الْمُسلمين نَاس كثير وَقد كَانَ لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه أول النَّهَار حَتَّى قتل من أَصْحَاب لِوَاء الْمُشْركين سَبْعَة أَو تِسْعَة وَصَاح الشَّيْطَان قتل مُحَمَّد فَلم يشك أَنه حق حَتَّى طلع رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بَين السعدين نعرفه بتكفيه إِذا مَشى ففرحنا حَتَّى كَأَنَّهُ لم يصبنا مَا أَصَابَنَا فرقى حولنا وَهُوَ يَقُول اشْتَدَّ غضب اللّه على قوم دموا وَجه رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَيَقُول مرّة اخرى اللّهمَّ لَيْسَ لَهُم أَن يعلونا

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ رَأَيْت يَوْم أحد عَن يَمِين رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَعَن يسَاره رجلَيْنِ عَلَيْهِمَا ثِيَاب بيض يقاتلان عَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَشد الْقِتَال مَا رأيتهما قبل ذَلِك الْيَوْم وَلَا بعده يَعْنِي جبرئيل وَمِيكَائِيل

ثمَّ أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ لم تقَاتل الْمَلَائِكَة إِلَّا يَوْم بدر وَقَالَ مُرَاده انهم لم يقاتلوا يَوْم أحد عَن الْقَوْم حِين عصوا الرَّسُول وَلم يصبروا على مَا أَمرهم بِهِ

وَقَالَ الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه فِي قَوْله تَعَالَى {بلَى إِن تصبروا وتتقوا} الْآيَة قَالَ لم يصبروا وانكشفوا فَلم يمدوا أخرجه الْبَيْهَقِيّ

واخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة قَالَ كَانَ اللّه وعدهم على الصَّبْر وَالتَّقوى ان يمدهُمْ {بِخَمْسَة آلَاف من الْمَلَائِكَة مسومين} وَكَانَ قد فعل فَلَمَّا عصوا أَمر الرَّسُول وَتركُوا مَصَافهمْ وَأَرَادُوا الدُّنْيَا رفع عَنْهُم مدد الْمَلَائِكَة

وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه قَالُوا لما انهزم الْمُشْركُونَ انْطلق الرُّمَاة ينتهبون فكر عَلَيْهِم الْمُشْركُونَ فَقَتَلُوهُمْ وانتقضت صُفُوف الْمُسلمين واستدارت رحاهم وحالت الرّيح فَصَارَت دبورا وَكَانَت قبل ذَلِك صبا ونادى إِبْلِيس أَن مُحَمَّدًا قتل وَاخْتَلَطَ الْمُسلمُونَ فصاروا يقتتلون على غير شعار وَيضْرب بَعضهم بَعْضًا مَا يَشْعُرُونَ بِهِ من العجلة والدهش وَقتل مُصعب بن عُمَيْر فَأخذ اللِّوَاء ملك فِي صُورَة مُصعب وَحَضَرت الْمَلَائِكَة يَوْمئِذٍ وَلم تقَاتل

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مندة وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مَحْمُود بن لبيد قَالَ قَالَ الْحَارِث بن الصمَّة سَأَلَني النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد وَهُوَ فِي الشّعب عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقلت رَأَيْته إِلَى جنب الْجَبَل فَقَالَ إِن الْمَلَائِكَة تقَاتل مَعَه قَالَ الْحَارِث فَرَجَعت إِلَى عبد الرَّحْمَن فأجد بَين يَدَيْهِ سَبْعَة صرعى فَقلت ظَفرت يَمِينك أكل هَؤُلَاءِ قتلت قَالَ أما هَذَا وَهَذَا فَأَنا قتلتهما وَأما هَؤُلَاءِ فَقَتلهُمْ من لم أره فَقلت صدق اللّه وَرَسُوله

وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن شُرَحْبِيل الْعَبدَرِي قَالَ حمل مُصعب بن عُمَيْر اللِّوَاء يَوْم أحد فَقطعت يَده الْيُمْنَى فَأخذ اللِّوَاء بِيَدِهِ الْيُسْر وَهُوَ يَقُول {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل} الْآيَة ثمَّ قطعت يَده الْيُسْرَى فَجَثَا على اللِّوَاء وضمه بعضديه إِلَى صَدره وَهُوَ يَقُول {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} الْآيَة ثمَّ قتل فَسقط اللِّوَاء قَالَ مُحَمَّد بن شُرَحْبِيل وَمَا نزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} يَوْمئِذٍ حَتَّى نزلت بعد ذَلِك

وَقَالَ ابْن سعد أَنا الْوَاقِدِيّ حَدثنِي الزبير بن سعيد النَّوْفَلِي عَن عبد اللّه بن الْفضل بن الْعَبَّاس بن ربيعَة بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب قَالَ أعْطى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد مُصعب بن عُمَيْر اللِّوَاء فَقتل مُصعب فَأَخذه ملك فِي صُورَة مُصعب فَجعل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول تقدم يَا مُصعب فَالْتَفت إِلَيْهِ الْملك فَقَالَ لست بمصعب فَعرف انه ملك أيد بِهِ

وَقَالَ ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف حَدثنَا زيد بن حبَان عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة حَدثنِي مُحَمَّد بن ثَابت ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم أحد اقدم مُصعب فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن يَا رَسُول اللّه ألم يقتل مُصعب قَالَ بلَى وَلَكِن ملك قَامَ مَكَانَهُ وَتسَمى باسمه

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ لقد رَأَيْتُمُونِي أرمي بِالسَّهْمِ يَوْم اُحْدُ فَيردهُ عَليّ رجل أَبيض حسن الْوَجْه لَا أعرفهُ حَتَّى كَانَ بعد فَظَنَنْت انه ملك

وَأخرج ابْن اسحاق وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عبد اللّه بن عون عَن عُمَيْر بن إِسْحَاق قَالَ لما كَانَ يَوْم أحد انكشفوا عَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَسعد يَرْمِي بَين يَدَيْهِ وفتى ينبل لَهُ كلما ذهبت نبلة أَتَاهُ بهَا قَالَ ارْمِ أَبَا اسحاق فَلَمَّا فرغوا نظرُوا من الشَّاب فَلم يروه وَلم يعرف

وَقَالَ ابْن اسحاق ذكر الزُّهْرِيّ قَالَ علت عالية قُرَيْش الْجَبَل فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اللّهمَّ إِنَّه لَا يَنْبَغِي ان يعلونا فَقَاتلهُمْ عمر بن الْخطاب ورهط من الْمُهَاجِرين حَتَّى أهبطوهم عَن الْجَبَل أخرج هالبيهقي وَأخرج عَن عُرْوَة نَحوه

وَأخرج النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد اللّه ان طَلْحَة أُصِيبَت انامله فَقَالَ حس فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَو ذكرت اسْم اللّه لَرَفَعَتْك الْمَلَائِكَة وَالنَّاس ينظرُونَ إِلَيْك حَتَّى تلج بك فِي جو السَّمَاء

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن طَلْحَة قَالَ لما كَانَ يَوْم أحد أصابني السهْم فَقلت حس فَقَالَ لَو قلت بِسم اللّه لطارت لَك الْمَلَائِكَة وَالنَّاس ينظرُونَ إِلَيْك

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الافراد عَن طَلْحَة انه لما اصيبت يَده مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ حس فَقَالَ لَو قلت بِسم اللّه لرأيت بناءك الَّذِي بنى اللّه لَك فِي الْجنَّة وَأَنت فِي الدُّنْيَا

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس ان عَمه أنس بن النَّضر قَالَ يَوْم أحد وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأجد ريح الْجنَّة دون أحد وانها لريح الْجنَّة

وَقَالَ ابْن اسحاق حَدثنِي عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ان حَنْظَلَة لتغسله الْمَلَائِكَة فسألوا أَهله مَا شَأْنه فَسُئِلت زَوجته قَالَت خرج وَهُوَ جنب حِين سمع الهائعة فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لذَلِك عسلته الْمَلَائِكَة

اخرجه الْبَيْهَقِيّ وَأخرجه السراج فِي مُسْنده وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي يحيى بن عباد بن عبد اللّه بن الزبير عَن أَبِيه عَن جده بِهِ

واخرجه أَبُو نعيم من طَرِيق ابْن اسحاق عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن مَحْمُود بن لبيد بِهِ

وَأخرجه ابْن سعد من طَرِيق هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه بِلَفْظ إِنِّي رَأَيْت الْمَلَائِكَة تغسل حَنْظَلَة بَين السَّمَاء وَالْأَرْض بِمَاء المزن فِي صحاف الْفضة قَالَ أَبُو أسيد السَّاعِدِيّ فذهبنا فَنَظَرْنَا إِلَيْهِ فَإِذا رَأسه تقطر مَاء وَفِيه أَن امْرَأَته قَالَت رَأَيْت كَأَن السَّمَاء فرجت لَهُ فَدخل فِيهَا ثمَّ أطبقت فَقلت هَذِه الشَّهَادَة

وَأخرج أَبُو نعيم عَن سعد بن أبي وَقاص ان سعد بن معَاذ لما مَاتَ بعد الخَنْدَق خرج رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مسرعا فَإِنَّهُ لينقطع شسع الرجل فَمَا يرجع وَيسْقط رِدَاؤُهُ فَمَا يلوي عَلَيْهِ وَمَا يعج اُحْدُ على أحد فَقَالُوا يَا رَسُول اللّه إِن كدت لتقطعنا قَالَ خشيت ان تسبقنا الْمَلَائِكَة إِلَى غسله كَمَا سبقتنا إِلَى غسل حنظله وَأخرج ابْن سعد نَحوه عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن مَحْمُود بن لبيد

وَأخرج ابو يعلى وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم عَن أنس بن مَالك قَالَ افتخر الْحَيَّانِ من الانصار الْأَوْس والخزرج فَقَالَ الخزرجيون منا اربعة جمعُوا الْقُرْآن على عهد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم معَاذ وَأبي وَزيد وَأَبُو زيد وَقَالَ الْأَوْس منا من اهتز لَهُ الْعَرْش سعد بن معَاذ وَمنا من أجيزت شَهَادَته بِشَهَادَة رجلَيْنِ خُزَيْمَة بن ثَابت وَمنا من حمته الدبر عَاصِم بن ثَابت وَمنا غسيل الْمَلَائِكَة حَنْظَلَة بن أبي عَامر

وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قتل حَمْزَة جنبا فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم غسلته الْمَلَائِكَة

وَأخرج ابْن سعد عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لقد رَأَيْت الْمَلَائِكَة تغسل حَمْزَة

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن جَابر قَالَ لما قتل ابي يَوْم اُحْدُ بَكت عَمَّتي فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَا تبكيه اَوْ لم تبكيه فَمَا زَالَت الْمَلَائِكَة تظله بأجنحتها حَتَّى رفعتموه

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن ثَابت قَالَ بَعَثَنِي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد اطلب سعد بن الرّبيع وَقَالَ إِن رَأَيْته فاقرأه مني السَّلَام وَقل لَهُ كَيفَ تجدك فَأَصَبْته وَهُوَ فِي آخر رَمق وَبِه سَبْعُونَ ضَرْبَة مَا بَين طعنة بِرُمْح وضربة بِسيف

ورمية بِسَهْم فَقَالَ قل لَهُ يَا رَسُول اللّه إِنِّي أجد ريح الْجنَّة وَقل لقومي الْأَنْصَار لَا عذر لكم عِنْد اللّه أَن خلص إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَفِيكُمْ شفر يطرف وفاضت نَفسه

قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَذكر الْوَاقِدِيّ فِي قصَّة خَيْثَمَة أبي سعد بن خَيْثَمَة انه قَالَ يَوْم أحد لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لقد أخطأتني وقْعَة بدر وَكنت وَاللّه حَرِيصًا عَلَيْهَا حَتَّى ساهمت ابْني فِي الْخُرُوج فَخرج سَهْمه فرزق الشَّهَادَة وَقد رَأَيْت ابْني البارحة فِي النّوم فِي أحسن صُورَة يسرح فِي ثمار الْجنَّة وأنهارها وَيَقُول إلحق بِنَا ترافقنا فِي الْجنَّة فقد وجدت مَا وَعَدَني رَبِّي حَقًا وَقد وَاللّه يَا رَسُول اللّه أَصبَحت مشتاقا إِلَى مرافقته فِي الْجنَّة فَادع اللّه ان يَرْزُقنِي الشَّهَادَة ومرافقة سعد فِي الْجنَّة فَدَعَا لَهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقتل بِأحد شَهِيدا

وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب ان رجلا سمع عبد اللّه ابْن جحش يَقُول قبل اُحْدُ بِيَوْم اللّهمَّ إِنِّي أقسم عَلَيْك أَن ألْقى الْعَدو غَدا فيقتلوني ثمَّ يبقروا بَطْني ويجدعوا أنفي وأذني ثمَّ تَسْأَلنِي بِمَ ذَلِك فاقول فِيك فَلَمَّا الْتَقَوْا فعل بِهِ ذَلِك فَقَالَ الرجل الَّذِي سَمعه إِنِّي لأرجو أَن يبر اللّه آخر قسمه كَمَا أبر أَوله

وَقَالَ عبد الرَّزَّاق انا معمر عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن الجحشي ثَنَا أشياخنا أَن عبد اللّه بن جحش جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد وَقد ذهب سَيْفه فَأعْطَاهُ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عسيبا من نخل فَرجع فِي يَد عبد اللّه سَيْفا اخرجه الْبَيْهَقِيّ

وَقَالَ ابْن اسحاق عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة قَالَ أُصِيبَت يَوْم اُحْدُ عين قَتَادَة ابْن النُّعْمَان حَتَّى وَقعت على وجنتيه فَردهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَت أحسن عَيْنَيْهِ واحدهما أخرجه ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ وابو نعيم وَقد تقدم مَوْصُولا وَإِن ذَلِك كَانَ يَوْم بدر

وَأخرجه ابو يعلى وَأَبُو نعيم من طَرِيق عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن أَبِيه عَن جده قَتَادَة أَنه أُصِيبَت عينه يَوْم أحد فسالت حدقته على وجنته فارادوا ان يقطعوها فسالوا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَا فَدَعَا بِهِ فغمز عينه براحته فَكَانَ لَا يدْرِي أَي عَيْنَيْهِ أُصِيبَت

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن قَتَادَة بن النُّعْمَان وَكَانَ أَخَاهُ لأمه ان عينه ذهبت يَوْم أحد فجَاء بهَا إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَردهَا فاستقامت قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَذكر الْوَاقِدِيّ مثله وَزَاد وَكَانَت أقوى عَيْنَيْهِ وأصحهما بعد أَن كبر

وَأخرج ابو نعيم من طَرِيق عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن مَحْمُود بن لبيد عَن قَتَادَة ابْن النُّعْمَان أَنه أُصِيبَت عينه يَوْم أحد فَوَقَعت على وجنته فَردهَا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ فَكَانَت أصح عَيْنَيْهِ وَأَحَدهمَا

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن قَتَادَة قَالَ كنت يَوْم أحد اتقِي السِّهَام بوجهي دون وَجه رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ آخرهَا سَهْما ندرت مِنْهُ حدقتي فأخذتها بيَدي وسعيت إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَآهَا فِي كفي دَمَعَتْ عَيناهُ فَقَالَ اللّهمَّ ق قَتَادَة كَمَا وقِي نبيك بِوَجْهِهِ فاجعلها احسن عَيْنَيْهِ وَأَحَدهمَا نظرا

وَأخرج أَبُو يعلى من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن عُبَيْدَة عَن جده قَالَ أُصِيبَت عين أبي ذَر يَوْم اُحْدُ فبزق فِيهَا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَت أصح عَيْنَيْهِ

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع بن جُبَير قَالَ سَمِعت رجلا من الْمُهَاجِرين يَقُول شهِدت أحدا فَنَظَرت إِلَى النبل تَأتي من كل نَاحيَة وَرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَسطهَا كل ذَلِك يصرف عَنهُ وَلَقَد رَأَيْت عبد اللّه بن شهَاب يَقُول يَوْم اُحْدُ دلوني على مُحَمَّد فَلَا نجوت إِن نجا وَرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جنبه مَا مَعَه أحد ثمَّ جاوزه فَعَاتَبَهُ فِي ذَلِك صَفْوَان فَقَالَ وَاللّه مَا رَأَيْته أَحْلف بِاللّه انه منا مَمْنُوع خرجنَا أَرْبَعَة فتعاهدنا وتعاقدنا على قَتله فَلم نخلص إِلَى ذَلِك

وَقَالَ عبد الرَّزَّاق انا معمر عَن الزُّهْرِيّ وَعَن عُثْمَان الْجَزرِي عَن مقسم أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم دَعَا على عتبَة بن أبي وَقاص يَوْم أحد حِين كسر رباعيته وشج وَجهه فَقَالَ اللّهمَّ لَا يحل عَلَيْهِ الْحول حَتَّى يَمُوت كَافِرًا فَمَا حَال عَلَيْهِ الْحول حَتَّى مَاتَ كَافِرًا أخرجه الْبَيْهَقِيّ

وَأخرج ابو نعيم عَن نَافِع بن عَاصِم قَالَ الَّذِي دمى وَجه رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عبد اللّه بن قمئة رجل من هُذَيْل فَسلط اللّه عَلَيْهِ تَيْسًا فَنَطَحَهُ حَتَّى قَتله

وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ قَالَ بَلغنِي ان الَّذين كسروا ربَاعِية النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لم يُولد لَهُم صبي فَنَبَتَتْ لَهُ ربَاعِية

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن السَّائِب انه بلغه ان مَالِكًا ابا أبي سعيد الْخُدْرِيّ لما جرح النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد مص جرحه حَتَّى أنقاه ولاح أَبيض فَقيل لَهُ مجه فَقَالَ وَاللّه لَا أمجه أبدا ثمَّ أدبر يُقَاتل فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من أَرَادَ ان ينظر إِلَى رجل من اهل الْجنَّة فَلْينْظر إِلَى هَذَا فاستشهد

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الشَّافِعِي قَالَ كَانَ من الْمَمْنُون عَلَيْهِم فَلَا فديَة يَوْم بدر أَبُو عزة الجُمَحِي تَركه رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لبنَاته وَأخذ عَلَيْهِ عهدا ان لَا يقاتله فاخفره وقاتله يَوْم أحد فَدَعَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ان لَا يفلت فَمَا أسر من الْمُشْركين رجل غَيره فَأمر بِهِ فَضربت عُنُقه

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم اُحْدُ اما ان الْمُشْركين لن يُصِيبُوا منا مثلهَا أبدا

وَأخرج ابْن سعد عَن الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لن ينالوا منا مثل هَذَا الْيَوْم حَتَّى نستلم الرُّكْن

وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما قتل حَمْزَة يَوْم اُحْدُ اقبلت صَفِيَّة تطلبه لَا تَدْرِي مَا صنع فَلَقِيت عليا وَالزُّبَيْر فَقَالَت مَا فعل حَمْزَة

فأرياها أَنَّهُمَا لَا يدريان فَجَاءَت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَنِّي اخاف على عقلهَا فَوضع يَده على صدرها ودعا لَهَا فاسترجعت وبكت

وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ أَنا هَوْذَة بن خَليفَة حَدثنَا عَوْف بن مُحَمَّد قَالَ بَلغنِي ان هندا ابْنة عتبَة بن ربيعَة جَاءَت يَوْم أحد وَكَانَت نذرت لَئِن قدرت على حَمْزَة لتأكلن من كبده فجاؤوا بحزة من كبد حَمْزَة فأخذتها تمضغها لتأكلها فَلم تستطع ان تبتلعها فلفظتها فَبلغ ذَلِك رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن اللّه قد حرم على النَّار ان تذوق من لحم حَمْزَة شَيْئا أبدا

وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه قَالَ كَانَ سُوَيْد بن الصَّامِت قد قتل زيادا أَبَا مجذر فِي وقْعَة الْتَقَوْا فِيهَا فظفر المجذر بِسُوَيْدِ فَقتله وَذَلِكَ قبل الْإِسْلَام فَلَمَّا قدم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة أسلم الْحَارِث بن سُوَيْد ومجذر بن زِيَاد وشهدا بَدْرًا فَجعل الْحَارِث يطْلب مجذرا يقْتله بِأَبِيهِ فَلَا يقدر عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ يَوْم اُحْدُ وجال الْمُسلمُونَ تِلْكَ الجولة أَتَاهُ الْحَارِث من خَلفه فَضرب عُنُقه فَلَمَّا رَجَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من حَمْرَاء الْأسد أَتَاهُ الْحَارِث من خَلفه فَضرب عُنُقه فَلَمَّا رَجَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من حَمْرَاء الْأسد أَتَاهُ جبرئيل فَأخْبرهُ ان الْحَارِث بن سُوَيْد قتل مجذر بن زِيَاد غيلَة وَأمره أَن يقْتله فَركب رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قبَاء فِي ذَلِك الْيَوْم فِي يَوْم حَار فَدخل مَسْجِد قبَاء فصلى بِهِ وَسمعت بِهِ الْأَنْصَار فَجَاءَت تسلم عَلَيْهِ وأنكروا إِتْيَانه فِي تِلْكَ السَّاعَة وَفِي ذَلِك الْيَوْم حَتَّى طلع الْحَارِث بن سُوَيْد فِي ملحفة مورسة فَلَمَّا رَآهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم دَعَا عويم بن سَاعِدَة فَقَالَ قدم الْحَارِث بن سُوَيْد إِلَى بَاب الْمَسْجِد فَاضْرب عُنُقه بمجذر بن زِيَاد فَإِنَّهُ قَتله غيلَة فَقَالَ الْحَارِث قد وَاللّه قتلته وَمَا كَانَ قَتْلِي إِيَّاه رُجُوعا عَن الاسلام وَلَا ارتيابا فِيهِ وَلكنه حمية من الشَّيْطَان وَأمر وكلت فِيهِ إِلَى نَفسِي وَإِنِّي أَتُوب إِلَى اللّه وَرَسُوله مِمَّا عملت واخرج دِيَته أَو أَصوم شَهْرَيْن مُتَتَابعين وَأعْتق رَقَبَة حَتَّى إِذا استوعب كَلَامه قَالَ قدمه يَا عويم فَاضْرب عُنُقه فقدمه فَضرب عُنُقه فَقَالَ حسان بن ثَابت

(يَا حَار فِي سنة من نوم أَو لكم ... أم كنت وَيحك مغترا بِجِبْرِيل)

(أم كَيفَ بِابْن زِيَاد حِين تقتله ... تغرة فِي فضاء الأَرْض مَجْهُول)

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ اخْرُج أبي من قَبره فِي خلَافَة مُعَاوِيَة فَأَتَيْته فَوَجَدته على النَّحْو الَّذِي تركته لم يتَغَيَّر مِنْهُ شَيْء فواريته

وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من وَجه آخر عَن جَابر قَالَ استصرخنا إِلَى قَتْلَانَا يَوْم أحد وَذَلِكَ حِين أجْرى مُعَاوِيَة الْعين فأتيناهم فأخرجناهم رطابا تثنى أَطْرَافهم على رَأس أَرْبَعِينَ سنة وأصابت المسحاة قدم حَمْزَة فانثعبت دَمًا واخرجه الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق اخرى

وَمِنْهَا طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه وَفِيه فَوجدَ عبد اللّه وَالِد جَابر وَيَده على جرحه فاميطت يَده عَن جرحه فانثعب الدَّم فَردَّتْ إِلَى مَكَانهَا فسكن الدَّم قَالَ جَابر فَرَأَيْت أبي فِي حفرته كَأَنَّهُ نَائِم والنمرة الَّتِي كفن فِيهَا كَمَا هِيَ والحزيل على رجلَيْهِ على هَيئته وَبَين ذَلِك سِتّ وَأَرْبَعُونَ سنة وأصابت المسحاة رجل رجل مِنْهُم فانثعبت دَمًا فَقَالَ ابو سعيد الْخُدْرِيّ لَا يُنكر بعد هَذَا مُنكر وَلَقَد كَانُوا يحفرون التُّرَاب فَحَفَرُوا نثرة من تُرَاب فاح عَلَيْهِم ريح الْمسك

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لشهداء أحد اشْهَدْ ان هَؤُلَاءِ شُهَدَاء عِنْد اللّه فأتوهم وزوروهم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يسلم عَلَيْهِم اُحْدُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا ردوا عَلَيْهِ

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق العطاف بن خَالِد المَخْزُومِي حَدثنِي عبد الْأَعْلَى بن عبد اللّه بن أبي فَرْوَة عَن أَبِيه ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم زار قُبُور الشُّهَدَاء بِأحد وَقَالَ اللّهمَّ إِن عَبدك وَنَبِيك يشْهد أَن هَؤُلَاءِ شُهَدَاء وَأَنه من زارهم اَوْ سلم عَلَيْهِم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ردوا عَلَيْهِ

قَالَ العطاف وحدثتني خَالَتِي انها زارت قُبُور الشُّهَدَاء قَالَت وَلَيْسَ معي إِلَّا غلامان يحفظان عَليّ الدَّابَّة فَسلمت عَلَيْهِم فَسمِعت رد السَّلَام وَقَالُوا وَاللّه إِنَّا نعرفكم كَمَا يعرف بَعْضنَا بَعْضًا قَالَت فاقشعررت وَرجعت واخرج ابْن ابي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن العطاف قَالَ حَدَّثتنِي خَالَتِي فَذكر نَحوه

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْوَاقِدِيّ ان فَاطِمَة الْخُزَاعِيَّة قَالَت زرت قبر حَمْزَة فَقلت السَّلَام عَلَيْك يَا عَم رَسُول اللّه فَسمِعت كلَاما رد عَليّ وَعَلَيْكُم السَّلَام وَرَحْمَة اللّه

وَأخرج ابْن مندة عَن طَلْحَة بن عبيد اللّه قَالَ أردْت مَالِي بِالْغَابَةِ فأدركني اللَّيْل فأويت إِلَى قبر عبد اللّه بن عَمْرو بن حرَام فَسمِعت قِرَاءَة من الْقَبْر مَا سَمِعت أحسن مِنْهَا فَجئْت إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ ذَاك عبد اللّه ألم تعلم ان اللّه قبض أَرْوَاحهم فَجَعلهَا فِي قناديل من زبرجد وَيَاقُوت ثمَّ علقها وسط الْجنَّة فَإِذا كَانَ اللَّيْل ردَّتْ إِلَيْهِم أَرْوَاحهم فَلَا تزَال كَذَلِك حَتَّى إِذا طلع الْفجْر ردَّتْ أَرْوَاحهم إِلَى مَكَانهَا الَّذِي كَانَت فِيهِ

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ ضرب بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خباءه على قبر وَهُوَ لَا يحْسب انه قبر فَإِذا فِيهِ إِنْسَان يقْرَأ سُورَة الْملك حَتَّى خَتمهَا فَأَتَانِي النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهِي الْمَانِعَة هِيَ المنجية

بَاب مَا وَقع فِي حَمْرَاء الاسد من الْآيَات

قَالَ ابْن اسحاق حَدثنِي عبد اللّه بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم ان أَبَا سُفْيَان قَالَ لركب من عبد الْقَيْس يُرِيدُونَ الْمَدِينَة بلغُوا مُحَمَّدًا أَنا قد اجمعنا الرّجْعَة إِلَى اصحابه لنستأصلهم فَلَمَّا مر الركب برَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اخبروه فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم والمسلمون مَعَه حَسبنَا اللّه وَنعم الْوَكِيل فَانْزِل اللّه فِي ذَلِك {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس} الْآيَات

وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما ألقِي ابراهيم عَلَيْهِ السَّلَام فِي النَّار قَالَ {حَسبنَا اللّه وَنعم الْوَكِيل} فَقَالَهَا مُحَمَّد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن الْمُنْذر فِي تَفْسِيره عَن ابْن جريج فِي قَوْله تَعَالَى {لم يمسسهم سوء} قَالَ قدم رجل من الْمُشْركين من بدر فَأخْبر اهل مَكَّة بخيل مُحَمَّد فرعبوا فجلسوا

بَاب مَا وَقع فِي غَزْوَة الرجيع من الْآيَات

أخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابي هُرَيْرَة قَالَ بعث رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة عينا وَأمر عَلَيْهِم عَاصِم بن ثَابت فَانْطَلقُوا حَتَّى إِذا كَانُوا بَين عسفان وَمَكَّة ذكرُوا لحي من هُذَيْل فتبعوهم بِقرب من مائَة رام فَاقْتَصُّوا آثَارهم حَتَّى لحقوهم فَلَمَّا انْتهى عَاصِم وَأَصْحَابه لجئوا إِلَى فدفد وَجَاء الْقَوْم فأحاطوا بهم فَقَالُوا لكم الْعَهْد والميثاق إِن نزلتم إِلَيْنَا أَن لَا نقْتل مِنْكُم رجلا فَقَالَ عَاصِم اما أَنا فَلَا انْزِلْ فِي ذمَّة كَافِر اللّهمَّ اخبر عَنَّا نبيك فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبلِ حَتَّى قتلوا عَاصِمًا فِي سَبْعَة نفر وَبَقِي خبيب وَزيد بن الدثنة وَرجل آخر فأعطوهم الْعَهْد والميثاق فنزلوا اليهم فَلَمَّا استمكنوا مِنْهُم حلوا أوتار قسيهم فربطوهم بهَا فَقَالَ الرجل الثَّالِث هَذَا اول الْغدر فَأبى ان يصحبهم فجرروه وعالجوه على ان يصحبهم فَلم يفعل فَقَتَلُوهُ وَانْطَلَقُوا بخبيب وَزيد حَتَّى باعوهما بِمَكَّة فَاشْترى خبيبا بَنو الْحَارِث بن عَامر بن نَوْفَل وَكَانَ خبيب هُوَ قتل الْحَارِث يَوْم بدر فَمَكثَ عِنْدهم أَسِيرًا حَتَّى إِذا اجْمَعُوا قَتله اسْتعَار مُوسَى من بعض بَنَات الْحَارِث ليستحد بهَا فأعارته قَالَت فغفلت عَن صبي لي فدرج إِلَيْهِ حَتَّى اتاه فَوَضعه على فَخذه فَلَمَّا رَأَيْته فزعت فزعة عرف ذَلِك مني وَفِي يَده الموسى فَقَالَ اتخشين ان اقتله مَا كنت لأَفْعَل ذَلِك إِن شَاءَ اللّه تَعَالَى وَكَانَت تَقول مَا رَأَيْت أَسِيرًا قطّ خيرا من خبيب لقد رَأَيْته يَأْكُل من قطف عِنَب وَمَا بِمَكَّة يَوْمئِذٍ ثَمَرَة وَأَنه لموثق فِي الْحَدِيد وَمَا كَانَ إِلَّا رزق رزقه اللّه فَلَمَّا خَرجُوا بِهِ من الْحرم قَالَ دَعونِي اركع رَكْعَتَيْنِ فَرَكَعَ ثمَّ قَالَ اللّهمَّ احصهم عددا واقتلهم بددا وَلَا تبْق مِنْهُم أحدا

واستجاب اللّه لعاصم يَوْم اصيب فَأخْبر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أصيبوا خبرهم وَبعثت قُرَيْش إِلَى عَاصِم ليؤتوا بِشَيْء من جسده يعرفونه وَكَانَ عَاصِم قتل عَظِيما من عظمائهم يَوْم بدر فَبعث اللّه عَلَيْهِ مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم فَلم يقدروا على ان يقطعوا مِنْهُ شَيْئا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب وَمن طَرِيق عُرْوَة نَحوه وَزَاد ان خبيبا قَالَ اللّهمَّ إِنِّي لَا أجد رَسُولا إِلَى رَسُولك فَبَلغهُ عني السَّلَام فجَاء جبرئيل إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ ذَلِك فزعموا ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَهُوَ جَالس فِي ذَلِك الْيَوْم الَّذِي قتل فِيهِ عَلَيْك السَّلَام خبيب قَتله قُرَيْش

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة قَالَ كَانَت هُذَيْل حِين قتلوا عَاصِم بن ثَابت أَرَادوا رَأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد وَقد كَانَت نذرت حِين اصيب ابناها بِأحد لَئِن قدرت على رَأسه لتشربن فِي قحفه الْخمر فمنعتهم الدبر فَلَمَّا حَالَتْ بَينهم وَبَينه قَالُوا دَعوه حَتَّى يُمْسِي فَيذْهب عَنهُ فنأخذه فَبعث اللّه الْوَادي فَاحْتمل عَاصِمًا فَذهب بِهِ وَكَانَ عَاصِم أعْطى اللّه عهدا لَا يمس مُشْركًا وَلَا يمسهُ مُشْرك أبدا فِي حَيَاته فَمَنعه اللّه فِي وَفَاته مِمَّا امْتنع مِنْهُ فِي حَيَاته

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن بُرَيْدَة بن سُفْيَان الْأَسْلَمِيّ أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بعث عَاصِم بن ثَابت فَذكر الْقِصَّة كَمَا تقدم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَذكر فِيهَا فأرادوا ليجتزوا رَأسه ليذهبوا بِهِ إِلَيْهَا فَبعث اللّه رجلا من دبر فحمته فَلم يستطيعوا ان يجتزوا رَأسه وَذكر فِي شَأْن خبيب انه قَالَ اللّهمَّ إِنِّي لَا أجد من يبلغ رَسُوله عني السَّلَام فَبلغ رَسُولك مني السَّلَام فزعموا ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حِينَئِذٍ وَعَلِيهِ السَّلَام قَالَ أَصْحَابه يَا نَبِي اللّه من قَالَ أخوكم خبيب يقتل فَلَمَّا رفع على الْخَشَبَة اسْتقْبل الدُّعَاء قَالَ فَلَمَّا رَأَيْته يَدْعُو لبدت بِالْأَرْضِ فَلم يحل الْحول وَمِنْهُم أحد غير ذَلِك الرجل الَّذِي لبد بِالْأَرْضِ

وَقَالَ ابْن اسحاق حَدثنِي عبد اللّه بن ابي نجيح عَن ماوية مولاة حُجَيْر بن أبي أهاب قَالَت حبس خبيب بِمَكَّة فِي بَيْتِي فَلَقَد اطَّلَعت عَلَيْهِ يَوْمًا وان فِي يَده لقطفا من عِنَب أعظم من رَأسه يَأْكُل مِنْهُ وَمَا فِي الأَرْض يَوْمئِذٍ حَبَّة عِنَب واخرجه ابْن سعد من وَجه آخر عَن ماوية

وَأخرج ابْن ابي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق جَعْفَر بن عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي ان اباه حَدثهُ عَن جده وَكَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بَعثه عينا وَحده قَالَ جِئْت إِلَى خَشَبَة خبيب فرقيت فِيهَا وَأَنا اتخوف الْعُيُون فأطلقته فَوَقع بِالْأَرْضِ فانتبذت غير بعيد ثمَّ الْتفت فَلم أر خبيبا فَكَأَنَّمَا ابتلعته الأَرْض فَلم يذكر لخبيب رمة حَتَّى السَّاعَة

وَأخرج ابو يُوسُف فِي كتاب اللطائف عَن الضَّحَّاك ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ارسل الْمِقْدَاد وَالزُّبَيْر فِي انزال خبيب عَن خشبته فوصلا إِلَى التَّنْعِيم فوجدا حوله أَرْبَعِينَ رجلا نشاوى فأنزلاه فَحَمله الزبير على فرسه وَهُوَ رطب لم يتَغَيَّر مِنْهُ شَيْء فَنَذر بهم الْمُشْركُونَ فَلَمَّا لحقوهم قذفه الزبير فابتلعته الأَرْض فَسُمي بليع الأَرْض

وَقَالَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي ابراهيم بن جَعْفَر عَن أَبِيه وحَدثني عبد اللّه بن أبي عُبَيْدَة عَن جَعْفَر بن عَمْرو بن امية الضمرِي وحَدثني عبد اللّه بن جَعْفَر عَن عبد الْوَاحِد ابْن أبي عون قَالُوا كَانَ أَبُو سُفْيَان بن حَرْب قد قَالَ لنفر من قُرَيْش بِمَكَّة مَا أجد من يغتال مُحَمَّد فَإِنَّهُ يمشي فِي الْأَسْوَاق فيدرك ثَأْرنَا فَأَتَاهُ رجل من الْعَرَب فَقَالَ ان انت قويتني خرجت إِلَيْهِ حَتَّى اغتاله فَإِنِّي هاد بِالطَّرِيقِ خريت وَمَعِي خنجر مثل خافية النسْر قَالَ أَنْت صاحبنا فَأعْطَاهُ بَعِيرًا وَنَفَقَة وَقَالَ اطو امرك فَإِنِّي لَا آمن ان يسمع هَذَا اُحْدُ فينميه إِلَى مُحَمَّد قَالَ الْعَرَبِيّ لَا يعلم بِهِ أحد

فَخرج لَيْلًا على رَاحِلَته فَسَار خمْسا وصبح ظهر الْحرَّة صبح سادسة ثمَّ أقبل فَدخل على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَآهُ قَالَ لأَصْحَابه إِن هَذَا الرجل يُرِيد غدرا وَاللّه حَائِل بَينه وَبَين مَا يُرِيد ثمَّ قَالَ لَهُ اصدقني مَا انت وَمَا أقدمك فان صدقتني نفعك الصدْق وَإِن كذبتني فقد اطَّلَعت على مَا هَمَمْت بِهِ قَالَ فأمن قَالَ فَأَنت آمن فَأخْبرهُ بِخَبَر أبي سُفْيَان وَمَا جعل لَهُ فَقَالَ قد آمنتك فَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْت وَخير لَك من ذَلِك قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ تشهد ان لَا إِلَه إِلَّا اللّه وَأَنِّي رَسُول اللّه فَأسلم ثمَّ قَالَ وَاللّه مَا كنت أفرق الرِّجَال فوَاللّه مَا هُوَ إِلَّا أَن رَأَيْتُك وَأَنَّك على حق ثمَّ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لعَمْرو بن امية الضمرِي ولسلمة بن اسْلَمْ بن حريش اخرجا حَتَّى تأتيا ابا سُفْيَان بن حَرْب فَإِن اصبتما مِنْهُ غرَّة فاقتلاه فَخَرَجَا قَالَ عَمْرو فَقَالَ لي صَاحِبي هَل لَك ان تَأتي الْبَيْت فَتَطُوف بِهِ أسبوعا وَتصلي رَكْعَتَيْنِ فَقلت إِنِّي اعرف بِمَكَّة من الْفرس الأبلق وَأَنَّهُمْ إِن رأوني عرفوني فَأبى ان يطيعني فأتينا فطفنا اسبوعا وصلينا رَكْعَتَيْنِ فلقيني مُعَاوِيَة بن ابي سُفْيَان فعرفني وَاخْبَرْ أَبَاهُ فَنَذر بِنَا اهل مَكَّة فَقَالُوا مَا جَاءَ عَمْرو فِي خير وَكَانَ عَمْرو رجلا فاتكا فِي الْجَاهِلِيَّة فحشد أهل مَكَّة وتجمعوا فهربنا وَخَرجُوا فِي طلبنا فَدخلت غارا فتغيبت عَنْهُم حَتَّى اصبحت وَبَاتُوا يطْلبُونَ وعمى اللّه عَلَيْهِم الطَّرِيق أَن يهتدوا لراحلتنا فَقَالَ صَاحِبي هَل لَك فِي خبيب تنزله فاشتددت فأنزلته اخرجه الْبَيْهَقِيّ

بَاب مَا وَقع فِي قصَّة بِئْر مَعُونَة من الْآيَات

اخْرُج البُخَارِيّ من طَرِيق هِشَام بن عُرْوَة قَالَ اخبرني أبي قَالَ لما قتل الَّذِي ببئر مَعُونَة وَأسر عَمْرو بن امية الضمرِي قَالَ لَهُ عَامر بن الطُّفَيْل من هَذَا وَأَشَارَ إِلَى قَتِيل فَقَالَ لَهُ هَذَا عَامر بن فهَيْرَة فَقَالَ لقد رَأَيْته بَعْدَمَا قتل رفع إِلَى السَّمَاء حَتَّى أَنِّي لأنظر الى السَّمَاء بَينه وَبَين الارض ثمَّ وضع فَأتى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خبرهم فنعاهم فَقَالَ إِن أصحابكم قد اصيبوا وَأَنَّهُمْ قد سَأَلُوا رَبهم فَقَالُوا رَبنَا اخبر عَنَّا اخواننا بِمَا رَضِينَا عَنْك ورضيت عَنَّا فَأخْبرهُم عَنْهُم

وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن انس ان نَاسا جاؤوا إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا ابْعَثْ مَعنا رجَالًا يعلموننا الْقُرْآن وَالسّنة فَبعث إِلَيْهِم سبعين رجَالًا من الانصار يُقَال لَهُم الْقُرَّاء فتعرضوا لَهُم فَقَتَلُوهُمْ قبل ان يبلغُوا الْمَكَان قَالُوا اللّهمَّ بلغ عَنَّا نَبينَا إِنَّا قد لقيناك فرضينا عَنْك ورضيت عَنَّا فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه إِن اخوانكم قد قتلوا فَقَالُوا اللّهمَّ بلغ عَنَّا نَبينَا إِن قد لقيناك فرضينا عَنْك ورضيت عَنَّا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ بعث رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة فَلم نَلْبَث إِلَّا قَلِيلا حَتَّى قَامَ فَحَمدَ اللّه وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ إِن اخوانكم لقد لقوا الْمُشْركين واقتطعوهم فَلم يبْق مِنْهُم أحد وانهم قَالُوا رَبنَا بلغ قَومنَا إِنَّا قد رَضِينَا وَرَضي عَنَّا رَبنَا فَأَنا رسولهم إِلَيْكُم إِنَّهُم قد رَضوا وَرَضي عَنْهُم

وَقَالَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي مُصعب بن ثَابت عَن أبي الْأسود عَن عُرْوَة قَالَ خرج الْمُنْذر بن عَمْرو فَذكر الْقِصَّة وَقَالَ فِيهَا قَالَ عَامر بن الطُّفَيْل لعَمْرو بن أُميَّة هَل تعرف أَصْحَابك قَالَ نعم فَطَافَ فيهم يَعْنِي فِي الْقَتْلَى وَجعل يسْأَله عَن أنسابهم قَالَ هَل تفقد مِنْهُم من اُحْدُ قَالَ افقد مولى لأبي بكر يُقَال لَهُ عَامر بن فهَيْرَة قَالَ كَيفَ كَانَ فِيكُم قلت كَانَ من أفضلنا قَالَ أَلا أخْبرك خَبره طعنه هَذَا بِرُمْح ثمَّ انتزع رمحه فَذهب بِالرجلِ علوا فِي السَّمَاء حَتَّى وَاللّه مَا اراه وَكَانَ الَّذِي قَتله رجل من كلاب يُقَال لَهُ جَبَّار بن سلمى ذكر انه لما طعنه سَمعه يَقُول فزت وَاللّه قَالَ فَأتيت الضَّحَّاك بن سُفْيَان الْكلابِي فَأَخْبَرته بِمَا كَانَ وَأسْلمت وَدَعَانِي إِلَى الْإِسْلَام مَا رَأَيْت من مقتل عَامر بن فهَيْرَة وَمن رَفعه إِلَى السَّمَاء علوا

قَالَ وَكتب الضَّحَّاك إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَن الْمَلَائِكَة وارت جثته وَأنزل عليين

أخرجه الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ يحْتَمل انه رفع ثمَّ وضع ثمَّ فقد بعد ذَلِك ليجتمع مَعَ رِوَايَة البُخَارِيّ السَّابِقَة عَن عُرْوَة فَإِن فِيهَا ثمَّ وضع فقد روينَا فِي مغازي مُوسَى بن عقبَة فِي هَذِه الْقِصَّة قَالَ فَقَالَ عُرْوَة لم يُوجد جَسَد عَامر فيرون ان الْمَلَائِكَة

وارته ثمَّ اخْرُج الْبَيْهَقِيّ رِوَايَة عُرْوَة مَوْصُولَة عَن عَائِشَة بِلَفْظ لقد رَأَيْته بَعْدَمَا قتل رفع إِلَى السَّمَاء حَتَّى اني لأنظر إِلَى السَّمَاء بَينه وَبَين الأَرْض وَلم يذكر فِيهَا ثمَّ وضع فَقَوِيت الطّرق وتعددت لمواراته فِي السَّمَاء

وَقَالَ ابْن سعد انا الْوَاقِدِيّ حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد اللّه عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت رفع عَامر بن فهَيْرَة الى السَّمَاء فَلم تُوجد جثته يرَوْنَ أَن الْمَلَائِكَة وارته

بَاب مَا وَقع فِي عزوة ذَات الرّقاع من الْآيَات والمعجزات

اخْرُج الشَّيْخَانِ عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ عزونا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم غَزْوَة قبل نجد فَلَمَّا قفل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَدْرَكته القائلة يَوْمًا بواد كثير العضاه فَنزل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وتفرق النَّاس فِي العضاه يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ وَنزل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تَحت سَمُرَة فعلق بهَا سَيْفه فنمنا نومَة فَإِذا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُونَا فجئناه فَإِذا عِنْده أَعْرَابِي جَالس فَقَالَ إِن هَذَا اخْتَرَطَ سَيفي وَأَنا نَائِم فَاسْتَيْقَظت وَهُوَ فِي يَده صَلتا فَقَالَ لي من يمنعك مني فَقلت اللّه فَشَام السَّيْف وَجلسَ ثمَّ لم يُعَاقِبهُ

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن جَابر قَالَ قَاتل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم محَارب خصفة بِنَخْل فَرَأَوْا من الْمُسلمين غره فجَاء رجل مِنْهُم يُقَال لَهُ عورث بن الْحَارِث حَتَّى قَامَ على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِالسَّيْفِ فَقَالَ من يمنعك مني قَالَ اللّه فَسقط السَّيْف من يَده فَأَخذه رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ من يمنعك مني قَالَ كن خير آخذ فخلى سَبيله فَأتى أَصْحَابه وَقَالَ جِئتُكُمْ من عِنْد خير النَّاس ثمَّ ذكر صَلَاة الْخَوْف

وَأخرج ابو نعيم من وَجه ثَالِث عَن جَابر قَالَ خرج رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي صفر فَقَالَ تَحت شَجَرَة وعلق سَيْفه بهَا فجَاء أَعْرَابِي فسل السَّيْف فَقَامَ بِهِ على رَأسه فَقَالَ يَا مُحَمَّد من يمنعك مني فاستيقط فَقَالَ اللّه فَأَخذه واجف فَوضع السَّيْف وَانْطَلق

واخرج الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن جَابر قَالَ صلى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِأَصْحَابِهِ الظّهْر بِنَخْل فهم بِهِ الْمُشْركُونَ ثمَّ قَالُوا دعوهم فان لَهُم صَلَاة بعد هَذِه أحب إِلَيْهِم من أبنائهم فَنزل جبرئيل على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فصلى صَلَاة الْخَوْف

واخرجه مُسلم بِلَفْظ عزونا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قوما من جُهَيْنَة فَقَاتلُوا قتالا شَدِيدا فَلَمَّا صلى الظّهْر قَالَ الْمُشْركُونَ لَو ملنا عَلَيْهِم مَيْلَة لَاقْتَطَعْنَاهُمْ وَقَالُوا انهم سَتَأْتِيهِمْ صلوة هِيَ احب اليهم من الْأَوْلَاد فَأخْبر جبرئيل النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بذلك وَذكر ذَلِك لنا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فصلى صَلَاة الْخَوْف

وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابي عَيَّاش الرزقي قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بعسفان وعَلى الْمُشْركين خَالِد بن الْوَلِيد فصلينا الظّهْر فَقَالَ الْمُشْركُونَ لقد كَانُوا على حَال لَو اردنا لأصبنا غرَّة فأنزلت آيَة الْقصر بَين الظّهْر وَالْعصر

ذكر الْوَاقِدِيّ باسناده عَن خَالِد بن الْوَلِيد فِي قصَّة إِسْلَامه قَالَ فَلَمَّا خرج رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْحُدَيْبِيَة خرجت فِي خيل الْمُشْركين فتلقيت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي أَصْحَابه بعسفان فَقُمْت بإزائه وتعرضت لَهُ فصلى بِأَصْحَابِهِ الظّهْر أمامنا فهممنا أَن نغير عَلَيْهِ ثمَّ لم يعزم لنا فَأطلع على مَا فِي أَنْفُسنَا من الْهم بِهِ فصلى بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الْعَصْر صَلَاة الْخَوْف

وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ سرنا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة ذَات الرّقاع حَتَّى نزلنَا وَاديا افيح فَذهب رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يقْضِي حَاجته واتبعته بأداوة من مَاء فَنظر فَلم ير شَيْئا يسْتَتر بِهِ وَإِذا شجرتان

بشاطىء الْوَادي فَانْطَلق رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى احدهما فَأخذ بِغُصْن من أَغْصَانهَا وَقَالَ إنقادي بِإِذن اللّه فانقادت مَعَه كالبعير المخشوش الَّذِي يصانع قائده حَتَّى اتى الشَّجَرَة الْأُخْرَى فَأخذ بعصن من أَغْصَانهَا فَقَالَ انقادي عَليّ بِإِذن اللّه فالتأمتا قَالَ جَابر فَجَلَست أحدث نَفسِي فحانت مني لفتة فَإِذا انا برَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مقبل وَإِذا الشجرتان قد افترقتا فَقَامَتْ كل وَاحِدَة مِنْهُمَا على سَاق فَرَأَيْت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وقف وَقْفَة فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا يَمِينا وَشمَالًا ثمَّ اقبل فَلَمَّا انْتهى إِلَيّ قَالَ يَا جَابر هَل رَأَيْت مقَامي قلت نعم يَا رَسُول اللّه قَالَ فَانْطَلق إِلَى الشجرتين فأقطع من كل وَاحِدَة مِنْهَا عصنا فَأقبل بهما حَتَّى إِذا قُمْت مقَامي فَأرْسل غصنا عَن يَمِينك وغصنا عَن يسارك قَالَ جَابر فَقُمْت فَأخذت حجرا فَكَسرته وحسرته فانذلق لي فَأتيت الشجرتين فَقطعت من كل وَاحِدَة مِنْهَا غصنا ثمَّ أَقبلت أجرهما حَتَّى إِذا قُمْت مقَام رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أرْسلت غصنا عَن يَمِيني وغصنا عَن يساري ثمَّ لحقت فَقلت قد فعلت يَا رَسُول اللّه فَعم ذَلِك قَالَ اني مَرَرْت بقبرين يعذبان فَأَحْبَبْت بشفاعتي ان يرفه عَنْهُمَا مَا دَامَ الغصنان رطبين فأتينا الْعَسْكَر فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَا جَابر نَاد بِوضُوء فَقلت لَا وضوء إِلَّا وضوء قلت يَا رَسُول اللّه مَا وجدت فِي الركب من قَطْرَة وَكَانَ رجل من الْأَنْصَار يبرد لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم المَاء فَقَالَ لي انْطلق إِلَى فلَان الْأنْصَارِيّ فَانْظُر فِي هَل أشجابه من شَيْء فَانْطَلَقت اليه فَنَظَرت فِيهَا فَلم اجد فِيهَا إِلَّا قَطْرَة فِي عزلاء شجب مِنْهَا لَو أَنِّي أفرغه لشربه يابسه فَأتيت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته قَالَ اذْهَبْ فأتني بِهِ فَأَتَيْته بِهِ فَأَخذه بِيَدِهِ فَجعل يتَكَلَّم بِشَيْء لَا أَدْرِي مَا هُوَ ويغمزه بِيَدِهِ ثمَّ اعطانيه فَقَالَ يَا جَابر نَاد بِجَفْنَة فَقلت يَا جَفْنَة الركب

فَأتيت بهَا تحمل فَوضعت بَين يَدَيْهِ فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ هَكَذَا فبسطها فِي الْجَفْنَة وَفرق بَين أَصَابِعه ثمَّ وَضعهَا فِي قَعْر الْجَفْنَة وَقَالَ خُذ يَا جَابر فصب عَليّ وَقل بِسم اللّه فَصَبَبْت عَلَيْهِ وَقلت بِسم اللّه فَرَأَيْت المَاء يفور من بَين اصابعه ففارت الْجَفْنَة ودارت حَتَّى امْتَلَأت فَقَالَ يَا جَابر نَاد من كَانَت لَهُ حَاجَة بِمَاء فَأتى النَّاس فاستقوا حَتَّى رووا وَرفع رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَده من الْجَفْنَة وَهِي ملأى وشكا النَّاس إِلَى رَسُول اللّه الْجُوع فَقَالَ عَسى اللّه ان يطعمكم فأتينا سيف الْبَحْر فَألْقى دَابَّة فأورينا على شقها النَّار فشوينا وطبخنا وأكلنا وشبعنا قَالَ جَابر فَدخلت انا وَفُلَان وَفُلَان حَتَّى عد خَمْسَة فِي حجاج عينهَا مَا يَرَانَا اُحْدُ حَتَّى خرجنَا وأخذنا ضلعا من أضلاعها فقوسناه ثمَّ دَعونَا بأعظم رجل فِي الركب وَأعظم جمل فِي الركب فَدخل تَحْتَهُ مَا يطاطئ رَأسه

وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم عَن جَابر قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة ذَات الرّقاع حَتَّى إِذا كُنَّا بحرة واقم عرضت إمرأة بدوية بِابْن لَهَا فَقَالَت يَا رَسُول اللّه هَذَا ابْني قد غلبني عَلَيْهِ الشَّيْطَان فَفتح فَاه فبزق فِيهِ وَقَالَ اخس عَدو اللّه أَنا رَسُول اللّه ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ شَأْنك بابنك لن يعود إِلَيْهِ شَيْء مِمَّا كَانَ يُصِيبهُ فَلَمَّا رَجعْنَا جَاءَت الْمَرْأَة فَسَأَلَهَا عَن ابْنهَا فَقَالَت مَا أَصَابَهُ شَيْء مِمَّا كَانَ يُصِيبهُ

ثمَّ ذكر قصَّة الشجرتين وقصة غورث بن الْحَارِث قَالَ فِيهَا فارتعدت يَده حَتَّى سقط السَّيْف من يَده قَالَ ثمَّ رَجعْنَا حَتَّى إِذا كُنَّا بمهبط الْحرَّة أقبل حمل يرقل فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَا قَالَ هَذَا الْجمل هَذَا جمل يستعديني على سَيّده يزْعم انه كَانَ يحرث عَلَيْهِ مُنْذُ سنتَيْن وَأَنه اراد ان ينحره إذهب يَا جَابر إِلَى صَاحبه فأت بِهِ فَقلت لَا أعرفهُ قَالَ إِنَّه سيدلك عَلَيْهِ فَخرج بَين يَدي معنقا حَتَّى وقف بِي على صَاحبه

فَجئْت بِهِ قَالَ وَكَانَت غَزْوَة ذَات الرّقاع تسمى غَزْوَة الْأَعَاجِيب

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن جَابر قَالَ خرجت مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة فَأَبْطَأَ جملي وأعياني فَأتي عَليّ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا شَأْنك قلت أَبْطَأَ جملي وأعياني وتخلف فحجنه بمحجنة ثمَّ قَالَ اركب فركبت فَلَقَد رَأَيْتنِي اكفه عَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج ابو نعيم عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة بني ثَعْلَبَة وَخرجت على نَاضِح لي فَأَبْطَأَ عَليّ حَتَّى ذهب النَّاس فَجعلت أرقبه ويهمني شَأْنه فاذا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي آخر النَّاس فَقَالَ مَا شَأْنك قلت أَبْطَأَ عَليّ جملي قَالَ اذْهَبْ معي فَكَأَنَّهُ نفث فِيهَا ثمَّ مج من المَاء فِي نَحره ثمَّ ضربه بالعصا فَوَثَبَ فَقَالَ اركب قلت إِنِّي ارضى ان يساق مَعنا قَالَ اركب فركبت فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لقد رَأَيْتنِي واني اكفه عَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ارادة ان لَا يسْبقهُ

واخرج أَبُو نعيم من وَجه آخر عَن جَابر نَحوه وَزَاد ثمَّ قَالَ اركب بِسم اللّه فَمَا ركبت دَابَّة قبله وَلَا بعده اوسع وَلَا أوطأ مِنْهُ ان كَانَ لينطلق بِي فأكفه عَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حَيَاء مِنْهُ

وَأخرج احْمَد عَن جَابر قَالَ فقدت جملي فِي لَيْلَة ظلماء فمررت على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا لَك قلت فقدت جملي قَالَ ذَاك جملك إذهب فَخذه فَذَهَبت نَحْو مَا قَالَ فَلم أَجِدهُ فَرَجَعت إِلَيْهِ فَقَالَ مثل ذَلِك فَذَهَبت فَلم أَجِدهُ فَرَجَعت إِلَيْهِ فَانْطَلق معي حَتَّى اتينا الْجمل فَدفعهُ إِلَيّ فَبينا انا اسير وَكَانَ جمل فِيهِ قطاف قلت لهف امي ان يكون لي إِلَّا جمل قطوف فلحق بِي فَقَالَ مَا قلت فَأَخْبَرته فَضرب عجز الْجمل بِسَوْط فَانْطَلق أوضع جمل ركبته وَهُوَ يُنَازعنِي خطامه

واخرج الْوَاقِدِيّ وَأَبُو نعيم عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ لما أَرَادَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم غَزْوَة ذَات الرّقاع جَاءَ علبة بن زيد الْحَارِثِيّ بِثَلَاث بيضات اداحي فَقَالَ يَا رَسُول اللّه وجدت هَذِه البيضات فِي مفحص نعام فَقَالَ دُونك يَا جَابر فاعمل هَذِه البيضات فعملتهن ثمَّ جئن بِهن فِي قَصْعَة فَجعلت أطلب خبْزًا فَلَا اجده فَجعل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه يَأْكُلُون من ذَلِك الْبيض بِغَيْر خبز حَتَّى انْتهى إِلَى حَاجته وَالْبيض فِي الْقَصعَة كَمَا هُوَ ثمَّ قَامَ فَأكل مِنْهُ عَامَّة اصحابه ثمَّ رحلنا مبردين

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة بني انمار فَقَالَ لرجل مَا لَهُ ضرب اللّه عُنُقه فَسَمعهُ الرجل فَقَالَ يَا رَسُول اللّه فِي سَبِيل اللّه فَقَالَ فِي سَبِيل اللّه فَقتل الرجل فِي سَبِيل اللّه غَزْوَة بني أَنْمَار هِيَ غَزْوَة ذَات الرّقاع وَأخرجه الْحَاكِم وَصَححهُ وَقَالَ فِي بعض مغازيه وَقَالَ فِي آخِره فَقتل يَوْم الْيَمَامَة

بَاب مَا وَقع فِي غَزْوَة الخَنْدَق من الْآيَات والمعجزات

أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم الاحزاب لن يغزوكم الْمُشْركُونَ بعد الْيَوْم فَلم تغزهم قُرَيْش بعد ذَلِك

واخرج البُخَارِيّ عَن سُلَيْمَان بن صرد قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الاحزاب وَفِي لفظ حِين أَجلي عَنهُ الْأَحْزَاب الْآن نغزوهم وَلَا يغزونا نسير إِلَيْهِم واخرج أَبُو نعيم من حَدِيث جَابر مثله

واخرج البُخَارِيّ عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ إِنَّا يَوْم الخَنْدَق نحفر فعرضت كدية شَدِيدَة فَجَاءُوا إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا هَذِه كدية عرضت فِي الخَنْدَق فَقَالَ

انا نَازل ثمَّ قَامَ وبطنه معصوب بِحجر ولبثنا ثَلَاثَة أَيَّام لَا نذوق ذواقا فَأخذ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْمعول فَضرب فَعَاد كثيبا أهيل فَقلت يَا رَسُول اللّه إئذن لي إِلَى الْمنزل فَفعل فَقلت لامرأتي رَأَيْت بِالنَّبِيِّ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا مَا كَانَ فِي ذَلِك صَبر فعندك شَيْء قَالَت عِنْدِي شعير وعناق فذبحت العناق وطحنت الشّعير حَتَّى جعلنَا اللَّحْم فِي البرمة ثمَّ جِئْت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقلت طعيم لي فَقُمْ انت يَا رَسُول اللّه وَرجل أَو رجلَانِ قَالَ كم هُوَ فَذكرت لَهُ قَالَ كثير طيب قَالَ قل لَهَا لَا تنْزع البرمة وَلَا الْخبز من التَّنور حَتَّى آتِي فَقَالَ قومُوا فَقَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار فَلَمَّا دخل على امْرَأَته قَالَ وَيحك جَاءَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بالمهاجرين وَالْأَنْصَار وَمن مَعَهم قَالَت هَل سَأَلَك قلت نعم فَقَالَ ادخُلُوا وَلَا تضاغطوا فَجعل يكسر الْخبز وَيجْعَل عَلَيْهِ اللَّحْم ويخمر البرمة والتنور إِذا اخذ مِنْهُ وَيقرب إِلَى أَصْحَابه ثمَّ ينْزع فَلم يزل يكسر الْخبز ويغرف حَتَّى شَبِعُوا وَبَقِي بَقِيَّة قَالَ كلي هَذَا وأهدي فَإِن النَّاس أَصَابَتْهُم مجاعَة أخرجه الْبَيْهَقِيّ وَزَاد فِي آخِره فَلم نزل نَأْكُل ونهدي يَوْمنَا أجمع وَأخرجه أَيْضا من وَجه آخر وَزَاد فَلَمَّا خرج رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ذهب ذَلِك

واخرج الشَّيْخَانِ من وَجه آخر عَن جَابر قَالَ لما حفر الخَنْدَق رَأَيْت بِالنَّبِيِّ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خمصا شَدِيدا فَانْكَفَأت إِلَى امْرَأَتي فَقلت هَل عنْدك شَيْء فَإِنِّي رَأَيْت برَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خمصا شَدِيدا فأخرجت إِلَى جرابا فِيهِ صَاع من شعير وَلنَا بَهِيمَة دَاجِن فذبحتها وطحنت الشّعير ثمَّ وايت إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَجِئْته فساررته فَقلت يَا رَسُول اللّه ذبحنا بَهِيمَة لنا وطحنا صَاعا من شعير فتعال انت وَنَفر مَعَك فصاح النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَا أهل الخَنْدَق إِن جَابِرا قد صنع سورا فَحَيَّهَلا بكم فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَا تنزلن برمتكم وَلَا تخبزن عجينكم حَتَّى اجيء فَجئْت وَجَاء

رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يقدم النَّاس فأخرجت لَهُ عجينا فبصق فِيهِ وَبَارك ثمَّ عمد إِلَى برمتنا فبصق وَبَارك فأقسم بِاللّه لقد أكلُوا وهم ألف حَتَّى تَرَكُوهُ وانحرفوا وان برمتنا لتغط كَمَا هِيَ وان عجيننا ليخبز كَمَا هُوَ

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عبد اللّه بن مغيث بن أبي بردة الْأنْصَارِيّ قَالَ أرْسلت ام عَامر الاشهلية بقعبة فِيهَا حيس إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي قُبَّته وَهُوَ عِنْد ام سَلمَة فَأكلت ام سَلمَة حَاجَتهَا ثمَّ خرج بالبقية فَنَادَى مُنَادِي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عشائه فَأكل أهل الخَنْدَق حَتَّى نَهِلُوا وَهِي كَمَا هِيَ مُرْسل

وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عبيد اللّه بن عَليّ بن ابي رَافع عَن ابي رَافع قَالَ اتيت الى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الخَنْدَق بِشَاة فِي مكتل فَقَالَ يَا أَبَا رَافع ناولني الذِّرَاع فناولته ثمَّ قَالَ ناولني الذِّرَاع فناولته ثمَّ قَالَ ناولني الذِّرَاع فَقلت يَا رَسُول اللّه هَل للشاة إِلَّا ذارعين فَقَالَ لَو سكت سَاعَة لناولتنيه مَا سَأَلتك

وَأخرج ابو يعلى وَابْن عَسَاكِر أَيْضا من وَجه آخر عَن عبيد اللّه بن عَليّ بن ابي رَافع ان جدته سلمى اخبرته ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بعث إِلَى ابي رَافع بِشَاة يَوْم الخَنْدَق فَصلاهَا ابو رَافع وَجعلهَا فِي مكتل ثمَّ انْطلق بهَا فَذكر مثله

وَأخرج ابو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه عَن مُعَاوِيَة بن الحكم قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأصَاب رجل اخي عَليّ بن الحكم جِدَار الخَنْدَق فدمتها فَأتى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فمسحها وَقَالَ بِسم اللّه فَمَا آذاه مِنْهَا شَيْء

وَأخرج ابو نعيم من طَرِيق أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي عبد اللّه بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خرج يَوْم الخَنْدَق فَتَنَاول الفأس فَضرب بِهِ ضَرْبَة فَقَالَ هَذِه الضَّرْبَة يفتح اللّه بهَا كنوز الرّوم وَثمّ ضرب الثَّانِيَة فَقَالَ هَذِه الضَّرْبَة يفتح اللّه بهَا كنوز فَارس ثمَّ ضرب الثَّالِثَة فَقَالَ هَذِه الضَّرْبَة يَأْتِي اللّه بِأَهْل الْيمن انصارا وأعوانا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن اسحاق قَالَ حدثت عَن سلمَان قَالَ ضربت فِي نَاحيَة من الخَنْدَق فعطف عَليّ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَآنِي أضْرب وَرَأى شدَّة الْمَكَان عَليّ نزل فَأخذ الْمعول من يَدي فَضرب بِهِ ضَرْبَة فلمعت تَحت الْمعول برقة ثمَّ ضرب ضَرْبَة أُخْرَى فلمعت تَحْتَهُ برقة أُخْرَى ثمَّ ضرب بِهِ الثَّالِثَة فلمعت تَحْتَهُ برقة اخرى قلت يَا رَسُول اللّه مَا هَذَا الَّذِي رَأَيْت يلمع قَالَ اما الأولى فَإِن اللّه فتح عَليّ بهَا الْيمن وَأما الثَّانِيَة فَإِن اللّه فتح عَليّ بهَا الشَّام وَالْمغْرب وَأما الثَّالِثَة فان اللّه فتح عَليّ بهَا الْمشرق فَحَدثني من لَا أتهم عَن ابي هُرَيْرَة انه كَانَ يَقُول فِي زمن عمر وَفِي زمن عُثْمَان وَمَا بعده افتتحوا مَا بدا لكم فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ مَا افتتحتم من مَدِينَة وَلَا تفتتحونها إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا وَاللّه تَعَالَى قد اعطى مُحَمَّدًا مفاتيحها واخرجه ابو نعيم من طَرِيق ابْن اسحاق عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن سلمَان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم نَحوه من طَرِيق عُرْوَة وَمن طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب

واخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ عرض لنا فِي بعض الخَنْدَق صَخْرَة عَظِيمَة شَدِيدَة لَا تَأْخُذ فِيهَا المعاول فشكونا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَآهَا أَخذ الْمعول وَقَالَ بِسم اللّه وَضرب ضَرْبَة فَكسر ثلثهَا فَقَالَ اللّه اكبر اعطيت مَفَاتِيح الشَّام وَاللّه إِنِّي لأنظر إِلَى قُصُورهَا الْحمر ثمَّ ضرب الثَّانِيَة فَقطع ثلثا آخر فَقَالَ اللّه أكبر اعطيت مَفَاتِيح فَارس وَاللّه اني لَأبْصر قصر المداين الابيض ثمَّ ضرب الثَّالِثَة فَقطع بَقِيَّة الْحجر فَقَالَ اللّه أكبر أَعْطَيْت مَفَاتِيح الْيمن وَاللّه إِنِّي لَأبْصر ابواب صنعاء من مَكَاني السَّاعَة

واخرج ابْن سعد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق كثير ابْن عبد اللّه بن عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ خرجت لنا من الخَنْدَق صَخْرَة بَيْضَاء مُدَوَّرَة فَكسرت حَدِيدَنَا وَشقت علينا فشكونا إِلَى رَسُول اللّه

صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فأخد الْمعول من سلمَان فَضرب الصَّخْرَة ضَرْبَة صَدعهَا وَبَرقَتْ مِنْهَا برقة أَضَاء مَا بَين لابتي الْمَدِينَة حَتَّى لكأن مصباحا فِي جَوف ليل مظلم فَكبر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ضربهَا الثَّانِيَة فصدها وبرق مِنْهَا برقة أَضَاء مَا بَين لابتيها فَكبر ثمَّ ضربهَا الثَّالِثَة فَكَسرهَا وبرق مِنْهَا برقة أَضَاء مَا بَين لابتيها فَكبر فَقُلْنَا يَا رَسُول اللّه قد رَأَيْنَاك تضرب فَيخرج برق كالموج ورأيناك تكبر فَقَالَ أَضَاء لي فِي الأولى قُصُور الْحيرَة وَمَدَائِن كسْرَى كَأَنَّهَا أَنْيَاب الْكلاب فَأَخْبرنِي جبرئيل أَن امتي ظَاهِرَة عَلَيْهَا وأضاء لي فِي الثَّانِيَة قُصُور الْحمر من أَرض الرّوم كَأَنَّهَا انياب الْكلاب وَأَخْبرنِي جبرئيل ان امتي ظَاهِرَة عَلَيْهَا وأضاء لي فِي الثَّالِثَة قُصُور صنعاء كَأَنَّهَا انياب الْكلاب واخبرني جبرئيل ان أمتِي ظَاهِرَة عَلَيْهَا فابشروا بالنصر فَقَالَ المُنَافِقُونَ يُخْبِركُمْ مُحَمَّد انه يبصر من يثرب قُصُور الْحيرَة وَمَدَائِن كسْرَى وانها تفتح لكم وانتم تَحْفِرُونَ الخَنْدَق وَلَا تَسْتَطِيعُونَ ان تبْرزُوا فَنزل وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ الَّذين فِي قُلُوبهم مرض مَا وعدنا اللّه وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا

وَأخرج ابو نعيم عَن أنس قَالَ ضرب النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الخَنْدَق بمعوله ضَرْبَة فبرقت برقة فَخرج نور من قبل الْيمن ثمَّ ضرب اخرى فَخرج نور من قبل فَارس ثمَّ ضرب اخرى فَخرج نور من قبل الرّوم فَعجب سلمَان من ذَلِك فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَرَأَيْت قلت نعم قَالَ لقد أَضَاءَت لي الْمَدَائِن وَأَن اللّه بشرني فِي مقَامي هَذَا بِفَتْح الْيمن وَالروم وَفَارِس

وَأخرج ابو نعيم عَن سهل بن سعد قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي الخَنْدَق فحفر فصادف حجرا فَضَحِك فَقيل لم ضحِكت يَا رَسُول اللّه قَالَ ضحِكت من نَاس يُؤْتى بهم من قبل الْمشرق فِي الكبول يساقون الى الْجنَّة وهم كَارِهُون

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وابو نعيم من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي سعيد بن ميناء عَن ابْنة بشير بن سعد اخت النُّعْمَان بن بشير قَالَت بعثتني امي بِتَمْر فِي طرف ثوبي إِلَى أبي وخالي وهم يحفرون الخَنْدَق فمررت على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فناداني فَأَتَيْته فَأخذ التَّمْر مني فِي كفيه فَمَا ملأهما وَبسط ثوبا فنثره عَلَيْهِ فتساقط فِي جوانبه ثمَّ أَمر بِأَهْل الخَنْدَق فَاجْتمعُوا وأكلوا مِنْهُ وَجعل يزِيد حَتَّى صدرُوا عَنهُ وَأَنه ليسقط من أَطْرَاف الثَّوْب

وَأخرج ابو نعيم عَن ابْن عَبَّاس ان رجلا من آل الْمُغيرَة قَالَ لأقتلن مُحَمَّدًا فأوثب فرسه فِي الخَنْدَق فَوَقع فاندقت رقبته فَقَالُوا يَا مُحَمَّد ادفعه إِلَيْنَا نواريه وندفع إِلَيْك دِيَته فَقَالَ ذروه فَإِنَّهُ خَبِيث خَبِيث الدِّيَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة قَالَ أنزل اللّه تَعَالَى فِي سُورَة الْبَقَرَة {أم حسبتم أَن تدْخلُوا الْجنَّة وَلما يأتكم مثل الَّذين خلوا من قبلكُمْ مستهم البأساء وَالضَّرَّاء وزلزلوا} قَالَ فَلَمَّا رأى الْمُؤْمِنُونَ الاحزاب قَالُوا هَذَا مَا وعدنا اللّه وَرَسُوله

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نصرت بالصبا وأهلكت عَاد بالدبور

وَأخرج أَبُو نعيم وَابْن ابي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما كَانَ لَيْلَة الْأَحْزَاب جَاءَت الشمَال إِلَى الْجنُوب فَقَالَت انطلقي فانصري اللّه وَرَسُوله فَقَالَت الْجنُوب إِن الْحرَّة لَا تسري بِاللَّيْلِ فَأرْسل عَلَيْهِم الصِّبَا فأطفأت نيرانهم وَقطعت اطنابهم فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نصرت بالصبا واهلكت عَاد بالدبور

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا قَالَ يَعْنِي ريح الصِّبَا ارسلت على الاحزاب يَوْم الخَنْدَق حَتَّى اكفأت قدورهم على افواهها ونزعت فساطيطهم حَتَّى اظعنتهم وجنودا لم تَرَوْهَا يَعْنِي الْمَلَائِكَة قَالَ وَلم تقَاتل الْمَلَائِكَة يَوْمئِذٍ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ لقد رَأَيْتنَا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْأَحْزَاب فِي لَيْلَة ذَات ريح شَدِيدَة وقر فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَلا رجل يأتيني بِخَبَر الْقَوْم يكون معي يَوْم الْقِيَامَة فَلم يجبهُ منا اُحْدُ ثمَّ الثَّانِيَة ثمَّ الثَّالِثَة مثله ثمَّ قَالَ يَا حُذَيْفَة قُم فأتنا بِخَبَر الْقَوْم فمضيت كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حمام وَرجعت كَأَنَّمَا امشي فِي حمام ثمَّ اصابني الْبرد حِين فرغت وَأخرجه من وَجه آخر عَن حُذَيْفَة وَزَاد فَقلت يَا رَسُول اللّه مَا قُمْت إِلَيْك إِلَّا حَيَاء مِنْك من الْبرد قَالَ انْطلق فَلَا بَأْس عَلَيْك من حر وَلَا برد حَتَّى ترجع إِلَى ثمَّ اخرجه من طَرِيق ثَالِثَة عَن حُذَيْفَة وَفِيه فَقُمْت فَقَالَ انه كَائِن فِي الْقَوْم خبر فأتني بِخَبَر الْقَوْم قَالَ وانا من اشد النَّاس فَزعًا وأشدهم قرا فَخرجت فَقَالَ اللّهمَّ احفظه من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وَعَن يَمِينه وَعَن شِمَاله وَمن فَوْقه وَمن تَحْتَهُ قَالَ فوَاللّه مَا خلق اللّه فَزعًا وَلَا قرا فِي جو إِلَّا خرج من جوفي فَمَا أجد مِنْهُ شَيْئا فَدخلت الْعَسْكَر فَإِذا النَّاس فِي عَسْكَرهمْ يَقُولُونَ الرحيل الرحيل لَا مقَام لكم وَإِذا الرّيح فِي عَسْكَرهمْ مَا تجَاوز عَسْكَرهمْ شبْرًا فوَاللّه إِنِّي لأسْمع صَوت الْحِجَارَة فِي رحالهم وفرشهم وَالرِّيح تضربهم بهَا ثمَّ رجعت فَلَمَّا انتصف بِي الطَّرِيق إِذا انا بِنَحْوِ من عشْرين فَارِسًا معتمين فَقَالُوا أخبر صَاحبك إِن اللّه كَفاهُ الْقَوْم فَرَجَعت فوَاللّه مَا عدا أَن رجعت راجعني القر وَجعلت أقرقف وَأنزل اللّه {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة اللّه عَلَيْكُم إِذْ جاءتكم جنود فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنودا لم تَرَوْهَا}

ثمَّ أخرجه من طَرِيق رَابِعَة عَن حُذَيْفَة بِهَذِهِ الزِّيَادَة وَقَالَ وأخذتهم ريح شَدِيدَة فَتَحملُوا وان الرّيح لتغلبهم على بعض امتعتهم وانه لما رَجَعَ مر بخيل على طَرِيقه فَخرج لَهُ فارسان مِنْهُم ثمَّ قَالَا ارْجع إِلَى صَاحبك فَأخْبرهُ ان اللّه قد كَفاهُ اياهم بالجنود وَالرِّيح

ثمَّ اخرجه من طَرِيق خَامِسَة عَن حُذَيْفَة وَفِيه فَقَالَ هَل انت ذَاهِب فَقَالَ وَاللّه مَا بِي ان اقْتُل وَلَكِن اخشى اني اوسر فَقَالَ انك لن توسر وَفِيه فَبعث اللّه عَلَيْهِم

تِلْكَ الرّيح فَمَا تركت لَهُم بِنَاء إِلَّا هدمته وَلَا اناء إِلَّا اكفأته والْحَدِيث أخرجه الْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم

وَأخرج ابو نعيم عَن ابْن عمر ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْلَة الاحزاب من يأتيني بِخَبَر الْقَوْم جعله اللّه رفيقي فِي الْجنَّة ثَلَاثًا فَلم يجبهُ اُحْدُ فَنَادَى يَا حُذَيْفَة فاجابه فَقَالَ أما سَمِعت صوتي قَالَ بلَى قَالَ فَمَا مَنعك ان تُجِيبنِي قَالَ الْبرد قَالَ لَا برد عَلَيْك قَالَ فَذهب عني الْبرد فَذهب فَأَتَاهُ بِخَبَر الْقَوْم فَلَمَّا رَجَعَ عَاد الْبرد إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يجده واخرج الشَّيْخَانِ عَن عبد اللّه بن ابي اوفى قَالَ دَعَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على الْأَحْزَاب فَقَالَ اللّهمَّ منزل الْكتاب سريع الْحساب أهزم الْأَحْزَاب اللّهمَّ اهزمهم وزلزلهم

واخرجا أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول لَا إِلَه إِلَّا اللّه وَحده أعز جنده وَنصر عَبده وَهزمَ الاحزاب وَحده فَلَا شَيْء بعده

وَأخرج ابْن سعد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ لما كَانَ يَوْم الخَنْدَق اتى جبرئيل وَمَعَ الرّيح فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حِين رأى جبرئيل أَلا أَبْشِرُوا ثَلَاثًا فَأرْسل اللّه عَلَيْهِم الرّيح فهتكت القباب وكفأت الْقُدُور ودفنت الرّحال وَقطعت الْأَوْتَاد فَانْطَلقُوا لَا يلوي اُحْدُ على اُحْدُ وَأنزل اللّه تَعَالَى إِذْ جاءتكم جنود فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا جُنُودا لم تَرَوْهَا

وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن الْمسيب قَالَ حصر النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْأَحْزَاب وَأَصْحَابه بضع عشرَة لَيْلَة حَتَّى خلص إِلَى كل امْرِئ مِنْهُم الكرب وَحَتَّى قَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اللّهمَّ إِنِّي انشدك عَهْدك وَوَعدك اللّهمَّ انك ان تشأ لَا تعبد

واخرج ابْن سعد عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ دَعَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي مَسْجِد الاحزاب يَوْم الِاثْنَيْنِ وَيَوْم الثُّلَاثَاء وَيَوْم الْأَرْبَعَاء فاستجيب لَهُ يَوْم الاربعاء بَين الصَّلَاتَيْنِ الظّهْر وَالْعصر فَعرفنَا الْبشر فِي وَجهه قَالَ جَابر فَلم ينزل بِي أَمر مُهِمّ غائظ إِلَّا توخيت تِلْكَ السَّاعَة من ذَلِك الْيَوْم فدعوت اللّه فأعرف الْإِجَابَة

وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه إِن عَمْرو بن عبدود جعل يَدْعُو يَوْم الخَنْدَق هَل من مبارز فَقَالَ عَليّ بن ابي طَالب انا ابارزه فَأعْطَاهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سَيْفه وعممه وَقَالَ اللّهمَّ اعنه عَلَيْهِ ثمَّ برز لَهُ ودنا أَحدهمَا من صَاحبه وثارت بَينهمَا غبرة وضربه عَليّ فَقتله وَولى أَصْحَابه هاربين

وَأخرج ابو نعيم عَن عُرْوَة وَعَن ابْن شهَاب قَالَا إِن نعيم بن مَسْعُود جَاءَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ ان قُريْشًا تحزبوا عَلَيْهِ وَأَنَّهُمْ بعثوا إِلَى قُرَيْظَة انه قد طَال ثواؤنا وأجدب مَا حولنا وَقد احببنا ان نعاجل مُحَمَّدًا واصحابه فنستريح مِنْهُ فَأرْسلت إِلَيْهِم قُرَيْظَة ان نعم مَا رَأَيْتُمْ فَإِذا شِئْتُم فَابْعَثُوا بِالرَّهْنِ ثمَّ لَا يحبسكم إِلَّا انفسكم فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لنعيم بن مَسْعُود فانهم قد أرْسلُوا إِلَى يدعونني إِلَى الصُّلْح وأرد بني النَّضِير إِلَى دِيَارهمْ واموالهم فَخرج نعيم عَامِدًا الى غطفان فَقَالَ إِنِّي نَاصح لكم وَقد اطَّلَعت على غدر يهود فأعلموا ان مُحَمَّدًا لم يكذب قطّ واني سمعته يَقُول إِن بني قُرَيْظَة قد صالحوه على ان يرد اخوانهم من بني النَّضِير إِلَى دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ قَالَ ابو نعيم فِيهِ دلَالَة على ان مسلمهم وكافرهم كَانُوا عَالمين بِأَن مُحَمَّدًا صَادِق لم يكذب قطّ

وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {عَسى اللّه أَن يَجْعَل بَيْنكُم وَبَين الَّذين عاديتم مِنْهُم مَوَدَّة} قَالَ كَانَت الْمَوَدَّة الَّتِي جعل اللّه بَينهم تَزْوِيج النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ام حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان فَصَارَت أم الْمُؤمنِينَ وَصَارَ مُعَاوِيَة خَال الْمُؤمنِينَ

وَأخرج الطَّحَاوِيّ أَن اللّه حبس الشَّمْس للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الخَنْدَق حِين شغلوا عَن صَلَاة الْعَصْر حَتَّى غربت الشَّمْس فَردهَا اللّه عَلَيْهِ حَتَّى صلى الْعَصْر

وَحكى النَّوَوِيّ عَنهُ فِي شرح مُسلم أَن رُوَاته ثِقَات

١٣-١بَاب مَا وَقع فِي غَزْوَة بني قُرَيْظَة من الْآيَات

اخْرُج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَت لما رَجَعَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من الخَنْدَق وَوضع السِّلَاح واغتسل اتاه جبرئيل فَقَالَ قد وضعت السِّلَاح وَاللّه مَا وضعناه فَأخْرج قَالَ إِلَى أَيْن قَالَ إِلَى هَهُنَا وَأَشَارَ إِلَى بني قُرَيْظَة فَخرج إِلَيْهِم

وَأخرج البُخَارِيّ عَن انس قَالَ كَأَنِّي أنظر إِلَى الْغُبَار ساطعا فِي زقاق بني غنم موكب جِبْرِيل حِين سَار رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بني قُرَيْظَة

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي اللّه عَنْهَا ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ عِنْدهَا فَسلم علينا رجل وَنحن فِي الْبَيْت فَقَامَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَزعًا فَقُمْت فِي أَثَره فَإِذا بِدِحْيَةَ الْكَلْبِيّ فَقَالَ هَذَا جبرئيل يَأْمُرنِي ان اذْهَبْ إِلَى بني قُرَيْظَة فَقَالَ قد وضعتم السِّلَاح لَكنا لم نضع طلبنا الْمُشْركين حَتَّى بلغنَا حَمْرَاء الْأسد وَذَلِكَ حِين رَجَعَ من الخَنْدَق وَخرج النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَمر بمجالس بَينه وَبَين بني قُرَيْظَة فَقَالَ هَل مر بكم من أحد قَالُوا مر علينا دحْيَة الْكَلْبِيّ على بغلة شهباء تَحْتَهُ قطيفة ديباج فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ ذَلِك بِدِحْيَةَ وَلكنه جبرئيل عَلَيْهِ السَّلَام أرسل إِلَى بني قُرَيْظَة ليزلزلهم ويقذف فِي قُلُوبهم الرعب

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من وَجه آخر عَن عَائِشَة ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سمع صَوت رجل فَوَثَبَ وثبة شَدِيدَة فَخرج إِلَيْهِ فاتبعته انْظُر فَإِذا هُوَ متكئ على عرف برذونه وَإِذا هُوَ دحْيَة الْكَلْبِيّ واذا هُوَ معتم مرخ من عمَامَته بَين كَتفيهِ فَلَمَّا دخل أخْبرته قَالَ أَو رَأَيْته قلت نعم قَالَ ذَاك جبرئيل أَمرنِي ان اخْرُج إِلَى بني قُرَيْظَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب وَمن طَرِيق عُرْوَة قَالَ بَيْنَمَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي المغتسل يرجل رَأسه قد رجل أحد شقيه أَتَاهُ جبرئيل على فرس عَلَيْهِ لامته فَخرج إِلَيْهِ فَقَالَ قد وضعت السِّلَاح لَكِن نَحن لم نضعه مُنْذُ نزل بك الْعَدو وَمَا زلت فِي طَلَبهمْ وان اللّه امرك بِقِتَال بني قُرَيْظَة وَأَنا عَامِد إِلَيْهِم بِمن معي من الْمَلَائِكَة لأزلزل بهم الْحُصُون فَأخْرج بِالنَّاسِ فَخرج فَسَأَلَهُمْ مر عَلَيْكُم فَارس آنِفا قَالُوا مر علينا دحْيَة الْكَلْبِيّ على فرس ابيض تَحْتَهُ نمط أَو قطيفة حَمْرَاء من ديباج عَلَيْهِ اللامة قَالَ ذَاك جبرئيل وَكَانَ يشبه دحْيَة بجبرئيل

وَأخرج ابْن سعد عَن يزِيد بن الْأَصَم قَالَ لما كشف اللّه الاحزاب وَرجع النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بَيته فَأخذ يغسل رَأسه أَتَاهُ جبرئيل فَقَالَ عَفا اللّه عَنْك وضعت السِّلَاح وَلم تضعه مَلَائِكَة اللّه ائتنا عِنْد حصن بني قُرَيْظَة

وَأخرج ابو نعيم عَن أم سَلمَة انها رَأَتْ جبرئيل يَوْم بني قُرَيْظَة عَلَيْهِ عِمَامَة سَوْدَاء

وَأخرج ابْن سعد عَن الْمَاجشون قَالَ جَاءَ جبرئيل إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْأَحْزَاب على فرس عَلَيْهِ عِمَامَة سَوْدَاء قد أرخاها بَين كَتفيهِ على ثناياه الْغُبَار وَتَحْته قطيفة حَمْرَاء فَقَالَ أَوضعت السِّلَاح قبل ان نضعه إِن اللّه يَأْمُرك ان تسير إِلَى بني قُرَيْظَة

وَأخرج ابْن سعد عَن حميد بن هِلَال قَالَ كَانَ بَين النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَبَين قُرَيْظَة ولث من عهد فَلَمَّا جَاءَت الْأَحْزَاب نقضوا الْعَهْد وظاهروا الْمُشْركين على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَبعث اللّه الرّيح والجنود فَانْطَلقُوا هاربين وَبَقِي الْآخرُونَ فِي حصنهمْ فَوضع رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه السِّلَاح فجَاء جبرئيل إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَخرج إِلَيْهِ فَقَالَ مَا وضعت السِّلَاح بعد أنهض إِلَى بني قُرَيْظَة فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ان فِي اصحابي جهدا فَلَو انظرتهم أَيَّامًا فَقَالَ جبرئيل انهض إِلَيْهِم لأدخلن فرسي هَذَا

عَلَيْهِم فِي حصونهم ثمَّ لاضعضعنها فَأَدْبَرَ جبرئيل وَمن مَعَه من الْمَلَائِكَة حَتَّى سَطَعَ الْغُبَار فِي زقاق بني غنم من الْأَنْصَار وَقد كَانَ رمي سعد بن معَاذ فِي أكحله فرقا الْجرْح وأحلب فَدَعَا اللّه ان لَا يميته حَتَّى يشفي صَدره من بني قُرَيْظَة قَالَ فَأَخذهُم من الْغم فِي حصنهمْ مَا أَخذهم فنزلوا على حكم سعد بن معَاذ من بَين الْخلق فَحكم فيهم ان تقتل مُقَاتلَتهمْ وَتَسْبِي ذَرَارِيهمْ

وَأخرج ابْن جرير فِي تَفْسِيره عَن عبد اللّه بن أبي أوفى قَالَ كُنَّا محاصرين قُرَيْظَة وَالنضير مَا شَاءَ اللّه ان نحاصرهم فَلم يفتح علينا فرجعنا فَدَعَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِمَاء فَهُوَ يغسل رَأسه إِذْ جَاءَهُ جبرئيل فَقَالَ وضعتم أسلحتكم وَلم تضع الْمَلَائِكَة فَدَعَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِخرقَة فلف بهَا رَأسه وَلم يغسلهُ ثمَّ نَادَى فِينَا فقمنا حَتَّى اتينا قُرَيْظَة وَالنضير فَيَوْمئِذٍ امدنا اللّه بِثَلَاثَة آلَاف من الْمَلَائِكَة وَفتح اللّه لنا فتحا يَسِيرا فانقلبنا بِنِعْمَة من اللّه وَفضل

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن اسحاق قَالَ حَدثنِي عبد اللّه بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اصْطفى لنَفسِهِ من نسَاء بني قُرَيْظَة رَيْحَانَة بنت عَمْرو فَأَبت ان تسلم فعزلها وَوجد فِي نَفسه لذَلِك فَبَيْنَمَا هُوَ فِي مجْلِس من أَصْحَابه إِذْ سمع وَقع نَعْلَيْنِ خَلفه فَقَالَ إِن هَاتين لنعلا ابْن سعية يبشرني بِإِسْلَام رَيْحَانَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن السكن فِي الصَّحَابَة وَأَبُو نعيم من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن شيخ من بني قُرَيْظَة قَالَ قدم علينا من الشَّام رجل يَهُودِيّ يُقَال لَهُ ابْن الهيبان وَاللّه مَا رَأينَا رجلا قطّ خيرا مِنْهُ قأقام بَين أظهرنَا فَكُنَّا نقُول لَهُ إِذا احْتبسَ الْمَطَر استسق لنا فَيَقُول حَتَّى تخْرجُوا امام مخرجكم صَدَقَة فنفعل فَيخرج بِنَا إِلَى ظَاهر حرتنا فوَاللّه مَا نَبْرَح من مَجْلِسه حَتَّى تمر بِنَا الشعاب تسيل فعل ذَلِك غير مرّة وَلَا مرَّتَيْنِ فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة قَالَ يَا معشر يهود مَا تَرَوْنَهُ أخرجني من أَرض الْخمر والخمير إِلَى أَرض الْبُؤْس والجوع

قُلْنَا انت أعلم قَالَ نَبِي أتوقعه يبْعَث الْآن فَهَذِهِ الْبَلدة مهاجرة وانه يبْعَث بسفك الدِّمَاء وَسبي الذُّرِّيَّة فَلَا يمنعكم ذَلِك مِنْهُ وَلَا تسبقن إِلَيْهِ ثمَّ مَاتَ فَكَانَ ذَلِك سَبَب إِسْلَام ثَعْلَبَة وَأسيد ابْني سعية وَأسد بن عبيد لَيْلَة افتتحت قُرَيْظَة

وَأخرجه ابْن السكن من وَجه آخر عَن ابْن اسحاق عَن عَاصِم بن عمر عَن سعيد بن الْمسيب عَن جَابر

واخرجه ابْن سعد عَن الْوَاقِدِيّ عَن ابراهيم بن اسماعيل عَن أبي حَبِيبَة عَن دَاوُد بن الْحصين عَن أبي سُفْيَان مولى ابْن ابي احْمَد نَحوه

وَأخرج ابْن سعد عَن يزِيد بن رُومَان وَعَاصِم بن عمر وَغَيرهمَا ان كَعْب بن اسد قَالَ لبني قُرَيْظَة حِين نزل النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي حصنهمْ يَا معشر يهود تابعوا هَذَا الرجل فوَاللّه إِنَّه لنَبِيّ وَقد تبين لكم انه نَبِي مُرْسل وَأَنه الَّذِي كُنْتُم تجدونه فِي الْكتب وَأَنه الَّذِي بشر بِهِ عِيسَى وَإِنَّكُمْ لتعرفون صفته قَالُوا هُوَ هُوَ وَلَكِن لَا نفارق حكم التَّوْرَاة

واخرج ابْن سعد عَن ثَعْلَبَة بن أبي مَالك قَالَ قَالَ ثَعْلَبَة وَأسيد إبنا سعية وَأسد بن عبيد يَا معشر بني قُرَيْظَة وَاللّه أَنكُمْ لتعلمون انه رَسُول اللّه وَإِن صفته عندنَا حَدثنَا بهَا عُلَمَاؤُنَا وعلماء بني النَّضِير هَذَا اولهم يَعْنِي حييّ بن أَخطب مَعَ حبر ابْن الهيبان أصدق النَّاس عندنَا هُوَ أخبرنَا بِصفتِهِ عِنْد مَوته قَالُوا الا نفارق التَّوْرَاة فَلَمَّا رأى هَؤُلَاءِ النَّفر اباءهم نزلُوا فِي اللَّيْلَة الَّتِي فِي صبحها نزلت بَنو قُرَيْظَة

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَت أُصِيب سعد بن معَاذ يَوْم الخَنْدَق رَمَاه حبَان بن العرقة فِي الأكحل فَضرب النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خيمة فِي الْمَسْجِد ليعوده من قريب فَلَمَّا رَجَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من الخَنْدَق وضع السِّلَاح واغتسل فَأَتَاهُ جبرئيل وَهُوَ ينفض رَأسه من الْغُبَار فَقَالَ قد وضعت السِّلَاح وَاللّه مَا وَضعته اخْرُج اليهم قَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأَيْنَ أَشَارَ إِلَى بني قُرَيْظَة فَأَتَاهُم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فنزلوا على حكمه فَرد الحكم إِلَى سعد قَالَ فَإِنِّي أحكم فيهم ان تقتل الْمُقَاتلَة وَأَن تسبي النِّسَاء والذرية وَأَن

تقسم أَمْوَالهم فَقَالَ سعد اللّهمَّ إِنَّك تعلم انه لَيْسَ اُحْدُ احب الي ان اجاهدهم فِيك من قوم كذبُوا رَسُولك وأخرجوه اللّهمَّ فَإِنِّي اظن انك قد وضعت الْحَرْب بَيْننَا وَبينهمْ فَإِن كَانَ قد بَقِي من حَرْب قُرَيْش شَيْء فابقني لَهُم حَتَّى اجاهدهم فِيك وان كنت وضعت الْحَرْب فافجرها وَاجعَل موتتي فِيهَا فانفجرت من لبته فَمَاتَ مِنْهَا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر قَالَ رمى سعد بن معَاذ يَوْم الْأَحْزَاب فَقطعُوا أكحله فنزفه الدَّم فَقَالَ اللّهمَّ لَا تخرج نَفسِي حَتَّى تقر عَيْني من بني قُرَيْظَة فَاسْتَمْسك عرقه فَمَا قطر مِنْهُ قَطْرَة حَتَّى نزلُوا على حكمه فَلَمَّا فرغ من قِتَالهمْ انفتق عرقه فَمَاتَ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي سعد بن معَاذ تحرّك لَهُ الْعَرْش وشيع جنَازَته سَبْعُونَ الف ملك

واخرج عَن جَابر قَالَ جَاءَ جبرئيل إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ من هَذَا العَبْد الصَّالح الَّذِي مَاتَ فتحت لَهُ ابواب السَّمَاء وتحرك لَهُ الْعَرْش فَخرج فَإِذا هُوَ سعد ابْن معَاذ

واخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي معَاذ بن رِفَاعَة عَن رَافع الزرقي أَخْبرنِي من شِئْت من رجال قومِي ان جبرئيل أَتَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي جَوف اللَّيْل معتجرا بعمامة من استبرق فَقَالَ من هَذَا الْمَيِّت الَّذِي فتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء واهتز لَهُ الْعَرْش فَقَامَ مبادرا إِلَى سعد بن معَاذ فَوَجَدَهُ قد قبض

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ اهتز لَهُ عرش الرَّحْمَن فَرحا بِرُوحِهِ

واخرج ابْن سعد عَن سَلمَة بن أسلم بن حريش قَالَ دخل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَمَا فِي الْبَيْت أحد إِلَّا سعد مسجى فرأيته يتخطى وَأَوْمَأَ إِلَيّ قف فوقفت ورددت من

ورائي وَجلسَ سَاعَة ثمَّ خرج فَقلت يَا رَسُول اللّه مَا رَأَيْت احدا وَقد رَأَيْتُك تَتَخَطَّى فَقَالَ مَا قدرت على مجْلِس حَتَّى قبض لي ملك من الْمَلَائِكَة أحد جناحيه

وَأخرج ابو نعيم عَن الْأَشْعَث بن اسحاق بن سعد بن أبي وَقاص قَالَ قبض رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ دخل ملك لم يجد مَجْلِسا فَأَوْسَعْت لَهُ فَلَمَّا حملُوا جنَازَته وَكَانَ من اعظم النَّاس وأطولهم لَهُ قَالَ قَائِل من الْمُنَافِقين مَا حملنَا نعشا اخف من الْيَوْم فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لقد شهده سَبْعُونَ الْفَا من الْمَلَائِكَة مَا وطئوا الارض قطّ

وَأخرج ابْن سعد عَن مَحْمُود بن لبيد قَالَ قَالَ الْقَوْم يَا رَسُول اللّه مَا حملنَا مَيتا اخف علينا من سعد فَقَالَ مَا يمنعكم ان يخف عَلَيْكُم وَقد هَبَط من الْمَلَائِكَة كَذَا وَكَذَا لم يهبطوا قطّ قبل يومهم قد حملوه مَعكُمْ

واخرج ابْن سعد عَن الْحسن قَالَ لما مَاتَ سعد بن معَاذ وَكَانَ رجلا جسيما جزلا جعل المُنَافِقُونَ يَقُولُونَ لم نر كَالْيَوْمِ رجلا أخف وَقَالُوا اتدرون لم ذَاك لحكمة فِي بني قُرَيْظَة فَذكر ذَلِك النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد كَانَت الْمَلَائِكَة تحمل سَرِيره واخرجه الْحَاكِم من طَرِيق قَتَادَة عَن انس نَحوه

واخرج ابْن سعد وابو نعيم من طَرِيق مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن مُحَمَّد بن شُرَحْبِيل بن حَسَنَة قَالَ قبض انسان يَوْمئِذٍ بِيَدِهِ من تُرَاب قَبره قَبْضَة فَذهب بهَا ثمَّ نظر إِلَيْهَا بعد ذَلِك فَإِذا هِيَ مسك فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سُبْحَانَ اللّه سُبْحَانَ اللّه حَتَّى عرف ذَلِك فِي وَجهه فَقَالَ الْحَمد للّه لَو كَانَ أَحَدنَا ناجيا من ضمة الْقَبْر لنجا مِنْهَا سعد ضم ضمة ثمَّ فرج اللّه عَنهُ

واخرج ابْن سعد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ كنت مِمَّن حفر لسعد قَبره فَكَانَ يفوح علينا الْمسك كلما حفرنا قترة من تُرَاب

بَاب مَا وَقع فِي قتل ابي رَافع من الْآيَات

اخْرُج البُخَارِيّ عَن الْبَراء ان عبد اللّه بن عتِيك لما قتل أَبَا رَافع وَنزل من دَرَجَة بَيته سقط إِلَى الأَرْض فانكسر سَاقه قَالَ فَحدثت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ابْسُطْ رجلك فبسطتها فمسحها فَكَأَنَّمَا لم اشكها قطّ

بَاب مَا وَقع فِي قتل سُفْيَان بن نُبيح الْهُذلِيّ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عبد اللّه بن أنيس قَالَ دَعَاني رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنَّه بَلغنِي ان ابْن نُبيح الْهُذلِيّ يجمع النَّاس ليغزوني وَهُوَ بنخلة اَوْ بعرنة فأته فاقتله قلت يَا رَسُول اللّه انْعَتْهُ لي حَتَّى اعرفه قَالَ آيَة مَا بَيْنك وَبَينه انك إِذا رَأَيْته وجدت لَهُ قشعريرة فَخرجت حَتَّى دفعت إِلَيْهِ فَلَمَّا رَأَيْته وجدت لَهُ مَا وصف لي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من القشعريرة فمشيت مَعَه شَيْئا حَتَّى إِذا امكنني حملت عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ فَقتلته فَلَمَّا قدمت على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ افلح الْوَجْه قلت قد قتلته يَا رَسُول اللّه قَالَ صدقت واعطاني عَصا فَقَالَ امسك هَذِه عنْدك قلت يَا رَسُول اللّه لم أَعْطَيْتنِي هَذِه الْعَصَا قَالَ آيَة بيني وَبَيْنك يَوْم الْقِيَامَة أَن أقل النَّاس المتخصرون يَوْمئِذٍ فقرنها عبد اللّه بِسَيْفِهِ حَتَّى مَاتَ امْر بهَا فضمت مَعَه فِي كَفنه

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب وَعَن عُرْوَة نَحوه وَفِيه قَالَ إِذا رَأَيْته هِبته وَفرقت مِنْهُ قَالَ وَمَا فرقت من شَيْء قطّ فَلَمَّا رَأَيْته هِبته وَفرقت مِنْهُ فَقلت صدق اللّه وَرَسُوله ثمَّ كمنت لَهُ حَتَّى إِذا هدأ النَّاس اغتررته فَقتلته فيزعمون ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اخبر بقتْله قبل قدوم عبد اللّه بن انيس

واخرج ابْن سعد من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه نَحوه وَفِيه إِذا رَأَيْته هِبته وَفرقت مِنْهُ وَذكرت الشَّيْطَان وَكنت لَا أهاب الرِّجَال فَلَمَّا رَأَيْته هِبته فرأيتني أقطر فَقلت صدق اللّه وَرَسُوله

بَاب مَا وَقع فِي غَزْوَة بني المصطلق من الْآيَات والخصائص

قَالَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي سعيد بن عبد اللّه بن أبي الْأَبْيَض عَن أَبِيه عَن جدته وَهِي مولاة جوَيْرِية قَالَت سَمِعت جوَيْرِية بنت الْحَارِث تَقول أَتَانَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَنحن على الْمُريْسِيع فاسمع أبي يَقُول أَتَانَا مَا لَا قبل لنا بِهِ قَالَت وَكنت أرى من النَّاس وَالْخَيْل وَالسِّلَاح مَا لَا أصف من الْكَثْرَة فَلَمَّا أسلمت وَتَزَوَّجنِي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ورجعنا جعلت أنظر إِلَى الْمُسلمين فليسوا كَمَا كنت أرى فَعرفت انه رعب من اللّه يلقيه فِي الْمُشْركين وَكَانَ رجل مِنْهُم قد أسلم يَقُول لقد كُنَّا نرى رجَالًا بيضًا على خيل بلق مَا كُنَّا نراهم قبل وَلَا بعده اخرجه الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم

وَقَالَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي حزَام بن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ قَالَت جوَيْرِية رَأَيْت قبل قدوم النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِثَلَاث لَيَال كَأَن الْقَمَر يسير من يثرب حَتَّى وَقع فِي حجري فَكرِهت ان اخبر بهَا أحدا من النَّاس حَتَّى قدم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا سبينَا رَجَوْت الرُّؤْيَا فاعتقني وَتَزَوَّجنِي أخرجه الْبَيْهَقِيّ

واخرج مُسلم عَن جَابر ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قدم من سفر فَلَمَّا كَانَ قرب الْمَدِينَة هَاجَتْ ريح تكَاد تدفن الرَّاكِب فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بعثت هَذِه الرّيح لمَوْت مُنَافِق فَلَمَّا قدمنَا الْمَدِينَة إِذا هُوَ قد مَاتَ عَظِيم من عُظَمَاء الْمُنَافِقين

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن مُوسَى بن عقبَة وَعُرْوَة مثله وَقَالَ من غَزْوَة بني المصطلق وَزَاد وسكنت الرّيح آخر النَّهَار فَجمع النَّاس ظهْرهمْ وفقدت رَاحِلَة رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من بَين الْإِبِل فسعى لَهَا الرِّجَال يلتمسونها فَقَالَ رجل من الْمُنَافِقين فِي مجْلِس من الانصار افلا يحدثه اللّه بمَكَان رَاحِلَته ان مُحَمَّدًا ليحدثنا مَا هُوَ أعظم من شَأْن النَّاقة ثمَّ قَامَ الْمُنَافِق وتركهم فَعمد لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يستمع الحَدِيث فَوجدَ اللّه قد حَدثهُ حَدِيثه فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُنَافِق يسمع ان رجلا من الْمُنَافِقين شمت ان ضلت نَاقَة رَسُول اللّه وَقَالَ أَفلا يحدثه اللّه بمَكَان نَاقَته وان اللّه

قد أَخْبرنِي بمكانها وَلَا يعلم الْغَيْب إِلَّا اللّه وَهِي فِي الشّعب الْمُقَابل لكم وَقد تعلق زمامها بشجرة فعمدوا إِلَيْهَا فجاؤوا بهَا وَأَقْبل الْمُنَافِق سَرِيعا حَتَّى أَتَى النَّفر الَّذين قَالَ عِنْدهم مَا قَالَ فَإِذا هم جُلُوس مكانهم لم يقم أحد مِنْهُم فَقَالَ انشدكم بِاللّه هلى اتى اُحْدُ مِنْكُم مُحَمَّدًا فَأخْبرهُ بِالَّذِي قلت قَالُوا اللّهمَّ لَا وَلَا قمنا من مَجْلِسنَا هَذَا بعد قَالَ فَإِنِّي وجدت عِنْده حَدِيثي وَإِن كنت لفي شكّ من شَأْنه فَأشْهد انه لرَسُول اللّه واخرج ابْن اسحاق عَن شُيُوخه نَحْو الْقِصَّة وسمى الْمُنَافِق الَّذِي مَاتَ رِفَاعَة بن زيد بن التابوت

واخرج ابو نعيم عَن جَابر قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فهاجت ريح مُنْتِنَة فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِن أُنَاسًا من الْمُنَافِقين اغتابوا اناسا من الْمُؤمنِينَ فَلذَلِك هَاجَتْ هَذِه الرّيح

أخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق ابْن عَائِذ أَخْبرنِي مُحَمَّد بن شُعَيْب عَن عبد اللّه ابْن زِيَاد قَالَ أَفَاء اللّه على رَسُوله صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عَام الْمُريْسِيع فِي غَزْوَة بني المصطلق جوَيْرِية بنت الْحَارِث فَأقبل أَبوهَا فِي فدائها فَلَمَّا كَانَ بالعقيق نظر إِلَى إبِله الَّتِي يفْدي بهَا ابْنَته فَرغب فِي بَعِيرَيْنِ مِنْهَا كَانَا من أفضلهَا فغيبهما فِي شعب من شعاب العقيق ثمَّ اقبل إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِسَائِر الْإِبِل فَقَالَ يَا مُحَمَّد أصبْتُم ابْنَتي وَهَذَا فداؤها فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَيْن البعيران اللَّذَان غيبت بالعقيق بشعب كَذَا وَكَذَا فَقَالَ الْحَارِث أشهد انك رَسُول اللّه وَلَقَد كَانَ ذَلِك مني فِي البعيرين وَمَا اطلع على ذَلِك إِلَّا اللّه فَأسلم

حَدِيث الْإِفْك

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ سفر أَقرع بَين أَزوَاجه فأيتهن خرج سهمها خرج بهَا مَعَه فأقرع بَيْننَا فِي غَزْوَة غَزَاهَا فَخرج فِيهَا سهمي فَخرجت مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بَعْدَمَا انْزِلْ الْحجاب فَكنت احْمِلْ فِي هودجي وَأنزل فِيهِ فسرنا حَتَّى إِذا فرغ من غزوته تِلْكَ وقفل ودنونا من الْمَدِينَة آذن

لَيْلَة بالرحيل فَقُمْت فمشيت حَتَّى جَاوَزت الْجَيْش فَلَمَّا قضيت شأني أَقبلت إِلَى رحلي فلمست صَدْرِي فَإِذا عقد لي من جزع ظفار قد انْقَطع فَرَجَعت فَالْتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه وَأَقْبل الرَّهْط الَّذِي كَانُوا يرحلوني فاحتملوا هودجي فرحلوه على بَعِيري الَّذِي كنت أركب عَلَيْهِ وهم يحسبون اني فِيهِ وَكَانَ النِّسَاء إِذْ ذَاك خفافا لم يهبلهن وَلم يغشهن اللَّحْم إِنَّمَا يأكلن الْعلقَة من الطَّعَام فَلم يستنكر الْقَوْم خفَّة الهودج حِين رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ وَكنت جَارِيَة حَدِيثَة السن فبعثوا الْجمل فَسَارُوا وَوجدت عقدي بَعْدَمَا اسْتمرّ الْجَيْش فَجئْت مَنَازِلهمْ وَلَيْسَ بهَا مِنْهُم دَاع وَلَا مُجيب فَتَيَمَّمت منزلي الَّذِي كنت بِهِ وظننت انهم سيفقدوني فيرجعون الي فَبينا أَنا جالسة فِي منزلي غلبتني عَيْني فَنمت وَكَانَ صَفْوَان بن الْمُعَطل السّلمِيّ من وَرَاء الْجَيْش فَأصْبح عِنْد منزلي فَرَأى سَواد إِنْسَان نَائِم فعرفني حِين رَآنِي وَكَانَ يراني قبل الْحجاب فاستيقطت باسترجاعه حَتَّى عرفني فخمرت وَجْهي بجلبابي وَوَاللّه مَا تكلمنا بِكَلِمَة وَلَا سَمِعت مِنْهُ كلمة غير استرجاعه وَهوى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَته فوطئ على يَدهَا فَقُمْت اليها فركبتها فَانْطَلق يَقُود بِي الرَّاحِلَة حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْش موغرين فِي نحر الظهيرة وهم نزُول فَهَلَك فِي من هلك وَكَانَ الَّذِي تولى كبر الْإِفْك عبد اللّه بن أبي بن سلول فقدمنا الْمَدِينَة فاشتكيت حِين قدمت شهرا وَالنَّاس يفيضون فِي قَول أَصْحَاب الْإِفْك لَا أشعر بِشَيْء من ذَلِك وَهُوَ يريبني فِي وجعي اني لَا أعرف من رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اللطف الَّذِي كنت أرى مِنْهُ حِين اشتكي إِنَّمَا يدْخل عَليّ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَيسلم ثمَّ يَقُول كَيفَ تيكم ثمَّ ينْصَرف فَذَلِك يريبني وَلَا أشعر بِالشَّرِّ حَتَّى خرجت حِين نقهت فَخرجت مَعَ أم مسطح قبل المناصع وَكَانَ متبرزنا وَكُنَّا لَا نخرج إِلَّا لَيْلًا إِلَى ليل فَعَثَرَتْ ام مسطح فِي مرْطهَا فَقَالَت تعس مسطح فَقلت لَهَا بئس مَا قلت أتسبين رجلا شهد بَدْرًا فَقَالَت أَي هنتاه اَوْ لم تسمعي مَا قَالَ قلت مَا قَالَ فأخبرتني بقول أهل الْإِفْك فازددت مَرضا على مرضِي فَلَمَّا رجعت إِلَى بَيْتِي دخل عَليّ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَسلم

ثمَّ قَالَ كَيفَ تيكم فَقلت لَهُ أتأذن لي أَن آتِي ابواي وَأَنا اريد ان أستيقن الْخَبَر من قبلهمَا فَأذن لي فَقلت لأمي يَا أمتاه مَاذَا يتحدث النَّاس قَالَت يَا بنية هوني عَلَيْك فوَاللّه لقل مَا كَانَت امْرَأَة قطّ وضيئة عِنْد رجل يُحِبهَا لَهَا ضرائر إِلَّا أكثرن عَلَيْهَا فَقلت سُبْحَانَ اللّه وَلَقَد تحدث النَّاس بِهَذَا فَبَكَيْت تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى أَصبَحت لَا يرقأ لي دمع وَلَا اكتحل بنوم ثمَّ أَصبَحت ابكي ودعا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عَليّ بن أبي طَالب وَأُسَامَة بن زيد حِين استلبث الْوَحْي يسألهما ويستشيرهما فِي فِرَاق اهله فَأَما أُسَامَة فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالَّذِي يعلم من بَرَاءَة أَهله وَبِالَّذِي يعلم لَهُم فِي نَفسه فَقَالَ أُسَامَة أهلك وَلَا نعلم الا خير وَأما عَليّ فَقَالَ يَا رَسُول اللّه لم يضيق اللّه عَلَيْك وَالنِّسَاء سواهَا كثير وسل الْجَارِيَة تصدقك فَدَعَا بَرِيرَة فَقَالَ أَي بَرِيرَة هَل رَأَيْت من شَيْء يريبك قَالَت لَهُ بَرِيرَة وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا رَأَيْت عَلَيْهَا امرا قطّ أغمصه غير أَنَّهَا جَارِيَة حَدِيثَة السن تنام عَن عجين أَهلهَا فتأتي الدَّاجِن فتأكله فَقَامَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من يَوْمه فاستعذر من عبد اللّه بن أبي وبكيت يومي ذَلِك كُله لَا يرقأ لي دمع وَلَا اكتحل بنوم حَتَّى أَنِّي لأَظُن ان الْبكاء فالق كَبِدِي فَبينا ابواي جالسان عِنْدِي وَأَنا أبْكِي فاستأذنت عَليّ امْرَأَة من الْأَنْصَار فَأَذنت لَهَا فَجَلَست تبْكي معي فَبينا نَحن على ذَلِك دخل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم علينا فَسلم ثمَّ جلس وَلم يجلس عِنْدِي مُنْذُ قيل مَا قيل قبلهَا وَقد لبث شهرا لَا يُوحى إِلَيْهِ فِي شأني بِشَيْء فَتشهد حِين جلس ثمَّ قَالَ اما بعد يَا عَائِشَة انه بَلغنِي عَنْك كَذَا وَكَذَا فَإِن كنت بريئة فسيبرئك اللّه وَإِن كنت أَلممْت بذنب فاستغفري اللّه وتوبي إِلَيْهِ فَإِن العَبْد اذا اعْترف ثمَّ تَابَ تَابَ اللّه عَلَيْهِ فَلَمَّا قضى مقَالَته قلص دمعي حَتَّى مَا أحس مِنْهُ قَطْرَة فَقلت لأبي أجب رَسُول اللّه عني فِيمَا قَالَ فَقَالَ وَاللّه مَا ادري مَا أَقُول لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقلت لأمي أجيبي رَسُول اللّه فَقَالَت وَاللّه مَا أَدْرِي مَا اقول لرَسُول اللّه فَقلت وَأَنا جَارِيَة حَدِيثَة السن لَا أَقرَأ من الْقُرْآن كثير إِنِّي وَاللّه لقد علمت لقد سَمِعْتُمْ هَذَا الحَدِيث حَتَّى اسْتَقر فِي انفسكم وصدقتم

بِهِ فلئن قلت لكم إِنِّي بريئة لَا تصدقوني وَلَئِن اعْترفت لكم بِأَمْر وَاللّه يعلم أَنِّي مِنْهُ بريئة لتصدقني فوَاللّه لَا أجد لي وَلكم مثلا إِلَّا أَبَا يُوسُف حِين قَالَ {فَصَبر جميل وَاللّه الْمُسْتَعَان على مَا تصفون} ثمَّ تحولت واضطجعت على فِرَاشِي وَأَنا اعْلَم ان اللّه ليبرئني وَلَكِن وَاللّه مَا كنت أَظن أَن اللّه ينزل فِي شأني وَحيا يُتْلَى لشأني فِي نَفسِي كَانَ أَحْقَر من ان يتَكَلَّم اللّه فِي بِأَمْر وَلَكِن كنت ارجو ان يرى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم رُؤْيا يبرئني اللّه بهَا فوَاللّه مَا رام رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من مَجْلِسه وَلَا خرج أحد من أهل الْبَيْت حَتَّى أنزل اللّه عَلَيْهِ فَأَخذه مَا كَانَ يَأْخُذهُ من البرحاء حَتَّى انه يتحدر مِنْهُ من الْعرق مثل الجمان وَهُوَ فِي يَوْم شات من ثقل القَوْل الَّذِي أنزل عَلَيْهِ فسرى عَنهُ وَهُوَ يضْحك فَكَانَ أول كلمة تكلم بهَا ان قَالَ يَا عَائِشَة أما اللّه فقد برأك فَقَالَت لي أُمِّي قومِي إِلَيْهِ فَقلت وَاللّه لَا أقوم اليه وَلَا أَحْمد إِلَّا اللّه وَأنزل اللّه {إِن الَّذين جاؤوا بالإفك} الْعشْر الْآيَات

قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ لم يَقع فِي الْقُرْآن من الغليط فِي مَعْصِيّة مَا وَقع فِي قصَّة الْإِفْك بأوجز عبارَة وأشبعها لاشْتِمَاله على الْوَعيد الشَّديد والعتاب البليغ والزجر العنيف واستعظام القَوْل فِي ذَلِك واستشناعه بطرق مُخْتَلفَة وأساليب متفننه كل وَاحِد مِنْهَا كَاف فِي بَابه بل مَا وَقع من وَعِيد عَبدة الْأَوْثَان إِلَّا بِمَا هُوَ دون ذَلِك وَمَا ذَاك إِلَّا لإِظْهَار منزلَة رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وتطهير من هُوَ مِنْهُ بسبيل

وَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر الباقلاني إِن اللّه إِذا ذكر فِي الْقُرْآن مَا نسبه إِلَيْهِ الْمُشْركُونَ سبح نَفسه لنَفسِهِ كَقَوْلِه تَعَالَى {وَقَالُوا اتخذ الرَّحْمَن ولدا سُبْحَانَهُ} فِي آي كَثِيرَة وَذكر تَعَالَى مَا نسبه المُنَافِقُونَ إِلَى عَائِشَة فَقَالَ {سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم} فسبح نَفسه فِي تبرئتها من السوء كَمَا سبح نَفسه فِي تبرئته من السوء

وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن عبد اللّه بن جحش قَالَ تفاخرت عَائِشَة وَزَيْنَب فَقَالَت زينت أَنا الَّتِي أنزل اللّه تزويجي وَقَالَت عَائِشَة انا الَّتِي نزل اللّه عُذْري فِي كِتَابه حِين حَملَنِي ابْن الْمُعَطل على الرَّاحِلَة فَقَالَت لَهَا زَيْنَب يَا عَائِشَة مَا قلت حِين ركبتها قَالَت قلت حسبي اللّه وَنعم الْوَكِيل قَالَت قلت كلمة الْمُؤمنِينَ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ نزلت ثَمَانِي عشرَة آيَة مُتَوَالِيَات بتكذيب من قذف عَائِشَة وببراءتها

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نزلت {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات} فِي عَائِشَة خَاصَّة

واخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس انه قَرَأَ هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات} قَالَ هَذِه فِي عَائِشَة وَأَزْوَاج النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَلم يَجْعَل لَهُم التَّوْبَة ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا} إِلَى قَوْله تَعَالَى {الْفَاسِقُونَ} فَجعل لَهُم التَّوْبَة بقوله {إِلَّا الَّذين تَابُوا} فَجعل التَّوْبَة لمن قذف امْرَأَة من الْمُؤمنِينَ وَلم يَجْعَل لمن قذف امْرَأَة من أَزوَاج النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تَوْبَة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن خصيف قَالَ قلت لسَعِيد بن جُبَير أَيّمَا اشد الزِّنَا اَوْ الْقَذْف قَالَ الزِّنَا قلت إِن اللّه يَقُول {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات} قَالَ إِنَّمَا انْزِلْ هَذَا فِي شَأْن عَائِشَة خَاصَّة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة فِي نسَاء النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة

واخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن ابي حَاتِم فِي تفاسيرهم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ مَا بَغت امْرَأَة نَبِي قطّ

بَاب مَا وَقع فِي قصَّة العرنيين من الْآيَات

اخْرُج الشَّيْخَانِ عَن أنس ان رهطا من عكل وعرينة قدمُوا الْمَدِينَة على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَتَكَلَّمُوا بالاسلام فَقَالُوا يَا نَبِي اللّه إِنَّا كُنَّا أهل ضرع وَلم نَكُنْ اهل ريف واستوخموا الْمَدِينَة فَأمر لَهُم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بذود وراع وَأمرهمْ ان يخرجُوا فيشربوا من أَلْبَانهَا وَأَبْوَالهَا فَانْطَلقُوا حَتَّى إِذا كَانُوا نَاحيَة الْحرَّة كفرُوا بعد إسْلَامهمْ وَقتلُوا راعي النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَاسْتَاقُوا الذود فَبلغ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَبعث الطّلب فِي آثَارهم فَأمر بهم فسملوا أَعينهم وَقَطعُوا أَيْديهم وَتركُوا فِي نَاحيَة الْحرَّة حَتَّى مَاتُوا على حَالهم

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث جَابر بن عبد اللّه نَحوه وَزَاد فَبعث فِي طَلَبهمْ ودعا عَلَيْهِم فَقَالَ اللّهمَّ غم عَلَيْهِم الطَّرِيق وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِم أضيق من مسك جمل فَعمى اللّه عَلَيْهِم السَّبِيل فأدركوا فَأتي بهم فَقطع أَيْديهم وأرجلهم وسمل أَعينهم

بَاب مَا وَقع فِي سَرِيَّة دومة الجندل

اخْرُج ابْن سعد من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه قَالَ أرسل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فِي سَرِيَّة إِلَى كلب بدومة الجندل وَقَالَ إِن اسْتَجَابُوا لَك فَتزَوج ابْنة ملكهم فَسَار حَتَّى قدم فَمَكثَ ثَلَاثَة أَيَّام يَدعُوهُم إِلَى الْإِسْلَام فَأسلم أصبغ بن عَمْرو الْكَلْبِيّ وَكَانَ نَصْرَانِيّا وَكَانَ رَأْسهمْ وَأسلم مَعَه نَاس كثير من قومه وَأقَام من أَقَامَ على اعطاء الْجِزْيَة وَتزَوج عبد الرَّحْمَن تماضر بنت الْأَصْبَغ وَقدم بهَا الْمَدِينَة

وَأخرجه ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْوَاقِدِيّ حَدثنِي عبد اللّه بن جَعْفَر عَن ابْن أبي عون عَن صَالح بن ابراهيم بِهِ

واخرجه من طَرِيق الزبير بن بكار حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن عبد اللّه بن عبد الْعَزِيز الزُّهْرِيّ عَن عمومته مُوسَى وَعمْرَان واسماعيل نَحوه وَزَاد فِيهِ وَأكْثر من

ذكري عَسى اللّه ان يفتح على يَديك فَإِن فتح على يَديك فَتزَوج بنت ملكهم وَاللّه أعلم

بَاب مَا وَقع عَام الْحُدَيْبِيَة من الْآيَات والمعجزات

اخْرُج البُخَارِيّ عَن الْمسور بن مخرمَة ومروان بن الحكم قَالَا خرج رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم زمن الْحُدَيْبِيَة فِي بضع عشرَة مائَة من أَصْحَابه فَلَمَّا أَتَى ذَا الحليفة قلد الْهَدْي وَأَشْعرهُ وَأحرم مِنْهَا بِعُمْرَة وَبعث عينا لَهُ من خُزَاعَة وَسَار حَتَّى إِذا كَانَ بغدير الإشطاط أَتَاهُ عينه فَقَالَ إِن قُريْشًا جمعُوا لَك جموعا وَقد جمعُوا لَك الْأَحَابِيش وهم مقاتلوك وصادروك ومانعوك فَقَالَ أَشِيرُوا أَيهَا النَّاس عَليّ أَتَرَوْنَ أَن أميل على عِيَالهمْ وذراري هَؤُلَاءِ الَّذين يُرِيدُونَ ان يصدونا عَن الْبَيْت أم ترَوْنَ أَن نَؤُم الْبَيْت فَمن صدنَا عَنهُ قَاتَلْنَاهُ فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول اللّه خرجت عَامِدًا لهَذَا الْبَيْت لَا تُرِيدُ قتل أحد وَلَا حَربًا فَتوجه لَهُ فَمن صدنَا عَنهُ قَاتَلْنَاهُ قَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فامضوا على اسْم اللّه حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض الطَّرِيق قَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِن خَالِد بن الْوَلِيد فِي خيل لقريش طَلِيعَة فَخُذُوا ذَات الْيَمين فوَاللّه مَا شعر بهم خَالِد حَتَّى اذا هم بقترة الْجَيْش فَانْطَلق يرْكض نَذِير القريش وَسَار النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى إِذا كَانَ بالثنية الَّتِي يهْبط عَلَيْهِم مِنْهَا بَركت بِهِ رَاحِلَته فَقَالَ النَّاس حل حل فألحت فَقَالُوا خلأت الْقَصْوَاء فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَا خلأت الْقَصْوَاء وَمَا ذَاك لَهَا لخلق وَلَكِن حَبسهَا حَابِس الْفِيل ثمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خطة يعظمون فِيهَا حرمات اللّه إِلَّا أَعطيتهم إِيَّاهَا ثمَّ زجرها فَوَثَبت فَعدل عَنْهُم حَتَّى نزل بأقصى الْحُدَيْبِيَة على ثَمد قَلِيل المَاء يتبرضه النَّاس تبرضا فَلم يلبث النَّاس حَتَّى نَزَحُوهُ وشكي إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْعَطش فَانْتزع سَهْما من كِنَانَته ثمَّ أَمرهم ان يَجْعَلُوهُ فِيهِ فوَاللّه مَا زَالَ يَجِيش لَهُم بِالريِّ حَتَّى صدرُوا عَنهُ فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ

جَاءَ بديل بن وَرْقَاء الْخُزَاعِيّ فِي نفر من قومه فَقَالَ إِنِّي تركت كَعْب بن لؤَي وعامر بن لؤَي نزلُوا أعداد مياه الْحُدَيْبِيَة مَعَهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عَن الْبَيْت فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِنَّا لم نجئ لقِتَال أحد وَلَكنَّا جِئْنَا معتمرين وَإِن قُريْشًا قد نهكتهم الْحَرْب وأضرت فهم فَإِن شاؤوا ماددتهم مُدَّة ويخلوا بيني وَبَين النَّاس فَإِن اظهر فَإِن شاؤوا ان يدخلُوا فِيمَا دخل فِيهِ النَّاس فعلوا وَإِلَّا فقد جموا وَإِن هم أَبَوا فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لأقاتلنهم على أَمْرِي هَذَا حَتَّى تنفرد سالفتي اَوْ لينفذن اللّه امْرَهْ قَالَ بديل سأبلغهم مَا تَقول فَانْطَلق حَتَّى أَتَى قُريْشًا فَقَالَ إِنَّا جِئْنَا من عِنْد هَذَا الرجل وسمعناه يَقُول قولا فَإِن شِئْتُم ان نعرضه عَلَيْكُم فعلنَا فَقَالَ سفهاؤنا لَا حَاجَة لنا ان تخبرنا عَنهُ بِشَيْء وَقَالَ ذَوُو الرَّأْي مِنْهُم هَات مَا سمعته يَقُول قَالَ سمعته يَقُول كَذَا وَكَذَا فَحَدثهُمْ بِمَا قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ عُرْوَة بن مَسْعُود فَقَالَ أَي قوم ألستم بالوالد قَالُوا بلَى قَالَ أولست بِالْوَلَدِ قَالُوا بلَى قَالَ فَهَل تتهموني قَالُوا لَا قَالَ ألستم تعلمُونَ اني استنفرت اهل عكاظ فَلَمَّا بلحوا عَليّ جِئتُكُمْ بأهلي وَوَلَدي وَمن اطاعني قَالُوا بلَى قَالَ فان هَذَا قد عرض عَلَيْكُم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته قَالُوا أئته فَأَتَاهُ فَجعل يكلم النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نَحوا من قَوْله لبديل بن وَرْقَاء فَقَالَ عُرْوَة عِنْد ذَلِك أَي مُحَمَّدًا أرأيا إِن استأصلت امْر قَوْمك هَل سَمِعت بِأحد من الْعَرَب اجتاح أَصله قبلك وان تكن الْأُخْرَى فَإِنِّي وَاللّه لأرى وُجُوهًا وَإِنِّي لأرى أشوابا من النَّاس خليقا ان يَفروا ويدعوك فَقَالَ لَهُ ابو بكر امصص بظر اللات أَنَحْنُ نفر وندعه قَالَ من ذَا قَالَ ابو بكر قَالَ اما وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَوْلَا يَد لَك عِنْدِي لم أجزك بهَا لأجبتك قَالَ وَجعل يكلم النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَكلما كَلمه أَخذ بلحيته والمغيرة بن شُعْبَة قَائِم على رَأس النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

وَمَعَهُ السَّيْف وَعَلِيهِ المغفر فَكلما أَهْوى عُرْوَة بِيَدِهِ إِلَى لحية النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ضرب يَده بنعل السَّيْف وَقَالَ أخر يدك عَن لحية النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَرفع عُرْوَة رَأسه وَقَالَ من هَذَا قَالُوا الْمُغيرَة بن شُعْبَة فَقَالَ أَي غدر أَلَسْت اسعى فِي غدرتك وَكَانَ الْمُغيرَة ابْن شُعْبَة صحب قوما فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَتلهُمْ وَأخذ اموالهم ثمَّ جَاءَ فَأسلم فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أما الْإِسْلَام فاقبل وَأما المَال فلست مِنْهُ فِي شَيْء ثمَّ إِن عُرْوَة جعل يرمق أَصْحَاب النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِعَيْنيهِ قَالَ فوَاللّه مَا تنخم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نخامة إِلَّا وَقعت فِي كف رجل مِنْهُم فدلك بهَا وَجهه وَجلده وَإِذا امرهم ابتدروه امْرَهْ وَإِذا تَوَضَّأ كَادُوا يقتتلون على وضوئِهِ وَإِذا تكلم خفضوا أَصْوَاتهم عِنْده وَمَا يحدون النّظر إِلَيْهِ تَعْظِيمًا لَهُ فَرجع عُرْوَة إِلَى اصحابه فَقَالَ أَي قوم وَاللّه لقد وفدت على الْمُلُوك كسْرَى وَقَيْصَر وَالنَّجَاشِي وَاللّه إِن رَأَيْت ملكا قطّ يعظمه اصحابه مَا يعظم أَصْحَاب مُحَمَّد مُحَمَّدًا وانه قد عرض عَلَيْكُم خطة رشد فاقبلوها فَقَالَ رجل من كنَانَة دَعونِي آته فَقَالُوا إئته فَلَمَّا اشرف على النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه قَالَ هَذَا فلَان وَهُوَ من قوم يعظمون الْبدن فابعثوها لَهُ فَبعثت لَهُ واستقبله النَّاس يلبون فَلَمَّا راى ذَلِك قَالَ سُبْحَانَ اللّه مَا يَنْبَغِي لهَؤُلَاء ان يصدوا عَن الْبَيْت فَلَمَّا رَجَعَ الى اصحابه قَالَ رَأَيْت الْبدن قد قلدت وأشعرت فَمَا أرى ان يصدوا عَن الْبَيْت فَقَامَ رجل مِنْهُم يُقَال لَهُ مكرز ابْن حَفْص فَقَالَ دَعونِي آته فَقَالُوا ائته فَلَمَّا اشرف عَلَيْهِم قَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم هَذَا مكرز وَهُوَ رجل فَاجر فَجعل يكلم النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَبَيْنَمَا هُوَ يكلمهُ إِذْ جَاءَ سُهَيْل بن عمر وَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قد سهل لكم من امركم

قَالَ معمر قَالَ الزُّهْرِيّ فِي حَدِيثه فجَاء سُهَيْل بن عَمْرو فَقَالَ هَات اكْتُبْ بَيْننَا وَبَيْنكُم كتابا فَدَعَا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْكَاتِب فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اكْتُبْ بِسم اللّه الرَّحْمَن الرَّحِيم فَقَالَ سُهَيْل بن عَمْرو وَأما الرَّحْمَن فوَاللّه مَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَكِن اكْتُبْ بِاسْمِك اللّهمَّ كَمَا كنت تكْتب فَقَالَ الْمُسلمُونَ وَاللّه لَا نكتبها إِلَّا بِسم اللّه الرَّحْمَن الرَّحِيم فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اكْتُبْ بِاسْمِك اللّهمَّ ثمَّ قَالَ هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول اللّه فَقَالَ سُهَيْل وَاللّه لَو كُنَّا نعلم أَنَّك رَسُول اللّه مَا صَدَدْنَاك عَن الْبَيْت وَلَا قَاتَلْنَاك اكْتُبْ مُحَمَّد بن عبد اللّه فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَاللّه إِنِّي لرَسُول اللّه وَإِن كذبتموني أكتب مُحَمَّد بن عبد اللّه

قَالَ الزُّهْرِيّ وَذَلِكَ لقَوْله لَا يَسْأَلُونِي خطة يعظمون فِيهَا حرمات اللّه إِلَّا اعطيتهم اياها فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على ان تخلوا بَيْننَا وَبَين الْبَيْت فنطوف بِهِ فَقَالَ سُهَيْل وَاللّه لَا يتحدث الْعَرَب إِنَّا أَخذنَا ضغطة وَلَكِن ذَلِك من الْعَام الْمقبل فَكتب فَقَالَ سُهَيْل وعَلى أَنه لَا يَأْتِيك منا رجل وَإِن كَانَ على دينك إِلَّا رَددته إِلَيْنَا فَقَالَ الْمُسلمُونَ سُبْحَانَ اللّه كَيفَ يرد إِلَى الْمُشْركين وَقد جَاءَ مُسلما فَبَيْنَمَا هم على ذَلِك إِذْ جَاءَ ابو جندل بن سُهَيْل بن عمر ويرسف فِي قيوده وَقد خرج من أَسْفَل مَكَّة حَتَّى رمى بِنَفسِهِ بَين أظهر الْمُسلمين فَقَالَ سُهَيْل هَذَا يَا مُحَمَّد أول من أقاضيك عَلَيْهِ ان ترده إِلَى فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِنَّا لم نقض الْكتاب بعد قَالَ فوَاللّه إِذن لَا أصالحك على شَيْء أبدا فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فاجزه قَالَ مَا انا بمجيز ذَلِك لَك قَالَ بلَى فافعل قَالَ مَا أَنا بفاعل قَالَ مكرز بلَى قد اجزناه لَك قَالَ ابو جندل أَي معشر الْمُسلمين ارد إِلَى الْمُشْركين وَقد جِئْت مُسلما أَلا ترَوْنَ مَا قد لقِيت وَكَانَ قد عذب عذَابا شَدِيدا فِي اللّه قَالَ عمر بن الْخطاب فَأتيت نَبِي اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقلت أَلَسْت نَبِي اللّه حَقًا قَالَ بلَى قلت أَلسنا على الْحق وعدونا على الْبَاطِل قَالَ بلَى قلت فَلم نعط الدنية فِي ديننَا إِذن قَالَ إِنِّي رَسُول اللّه وَلست اعصيه وَهُوَ ناصري قلت اَوْ لست كنت تحدثنا انا سنأتي الْبَيْت ونطوف بِهِ قَالَ بلَى فأخبرتك انا نأتيه الْعَام قلت لَا قَالَ فَإنَّك آتيه ومطوف بِهِ قَالَ فَأتيت أَبَا بكر فَقلت يَا ابا بكر أَلَيْسَ هَذَا نَبِي اللّه حَقًا قَالَ بلَى قلت السنا على الْحق وعدونا على الْبَاطِل قَالَ بلَى قلت فَلم نعط الدنية فِي ديننَا إِذن قَالَ أَيهَا الرجل إِنَّه رَسُول اللّه وَلَيْسَ يَعْصِي ربه وَهُوَ ناصره فَاسْتَمْسك بغرزه فوَاللّه

إِنَّه على الْحق قلت أَو لَيْسَ كَانَ يحدثنا إِنَّا سنأتي الْبَيْت ونطوف بِهِ قَالَ بلَى قَالَ فأخبرك انه يَأْتِيهِ الْعَام فَقلت لَا قَالَ فانك تَأتيه وَتَطوف بِهِ

قَالَ الزُّهْرِيّ قَالَ عمر فَعمِلت لذَلِك أعمالا قَالَ فَلَمَّا فرغ من قَضِيَّة الْكتاب قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قومُوا فَانْحَرُوا ثمَّ احْلقُوا قَالَ فوَاللّه مَا قَامَ مِنْهُم رجل حَتَّى قَالَ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات فَلَمَّا لم يقم مِنْهُم أحد دخل على أم سَلمَة فَذكر لَهَا مَا لَقِي من النَّاس قَالَت ام سَلمَة يَا نَبِي اللّه أَتُحِبُّ ذَلِك أخرج ثمَّ لَا تكلم احدا مِنْهُم كلمة حَتَّى تنحر بدنك وَتَدْعُو حالقك فيحلقك فَخرج فَلم يكلم أحدا مِنْهُم حَتَّى فعل ذَلِك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك قَامُوا فنحروا وَجعل بَعضهم يحلق بَعْضًا حَتَّى كَاد بَعضهم يقتل بَعْضًا غما ثمَّ جَاءَ نسْوَة مؤمنات فَأنْزل اللّه عز وَجل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن اللّه أعلم بإيمانهن} حَتَّى بلغ {بعصم الكوافر} فَطلق عمر يَوْمئِذٍ امْرَأتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشّرك فَتزَوج إِحْدَاهمَا معَاذ بن أبي سُفْيَان وَالْأُخْرَى صَفْوَان بن أُميَّة ثمَّ رَجَعَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الى الْمَدِينَة فَجَاءَهُ أَبُو بَصِير رجل من قُرَيْش وَهُوَ مُسلم فأرسلوا فِي طلبه رجلَيْنِ فَقَالُوا الْعَهْد الَّذِي جعلت لنا فَدفعهُ إِلَى الرجلَيْن فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بلغا ذَا الحليفة فنزلوا يَأْكُلُون من تمر لَهُم فَقَالَ ابو بَصِير لأحد الرجلَيْن وَاللّه إِنِّي لأرى سَيْفك هَذَا يَا فلَان جيدا فاستله الآخر فَقَالَ أجل وَاللّه إِنَّه لجيد لقد جربت مِنْهُ ثمَّ خرجت فَقَالَ ابو بَصِير ارني انْظُر اليه فامكنه مِنْهُ فَضَربهُ بِهِ حَتَّى برد وفر الآخر حَتَّى أَتَى الْمَدِينَة فَدخل الْمَسْجِد يعدو فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حِين رَآهُ لقد رأى هَذَا ذعرا فَلَمَّا انْتهى إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قتل وَاللّه صَاحِبي وَإِنِّي لمقتول فجَاء ابو بَصِير فَقَالَ يَا رَسُول اللّه قد وَاللّه أوفى اللّه ذِمَّتك قد رددتني إِلَيْهِم ثمَّ نجاني اللّه مِنْهُم فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ويل امهِ مسعر حَرْب لَو كَانَ لَهُ أحدا فَلَمَّا سمع ذَلِك عرف انه سيرده إِلَيْهِم فَخرج حَتَّى اتى سيف الْبَحْر قَالَ

وينفلت مِنْهُم ابو جندل بن سُهَيْل فلحق بِأبي بَصِير فَجعل لَا يخرج من قُرَيْش رجل قد أسلم إِلَّا لحق بِأبي بَصِير حَتَّى اجْتمعت مِنْهُم عِصَابَة فوَاللّه مَا يسمعُونَ بعير خرجت لقريش إِلَى الشَّام إِلَّا اعْترضُوا لَهَا فَقَتَلُوهُمْ وَأخذُوا اموالهم فَأرْسلت قُرَيْش إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تناشده اللّه وَالرحم لما أرسل إِلَيْهِم فَمن أَتَاهُ فَهُوَ آمن فَأرْسل النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اليهم وَأنزل اللّه عز وَجل {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم بِبَطن مَكَّة} حَتَّى بلغ {حمية الْجَاهِلِيَّة} وَكَانَت حميتهم أَنهم لم يقرُّوا أَنه رَسُول اللّه وَلم يقرُّوا بِبسْم اللّه الرَّحْمَن الرَّحِيم وحالوا بَينه وَبَين الْبَيْت

وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد اللّه بن مُغفل قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي أصل الشَّجَرَة الَّتِي قَالَ اللّه فِي الْقُرْآن فَكَانَ يَقع من أَغْصَان تِلْكَ الشَّجَرَة على ظهر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَعلي بن ابي طَالب وَسُهيْل بن عَمْرو بَين يَدَيْهِ فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لعَلي اكْتُبْ بِسم اللّه الرَّحْمَن الرَّحِيم فَأخذ سُهَيْل بِيَدِهِ وَقَالَ مَا نَعْرِف الرَّحْمَن وَلَا الرَّحِيم اكْتُبْ فِي قَضِيَّتنَا مَا نَعْرِف قَالَ اكْتُبْ بِاسْمِك اللّهمَّ وَكتب هَذَا مَا صَالح عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول اللّه أهل مَكَّة فَأمْسك سُهَيْل بِيَدِهِ وَقَالَ لقد ظَلَمْنَاك إِن كنت رَسُوله أكتب فِي قَضِيَّتنَا مَا نَعْرِف فَقَالَ اكْتُبْ هَذَا مَا صَالح عَلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد اللّه فَبينا نَحن كَذَلِك إِذْ خرج علينا ثَلَاثُونَ شَابًّا عَلَيْهِم السِّلَاح فثاروا فِي وُجُوهنَا فَدَعَا عَلَيْهِم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ اللّه بأسماعهم وَلَفظ الْحَاكِم بِأَبْصَارِهِمْ فقمنا إِلَيْهِم فأخذناهم فَقَالَ لَهُم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم هَل جئْتُمْ فِي عهد اُحْدُ أَو هَل جعل لكم اُحْدُ أَمَانًا فَقَالُوا لَا فخلى سبيلهم وَأنزل اللّه {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم}

وَأخرج مُسلم عَن جَابر ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من يصعد الثَّنية ثنية المرار فَإِنَّهُ يحط عَنهُ مَا حط عَن بني اسرائيل فَكَانَ أول من صعد خيل بني الْخَزْرَج ثمَّ تبادر

النَّاس بعد فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كلكُمْ مغْفُور لَهُ إِلَّا صَاحب الْجمل الْأَحْمَر فَقُلْنَا تعال ليَسْتَغْفِر لَك رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَاللّه لِأَن أجد ضالتي أحب إِلَى من أَن يسْتَغْفر لي صَاحبكُم وَإِذا هُوَ رجل ينشد ضَالَّة

وَأخرج ابو نعيم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عَام الْحُدَيْبِيَة حَتَّى إِذا كُنَّا بعسفان سرنا فِي آخر اللَّيْل حَتَّى أَقبلنَا على عقبَة ذَات الحنظل فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مثل هَذِه الثَّنية اللَّيْلَة كَمثل الْبَاب الَّذِي قَالَ اللّه لبني اسرائيل {ادخُلُوا الْبَاب سجدا وَقُولُوا حطة نغفر لكم خطاياكم} مَا هَبَط اُحْدُ من هَذِه الثَّنية اللَّيْلَة إِلَّا غفر لَهُ فَلَمَّا هبطنا نزلنَا فَقلت يَا رَسُول اللّه عَسى ان ترى قُرَيْش نيراننا فَقَالَ لن يروكم فَلَمَّا أَصْبَحْنَا صلى بِنَا الصُّبْح ثمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد غفر اللَّيْلَة للركب أَجْمَعِينَ إِلَّا رويكب وَاحِد الْتفت عَلَيْهِ رجال الْقَوْم لَيْسَ مِنْهُم فذهبنا نَنْظُر فَإِذا اعرابي بَين ظهراني الْقَوْم ثمَّ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يُوشك ان يَأْتِي قوم تَحْتَقِرُونَ اعمالكم مَعَ اعمالهم قُلْنَا من هم يَا رَسُول اللّه اقريش قَالَ لَا وَلَكِن أهل الْيمن أرق أَفْئِدَة وألين قلوبا فَقُلْنَا أهم خير منا يَا رَسُول اللّه قَالَ لَو كَانَ لأحد جبل ذهب فأنفقه مَا أدْرك مد أحدكُم وَلَا نصيفه إِلَّا ان هَذَا فصل مَا بَيْننَا وَبَين النَّاس {لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل الْفَتْح وَقَاتل} الْآيَة

وَأخرج ابو نعيم عَن الْوَاقِدِيّ قَالَ قَالَ عَمْرو بن عبد نهم أَتَيْنَا ثنية ذَات الحنظل فوَاللّه إِن كَانَت لتهمني نَفسِي وحدي انها كَانَت مثل الشرَاك فاتسعت فَكَأَنَّهَا فجاج لاحبة فَلَقَد كَانَ النَّاس تِلْكَ اللَّيْلَة يَسِيرُونَ مصطفين جَمِيعًا من سعتها فَأَضَاءَتْ تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى كَانَا فِي قمر فَلَمَّا أصبح رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لقد غفر اللّه فِي هَذِه اللَّيْلَة للركب أَجْمَعِينَ إِلَّا رويكبا وَاحِدًا على جمل أَحْمَر الْتفت عَلَيْهِ رجال الْقَوْم وَلَيْسَ مِنْهُم فَطلب فِي الْعَسْكَر فَإِذا هُوَ من بني ضَمرَة

من أهل سيف الْبَحْر فَقيل لَهُ اذْهَبْ إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يسْتَغْفر لَك قَالَ لبعيري وَاللّه أهم من ان يسْتَغْفر لي صَاحبكُم وَإِذا هُوَ قد أضلّ بَعِيرًا فَانْطَلق يطْلب بعيره بعد ان اسْتَبْرَأَ الْعَسْكَر يَطْلُبهُ فيهم فَبَيْنَمَا هُوَ فِي جبال سراوع إِذْ زلقت بِهِ نَعله فتردى فَمَاتَ فَمَا علم بِهِ حَتَّى أَكلته السبَاع

وَأخرج البُخَارِيّ عَن الْبَراء قَالَ تَعدونَ انتم الْفَتْح فتح مَكَّة وَقد كَانَ فتح مَكَّة فتحا وَنحن نعد الْفَتْح بيعَة الرضْوَان يَوْم الْحُدَيْبِيَة كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَربع عشرَة مائَة وَالْحُدَيْبِيَة بِئْر فنزحناها فَلم نَتْرُك فِيهَا قَطْرَة فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهَا فَجَلَسَ على شفيرها ثمَّ دَعَا بِإِنَاء من مَاء فَتَوَضَّأ ثمَّ تمضمض ودعا ثمَّ صبه فِيهَا فتركناها غير بعيد ثمَّ انها أصدرتنا مَا شِئْنَا نَحن وركابنا

وَأخرجه البُخَارِيّ من وَجه آخر عَن الْبَراء وَفِيه كُنَّا ألفا واربعمائة أَو أَكثر

وَأخرجه احْمَد وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَفِيه فَرفعت إِلَيْهِ الدَّلْو فَغمسَ يَده فِيهَا مَا شَاءَ اللّه أَن يَقُول ثمَّ صببت الدَّلْو فِيهَا فَلَقَد رَأَيْت آخِرنَا أخرج بِثَوْب خشيَة الْغَرق ثمَّ ساحت يَعْنِي جرت نَهرا

واخرج مُسلم عَن سَلمَة بن الاكوع قَالَ قدمنَا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْحُدَيْبِيَة وَنحن أَربع عشرَة مائَة وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاة مَا ترْوِيهَا فَقعدَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على جباها يَعْنِي الركي فإمَّا دَعَا وَإِمَّا بزق فِيهَا فَجَاشَتْ فسقينا واسقينا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة نَحوه وَقَالَ ففارت بِالْمَاءِ حَتَّى جعلُوا يَغْتَرِفُونَ بِأَيْدِيهِم مِنْهَا وهم جُلُوس على شفتها

وَأخرج ابو نعيم عَن ابْن عَبَّاس انه رأى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نزل الْحُدَيْبِيَة وَكَانَ مَاؤُهَا قد انْقَطع وَذَلِكَ فِي حر شَدِيد وَالْقَوْم كثير فَدَعَا بتور من مَاء فَتَوَضَّأ فِي الدَّلْو ومضمض فَاه وصبه فِي الْبِئْر فَفَاضَ المَاء وهم جُلُوس على شفتها وهم يَغْتَرِفُونَ بآنيتهم

وَأخرج أَبُو نعيم عَن الْوَاقِدِيّ قَالَ كَانَ نَاجِية بن الاعجم يَقُول دَعَاني رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حِين شكي إِلَيْهِ قلَّة المَاء فَأخْرج سَهْما من كِنَانَته فَدفعهُ إِلَيّ ودعا بِدَلْو من مَاء الْبِئْر فَتَوَضَّأ ثمَّ مضمض فَاه ثمَّ مج فِي الدَّلْو ثمَّ قَالَ انْزِلْ بالدلو فصبها فِي الْبِئْر وانزح ماءها بِالسَّهْمِ فَفعلت فوالذي بَعثه بِالْحَقِّ مَا كدت أخرج حَتَّى يغمرني ففارت كَمَا يفور الْقدر حَتَّى طمت واستوى بشفيرها يَغْتَرِفُونَ من جانبيها حَتَّى نَهِلُوا من آخِرهم وعَلى المَاء يَوْمئِذٍ نفر من الْمُنَافِقين ينظرُونَ إِلَى المَاء وَالَّذِي يَجِيش بِالرَّوَاءِ فَقَالَ أَوْس بن خولي لعبد اللّه بن أبي وَيحك يَا ابا الْحباب أما آن لَك ان تبصر مَا انت عَلَيْهِ ابعد هَذَا شَيْء وردنا بِئْرا نتبرض ماءها تبرضا لم يخرج فِي الْقَعْب جرعة مَاء فَتَوَضَّأ فِي الدَّلْو ومضمض فِيهِ ثمَّ أفرغه فِيهَا فحثحثها وجاشت بِالرَّوَاءِ فَقَالَ ابْن أبي قد رَأينَا مثل هَذَا فَقَالَ أَوْس قبحك اللّه وقبح رَأْيك وَأَقْبل ابْن أبي يُرِيد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَيْن مَا رَأَيْت الْيَوْم قَالَ مَا رَأَيْت مثله قطّ قَالَ فَلم قلت مَا قلت اسْتغْفر اللّه فَقَالَ ابْنه يَا رَسُول اللّه اسْتغْفر لَهُ فَاسْتَغْفر لَهُ

واخرج ابو نعيم من وَجه آخر مَوْصُول عَن نَاجِية بن جُنْدُب قَالَ نزلنَا على الْحُدَيْبِيَة وَهِي نزح فَألْقى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا سَهْما من كِنَانَته ثمَّ بَصق فِيهَا ثمَّ دَعَا ففارت عيونها حَتَّى لَو شِئْنَا لاغترفنا بِأَيْدِينَا

وَأخرج البُخَارِيّ عَن جَابر قَالَ عَطش النَّاس يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بَين يَدَيْهِ ركوة فَتَوَضَّأ مِنْهَا ثمَّ أقبل على النَّاس فَقَالَ مَا لكم قَالُوا لَيْسَ عندنَا مَاء نَتَوَضَّأ بِهِ وَلَا نشرب إِلَّا مَا فِي ركوتك فَوضع النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَده فِي الركوة فَجعل المَاء يفور من بَين أَصَابِعه كأمثال الْعُيُون فشربنا وتوضأنا فَقلت لجَابِر كم كُنْتُم يَوْمئِذٍ قَالَ لَو كُنَّا مائَة ألف لَكَفَانَا كُنَّا خمس عشرَة مائَة لَهُ طرق عَن جَابر قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَغَيره نبع المَاء من الْأَصَابِع الشَّرِيفَة وَقع مَرَّات مُتعَدِّدَة وسأعقد لَهُ بَابا فِيمَا سَيَأْتِي

واخرج مُسلم عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة فأصابنا جهد حَتَّى هممنا ان نَنْحَر بعض ظهرنا فَأمرنَا نَبِي اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فجمعنا مزاودنا فبسطنا لَهُ نطعا فَاجْتمع زَاد الْقَوْم على النطع فتطاولت لَا حزركم هُوَ فحزرته كربضة العنز وَنحن أَربع عشرَة مائَة فأكلنا حَتَّى شبعنا جَمِيعًا ثمَّ حشونا جرباننا ثمَّ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم هَل من وضوء فجَاء رجل بأداوة لَهُ فِيهَا نُطْفَة فأفرغها فِي قدح فتوضأنا كلنا ندغفقه دغفقة أَربع عشرَة مائَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن شهَاب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما رَجَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من الْحُدَيْبِيَة كَلمه بعض أَصْحَابه فَقَالُوا جهدنا وَفِي النَّاس ظهر فانحره لنا فنأكل من لحومه وندهن من شحومه ونحتذي من جلوده فَقَالَ عمر بن الْخطاب لَا تفعل يَا رَسُول اللّه فَإِن النَّاس إِن يكن مَعَهم بَقِيَّة ظهرا أمثل فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ابسطوا انطاعكم وعباءكم فَفَعَلُوا ثمَّ قَالَ من كَانَ عِنْده بَقِيَّة من زَاد وَطَعَام فلينثره ودعا لَهُم ثمَّ قَالَ لَهُم قربوا أوعيتكم فَأخذُوا مَا شَاءَ اللّه

وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَصَححهُ الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي عمْرَة الانصاري قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة فَأصَاب النَّاس مَخْمَصَة فاستأذنوه فِي نحر ظُهُورهمْ فَقَالَ عمر يَا رَسُول اللّه كَيفَ بِنَا إِذا نَحن لَقينَا الْعَدو غَدا جياعا رجَالًا وَلَكِن إِن رَأَيْت ان تَدْعُو النَّاس ببقايا أَزْوَادهم فتجمعها ثمَّ تَدْعُو اللّه فِيهَا بِالْبركَةِ فَإِن اللّه سيبلغنا بدعوتك فَدَعَا النَّاس ببقايا أَزْوَادهم فَجعل النَّاس يجيئون بِالْحَفْنَةِ من الطَّعَام وَفَوق ذَلِك فَكَانَ أعلاهم من جَاءَ بِصَاع تمر فجمعها ثمَّ قَامَ فَدَعَا بِمَا شَاءَ اللّه ان يَدْعُو ثمَّ دَعَا الْجَيْش بِأَوْعِيَتِهِمْ ثمَّ أَمرهم أَن يحتثوا فَمَا بَقِي فِي الْجَيْش وعَاء إِلَّا ملأوه وَبَقِي مثله فَضَحِك رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بَدَت

نَوَاجِذه وَقَالَ اشْهَدْ ان لَا إِلَه إِلَّا اللّه وَأَنِّي رَسُول اللّه لَا يلقى اللّه عبد مُؤمن بهما إِلَّا حجب عَن النَّار

وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي خُنَيْس الْغِفَارِيّ قَالَ خرجت مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تهَامَة حَتَّى إِذا كُنَّا بعسفان جَاءَ أَصْحَابه فَقَالُوا أجهدنا الْجُوع فَأذن لنا فِي الظّهْر نأكله قَالَ عمر يَا رَسُول اللّه إِن اكلوا الظّهْر فعلى مَاذَا يركبون وَلَكِن تَأْمُرهُمْ يجمعوا فضل أَزْوَادهم فِي ثوب ثمَّ تَدْعُو اللّه لَهُم فَأَمرهمْ فَجمعُوا ثمَّ دَعَا ثمَّ قَالَ إئتوني بأوعيتكم فَمَلَأ كل انسان وعاءه

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لما نزل الْحُدَيْبِيَة أرسل عُثْمَان إِلَى قُرَيْش فَقَالَ اخبرهم انا لم نأت لقِتَال وَإِنَّمَا جِئْنَا عمارا وادعهم إِلَى الاسلام وَأمره ان يَأْتِي رجَالًا مُؤمنين بِمَكَّة وَنسَاء مؤمنات فَيدْخل عَلَيْهِم ويبشرهم بِالْفَتْح ويخبرهم ان اللّه وشيك ان يظْهر دينه بِمَكَّة حَتَّى لَا يستخفي فِيهَا بالايمان فَانْطَلق إِلَى قُرَيْش فَأخْبرهُم فَأَبَوا وراموا الْقِتَال ودعا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْبيعَة ونادى مُنَاد أَلا ان روح الْقُدس قد نزل على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْبيعَة فَبَايعهُ الْمُسلمُونَ على ان لَا يَفروا أبدا فرعب اللّه الْمُشْركين فأرسلوا من كَانُوا ارتهنوا من الْمُسلمين ودعوا إِلَى الْمُوَادَعَة وَالصُّلْح وَقَالَ الْمُسلمُونَ وهم بِالْحُدَيْبِية قبل ان يرجع عُثْمَان خلص عُثْمَان إِلَى الْبَيْت فَطَافَ بِهِ فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَا اظنه طَاف بِالْبَيْتِ وَنحن محصورون فَرجع عُثْمَان فَقَالُوا لَهُ طفت بِالْبَيْتِ قَالَ بئْسَمَا ظننتم بِي فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو مكثت بهَا مُقيما سنة وَرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مُقيم بِالْحُدَيْبِية مَا طفت بهَا حَتَّى يطوف بهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَلَقَد دعتني قُرَيْش إِلَى الطّواف بِالْبَيْتِ فأبيت فَقَالَ الْمُسلمُونَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أعلمنَا بِاللّه وأحسنا ظنا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي يزِيد بن سُفْيَان عَن مُحَمَّد بن كَعْب ان كَاتب رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لهَذَا الصُّلْح كَانَ عَليّ بن أبي طَالب فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أكتب هَذَا مَا صَالح عَلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد اللّه سُهَيْل بن عَمْرو فَجعل عَليّ

يتلكأ ويأبى ان يكْتب إِلَّا مُحَمَّد رَسُول اللّه فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اكْتُبْ فان لَك مثلهَا تعطيها وَأَنت مضطهد

وَأخرج ابْن سعد عَن مجمع بن يَعْقُوب عَن أَبِيه قَالَ لما صدر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه حَلقُوا بِالْحُدَيْبِية ونحروا فَبعث اللّه ريحًا عاصفا فاحتملت اشعارهم فالقتها فِي الْحرم

وَأخرج احْمَد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نحر يَوْم الْحُدَيْبِيَة سَبْعُونَ بَدَنَة فَلَمَّا صدت عَن الْبَيْت حنت كَمَا تحن إِلَى اولادها

وَأخرج الْوَاقِدِيّ عَن عبد اللّه بن ابي بكر بن حزم قَالَ كَانَ حويطب بن عبد الْعزي يَقُول انصرفت من صلح الْحُدَيْبِيَة وانا مستيقن ان مُحَمَّدًا سَيظْهر

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ لما أقبل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من الْحُدَيْبِيَة عرسنا لَيْلَة فَقَالَ من يحرسنا فَقلت أَنا فَقَالَ انك تنام ثمَّ قَالَ من يحرسنا فَقلت أَنا فَقَالَ فَأَنت فحرستهم حَتَّى إِذا كَانَ وَجه الصُّبْح أدركني قَول رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِنَّك تنام فَنمت فَمَا استيقظت إِلَّا بالشمس فَلَمَّا استيقظنا قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِن اللّه لَو شَاءَ ان لَا تناموا عَنْهَا لم تناموا وَلكنه اراد ان يكون ذَلِك لمن بعدكم ثمَّ قَامَ فَصنعَ كَمَا كَانَ يصنع ثمَّ قَالَ هَكَذَا لمن نَام من أمتِي ثمَّ ذهب الْقَوْم فِي طلب رواحلهم فجاؤوا بِهن غير رَاحِلَة رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أذهب هَهُنَا فَذَهَبت حَيْثُ وجهني فَوجدت زمامها قد التوى بشجرة فَجئْت بهَا فَقلت يَا رَسُول اللّه وجدت زمامها قد التوى بشجرة مَا كَانَت تحلها إِلَّا يَد

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مجمع بن جَارِيَة قَالَ شَهِدنَا الْحُدَيْبِيَة فَلَمَّا انصرفنا عَنْهَا نزل على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بكراع الغميم {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} فَقَالَ رجل

يَا رَسُول اللّه أَو فتح هُوَ قَالَ أَي وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ انه لفتح ثمَّ قسمت خَيْبَر على اهل الْحُدَيْبِيَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى فِي قَوْله تَعَالَى {وأثابهم فتحا قَرِيبا} قَالَ خَيْبَر وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا قَالَ فَارس وَالروم

واخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ أرِي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِالْحُدَيْبِية انه يدْخل مَكَّة هُوَ وَأَصْحَابه آمِنين مُحَلِّقِينَ رؤوسهم وَمُقَصِّرِينَ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه حِين نحرُوا بِالْحُدَيْبِية أَيْن رُؤْيَاك يَا رَسُول اللّه فَأنْزل اللّه لقد صدق اللّه وَرَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ إِلَى قَوْله {فتحا قَرِيبا} فَرَجَعُوا ففتحوا خَيْبَر ثمَّ اعْتَمر بعد ذَلِك فَكَانَ تَصْدِيق رُؤْيَاهُ فِي السّنة الْمُقبلَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة فِي قصَّة أبي جندل قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اللّهمَّ اشْدُد وطأتك على مُضر مثل سني يُوسُف فجهدوا حَتَّى اكلوا العلهز وَقدم ابو سُفْيَان على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَشَكا إِلَيْهِ الْجُوع

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا صلى الْعشَاء الْآخِرَة قنت فِي الرَّكْعَة الاخيرة يَقُول اللّهمَّ نج الْوَلِيد بن الْوَلِيد اللّهمَّ نج سَلمَة ابْن هِشَام اللّهمَّ نج عَيَّاش بن أبي ربيعَة اللّهمَّ نج الْمُسْتَضْعَفِينَ من الْمُؤمنِينَ اللّهمَّ اشْدُد وطأتك على مُضر اللّهمَّ اجْعَلْهَا سِنِين مثل سني يُوسُف فَأَكَلُوا العلهز ثمَّ لم يزل يَدْعُو للمستضعفين حَتَّى نجاهم اللّه ثمَّ ترك الدُّعَاء لَهُم

وَأخرج الْهَيْثَم بن عدي فِي الْأَخْبَار عَن سعيد بن الْعَاصِ قَالَ لما قتل ابي الْعَاصِ يَوْم بدر كنت فِي حجر عمي أبان بن سعيد فَخرج تَاجر إِلَى الشَّام فَمَكثَ سنة ثمَّ قدم وَكَانَ يكثر السب للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأول شَيْء سَالَ عَنهُ أَن قَالَ مَا فعل مُحَمَّد فَقَالَ

لَهُ عمي عبد اللّه هُوَ وَاللّه أعز مَا كَانَ وَأَعلاهُ امرا فَسكت أبان وَلم يسبه كَمَا كَانَ يسبه ثمَّ صنع طَعَاما وَأرْسل إِلَى سراة بني أُميَّة فَقَالَ لَهُم إِنِّي كنت بقرية فَرَأَيْت بهَا رَاهِبًا يُقَال لَهُ بكا لم ينزل إِلَى الأَرْض اربعين سنة فَنزل يَوْمًا فَاجْتمعُوا ينظرُونَ إِلَيْهِ فَجئْت فَقلت إِن لي حَاجَة فَخَلا بِي فَقلت إِنِّي من قُرَيْش وَأَن رجلا منا خرج يزْعم ان اللّه أرْسلهُ قَالَ مَا اسْمه قلت مُحَمَّد قَالَ مُنْذُ كم خرج قلت عشْرين سنة قَالَ أَلا اصفه لَك قلت بلَى فوصفه فَمَا أَخطَأ من صفته شَيْئا ثمَّ قَالَ لي هُوَ وَاللّه نَبِي هَذِه الْأمة وَاللّه لَيظْهرَن ثمَّ دخل صومعته وَقَالَ لي اقْرَأ عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ ذَلِك فِي زمن الْحُدَيْبِيَة

قصَّة إِسْلَام خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي اللّه عَنهُ

وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن خَالِد بن الْوَلِيد قَالَ لما أَرَادَ اللّه عز وَجل مَا أَرَادَ من الْخَيْر قذف فِي قلبِي الاسلام وحضرني رشدي وَقلت قد شهِدت هَذِه المواطن كلهَا على مُحَمَّد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَلَيْسَ موطن أشهده إِلَّا أنصرف وَأَنا أرى فِي نَفسِي أَنِّي مَوضِع فِي غير شَيْء وَأَن مُحَمَّدًا سَيظْهر فَلَمَّا خرج رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْحُدَيْبِيَة خرجت فِي خيل الْمُشْركين فَلَقِيت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي أَصْحَابه بعسفان فَقُمْت بإزائه وتعرضت لَهُ فصلى بِأَصْحَابِهِ الظّهْر امامنا فهممنا ان نغير عَلَيْهِ ثمَّ لم يعزم لنا وَكَانَت فِيهِ خيرة فَأطلع على مَا فِي انفسنا من الهموم بِهِ فصلى أَصْحَابه صَلَاة الْعَصْر صَلَاة الْخَوْف فَوَقع ذَلِك منا موقعا وَقلت الرجل مَمْنُوع فافترقنا وَعدل عَن سنَن خَيْلنَا وَأخذت ذَات الْيَمين فَلَمَّا صَالح قُريْشًا بِالْحُدَيْبِية ودافعه قُرَيْش بِالرَّاحِ قلت فِي نَفسِي أَي شَيْء بَقِي أَيْن الْمَذْهَب الى النَّجَاشِيّ فقد اتبع مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه عِنْده آمنون فَأخْرج إِلَى هِرقل فَاخْرُج من ديني الى نَصْرَانِيَّة اَوْ يَهُودِيَّة فأقيم مَعَ عجم تَابعا لَهُم مَعَ عيب ذَلِك عَليّ اَوْ أقيم فِي دَاري فِيمَن بَقِي فَأَنا على ذَلِك إِذْ دخل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي عمْرَة الْقَضِيَّة فطلبني فَلم يجدني وَكتب إِلَيّ

كتابا فَإِذا فِيهِ بِسم اللّه الرَّحْمَن الرَّحِيم اما بعد فَإِنِّي لم أر أعجب من ذهَاب رَأْيك عَن الاسلام وعقلك عقلك وَمثل الْإِسْلَام يجهله اُحْدُ قد سَأَلَني عَنْك رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ايْنَ خَالِد فَقلت يَأْتِي اللّه بِهِ فَقَالَ مَا مثله جهل الْإِسْلَام وَلَو كَانَ يَجْعَل نكايته وَحده مَعَ الْمُسلمين على الْمُشْركين كَانَ خيرا لَهُ ولقدمناه على غَيره فاستدرك يَا أخي مَا قد فاتك وَلَقَد فاتتك مَوَاطِن صَالِحَة فَلَمَّا جَاءَنِي كِتَابه نشطت لِلْخُرُوجِ وَزَادَنِي رَغْبَة فِي الْإِسْلَام وسرني مقَالَة رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأرى فِي الْمَنَام كَأَنِّي فِي بِلَاد ضيقَة جدبة فَخرجت إِلَى بِلَاد خضراء وَاسِعَة قلت إِن هَذِه لرؤيا فَلَمَّا قدمنَا الْمَدِينَة قلت لأذكرنها لأبي بكر فَذَكرتهَا لَهُ فَقَالَ هُوَ مخرجك الَّذِي هداك اللّه للاسلام والضيق الَّذِي كنت فِيهِ الشّرك فَلَمَّا أَجمعت الْخُرُوج إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قلت من أصَاحب إِلَى مُحَمَّد فَلَقِيت صَفْوَان بن أُميَّة فَقلت يَا ابا وهب اما لرأي إِلَى مَا نَحن فِيهِ إِنَّمَا نَحن كأضراس وَقد ظهر مُحَمَّد على الْعَرَب والعجم فَلَو قدمنَا على مُحَمَّد فاتبعناه فان شرف مُحَمَّد لنا شرف فَأبى أَشد الإباء وَقَالَ لَو لم يبْق غَيْرِي مَا اتبعته ابدا فافترقنا وَقلت هَذَا رجل قتل اخوه وَأَبوهُ ببدر فَلَقِيت عِكْرِمَة بن أبي جهل فَقلت لَهُ مثل مَا قلت لِصَفْوَان بن امية فَقَالَ لي مثل مَا قَالَ صَفْوَان فَقلت فاكتم ذكر مَا قلت لَك قَالَ لَا اذكره قَالَ فَخرجت إِلَى منزلي فَأمرت براحلتي تخرج إِلَى أَن القى عُثْمَان بن طَلْحَة فَقلت إِن هَذَا لي صديق فَلَو ذكرت لَهُ مَا أَرْجُو ثمَّ ذكرت من قتل آبَائِهِ فَكرِهت ان اذكره فَقلت وَمَا عَليّ وَأَنا راحل من سَاعَتِي فَذكرت لَهُ مَا صَار الْأَمر إِلَيْهِ فَقلت إِنَّمَا نَحن بِمَنْزِلَة ثَعْلَب فِي جُحر لَو صوب فِيهِ ذنُوب من مَاء خرج وَقلت لَهُ نَحوا مِمَّا قلت لصاحبي فأسرع الاجابة وَقَالَ إِنِّي عدوت الْيَوْم وَأَنا اريد ان اغدو وَهَذِه رَاحِلَتي بفج مناخة قَالَ فاتعدت أَنا وَهُوَ بيأجج إِن سبقني أَقَامَ وَإِن سبقته أَقمت عَلَيْهِ قَالَ فادلجنا سحرًا فَلم يطلع الفجو حَتَّى الْتَقَيْنَا بيأجج

فغدونا حَتَّى انتهينا إِلَى الهدة فنجد عَمْرو بن الْعَاصِ بهَا فَقَالَ مرْحَبًا بالقوم فَقُلْنَا وَبِك قَالَ ايْنَ مسيركم قُلْنَا مَا اخرجك فَقَالَ مَا أخرجكم قُلْنَا الدُّخُول فِي الاسلام وَاتِّبَاع مُحَمَّد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَذَلِكَ الَّذِي أقدمني قَالَ فاصطحبنا جَمِيعًا حَتَّى دَخَلنَا الْمَدِينَة فأنحنا بِظهْر الْحرَّة رِكَابنَا فَأخْبرنَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فسر بِنَا فَلبِست من صَالح ثِيَابِي ثمَّ عَمَدت إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فلقيني أخي فَقَالَ أسْرع فَإِن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قد أخبر بك فسر بقدومكم وَهُوَ ينتظركم فأسرعنا الْمَشْي فأطلعت عَلَيْهِ فَمَا زَالَ يتبسم إِلَيّ حَتَّى وقفت عَلَيْهِ فَسلمت عَلَيْهِ بِالنُّبُوَّةِ فَرد عَليّ السَّلَام بِوَجْه طلق فَقلت إِنِّي أشهد ان لَا إِلَه إِلَّا اللّه وانك رَسُول اللّه فَقَالَ الْحَمد للّه الَّذِي هداك قد كنت أرى لَك عقلا رَجَوْت ان لَا يسلمك إِلَّا إِلَى خير قلت يَا رَسُول اللّه قد رَأَيْت مَا كنت اشْهَدْ من تِلْكَ المواطن عَلَيْك فَادع اللّه يغفرها لي فَقَالَ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الاسلام يجب مَا كَانَ قبله

وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ خرج رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي عزاة فلقي الْمُشْركين بعسفان فَلَمَّا صلى الظّهْر فراوه يرجع وَيسْجد هُوَ وَأَصْحَابه قَالَ بَعضهم لبَعض كَانَ هَذِه فرْصَة لكم لَو أَغَرْتُم مَا علمُوا بكم حَتَّى تُوَاقِعُوهُمْ فَقَالَ قَائِل مِنْهُم فان لَهُم صَلَاة أُخْرَى هِيَ أحب اليهم من أهلهم وَأَمْوَالهمْ فَاسْتَعدوا حَتَّى تغيرُوا عَلَيْهِم فَأنْزل اللّه وَإِذا كنت فهيم فأقمت لَهُم الصَّلَاة الْآيَة وأعلمه مَا ائتمر بِهِ الْمُشْركُونَ فَلَمَّا صلى الْعَصْر وَكَانُوا قبالته فِي الْقبْلَة جعل الْمُسلمين خلفة صفّين وَصلى صَلَاة الْخَوْف فَلَمَّا نظر اليهم الْمُشْركُونَ يسْجد بَعضهم وَيقوم بَعضهم ينظر إِلَيْهِم قَالُوا لقد اخبروا بِمَا أردنَا بهم

وَأخرج الخرائطي فِي الهواتف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما توجه رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يُرِيد مَكَّة عَام الْحُدَيْبِيَة صرخَ صارخ من اعلى جبل أبي قبيس لَيْلَة أَمر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه بِالْمَسِيرِ بِصَوْت اسْمَع اهل مَكَّة

(هبوا فساحركم منا صحابته ... سِيرُوا إِلَيْهِ وَكُونُوا معشرا كرما)

(بعد الطّواف وَبعد السَّعْي فِي مهل ... وان يجوزهم من مَكَّة الحرما)

(شَاهَت وُجُوهكُم من معشر نكل ... لَا تنْصرُونَ إِذا مَا حَاربُوا صنما)

فَاجْتمع الْمُشْركُونَ وتعاقدوا ان لَا يدْخل عَلَيْهِم بِمَكَّة فِي عَامهمْ هَذَا فَبلغ ذَلِك رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ هَذَا الْهَاتِف سلفع شَيْطَان الْأَصْنَام يُوشك ان يقْتله اللّه إِن شَاءَ اللّه فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ سمعُوا من أَعلَى الْجَبَل صَوتا وَهُوَ يَقُول

(شَاهَت وُجُوه رجال حالفوا صنما ... وخاب سَعْيهمْ مَا أقصر الهمما)

(إِنِّي قتلت عَدو اللّه سلفعة ... شَيْطَان أوثانكم سحقا لمن ظلما)

(وَقد أَتَاكُم رَسُول اللّه فِي نفر ... وَكلهمْ محرم لَا يسفكون دَمًا)

بَاب مَا وَقع فِي عزوة ذِي قرد من الْآيَات والمعجزات

أخرج مُسلم عَن سَلمَة بن الاكوع قَالَ اخذت لقاح رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ وَفِيه فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِنَّهُم يقرونَ الْآن بِأَرْض غطفان فجَاء رجل من غطفان فَقَالَ مروا على فلَان الْغَطَفَانِي فَنحر لَهُم جزورا

وَأخرج مُسلم عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ إِن الْمُشْركين أَغَارُوا على سرح الْمَدِينَة فَذَهَبُوا وَكَانَت العضباء فِي ذَلِك السَّرْح وأسروا امْرَأَة من الْمُسلمين فَقَامَتْ الْمَرْأَة ذَات لَيْلَة بَعْدَمَا نَامُوا وَكَانَت كلما وضعت يَدهَا على بعير رغا حَتَّى أَتَت على العضباء فَأَتَت على نَاقَة ذَلُول فركبتها ثمَّ وجهتها قبل الْمَدِينَة فَقدمت

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عبد اللّه بن أبي قَتَادَة أَن أَبَا قَتَادَة اشْترى فرسا من دَوَاب دخلت الْمَدِينَة فَلَقِيَهُ مسْعدَة الْفَزارِيّ فَقَالَ يَا أَبَا قَتَادَة مَا هَذَا الْفرس فَقَالَ أَبُو قَتَادَة فرس أردْت ان أربطها مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا أَهْون قتلكم

وَأَشد حركم قَالَ أَبُو قَتَادَة أما أَنِّي أسأَل اللّه ان القينك وَأَنا عَلَيْهَا قَالَ آمين فَبينا ابو قَتَادَة ذَات يَوْم يعلف فرسه تَمرا فِي طرف بردته إِذْ رفعت رَأسهَا وصرت أذنيها فَقَالَ احْلِف بِاللّه لقد حست برِيح خيل فَقَالَت لَهُ امهِ وَاللّه يَا بني مَا كُنَّا بنوام فِي الْجَاهِلِيَّة فَكيف حِين جَاءَ بِمُحَمد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رفعت الْفرس أَيْضا رَأسهَا وصرت أذنيها فَقَالَ احْلِف بِاللّه لقد حست برِيح خيل فأسرجها وَأخذ سلاحه ثمَّ نَهَضَ فَلَقِيَهُ رجل فَقَالَ أخذت اللقَاح وَقد ذهب النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي طلبَهَا وَأَصْحَابه فَسَار فلقي النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ امْضِ يَا أَبَا قَتَادَة صحبك اللّه قَالَ فَخرجت فَإِذا بالنياق تحادي وهجمت على الْعَسْكَر فرميت بسمهم فِي جبهتي فنزعت قدحه وَأَنا أَظن اني نزعت الحديدة فطلع عَليّ فَارس فاره على وَجهه مغفر فَقَالَ لقد لقانيك اللّه يَا أَبَا قَتَادَة وكشف عَن وَجهه فَإِذا مسْعدَة الْفَزارِيّ فَقَالَ أَيّمَا احب اليك مجالدة اَوْ مطاعنة اَوْ مصارعة فَقلت ذَاك إِلَيْك فَقَالَ صراع فَنزل عَن دَابَّته وَنزلت عَن دَابَّتي ثمَّ تواثبنا فَإِذا انا على صَدره فَضربت بيَدي إِلَى سَيْفه فَلَمَّا رأى ان السَّيْف قد وَقع بيَدي قَالَ يَا أَبَا قَتَادَة استحيني قلت لَا وَاللّه قَالَ فَمن للصبية قلت النَّار ثمَّ قتلته وأدرجته فِي بردي ثمَّ أخدت ثِيَابه فلبستها وَأخذت سلاحه ثمَّ استويت على فرسه وَكَانَت فرسي نفرت حِين تعالجنا فَرَجَعت رَاجِعَة إِلَى الْعَسْكَر فعرفوها ثمَّ مضيت فَأَشْرَفت على ابْن اخيه وَهُوَ فِي سَبْعَة عشر فَارِسًا فطعنت ابْن اخيه طعنة دققت صلبه فانكشف من مَعَه وحبست اللقَاح برمحي وَأَقْبل النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى مَوضِع الْعَسْكَر إِذا بفرس أبي قَتَادَة وَقد عرقبت فَقَالَ رجل يَا رَسُول اللّه عرقبت فرس أبي قَتَادَة فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَيْح امك رب عَدو لَك فِي الْحَرْب مرَّتَيْنِ ثمَّ اقبل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه حَتَّى انتهو إِلَى الْموضع الَّذِي تعالجنا فِيهِ إِذا هم بِرَجُل مسجى فِي ثِيَاب أبي قَتَادَة فَقَالَ رجل يَا رَسُول اللّه اسْتشْهد ابو قَتَادَة فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم رحم اللّه ابا قَتَادَة وَالَّذِي اكرمني بِمَا اكرمني بِهِ إِن أَبَا قَتَادَة على آثَار الْقَوْم يرتجز فَخرج عمر بن الْخطاب وَأَبُو بكر الصّديق يسْعَى حَتَّى كشف الثَّوْب

فَإِذا وَجه مسْعدَة فَقَالَ اللّه اكبر صدق اللّه وَرَسُوله وأطلعت احوش اللقَاح فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَفْلح وَجهك أَبَا قَتَادَة سيد الفرسان بَارك اللّه فِيك وَفِي ولدك وَفِي ولد ولدك مَا هَذَا بِوَجْهِك قلت سهم أصابني فَقَالَ ادن مني فَنزع النصل نزعا رَفِيقًا ثمَّ بزق فِيهِ وَوضع رَاحَته عَلَيْهِ فوالذي اكرمه بِالنُّبُوَّةِ مَا ضرب عَليّ سَاعَة قطّ وَلَا قرح عَليّ

وَأخرج ابْن سعد عَن صَالح بن كيسَان قَالَ قَالَ مُحرز بن نَضْلَة رَأَيْت سَمَاء الدُّنْيَا أفرجت لي حَتَّى دَخَلتهَا حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة ثمَّ انْتَهَيْت إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فَقيل لي هَذَا مَنْزِلك فعرضتها على أبي بكر الصّديق رَضِي اللّه عَنهُ وَكَانَ أعبر النَّاس فَقَالَ اُبْشُرْ بِالشَّهَادَةِ فَقتل بعد ذَلِك بِيَوْم فِي غَزْوَة ذِي قرد

وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق عبد اللّه بن أبي قَتَادَة عَن أَبِيه قَالَ أدركني رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم ذِي قرد فَنظر إِلَيّ وَقَالَ اللّهمَّ بَارك لَهُ فِي شعره وبشره وَقَالَ افلح وَجهك قتلت مسْعدَة قلت نعم قَالَ فَمَا هَذَا الَّذِي بِوَجْهِك قلت سهم رميت بِهِ قَالَ فادن مني فدنوت مِنْهُ فبصق عَلَيْهِ فَمَا ضرب عَليّ قطّ وَلَا قاح وَمَات ابو قَتَادَة وَهُوَ ابْن سبعين سنة وَكَأَنَّهُ ابْن خَمْسَة عشر سنة

وَأخرج الزبير بن بكار قَالَ حَدثنِي ابراهيم بن حَمْزَة بن ابراهيم بن بسطاس عَن مُحَمَّد بن ابراهيم بن الْحَارِث قَالَ مر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة ذِي قرد على مَاء يُقَال لَهُ بيسان فَسَأَلَ عَنهُ فَقيل اسْمه يَا رَسُول اللّه بيسان وَهُوَ مالح فَقَالَ بل هُوَ نعْمَان وَهُوَ طيب فَغير رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الِاسْم وَغير اللّه تَعَالَى المَاء فَاشْتَرَاهُ طَلْحَة فَتصدق بِهِ

بَاب مَا وَقع فِي غَزْوَة خَيْبَر من الْآيَات والمعجزات

أخرج الشَّيْخَانِ عَن سَلمَة بن الاكوع قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى خَيْبَر فسرنا لَيْلًا فَقَالَ رجل من الْقَوْم لعامر بن الْأَكْوَع الا تسمعنا من هنيهاتك وَكَانَ عَامر رجلا شَاعِرًا فَنزل يَحْدُو بالقوم يَقُول

(اللّهمَّ لَوْلَا أَنْت مَا اهتدينا ... وَلَا تصدقنا وَلَا صلينَا)

(فَاغْفِر فدَاء لَك مَا اقتفينا ... وَثَبت الْأَقْدَام إِن لاقينا)

فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من هَذَا السَّائِق قَالُوا عَامر قَالَ يرحمه اللّه قَالَ رجل من الْقَوْم وَجَبت يَا رَسُول اللّه هلا امتعتنا بِهِ قَالَ فَلَمَّا تصاف الْقَوْم تنَاول عَامر سَيْفه ليضْرب بِهِ سَاق يَهُودِيّ وَيرجع ذُبَاب سَيْفه فَأصَاب ركبته فَمَاتَ مِنْهُ

وَأخرجه مُسلم من وَجه آخر وَفِيه فَقَالَ من هَذَا الْقَائِل قَالُوا عَامر قَالَ غفر لَك رَبك قَالَ وَمَا خص رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قطّ أحدا إِلَّا اسْتشْهد فَقَالَ عمر لَوْلَا متعتنا بعامر وَفِي لفظ وَمَا اسْتغْفر لانسان يَخُصُّهُ قطّ إِلَّا اسْتشْهد

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن سهل بن سعد ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم خَيْبَر لَأُعْطيَن هَذِه الرَّايَة غَدا رجلا يفتح اللّه على يَدَيْهِ فَلَمَّا أصبح قَالَ أَيْن عَليّ بن أبي طَالب قَالُوا يشتكي عَيْنَيْهِ قَالَ فارسلوا إِلَيْهِ فَأتي بِهِ فبصق رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي عَيْنَيْهِ ودعا لَهُ فبرأ حَتَّى كَأَن لم يكن بِهِ وجع

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن سَلمَة بن الاكوع قَالَ كَانَ عَليّ تخلف عَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي خَيْبَر وَكَانَ رمدا فَقَالَ انا اتخلف عَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَخرج فلحق بِهِ فَلَمَّا كَانَ مسَاء اللَّيْلَة الَّتِي فتح اللّه فِي صباحها قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَأُعْطيَن الرَّايَة غَدا

رجلا يُحِبهُ اللّه وَرَسُوله يفتح اللّه عَلَيْهِ فَإِذا نَحن بعلي وَمَا نرجوه فَقَالُوا هَذَا عَليّ فَأعْطَاهُ الرَّايَة فَفتح اللّه عَلَيْهِ

واخرج مُسلم من وَجه آخر عَن سَلمَة وَذكر قَوْله فبصق فِي عَيْنَيْهِ فبرأ

وَأخرجه الْحَارِث وابو نعيم من وَجه آخر عَن سَلمَة وَزَاد فَأخذ الرَّايَة فَخرج بهَا حَتَّى ركزها تَحت الْحصن فَأطلع اليه يَهُودِيّ من رَأس الْحصن فَقَالَ من أَنْت قَالَ عَليّ فَقَالَ الْيَهُودِيّ علوتم وَمَا انْزِلْ على مُوسَى فَمَا رَجَعَ حَتَّى فتح اللّه على يَدَيْهِ قَالَ أَبُو نعيم فِيهِ دلَالَة على مَا تقدم علم الْيَهُود من كتبهمْ بتوجيه من وَجه إِلَيْهِم وَيكون الْفَتْح على يَدَيْهِ

ووردت الْقِصَّة أَيْضا من حَدِيث ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَسعد بن أبي وَقاص وَأبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ وَعمْرَان بن حُصَيْن وَجَابِر وَأبي ليلى الْأنْصَارِيّ أخرجهَا كلهَا أَبُو نعيم وَفِي جَمِيعهَا قصَّة التفل فِي الْعين وبرئها

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وابو نعيم عَن بُرَيْدَة ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي خَيْبَر لَأُعْطيَن الرَّايَة غَدا رجلا يحب اللّه وَرَسُوله يَأْخُذهَا عنْوَة وَلَيْسَ ثمَّ عَليّ فتطاولت لَهَا قُرَيْش وَجَاء عَليّ على بعير لَهُ وَهُوَ أرمد قَالَ أدن مني فتفل فِي عَيْنَيْهِ فَمَا وجعها حَتَّى مضى لسبيله ثمَّ اعطاه الرَّايَة

وَأخرج أَحْمد وابو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عَليّ قَالَ مَا رمدت وَلَا صدعت مُنْذُ تفل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي عَيْني يَوْم خَيْبَر

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ كَانَ عَليّ يلبس فِي الْحر الشَّديد القباء المشحو الثخين وَمَا يُبَالِي بِالْحرِّ ويلبس فِي الْبرد الشَّديد الثَّوْبَيْنِ الخفيفين وَمَا يُبَالِي بالبرد فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي خَيْبَر لَأُعْطيَن الرَّايَة غَدا رجلا يحب اللّه وَرَسُوله يفتح عَلَيْهِ فدعاني فَأَعْطَانِي ثمَّ قَالَ اللّهمَّ اكفه الْحر وَالْبرد فَمَا وجدت بعد ذَلِك بردا وَلَا حرا

وَأخرج أَبُو نعيم عَن شبْرمَة بن الطُّفَيْل قَالَ رَأَيْت عليا بِذِي قار عَلَيْهِ إِزَار ورداء وَهُوَ يهنأ بَعِيرًا لَهُ فِي يَوْم شَدِيد الْبرد وَأَن جَبهته لترشح عرقا

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن سُوَيْد بن غَفلَة قَالَ لَقينَا عليا وَعَلِيهِ ثَوْبَان فِي الشتَاء فَقُلْنَا لَا تغتر فأرضنا هَذِه مقرة لَيست مثل أَرْضك قَالَ فَإِنِّي كنت مقرورا فَلَمَّا بَعَثَنِي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى خَيْبَر قلت إِنِّي ارمد فتفل فِي عَيْني فَمَا وجدت حرا وَلَا بردا وَلَا رمدت عَيْنَايَ

وَأخرج ابْن اسحاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ خرج مرحب من حصن خَيْبَر وَقَالَ من يبارزنا فَقَالَ مُحَمَّد بن مسلمة أَنا فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قُم إِلَيْهِ اللّهمَّ اعنه عَلَيْهِ فبرز إِلَيْهِ فَقتله

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة وَمن طَرِيق عُرْوَة قَالَ جَاءَ عبد حبشِي اسود من اهل خَيْبَر كَانَ فِي غنم لسَيِّده فَقَالَ ان اسلمت مَاذَا لي قَالَ الْجنَّة فَأسلم ثمَّ قَالَ يَا نَبِي اللّه إِن هَذِه الْغنم عِنْدِي أَمَانَة قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اخرجها من عسكرنا ثمَّ صَحَّ بهَا وارمها بالحصباء فان اللّه سيؤدي عَنْك أمانتك فَفعل فَرَجَعت الْغنم إِلَى سَيِّدهَا فَعرف الْيَهُودِيّ ان غُلَامه أسلم وَقتل العَبْد الاسود فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لقد اكرم اللّه هَذَا العَبْد وَسَاقه إِلَى خير قد كَانَ الاسلام من نَفسه حَقًا وَقد رَأَيْت عِنْد رَأسه اثْنَتَيْنِ من الْحور الْعين

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ خرجت سَرِيَّة فِي غَزْوَة خَيْبَر فَأخذُوا انسانا مَعَه غنم يرعاها فجاؤوا بِهِ إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنِّي قد آمَنت بك وَبِمَا جِئْت بِهِ فَكيف بالغنم فانها أَمَانَة وَهِي للنَّاس الشَّاة والشاتان واكثر من ذَلِك قَالَ احصب وجوهها ترجع إِلَى أَهلهَا فَأخذ قَبْضَة من حَصْبَاء فَرمى بهَا وجوهها فَخرجت تشتد حَتَّى دخلت كل شَاة أَهلهَا ثمَّ تقدم إِلَى الصَّفّ فَأَصَابَهُ سهم فَقتله وَلم يصل للّه سَجْدَة فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِن عِنْده لزوجتين لَهُ من الْحور الْعين

وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن شَدَّاد بن الْهَاد أَن رجلا من الْأَعْرَاب آمن وَهَاجَر فَلَمَّا كَانَت غَزْوَة خَيْبَر غنم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا فَقَسمهُ فَأعْطَاهُ نصِيبه فَقَالَ مَا على هَذَا اتبعتك وَلَكِن اتبعتك على ان أرمي هَهُنَا وَأَشَارَ إِلَى حلقه بِسَهْم فأموت فَأدْخل الْجنَّة فَقَالَ ان تصدق اللّه يصدقك ثمَّ نهضوا الى قتال الْعَدو فَأَصَابَهُ سهم حَيْثُ أَشَارَ فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم صدق اللّه فَصدقهُ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي عبد اللّه بن ابي بكر بن حزم عَن بعض من اسْلَمْ انهم اتوا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِخَيْبَر فَقَالُوا لقد جهدنا وَمَا أبدينا شَيْء فَقَالَ اللّهمَّ انك قد علمت حَالهم وَلَيْسَت لَهُم قُوَّة وَلَيْسَ بيَدي مَا أعطيهم إِيَّاه فافتح عَلَيْهِم أعظم حصن بهَا عَنى اكثر طَعَاما وودكا فغدا النَّاس فَفتح اللّه عَلَيْهِم حصن الصعب بن معَاذ وَمَا بِخَيْبَر حصن أَكثر طَعَاما وودكا مِنْهُ

وَأخرج ابْن قَانِع وَالْبَغوِيّ وَأَبُو نعيم فِي الصَّحَابَة عَن سعيد بن شييم أحد بني سهم بن مرّة أَن أَبَاهُ حَدثهُ انه كَانَ فِي جَيش عُيَيْنَة بن حصن لما جَاءَ يمد يهود خَيْبَر قَالَ فسمعنا صَوتا فِي عَسْكَر عيينه يَقُول أَيهَا النَّاس أهلكم خولفتم إِلَيْهِم قَالَ فَرَجَعُوا لَا يتناظرون فَلم نر لذَلِك نبأ وَمَا نرَاهُ كَانَ إِلَّا من السَّمَاء

وَقَالَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي مُوسَى بن عمر الْحَارِثِيّ عَن أبي سُفْيَان مُحَمَّد بن سهل بن أبي حثْمَة أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لما قَاتل أهل الشق بِخَيْبَر وَبِه حصون ذَوَات عدد وتحصنوا بحصن النزار وامتنعوا فِيهِ أَشد الِامْتِنَاع حَتَّى اصاب النبل ثِيَاب رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كفا من حَصْبَاء فحصب بِهِ حصنهمْ فَرَجَفَ الْحصن بهم ثمَّ ساخ فِي الأَرْض حَتَّى جَاءَ الْمُسلمُونَ فَأخذُوا اهله أخذا اخرجه الْبَيْهَقِيّ

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن انس ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم صلى الصُّبْح بِغَلَس ثمَّ ركب فَقَالَ اللّه اكبر خربَتْ خَيْبَر إِنَّا إِذا نزلنَا بِسَاحَة قوم فسَاء صباح الْمُنْذرين

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ رأى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِعَين صَفِيَّة خضرَة فَقَالَ مَا هَذِه الخضرة قَالَت كَانَ رَأْسِي فِي حجر ابْن أبي الْحقيق وَأَنا نَائِمَة

فَرَأَيْت كَأَن قمرا وَقع فِي حجري فَأَخْبَرته بذلك فلطمني وَقَالَ تتمنين ملك يثرب

وَأخرج ابْن سعد عَن حميد بن هِلَال قَالَ قَالَت صَفِيَّة رَأَيْت كَأَنِّي وَهَذَا الَّذِي يزْعم ان اللّه أرْسلهُ وَملك يسترنا بجناحه فَردُّوا عَلَيْهَا رؤياها وَقَالُوا لَهَا فِي ذَلِك قولا شَدِيدا

وَأخرج ابو يعلى عَن حميد بن هِلَال أَن صَفِيَّة قَالَت انْتَهَيْت إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَمَا بَين النَّاس أحد اكره إِلَيّ مِنْهُ فَقَالَ إِن قَوْمك صَنَعُوا كَذَا وَكَذَا فَمَا قُمْت من مقعدي وَمَا من النَّاس أحد احب إِلَيّ مِنْهُ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عَاصِم الْأَحول عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ أَو عَن أبي قلَابَة قَالَ لما قدم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر قدم وَالتَّمْر خضرَة فأسرع النَّاس فِيهَا فحموا فشكوا ذَلِك إِلَيْهِ فَأَمرهمْ ان يقرسوا المَاء فِي الشنان ثمَّ يحدرون عَلَيْهِم بَين اذاني الْفجْر ويذكرون اسْم اللّه عَلَيْهِ فَفَعَلُوا فَكَأَنَّمَا نشطوا من عقل

قَالَ الْبَيْهَقِيّ روينَاهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن المرقع عَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَوْصُولا

قلت أخرجه ابو نعيم فِي الْمعرفَة عَن عبد الرَّحْمَن بن المرقع قَالَ لما افتتحت خَيْبَر وَهِي مخضرة من الْفَوَاكِه وَاقع النَّاس الْفَاكِهَة فغشيتهم الْحمى فشكوها إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ بردوا لَهَا المَاء فِي الشنان صبوا عَلَيْكُم بَين الصَّلَاتَيْنِ فَفَعَلُوا فَذَهَبت عَنْهُم الْحمى

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد اللّه بن انيس قَالَ خرجت إِلَى خَيْبَر وَمَعِي زَوْجَتي وَهِي حُبْلَى فنفست فِي الطَّرِيق فَأخْبرت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ انقع لَهَا تَمرا فَإِذا انْعمْ بله فتشربه فَفعلت فَمَا رَأَتْ شَيْئا تكرههُ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه قَالُوا كَانَ أَبُو شتيم الْمُزنِيّ قد أسلم فَحسن إِسْلَامه فَحدث قَالَ لما نفرنا إِلَى أهلنا مَعَ عُيَيْنَة بن حصن رَجَعَ بِنَا عُيَيْنَة فَلَمَّا كَانَ دون خَيْبَر عرسنا من اللَّيْل ففزعنا فَقَالَ عُيَيْنَة أَبْشِرُوا إِنِّي ارى اللَّيْلَة فِي النّوم ان اعطيت ذَا الرَّقَبَة جبلا بِخَيْبَر قد وَاللّه اخذت بِرَقَبَة مُحَمَّد قَالَ فَلَمَّا قدمنَا خَيْبَر قدم عيينه فَوجدَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قد فتح خَيْبَر فَقَالَ عيينه يَا مُحَمَّد أَعْطِنِي مَا غنمت من حلفائي فَإِنِّي انصرفت عَنْك وَعَن قتالك قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كذبت وَلَكِن الصياح الَّذِي سَمِعت أنفرك إِلَى أهلك قَالَ أجدني يَا مُحَمَّد قَالَ لَك ذُو الرَّقَبَة قَالَ عُيَيْنَة مَا ذُو الرَّقَبَة قَالَ الْجَبَل الَّذِي رَأَيْت فِي النّوم أَنَّك أَخَذته فَانْصَرف عُيَيْنَة إِلَى اهله فَجَاءَهُ الْحَارِث بن عَوْف فَقَالَ لَهُ ألم أقل لَك انك تُوضَع فِي غير شَيْء وَاللّه لَيظْهرَن مُحَمَّد على مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب يهود كَانُوا يخبروننا بِهَذَا أشهد لسمعت أَبَا رَافع سَلام بن أبي الْحقيق يَقُول أَنا نحسد مُحَمَّدًا على النُّبُوَّة حَيْثُ خرجت من بني هَارُون هُوَ نَبِي مُرْسل ويهود لَا تطاوعني على هَذَا وَلنَا مِنْهُ ذبحان وَاحِد بِيَثْرِب وَآخر بخيابر قَالَ الْحَارِث قلت لسلام يملك الأَرْض جَمِيعًا قَالَ نعم والتوراة

وَأخرج ابو نعيم من طَرِيق عَلْقَمَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة خَيْبَر فَأَرَادَ ان يتبرز فَقَالَ يَا عبد اللّه انْظُر هَل ترى شَيْئا فَنَظَرت فَإِذا شَجَرَة وَاحِدَة فَأَخْبَرته فَقَالَ لي انْظُر هَل ترى شَيْئا فَنَظَرت شَجَرَة اخرى متباعدة من صاحبتها فَأَخْبَرته فَقَالَ قل لَهما ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يأمركما ان تجتمعا فَقلت لَهما فاجتمعا ثمَّ اتاهما فاستتر بهما ثمَّ قَامَ فَانْطَلَقت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا إِلَى مَكَانهَا

وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما ظهر النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على خَيْبَر صَالحهمْ على ان يخرجُوا بِأَنْفسِهِم وأهليهم لَيْسَ لَهُم بَيْضَاء وَلَا صفراء فَأتي بكنانة وَالربيع فَقَالَ لَهما رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَيْن آنيتكما الَّتِي كُنْتُم تعيرونها اهل مَكَّة قَالَا هربنا فَلم نزل تضعنا أَرض وترفعنا أُخْرَى فأنفقنا كل شَيْء فَقَالَ لَهما إنَّكُمَا إِن كتمتماني شَيْئا

فاطلعت عَلَيْهِ استحللت بِهِ دماءكما وذراريكما قَالَا نعم فَدَعَا رجلا من الْأَنْصَار فَقَالَ اذْهَبْ إِلَى قراح كَذَا وَكَذَا ثمَّ ائْتِ النّخل فَانْظُر نَخْلَة عَن يَمِينك اَوْ عَن يسارك فَانْظُر نَخْلَة مَرْفُوعَة فأتني بِمَا فِيهَا فَانْطَلق فَجَاءَهُ بالآنية وَالْأَمْوَال فَضرب اعناقهما وسبى أهليهما

وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة خَيْبَر من كَانَ مضعفا اَوْ مصعبا فَليرْجع وَأمر مناديا فَنَادَى بذلك فَرجع نَاس وَفِي الْقَوْم رجل على بكر صَعب فَمر من اللَّيْل على سَواد فنفر بِهِ فصرعه فَلَمَّا جيئ بِهِ إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا شَأْن صَاحبكُم فأخبروه قَالَ يَا بِلَال مَا كنت أَذِنت فِي النَّاس من كَانَ مضعفا اَوْ مصعبا فَليرْجع قَالَ بلَى فَأبى ان يصلى عَلَيْهِ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ثَوْبَان ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي مسير لَهُ إِنَّا مدلجون اللَّيْلَة إِن شَاءَ اللّه فَلَا يرحلن مَعنا مضعف وَلَا مُصعب فارتحل رجل على نَاقَة لَهُ صعبة فَسقط فاندقت فَخذه فَمَاتَ فَأمر بِلَالًا فَنَادَى ان الْجنَّة لَا تحل لعاص ثَلَاثًا

وَأخرج ابْن سعد عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم قَالَ كتب إِلَيّ عمر ابْن عبد الْعَزِيز فِي خِلَافَته أَن افحص لي عَن الكثيبة اكانت خمس رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من خَيْبَر ام كَانَت لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة فَسَأَلت عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن فَقَالَت إِن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لما صَالح ابْن أبي الْحقيق جزأ النطاة والشق خَمْسَة أَجزَاء فَكَانَت الكثيبة جزأ مِنْهَا ثمَّ جعل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خمس بعرات وَاعْلَم ان فِي بَعرَة مِنْهَا للّه مَكْتُوبًا ثمَّ قَالَ اللّهمَّ اجْعَل سهمك فِي الكثيبة فَكَانَ أول مَا خرج السهْم الَّذِي مَكْتُوب فِيهِ للّه على الكثيبة فَكَانَت الكثيبة خمس رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت السهْمَان إغفالا لَيْسَ فِيهَا عَلَامَات فَكَانَت فوضى للْمُسلمين على ثَمَانِيَة عشر سَهْما قَالَ أَبُو بكر فَكتبت إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز بذلك

وَأخرج البُخَارِيّ عَن يزِيد بن ابي عبيد قَالَ رَأَيْت أثر ضَرْبَة فِي سَاق سَلمَة ابْن الْأَكْوَع فَقلت مَا هَذِه الضَّرْبَة قَالَ ضَرْبَة أصابتني يَوْم خَيْبَر فَقَالَ النَّاس أُصِيب سَلمَة فَأتيت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فنفث فِيهِ ثَلَاث نفثات فَمَا اشتكيت مِنْهَا حَتَّى السَّاعَة

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن سهل بن سعد ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم التقى هُوَ الْمُشْركُونَ فِي بعض مغازيه فَاقْتَتلُوا فَمَال كل قوم إِلَى عَسْكَرهمْ وَفِي الْمُسلمين رجل لَا يدع للْمُشْرِكين شَاذَّة وَلَا فاذة إِلَّا أتبعهَا يضْربهَا بِسَيْفِهِ فَقيل يَا رَسُول اللّه مَا اجزأ اُحْدُ الْيَوْم مَا احزأ فلَان فَقَالَ اما انه من اهل النَّار فأعظم الْقَوْم ذَلِك فَقَالُوا أَيّنَا من أهل الْجنَّة إِن كَانَ فلَان من اهل النَّار فَقَالَ رجل وَاللّه لَا يَمُوت على هَذِه الْحَالة أبدا فَاتبعهُ كلما اسرع اسرع وَإِذا أَبْطَأَ أَبْطَأَ مَعَه حَتَّى جرح فاشتدت جراحته واستعجل الْمَوْت فَوضع سَيْفه بالارض وذبابه بَين ثدييه ثمَّ تحامل عَلَيْهِ فَقتل نَفسه فجَاء الرجل فَقَالَ اشْهَدْ انك رَسُول اللّه قَالَ وَمَا ذَاك فَأخْبرهُ بِالَّذِي كَانَ من أمره

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ شَهِدنَا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر فَقَالَ لرجل مِمَّن يَدعِي الاسلام هَذَا من اهل النَّار فَلَمَّا حضر الْقِتَال قَاتل الرجل اشد الْقِتَال حَتَّى كثر بِهِ الْجراح فأثبتته فَقيل يَا رَسُول اللّه أَرَأَيْت الرجل الَّذِي ذكرت انه من اهل النَّار قد وَاللّه قَاتل فِي سَبِيل اللّه أَشد الْقِتَال وَكَثُرت بِهِ الْجراح قَالَ أما انه من أهل النَّار فكاد بعض النَّاس يرتاب فَبينا هُوَ على ذَلِك وجد الرجل ألم الْجراح فَأَهوى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَته فاستخرج مِنْهَا سَهْما فانتحر بهَا فَقَالُوا يَا رَسُول اللّه قد صدق اللّه حَدِيثك

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ ان رجلا من اصحاب رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم توفّي يَوْم خَيْبَر فَقَالَ صلوا على صَاحبكُم فتغيرت وُجُوه النَّاس لذَلِك فَقَالَ إِن صَاحبكُم عل فِي سَبِيل اللّه ففتشنا مَتَاعه فَوَجَدنَا خرزا من خرز الْيَهُود لَا تَسَاوِي دِرْهَمَيْنِ

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى خَيْبَر فَلم نغنم فضَّة وَلَا ذَهَبا إِلَّا الثِّيَاب وَالْمَتَاع وَالْأَمْوَال فَوجه رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نَحْو وَادي الْقرى وَقد أهدي لَهُ عبد أسود يُقَال لَهُ مدعم فَبَيْنَمَا هُوَ يحط رَحل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِذْ جَاءَهُ سهم فَقتله فَقَالَ النَّاس هَنِيئًا لَهُ الْجنَّة فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كلا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن الشملة الَّتِي اخذها يَوْم خَيْبَر من الْمَغَانِم لم تصبها المقاسم لتشتعل عَلَيْهِ نَارا

وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابي هُرَيْرَة قَالَ لما فتحت خيبرا اهديت لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم شَاة فِيهَا سم فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اجْمَعُوا من كَانَ هَهُنَا من الْيَهُود فَجمعُوا لَهُ فَقَالَ لَهُم اني سَائِلكُمْ عَن شَيْء فَهَل أَنْتُم صادقي قَالُوا نعم قَالَ من أبوكم قَالُوا فلَان قَالَ كَذبْتُمْ بل أبوكم فلَان قَالُوا صدقت وبررت قَالَ اجعلتم فِي هَذِه الشَّاة سما قَالُوا نعم قَالَ فَمَا حملكم على ذَلِك قَالُوا اردنا إِن كنت كَاذِبًا اسْتَرَحْنَا مِنْك وَإِن كنت نَبيا لم يَضرك

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وابو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة أَن إمرأة من الْيَهُود أَهْدَت الى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم شَاة مَسْمُومَة فَقَالَ لأَصْحَابه امسكوا فَإِنَّهَا مَسْمُومَة فَقَالَ مَا حملك على مَا صنعت قَالَت اردت ان اعْلَم إِن كنت نَبيا فسيطلعك اللّه عَلَيْهِ وَإِن كنت كَاذِبًا اريح النَّاس مِنْك فَمَا عرض لَهَا

واخرج الشَّيْخَانِ عَن أنس ان يَهُودِيَّة أَتَت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِشَاة مَسْمُومَة فَأكل مِنْهَا فجيء بهَا إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهَا عَن ذَلِك قَالَت أردْت لأقتلك قَالَ مَا كَانَ اللّه ليسلطها على ذَلِك

وَأخرج احْمَد وَابْن سعد وابو نعيم عَن ابْن عَبَّاس ان امْرَأَة من الْيَهُود اهدت لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم شَاة مَسْمُومَة فَأرْسل إِلَيْهَا فَقَالَ مَا حملك على مَا صنعت قَالَت أردْت إِن كنت نَبيا فَإِن اللّه سيطلعك عَلَيْهِ وَإِن لم تكن نَبيا أُرِيح النَّاس مِنْك

وَأخرج الدَّارمِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عهد اللّه أَن يَهُودِيَّة من أهل خَيْبَر أَهْدَت لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم شَاة مَسْمُومَة فَأخذ الذِّرَاع فَأكل مِنْهَا وَأكل رَهْط من اصحابه فَقَالَ ارْفَعُوا ايديكم ودعا الْيَهُودِيَّة فَقَالَ اسممت هَذِه الشَّاة قَالَت من أخْبرك قَالَ أَخْبَرتنِي هَذِه فِي يَدي الذِّرَاع قَالَت نعم قَالَ فَمَا أردْت إِلَى ذَلِك قَالَت قلت إِن كَانَ نَبيا فَلَا يضرّهُ وَإِن لم يكن نَبيا اسْتَرَحْنَا مِنْهُ فَعَفَا عَنْهَا وَلم يُعَاقِبهَا

وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من وَجه آخر عَن جَابر وَفِيه قَالَ امسكوا فَإِن عضوا من اعضائها يُخْبِرنِي أَنَّهَا مَسْمُومَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك ان يَهُودِيَّة أَهْدَت للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم شَاة مَسْمُومَة بِخَيْبَر فَأكل مِنْهَا وَأكل اصحابه ثمَّ قَالَ امسكوا ثمَّ قَالَ للْمَرْأَة هَل سممت هَذِه الشَّاة قَالَت من اخبرك قَالَ هَذَا الْعظم لساقها وَهُوَ فِي يَده قَالَت نعم

قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا مُرْسل وَيحْتَمل ان يكون عبد الرَّحْمَن حمله عَن جَابر

قلت أخرجه الطَّبَرَانِيّ مَوْصُولا عَن كَعْب بن مَالك

واخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ ابو نعيم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن يَهُودِيَّة اهدت لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم شَاة سميطا فَلَمَّا بسط الْقَوْم أَيْديهم قَالَ كفوا أَيْدِيكُم فَإِن عضوا لَهَا يُخْبِرنِي انها مَسْمُومَة وَأرْسل إِلَى صاحبتها سممت طَعَامك هَذَا قَالَت نعم أردْت إِن كنت كَاذِبًا ان أُرِيح النَّاس مِنْك وَإِن كنت صَادِقا علمت ان اللّه سيطلعك عَلَيْهِ فَقَالَ اذْكروا اسْم اللّه وكلوا فَلم يضر أحدا منا شَيْئا

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ام عمَارَة قَالَت سَمِعت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بالجرف وَهُوَ يَقُول لَا تطرقوا النَّاس بعد صَلَاة الْعشَاء فَذهب رجل من الْحَيّ فطرق أَهله فَوجدَ مَا يكرههُ فخلى سَبيله وَلم يهجه وضن بِزَوْجَتِهِ ان يفارقها وَكَانَ لَهُ مِنْهَا

أَوْلَاد وَكَانَ يُحِبهَا فعصى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَرَأى مَا يكره

وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حِين قفل من غَزْوَة خَيْبَر سَار لَيْلَة حَتَّى إِذا أدركنا الْكرَى عرس وَقَالَ لِبلَال أكلأ لنا اللَّيْل فَغلبَتْ بِلَالًا عَيناهُ وَهُوَ مُسْتَند إِلَى رَاحِلَته فَلم يَسْتَيْقِظ وَلَا اُحْدُ من اصحابه حَتَّى ضربتهم الشَّمْس الحَدِيث

وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مَالك عَن زيد بن أسلم ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي هَذِه الْقِصَّة لأبي بكر إِن الشَّيْطَان أَتَى بِلَالًا وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فاضجعه فَلم يزل يهدئه كَمَا يهدأ الصَّبِي حَتَّى نَام ثمَّ دَعَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِلَالًا فَأخْبر بِلَال مثل الَّذِي أخبر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر فَقَالَ ابو بكر أشهد أَنَّك رَسُول اللّه

بَاب مَا وَقع فِي سَرِيَّة عبد اللّه بن رَوَاحَة

اخْرُج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق عُرْوَة وَمن طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب قَالَ بعث رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عبد اللّه بن رَوَاحَة فِي ثَلَاثِينَ رَاكِبًا فيهم عبد اللّه بن انيس إِلَى يسير بن رزام الْيَهُودِيّ فَضرب يسير وَجه عبد اللّه بن انيس فَشَجَّهُ مأمومة فقد على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فبصق فِي شجته فَلم تقح وَلم تؤذه حَتَّى مَاتَ

بَاب مَا وَقع فِي عمْرَة الْقَضَاء

اخْرُج الْوَاقِدِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابي هُرَيْرَة قَالَ قدم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي عمْرَة الْقَضَاء بِالسِّلَاحِ إِلَى بطن يأحج فَجَاءَهُ نفر من قُرَيْش فَقَالُوا يَا مُحَمَّد مَا عرفت صَغِيرا وَلَا كَبِيرا بالغدر تدخل بِالسِّلَاحِ على قَوْمك وَقد شرطت لَهُم ان لَا تدخل إِلَّا بسلاح الْمُسَافِر وَالسُّيُوف فِي الْقرب فَقَالَ إِنِّي لَا أَدخل عَلَيْهِم بِالسِّلَاحِ

وَأخرج احْمَد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قدم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم واصحابه مَكَّة فَقَالَ الْمُشْركُونَ انه يقدم عَلَيْكُم قوم قد وهنتهم حمى يثرب فَأطلع اللّه نبيه على مَا قَالُوا فَأَمرهمْ ان يرملوا الأشواط الثَّلَاثَة ليرى الْمُشْركُونَ جلدهمْ

واخرج احْمَد وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي الطُّفَيْل عَن ابْن عَبَّاس ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لما نزل من الظهْرَان فِي عمرته بلغ أَصْحَابه ان قُريْشًا تَقول مَا يتباعثون من العجف فَقَالَ اصحابه لَو انتحرنا من ظُهُورنَا فاكلنا من لَحْمه وحسونا من مرقه أَصْبَحْنَا غَدا حِين ندخل على الْقَوْم وبنا جمَاعَة قَالَ لَا تَفعلُوا وَلَكِن اجْمَعُوا إِلَيّ من ازوادكم فَجمعُوا لَهُ وبسطوا الانطاع فَأَكَلُوا حَتَّى توَلّوا وحثا كل وَاحِد مِنْهُم فِي جرابه ثمَّ اقبل حَتَّى دخل الْمَسْجِد فَأَمرهمْ بالرمل فَقَالَت قُرَيْش مَا يرضون بِالْمَشْيِ اما انهم لينقزون نقز الظباء

بَاب مَا وَقع فِي سَرِيَّة غَالب اللَّيْثِيّ وَذَلِكَ فِي صفر سنة ثَمَان

اخْرُج ابْن سعد عَن جُنْدُب بن مكيث الْجُهَنِيّ قَالَ بعث رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم غَالب ابْن عبد اللّه اللَّيْثِيّ فِي سَرِيَّة فَكنت فيهم وَأمرهمْ ان يشنوا الْغَارة على بني الملوح بالكدية فشننا عَلَيْهِم الْغَارة وَاسْتَقْنَا النعم فَخرج صريخ الْقَوْم فِي قَومهمْ فجَاء مَا لَا قبل لنا بِهِ فخرجنا بهَا نحدوها فَأَدْرَكنَا الْقَوْم حَتَّى نظرُوا إِلَيْنَا مَا بَيْننَا وَبينهمْ إِلَّا الْوَادي وَنحن موجهون فِي نَاحيَة الْوَادي إِذْ جَاءَ اللّه بالوادي من حَيْثُ شَاءَ يملىء جنبتيه مَاء وَاللّه مَا رَأينَا يَوْمئِذٍ سحابا وَلَا مَطَرا فجَاء بِمَا لَا يَسْتَطِيع اُحْدُ ان يجوزه فَلَقَد رَأَيْتهمْ وقوفا ينظرُونَ إِلَيْنَا وفتناهم فوتا لَا يقدرُونَ فِيهِ على طلبنا

  ١٣-٢بَاب مَا وَقع فِي سَرِيَّة أبي مُوسَى

اخْرُج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اسْتعْمل ابا مُوسَى على سَرِيَّة الْبَحْر فَبينا هِيَ تجْرِي بهم فِي اللَّيْل ناداهم مُنَاد من فَوْقهم أَلا أخْبركُم بِقَضَاء قَضَاهُ اللّه على نَفسه انه من يعطش للّه فِي يَوْم صَائِف فَإِن حَقًا على اللّه ان يسْقِيه يَوْم الْعَطش

بَاب مَا وَقع فِي سَرِيَّة زيد بن حَارِثَة إِلَى أم قرفة

أخرج ابو نعيم عَن عَائِشَة ان امْرَأَة من بني فَزَارَة يُقَال لَهَا ام قرفة جهزت ثَلَاثِينَ رَاكِبًا من وَلَدهَا وَولد وَلَدهَا إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ليقتلوه فَبلغ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اللّهمَّ اثكلها بِوَلَدِهَا وَبعث اليهم زيد بن حَارِثَة فِي سَرِيَّة فَالْتَقوا فَقتل ام قرفة وَوَلدهَا جَمِيعًا

بَاب آيَة فِي سَرِيَّة اخرى

أخرج احْمَد وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن انس قَالَ جَاءَت امْرَأَة فَقَالَت يَا رَسُول اللّه رَأَيْت كَأَنِّي دخلت الْجنَّة فَسمِعت فِيهَا وجبة فَنَظَرت فَإِذا قد جِيءَ بفلان وَفُلَان حَتَّى عدت اثْنَي عشر رجلا وَقد بعث رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة قبل ذَلِك فجيء بهم عَلَيْهِم ثِيَاب طلس تشخب أوداجهم فَقيل اذْهَبُوا بهم الى نهر البيدخ فغمسوا فِيهِ فَخَرجُوا مِنْهُ وُجُوههم كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر ثمَّ اتوا بكراسي من ذهب فقعدوا عَلَيْهَا واتوا بصحفة من ذهب فِيهَا بسرة فاكلوا مِنْهَا من فَاكِهَة مَا ارادوا واكلت مَعَهم فجَاء البشير من تِلْكَ السّريَّة فَقَالَ يَا رَسُول اللّه كَانَ من امرنا كَذَا وَكَذَا واصيب فلَان وَفُلَان حَتَّى عد الاثْنَي عشر الَّذين عدتهمْ الْمَرْأَة فَقَالَ

رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عَليّ بِالْمَرْأَةِ فَجَاءَت فَقَالَ قصي رُؤْيَاك عَليّ هَذَا فقصت فَقَالَ هُوَ كَمَا قَالَت يَا رَسُول اللّه

بَاب مَا وَقع فِي غَزْوَة مُؤْتَة من الْآيَات والمعجزات

اخْرُج البُخَارِيّ عَن ابْن عمر قَالَ امْر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة مُؤْتَة زيد بن حَارِثَة وَقَالَ إِن قتل زيد فجعفر وَإِن قتل جَعْفَر فَابْن رَوَاحَة

وَقَالَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي ربيعَة بن عُثْمَان عَن عمر بن الحكم عَن أَبِيه قَالَ جَاءَ النُّعْمَان بن رهطي الْيَهُودِيّ فَوقف على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَعَ النَّاس فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم زيد بن حَارِثَة أَمِير النَّاس فان قتل زيد فجعفر بن أبي طَالب فان قتل جَعْفَر فعبد اللّه بن رَوَاحَة فَإِن قتل عبد اللّه فليرتض الْمُسلمُونَ مِنْهُم رجلا فليجعلوه عَلَيْهِم فَقَالَ النُّعْمَان يَا ابا الْقَاسِم إِن كنت نَبيا فسميت من سميت قَلِيلا اَوْ كثيرا أصيبوا جَمِيعًا إِن الانبياء فِي بني إِسْرَائِيل كَانُوا إِذا استعملوا الرجل على الْقَوْم فَقَالُوا إِن اصيب فلَان ففلان فَلَو سموا مائَة أصيبوا جَمِيعًا ثمَّ جعل الْيَهُودِيّ يَقُول لزيد اعهد فَلَنْ ترجع إِلَى مُحَمَّد أبدا إِن كَانَ نَبيا قَالَ زيد فاشهد انه نَبِي صَادِق بار اخرجه الْبَيْهَقِيّ وابو نعيم

واخرج الْوَاقِدِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ شهِدت مُؤْتَة فَرَأَيْت مَا لَا قبل لأحد بِهِ من الْعدة وَالسِّلَاح والكراع والديباج وَالْحَرِير وَالذَّهَب فَبَرَق بَصرِي فَقَالَ لي ثَابت بن أقرم مَا لَك يَا أَبَا هُرَيْرَة كَأَنَّك ترى جموعا كَثِيرَة قلت نعم قَالَ لم تشهد مَعنا بَدْرًا إِنَّا لم ننصر بِالْكَثْرَةِ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب قَالَ زَعَمُوا ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مر عَليّ جَعْفَر بن ابي طَالب فِي الْمَلَائِكَة يطير كَمَا يطيرون وَله جَنَاحَانِ وَزَعَمُوا ان يعلى بن منية قدم على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِخَبَر أهل مُؤْتَة فَقَالَ لَهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِن شِئْت فَأَخْبرنِي وَإِن شِئْت اخبرتك قَالَ اخبرني يَا رَسُول اللّه

فَأخْبرهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خبرهم كلهم وَوَصفه لَهُم فَقَالَ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا تركت من حَدِيثه حرفا لم تذكره وان امرهم لَكمَا ذكرت فَقَالَ إِن اللّه رفع لي الأَرْض حَتَّى رَأَيْت معتركهم

وَأخرج البُخَارِيّ عَن انس ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بعث زيدا وجعفر وَابْن رَوَاحَة وَدفع الرَّايَة إِلَى زيد فأصيبا جَمِيعًا فنعاهم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى النَّاس قبل ان يَجِيء الْخَبَر فَقَالَ اخذ الرَّايَة زيد فأصيب ثمَّ اخذها جَعْفَر فأصيب ثمَّ اخذها عبد اللّه بن رَوَاحَة فأصيب ثمَّ اخذها خَالِد بن الْوَلِيد من غير امرة فَفتح عَلَيْهِ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي قَتَادَة قَالَ بعث رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم جَيش الامراء وَقَالَ عَلَيْكُم زيد بن حَارِثَة فان اصيب زيد فجعفر فَإِن اصيب جَعْفَر فعبد اللّه بن رَوَاحَة فَانْطَلقُوا فلبثوا مَا شَاءَ اللّه فَصَعدَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْمِنْبَر وَأمر فَنُوديَ بِالصَّلَاةِ جَامِعَة فَاجْتمع النَّاس فَقَالَ اخبركم عَن جيشكم هَذَا انهم انْطَلقُوا فَلَقوا الْعَدو فَقتل زيد شَهِيدا ثمَّ اخذ اللِّوَاء جَعْفَر فَشد على الْقَوْم حَتَّى قتل شَهِيدا ثمَّ أَخذ اللِّوَاء عبد اللّه بن رَوَاحَة فَاثْبتْ قَدَمَيْهِ حَتَّى قتل شَهِيدا ثمَّ اخذ اللِّوَاء خَالِد بن الْوَلِيد وَهُوَ أَمِير نَفسه ثمَّ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اللّهمَّ إِنَّه سيف من سيوفك فانت تنصره فَمن يَوْمئِذٍ سمى خَالِد سيف اللّه

وَقَالَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي مُحَمَّد بن صَالح التمار عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة وحَدثني عبد الْجَبَّار بن عمَارَة بن غزيَّة عَن عبد اللّه بن ابي بكر بن حزم قَالَا لما التقى النَّاس بمؤتة جلس رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر وكشف لَهُ مَا بَينه وَبَين الشَّام فَهُوَ ينظر إِلَى معتركهم قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اخذ الرَّايَة زيد فَجَاءَهُ الشَّيْطَان فحبب إِلَيْهِ الْحَيَاة وَكره إِلَيْهِ الْمَوْت وحبب إِلَيْهِ الدُّنْيَا فَقَالَ الْآن حِين استحكم الْإِيمَان فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ تحبب إِلَى الدُّنْيَا فَمضى قدما حَتَّى اسْتشْهد وَقد دخل الْجنَّة وَهُوَ يسْعَى وَأخذ الرَّايَة جَعْفَر فَجَاءَهُ الشَّيْطَان فحبب إِلَيْهِ الْحَيَاة وَكره اليه الْمَوْت ومناه الدُّنْيَا فَقَالَ الْآن حِين استحكم الْإِيمَان فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ تمنيني الدِّينَا ثمَّ مضى قدما حَتَّى اسْتشْهد وَقد دخل الْجنَّة وَهُوَ يطير فِي الْجنَّة بجناحين من

ياقوت حَيْثُ يَشَاء من الْجنَّة ثمَّ اخذ عبد اللّه بن رَوَاحَة فاستشهد ثمَّ دخل الْجنَّة مُعْتَرضًا فشق ذَلِك على الْأَنْصَار فَقيل يَا رَسُول اللّه مَا اعتراضه قَالَ لما اصابته الْجراح نكل فعاتب نَفسه فتشجع فاستشهد فَدخل الْجنَّة فسرى عَن قومه اخرجه الْبَيْهَقِيّ

وَأخرج الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه قَالُوا رفعت الارض لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى نظر الى معترك الْقَوْم فَلَمَّا اخذ خَالِد بن الْوَلِيد اللِّوَاء قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم والآن حمي الْوَطِيس

واخرج ابْن سعد من طَرِيق سَالم بن أبي الْجَعْد عَن أبي الْيُسْر عَن أبي عَامر الصَّحَابِيّ أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لما جَاءَهُ خبر جَعْفَر وَأَصْحَابه مكث حَزينًا ثمَّ تَبَسم فَقيل لَهُ إِنَّه احزنني قتل اصحابي حَتَّى رَأَيْتهمْ فِي الْجنَّة اخوانا على سرر مُتَقَابلين وَرَأَيْت فِي بَعضهم إعْرَاضًا كَأَنَّهُ كره السَّيْف وَرَأَيْت جَعْفَر ملكا ذَا جناحين مضرجا بالدماء مصبوغ القوادم

واخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ بَيْنَمَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم جَالس واسماء بنت عُمَيْس قريبَة مِنْهُ إِذْ رد السَّلَام ثمَّ قَالَ يَا اسماء هَذَا جَعْفَر مَعَ جبرئيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل سلمُوا علينا فردي عَلَيْهِم السَّلَام وَقد اخبرني انه لَقِي الْمُشْركين يَوْم كَذَا وَكَذَا فَقَالَ لقِيت الْمُشْركين فَأَصَبْت فِي جَسَدِي من مقادمي ثَلَاثًا وَسبعين بَين رمية وطعنة وضربة ثمَّ اخذت اللِّوَاء بيَدي الْيُمْنَى فَقطعت ثمَّ اخذته باليسرى فَقطعت فعوضني اللّه من يَدي جناحين أطير بهما مَعَ جبرئيل وَمِيكَائِيل انْزِلْ من الْجنَّة حَيْثُ شِئْت وآكل من ثمارها حَيْثُ شِئْت

وَأخرج ابْن اسحاق وَابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس قَالَت دخل عَليّ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ائْتِنِي ببني جَعْفَر فَأَتَيْته بهم فشمهم فَدَمَعَتْ عَيناهُ فَقلت يَا رَسُول اللّه مَا يبكيك أبلغك عَن جَعْفَر واصحابه قَالَ نعم اصيبوا هَذَا الْيَوْم

واخرج الْوَاقِدِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عبد اللّه بن جَعْفَر قَالَ أَنا احفظ حِين دخل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على امي فنعى لَهَا أبي وَقَالَ أَلا أُبَشِّرك ان اللّه جعل لجَعْفَر جناحين يطير بهما فِي الْجنَّة وأتانا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أساوم شَاة أَخ لي فَقَالَ اللّهمَّ بَارك لَهُ فِي صفقته فَمَا بِعْت شَيْئا وَلَا اشْتريت شَيْئا إِلَّا بورك لي فِيهِ

وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عمر ان كَانَ اذا حيى ابْن جَعْفَر قَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا ابْن ذِي الجناحين

وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم دخلت الْجنَّة فَنَظَرت فَإِذا جَعْفَر يطير مَعَ الْمَلَائِكَة وَإِذا حَمْزَة متكيء على سَرِير

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي غرائب مَالك عَن ابْن عمر قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء فَقَالَ وَعَلَيْكُم السَّلَام وَرَحْمَة اللّه فَقَالَ النَّاس يَا رَسُول اللّه مَا هَذَا قَالَ مر بِي جَعْفَر بن أبي طَالب فِي مَلأ من الْمَلَائِكَة فَسلم عَليّ

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مر بِي جَعْفَر بن ابي طَالب اللَّيْلَة فِي مَلأ من الْمَلَائِكَة لَهُ جَنَاحَانِ مضرجان بِالدَّمِ ابيض القوادم

وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْت جَعْفَر ملكا يطير فِي الْجنَّة تدمى قادمتاه وَرَأَيْت زيدا دون ذَلِك فَقلت مَا كنت اظن ان زيدا دون جَعْفَر فَأَتَاهُ جبرئيل فَقَالَ ان زيدا لَيْسَ بِدُونِ جَعْفَر وَلَكنَّا فضلنَا جَعْفَر لِقَرَابَتِهِ مِنْك

وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْت كَأَنِّي دخلت الْجنَّة فَرَأَيْت لجَعْفَر دَرَجَة فَوق دَرَجَة زيد فَقيل لي تَدْرِي بِمَ رفعت دَرَجَة جَعْفَر قلت لَا قيل لقرابة مَا بَيْنك وَبَينه

بَاب مَا وَقع فِي غَزْوَة ذَات السلَاسِل من المعجزات

اخْرُج ابْن اسحاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ كنت فِي غَزْوَة ذَات السلَاسِل فصحبت أَبَا بكر وَعمر فمررت بِقوم وهم على جزور قد نحروها وهم لَا يقدرُونَ على ان يقسموها وَكنت امْرأ جازرا فَقلت لَهُم تعطوني مِنْهَا عشيرا على ان أقسمها بَيْنكُم قَالُوا نعم فجزأتها وَأخذت مِنْهَا عشيرا فَحَملته إِلَى أَصْحَابِي فأطعمنا وأكلنا فَقَالَ ابو بكر وَعمر أَنى لَك هَذَا اللَّحْم يَا عَوْف فأخبرتهما فَقَالَا مَا أَحْسَنت حِين اطعمتنا هَذَا ثمَّ قاما يتقيئان مَا فِي بطونهما مِنْهُ فَلَمَّا قفل النَّاس كنت أول قادم على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عَوْف قلت نعم قَالَ صَاحب الْجَزُور وَلم يزدني على ذَلِك شَيْئا واخرج الْوَاقِدِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طرق اخرى مَوْصُولَة ومرسلة مثله

بَاب مَا وَقع فِي غَزْوَة سيف الْبَحْر من الْآيَات

اخْرُج الشَّيْخَانِ عَن جَابر قَالَ بعثنَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي ثَلَاثمِائَة رَاكب اميرنا ابو عُبَيْدَة بن الْجراح أرصد عير القريش فاصبنا جوع شَدِيد حَتَّى أكلنَا الْخبط فَألْقى إِلَيْنَا الْبَحْر دَابَّة يُقَال لَهَا العنبر فأكلنا مِنْهَا نصف شهر وادهنا مِنْهُ حَتَّى ثَابت مِنْهُ اجسادنا وصلحت فَأخذ أَبُو عُبَيْدَة ضلعا من أضلاعه فَنظر إِلَى اطول رجل فِي الْجَيْش وأطول جمل فَحَمله عَلَيْهِ وَمر تَحْتَهُ

وَأخرج مُسلم عَن جَابر قَالَ بعثنَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأمر علينا أَبَا عُبَيْدَة بن الْجراح نتلقى عير القريش وزودنا جرابا من تمر لم يجد لنا غَيره فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة يُعْطِينَا تَمْرَة تَمْرَة فَكُنَّا نمصها ثمَّ نشرب عَلَيْهَا المَاء فتكفينا يَوْمنَا إِلَى اللَّيْل فَألْقى إِلَيْنَا الْبَحْر دَابَّة تدعى العنبر فَأَقَمْنَا عَلَيْهَا شهرا حَتَّى سمنا

بَاب مَا وَقع فِي فتح مَكَّة من المعجزات والخصائص

اخْرُج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزبير عَن مَرْوَان بن الحكم والمسور بن مخرمَة قَالَا كَانَ فِي صلح الْحُدَيْبِيَة أَنه من شَاءَ ان يدْخل فِي عقد مُحَمَّد وَعَهده دخل وَمن شَاءَ ان يدْخل فِي عقد قُرَيْش وَعَهْدهمْ دخل فِيهِ فتواثبت خُزَاعَة فَقَالُوا ندخل فِي عقد مُحَمَّد وَعَهده وتواثبت بَنو بكر فَقَالُوا ندخل فِي عقد قُرَيْش وَعَهْدهمْ فَمَكَثُوا فِي تِلْكَ الْهُدْنَة نَحْو السَّبْعَة اَوْ الثَّمَانِية عشر شهرا ثمَّ ان بني بكر الَّذين كَانُوا دخلُوا فِي عقد قُرَيْش وَعَهْدهمْ وَثبُوا على خُزَاعَة الَّذين دخلُوا فِي عهد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَيْلًا بِمَاء لَهُم فَقَالَت قُرَيْش مَا يعلم بِنَا مُحَمَّد وَهَذَا اللَّيْل وَمَا يَرَانَا أحد فَأَعَانُوا عَلَيْهِم بِالْكُرَاعِ وَالسِّلَاح فقاتلوهم مَعَهم لِلضِّغْنِ على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأَن عَمْرو بن سَالم ركب إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عِنْدَمَا كَانَ من أَمر خُزَاعَة وَبني بكر حَتَّى قدم فَأخْبرهُ الْخَبَر فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نصرت يَا عَمْرو فَمَا برح حَتَّى مرت عنانة فِي السَّمَاء فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذِه السحابة لتستهل بنصر بني كَعْب وَأمر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم النَّاس بالجهاز وكتمهم مخرجه وَسَأَلَ اللّه ان يعمي على قُرَيْش خَبره حَتَّى يبغتهم فِي بِلَادهمْ

وَأخرج ابْن اسحاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة قَالَ لما اجْمَعْ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على الْمسير إِلَى مَكَّة كتب حَاطِب بن ابي بلتعة إِلَى قُرَيْش يُخْبِرهُمْ بِالَّذِي أجمع عَلَيْهِ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من الْمسير إِلَيْهِم ثمَّ أعطَاهُ امْرَأَة من مزينة وَجعل لَهَا جعلا على ان تبلغه قُريْشًا فَجَعَلته فِي رَأسهَا ثمَّ فتلت عَلَيْهِ قُرُونهَا وَخرجت بِهِ فَأتى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْخَبَر من السَّمَاء بِمَا صنع حَاطِب فَبعث عَليّ بن أبي طَالب وَالزُّبَيْر بن الْعَوام فَقَالَ ادركا امْرَأَة قد كتب مَعهَا حَاطِب كتابا إِلَى قُرَيْش يُحَذرهُمْ

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن عَليّ قَالَ بَعَثَنِي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَنا وَالزُّبَيْر والمقداد فَقَالَ انْطَلقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَة خَاخ فَإِن بهَا ظَعِينَة مَعهَا كتاب فَخُذُوهُ مِنْهَا قَالَ

فَانْطَلقَا تعادى بِنَا خَيْلنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَة فَإِذا نَحن بِالظَّعِينَةِ قُلْنَا لَهَا أَخْرِجِي الْكتاب قَالَت مَا معي كتاب فَقُلْنَا لتخْرجن الْكتاب أَو لنلقين الثِّيَاب قَالَ فَأَخْرَجته من عقاصها فأتينا بِهِ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا فِيهِ من حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى نَاس بِمَكَّة من الْمُشْركين يُخْبِرهُمْ بِبَعْض أَمر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَا حَاطِب مَا هَذَا قَالَ يَا رَسُول اللّه لَا تعجل عَليّ إِنِّي كنت امْرأ مُلْصقًا فِي قُرَيْش يَقُول كنت حليفا وَلم أكن من أَنْفسهَا وَكَانَ من مَعَك من الْمُهَاجِرين لَهُم قَرَابَات يحْمُونَ أَهْليهمْ وَأَمْوَالهمْ فَأَحْبَبْت ان تكون إِذْ فَاتَنِي ذَلِك من النّسَب فيهم أَن اتخذ عِنْدهم يدا يحْمُونَ قَرَابَتي وَلم أَفعلهُ ارْتِدَادًا عَن ديني وَلَا رضى بالْكفْر بعد الاسلام فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أما انه صدقكُم فَقَالَ عمر يَا رَسُول اللّه دَعْنِي اضْرِب عنق هَذَا الْمُنَافِق فَقَالَ انه قد شهد بَدْرًا وَمَا يدْريك لَعَلَّ اللّه اطلع على من شهد بَدْرًا فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد غفرت لكم فَأنْزل اللّه سُورَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ أَوْلِيَاء تلقونَ إِلَيْهِم بالمودة} إِلَى قَوْله {فقد ضل سَوَاء السَّبِيل}

وَأخرج ابْن اسحاق وَابْن رَاهَوَيْه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ مضى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفَتْح حَتَّى نزل مر الظهْرَان فِي عشرَة آلَاف من الْمُسلمين وَقد عميت الْأَخْبَار على قُرَيْش فَلَا يَأْتِيهم خبر عَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يَدْرُونَ مَا هُوَ صانع

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن شهَاب قَالَ يُقَال ان أَبَا بكر قَالَ وَهُوَ سَائِر إِلَى مَكَّة يَا رَسُول اللّه أَرَانِي فِي الْمَنَام وأراك دنونا من مَكَّة فَخرجت كلبة تهر فَلَمَّا دنونا مِنْهَا استلقت على ظهرهَا فَإِذا هِيَ تشخب لَبَنًا فَقَالَ ذهب كلبهم وَأَقْبل دِرْهَم وهم سائلوكم بأرحامهم وأنكم لاقون بَعضهم فَإِن لَقِيتُم أَبَا سُفْيَان فَلَا تقتلوه فَلَقوا أَبَا سُفْيَان وحكيما بمر

وَأخرج مُسلم وَالطَّيَالِسِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَت الانصار يَوْم فتح مَكَّة أما الرجل فَأَدْرَكته رَغْبَة فِي قريته ورأفة بعشيرته وَجَاء الْوَحْي وَكَانَ الْوَحْي إِذا جَاءَ لم يخف علينا فَإِذا جَاءَ فَلَيْسَ أحد يرفع طرفه إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى يَنْقَضِي الْوَحْي فَلَمَّا رفع الْوَحْي قَالَ يَا معشر الْأَنْصَار قُلْتُمْ اما الرجل فَأَدْرَكته رَغْبَة فِي قريته ورأفة بعشيرته كلا فَمَا اسْمِي اذن كلا إِنِّي عبد اللّه وَرَسُوله الْمحيا محياكم وَالْمَمَات مماتكم فَأَقْبَلُوا يَبْكُونَ وَقَالُوا وَاللّه مَا قُلْنَا إِلَّا للضن بِاللّه وَرَسُوله فَقَالَ إِن اللّه وَرَسُوله يصدقانكم ويعذرانكم

وَأخرج ابْن سعد عَن ابي إِسْحَاق السبيعِي قَالَ قدم على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ذُو الجوشن الْكلابِي فَقَالَ لَهُ مَا يمنعك من الاسلام قَالَ رَأَيْت قَوْمك كَذبُوك وَأَخْرَجُوك وقاتلوك فَأنْظر فَإِن ظَهرت عَلَيْهِم آمَنت بك واتبعتك وَإِن ظَهَرُوا عَلَيْك لم اتبعك فَقَالَ لَهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَا ذُو الجوشن لَعَلَّك إِن بقيت قَلِيلا أَن ترى ظهوري عَلَيْهِم قَالَ فوَاللّه إِنِّي لبضرية إِذْ قدم علينا رَاكب من قبل مَكَّة فَقُلْنَا مَا الْخَبَر قَالَ ظهر مُحَمَّد على أهل مَكَّة فَكَانَ ذُو الجوشن يتوجع على تَركه الْإِسْلَام حِين دَعَاهُ إِلَيْهِ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق قيس بن أبي حَازِم عَن أبي مَسْعُود أَن رجلا كلم النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْفَتْح فَأَخَذته الرعدة فَقَالَ النَّبِي هون عَلَيْك فَإِنَّمَا أَنا ابْن امْرَأَة من قُرَيْش كَانَت تَأْكُل القديد ثمَّ اخرجه الْبَيْهَقِيّ عَن قيس مُرْسلا بِلَفْظ فَإِنِّي لست بِملك انما انا إِلَى آخِره وَقَالَ الْمُرْسل هُوَ الْمَحْفُوظ

واخرج الْبَيْهَقِيّ وابو نعيم من طَرِيق عبد اللّه بن دِينَار عَن ابْن عمر ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لما دخل مَكَّة وجد بهَا ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ صنما فَأَشَارَ إِلَى كل صنم بعصا وَقَالَ {جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل إِن الْبَاطِل كَانَ زهوقا} فَكَانَ لَا يُشِير إِلَى صنم إِلَّا سقط من غير ان يمسهُ بعصا

وَأخرج ابو نعيم من طَرِيق نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ وقف رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم فتح مَكَّة وحول الْبَيْت ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ صنما قد ألزقها الشَّيَاطِين بالرصاص والنحاس فَكَانَ كلما دنا مِنْهَا بمخصره تهوى من غير ان يَمَسهَا وَيَقُول {جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل} الْآيَة فتساقط لوجهها

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ دخل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم فتح مَكَّة وعَلى الْكَعْبَة ثَلَاثمِائَة صنم فَأخذ قضيبه فَجعل يهوى بِهِ إِلَى صنم صنم وَهُوَ يهوي حَتَّى مر عَلَيْهَا كلهَا

وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي حَدِيث ابْن عمر إِسْنَاده وَإِن كَانَ ضَعِيفا فَحدث ابْن عَبَّاس يؤكده

وَقد اخْرُج ابْن اسحاق وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم حَدِيث ابْن عَبَّاس من وَجه آخر عَنهُ بِلَفْظ فَمَا يُشِير إِلَى صنم مِنْهَا إِلَّا وَقع لقفاه من غير أَن يمسهُ وَفِي ذَلِك يَقُول تَمِيم بن أَسد الْخُزَاعِيّ

(وَفِي الْأَصْنَام معتبرو علم ... لمن يَرْجُو الثَّوَاب أَو العقابا)

وَأخرجه ابْن مندة من وَجه ثَالِث عَن ابْن عَبَّاس وَقَالَ حَدِيث غَرِيب تفرد بِهِ يَعْقُوب بن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَطاء قَالَ لَا احسبه إِلَّا رَفعه إِلَى ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة قربه من مَكَّة فِي غَزْوَة الْفَتْح إِن بِمَكَّة لأربعة نفر من قُرَيْش أربأهم عَن الشّرك وأرغب لَهُم فِي الْإِسْلَام قيل وَمن هم يَا رَسُول اللّه قَالَ عتاب بن أسيد وَجبير بن مطعم وَحَكِيم بن حزَام وَسُهيْل بن عَمْرو

وَأخرج الْحَاكِم عَن عَليّ قَالَ انْطلق بِي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى اتى الْكَعْبَة فَقَالَ اجْلِسْ فَجَلَست الى جنب الْكَعْبَة فَصَعدَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بمنكبي ثمَّ قَالَ لي انهض فَنَهَضت فَلَمَّا رأى ضعْفي تَحْتَهُ قَالَ لي اجْلِسْ ثمَّ قَالَ يَا عَليّ اصْعَدْ على مَنْكِبي فَفعلت ثمَّ نَهَضَ بِي فَلَمَّا نَهَضَ بِي خيل إِلَيّ لَو شِئْت نلْت أفق السَّمَاء فَصَعدت فَوق

الْكَعْبَة وَتَنَحَّى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي الق صَنَمهمْ الاكبر صنم قُرَيْش وَكَانَ من نُحَاس موتدا بِأَوْتَادٍ من حَدِيد إِلَى الأَرْض فَقَالَ لي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عالجه وَيَقُول لي إيه إيه {جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل إِن الْبَاطِل كَانَ زهوقا} فَلم أزل أعَالجهُ حَتَّى اسْتَمْكَنت مِنْهُ فقذفته فتنكس

وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق عبد اللّه بن عَبَّاس عَن أَبِيه الْعَبَّاس قَالَ لما قدم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة فِي الْفَتْح قَالَ لي ايْنَ ابْنا اخيك عتبَة ومعتب ابْني أبي لَهب لأراهما قلت تنحيا فِيمَن تنحى من مُشْركي قُرَيْش قَالَ ايتني بهما فركبت اليهما بعرنة فَأتيت بهما فدعاهما إِلَى الاسلام فَأَسْلمَا وَبَايِعًا ثمَّ قَامَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ بأيديهما وَانْطَلق بهما حَتَّى أَتَى الْمُلْتَزم فَدَعَا سَاعَة ثمَّ انْصَرف وَالسُّرُور يرى فِي وَجهه فَقلت لَهُ سرك اللّه يَا رَسُول اللّه اني ارى السرُور فِي وَجهك فَقَالَ اني استوهبت ابْني عمي هذَيْن من رَبِّي فوهبهما لي

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْفَتْح هَذَا مَا وَعَدَني رَبِّي ثمَّ قَرَأَ {إِذا جَاءَ نصر اللّه وَالْفَتْح}

وَأخرج ابو يعلى عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما فتح النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة رن إِبْلِيس رنة فاجتمعت اليه ذُريَّته فَقَالَ ايأسوا ان تردوا امة مُحَمَّد إِلَى الشّرك بعد يومكم هَذَا

واخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن ابزي قَالَ لما افْتتح رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة جَاءَت عَجُوز حبشية شَمْطَاء تخمش وَجههَا وَتَدْعُو بِالْوَيْلِ فَقيل يَا رَسُول اللّه رَأينَا عجوزا حبشية تخمش وَجههَا وَتَدْعُو بِالْوَيْلِ فَقَالَ تِلْكَ نائلة يئست ان تعبد ببلدكم هَذَا أبدا

وَأخرج ابْن سعد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَابْن حبَان وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحَارِث ابْن مَالك سَمِعت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يَوْم فتح مَكَّة لَا تغزى بعد هَذَا الْيَوْم أبدا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الْبَيْهَقِيّ أَرَادَ لَا تغزى على كفر أَهلهَا فَكَانَ كَمَا قَالَ

وَأخرج مُسلم عَن مُطِيع سَمِعت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يَوْم فتح مَكَّة لَا يقتل قرشي صبرا بعد هَذَا الْيَوْم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الْبَيْهَقِيّ أَرَادَ بِهِ إِسْلَام كل قُرَيْش وَإنَّهُ لَا يقتل على الْكفْر

وَقَالَ ابْن سعد أَنا مُوسَى بن دَاوُد حَدثنَا ابْن لَهِيعَة عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ يَوْم فتح مَكَّة دُخان وَهُوَ قَول اللّه {فَارْتَقِبْ يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين}

وَأخرج ابْن ابي حَاتِم عَن الْأَعْرَج فِي قَوْله تَعَالَى {يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين} قَالَ كَانَ يَوْم فتح مَكَّة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ لما فتح رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة بعث خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى نَخْلَة فَكَانَت بهَا الْعُزَّى فَأَتَاهَا خَالِد وَكَانَت على ثَلَاث سمُرَات فَقطع السَّمُرَات وَهدم الْبَيْت الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ ارْجع فَإنَّك لم تصنع شَيْئا فَرجع خَالِد فَلَمَّا نظرت إِلَيْهِ السَّدَنَة وهم حجابها امعنوا فِي الْجَبَل وهم يَقُولُونَ يَا عزى خبليه يَا عزى عوريه وَإِلَّا فموتي برغم قَالَ خَالِد فَإِذا امْرَأَة عُرْيَانَة نَاشِرَة شعرهَا تحثو التُّرَاب على رَأسهَا فعممها خَالِد بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتلهَا ثمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ تِلْكَ الْعُزَّى

وَأخرج ابْن سعد عَن سعيد بن عَمْرو الْهُذلِيّ قَالَ لما فتح رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة بَث السَّرَايَا فَبعث خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى الْعُزَّى يَهْدِمهَا فَلَمَّا انْتهى اليها جرد إِلَيْهَا سَيْفه فَخرجت إِلَيْهِ امْرَأَة سَوْدَاء عُرْيَانَة نَاشِرَة الرَّأْس فضربها بِالسَّيْفِ فجز لَهَا بِاثْنَتَيْنِ ثمَّ رَجَعَ إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ نعم تِلْكَ الْعُزَّى قد يئست ان تعبد ببلادكم

وَأخرج ابْن سعد عَن الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه قَالُوا بعث رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حِين فتح مَكَّة سعد بن زيد الأشْهَلِي إِلَى مَنَاة وَكَانَت بالمشلل ليهدمها فَخرج فِي عشْرين فَارِسًا حَتَّى انْتهى إِلَيْهَا وَعَلَيْهَا سَادِن فَقَالَ السادن مَا تُرِيدُ قَالَ هدم مَنَاة قَالَ أَنْت وَذَاكَ فَأقبل سعد يمشي إِلَيْهَا وَتخرج إِلَيْهِ امْرَأَة عُرْيَانَة سَوْدَاء ثائرة الرَّأْس تَدْعُو بِالْوَيْلِ وتضرب صدرها فَقَالَ السادن مَنَاة دُونك بعض غضباتك ويضربها سعد فَقَتلهَا وَأَقْبل إِلَى الصَّنَم فهدمه

وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي اسحاق السبيعِي أَن ابا سُفْيَان ابْن حَرْب بعد فتح مَكَّة كَانَ جَالِسا فَقَالَ فِي نَفسه لَو جمعت لمُحَمد جمعا أَنه ليحدث نَفسه بذلك إِذْ ضرب النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بَين كفيه وَقَالَ إِذن يخزيك اللّه فَرفع رَأسه فَإِذا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَائِم على رَأسه فَقَالَ مَا ايقنت انك نَبِي حَتَّى السَّاعَة إِن كنت لأحدث نَفسِي بذلك

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق أبي السّفر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ رأى ابو سُفْيَان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يمشي وَالنَّاس يطئون عقبَة فَقَالَ بَينه وَبَين نَفسه لَو عاودت هَذَا الرجل الْقِتَال فجَاء رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى ضرب بِيَدِهِ فِي صَدره فَقَالَ إِذن يخزيك اللّه قَالَ أَتُوب إِلَى اللّه واستغفر اللّه مِمَّا تفوهت بِهِ

وَأخرجه ابْن سعد عَن أبي السّفر مُرْسلا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وابو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ لما كَانَ لَيْلَة دخل النَّاس مَكَّة لَيْلَة الْفَتْح لم يزَالُوا فِي تَكْبِير وتهليل وَطواف بِالْبَيْتِ حَتَّى اصبحوا فَقَالَ ابو سُفْيَان لهِنْد أترين هَذَا من اللّه ثمَّ أصبح فغدا على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قلت لهِنْد أترين هَذَا من اللّه نعم هُوَ من اللّه فَقَالَ أَبُو سُفْيَان أشهد انك عبد اللّه وَرَسُوله وَاللّه مَا سمع قولي هَذَا أحد من النَّاس إِلَّا اللّه وَهِنْد

وَأخرج الْعقيلِيّ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق وهب بن مُنَبّه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لَقِي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ابا سُفْيَان ابْن حَرْب فِي الطّواف فَقَالَ يَا أَبَا سُفْيَان هَل كَانَ

بَيْنك وَبَين هِنْد كَذَا وَكَذَا فَقَالَ أَبُو سُفْيَان أفشت عَليّ هِنْد سري لَأَفْعَلَنَّ بهَا وَلَأَفْعَلَن فَلَمَّا فرغ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من طَوَافه لحق أَبَا سُفْيَان فَقَالَ يَا أَبَا سُفْيَان لَا تكلم هِنْد فَإِنَّهَا لم تفش من سرك شَيْئا فَقَالَ أَبُو سُفْيَان أشهد انك رَسُول اللّه

وَأخرج ابْن سعد والْحَارث بن أبي اسامة فِي مُسْنده وَابْن عَسَاكِر عَن عبد اللّه ابْن أبي بكر بن حزم قَالَ خرج النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو سُفْيَان جَالس فِي الْمَسْجِد فَقَالَ أَبُو سُفْيَان مَا أَدْرِي بِمَا يغلبنا مُحَمَّد فَأتى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى ضرب فِي صَدره وَقَالَ بِاللّه يَغْلِبك فَقَالَ ابو سُفْيَان أشهد أَنَّك رَسُول اللّه

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي شُرَيْح الْعَدوي ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَامَ يَوْم الْفَتْح فَقَالَ ان مَكَّة حرمهَا اللّه وَلم يحرمها النَّاس فَلَا يحل لأحد يُؤمن بِاللّه وَالْيَوْم الآخر ان يسفك بهَا دَمًا وَلَا يعضد بهَا شَجَرَة فَإِن أحد ترخص بِقِتَال رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا فَقولُوا لَهُ إِن اللّه قد أذن لرَسُوله وَلم يَأْذَن لكم وَإِنَّمَا أذن لي فِيهَا سَاعَة من نَهَار وَقد عَادَتْ حرمتهَا الْيَوْم كحرمتها بالْأَمْس

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن اللّه حبس عَن مَكَّة الْفِيل وسلط عَلَيْهَا رَسُوله وَالْمُؤمنِينَ أَلا وَإِنَّهَا لم تحل لأحد قبلي وَلَا تحل لأحد بعدِي وَإِنَّمَا احلت لي سَاعَة من نَهَار

وَأخرج ابْن سعد أَنا الْوَاقِدِيّ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْعَبدَرِي عَن أَبِيه قَالَ قَالَ عُثْمَان بن طَلْحَة لَقِيَنِي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة قبل الْهِجْرَة فدعاني إِلَى الاسلام فَقلت يَا مُحَمَّد الْعجب لَك حَيْثُ تطمع إِن اتبعك وَقد خَالَفت دين قَوْمك وَجئْت بدين مُحدث وَكُنَّا نفتح الْكَعْبَة فِي الْجَاهِلِيَّة يَوْم الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس فَأقبل يَوْمًا يُرِيد ان يدْخل الْكَعْبَة مَعَ النَّاس فغلظت عَلَيْهِ ونلت مِنْهُ وحلم عني ثمَّ قَالَ يَا عُثْمَان لَعَلَّك سترى هَذَا الْمِفْتَاح يَوْمًا بيَدي أَضَعهُ حَيْثُ شِئْت فَقلت لقد هَلَكت قُرَيْش وذلت فَقَالَ بل عمرت يَوْمئِذٍ وعزت وَدخل الْكَعْبَة فَوَقَعت كَلمته مني موقعا ظَنَنْت ان الامر سيصير إِلَى مَا قَالَ فَأَرَدْت الاسلام فَإِذا قومِي يزبرونني زبرا

شَدِيدا فَلَمَّا كَانَ يَوْم فتح مَكَّة قَالَ لي يَا عُثْمَان ائْتِ بالمفتاح فَأَتَيْته بِهِ فَأَخذه مني ثمَّ دَفعه إِلَيّ وَقَالَ خُذْهَا خالدة تالدة لَا يَنْزِعهَا مِنْكُم إِلَّا ظَالِم فَلَمَّا وليت ناداني فَرَجَعت إِلَيْهِ فَقَالَ ألم يكن الَّذِي قلت لَك فَذكرت قَوْله لي بِمَكَّة قبل الْهِجْرَة لَعَلَّك سترى هَذَا الْمِفْتَاح يَوْمًا بيَدي أَضَعهُ حَيْثُ شِئْت فَقلت بلَى أشهد انك رَسُول اللّه

بَيَان سَبَب ظلمَة اللَّيْل وضوء النَّهَار ومخرج السَّحَاب وَمَوْضِع النَّفس من الْجَسَد

وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق ابْن جريج عَن الزُّهْرِيّ قَالَ قدم خُزَيْمَة بن حَكِيم السّلمِيّ ثمَّ الْبَهْزِي على خَدِيجَة ابْنة خويلد مرّة فَأحب رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حبا شَدِيدا فَقَالَ لَهُ خُزَيْمَة يَا مُحَمَّد إِنِّي أرى فِيك اشياء مَا أَرَاهَا فِي أحد من النَّاس وَإنَّك لصريح فِي ميلادك أَمِين فِي أنفس قَوْمك وَإِنِّي أرى عَلَيْك من النَّاس محبَّة وَإِنِّي لأظنك الَّذِي يخرج بتهامة فَقَالَ لَهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَإِنِّي مُحَمَّد رَسُول اللّه قَالَ أشهد أَنَّك لصَادِق وَإِنِّي قد آمَنت بك ثمَّ انْصَرف إِلَى بِلَاده وَقَالَ يَا رَسُول اللّه إِذا سَمِعت بخروجك أَتَيْتُك ثمَّ قدم يَوْم فتح مَكَّة فَقَالَ يَا رَسُول اللّه اخبرني عَن ظلمَة اللَّيْل وضوء النَّهَار وحر المَاء فِي الشتَاء وبرده فِي الصَّيف ومخرج السَّحَاب وَعَن قَرَار مَاء الرجل وَمَاء الْمَرْأَة وَعَن مَوضِع النَّفس من الْجَسَد وَمَا شراب الْمَوْلُود فِي بطن امهِ وَعَن مخرج الْجَرَاد فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

أما ظلمَة اللَّيْل وضوء النَّهَار فَإِن اللّه خلق خلقا من غثاء المَاء بَاطِنه أسود وَظَاهره أَبيض وطرفه بالمشرق وطرفه بالمغرب تمده الْمَلَائِكَة فَإِذا أشرق الصُّبْح طردت الْمَلَائِكَة الظلمَة حَتَّى تجعلها فِي الْمغرب وينسلخ الجلباب وَإِذا أظلم اللَّيْل طردت الْمَلَائِكَة الضَّوْء حَتَّى تحله فِي طرف الْهَوَاء فهما كَذَلِك يتراوحان لَا يبليان وَلَا ينفذان

واما إسخان المَاء فِي الشتَاء وبرده فِي الصَّيف فَإِن الشَّمْس إِذا اسقطت تَحت الارض سَارَتْ حَتَّى تطلع من مَكَانهَا فَإِذا اطال اللَّيْل فِي الشتَاء كثر لبثها فِي الأَرْض فيسخن المَاء لذَلِك فَإِذا كَانَ الصَّيف مرت بِسُرْعَة لَا تلبث تَحت الأَرْض لقصر اللَّيْل فَثَبت المَاء على حَاله بَارِدًا

وَأما السَّحَاب فينشق من طرف الْخَافِقين بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فيطل عَلَيْهِ الْغُبَار يلتف من المزاد المكفوف حوله الْمَلَائِكَة صُفُوف تخرقه الْجنُوب والصباء وتلحمه الشمَال وَالدبور

وَأما قَرَار مَاء الرجل فَإِنَّهُ يخرج مَاؤُهُ من الإحليل وَهُوَ عرق يجْرِي من ظَهره حَتَّى يسْتَقرّ قراره فِي الْبَيْضَة الْيُسْرَى واما مَاء الْمَرْأَة فَإِن ماءها فِي التريبة يتقلقل لَا يزَال يدنو حَتَّى يَذُوق عسيلتها

وَأما مَوضِع النَّفس فَفِي الْقلب وَالْقلب مُعَلّق بالنياط والنياط تَسْقِي الْعُرُوق فَإِذا هلك الْقلب انْقَطع الْعُرُوق

واما شراب الْمَوْلُود فِي بطن أمه فَإِنَّهُ يكون نُطْفَة أَرْبَعِينَ لَيْلَة ثمَّ علقَة أَرْبَعِينَ لَيْلَة ومشيحا أَرْبَعِينَ لَيْلَة وعميسا أَرْبَعِينَ لَيْلَة ثمَّ مُضْغَة أَرْبَعِينَ لَيْلَة ثمَّ الْعظم حنيكا أَرْبَعِينَ لَيْلَة ثمَّ جَنِينا فَعِنْدَ ذَلِك يستهل وينفخ فِيهِ الرّوح وتجتلب عَلَيْهِ عروق الرَّحِم

وَأما مخرج الْجَرَاد فَإِنَّهُ نثره حوت فِي الْبَحْر

وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من طَرِيق ابْن جريج عَن عَطاء عَن جَابر بن عبد اللّه وَزَاد فِيهِ وَعَن الرَّعْد والبرق وَعَن مَا للرجل من الْوَلَد وَمَا للْمَرْأَة وَفِيه فَقَالَ واما الرَّعْد فَإِنَّهُ ملك بِيَدِهِ مِخْرَاق يدني القاصية وَيُؤَخر النائية فَإِذا رفع برقتْ وَإِذا زجر رعدَتْ وَإِذا ضرب صعِقَتْ وَأما مَا للرجل من الْوَلَد وَمَا للْمَرْأَة فَإِن للرجل الْعِظَام وَالْعُرُوق والعصب وللمرأة اللَّحْم وَالدَّم وَالشعر

بَاب مَا وَقع فِي غَزْوَة حنين من المعجزات

اخْرُج الشَّيْخَانِ عَن الْبَراء انه قيل لَهُ أَفَرَرْتُم عَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين قَالَ لَكِن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لم يفر إِن هوَازن كَانُوا قوما رُمَاة فَلَمَّا لَقِينَاهُمْ وحملنا عَلَيْهِم انْهَزمُوا فَأقبل النَّاس على الْغَنَائِم فَاسْتَقْبلُوا بِالسِّهَامِ فَانْهَزَمَ النَّاس فَلَقَد رَأَيْت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ وَأَبُو سُفْيَان بن الْحَارِث آخذ بلجام البغلة وَرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول

(أَنا النَّبِي لَا كذب ... انا ابْن عبد الْمطلب)

وَأخرج مُسلم وَأَبُو عوَانَة وَالنَّسَائِيّ عَن الْعَبَّاس قَالَ اخذ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين حَصَيَات فَرمى بهَا فِي وُجُوه الْكفَّار ثمَّ قَالَ انْهَزمُوا وَرب مُحَمَّد فوَاللّه مَا هُوَ إِلَّا أَن رماهم بحصياته فَمَا زلت أرى حَدهمْ كليلا وَأمرهمْ مُدبرا

وَأخرج مُسلم عَن سَلمَة بن الاكوع قَالَ لما غشوا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين نزل عَن بغلته ثمَّ قبض قَبْضَة من تُرَاب من الأَرْض ثمَّ اسْتقْبل بِهِ وُجُوههم فَقَالَ شَاهَت الْوُجُوه فَمَا خلق اللّه مِنْهُم انسانا الا مَلأ عَيْنَيْهِ تُرَابا بِتِلْكَ القبضة فَوَلوا مُدبرين

واخرج احْمَد وَابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابي عبد الرَّحْمَن الفِهري أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين اخذ حفْنَة من تُرَاب فَحَثَا بهَا فِي وُجُوه الْقَوْم وَقَالَ شَاهَت الْوُجُوه فَأخْبرنَا انهم قَالُوا مَا بَقِي منا أحد إِلَّا امْتَلَأت عَيناهُ وفمه من التُّرَاب وَسَمعنَا صلصلة بَين السَّمَاء وَالْأَرْض كمر الْحَدِيد على الطست فَهَزَمَهُمْ اللّه

وَأخرج الْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ كنت مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين فولى النَّاس عَنهُ فَقَالَ ناولني كفا من تُرَاب فناولته فَضرب بِهِ وُجُوههم فامتلأت أَعينهم تُرَابا فولى الْمُشْركُونَ ادبارهم

واخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَابْن سعد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عِيَاض بن الْحَارِث النصري قَالَ أَخذ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين كفا من حَصى فَرمى بهَا وُجُوهنَا فَانْهَزَمْنَا

واخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن سُفْيَان الثَّقَفِيّ قَالَ قبض رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين قَبْضَة من الْحَصَى فَرمى بهَا فِي وُجُوهنَا فَانْهَزَمْنَا فَمَا خيل إِلَيْنَا إِلَّا ان كل حجر أَو شجر أَو فَارس يطلبنا واخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحَارِث بن بدل مثله

واخرج عبد بن حميد فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ عَن يزِيد بن عَامر السوَائِي وَكَانَ شهد حنينا مَعَ الْمُشْركين ثمَّ أسلم قَالَ اخذ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين قَبْضَة من الأَرْض فَرمى بهَا فِي وُجُوه الْمُشْركين وَقَالَ ارْجعُوا شَاهَت الْوُجُوه فَمَا اُحْدُ يلقاه اخوه إِلَّا وَهُوَ يشكو قذى فِي عَيْنَيْهِ وَيمْسَح عَيْنَيْهِ

وَأخرج عبد وَالْبَيْهَقِيّ عَنهُ أَيْضا أَنه سُئِلَ عَن الرعب الَّذِي القى اللّه فِي قُلُوبهم يَوْم حنين كَيفَ كَانَ فَكَانَ يَأْخُذ الْحَصَاة فَيَرْمِي بهَا فِي الطست فتطن فَيَقُول كُنَّا نجد فِي أجوافنا مثل هَذَا

واخرج مُسَدّد فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن مولى ام برثن قَالَ حَدثنِي رجل كَانَ فِي الْمُشْركين يَوْم حنين قَالَ لما الْتَقَيْنَا نَحن واصحاب رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لم يقومُوا لنا حلب شَاة إِن كفتناهم فَبَيْنَمَا نَحن نسوقهم فِي أدبارهم إِذا الْتَقَيْنَا إِلَى صَاحب البغلة الْبَيْضَاء فَإِذا هُوَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فتلقتنا عِنْده رجال بيض حسان الْوُجُوه فَقَالُوا لنا شَاهَت الْوُجُوه ارْجعُوا فرجعنا وركبوا اكتافنا وَكَانَت اياها

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي امية بن عبد اللّه بن

عَمْرو بن عُثْمَان بن عَفَّان أَنه حدث ان مَالك بن عَوْف بعث عيُونا فَأتوهُ وَقد تقطعت اوصالهم فَقَالَ وَيْلكُمْ مَا شَأْنكُمْ فَقَالُوا أَتَانَا رجال بيض على خيل بلق فوَاللّه مَا تماسكنا ان أَصَابَنَا مَا ترى

وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه قَالُوا لما انْتهى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى حنين بعث مَالك بن عَوْف ثَلَاثَة نفر يأتونه بِخَبَر اصحاب رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَرَجَعُوا إِلَيْهِ وَقد تَفَرَّقت اوصالهم من الرعب وَذَلِكَ لَيْلًا قبل الْقِتَال

وَأخرج ابْن اسحاق وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن جُبَير بن مطعم قَالَ إِنَّا لمع رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين وَالنَّاس يقتتلون إِذْ نظرت الى مثل البجاد الْأسود يهوي من السَّمَاء حَتَّى وَقع بَيْننَا وَبَين الْقَوْم فَإِذا نمل منثور قد مَلأ الْوَادي فَلم يكن إِلَّا هزيمَة الْقَوْم فَمَا كُنَّا نشك انها الْمَلَائِكَة

وَقَالَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي ابراهيم بن مُحَمَّد بن شُرَحْبِيل عَن أَبِيه قَالَ قَالَ النَّضر ابْن الْحَارِث خرجت مَعَ قُرَيْش إِلَى حنين وَنحن نُرِيد ان كَانَت دبرة على مُحَمَّد ان نعين عَلَيْهِ فَلم يمكنا ذَلِك فَلَمَّا صَار بالجعرانة وَإِنِّي لعلى مَا أَنا عَلَيْهِ تَلقانِي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّضر قلت لبيْك قَالَ هَذَا خير مِمَّا أردْت يَوْم حنين مِمَّا حَال اللّه بَيْنك وَبَينه فَأَقْبَلت سَرِيعا فَقلت اشْهَدْ ان لَا إِلَه إِلَّا اللّه واشهد ان مُحَمَّدًا رَسُول اللّه فَقَالَ اللّهمَّ زده ثباتا قَالَ فوالذي بَعثه بِالْحَقِّ لكأن قلبِي حجر ثباتا فِي الدّين وبصيرة بِالْحَقِّ اخرجه ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق صدفة بن سعيد عَن مُصعب بن شيبَة ابْن عُثْمَان الحجي عَن أَبِيه قَالَ خرجت مَعَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين وَاللّه مَا خرجت إسلاما وَلَكِن خرجت إتقاء ان تظهر هوَازن على قُرَيْش فوَاللّه إِنِّي لواقف مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِذْ قلت يَا نَبِي اللّه إِنِّي لأرى خيلا بلقا قَالَ يَا شيبَة إِنَّه لَا يَرَاهَا إِلَّا كاقر قَالَ فَضرب بِيَدِهِ صَدْرِي فَقَالَ اللّهمَّ اهد شيبَة فَفعل ذَلِك ثَلَاثًا فَمَا رفع النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَده عَن صَدْرِي الثَّالِثَة حَتَّى مَا اجد من خلق اللّه احب

الي مِنْهُ قَالَ فالقى الْمُسلمُونَ فَقتل من قتل ثمَّ أقبل النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَعمر آخذ باللجام وَالْعَبَّاس آخذ بالثفر فَنَادَى الْعَبَّاس ايْنَ الْمُهَاجِرُونَ أَيْن اصحاب سُورَة الْبَقَرَة بِصَوْت عَال هَذَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأقبل النَّاس وَالنَّبِيّ صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول قدماها

(انا النَّبِي غير كذب ... انا ابْن عبد الْمطلب)

فَأقبل الْمُسلمُونَ فاصطكوا بِالسُّيُوفِ فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْآن حمي الْوَطِيس

وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الْملك بن عبيد وَغَيره قَالُوا كَانَ شيبَة ابْن عُثْمَان يحدث عَن اسلامه قَالَ لما كَانَ عَام الْفَتْح وَدخل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة عنْوَة قلت أَسِير مَعَ قُرَيْش إِلَى هوَازن بحنين فَعَسَى ان اختلطوا أَن أُصِيب من مُحَمَّد غرَّة فَأَكُون أَنا الَّذِي قُمْت بثأر قُرَيْش كلهَا وَأَقُول لَو لم يبْق من الْعَرَب والعجم أحذ إِلَّا اتبع مُحَمَّدًا مَا اتبعته ابدا فَكنت مرْصدًا لما خرجت لَهُ لَا يزْدَاد الْأَمر فِي نَفسِي إِلَّا قُوَّة فَلَمَّا اخْتَلَط النَّاس اقتحم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عَن بغلته وأصلت السَّيْف ودنوت أُرِيد مَا أُرِيد مِنْهُ وَرفعت سَيفي حَتَّى كدت أسوره فَرفع لي شواط من نَار كالبرق كَاد يمحشني فَوضعت يَدي على بَصرِي خوفًا عَلَيْهِ والتفت إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فناداني يَا شيبَة ادن مني فدنوت فَمسح صَدْرِي ثمَّ قَالَ اللّهمَّ اعذه من الشَّيْطَان قَالَ فوَاللّه لَهو كَانَ ساعتئذ احب الي من سَمْعِي وبصري وَنَفْسِي وأذهب اللّه مَا كَانَ بِي ثمَّ قَالَ ادن فقاتل فتقدمت أَمَامه اضْرِب بسيفي اللّه يعلم اني احب أَن أقيه بنفسي كل شَيْء وَلَو لقِيت تِلْكَ السَّاعَة أبي لَو كَانَ حَيا لأوقعت بِهِ السَّيْف حَتَّى رَجَعَ إِلَى مُعَسْكَره فَدخل خباءه فَدخلت عَلَيْهِ فَقَالَ يَا شيبَة الَّذِي اراد اللّه بك خيرا مِمَّا أردْت بِنَفْسِك ثمَّ حَدثنِي بِكُل مَا اضمرت فِي نَفسِي مِمَّا لم اذكره لأحد قطّ فَقلت بِأبي أشهد ان لَا إِلَه إِلَّا اللّه وانك رَسُول اللّه ثمَّ قلت اسْتغْفر لي يَا رَسُول اللّه قَالَ غفر اللّه لَك

وَأخرج ابو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق ابْن الْمُبَارك عَن ابي بكر الْهُذلِيّ عَن عِكْرِمَة قَالَ قَالَ شيبَة بن عُثْمَان لما غزا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين تذكرت أبي وَعمي قَتلهمَا عَليّ وَحَمْزَة فَقلت الْيَوْم أدْرك ثَأْرِي من مُحَمَّد فَجِئْته فَإِذا انا بِالْعَبَّاسِ عَن يَمِينه فَقلت عَمه لن يَخْذُلهُ فَجِئْته عَن يسَاره فَإِذا أَنا بِأبي سُفْيَان بن الْحَارِث فَقلت ابْن عَمه لن يَخْذُلهُ فَجِئْته من خَلفه فدنوت حَتَّى إِذا لم يبْق إِلَّا ان اسوره سُورَة السَّيْف رفع لي شهَاب من نَار كالبرق فخفته فكنصت الْقَهْقَرَى فَالْتَفت إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ تعالي يَا شيب فَوضع رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَده على صَدْرِي فاستخرج اللّه الشَّيْطَان من قلبِي فَرفعت إِلَيْهِ بَصرِي وَهُوَ أحب إِلَيّ من سَمْعِي وبصري وَمن كَذَا فَقَالَ لي يَا شيب قَاتل الْكفَّار ثمَّ قَالَ يَا عَبَّاس أصرخ بالمهاجرين الَّذين بَايعُوا تَحت الشَّجَرَة وبالأنصار الَّذين آووا ونصروا قَالَ فَمَا شبهت عطفة الانصار على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا عطفة الْإِبِل على أَوْلَادهَا حَتَّى ترك رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّهُ فِي حرجة قَالَ فلرماح الْأَنْصَار كَانَت أخوف عِنْدِي على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من رماح الْكفَّار ثمَّ قَالَ يَا عَبَّاس ناولني من الْحَصْبَاء قَالَ وأفقه اللّه البغلة كَلَامه فانخفضت بِهِ حَتَّى كَاد بَطنهَا يمس الأَرْض قَالَ فَتَنَاول رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من الْبَطْحَاء فَحَثَا فِي وُجُوههم وَقَالَ شَاهَت الْوُجُوه حم لَا ينْصرُونَ

وَأخرج أَبُو نعيم عَن انس قَالَ انهزم الْمُسلمُونَ بحنين وَرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على بغلته الشَّهْبَاء وَكَانَ اسْمهَا دُلْدُل فَقَالَ لَهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم دُلْدُل الْبَدِيِّ فألزقت بَطنهَا بِالْأَرْضِ فَأخذ حفْنَة من تُرَاب فَرمى بهَا فِي وُجُوههم وَقَالَ حم لَا ينْصرُونَ فَانْهَزَمَ الْقَوْم وَمَا رمينَا بِسَهْم وَلَا طَعنا بِرُمْح

وَأخرج الْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق حشرج بن عبد اللّه بن حشرج عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ عَائِذ بن عمر وأصابتني رمية يَوْم حنين فِي جبهتي

فَسَالَ الدَّم على وَجْهي وصدري فسلت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الدَّم بِيَدِهِ عَن وَجْهي وصدري إِلَى ثندوتي ثمَّ دَعَا لي فَرَأَيْنَا أثر يَد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى مُنْتَهى مَا مسح من صَدره فَإِذا غرَّة سابلة كغرة الْفرس

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر ان خَالِد بن الْوَلِيد جرح يَوْم حنين فتفل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي جرحه فبرأ

وَأخرج ابْن سعد عَن عبد اللّه بن الزبير قَالَ شهد صَفْوَان بن أُميَّة حنينا مَعَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ كَافِر ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْجِعِرَّانَة فَبَيْنَمَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يسير فِي الْغَنَائِم ينظر إِلَيْهَا وَمَعَهُ صَفْوَان فَجعل صَفْوَان ينظر إِلَى شعب مَلأ نعم وَشاء ورعاء فأدام النّظر إِلَيْهِ فَقَالَ أَبَا وهب يُعْجِبك هَذَا الشّعب قَالَ نعم قَالَ هُوَ لَك وَمَا فِيهِ فَقَالَ صَفْوَان عِنْد ذَلِك مَا طابت نفس اُحْدُ بِمثل هَذَا الا نفس نَبِي فَأسلم مَكَانَهُ

وَأخرج ابو نعيم عَن عَطِيَّة السَّعْدِيّ انه كَانَ مِمَّن كلم النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي سبي هوزان فَكلم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اصحابه فَردُّوا عَلَيْهِ سَبْيهمْ إِلَّا رجلا فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اللّهمَّ اخس سَهْمه فَكَانَ يمر بالجارية الْبكر وبالغلام فيدعه حَتَّى مر بِعَجُوزٍ فَقَالَ إِنِّي آخذ هَذِه فَإِنَّهَا أم حَيّ فسيفدونها مني بِمَا قدرُوا عَلَيْهِ فَكبر عَطِيَّة وَقَالَ اخذها وَاللّه مَا فوها ببارد وَلَا ثديها بناهد وَلَا وافرها بِوَاحِد عَجُوز يَا رَسُول اللّه سَيِّئَة بتراء مَا لَهَا اُحْدُ فَلَمَّا رأى انه لَا يعرض لَهَا اُحْدُ تَركهَا

واخرج ابو نعيم عَن سَلمَة بن الاكوع قَالَ غزونا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم هوزان فأصابنا جهد شَدِيد فَدَعَا بنطفة من مَاء فِي أداوة فَأمر بهَا فصبت فِي قدح فَجعلنَا نتطهر بِهِ حَتَّى تطهرنا جَمِيعًا

بَاب مَا وَقع فِي غَزْوَة الطَّائِف من المعجزات

اخْرُج الزبير بن بكار وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن سعيد بن عبيد الثَّقَفِيّ قَالَ رَأَيْت أَبَا سُفْيَان بن حَرْب يَوْم الطَّائِف قَاعِدا فِي حَائِط ابْن يعلى يَأْكُل ثَمَرَة فرميته فأصيبت عينه فَأتى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول اللّه هَذِه عَيْني أُصِيبَت فِي سَبِيل اللّه فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِن شِئْت دَعَوْت اللّه فَردَّتْ عَلَيْك وَإِن شِئْت فالجنة قَالَ الْجنَّة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عُرْوَة قَالَ اسْتَأْذن عُيَيْنَة بن حصن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْتِي اهل الطَّائِف يكلمهم لَعَلَّ اللّه ان يهْدِيهم فَأذن لَهُ فَأَتَاهُم فَقَالَ تمسكوا بمكانكم وَاللّه لنَحْنُ أذلّ من العبيد وَأقسم بِاللّه لَو حدث بِهِ حدث لتمسن الْعَرَب عزا ومنعة فَتمسكُوا بحصنكم وَإِيَّاكُم ان تعطوا بأيدكم وَلَا يتكاثرون عَلَيْكُم قطع هَذِه الشَّجَرَة ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَاذَا قلت لَهُم قَالَ قلت لَهُم وأمرتهم بالاسلام ودعوتهم إِلَيْهِ وحذرتهم النَّار ودللتهم إِلَى الْجنَّة قَالَ كذبت بل قلت لَهُم كَذَا وَكَذَا فَقَالَ صدقت يَا رَسُول اللّه أَتُوب إِلَى اللّه وَإِلَيْك من ذَلِك قَالَ وَأَقْبَلت خَوْلَة بنت حَكِيم فَقَالَت يَا رَسُول اللّه مَا يمنعك ان تنهض إِلَى اهل الطَّائِف قَالَ لم يُؤذن لنا حَتَّى الْآن فيهم وَمَا أَظن ان نفتحها الْآن فَقَالَ عمر بن الْخطاب أَلا تَدْعُو اللّه عَلَيْهِم وتنهص إِلَيْهِم لَعَلَّ اللّه يفتحها قَالَ لم يُؤذن لنا فِي قِتَالهمْ ثمَّ قفل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم رَاجعا وَقَالَ حِين ركب قَافِلًا اللّهمَّ اهدهم واكفنا مؤونتهم

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن اسحاق نَحوه وَزَاد فَجَاءَهُ وفدهم فِي رَمَضَان فأسلموا قَالَ ابْن اسحاق وَبَلغنِي ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي بكر وَهُوَ محاصر ثقيفا إِن رَأَيْت اني اهديت لي قعبة مَمْلُوءَة زبدا فنقرها ديك فأهراق مَا فِيهَا فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول اللّه مَا اظن ان تدْرك مِنْهُم يَوْمك هَذَا مَا تُرِيدُ قَالَ وَلَا انا مَا ارى ذَلِك

وَأخرج ابْن سعد عَن الْحسن قَالَ حاصر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أهل الطَّائِف فَقَالَ عمر يَا نَبِي اللّه ادْع على ثَقِيف قَالَ إِن اللّه لم يَأْذَن لي فِي ثَقِيف قَالَ فَكيف نقْتل فِي قوم لم يَأْذَن اللّه فيهم فارتحلوا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وابو نعيم عَن ابْن عَمْرو سَمِعت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول حِين خرجنَا مَعَه إِلَى الطَّائِف فمررنا بِقَبْر فَقَالَ هَذَا قبر أبي رِغَال وَهُوَ أَبُو ثَقِيف وَكَانَ من ثَمُود وَكَانَ بِهَذَا الْحرم يدْفع عَنهُ فَلَمَّا خرج اصابته النقمَة الَّتِي اصابت قومه بِهَذَا الْمَكَان فَدفن فِيهِ وَآيَة ذَلِك انه دفن مَعَه غُصْن من ذهب إِن انتم نَبَشْتُمْ عَنهُ اصبتموه فَابْتَدَرَهُ النَّاس فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ الْغُصْن

وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اعْتَمر من الْجِعِرَّانَة وَقَالَ اعْتَمر مِنْهَا سَبْعُونَ نَبيا

بَاب مَا وَقع فِي سَرِيَّة قُطْبَة وَذَلِكَ فِي صفر سنة تسع

اخْرُج ابْن سعد من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه قَالُوا بعث رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قُطْبَة بن عَامر فِي عشْرين رجلا إِلَى خثعم بِنَاحِيَة تبَالَة وَأمره ان يَشن الْغَارة عَلَيْهِم فَخَرجُوا فَشُنُّوا عَلَيْهِم الْغَارة فَاقْتَتلُوا قتالا شَدِيدَة وَقتل قُطْبَة من قتل وَسَاقُوا النعم وَالشَّاء وَالنِّسَاء إِلَى الْمَدِينَة وَجَاء سيل اتى فحال بَينه وَبينهمْ فَمَا يَجدونَ إِلَيْهِ سَبِيلا

بَاب آيَة فِي غَزْوَة أُخْرَى

اخْرُج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي طَلْحَة قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة فلقي الْعَدو فَسَمعته يَقُول يَا مَالك يَوْم الدّين إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين فَلَقَد رَأَيْت الرِّجَال تصرع تضربها الْمَلَائِكَة من بَين يَديهَا وَمن خلفهَا

بَاب مَا وَقع فِي غَزْوَة تَبُوك من المعجزات

اخْرُج ابْن اسحاق وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ لما سَار رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى تَبُوك تخلف رجال ثمَّ لحقه أَبُو ذَر فَنظر نَاظر من الْمُسلمين فَقَالَ يَا رَسُول اللّه هَذَا رجل يمشي على الطَّرِيق فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كن أَبَا ذَر فَلَمَّا تَأمله الْقَوْم قَالُوا يَا رَسُول اللّه هُوَ وَاللّه أَبُو ذَر فَقَالَ يرحم اللّه أَبَا ذَر يمشي وَحده وَيَمُوت وَحده وَيبْعَث وَحده فَضرب الدَّهْر من ضربه وسير أَبُو ذَر الى الربذَة فَمَاتَ بهَا وَعِنْده امْرَأَته وَغُلَامه فَوضع على قَارِعَة الطَّرِيق فَاطلع ركب فيهم ابْن مَسْعُود فَقَالَ مَا هَذَا فَقيل جَنَازَة أبي ذَر فَبكى ابْن مَسْعُود وَقَالَ صدق رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يرحم اللّه أَبَا ذَر يمشي وَحده وَيَمُوت وَحده وَيبْعَث وَحده ثمَّ نزل فَوَلِيه بِنَفسِهِ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي عبد اللّه بن أبي بكر بن حزم أَن أَبَا خَيْثَمَة لحق النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فأدركه بتبوك حِين نزلها فَقَالَ النَّاس هَذَا رَاكب على الطَّرِيق مقبل فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كن أَبَا خَيْثَمَة فَقَالُوا هُوَ وَاللّه ابو خَيْثَمَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عُرْوَة ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حِين نزل بتبوك وَكَانَ فِي زمَان قل مَاؤُهَا فِيهِ فاغترف غرفَة بِيَدِهِ من مَاء فَمَضْمض بهَا فَاه ثمَّ بصقه فِيهَا ففارت عينهَا حَتَّى امْتَلَأت فَهِيَ كَذَلِك حَتَّى السَّاعَة

وَأخرج مُسلم عَن معَاذ بن جبل أَنهم خَرجُوا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عَام تَبُوك فَقَالَ انكم ستأتون غَدا إِن شَاءَ اللّه عين تَبُوك وانكم لن تأتوها حَتَّى يُضحي النَّهَار فَمن جاءها فَلَا يمس من مَائِهَا شَيْئا فَأَتَاهَا وَالْعين مثل الشرَاك تبض بِشَيْء من مَاء فغرف من الْعين قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى اجْتمع فِي شَيْء ثمَّ غسل فِيهِ وَجهه وَيَديه ثمَّ اعاده فِيهَا فجرت الْعين بِمَاء كثير فاستقى النَّاس ثمَّ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يُوشك يَا معَاذ ان طَالَتْ بك حَيَاة ان ترى مَا هَا هُنَا قد ملئ جنَانًا

وَأخرج ابْن اسحاق نَحوه وَفِيه فانخرق من المَاء حَتَّى كَانَ يَقُول من سَمعه ان لَهُ حسا كحس الصَّوَاعِق وَذَلِكَ المَاء فوارة تَبُوك الْيَوْم

واخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك عَن جَابر قَالَ انْتهى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى تَبُوك وعينها تبض بِمَاء يسير مثل الشرَاك فشكونا الْعَطش فَأَمرهمْ فَجعلُوا فِيهَا سهاما دَفعهَا إِلَيْهِم فَجَاشَتْ بِالْمَاءِ فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لِمعَاذ يُوشك يَا معَاذ ان طَالَتْ بك حَيَاة ان ترى مَا هَا هُنَا قد ملئ جنَانًا

واخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لما كَانَ يَوْم غَزْوَة تَبُوك أصَاب النَّاس مجاعَة فَقَالُوا يَا رَسُول اللّه لَو اذنت لنا نَنْحَر نواضحنا فأكلنا وادهنا فَقَالَ عمر يَا رَسُول اللّه ان فعلت قل الظّهْر وَلَكِن أَدَعهُ بِفضل أَزْوَادهم وادع اللّه لَهُم فِيهَا بِالْبركَةِ لَعَلَّ اللّه ان يَجْعَل فِي ذَلِك بلاغا فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نعم فَدَعَا بنطع فبسطه ثمَّ دَعَا بِفضل ازوادهم فَجعل الرجل يَأْتِي بكف ذرة وَيَجِيء الآخر بكف تمر وَيَجِيء الآخر بكسرة حَتَّى اجْتمع على النطع من ذَلِك شَيْء يسير فَدَعَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِالْبركَةِ ثمَّ قَالَ لَهُم خُذُوا فِي اوعيتكم حَتَّى مَا تركُوا فِي الْعَسْكَر وعَاء إِلَّا ملأوه فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وفضلت فضلَة فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اشْهَدْ ان لَا إِلَه إِلَّا اللّه واني رَسُول اللّه لَا يلقِي اللّه بهَا عبد غير شَاك فيحجب عَن الْجنَّة

واخرج ابْن رَاهَوَيْه وَأَبُو يعلى وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن عمر بن الْخطاب قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك فاصابنا جوع شَدِيد فَقلت يَا رَسُول اللّه خرج الينا الرّوم وهم شباع وَنحن جِيَاع وأرادت الْأَنْصَار ان ينحروا نواضحهم فَنَادَى فِي النَّاس من كَانَ عِنْده فضل من زَاد فليأتنا فحزرنا جَمِيع مَا جاؤوا بِهِ فوجدوه سبعا وَعشْرين صَاعا فَجَلَسَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جنبه فَدَعَا فِيهِ بِالْبركَةِ ثمَّ قَالَ يَا أَيهَا النَّاس خُذُوا وَلَا تنتهبوا فَأخذُوا فِي الجرب والعرائر حَتَّى جعل الرجل يعْقد قَمِيصه فَيَأْخُذ فِيهِ حَتَّى صدرُوا وَإنَّهُ نَحْو مَا كَانُوا يحزرون

فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اشْهَدْ ان لَا إِلَه إِلَّا اللّه واني رَسُول اللّه لَا يَأْتِي بهما عبد محق إِلَّا وَقَاه اللّه حر النَّار

وَأخرج ابو نعيم من طَرِيق ابي خَالِد الْخُزَاعِيّ يزِيد بن يحيى عَن مُحَمَّد بن حَمْزَة ابْن عَمْرو الاسلمي عَن أَبِيه عَن جده قَالَ خرج رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى غَزْوَة تَبُوك وَكنت على النحي ذَلِك السّفر فَنَظَرت إِلَى نحي السّمن قد قل مَا فِيهِ وَهَيَّأْت للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم طَعَاما فَوضعت النحي فِي الشَّمْس ونمت فانتهبت بخرير النحي فَقُمْت فَأخذت رَأسه بيَدي فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ورآني لَو تركته لَسَالَ الْوَادي سمنا

وَأخرج ابْن سعد عَن حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ قَالَ لما كُنَّا بتبوك وَنَفر المُنَافِقُونَ بِنَاقَة رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعقبَة حَتَّى سقط بعض مَتَاع رَحْله قَالَ حَمْزَة فنول لي فِي أصابعي الْخمس فأضأن حَتَّى جعلت ألقط مَا شَذَّ من الْمَتَاع السَّوْط وَالْحَبل وأشابه ذَلِك

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة قَالَ كنت مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بتبوك فَقَالَ لَيْلَة لِبلَال هَل من عشَاء فَقَالَ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لقد نفضنا جربنَا قَالَ انْظُر عَسى ان تَجِد شَيْئا فَأخذ الجرب ينفضها جرابا جرابا فَتَقَع التمرة وَالتَّمْرَتَانِ حَتَّى رَأَيْت فِي يَده سبع تمرات ثمَّ دَعَا بصحفة فَوضع التَّمْر فِيهَا ثمَّ وضع يَده فِيهَا على التمرات وَقَالَ كلوا بِسم اللّه فأكلنا ثَلَاثَة أنفس فاحصيت اربعا وَخمسين تَمْرَة أعدهَا عدا نَوَاهَا فِي يَدي الْأُخْرَى وصاحباي يصنعان كَذَلِك فشبعنا ورفعنا أَيْدِينَا فَإِذا التمرات السَّبع كَمَا هِيَ فَقَالَ يَا بِلَال ارفعها فَإِنَّهُ لَا يَأْكُل مِنْهَا اُحْدُ إِلَّا نهل مِنْهَا شبعا فَلَمَّا كَانَ من الْغَد دَعَا بِلَال بالتمرات فَوضع يَده عَلَيْهِنَّ ثمَّ قَالَ كلوا باسم اللّه فأكلنا حَتَّى شبعنا وانا لعشرة ثمَّ رفعنَا ايدينا وَإِذا التمرات كَمَا هِيَ فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَوْلَا اني

استحيي من رَبِّي لأكلنا من هَذِه التمرات حَتَّى نرد الْمَدِينَة عَن آخِرنَا وأعطاهن غُلَاما فولى وَهُوَ يلوكهن

وَأخرج ابو نعيم عَن الْوَاقِدِيّ قَالَ قَالَ رجل من بني سعد جِئْت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بتبوك وَهُوَ فِي نفر من اصحابه وَهُوَ سابعهم فَأسْلمت فَقَالَ يَا بِلَال اطعمنا فَبسط نطعا ثمَّ جعل يخرج من حميت لَهُ فَأخْرج شَيْئا من تمر معجون بالسمن والأقط فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كلوا فأكلنا حَتَّى شبعنا فَقلت يَا رَسُول اللّه إِن كنت لآكل هَذَا وحدي ثمَّ جِئْته من الْغَد فَإِذا عشرَة نفر حوله فَقَالَ أطعمنَا يَا بِلَال فَجعل يخرج من جراب تَمرا بكفه قَبْضَة قَبْضَة فَقَالَ اخْرُج وَلَا تخف من ذِي الْعَرْش اقتارا فجَاء بالجراب فنثره فحزرته مَدين فَوضع النَّبِي يَده على التَّمْر ثمَّ قَالَ كلوا بِسم اللّه فَأكل الْقَوْم وأكلت مَعَهم حَتَّى مَا أجد لَهُ مسلكا وَبَقِي على النطع مثل الَّذِي جَاءَ بِهِ كأنا لم نَأْكُل مِنْهُ تَمْرَة وَاحِدَة ثمَّ غَدَوْت من الْغَد وَعَاد نفر عشرَة وَيزِيدُونَ رجلا أَو رجلَيْنِ فَقَالَ يَا بِلَال اطعمنا فجَاء بذلك الجراب بِعَيْنِه فنثره فَوضع يَده وَقَالَ كلوا بِسم اللّه فأكلنا ثمَّ رفع مثل الَّذِي صب فَفعل ذَلِك ثَلَاثَة أَيَّام

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وابو نعيم عَن أبي قَتَادَة قَالَ بَينا نَحن مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نسير فِي الْجَيْش إِذْ لحقهم عَطش كَادَت تقطع أَعْنَاق الرِّجَال وَالْخَيْل والركاب عطشا فَدَعَا بركوة فِيهَا مَاء فَوضع أَصَابِعه عَلَيْهَا فنبع المَاء من بَين أَصَابِعه فاستقى النَّاس وفاض المَاء حَتَّى ترووا وأرووا خيلهم وركابهم وَكَانَ فِي الْعَسْكَر اثْنَا عشر الف بعير وَالنَّاس ثَلَاثُونَ ألفا وَالْخَيْل إثنا عشر ألف فرس قَالَ وَكَانَ فِي تَبُوك أَرْبَعَة أَشْيَاء فَبينا رَسُول اللّه يسير منحدر الْمَدِينَة وَهُوَ فِي قيظ شَدِيد عَطش الْعَسْكَر بعد الْمَرَّتَيْنِ الْأَوليين عطشا شَدِيدا حَتَّى لَا يُوجد مَاء قَلِيل وَلَا كثير فَأرْسل أسيد بن حضير فَخرج فِيمَا بَين تَبُوك وَالْحجر فَجعل يضْرب فِي كل وَجه فيجد راوية من مَاء من امْرَأَة من بلي فكلمها وَجَاء بهَا فَدَعَا فِيهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِالْبركَةِ ثمَّ قَالَ هلموا اسقيكم فَلم يبْق سقاء إِلَّا ملأوه ثمَّ دَعَا

بركابهم وخيولهم فسقوها حَتَّى نهلت وَيُقَال إِنَّه امْر بِمَا جَاءَ بِهِ أسيد فَصَبَّهُ فِي قَعْب عَظِيم فَأدْخل يَده فِيهِ وَغسل وَجهه وَرجلَيْهِ وَصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ رفع يَده مدا ثمَّ انْصَرف وان الْقَعْب ليفور فَقَالَ ردوا واتسع المَاء وانبسط النَّاس حَتَّى يصف عَلَيْهِ الْمِائَة والمائتان فارووا وَإِن الْقَعْب ليجيش بِالرَّوَاءِ

وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس انه قيل لعمر بن الْخطاب حَدثنَا من شَأْن السَّاعَة الْعسرَة فَقَالَ خرجنَا إِلَى تَبُوك فِي قيظ شَدِيد فنزلنا منزلا منزلا اصابنا فِيهِ عَطش حَتَّى ظننا ان رقابنا ستنقطع حَتَّى ان كَانَ الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه وَيجْعَل مَا بَقِي على كبده فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول اللّه ان اللّه قد عودك فِي الدُّعَاء خيرا فَادع اللّه فَرفع يَدَيْهِ فَلم يرجعهما حَتَّى قَالَت السَّمَاء فأظلت ثمَّ سكبت فملأوا مَا مَعَهم ثمَّ ذَهَبْنَا نَنْظُر فَلم نجدها جَازَت الْعَسْكَر

وَأخرج ابو نعيم عَن عَبَّاس بن سُهَيْل قَالَ اصبح النَّاس وَلَا مَاء مَعَهم فشكوا ذَلِك إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَا اللّه فَأرْسل اللّه سَحَابَة فأمطرت حَتَّى ارتوى النَّاس وَاحْتَملُوا حَاجتهم من المَاء

وَأخرج ابْن ابي حَاتِم عَن ابي خزرة قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة فِي رجل من الانصار فِي غَزْوَة تَبُوك ونزلوا الْحجر فَأَمرهمْ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ان لَا يحملوا من مَائِهَا شَيْئا ثمَّ ارتحل ثمَّ نزل منزلا آخر وَلَيْسَ مَعَهم مَاء فشكوا ذَلِك الى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ دَعَا فَأرْسل اللّه سُبْحَانَهُ فأمطرت عَلَيْهِم حَتَّى استقوا مِنْهَا فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار لآخر من قومه يتهم بالنفاق وَيحك قد ترى مَا دَعَا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأمْطر اللّه علينا السَّمَاء فَقَالَ انما مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا فَأنْزل اللّه {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون}

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نيعم من طَرِيق ابْن اسحاق عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن مَحْمُود بن لبيد عَن رجال من بني عبد الْأَشْهَل قَالُوا أصبح النَّاس وَلَا مَاء

مَعَهم فشكوا ذَلِك إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَا اللّه فَأرْسل سَحَابَة فأمطرت حَتَّى ارتوى النَّاس وَاحْتَملُوا حَاجتهم من المَاء قَالَ عَاصِم وَأَخْبرنِي رجال من قومِي ان رجلا من الْمُنَافِقين كَانَ مَعْرُوفا نفَاقه فَلَمَّا أمْطرت السحابة وارتوى النَّاس قُلْنَا لَهُ وَيحك هَل بعد هَذَا من شَيْء قَالَ سَحَابَة مارة ثمَّ ضلت نَاقَة رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الْمُنَافِق أَلَيْسَ مُحَمَّد يزْعم انه نَبِي وَيُخْبِركُمْ خبر السَّمَاء وَهُوَ لَا يدْرِي أَيْن نَاقَته فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده عمَارَة بن حزم إِن رجلا قَالَ هَذَا مُحَمَّد يُخْبِركُمْ انه نَبِي وَيُخْبِركُمْ بِأَمْر السَّمَاء وَهُوَ لَا يدْرِي أَيْن نَاقَته وَإِنِّي وَاللّه مَا أعلم إِلَّا مَا عَلمنِي اللّه وَقد دلَّنِي اللّه عَلَيْهَا هِيَ بالوادي من شعب كَذَا قد حبستها الشَّجَرَة بزمامها فَانْطَلقُوا فَجَاءُوا بهَا فَرجع عمَارَة إِلَى رَحْله فَحَدثهُمْ عَمَّا قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من خبر الرجل فَقَالَ رجل كَانَ فِي رَحل عمَارَة انما قَالَ الْمُنَافِق وَاللّه هَذِه الْمقَالة قبل أَن تَأتي

وَأخرج مُسلم عَن أبي حميد قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك فاتينا وَادي الْقرى على حديقة لامْرَأَة فَقَالَ اخرصوها فخرصناها وخرصها رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عشرَة أوسق وَقَالَ احصيها حَتَّى نرْجِع إِلَيْك إِن شَاءَ اللّه تَعَالَى فَانْطَلَقْنَا حَتَّى قدمنَا تَبُوك فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ستهب عَلَيْكُم اللَّيْلَة ريح شَدِيدَة فَلَا يقم فِيهَا أحد مِنْكُم وَمن كَانَ لَهُ بعير فليشد عقاله فَهبت ريح شَدِيدَة فَقَامَ رجل فَحَملته الرّيح حَتَّى ألقته بجبل طَيء ثمَّ أَقبلنَا حَتَّى قدمنَا وَادي الْقرى فَسَأَلَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْمَرْأَة عَن حديقتها كم بلغ تمرها فَقَالَت بلغ عشرَة أوسق

وَأخرج ابْن سعد بِسَنَد صَحِيح عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَنه سُئِلَ هَل أم النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اُحْدُ من هَذِه الامة غير أبي بكر قَالَ نعم كُنَّا فِي سفر فَلَمَّا كَانَ من السحر انْطلق وَانْطَلَقت مَعَه حَتَّى تبرزنا عَن النَّاس فَنزل عَن رَاحِلَته فتغيب عني حَتَّى مَا أرَاهُ فَمَكثَ طَويلا ثمَّ جَاءَ فَصَبَبْت عَلَيْهِ فَتَوَضَّأ وَمسح خفيه ثمَّ ركبنَا فَأَدْرَكنَا النَّاس وَقد اقيمت الصَّلَاة فتقدمهم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَقد صلى بهم رَكْعَة وهم فِي الثَّانِيَة فَذَهَبت أؤذنه فنهاني فصلينا الرَّكْعَة الَّتِي أدركنا وقضينا الَّتِي سبقتنا فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حِين صلى خلف عبد الرَّحْمَن بن عَوْف مَا قبض نَبِي قطّ

حَتَّى يُصَلِّي خلف رجل صَالح من أمته قَالَ ابْن سعد ذكرت هَذَا الحَدِيث لِلْوَاقِدِي فَقَالَ كَانَ هَذَا فِي غَزْوَة تَبُوك

واخرج الْبَزَّار عَن أبي بكر الصّديق رَضِي اللّه عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَا قبض نَبِي حَتَّى يؤمه رجل من أمته

وَأخرج ابْن اسحاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حِين نزل بِالْحجرِ لَا يخْرجن اُحْدُ مِنْكُم اللَّيْلَة إِلَّا وَمَعَهُ صَاحب لَهُ فَفعل النَّاس مَا امرهم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا رجلَيْنِ خرج احدهما لِحَاجَتِهِ وَخرج الآخر فِي طلب بعير لَهُ فَأَما الَّذِي ذهب لِحَاجَتِهِ فَإِنَّهُ خنق على مذْهبه وَأما الَّذِي ذهب فِي طلب بعيره فاحتملته الرّيح حَتَّى طرحته بجبل طَيء فاخبر بذلك رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ألم انهكم ان يخرج رجل الا وَمَعَهُ صَاحب لَهُ ثمَّ دَعَا للَّذي اصيب فِي مذْهبه فشفي وَأما الآخر فَإِنَّهُ وصل إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حِين قدم من تَبُوك

لِقَاء إلْيَاس مَعَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَبَيَان ارْتِفَاع قامته عَلَيْهِ السَّلَام

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أنس قَالَ غزونا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى اذا كُنَّا عِنْد الْحجر إِذا نَحن بِصَوْت يَقُول اللّهمَّ اجْعَلنِي من أمة مُحَمَّد المرحومة المغفور لَهَا المستجاب لَهَا فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَا أنس انْظُر مَا هَذَا الصَّوْت فَدخلت الْجَبَل فَإِذا رجل عَلَيْهِ ثِيَاب بَيْضَاء أَبيض الرَّأْس واللحية طوله اكثر من ثَلَاثمِائَة ذِرَاع فَلَمَّا رَآنِي قَالَ أَنْت رَسُول النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قلت نعم قَالَ ارْجع إِلَيْهِ فاقرأه السَّلَام وَقل لَهُ هَذَا أَخُوك إلْيَاس يُرِيد ان يلقاك فَرَجَعت إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فجَاء يمشي وَأَنا مَعَه حَتَّى اذا كُنَّا مِنْهُ قَرِيبا تقدم النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وتأخرت انا فتحدثا طَويلا فَنزل عَلَيْهِمَا من السَّمَاء شَيْء شبه السفرة وَدَعَانِي فَأكلت مَعَهُمَا فَإِذا فِيهَا كمأة ورمان وحوت وتمر وكرفس فَلَمَّا

أكلت قُمْت فتنحين ثمَّ جَاءَت سَحَابَة فَحَملته وَأَنا أنظر إِلَى بَيَاض ثِيَابه فِيهَا تهوي بِهِ قبل السَّمَاء

وَأخرج ابْن شاهين وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد فِيهِ مَجْهُول عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ غزونا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم غَزْوَة تَبُوك حَتَّى إِذا كُنَّا بِبِلَاد جذام وَكَانَ قد اصابنا عَطش فَإِذا بَين أَيْدِينَا اناء وعنب فسرنا ميلًا فَإِذا بغدير حَتَّى إِذا ذهب ثلث اللَّيْل اذا نَحن بمناد يَقُول اللّهمَّ اجْعَلنِي من أمة مُحَمَّد المرحومة فَذكر الحَدِيث نَحْو مَا تقدم إِلَّا أَنه قَالَ فِي طوله أَعلَى منا بذراعين أَو ثَلَاث

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن فضَالة بن عبيد ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم غزا غَزْوَة تَبُوك فجهد الظّهْر جهدا شَدِيدا فشكوا إِلَيْهِ ذَلِك ورآهم يزجون ظهْرهمْ فَوقف فِي مضيق وَالنَّاس يَمرونَ فِيهِ فَنفخ فِيهَا وَقَالَ اللّهمَّ احْمِلْ عَلَيْهَا فِي سَبِيلك فانك تحمل على الْقوي والضعيف وَالرّطب واليابس فِي الْبَحْر وَالْبر فاستمرت فَمَا دَخَلنَا الْمَدِينَة إِلَّا وَهِي تنازعنا ازمتها يزجون بزاي وجيم يسوقون

واخرج ابو نعيم عَن الْوَاقِدِيّ قَالَ كَانَ النَّاس بغزوة تَبُوك فعارضهم فِي مَسِيرهمْ حَيَّة عَظِيمَة الْخلق فانصاح النَّاس عَنْهَا فاقبلت حَتَّى وقفت على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على رَاحِلَته طَويلا وَالنَّاس ينظرُونَ اليها ثمَّ التوت حَتَّى اعتزلت الطَّرِيق فَقَامَتْ قَائِمَة فَأقبل النَّاس فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تَدْرُونَ من هَذَا قَالُوا اللّه وَرَسُوله اعْلَم قَالَ هَذَا أحد الرَّهْط الثَّمَانِية من الْجِنّ الَّذين وفدوا إِلَى يَسْتَمِعُون الْقُرْآن فَرَأى عَلَيْهِ من الْحق حِين الم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِبَلَدِهِ ان يسلم وَهَا هُوَ يقرئكم السَّلَام فَقَالَ النَّاس وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة اللّه

وَأخرج ابو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن غَزوَان أَنه نزل بتبوك فَإِذا رجل مقْعد فَسَأَلته عَن امْرَهْ فَقَالَ إِن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نزل بتبوك إِلَى نَخْلَة فصلى إِلَيْهَا فَأَقْبَلت أَنا وَغُلَام اسعى حَتَّى مَرَرْت بَينه وَبَينهَا فَقَالَ قطع صَلَاتنَا قطع اللّه أَثَره فَمَا قُمْت عَلَيْهَا إِلَى يومي هَذَا

وَأخرج ابو نعيم عَن الْوَاقِدِيّ أَن عبد اللّه ذَا البجادين خرج مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى تَبُوك فَقَالَ يَا رَسُول اللّه ادْع لي بِالشَّهَادَةِ فَقَالَ اللّهمَّ إِنِّي احرم دَمه على الْكفَّار إِنَّك اذا خرجت فِي سَبِيل اللّه فأخذتك حمى فقتلتك فَأَنت شَهِيد فَلَمَّا نزلُوا تَبُوك أَقَامُوا بهَا أَيَّامًا ثمَّ توفى عبد اللّه ذُو البجادين

واخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الْعَلَاء بن مُحَمَّد الثَّقَفِيّ عَن أنس قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بتبوك فطلعت الشَّمْس بضياء وشعاع وَنور لم أرها طلعت فِيمَا مضى فَأتى جبرئيل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا جبرئيل مَالِي أرى الشَّمْس الْيَوْم طلعت بضياء وَنور وشعاع لم أرها طلعت فِيمَا مضى قَالَ ذَاك ان مُعَاوِيَة بن مُعَاوِيَة اللَّيْثِيّ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ الْيَوْم فَبعث اللّه إِلَيْهِ سبعين الف ملك يصلونَ عَلَيْهِ قَالَ وفيم ذَلِك قَالَ كَانَ يكثر قِرَاءَة {قل هُوَ اللّه أحد} بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَفِي ممشاه وقيامه وقعوده فَهَل لَك ان أَقبض لَك الأَرْض فَتُصَلِّي عَلَيْهِ قَالَ نعم فصلى عَلَيْهِ

وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن عَطاء بن أبي مَيْمُونَة عَن أنس قَالَ جَاءَ جبرئيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد مَاتَ مُعَاوِيَة بن مُعَاوِيَة الْمُزنِيّ افتحب ان تصلي عَلَيْهِ قَالَ نعم فَضرب بجناحيه فَلم يبْق من شَجَرَة وَلَا اكمة الا تضعضعت لَهُ وَرفع لَهُ سَرِيره حَتَّى نظر إِلَيْهِ فصلى عَلَيْهِ وَخَلفه صفان من الْمَلَائِكَة فِي كل صف سَبْعُونَ الف ملك قَالَ قلت يَا جبرئيل بِمَا نَالَ هَذِه الْمنزلَة من اللّه قَالَ بحبه {قل هُوَ اللّه أحد} يقْرؤهَا قَائِما وَقَاعِدا وذاهبا وجائيا وعَلى كل حَال

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن مندة فِي الصَّحَابَة من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي يزِيد ابْن رُومَان وَعبد اللّه بن أبي بكر ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بعث خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى أكيدر رجل من كِنْدَة كَانَ ملكا على دومة وَكَانَ نَصْرَانِيّا فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لخَالِد انك ستجده يصيد الْبَقر فَخرج خَالِد حَتَّى إِذا كَانَ من حصنه منظر الْعين فِي لَيْلَة مُقْمِرَة صَافِيَة وَهُوَ على سطح وَمَعَهُ امْرَأَته فَأَتَت الْبَقر تحك بقرونها بَاب الْقصر فَقَالَت لَهُ امْرَأَته هَل رَأَيْت مثل هَذَا قطّ قَالَ لَا وَاللّه قَالَت فَمن ترك مثل هَذَا قَالَ لَا أحد فَنزل فَأمر بفرسه فأسرج وَركب مَعَه نفر من أهل بَيته

فَخَرجُوا بمطاردهم فتلقتهم خيل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأَخَذته فَقَالَ رجل من طي يُقَال لَهُ بجير بن بجرة فِي ذَلِك شعرًا

(تبَارك سائق الْبَقَرَات إِنِّي ... رَأَيْت اللّه يهدي كل هاد)

(فَمن يَك حائدا عَن ذِي تَبُوك ... فَإنَّا قد أمرنَا بِالْجِهَادِ)

فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَا يفضض اللّه فَاك فَأتى عَلَيْهِ تسعون سنة فَمَا تحرّك لَهُ ضرس وَلَا سنّ

وَأخرج ابْن مندة وَابْن السكن وَأَبُو نعيم كلهم فِي الصَّحَابَة من طَرِيق أبي المعارك الشماخ بن معارك بن مرّة بن صَخْر بن بجيرة بن بجرة الطَّائِي حَدثنِي أبي عَن جدي عَن أَبِيه بجير بن بجرة قَالَ كنت فِي جَيش خَالِد بن الْوَلِيد حِين بَعثه النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِلَى اكيدر دومة فَقَالَ لَهُ إِنَّك تَجدهُ يصيد الْبَقر فوافقناه فِي لَيْلَة مُقْمِرَة وَقد خرج كَمَا نَعته رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فأخذناه فَلَمَّا اتينا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أنشدته أَبْيَات مِنْهَا

(تبَارك سائق الْبَقَرَات إِنِّي ... رَأَيْت اللّه يهدي كل هاد)

فَقَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَا يفضض اللّه فَاك فَأَتَت عَلَيْهِ تسعون سنة وَمَا تحرّك لَهُ سنّ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة قَالَ لما توجه رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من تَبُوك قَافِلًا إِلَى الْمَدِينَة بعث خَالِد بن الْوَلِيد فِي أَربع مائَة وَعشْرين فَارِسًا إِلَى اكيدر دومة الجندل فَقَالَ خَالِد يَا رَسُول اللّه كَيفَ بدومة الجندل وفيهَا اكيدر وَإِنَّمَا نأتيها فِي عِصَابَة من الْمُسلمين قَالَ لَعَلَّ اللّه يلقيك أكيدر يقتنص فتقبض الْمِفْتَاح وتأخذه فَيفتح اللّه لَك دومة فَسَار خَالِد حَتَّى إِذا دنا مِنْهَا نزل فِي أدبارها لذكر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَعَلَّك تَلقاهُ يصطاد فَبَيْنَمَا خَالِد وَأَصْحَابه فِي مَسِيرهمْ لَيْلًا إِذْ أَقبلت الْبَقر حَتَّى جعلت تَحْتك بِبَاب الْحصن واكيدر يشرب ويتغنى فِي حصنه بَين امرأتيه فاطلعت إِحْدَى امرأتيه فرأت الْبَقر تَحْتك بِالْبَابِ وبالحائط فَركب على فرس وَركب غلمته وَأَهله حَتَّى مر بِخَالِد وَأَصْحَابه فَأَخَذُوهُ وَمن كَانَ مَعَه وأوثقوهم

وَذكر خَالِد قَول رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ أكيدر وَاللّه مَا رَأَيْتهَا قطّ جاءتنا إِلَّا البارحة يَعْنِي الْبَقر وَلَقَد كنت أضمر لَهَا إِذا اردت اخذها فأركب لَهَا الْيَوْم واليومين

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن بِلَال بن يحيى قَالَ بعث رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر على الْمُهَاجِرين إِلَى دومة الجندل وَبعث خَالِد بن الْوَلِيد على الْأَعْرَاب مَعَه وَقَالَ انْطَلقُوا فَإِنَّكُم سَتَجِدُونَ اكيدر دومة يقتنص الْوَحْش فَخُذُوهُ اخذا فَابْعَثُوا بِهِ إِلَيّ فَانْطَلقُوا فوجدوه كَمَا قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأَخَذُوهُ وبعثوا بِهِ واخرجه ابْن مندة فِي الصَّحَابَة من طَرِيق بِلَال بن يحيى عَن حُذَيْفَة مَوْصُولا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة قَالَ رَجَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من تَبُوك حَتَّى إِذا كَانَ بِبَعْض الطَّرِيق مكر برَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نَاس من أَصْحَابه فتآمروا ان يطرحوه من عقبَة فِي الطَّرِيق واستعدوا لذَلِك وتلثموا فَلَمَّا بلغُوا الْعقبَة امْر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حُذَيْفَة ان يردهم فَاسْتَقْبَلَهُمْ حُذَيْفَة بمحجن فَضرب وُجُوه رواحلهم وأبصرهم وهم مُتَلَثِّمُونَ فرعبهم اللّه وظنوا ان مَكْرهمْ قد ظهر عَلَيْهِ فَأَسْرعُوا حَتَّى خالطوا النَّاس وَأَقْبل حُذَيْفَة فَقَالَ لَهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم هَل علمت مَا كَانَ شَأْنهمْ وَمَا ارادوا قَالَ لَا قَالَ فَإِنَّهُم مكروا ليسيروا معي حَتَّى إِذا طلعت فِي الْعقبَة طرحوني مِنْهَا

واخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن اسحق نَحوه وَزَاد ان اللّه قد أَخْبرنِي باسمائهم واسماء آبَائِهِم وسأخبرك بهم فَسمى لَهُ اثْنَي عشر رجلا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ كنت آخِذا بِخِطَام نَاقَة رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَقُود بِهِ وعمار يَسُوقهُ حَتَّى إِذا كُنَّا بِالْعقبَةِ فَإِذا انا بِاثْنَيْ عشر رَاكِبًا قد اعْترضُوا فِيهَا فَأَنْبَهْت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَصَرَخَ بهم فَوَلوا مُدبرين فَقَالَ هَل عَرَفْتُمْ الْقَوْم قُلْنَا لَا كَانُوا مُتَلَثِّمِينَ قَالَ هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة هَل تَدْرُونَ مَا أَرَادوا قُلْنَا لَا قَالَ أَرَادوا ان يزحموا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعقبَة فَيُلْقُوهُ مِنْهَا ثمَّ قَالَ اللّهمَّ اِرْمِهِمْ بِالدُّبَيْلَةِ قُلْنَا وَمَا الدُّبَيْلَة قَالَ شهَاب من نَار يَقع على نِيَاط قلب احدهم فَيهْلك

وَأخرج مُسلم عَن حُذَيْفَة ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي أَصْحَابِي اثْنَا عشر منافقا لَا يدْخلُونَ الْجنَّة حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط ثَمَانِيَة مِنْهُم تكفيهم الدُّبَيْلَة سراج من النَّار يظْهر بَين اكتافهم حَتَّى ينجم من صُدُورهمْ

بَاب غَزْوَة الْأسود

قَالَ سيف فِي كتاب الرِّدَّة حَدثنَا المستنير بن يزِيد عَن عُرْوَة بن غزيَّة الدثني عَن الضَّحَّاك بن فَيْرُوز عَن جشيش الديلمي قَالَ قدم علينا وبرة بن يحنس بِكِتَاب النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرنَا فِيهِ بِالْقيامِ على ديننَا والنهوض فِي الْحَرْب وَالْعَمَل على الْأسود الْكذَّاب فقاتلناه حَتَّى قتلت الْأسود وألقيت إِلَيْهِم رَأسه وشننا الْغَارة وكتبنا إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بالْخبر وَهُوَ حَيّ فناداه الْوَحْي من ليلته وَأخْبر اصحابه بذلك وقدمت رسلنَا بعده على أبي بكر الصّديق فَهُوَ الَّذِي أجابنا عَن كتبنَا

وَأخرج الديلمي عَن ابْن عمر قَالَ اتى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الْخَبَر من السَّمَاء فِي اللَّيْلَة الَّتِي قتل فِيهَا الاسود الْعَنسِي فَخرج علينا وَقَالَ قتل الْأسود البارحة قَتله رجل مبارك من أهل بَيت مباركين قيل وَمن هُوَ قَالَ فَيْرُوز فَازَ فَيْرُوز