Geri

   

 

 

İleri

 

٦٧

المكتوب السابع والستون

الى خانجهان في بيان عقائد اهل السنة والجماعة رضوان اللّه تعالى عليهم اجمعين مع بيان الاركان الخمسة الاسلامية والتحريض على اسماع الكلمة الحقة يعني كلمة الاسلام على سمع سلطان الوقت

بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه و سلام على عباده الذين اصطفى وصلت الصحيفة الشريفة المرسلة باسم الفقراء المنقطعين على وجه الكرم والالتفات حمدا للّه سبحانه على حصول الالتفات والتواضع للاغنياء ذوي السعادة في مثل هذا الزمان المملوء من الشبه والاشتباه الى الفقراء الذين لا حاصل لهم مع عدم المناسبة وحصول الايمان لهم من حسن النشأة الذي فيهم ﺑﻬذه الطائفة يا لها من نعمة عظيمة حيث لم تكن التعلقات الشتى مانعة عن حصول هذه الدولة ولم يعاوق التوجهات المتفرقة عن محبة هؤلاء القوم ينبغي اداء شكر هذه النعمة العظمى كما حقه وان يكون راجيا المرء مع من احب حديث نبوي عليه و على آله الصلاة و السلام

(ايها) السعيد النجيب لا بد للانسان من تحصيح العقائد بموجب آراء الفرقة الناجية اهل السنة والجماعة رضوان اللّه تعالى عليهم اجمعين الذين هم السواد الاعظم والجم الغفير حتى يتصور الفلاح الأخروي والنجاة الابدية وخبث الاعتقاد الذي هو مخالفة معتقدات اهل السنة سم قاتل موصل الى الموت الابدي والعذاب السرمدي والمداهنة في العمل والمساهلة فيه يرجى فيها المغفرة

واما المداهنة في الاعتقاد فلا مجال فيها للمغفرة ان اللّه لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء

(ولنورد) معتقدات اهل السنة بلسان الايجاز والاختصار ينبغي تصحيح الاعتقاد بمقتضاها وان يسأل الحق سبحانه بالتضرع والابتهال الاستقامة على هذه الدولة

(اعلم) ان اللّه تعالى موجود بذاته القديمة وسائر الاشياء صارت موجودة بايجاده سبحانه وخرجت من العدم الى الوجود بتخليقه وهو تعالى قديم ازلي والاشياء كلها حادثة وموجودة بعد ان لم تكن وكلما هو قديم ازلي فهو باق وأبدي وكلما هو حادث ومسبوق بالعدم فهو فان ومستهلك يعني في شرف الزوال وهو سبحانه واحد لا شريك له لا في وجوب الوجود ولا في استحقاق العبادة لا يليق وجوب الوجود لغيره تعالى ولا يتسحق العبادة سواه سبحانه وله تعالى صفات كاملة فمنها الحياة والعلم والقدرة والارادة والسمع والبصر والكلام والتكوين كلها متصفة بالقدم والازلية وقائمة بحضرة الذات تعالت وتقدست والتعلقات الحادثة لا تورث خللا في قدم الصفات وحدوث المتعلق لا يصير مانعا لازليتها واستدلت الفلاسفة من نقصان عقولهم والمعتزلة من عمايتهم وغوايتهم بحدوث المتعلق على حدوث المتعلق ونفوا الصفات الكاملة وعلمه تعالى بالجزئيات لاستلزامه التغير الذي هو من أمارات الحدوث ولم يعلموا ان الصفات تكون ازلية وتكون تعلقاﺗﻬا بالمتعلقات الحادثة حادثة ونقائص الصفات مسلوبة عن جناب قدسه تعالى وهو تعالى متره عن صفات الجواهر والاجسام والاعراض ولوازمها لا مجال للزمان والمكان والجهة في حضرته تعالى وهذه كلها مخلوقاته تعالى وزعم جماعة ممن لا خبر لهم انه تعالى فوق العرش واثبتوا له سبحانه جهة الفوق والعرش وما سواه مما حواه كلها حادثة ومخلوقاته تعالى وكيف يكون للمخلوق الحادث مجال ان يكون مكانا للخالق القديم ومقرا له ولكن العرش اشرف مخلوقاته والنورانية والصفاء أزيد فيه منها في غيره من الممكنات فلا جرم له حكم المرآتية لان يظهر عظمة الخالق وكبرياؤه جل وعلا فيه ظهورا بينا وبعلاقة هذا الظهور يقال له عرش اللّه والا فالعرش وغيره كله متساو بالنسبة إليه تعالى وكله مخلوقه تعالى ولكن للعرش قابلية الاراءة وليست هي لغيره ألا ترى ان المرآة التي ترى صورة انسان لا يقال ان ذلك الانسان في المرآة بل نسبة هذا الانسان الى المرآة ونسبته الى غيره من الاشياء المتقابلة اليه متساوية وانما التفاوت من جهة القابلية وعدمها حيث ان في المرآة قابلية انطباع الصورة وليست هذه القابلية في غيرها وهو تعالى ليس بجسم ولا جسماني ولا جوهر ولا عرض ولا محدود ولا متناه ولا طويل ولا عريض ولا قصير ولا ضيق بل واسع لا بالوسعة التي تدرك بافهامنا ومحيط لا بالاحاطة التي تكون مدركا بادراكنا وقريب لا بالقرب الذي يتعقل بعقولنا وهو تعالى معنا لا بالمعية المتعارفة نؤمن بانه تعالى واسع ومحيط وقريب وانه معنا ولكن لا نعرف كيفيات هذه الصفات ما هي وكلما نعرف من كيفيات هذه الصفات نعرف ان له قدما في مذهب اﻟﻤﺠسمة وهو تعالى لا يتحد بشئ اصلا ولا يتحد معه شئ ولا يحل فيه تعالى شئ قطعا ولا يكون هو تعالى حالا في شئ والتجزي والتبعض محالان في جناب قدسه تعالى والتركيب والتحليل ممنوعان في حضرته تعالى وليس له تعالى كفؤ ولا مثل ولا صاحبة له ولا ولد وهو تعالى متره في ذاته وصفاته عن الكيف والشبه والمثال ومبلغ علمنا فيه انه تعالى موجود وبالاسماء والصفات الكاملة التي وصف ﺑﻬا نفسه واثنى موصوف ولكن كلما يدرك منها بافهامنا وادراكنا ويتصور بعقولنا فهو تعالى متره عنه ومتعال كما مر لا تدركه الابصار (شعر):

وما فاه ارباب النهى والحجى بما * سوى انه الموجود لا رب غيره

(ينبغي) ان يعلم ان اسماء اللّه تعالى توقيفية يعني ان اطلاقها عليه تعالى موقوف على السماع من صاحب الشرع كل اسم ورد اطلاقه في الشرع على حضرة الحق سبحانه يجوز اطلاقه عليه تعالى وما لا فلا وان كان معنى الكمال مندرجا في ذلك الاسم فيجوز اطلاق الجواد لوروده في الشرع ولا يجوز اطلاق السخي لعدم وروده

(والقرآن) كلام اللّه تعالى انزل على نبينا عليه و على آله الصلاة و السلام متلبسا بلباس الحرف والصوت وامر به عباده وﻧﻬاهم فكما نحن نظهر كلامنا النفسي بتوسط الفم واللسان في لباس الحروف والاصوات نورد به مقاصدنا الخفية في عرصة الظهور كذلك الحق سبحانه اظهر كلامه النفسي لعباده في لباس الحرف والصوت بقدرته الكاملة بلا توسط فم ولسان واجلى اوامره ونواهيه الخفية في ضمن الحرف والصوت على منصة الظهور فكلا قسمي الكلام كلام الحق جل وعلا يعني النفسي واللفظي واطلاق الكلام على كلا القسمين بطريق الحقيقة كما ان كلا قسمي كلامنا النفسي واللفظي كلام بطريق الحقيقة لا ان القسم الاول حقيقة والثاني مجاز فان نفي اﻟﻤﺠاز جائز ونفي الكلام اللفظي وانكار كونه كلام اللّه تعالى كفر وكذلك سائر الكتب والصحف الأخرى التي انزلت الى الانبياء المتقدمين على نبينا وعليهم الصلوات و التسليمات كلها كلام اللّه سبحانه وكلما اندرج في القرآن وفي تلك الكتب والصحف احكام اللّه تعالى كلف ﺑﻬا عباده على وفق الاوقات والازمان

(ورؤية) المؤمنين الحق سبحانه في الجنة من غير جهة ومقابلة وبلا كيف واحاطة حق نؤمن بتلك الرؤية الاخروية ولا نشتغل بكيفيتها فان رؤيته تعالى لا كيفية لا يظهر لارباب الكيف والمثال في هذه النشأة من حقيقتها شئ ولا نصيب لهم منها غير الايمان ﺑﻬا فيا خسارة الفلاسفة والمعتزلة وسائر الفرق المبتدعة حيث ينكرون الرؤية الاخروية من العمي والحرمان ويقيسون الغائب على الشاهد ولا يشرفون بالايمان ﺑﻬا وهو تعالى كما انه خالق العباد كذلك هو تعالى خالق افعالهم ايضا خيرا كان فعلهم او شرا وكلها بتقدير اللّه تعالى ولكنه راض عن الخير غير راض عن الشر وان كان كلاهما بارادته ومشيئته تعالى و لكن ينبغي ان لا ينسب الشر وحده اليه تعالى بواسطة الادب و ان لا يقول خالق الشر بل ينبغي ان يقول خالق الخير والشر كما قال العلماء ينبغي ان يقول انه تعالى خالق كل شئ ولا ينبغي ان يقول خالق القاذورات والخنازير لرعاية ادب جناب قدسه تعالى والمعتزلة من الثنوية التي فيهم يزعمون ان خالق افعال العباد هو العباد وينسبون فعل الخير والشر اليهم والشرع والعقل يكذباﻧﻬم نعم قد جعل علماء الحق دخلا لقدرة العبد في فعله واثتبوا فيه الكسب فان الفرق بين حركة المرتعش وحركة المختار واضح لانه لا مدخل للقدرة والكسب في حركة الارتعاش وفي حركة الاختيار مدخل لهما وهذا القدر من الفرق يكون باعثا على المؤاخذة ومثبتا للثواب والعقاب واكثر الناس مترددون في وجود القدرة والكسب والاختيار في العبد ويزعمون العبد مضطرا وعاجزا وهم لم يفهموا مراد العلماء فان إثبات القدرة والاختيار في العبد لا بمعنى انه يفعل كلما يريد ولا يفعل كلما لا يريد فان التقول بذلك بعيد عن العبودية بل بمعنى ان العبد يقدر ان يخرج عن عهدة جميع ما أمر به مثلا أنه يقدر ان يؤدي الصلوات الخمس ويقدر اعطاء الزكاة واحدا من الاربعين ويقدر صوم شهر من اثني عشر شهرا ويقدر ان يحج مرة واحدة في عمره مع الاستطاعة الى الزاد والراحلة و على هذا القياس باقي الاحكام الشرعية قد راعى الحق سبحانه فيها من كمال الرأفة السهولة واليسر لضعف العبد وقلة اقتداره قال اللّه تعالى يريد اللّه بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقال تعالى ايضا يريد اللّه ان يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا يعني يريد ان يخفف عنكم ثقل التكليفات الشاقة وخلق الانسان ضعيفا لا يصبر عن الشهوات ولا يقدر ان يتحمل التكليفات الشاقة والانبياء عليهم الصلوات و التسليمات رسل الحق سبحانه الى الخلق ليدعوهم اليه تعالى ويدلوهم من الضلالة على طريق الهداية كل من يقبل دعوﺗﻬم يبشرونه بالجنة وكل من ينكر يهددونه بعذاب جهنم وما بلغوه من طرف الحق سبحانه واعلموا به كله حق وصدق ليس فيه شائبة التخلف وخاتم الانبياء محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ودينه ناسخ لجميع الاديان السابقة وكتابه افضل الكتب المتقدمة ولا ناسخ لشريعته بل هي قائمة الى قيام القيامة ويترل عيسى على نبينا وعليه الصلاة و السلام ويعمل بشريعته و يكون من جملة امته وما اخبر به صلى اللّه عليه و سلم من احوال الآخرة كله حق من عذاب القبر وضغطة اللحد وسؤال منكر ونكير فيه وفناء العالم وانشقاق السموات وانتثار الكواكب وزوال الارض والجبال واندكاكها والحشر والنشر واعادة الروح الى الجسد وزلزلة الساعة واهوال القيامة ومحاسبة الاعمال وشهادة الجوارح بالاعمال المكتسبة واتيان دفاتر الحسنات والسيئات يمينًا وشمالا ووضع الميزان ليوزن به الحسنات والسيئات ليعرف نقصان الحسنة والسيئة وزيادﺗﻬما فان ثقلت كفة الحسنات فعلامة النجاة وان خفت فعلامة الخسران والشقاوة وثقل ذلك الميزان وخفته على خلاف ثقل ميزان الدنيا وخفته فان الكفة المرتفعة هي الثقيلة هناك والمتسفلة هي الخفيفة

(وشفاعة) الأنبياء والصلحاء عليهم الصلاة و التسليمات اولا وثانيا لعصاة المؤمنين باذن مالك يوم الدين جل سلطانه ثابتة قال عليه و على آله الصلاة و السلام شفاعتي لاهل الكبائر من امتي والصراط يوضع على متن جهنم فيمر منه المؤمنون ويذهبون الى الجنة ويزلق منه اقدام الكافرين فيسقطون في جهنم والجنة التي اعدت لتنعم المؤمنين وجهنم التي اعدت لتعذيب الكافرين كلتاهما مخلوقتان الآن وتبقيان الى ابد الآباد ولا تفنيان فاذا دخل المؤمنون الجنة بعد المحاسبة يدومون فيها لا يخرجون منها وكذلك الكفار اذا دخلوا النار يدومون فيها يعذبون فيها ابد الآباد وتخفيف العذاب عنهم غير جائز قال تعالى لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون ومن كان في قلبه مثقال ذرة من الايمان فان ادخل النار بسبب افراطه في المعاصي يعذب بقدر عصيانه ثم يخرج من النار اخيرا ولا يسود وجهه كما يسود وجه الكفار ولا يجعل فيه الاغلال والسلاسل لحرمة ايمانه كما تجعل للكفار

(والملائكة) عباد اللّه سبحانه المكرمون لا يعصون اللّه ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون مبرأون من صفات الذكورة والانوثة والتوالد والتناسل مفقود في حقهم اصطفى اللّه سبحانه بعضهم للرسالة وشرفه بتبليغ الوحي وهم الذين بلغوا الكتب والصحف الانبياء عليهم الصلوات و التسليمات وهم محفوظون عن الخطإ والخلل ومعصومون عن كيد العدو ومكره وما بلغوه من عند الحق سبحانه و تعالى كله صدق وصواب ليس فيه شائبة احتمال الخطإ والاشبتاه وهؤلاء الكبراء خائفون من عظمة الحق وجلاله سبحانه لا شغل لهم غير امتثال اوامره تعالى

(و الايمان) تصديق بالقلب واقرار باللسان بما بلغنا من الدين بالتواتر والضرورة اجمالا وتفصيلا واعمال الجوارح خارجة من نفس الايمان ولكنها تزيد الكمال في الايمان وتورث فيه الحسن قال الامام الاعظم الكوفي عليه الرحمة الايمان لا يقبل الزيادة والنقصان فان التصديق القلبي عبارة عن يقين القلب واذعانه ولا مجال فيه للتفاوت بالزيادة والنقصان وما يقبل التفاوت فهو داخل في دائرة الظن والوهم وكمال الايمان ونقصانه باعتبار الطاعات والحسنات كلما زادت الطاعة زاد كمال الايمان فلا يكون ايمان عامة المؤمنين مثل ايمان الانبياء عليهم الصلوات و التسليمات فان ايماﻧﻬم بلغ ذروة الكمال بواسطة اقتران الطاعات وايمان العوام بمراحل عن نفس الكمال فضلا عن ذروته وان كان ايمان كل منهما متشاركين في نفس التصديق ولكن ايمان الانبياء عرض له بواسطة طوق الطاعات حقيقة أخرى وكأن ايمان العوام ليس فردا من ذلك الايمان والمماثلة والمشاركة مفقوة بينهما الا ترى ان عوام الناس وان كانوا شركاء للانبياء عليهم الصلاة و السلام في نفس الانسانية ولكن الكمالات الآخر للانبياء بلغتهم الدرجات العليا واثبتت لهم حقيقة أخرى وكأﻧﻬم خارجون عن الحقيقة المشتركة بل هم الناس والعوام لهم حكم النسناس قال الامام الاعظم عليه الرحمة انا مؤمن حقا وقال الامام الشافعي عليه الرحمة انا مؤمن ان شاء اللّه تعالى ولكل وجهة باعتبار الحال يجوز ان يقال انا مؤمن حقا وباعتبار الخاتمة والمآل يصح ان يقال انا مؤمن ان شاء اللّه ولكن الاجتناب عن صورة الاستثناء أفضل باي وجه قال

(ولا يخرج) المؤمن بارتكاب المعاصي من الايمان ولو كبيرة ولا يدخل في دائرة الكفر نقل ان الامام الاعظم كان يومًا جالسا مع جمع من العلماء فجاء شخص فقال ما تقولون في حق مؤمن فاسق قتل اباه بغير حق وقطع رأسه وشرب الخمر في كأس رأسه ثم زنى بامه هل هو مؤمن او كافر فتكلم كل واحد من العلماء في حقه بما ليس بصواب ووقعوا في غلط فقال الامام الاعظم في ذلك الاثناء انه مؤمن لم يخرج بارتكاب هذه الكبائر من الايمان فثقل قول الامام هذا على العلماء فأطالوا لسان الطعن فيه والتشنيع عليه ولكن لما كان قول الامام حقا قبله كلهم اخيرا واعترفوا بانه الحق فلو وفق المؤمن العاصي للتوبة قبل الغرغرة فنرجو له نجاة عظيمة لوعد قبول توبته وان لم يتشرف بالتوبة والانابة فامره الى اللّه سبحانه فان شاء عفا وادخله الجنة وان شاء عذبه بقدر معصيته بالنار او بغير النار ولكن آخر امره النجاة ومآله الجنة فان الحرمان من رحمة اللّه تعالى في الآخرة مخصوص باهل الكفر

واما من فيه ذرة من الايمان فهو مستحق للرحمة والغفران وان لم تبلغه الرحمة في الابتداء بواسطة علة المعصية ولكنها تشمله اخيرا بعناية اللّه سبحانه ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنّك انت الوهاب

(وبحث) الامامة والخلافة وان لم يكن عند اهل السنة شكر اللّه تعالى سعيهم من اصول الدين ومتعلقا بالاعتقاد ولكن لما غالت الشيعة في هذا الباب وافرطوا فيه وفرطوا الحق اهل الحق رضي اللّه عنهم هذا المبحث بعلم الكلام بالضرورة وبينوا حقيقة الحال والامام على الحق والخليفة على الاطلاق بعد خاتم الرسل عليه وعليهم الصلاة و السلام أبو بكر الصديق ثم عمر الفاروق ثم عثمان ذوالنورين ثم علي بن ابي طالب رضوان اللّه تعالى عليهم اجمعين وافضليتهم على ترتيب خلافتهم وافضلية الشيخين ثابتة باجماع الصحابة والتابعين كما نقله اكابر الائمة واحد منهم الامام الشافعي قال رئيس اهل السنة الشيخ ابو الحسن الاشعري ان افضلية الشيخين على باقي الامة قطعية لا ينكرها الا جاهل او متعصب قال علي كرم اللّه وجهه من فضلني على ابي بكر وعمر فهو مفتر اضربه بالسوط كما يضرب المفترون قال الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس سره في كتابه الغنية نقلا عن النبي صلى اللّه عليه و سلم انه قال لما عرج بي الى السماء سألت اللّه سبحانه ان تجعل الخليفة من بعدي علي بن ابي طالب فقال الملائكة يا محمد كلما يشاء اللّه يكن الخليفة بعدك ابو بكر وقال حضرة الشيخ ايضا قال علي كرم اللّه وجهه ما خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من الدنيا حتى اخذ عَليّ عهدًا على ان ابا بكر يلي من بعدي ثم عمر ثم عثمان من بعده ثم انت من بعده رضي اللّه تعالى عنهم اجمعين والامام الحسن افضل من الامام الحسين رضي اللّه عنه وعلماء اهل السنة يفضلون عائشة رضي اللّه عنها على فاطمة رضي اللّه عنها في العلم والاجتهاد والشيخ عبد القادر الجيلاني قدس سره يقدم عائشة على فاطمة رضي اللّه عنهما في كتابه الغنية وما هو معتقد الفقير ان عائشة اسبق قدما في العلم والاجتهاد وفاطمة اقدم في الزهد والانقطاع ولهذا قيل لفاطمة بتولا وهو صيغة المبالغة في الانقطاع وعائشة هي مرجع فتاوى الصحابة رضوان اللّه تعالى عليهم اجمعين ما وقع على اصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم مشكل في العلم الا كان حله عند عائشة رضي اللّه عنها والمحاربات والمنازعات التي وقعت بين الاصحاب الكرام عليهم الرضوان مثل محاربة الجمل ومحاربة الصفين ينبغي ان يحملها على محامل صحيحة حسنة وان يبعدهم عن الهوى والتعصب فان نفوس هؤلاء الاكابر كانت مزكاة عن الهوى والهوس ومطهرة عن الحقد والحرص في صحبة خير البشر عليه وعليهم الصلاة و السلام فان وقعت عنهم مصالحة فهي لاجل الحق وان ظهرت منهم منازعة ومشاجرة فهي ايضا للحق سبحانه كل فرقة منهم عملوا بمقتضى اجتهادهم ودفعوا المخالف عن انفسهم بلا شائبة هوى وتعصب فكل من هو مصيب في اجتهاده فله درجتان من الثواب وفي قول عشر درجات ومن هو مخطئ فله درجة واحدة من الثواب فالمخطئ كالمصيب بعيد عن الملامة بل يتوقع له درجة من درجات الثواب قال العلماء ان الحق في تلك المحاربات كان في جانب عليّ كرم اللّه وجهه وكان المخالفون في طرف من الصواب ومع ذلك ليسوا بموارد للطعن ولا مجال للملامة فيهم فضلا عن ان ينسب اليهم الكفر والفسق قال عليّ كرم اللّه تعالى وجهه اخواننا بغوا علينا ليسوا بكفار ولا فساق فان لهم تأويلا يمنع عنهم الكفر والفسق قال نبينا صلى اللّه عليه و سلم اياكم وما شجر بين اصحابي فينبغي تعظيم جميع اصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم وان يذكر جميعهم بخير وان لا يسئ الظن باحد منهم وان يرى منازعتهم افضل من مصالحة غيرهم هذا هو طريق النجاة والفلاح فان حب الاصحاب الكرام بواسطة حب النبي وبغضهم ينجر الى بغضه عليه وعليهم الصلاة و السلام قال واحد من الكبراء ما آمن برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من لم يوقر اصحابه

(وعلامات) القيامة التي اخبر عنها المخبر الصادق صلى اللّه عليه و سلم كلها حق ليس فيها احتمال التخلف كطلوع الشمس من جانب المغرب على خلاف العادة وظهور المهدي عليه الرضوان ونزول روح اللّه على نبينا وعليه الصلاة و السلام وخروج دجال وظهور يأجوج ومأجوج وخروج دابة الارض ودخان يظهر من السماء يغشي الناس كلهم ويعذﺑﻬم بعذاب اليم ويقول الناس من الاضطراب ربنا اكشف عنا العذاب انا مؤمنون وآخر العلامات نار تخرج من عدن وزعم جماعة من الجهالة ان الشخص الذي ادعى المهدوية من اهل الهند هو المهدي الموعود فالمهدي قد مضى بزعمهم وفات ويقولون ان قبره في فره وفي الاحاديث الصحيحة التي بلغت حد الشهرة بل حد التواتر المعنوي ما يكذب هذه الطائفة فانه صلى اللّه عليه و سلم بين للمهدي علامات وتلك العلامات مفقودة في ذلك الشخص الذي يعتقدونه مهديا ورد في الاحاديث النبوية انه يخرج المهدي و على رأسه قطعة سحاب فيها ملك ينادي ان هذا الشخص مهدي فاتبعوه وقال صلى اللّه عليه و سلم ملك جميع الارض اربعة اثنان من المؤمنين واثنان من الكافرين ذوالقرنين وسليمان من المؤمنين ونمرود وبخت نصر من الكافرين وسيملك الارض خامس من اهل بيتي يعني المهدي وقال صلى اللّه عليه و سلم لا تزول الدنيا حتى يبعث اللّه رجلا من اهل بيتي اسمه يوافق اسمي واسم ابيه يوافق اسم ابي فيملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما وورد في الحديث أيضا ان اصحاب الكهف يكونون اعوان المهدي[ ١]

( ١ ) اخرج ابن عساكر في تاريخه وابن مردويه في تفسيره عن ابن عباس مرفوعًا أصحاب الكهف أعوان المهدي عفي عنه.

ويترل عيسى على نبينا وعليه الصلاة و السلام في زمانه وهو يوافق عيسى عليه السلام في قتال الدجال وفي زمان ظهور سلطنته تنكسف الشمس في الرابع عشر من رمضان وينخسف القمر في اول ذلك الشهر على خلاف العادة وخلاف حساب المنجمين ينبغي ان ينظر بنظر الانصاف هل كانت هذه العلامات في ذلك الشخص الميت او لا وله علامات اخر كثيرة اخبر ﺑﻬا المخبر الصادق عليه و على آله الصلاة و السلام وكتب الشيخ ابن حجر رسالة في بيان علامات المهدي المنتظر تبلغ مائتي علامة وبقاء جماعة في ضلالة مع وضوح امر المهدي الموعود من ﻧﻬاية الجهالة هداهم اللّه سبحانه سوآء الصراط قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان بني اسرائيل تفرقت على اثنين وسبعين فرقة كلهم في النار الا واحدة منها وستفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار الا فرقة واحدة قالوا ومن هذه الفرقة الناجية يا رسول اللّه قال هم على ما انا عليه واصحابي وهذه الفرقة الناجية اهل السنة والجماعة فاﻧﻬم هم الملتزمون متابعته ومتابعة اصحابه عليه وعليهم الصلوات و التسليمات اللّهم ثبتنا على معتقدات اهل السنة والجماعة وامتنا في زمرﺗﻬم واحشرنا معهم ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب

(وبعد) تصحيح الاعتقاد لا بد من امتثال الاوامر والانتهاء عن المناهي الشرعيتين المتعلقتين بالعمل ينبغي ادآء الصلوات الخمس من غير فتور مع تعديل الاركان والجماعة والفارق بين الاسلام والكفر هو هذه الصلاة فاذا تيسر اداء الصلاة على الوجه المسنون فقد حصل الاستمساك بالحبل المتين من الدين فان الصلاة هي الاصل الثاني من الاصول الخمسة الاسلامية

الاصل الاول الايمان باللّه وبرسوله سبحانه والاصل الثاني الصلاة والثالث اداء الزكاة والرابع صوم شهر رمضان والخامس حج بيت اللّه

الاصل الاول يتعلق بالاعتقاد والاصول الاربعة الباقية تتعلق بالاعمال وأجمع جميع العبادات وأفضلها الصلاة و يكون ابتدآء المحاسبة يوم القيامة من الصلاة فاذا تم امر الصلاة تمضي محاسبة الأخرى بعناية اللّه سبحانه بالسهولة وينبغي الاجتناب عن المحظورات الشرعية مهما أمكن وأن يرى ما لا يرضاه المولى سبحانه سمًا مهلكا وان يجعل مواد التقصيرات نصب العين وان يكون خجلا ومنفعلا من ارتكاﺑﻬا وان يكون متندما ومتحسرا على فعلها واقترافها هذا هو طريق العبودية واللّه الموفق والذي يرتكب مألا يرضى عنه مولاه بلا تحاش ولا يكون خجلا ومنفعلا عن ذلك العمل فهو مارد متمرد ويكاد يخرج اصراره وتمرده رأسه عن ربقة الاسلام ويدخله في دائرة الاعداء ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا والدولة التي جعلك اللّه سبحانه ممتازا ﺑﻬا وأكثر الناس غافلون عنها بل تكاد لا تدركها أنت ايضا هي ان سلطان الوقت مسلم من جده السابع ومن اهل السنة وحنفي المذهب وان تقرب بعض طلبة العلوم بشؤم الطمع الناشئ من خبث الباطن من منذ سنين في هذه الاوان التي هي اوان قرب القيامة وبعد العهد من زمان النبوة الى الامراء والسلاطين وداخلوهم من طريق المطايبة والمداهنة واوقعوا في الدين المتين تشكيكات واظهروا فيه شبهات واضلوا الاغبياء عن الطريق ولكن لما كان مثل هذا السلطان عظيم الشأن مصغيًا الى قولكم بحسن الاستماع ومتلقيا اياه بالقبول كان اللازم أن يعد ذلك دولة عظيمة و أن يبلغ الكلمة الحقة يعني كلمة الاسلام الموافقة لمعتقدات أهل السنة شكر اللّه تعالى سعيهم صراحة او اشارة الى سمع السلطان وأن يعرض اليه كلام اهل الحق بقدر الامكان بل ينبغي ان يترصد وينتظر دائما فرصة لا يراد كلام اهل المذهب الحق في البين حتى تظهر حقيقة الاسلام ويبدو بطلان الكفر وشناعته والكفر هو ظاهر البطلان لا يستحسنه عاقل اصلا ينبغي ان يظهر بطلانه بلا تحاش وان ينفي آلهتهم الباطلة من غير توقف وان يثبت الاله الحق الذي هو خالق السموات والارض بلا تردد هل كان مسموعًا اص ً لا ان آلهتهم الباطلة خلقوا ذبابة ولو اجتمعوا له كلهم بل لو قرصهم الذباب وآذاهم لا يقدرون حفظ انفسهم منه فضلا عن حفظ غيرهم وكأن الكفرة قالوا ملاحظًا لشناعة هذا الامر هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه واﻧﻬم ليقربونا الى اللّه زلفى ولم يدر هؤلاء اﻟﻤﺠانين انه ليس لهذه الجمادات مجال الشفاعة وان الحق سبحانه لا يقبل شفاعة الشركاء الذين هم في الحقيقة اعداؤه تعالى في حق عبدة اعدائه مثل قيم بستان خرج على سلطان فجاء جماعة من البلهاء يمدون القيم بزعم انه يشفعهم عند السلطان وقت المضايقة واﻧﻬم يتقربون الى السلطان بالتوسل به ما اعظم حماقتهم حيث يخدمون القيم ويطلبون العفو من السلطان بشفاعته ويتقربون اليه به لم لا يخدمون السلطان على الحق ويكسرون القيم حتى يكونوا من اهل القرب واهل الحق ويكونوا في أمن وأمان وهؤلاء اﻟﻤﺠانين ينحتون الحجر بايديهم ويعبدونه سنين ويطمعون منه توقعات وبالجملة الكفر ظاهر البطلان والذين بعدوا عن الطريق الحق والصراط المستقيم من المسلمين هم اهل الهوى والبدعة وذلك الطريق المستقيم هو طريق النبي وطريق خلفائه الراشدين عليه وعليهم الصلوات و التسليمات قال الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس سره في كتابه الغنية ان اديان المبتدعة الذين اصولهم تسعة طوائف الخوارج والشيعة والمعتزلة والمرجئة والمشبهة والجهمية والضرارية والنجارية والكلابية لم تكن في زمن النبي صلى اللّه عليه و سلم ولا في زمان خلافة ابي بكر وعمر وعثمان و عليّ رضي اللّه عنهم اجمعين ايضا واختلاف هذه الطوائف وتفرقهم انما حدث بعد سنين من موت الصحابة والتابعين وموت الفقهاء السبعة رضي اللّه عنهم اجمعين قال النبي صلى اللّه عليه و سلم انه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي وتمسكوا ﺑﻬا وعضوا عليها بالنواجذ واياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ما حدث بعدي فهو رد فالمذهب الذي حدث بعد زمان النبي وخلفائه الراشدين عليه وعليهم الصلوات و التسليمات ساقط عن حيز الاعتبار ليس بلائق به ينبغي اداء شكر نعمة الحق سبحانه العظمى حيث جعلنا من كمال كرمه وفضله داخلين في الفرقة الناجية الذين هم اهل السنة والجماعة ولم يجعلنا من فرق اهل الهوى والبدعة ولم يبتلنا باعتقادهم الفاسد ولم يجعلنا من الذين يشركون العبد باللّه في اخص صفاته تعالى ويزعمون ان خالق افعال العبد هو العبد وينكرون الرؤية الاخروية التي هي رأس بضاعة السعادات الدنيوية والاخروية وينفون الصفات الكاملة عن الواجب تعالى ولم يجعلنا ايضا من الطائفتين اللتين يبغضون اصحاب خير البشر عليه وعليهم الصلوات و التسليمات ويسيؤن الظن بأكابر الدين ويزعمون اﻧﻬم كانوا يعادون بعضهم بعضا ويتهموﻧﻬم بالبغض المضمر والحقد المبطن واللّه سبحانه و تعالى يقول في حقهم رحماء بينهم وهاتان الطائفتان يكذبون كلام الحق جل وعلا ويثبتون بينهم العداوة والبغضاء والحقد زرقهم اللّه سبحانه التوفيق وبصرهم الصراط المستقيم ولم يجعلنا ايضا من الذين يثبتون الجهة والمكان للحق تعالى ويزعمونه جسما وجسمانيا ويثبتون في الواجب القديم جل شأنه امارات الحدوث والامكان ولنرجع الى اصل الكلام فنقول معلومكم ان السلطان كالروح وسائر الناس كالجسد فان كانت الروح صالحة فالبدن صالح وان كانت الروح فاسدة فالبدن فاسد فالاجتهاد والسعي في اصلاح السلطان اجتهاد وسعي في اصلاح جميع بني آدم والاصلاح في اظهار كلمة الاسلام باي طرز كان يساعده الوقت وبعد اظهار كلمة الاسلام ينبغي ان يوصل سمعه معتقدات اهل السنة والجماعة ايضا في بعض الاحيان وان يرد مذهب المخالف فان تيسرت هذه الدولة فقد حصلت الوراثة العظمى من الانبياء عليهم الصلوات و السلام وهذه الدولة قد حصلت لكم مجانا فينبغي ان يعرف قدرها وماذا أبالغ أزيد من ذلك وان كانت المبالغة مستحسنة واللّه سبحانه الموفق.