Geri

   

 

 

İleri

 

الشمائل الشريفة  

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

 الشافعي (ت ٩١١ هـ ١٥٠٥ م)

٠

باب كان وهي الشمائل الشريفة

قال الراغب كلمة كان هي عبارة عما مضى من الزمان وفي كثير من وصف اللّه تنبئ عن معنى الأزلية نحو وكان اللّه بكل شئ عليما

وما استعمل منه في جنس الشيء متعلقا بوصف له هو موجود فيه فينبه على أن ذلك الوصف لازم له قليل الانفكاك عنه نحو وكان الإنسن كفورا

وإذا استعمل في الماضي جاز أن يكون المستعمل فيه بقي على حاله وأن يكون تغير نحو فلان كان كذا ثم صار كذا ولا فرق بين مقدم ذلك الزمن وقرب العهد به نحو كان آدم كذا وكان زيد هنا وقال القرطبي زعم بعضهم أن كان إذا أطلقت عن رسول اللّه {صلى اللّه عليه وسلم} وعلى آله وسلم لدوام الكثرة والشأن فيه العرف وإلا فأصلها أن تصدق على من فعل الشيء ولو مرة وهي الشمائل الشريفة جمع شمئل بالكسر وهو الطبع والمراد صورته الظاهرة والباطنة وهي نفسه وأوصافها ومعانيها الخاصة بها ووجه إيراد المصنف لها في هذا الجامع مع أنه كله من المرفوع قول الحافظ ابن حجر الأحاديث التي فيها صفته {صلى اللّه عليه وسلم} داخلة في قسم المرفوع اتفاقا

١ ( كان رسول اللّه {صلى اللّه عليه وسلم} أبيض مليحا مقصدا )

م ت في الشمائل عن أبي الطفيل صح

كان رسول اللّه {صلى اللّه عليه وسلم} أبيض مليحا مقصدا بالتشديد أي مقتصدا يعني ليس بجسيم ولا نحيف ولا طويل ولا قصير كأنه نحى به القصد من الأمور قال البيضاوي المقصد المقتصد يريد به المتوسط بين الطويل والقصير والناحل والجسيم وقال القرطبي الملاحة أصلها في العينين والمقصد المقتصد في جسمه وطوله يعني كان غير ضئيل ولا ضخم ولا طويل ذاهبا ولا قصير بل كان وسطا م في صفة النبي {صلى اللّه عليه وسلم} ت فى كتاب الشمائل النبوية من حديث الجريري عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ورواه عنه أيضا أبو داود في الأدب فما أوهمه كلامه من تفرد ذينك به عن الأربعة غير جيد قال رأيت رسول اللّه {صلى اللّه عليه وسلم} وما على وجه الأرض رجل رآه غيري قال فقلت كيف رأيته فذكره وفي رواية لمسلم عنه أيضا كان أبيض مليح الوجه

٢ ( كان أبيض كأنما صيغ من فضة رجل الشعر ) ت فيها عن أبي هريرة صح

كان أبيض كأنما صيغ أي خلق من الصوغ يعني الإيجاد أي الخلق قال الزمخشري من المجاز فلان حسن الصيغة وهي الخلقة وصاغه اللّه صيغة حسنة وفلان بين صيغه كريمة من أصل كريم من فضة باعتبار ما كان يعلو بياضه من الإضاءة ولمعان الأنوار والبريق الساطع فلا تدافع بينه وبين ما يأتي عقبه من أنه كان مشربا بحمرة وآثره لتضمنه نعته بتناسب التركيب وتماسك الأجزاء فلا اتجاه لجعله من الصوغ بمعنى سبك الفضة وقد نعته عمه أبو طالب بقوله

( وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل ) وفي رواية لأحمد فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة وفي أخرى للبزار ويعقوب بن أبي سفيان بإسناد قال ابن حجر قوي عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يصفه فقال كان شديد البياض وفي رواية لأبي الطفيل عن الطبراني ما أنسى شدة بياض وجهه مع شدة سواد شعره رجل الشعر بكسر الجيم ومنهم من سكنها أي مسرح الشعر كذا في الفتح وفسر بما فيه تثن قليل وما في المواهب أنه روى أنه شعر بين شعرين لا رجل ولا سبط فالمراد به المبالغة في قلة التثني ت فيها أي الشمائل عن أبي هريرة رمز المصنف لصحته

٣ ( كان أبيض مشربا بياضه بحمرة وكان أسود الحدقة أهدب الأشفار ) البيهقي في الدلائل عن على صح

كان أبيض مشربا بياضه بحمرة بالتخفيف من الإشراب قال الحرالي وهو مداخلة نافذة سابغة كالشراب وهو الماء الداخل كلية الجسم للطافته ونفوذه وقال البيهقي يقال إن المشرب منه حمرة إلى السمرة ما ظهر منه للشمس والريح وأما ما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر وروى مشربا بالتشديد اسم مفعول من التشرب يقال بياض مشرب بالتخفيف فإذا شدد كان للتكثير والمبالغة فهو هنا للمبالغة في شدة البياض المائل إلى الحمرة وكان أسود الحدقة بفتحات أي شديد سواد العين قال في المصباح وغيره حدقة العين سوادها جمعه حدق وحدقات كقصب وقصبات وربما قيل حداق كرقبة ورقاب أهدب الأشفار جمع شفر بالضم وبفتح حروف الأجفان التي ينبت عليها الشعر وهي الهدب بالضم والأهدب كثيره ويقال لطويله أيضا وما أوهم ظاهر هذا التركيب من أن الأشفار هي الأهداب غير مراد ففي المصباح عن ابن قتيبة العامة تجعل أشفار العين الشعر وهو غلط وفي المغرب لم يذكر أحد من الثقات أن الأشفار الأهداب فهو إما على حذف مضاف أي الطويل شعر الأجفان وسمى النابت باسم المنبت للملابسة البيهقي فى كتاب الدلائل أي دلائل النبوة عن علي أمير المؤمنين ورواه عنه الترمذي أيضا لكن قال أدعج العينين بدل أسود الحدقة

٤ ( كان أبيض مشربا بحمرة ضخم الهامة أغر أبلج أهدب الأشفار ) البيهقي عن علي

كان أبيض مشربا بحمرة أي مخالط بياضه حمرة كأنه سقى بها ضخم الهامة بالتخفيف أي عظيم الرأس وعظمه ممدوح محبوب لأنه أعون الإدراكات ونيل الكمالات أغر أي صبيح أبلج أي مشرق مضيء وقيل الأبلج من نقى ما بين حاجيه من الشعر فلم يقترنا والاسم البلج بالتحريك والعرب تحب البلج وتكره القرن أهدب الأشفار قد سمعت ما قيل فيه وحذف العاطف فيه وفيما قبله ليكون أدعى إلى الإصغاء إليه وأبعث للقلوب على تفهم خطابه فإن اللفظ إذا كان فيه نوع غرابة وعدم ألفة أصغى السمع إلى تدبره والفكر فيه فجاءت المعاني مسرودة على نمط التعديد إشعارا بأن كلا منها مستقل بنفسه قائم برأسه صالح لانفراده بالغرض البيهقي في الدلائل عن علي أمير المؤمنين

٥ ( كان أحسن الناس وجها وأحسنهم خلقا ليس بالطويل البائن ولا بالقصير ) ق عن البراء صح

كان أحسن الناس وجها حتى من يوسف قال المؤلف من خصائصه أنه أوتى كل الحسن ولم يؤت يوسف إلا شطره وأحسنهم خلقا بضم المعجمة على الأرجح فالأول إشارة إلى الحسن الحسي والثاني إشارة إلى الحسن المعنوي ذكره ابن حجر وما رجحه ممنوع فقد جزم القرطبي بخلافه فقال الرواية بفتح الخاء وسكون اللام قال أراد حسن الجسم بدليل قوله بعده ليس بالطويل إلخ قال وأما ما في حديث أنس الآتي فروايته بضم الخاء واللام فإنه عنى به حسن المعاشرة بدليل بقية الخبر وفي رواية وأحسنه بالإفراد والقياس الأول قال أبو حاتم لا يكادون يتكلمون به إلا مفردا وقال غيره جرى على لسانهم بالإفراد ومنه حديث ابن عباس في قول أبي سفيان عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بالإفراد في الثاني ليس بالطويل البائن بالهمز وجعله بالياء وهم أي الظاهر قوله من باب ظهر أو المفرط طولا الذي بعد عن حد الاعتدال وفاق سواه من الرجال ولا بالقصير بل كان إلى الطول أقرب كما أفاده وصف الطويل بالبائن دون القصير بمقابله وجاء مصرحا به في رواية البيهقي وزعم أن تقييد القصير بالمتردد في رواية لوجوب حمل المطلق على المقيد يدفعه أن حمله عليه في النفي لا يجب وفي الإثبات تفصيل ق عن البراء ابن عازب ورواه عنه أيضا جمع منهم الخرائطي

٦ ( كان أحسن البشر قدما ) ابن سعد عن عبد اللّه بن بريدة مرسلا صح

كان أحسن البشر قدما بفتح القاف وهي من الإنسان معروفة وهي أنثى وتصغيرها قديمة والجمع أقدام وقد روى ابن صاعد عن سراقة قال دنوت من المصطفى {صلى اللّه عليه وسلم} وهو على ناقته فرأيت ساقه في غرزه كأنها جهارة أي في شدة البياض فلا ينافيه ما ورد أنه كان في ساقه حموشة ابن سعد في الطبقات عن عبد اللّه بن بريد مرسلا هو قاضي مرو قال الذهبي ثقة ولد سنة ١٥ وعاش مائة سنة

٧ ( كان أحسن الناس خلقا ) م د عن أنس

كان أحسن لفظ رواية الترمذي من أحسن الناس خلقا بالضم لحيازته جميع المحاسن والمكارم وتكاملها فيه ولما اجتمع فيه من خصال الكمال وصفات الجلال والجمال مالا يحصره حد ولا يحيط به عد أثنى اللّه عليه به في كتابه بقوله وإنك لعلى خلق عظيم

فوصفه بالعظم وزاده في المدحة بعلى المشعرة باستعلائه على معالي الاخلاق واستيلائه عليها فلم يصل إليها مخلوق وكمال الخلق إنما ينشأ عن كمال العقل لأنه الذي تقتبس به الفضائل وتجتنب الرذائل وقضية كلام المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عن مسلم فربما تحضر الصلاة وهو في بيتنا فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس ثم ينضح ثم يؤم رسول اللّه {صلى اللّه عليه وسلم} وعلى آله وسلم ونقوم خلفه فيصلي بنا وكان بساطهم من جريد النخل كذا في صحيح مسلم

فائدة روى أبو موسى بإسناد مظلم كما في الإصابة إلى هدية عن حماد عن ثابت عن أنس قال وفد وفد من اليمن وفيهم رجل يقال له ذؤالة بن عوقلة الثمالي فوقف بين يدي النبي {صلى اللّه عليه وسلم} فقال يا رسول اللّه من أحسن الناس خلقا وخلقا قال أنا ياذؤالة ولا فخر فذكر حديثا ركيك الألفاظ م د عن أنس ابن مالك تمامه في بعض الروايات قال أي أنس وكان لي

أخ يقال له أبو عمير قال أحسبه كان فطيما فكان إذا جاء رسول اللّه {صلى اللّه عليه وسلم} فرآه قال يا أبا عمير ما فعل النغير قال فكان يلعب به هكذا هو عند مسلم وفيه أيضا عنه كان من أحسن الناس خلقا فأرسلني يوما لحاجة فقلت واللّه لا أذهب فخرجت حتى أمر على صبيان يلعبون في السوق فإذا رسول اللّه {صلى اللّه عليه وسلم} قبض بقفاي من ورائي فنظرت إليه وهو يضحك فقال أنيس ذهبت حيث أمرتك قلت نعم أنا ذاهب

٨ ( كان أحسن الناس وأجود الناس وأشجع الناس ) ق ت ه عن أنس صح

كان أحسن الناس صورة وسيرة وأجود الناس بكل ما ينفع حذف للتعميم أو لفوت إحصائه كثرة لأن من كان أكملهم شرفا وأيقظهم قلبا وألطفهم طبعا وأعدلهم مزاجا جدير بأن يكون أسمحهم صلة وأنداهم يدا ولأنه مستغن عن الفانيات بالباقيات الصالحات ولأنه تخلق بصفات اللّه تعالى التي منها الجود وأشجع الناس أي أقواهم قلبا وأجودهم في حال البأس فكان الشجاع منهم الذي يلوذ بجانبه عند التحام الحرب وما ولى قط منهزما ولا تحدث أحد عنه بفرار وقد ثبتت أشجعيته بالتواتر النقلي قال المصنف بل يؤخذ ذلك من النص القرآني لقوله يأيها النبي جهد الكفار

فكلفه وهو فرد جهاد الكل و لا يكلف اللّه نفسا إلا وسعها

ولا ضير في كون المراد هو ومن معه إذ غايته أنه قوبل بالجمع وذلك مفيد للمقصود وقد جمع صفات القوى الثلاث العقلية والغضبية والشهوية والحسن تابع لاعتدال المزاج المستتبع لصفات النفس الذي به جودة القريحة الدالة على العقل واكتساب الفضائل وتجنب الرذائل والجود كمال القوة الشهوية والغضبية كمالها الشجاعة وهذه أمهات الأخلاق الفاضلة فلذلك اقتصر عليها قاله الطيبي ق ت عن أنس ابن مالك وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته في البخاري ولقد فزع أهل المدينة أي ليلا فكان النبي {صلى اللّه عليه وسلم} سبقهم على فرس أي استعاره من أبي طلحة وقال وجدناه بحرا

هكذا ساقه في باب مدح الشجاعة في الحرب وفي مسلم في باب صفة النبي {صلى اللّه عليه وسلم} عقب ما ذكر ولقد قرع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول اللّه {صلى اللّه عليه وسلم} راجعا وقد سبقهم إلى الصوت وهو على فرس لأبي طلحة عرى في عنقه السيف وهو يقول لن تراعوا قال وجدناه بحرا أو إنه لبحر انتهى

٩ ( كان أحسن الناس صفة وأجملها كان ربعة إلى الطول ما هو بعيد ما بين المنكبين أسيل الخدين شديد سواد الشعر أكحل العينين أهدب الأشفار إذا وطئ بقدمه وطئ بكلها ليس له إخمص إذا وضع رداءه عن منكبيه فكأنه سبيكة من فضة وإذا ضحك يتلألأ ) البيهقي عن أبي هريرة صح

كان أحسن الناس صفة وأجملها لما منحه اللّه من الصفات الحميدة الجليلة كان ربعة إلى الطول ما هو بعيد ما بين المنكبين أسيل الخدين في رواية الترمذي سهل الخدين أي ليس في خديه نتوء ولا ارتفاع وأراد أن خديه أسيلان قليلا اللحم رقيقا الجلد شديد سواد الشعر أكحل العينين أي شديد سواد أجفانهما أهدب الأشفار قال ابن حجر وكأن قوله أسيل الخدين هو الحامل على من سأل كأن وجهه مثل السيف إذا وطئ بقدمه وطئ بكلها ليس له إخمص أي لا يلصق القدم بالأرض عند الوطء قال المصنف وغيره وذكر كثير أنه كان إذا مشى على الصخر غاصت قدماه فيه ولم أقف له على أصل إذا وضع رداءه عن منكبيه فكأنه سبيكة فضة وإذا ضحك يتلألأ أي يلمع ويضئ ولا يخفى ما في تعدد هذه الصفات من الحسن وذلك لأنها بالتعاطف تصير كأنها جملة واحدة قالوا ومن تمام الإيمان به الإيمان بأنه سبحانه خلق جسده على وجه لم يظهر قبله ولا بعده مثله وفي الأثر أن خالد بن الوليد خرج في سرية فنزل بحي فقال سيد الحي صف لنا محمد {صلى اللّه عليه وسلم} فقال أما إني أفصل فلا فقال أجمل فقال الرسول على قدر المرسل كذا في أسرار الإسراء لابن المنير البيهقي في الدلائل عن أبي هريرة

١٠ ( كان أزهر اللون كأن عرقه اللؤلؤ إذا مشى تكفأ ) م عن أنس

كان أزهر اللون أي نيره وحسنه وفي الصحاح كغيره الأبيض المشرق وبه أو بالأبيض المنير فسره عامة المحدثين حملا على الأكمل أو لقرينة ولعل من فسره بالأبيض الممزوج بحمرة نظر إلى المراد بقرينة الواقع قال محقق والأشهر في لونه أن البياض غالب عليه سيما فيما تحت الثياب لكن لم يكن كالجص بل نير ممزوج بحمرة غير صافية بل مع نوع كدر كما في المغرب ولهذا جاء في رواية أسمر وبه يحصل التوفيق بين الروايات كأن عرقه محركا ما يترشح من جلد الإنسان اللؤلؤ في الصفاء والبياض وفي خبر البيهقي عن عائشة كان يخصف نعله وكنت أغزل فنظرت إليه فجعل جبينه يعرق وجعل عرقه يتولد نورا إذا مشى تكفأ بالهمز وتركه أي مال يمينا وشمالا م في المناقب عن أنس ابن مالك وروى معناه البخاري

١١ ( كان أشد حياء من العذراء في خدرها ) حم ق ه عن أبي سعيد صح

كان أشد حياء بالمد أي استحياء من ربه ومن الخلق يعنى حياؤه أشد من حياء العذراء البكر لأن عذرتها أي جلدة بكارتها باقية في خدرها في محل الحال أي كائنة في خدرها بالكسر سترها الذي يجعل بجانب البيت والعذراء في الخلوة يشتد حياؤها أكثر مما يكون خارجه لكون الخلوة مظنة الفعل بها ومحل حيائه في غير الحدود ولهذا قال للذي اعترف بالزنا أنكتها لا يكنى كما بين في الصحيح في كتاب الحدود حم ق في صفة النبي {صلى اللّه عليه وسلم} وفي فضائله ه في الزهد عن أبي سعيد الخدري وفي الباب أنس وغيره

١٢ ( كان أصبر الناس على أقذار الناس ) ابن سعد عن إسماعيل ابن عياش مرسلا صح

كان أصبر الناس أي أكثرهم صبرا على أقذار الناس أي ما يكون من قبيح

فعلهم وسيء قولهم لأنه لانشراح صدره يتسع لما تضيق عنه صدور العامة فكانت مساوئ أخلاقهم ومدانئ أفعالهم وسوء مسيرهم وقبح سيرتهم في جنب صدره كقطرة دم في قاموس اليم وفيه شرف الصبر ابن سعد في الطبقات عن إسماعيل ابن عياش بفتح المهملة وشد المثناة وشين معجمة وهو ابن سليم مرسلا هو العنسى بالنون عالم الشام في عصره صدوق في روايته عن أهل بلده يخلط في غيرهم

١٣ ( كان أفلج الثنيتين إذا تكلم ريء كالنور يخرج من بين ثناياه ) ت في الشمائل طب والبيهقي عن ابن عباس صح

كان أفلج الثنيتين أي بعيد ما بين الثنايا والرباعيات والفلج والفرق فرجة بين الثنيتين كذا في النهاية وزاد الجوهري رجل مفلج الثنايا أي منفرجها قال محقق فله معنيان قيل أكثر الفلج في العليا وهي صفة جميلة لكن مع القلة لأنه أتم في الفصاحة لاتساع الأسنان فيه إذا تكلم رئ كقيل على الأفصح وروى كضرب كالنور يخرج من بين ثناياه جمع ثنية بالتشديد وهي الأسنان الأربع التي في مقدم الفم ثنتان فوق وثنتان من تحت قال الطيبي ضمير يخرج إلى الكلام فهو تشبيه في الظهور إلى النور فالكاف زائدة وحاصلة أنه يخرج كلامه من بين الثنايا الأربع شبيها بالنور في الظهور قال محقق والأنسب بأول الحديث أن المعنى يخرج من الفلج ما يشبه نور النجم أو نحوه فالضمير إلى المشبه المقدر وقيل يخرج من صفاء الثنايا تلألؤ

تنبيه كانت ذاته الشريفه كلها نورا ظاهرا وباطنا حتى أنه كان يمنح لمن استحقه من أصحابه سأله الطفيل بن عمرو آية لقومه وقال اللّهم نور له فسطع له نور بين عينيه فقال أخاف أن يكون مثلة فتحول إلى طرف سوطه وكان يضيء في الليل المظلم فسمى ذا النور وأعطى قتادة بن النعمان لما صلى معه العشاء في ليلة مظلمة ممطرة عرجونا وقال انطلق به فإنه سيضيء لك من بين يديك عشرا ومن خلفك عشرا فإذا دخلت بيتك فسترى سوادا فاضربه ليخرج فإنه الشيطان فكان كذلك ومسح وجه رجل فما زال على وجهه نورا ومسح وجه قتادة بن

ملحان فكان لوجهه بريق حتى كان ينظر في وجهه كما ينظر في المرآة إلى غير ذلك ت في كتاب الشمائل طب وكذا في الأوسط والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال الهيثمي وفيه عبد العزيز بن أبي ثابت وهو ضعيف جدا

١٤ ( كان حسن السبلة ) طب عن العذاه بن خالد صح

كان حسن السبلة بالتحريك ما أسبل من مقدم اللحية على الصدر ذكره الزمخشري وهو الشعرات التي تحت اللحى الأسفل أو الشارب وفي شرح المقامات للشربيني السبلة مقدم اللحية ورجل مسبل وفلان خفيف العذارين وهما ما اتصل من اللحية بالصدغ وهما العارضان وهما ما نبت في الخدين من الشعر على عوارض الأسنان طب عن العذاه بفتح العين المهلمة وشد الذال المعجمة وآخره مهملة ابن خالد ابن هودة العامري أسلم يوم حنين هو وأبوه جميعا قال البيهقي فيه من لم أعرفهم

١٥ ( كان خاتم النبوة في ظهره بضعة ناشزة ) ت فيها عن أبي سعيد صح

كان خاتم النبوة في ظهره بضعة بفتح الباء قطعة لحم ناشزة بمعجمات مرتفعة من اللحم وفي رواية مثل السلعة وأما ما ورد من أنها كانت كأثر محجم أو كالشامة سوداء أو خضراء ومكتوب عليها محمد رسول اللّه أو سر فأنت المنصور ونحو ذلك قال ابن حجر فلم يثبت منها شيء قال القرطبي اتفقت الأحاديث الثابتة على أن الخاتم كان شيئا بارزا أحمر عند كتفه الأيسر قدره إذا قلل كبيضة الحمامة وإذا كثر جمع اليد وفي الخاتم أقوال متقاربة وعد المصنف وغيره جعل خاتم النبوة بظهره بإزاء قلبه حيث يدخل الشيطان من خصائصه على الأنبياء وقال وسائر الأنبياء كان خاتمهم في يمينهم ت فيها أي الشمائل عن أبي سعيد الخدري

١٦ ( كان خاتمه غدة حمراء مثل بيضة الحمامة ) ت عن جابر بن سمرة صح

كان خاتمه غدة بغين معجمة مضمومة ودال مهملة مشددة قال المؤلف ورأيت من صحفه بالراء وسألني عنه فقلت إنما هو بالدال والغدة كما في القاموس وغيره كل عقدة في الجسد أطاف بها شحم وفي المصباح لحم يحدث بين الجلد واللحم يتحرك بالتحريك حمراء أي تميل حمرة فلا تعارض بينه وبين روايته أنه كان لون بدنه قال العصام وفيه رد لرواية أنها سوداء أو خضراء مثل بيضة الحمامة أي قدرا وصورة لا لونها بدليل وصفها بالحمرة قبله وفي رواية لابن حبان مثل البندقة من اللحم وفي رواية للبيهقي مثل السلعة وفي رواية للحاكم والترمذي شعر يجتمع وفي رواية للبيهقي كالتفاحة وكلها متقاربة وأصل التفاوت في نظر الرائي بعد أو قرب ت عن جابر بن سمرة

١٧ ( كان ربعة من القوم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير أزهر اللون ليس بالأبيض الأمهق ولا بالآدم وليس بالجعد القطط ولابالسبط ) ق ت عن أنس صح

كان ربعة من القوم بفتح الراء وكسر الباء على ما ذكره بعضهم لكن الذي رأيته في الفتح لابن حجر بكسر الراء وسكون الموحدة أي مربوعا قال والتأنيث باعتبار النفس أه وقال غيره هو وصف يشترك فيه المذكر والمؤنث ويجمع على ربعات بالتحريك وهو شاذ وفسره بقوله ليس بالطويل البائن أي الذي يباين الناس بزيادة طوله وهو المعبر عنه في رواية بالمشيب وفي رواية أخرى بالممغط أي المتناهي في الطول من بان أي ظهر على غيره أو فارق من سواه ولا بالقصير زاد البيهقي عن علي وهو إلى الطول أقرب ووقع في حديث أبي هريرة عند الهذلي في الزهريات قال ابن حجر بإسناد حسن كان ربعة وهو إلى الطول أقرب أزهر اللون أي مشرقه نيره زاد ابن الجوزي وغيره في الرواية كأن عرقه اللؤلؤ قال في الروض الزهرة لغة إشراق في اللون أي لون كان من بياض أو غيره وقول بعضهم إن الأزهر الأبيض خاصة والزهر اسم للأبيض

من النوار فقط خطأه أبو حنيفة فيه وقال إنما الزهرة إشراق في الألوان كلها وفي حديث يوم أحد نظرت إلى رسول اللّه {صلى اللّه عليه وسلم} وعيناه تزهران تحت المغفر اه وقال ابن حجر قوله أزهر اللون أي أبيض مشرب بحمرة وقد ورد ذلك صريحا في روايات أخر صريحة عند الترمذي والحاكم وغيرهما كان أبيض مشربا بياضه بحمرة ليس بالأبيض الأمهق كذا في الأصول ورواية أمهق ليس بأبيض قال القاضي وهم ولا بالآدم بالمد أي ولا شديد السمرة وإنما يخالط بياضه الحمرة لكنها حمرة بصفاء فيصدق عليه أنه أزهر كما ذكره القرطبي والعرب تطلق على من هو كذلك أسمر والمراد بالسمرة التي تخالط البياض ولهذا جاء في حديث أنس عند أحمد والبزار قال ابن حجر بإسناد صحيح صححه ابن حبان أنه كان أسمر وفي الدلائل للبيهقي عن أنس كان أبيض بياضه إلى السمرة وفي لفظ لأحمد بسند حسن أسمر إلى البياض قال ابن حجر يمكن توجيه رواية أمهق بالأمهق الأخضر اللون الذي ليس بياضه في الغاية ولا سمرته ولا حمرته فقد نقل عن رؤية أن المهق خضرة الماء فهذا التوجيه على تقدير ثبوت الرواية وليس شعره بالجعد بفتح الجيم وسكون العين القطط بفتحتين أي الشديد الجعودة الشبيه شعر السودان ولا بالسبط بفتح فكسر أو سكون المنبسط المسترسل الذي لا تكسر فيه فهو متوسط بين الجعودة والسبوطة ق د ت عن أنس ابن مالك تبع في عزوه للشيخين ابن الأثير قال الصدر المناوي والظاهر أن ما قاله وهم فإني فحصت عن قول أنس كان ربعة من القوم فلم أقف عليها في مسلم بل هي رواية البخاري ولهذا قال عبد الحق قوله كان ربعة من القوم من زيادة البخاري على مسلم فالصواب نسبة هذه الرواية للبخاري دونه

١٨ ( كان شبح الذراعين بعيد ما بين المنكبين أهدب أشفار العينين ) البيهقي عن أبي هريرة صح

كان شبح الذراعين بشين معجمة فموحدة مفتوحة فحاء مهملة عبلهما عريضهما ممتدهما ففي المجمل شبحت الشيء مددته بعيد بفتح فكسر ما بين المنكبين أي عريض أعلى الظهر وما موصولة أو موصوفة لا زائدة لأن بين من الظروف اللازمة للإضافة فلا وجه لإخراجه عن الظرفية بالحكم بزيادة ما والمنكب مجتمع

رأس العضد والكتف وبعد ما بينهما يدل على سعة الصدر وذلك آية النجابة وجاء في رواية بعيد مصغرا تقليلا للبعد المذكور إيماء إلى أن بعد ما بين منكبيه لم يكن وافيا منافيا للاعتدال أهدب أشفار العينين أي طويلهما غزيرهما على ما مر البيهقي في الدلائل عن أبي هريرة

١٩ ( كان شعره دون الجمة وفوق الوفرة ) ت في الشمائل ه عن عائشة صح

كان شعره دون الجمة وفوق الوفرة وفي حديث الترمذي وغيره فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره أي جعله وفرة فالمراد أن معظم شعره كان عند شحمة أذنه وما اتصل به مسترسل إلى المنكب والجمة شعر الرأس المتجاوز شحمة الأذن إذا وصل المنكب كذا في الصحاح في حرف الميم وفيه في باب الراء المتجاوز من غير وصول وفي النهاية ما سقط على المنكبين ولعل مراده بالسقوط التجاوز وفي القاموس الوفرة ما سال على الأذن أو جاوز الشحمة قال أبو شامة وقد دلت صحاح الأخبار على أن شعره إلى أنصاف أذنيه وفي رواية يبلغ شحمة أذنيه وفي أخرى بين أذنيه وعاتقه وفي أخرى يضرب منكبيه ولم يبلغنا في طوله أكثر من ذلك وهذا الاختلاف باعتبار اختلاف أحواله فروى في هذه الأحوال المتعددة بعد ما كان حلقه في حج أو عمرة وأما كونه لم ينقل أنه زاد على كونه يضرب منكبيه فيجوز كون شعره وقف على ذلك الحد كما يقف الشعر في حق كل إنسان على حد ما ويجوز أن يكون كانت عادته أنه كلما بلغ هذا الحد قصره حتى يكون إلى أنصاف أذنيه أو إلى شحمة أذنيه لكن لم ينقل أنه قصر شعره في غير نسك ولا حلقه ولعل ما وصف به شعره من الأوصاف المذكورة كان بعد حلقه له عمرة الحديبية سنة ست فإنه بعد ذلك لم يترك حلقه مدة يطول فيها أكثر من كونه يضرب منكبيه فإنه في سنة سبع اعتمر عمرة القضاء وفي ثمان اعتمر من الجعرانة وفي عشر حج اه ت في الشمائل ه عن عائشه