Geri

   

 

 

İleri

 

٦٢

المكتوب الثانى والتسون

إلى حضرة المخدوم زاده الخواجه محمد معصوم مد ظله العالى فى بيان انتفاء الفناء الوجودى عن الإنسان بناء على عدم الذاتى.

إن حقيقة الإنسان وذاته هى النفس الناطقة المشار إليها لكل فرد من أفراد الإنسان بلفظ إنا وحقيقة النفس الناطقة العدم وقد توهمت نفسها بواسطة انعكاس الوجود والصفات الوجودية موجودة وحية وعالمة وقادرة بالاستقلال وزعمت هذه الصفات الكاملة من الحياة والعلم وغيرهما من نفسها وقائمة بها وتيقنت نفسها بهذا التوهم كاملة وخيرا ونسيت خباثتها ونقصها الذاتيين الناشئين من العدم الذى هو شر محض فإذا أدركتها عناية اللّه سبحانه وخلصتها من الجهل المركب وتصديق الكاذب تعرف أن هذه الكمالات من محل آخر لا منها ولا أنها قائمة بها وتعلم أن حقيقتها وذاتها العدم الذى هو شر محض ونقص خالص فإذا غلبت هذه الرؤية بكرم اللّه تعالى وسلمت الكمالات إلى صاحبها بالتمام وأدت هذه الأمانة إلى أهلها بالكلية ووجدت نفسها عدما محضا ولم تشم فى نفسها رائحة من الخيرية فحينئذ لا يبقى منها اسم ولا رسم ولا عين ولا أثر فإن العدم لا شئ محض لا ثبوت له فى مرتبة من المراتب فلو تحقق له فرضا ثبوت فى مرتبة من المراتب لما كانت جميع الكمالات مسلوبة عنه فإن الثبوت عين الكمال بل أم الكمالات فلزم من هذا التحقيق أن يكون هذا النفاء أتم وأكمل لا حاجة إلى زوال وجود الفانى أصلا فإنه لم يثبت له وجود أصلا حتى يتصور الزوال بل كان عدميا مثبتا نفسه بتوهم الوجود ولما زال ذلك التوهم وتحقق بالعدم الصرف بقى هالكا ولا شيئا محضا فلا يكون بد من الزوال الشهودى ولا يحتاج إلى الزوال الوجودى واللّه سبحانه أعلم بحقيقة الحال.