Geri

   

 

 

İleri

 

٣٣

المكتوب الثالث والثلاثون

الى مولانا محمد صالح الكولابي في بيان ان المحبوب محبوب في نظر المحب على كل حال سواء صدر عنه الانعام او الايلام بل الايلام عند الاقلين موجب لازدياد المحبة اكثر من انعامه وبيان مزية الحمد على الشكر وما يناسب ذلك

الحمد للّه و سلام على عباده الذين اصطفى وبعد فليعلم الاخ الاعز مولانا محمد صالح ان المحبوب محبوب في نظر المحب بل في نفس الامر في جميع الوقت وفي جميع الحال سواء آلم او انعم فهو محبوب على كلا الحالين وعند أكثر الناس الذين تشرفوا بدولة المحبة ان ازدياد محبة المحبوب في وقت الانعام اكثر منه في وقت ايلامه او هو مساو في الوقتين (وعند الاقل) عكس هذه المعاملة يعني ايلامه موجب لازدياد المحبة اكثر من انعامه ومقدمة هذه الدولة العظمى حسن ظن بالمحبوب حتى ان المحبوب لو امر السكين على حلقوم المحب ومزق كل عضو منه وفرقه من الآخر لعلم المحب ذلك عين صلاحه ويتصوره عين فلاحه فاذا ارتفعت كراهة فعل المحبوب عن نظر المحب يحصول هذا الظن الحسن تشرف بدولة المحبة الذاتية التي هي معراة عن جميع النسب والاعتبارات ومخصوصة بحبيب رب العالمين عليه و على آله الصلوات و التسليمات ووجد الالتذاذ والفرح في الايلام اكثر منهما في الانعام وأظن ان هذا المقام فوق مقام الرضاء فان في الرضاء دفع كراهة الم فعل المحبوب وهنا الالتذاذ بذلك الفعل فان الجفاء كلما كان من جانب المحبوب أجل وأكثر يكون الفرح والسرور من جانب المحب ازيد واوفر شتان ما بينهما وحيث كان المحبوب محبوبا في نظر المحب بل في نفس الامر في جميع الاوقات وجميع الاحوال لا جرم يكون المحبوب في جميع الاوقات وجميع الاحوال بل في الواقع ونفس الامر محمودا وممدوحا ايضا و يكون المحب في وقت ايلامه وانعامه مادحا له ومثنيا عليه فحينئذ يصدق لهذا المحب الصادق ان يقال صادقا ومصدوقا و الحمد للّه رب العالمين على كل حال ويصير هذا المحب من الحامدين له سبحانه في السراء والضراء حقيقة ويشبه ان تكون مزية الحمد على الشكر من جهة ان في الشكر ملاحظة انعام المنعم فيكون راجعا الى الصفة بل الى الفعل والملحوظ في الحمد حسن المحمود وجماله سواء كان ذاتيا او وصفيا او فعليا وسواء كان انعاما او ايلاما فان ايلامه سبحانه حسن كانعامه تعالى فيكون الحمد ابلغ في الثناء واجمع لمراتب الحسن والجمال وابقى في حالتي السراء والضراء بخلاف الشكر فانه مع قصوره سريع الزوال على شرف الهلاك بزوال الانعام وهلاك الاحسان

(فان قيل) انت كتبت في بعض مكتوباتك ان مقام الرضاء فوق مقام المحبة ومقام الحب وهنا تكتب ان مقام هذه المحبة فوق مقام الرضاء فكيف التوفيق بين هذين الكلامين

(اجيب) ان هذا المقام اعني مقام المحبة المذكورة هنا وراء ذلك المقام اعني مقام المحبة والحب هناك فان ذلك المقام مشتمل على النسب والاعتبارات اجمالا وتفصيلا فانه وان قالوا لتلك المحبة ذاتية وتصوروا ذلك الحب حبا ذاتيا ولكنه ليس فيه قطع النظر عن الشئون والاعتبارات بخلاف هذا المقام فانه معرى عن النسب والاضافات كما مر وما اندرج في بعض المكتوبات من انه لا مجال للقدم فوق مقام الرضاء الا لخاتم الرسل عليه و على آله الصلاة و السلام كأنه عبارة عن هذا المقام فانه مخصوص بخاتم الرسل عليه و على آله الصلاة و السلام واللّه أعلم بحقائق الامور كلها

(ينبغي) ان يعلم ان كراهة الظاهر ليست بمنافية لرضا الباطن ومرارة الصورة ليست بمنافية لحلاوة الحقيقة فان ظاهر العارف الكامل وصورته متروكان على ما هما عليه من الصفات البشرية ليكونا قبابا لكمالاته وليحصل له الابتلاء والامتحان وليكون المحق ممزوجا بالمبطل وينبغي ان يتصور نسبة ظاهر العارف الكامل وصورته الى باطنه وحقيقته كنسبة ثوب الى شخص لابس لذلك الثوب ومعلوم انه ما مقدار الثوب وقدره بالنسبة الى الشخص وكذلك قدر صورة العارف بالنظر الى حقيقته وربما يظن مكفوفوا البصر مطموسو البصيرة صورة العارف مثل الجبل ويتخيلوﻧﻬا مثل صورهم التي لا حقائق لها فلا جرم يكونون في مقام الانكار ويكتسبون الحرمان و السلام على من اتبع الهدى والتزم متابعة المصطفى.