٤٥ المكتوب الخامس والأربعون إلى مولانا سلطان السرهندى فى علو شأن قلب المؤمن والمنع عن إيذائه نقل بالمعنى. الحمد للّه رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله أجمعين أما بعد فاعلموا أن القلب جار اللّه سبحانه وليس شئ أقرب إلى جناب قدسه كالقلب إياكم وإيذاءه أى قلب كان مؤمناً كان أو عاصيا فإن الجار وإن كان عاصيا يحمى فاحذروا من ذلك واحذروا فإنه ليس بعد الكفر الذى سبب إيذاء اللّه تعالى ذنب مثل إيذاء القلب فإنه أقرب ما يصل إليه سبحانه والخلق كلهم عبيد اللّه سبحانه والضرب والإهانة لعبد أى شخص كان يوجب إيذاء مولاه فما شأن المولى الذى هو المالك على الإطلاق فلا يتصرف فى خلقه إلا بالقدر الذى أمر به فإنه ليس بداخل فى الإيذاء بل هو امتثال لأمر اللّه تعالى مثل الزانى البكر حده مائة سوط فلو زاد أحد على مائة كان ظلما وداخلا فى الإيذاء واعلموا أن القلب أفضل المخلوقات وأشرفها وكما أن الإنسان أفضلها لإجماله وجمعه ما فى العالم الكبير كذلك القلب لجامعيته ما فى الإنسان وكمال بساطته وإجماليته فإنه كلما كان الشئ أشد إجمالا وأكثر جمعية يكون أقرب إلى جنابه تعالى وأن ما فى الإنسان إما هو من عالم الخلق أو عالم الأمر والقلب برزخ بينهما وفى مراتب العروج يعرج مما يتضمنها لطائف الإنسان إلى أصوله مثلا يكون عروجه أولا إلى الماء ثم إلى الهواء ثم إلى النار ثم إلى أصول اللطائف ثم إلى الاسم الجزئى الذى هو ربه ثم إلى كليه ثم إلى ما شاء اللّه تعالى بخلاف القلب فإنه ليس له أصل يعرج إليه بل يكون العروج منه أولا إلى الذات تعالت وإنه باب غيب الهوية لكن الوصول من طريق القلب وحده بغير ذلك التفصيل متعسر وإنما يتيسر الوصول بعد إتمام ذلك التفصيل ألا ترى أن الجامعية والوسعة فيه إنما تكون بعد طيه تلك المراتب التفصيلية والمراد من القلب ههنا هو القلب الجامعية البسيط لا المضغة اللحمية . |