٣٨ المكتوب الثامن والثلاثون إلى الملا إبراهيم فى جواب سؤاله عن معنى حديث ستفترق أمتى الحديث ودرجة أرباب الفقر. ينبغى أن يعلم أن المراد من قول النبى صلى اللّه عليه وسلم كلهم فى النار إلا واحدة الواقع فى حديث ستفترق أمتى إلى اثنين وسبعين فرقة دخولهم فى النار ومكثهم فى عذابها مدة لا خلودهم فى النار ودوامهم فى عذابهم فإن ذلك مناف للإيمان ومخصوص بالكفارة غاية ما فى الباب أنه لما كان الباعث على دخولهم فى النار معتقداتهم السوء يدخل كهم فيها بالضرورة ويعذبون على مقدار خبث اعتقادهم بخلاف الفرقة الواحدة المستثناة فإن اعتقادهم موجب للنجاة من عذاب النار وسبب لفلاحهم ولكن إذا ارتكب بعض منهم الأعمال السيئة ولم يعف عنه بالتوبة أو الشفاعة يجوز أن يعذب بالنار بقدر ذنبه ويتحقق الدخول فى النار فى حقه فدخول النار فى سائر الفرق شامل لجميع الأفراد وأن انتفى الخلود وفى حق الفرقة الناجية مخصوص ببعض مرتكب للمعصية وفى كلمة كلهم رمز إلى هذا البيان كما لا يخفى وحيث أن هذه الفرق المبتدعة من أهل القبلة لا ينبغى الجراءة فى تكفيرهم ما لم ينكروا لضروريات الدين ولم يردوا ما ثبت من الأحكام الشرعية بالتواتر وقبلوا ما علم مجيئه من الدين بالضرورة قال العلماء لو وجد فى مسئلة تسعة وتسعون وجها توجب التكفير ووجه واحد ينفيه ينبغى تصحيح هذا الوجه وأن لا يحكم بالكفر واللّه سبحانه أعلم وكلمته أحكم ( وأيضاً ) ينبغى أن يعلم أن المراد من نصف اليوم الذى يدخل فقراء هذه الأمة قبل الأغنياء بتلك المدة فى الجنة هو خمسمائة سنة من سنى الدنيا فإن اليوم عند اللّه تعالى ألف سنة وأن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون شاهد لهذا المعنى وكيفية تقدير تلك المدة مفوضة إلى علم اللّه جل شأنه من غير أن يكون هناك ليل ولا نهار ولا سنة ولا قمر متعارفة والمراد من الفقير الفقير الصابر الذى هو ملتزم لإتيان الأحكام الشرعية ومجتنب عن المنهيات الشرعية وللفقراء درجات ومراتب بعضها فوق بعض وأعلى مراتبه إنما يتصور فى مقام الفناء الذى يكون فيه غير الحق سبحانه مضمحلا ومتلاشيا منسياً ومن هو جامع لجميع مراتب الفقر أفضل ممن يتحقق ببعضها دون بعض فمن فقر ظاهر مع وجود الفناء أفضل ممن له الفناء فقط دون الفقر الظاهر فافهم . |