٣١٣ المكتوب الثالث عشر والثلاثمائة إلى الخواجه محمد هاشم فى حل أسئلة كتبها وهى سبعة وأمر ختم هذا المجلد من المكتوبات بهذا المكتوب لموافقة عددها لعدد الأنبياء المرسلين وعدد أصحاب بدر وأمر بكتابة عرائض المخدوم زاده الأعظم عليه الرحمة فى آخر هذه المتوبات ليذكره الناظرون بالدعاء وقراءة الفاتحة لروحه. بعد الحمد والصلوات وتبليغ الدعوات ليعلم أخونا الخواجه محمد هاشم أن الأسئلة التى اندرجت فى مكتوب المير محب اللّه وطلبت حلها نكتب فى جوابها ما هو معلوم لنا ونرسله ( حاصل ) السؤال الأول أن القرب الإلهى جل سلطانه بحسب الفناء والبقاء وطى جميع مقامات الجذبة والسلوك والأصحاب الكرام قد فضلوا على جميع أولياء الأمة بصحبة خير الأنام عليه وعليهم الصلاة والسلام مرة واحدة فهل هذا السير والسلوك والفناء والبقاء حصلت لهم فى تلك الصحبة الواحدة وكانت أفضل من جميع السير والسلوك والفناء والبقاء ( وأيضا ) هل حصل لهم الفناء والبقاء بتوجهه وتصرفه عليه الصلاة والسلام أو بمجرد دخلوهم فى الإسلام وأيضا هل كان لهم علم بالسلوك والجذبة حالا ومقاما أولا فإن كان فبأى اسم سموه وإن لم يكن لهم طريق السلوك والجذبة فيمكن أن نقول لهذا بدعة حسنة ( اعلم ) أن حل هذا المشكل منوط بالصحبة وموقوف على الخدمة فإن الكلام الذى لم يتكلم به أحد فى هذه المدة كيف يكون مفهوما ومعقولا لكم بكتابة واحدة ولكن لما سألتم لابد من الجواب ومن حله على وجه الإجمال بالضرورة فينبغى الإصغاء إليه ( اعلم ) أن القرب الذى هو منوط بالفناء والبقاء والسلوك والجذبة هو قرب الولاية الذى تشرف به أولياء الأمة والقرب الذى تيسر للأصحاب الكرام فى صحبة خير الأنام عليه وعليهم الصلاة والسلام هو قرب النبوة حصل لهم بطريق التبعية والوراثة ولا فناء فى هذا القرب ولا بقاء ولا جذبة ولا سلوك وهذا القرب أفضل من قرب الولاية وأعلى منه بمراتب فإن هذا القرب قرب الأصل وذلك القرب قرب الظلال شتان ما بينهما ولكن لا يدرك فهم كل أحد مذاق هذه المعرفة كاد الخواص أن يشاركوا العوام فى عدم فهم هذه المعرفة ( شعر ). كربو على نواى قلندر نواختى * صوفى بدى هرآنكه بعالم قلندرست نعم إذا وقع العروج إلى ذروة كمالات قرب النبوة من طريق الولاية فلا مندوحة حينئذ من الفناء والبقاء والجذبة والسلوك فإن هذه مباد ومعدات لذلك القرب وأما إذا لم يكن السير من هذا الطريق بل وقع الاختيار على الطريق السلطانى لقرب النبوة فلا حاجة حينئذ إلى الفناء والبقاء والجذبة والسلوك وسير الأصحاب الكرام من طريق قرب النبوة السلطانى فلم يحتاجو إلى الجذبة والسلوك والفناء والبقاء وليطلب بيان هذه المعرفة من المكتوب المحرر باسم أمان اللّه وما كتبه الفقير فى مواضع من مكتوباته ورسائله من أن معاملتى فيما وراء السلوك والجذبة ووراء الظهورات والتجليات المراد به هو هذا القرب فإنى حين كنت فى ملازمة حضرة شيخنا قدس سره أخذت هذه الدولة فى الظهور فعرضتها عليه بهذه العبارة قد ظهر لى أمر السير الأنفسى بالنسبة إلى هذا الأمر كالسير الآفاقى بالنسبة إلى السير الأنفسى ولم أجد حينئذ فى نفسى قدرة التعبير عن هذه الدولة بازيد من هذه العبارة ولما صارت هذه المعاملة العجيبة بعد سنين منقحة ومحررة حررتها بعبارة مجملة الحمد للّه الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا اللّه لقد جاءت رسل ربنا بالحق فتكون عبارات الفناء والبقاء والجذبة والسلوك محدثة ومن مخترعات المشائخ ذكر المولوى الجامى فى النفحات أن أول من تكلم عن الفناء والبقاء أبو سعيد الخراز قدس سره ( وحاصل ) السؤال الثانى أن فى الطريقة النقشبندية العلية التزام أتباع السنة السنية النبوية والحال أنه عليه الصلاة والسلام والتحية صدر عنه رياضات عجيبة ومجاهدات شديدة كالجوع الشديد وفى هذا الطريق يمنعون عن الرياضة بل يرونها بواسطة ظهور الكشوفات الصورية بها مضرة والعجب أنه كيف يتصور احتمال الضرر فى اتباع السنة ( أيها المحب ) من قال أن الرياضة ممنوعة فى هذا الطريق ومن أين سمع أنهم يرون الرياضة مضرة وفى هذا الطريق دوام المحافظة على اتباع السنة السنية على صاحبها الصلاة والسلام والتحية والسعى فى ستر الأحوال واختيار توسط الحال ورعاية حد الاعتدال فى المطاعم والملابس وسائر الأفعال كل ذلك من الرياضات الشاقة والمجاهدات الشديدة غاية ما فى الباب أن العوام كالأنعام لا يعدون هذه الأمور من الرياضات ولا يرونها من المجاهدات بل الرياضة والمجاهدة منحصرة عندهم فى الجوع وكثرة الجوع عظيم القدر فى نظرهم فإن الأكل عند هؤلاء المتصفين بصفات البهائم من أهم المهام وأعظم المقاصد فلا جرم يكون تركه من الرياضة الشاقة والمجاهدة الشديدة عندهم بخلاف المحافظة على السنة والتزام متابعتها وأمثالها فإن هذه الأمور لا قدر لها عند العوام ولا اعتداد بها حتى يرون تركها من المنكرات وتحصيلها من الرياضات فاللازم لأكابر هذه الطريقة أن يجتهدوا فى ستر الأحوال وترك لرياضة التى هى عظيمة القدر عند العوام وباعثة على قبول الأنام ومستلزمة للشهرة المتضمنة على الآفات العظام قال عليه الصلاة والسلام بحسب امرئى من الشر إلا من عصمه اللّه أن يشير الناس إليه بالأصابع فى دينه ودنياه وعند الفقير الجوع الكثير أسهل وأيسر جدا من مراعاة حد الاعتدال فى المأكولات ورياضة رعاية توسط الحال مستحقة لأن تكون أزيد وأفضل من رياضة كثرة الجوع ( قال ) حضرة والدى الماجد قدس سره رأيت فى علم السلوك رسالة ورأيت فيها أن رعاية حد الاعتدال فى المأكولات والمحافظة على الحد الوسط فيها كافية فى الوصول إلى المطلوب لا حاجة مع هذه المراعاة إلى الذكر والفكر والحق أن توسيط الحال فى المطاعم والملابس بل جميع الأمور حسنة وجميلة جداً ( شعر ). إياك والأكل حتى يحدث الثقل * ولا تجوعن إلى يضعف البدن وقد أعطى الحق سبحانه نبينا عليه الصلاة والسلام قوة أربعين رجلا فكان صلى اللّه عليه وسلم يتحمل بهذه القوة ثقل الجوع والأصحاب الكرام رضوان اللّه عليهم أجمعين كانوا يتحملون هذا الثقل بركة صحبة خير البشر عليه وعليهم الصلاة والسلام ولم يقع فتور وخلل فى أعمالهم وأفعالهم أصلا وكانت قدرتهم على محاربة الأعداء مع وجود الجوع على نهج لا تبلغ قدرة أهل الشبع عشرها ومن ههنا غلب العشرون من الصابرين على مائتين من الكفار ومائة منهم على ألف منهم وأهل الجوع من غير الصحابة يكادون يعجزون عن إتيان الآداب والسنن بل ربما يخرجون عن عهدة الفرائض بالتكلف فتقليد الصحابة فى هذا الأمر بلا قدرة تعرض للعجز عن إتيان السنن والفرائض ( نقل ) عن الصديق الأكبر رضى اللّه عنه أنه اختار صوم الوصال تقليد النبى صلى اللّه عليه وسلم فسقط من الضعف وعدم القوة على الأرض من غير اختيار فقال عليه الصلاة والسلام على سبيل الاعتراض إن لست كأحدكم أبيت عند ربى فيطعمنى ويقينى فلم يستحسن التقليد بلا قدرة وأيضا إن الأصحاب الكرام كانوا محفوظين ومأمونين من المضرات المتولدة من كثرة الجوع ببركة صحبة خير الأنام عليه وعليهم الصلاة والسلام وليس ذلك ميسرا لغيرهم ( بيانه ) أن كثرة الجوع مورثة للصفاء ألبتة تورث طائفة صفاء القلب وجماعة صفاء النفس وصفاء القلب يزيد الهداية ويورث النور وصفاء النفس يستتبع الضلالة ويزيد الظلمة ألا ترى أن فلاسفة اليونان وبراهمة الهنود وجوكيتهم أورثت الرياضة كلهم صفاء النفس ودلتهم بذلك على طريق الضلالة وجرتهم إلى الخسارة حتى اعتمد أفلاطون الأحمق على صفاء نفسه وجعل الصور الكشفية الخيالية مقتداة فأعجب بنفسه ولم يصدق عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام وكان مبعوثا فى زمنه وقال نحن قوم مهديون لا حاجة بنا إلى من يهدينا فإن لم يكن فيه هذا الصفاء الموجب لزيادة الظلمة لما كانت الصور الكشفية الخيالية سدة فى طريقه ومانعة له عن الوصول إلى المطلب وقد وجد هو نفسه بسبب هذا الصفاء نورانيا ولم يعلم أن ذلك الصفاء لم يجاوز القشر الرقيق من نفسه الأمارة وإنها على خبثها ونجاستها ولم يزد فيا شيأ سوى أن تلك كنجاسة مغلظة مغلفة بغلاف رقيق من السكر ( والقلب ) الذى هو نورانى فى حد ذاته وطاهر وإنما قعد على وجهه غبار من مجاورته النفس الظلمانية يرجع إلى حاله الأصلى بقليل من التصفية ويصير نورانيا بخلاف النفس فإنها خبيثة فى حد ذاتها والظلمة من صفاتها الذاتية وما لم تزك ولم تطهر بسياسة القلب بل باتباع السنة والتزام الشريعة على صاحبها الصلاة والسلام والتحية بل بمحض فضل اللّه سبحانه لا يزول عنها خبثها الذاتى ولا يتصور عنها الفلاح والخير وأفلاطون قد ظن صفاءه الذى تعلق بنفسه الأمارة كصفاء القلب العيسوى فتخيل نفسه بالضرورة مهذبا ومطهرا مثله وحرم من دولة متابعته عليه السلام وصار متسما بسمة الخسارة الأبدية أعاذنا اللّه سبحانه من هذا البلاء ولما كانت هذه المضرة مضمرة ومكمونة فى طبيعة الجوع ترك أكابر هذه الطريقة قدس اللّه أسرارهم رياضة الجوع واختاروا رياضة الاعتدال فى المطعومات ومجاهدة رعاية الاقتصاد فى سائر الحالات وتركوا منافع الجوع لاحتمال الضرر العظيم وترتب الآفات والآخرون لاحظوا منافعه وأغمضوا عن مضاره فرغبوا فيه ومن المقرر عند العقلاء أنه يترك المنافع الكثيرة لاحتمال المضرة اليسيرة وقريب من هذه المقالة ما قاله العلماء شكر اللّه سعيهم إن الأمر إذا دار بين السنة والبدعة الأفضل ترك هذا الأمر لاحتمال كونه بدعة دون إتيانه بسبب احتمال كونه سنة يعنى أن فى احتمال كونه بدعة احتمال الضرر وفى احتمال كونه سنة توقع المنافع فينبغى تركه ترجيحا لاحتمال الضرر على توقع المنافع فلا عجب لو عرض الضرر فى إتيان السنة من طريق آخر ( وحقيقة ) هذا الكلام هى أن هذه السنة كأنها كانت موقتة بذلك القرن ولما لم يجد جماعة كونها موقتة بواسطة الدقة والخفاء بادروا على فعلها بالتقليد وجماعة لما وجدوها موقتة تركوا التقليد فيها واللّه سبحانه أعلم بحقيقة الحال ( والسؤال الثالث ) قد ذكر فى كتب أكابر هذه الطريقة أن نسبتنا منسوبة إلى الصديق رضى اللّه عنه بخلاف سائر الطرق فإن قال مدع أن أكثر الطرق وأصل إلى الإمام جعفر الصادق وهو منسوب إلى الصديق فلم لا ننسب بقية الطرق أيضا إلى الصديق ( الجواب ) إن الإمام نسبة من الصديق ونسبة من على رضى اللّه تعالى عنهما وكمالات كل واحدة من هاتين النسبتين مع وجود إجتماعهما فى الإمام على حدة على حدة ومتميز بعضها عن بعض فأخذت طائفة عنه النسبة الصديقية بواسطة المناسبة الصديقية وانتسبوا إلى الصديق وأخذت جماعة عنه أيضا النسبة العلوية بالمناسبة العلوية وانتسبوا إلى على كرم اللّه وجهه وقد كنت ذهبت بلدة بنارس لحاجة ما وهناك يجتمع نهر كنك مع نهر جن ومع هذا الاجتماع يشاهد أن نهر كنك غير مختلط بهر جمن بل متمايز عنه بحيث توهم أن يبنهما برزخا يمنع اختلاط أحدهما بالآخر والذين هم فى طرف نهم كنك يشربون من نهر كنك والذين هم على طرف نهم جمن يشربون من ماء نهر جمن ( فإن قيل ) أن الخواجة محمد بارسا قدس سره قد حقق فى رسالته التقدسية أن الإمام عليا كلم اللّه وجهه كما أنه وجد التربية من خاتم الرسالة عليه وعلى آله الصلاة والسلام والتحية كذلك وجد التربية من الصديق رضى اللّه عنه فتكون نسبة على عين نسبة الصديق فماذا يكون الفرق بينهما ( قلنا ) أن خصوصيات المحال مع وجود اتحاد النسبة باقية على حالها وقد يعرض لماء واحد بواسطة تعدد المحال خصوصيات متميزة فيجوز أن ينسب إلى كل منهما طريق بالنظر إلى خصوصية كل منهما ( وحاصل السؤال الرابع ) هو أنه قد حرر فى مكتوب ملا محمد صديق أنه إذا كان لشخص استعداد الولاية الموسوية لا يدرى أن صاحب تصرف هل يقدر على إخراجه إلى الولاية المحمدية أولا وحرر فى مكتوب المخدوم زاده الأكبر قدس سره بأنى أخرجتك من الولاية الموسوية إلى الولاية المحمدية فما وجه التوفيق ( الجواب ) إن الواقع فى مكتوب ملا محمد صديق هو أن الإخراج من الولاية الموسوية إلى الولاية المحمدية ليس بمعلوم الوقوع ولم يكن فى ذلك الوقت علم بوقوع هذا الأمر ولما صار معلوما بعد ذلك وحصلت قدرة التغيير والتبديل كتبت بأنى أخرجتك من هذه الولاية إلى تلك الولاية فلم يجد اتحاد الزمان حتى يتصور التناقض ( وحاصل السؤال الخامس ) أن الصوفية هنا يلبسون قميصا مشقوق الجيب على الصدر ويقولون أن السنة هى هذا وأصحاب الميريلبسون قميصا مدور الجيب فما تحقيق ذلك ( اعلم ) أنا نحن أيضا فى التردد فى هذا الباب فإن العرب يلبسونه مشقوق على الصدر ويرونه سنة ويفهم من بعض الكتب الحنفية أنه لا ينبغى للرجال لبس قميص مشقوق الصدر لكونه لباس النساء روى الإمام أحمد وأبو داود عن أبى هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لعن رجل يلبس لبس المرآة ولعنت المرأة تلبس لبس الرجل وفى مطالب المؤمنين ولا تتشبه المرأة بالرجال ولا يتشبه الرجل بالنساء فإن كلا الفريقين ملعون بل يفهم أن القميص المشقوق الصدر ليس من لباس أهل الدين وأهل العلم ولهذا جوزوه لأهل الذمة فى جامع الرموز نقلا عن المحيط فلا يلبس أى الذمى ما يختص بأهل الدين والعلم كالرداء والعمامة بل قميصا خشنا من الكرباس جيبه على صدره كالنساء وأيضا إن مشقوق الجيب على الصدر ليس قميصا على قول بعض العلماء بل هو درع وإنما القميص عندهم ما يكون مشقوق الجيب على المنكبين فى جامع الرموز فى بيان كفن المرأة وفى الهداية بدل القميص الدرع وفرق بينهما أن شقه إلى الصدر والقميص إلى المنكب وقالوا بالترادف والصواب عند الفقير هو أنه لما كان الرجال ممنوعين عن التشبه بالنساء توقف الحكم على معرفة عادة النساء فننظر إذا كان فى محل تلبس فيه النساء قميصا شقة على الصدر ينبغى أن يترك الرجال لبسه لئلا يتشبهوا بالنساء وأن يلبسوا قميصا شقة على المنكب وإذا كان فى محل تلبس فيه النساء قميصا شقة على المنكب يختار الرجال قميصا شقه على الصدر ففى بلاد العرب تلبس النساء قميصا مدور الجيب فيلبس الرجال ما شقه على الصدر بالضرورة وفى ما وراء النهر والهند تلبس النساء قميصا شقه على الصدر فيختار الرجال قميصا شقه على المنكب بالضرورة ( قال ) الشيخ ميان عبد الحق كنت فى مكة فرأيت واحدا من مريدى الشيخ نظام النار نولى يطوف بالبيت لابسا قميصا مدور الجيب وصار جمع من العرب يتعجبون من قميصه قائلين إنه لبس قميص النساء فباعتبار العرف والعادة يكون عمل كل من العرب والهند وأهل ما وراء النهر صوابا ولكل وجهة هو موليها فلو ثبتت سنية لبس القميص المشقوق على الصدر لما جوز علماء الحنفية لبسه لأهل الذمة ولما جعلوا خلافة مخصوصا بأهل العلم والدين ولما كانت النساء أقدم وأسبق فى هذا اللباس من الرجال جعلوا لباس الرجال هنا تابعا للباس النساء ( وحاصل السؤال السادس ) هو أن توجه الطالب فى هذا الطريق لما كان إلى الأحدية الصرفة من ابتداء الأمر كان اللازم أن لا يجتمع هذا التوجه مع النفى والإثبات فإن التوجه وقت النفى إلى الغير ( الجواب ) إن التوجه إلى الغير إنما هو لتقوية التوجه إلى الأحدية وتربيته والمقصود من نفى الغير حصول دوام ذلك التوجه من غير مزاحمة الأغيار فالتوجه إلى نفى الغير ليس بمناف للتوجه إلى الأحدية وإنما المنافى له التوجه إلى الغير لا التوجه إلى نفى الغير شتان ما بينهما ( وحاصل السؤال السابع ) هو أن كل ذكر يستعمل باللسان يستعمله المبتدؤن فى هذه الطريقة بالقلب فالنفى والإثبات هل يستعمل جميعه بالقلب أولا بل بعضه بالقلب وبعضه بغيره فإن كان المستعمل بالقلب جميعه فكيف يستقيم مدلا إلى فوق وصرفه إلى يمين ( الجواب ) ما النقصان إن كان المستعمل بالقلب جميعه فإن لا يمد بالقلب إلى فوق ويصرف آله إلى يمين ويجر إلا اللّه نحوه أى القلب مع أن النفى والإثبات فى هذا الطريق بالتخيل لا دخل فيه للسان والحنك أصلا حتى يشترط مواطأة القلب والقول وهذان السؤلان الأخيران من قبيل تشكيكات الفخر الرازى فلئن تأملتم فيهما تأملا جيدا لاندفعا ( بقية المرام ) أن بعض الأصحاب الموجودين هناك قد كتب مكررا أن المير قليل الالتفات إلى أحوال الطالبين فى هذه الأيام ومشغول بالعمارة ويصرف مبلغ الفتوح فى خرج العمارة ويبقى الفقراء محرومين وكتبوا هذه المقدمات على نهج يفهم منه شائبة الاعتراض وتفوح رائحة الإنكار ( فليعلموا ) أن إنكار هذه الطائفة سم قاتل والاعتراض على أفعال هؤلاء الأكابر وأقوالهم سم الأفعى يؤدى إلى الموت الأبدى ويفضى إلى الهلاك السرمدى فكيف إذا كان هذا الإنكار والاعتراض راجعا إلى الشيخ وكان سببا لإيذائه ومنكر هذه الطائفة محروم من بركاتهم والمعترض عليهم خائب وخاسر فى جميع الأوقات وما لم يكن جميع حركات الشيخ وسكناته مستحسنة فى نظر المريد لا ينال نصيبا من كمالاته فإن نال يكون استدراجا ويكون عاقبته هلاكا وبوارا وفضيحة ودمارا فإن وجد المريد فى نفسه مجال الاعتراض على الشيخ مقدار شعرة مع وجود كمال محبته وإخلاصه له فليتقن أن ذلك ليس إلا خيبته وخسارته وحرمانه من كمالات الشيخ أو رذالته فإن خطر فى قلب المريد فرضا شبهة فى فعل من أفعال الشيخ ولم تندفع فليستفسره عنه على نهج يكون خاليا عن شائبة الاعتراض ومبرأ عن مظنة الإنكار وحيث كان المحق والمبطل ممتزجان وملتبسان فى هذا الزمان فلو ظهر من الشيخ أمر مخالف للشريعة أحيانا ينبغى للمريدين أن لا يقلدوه فيه بل يطلبون له محملا بحسن الظن مهما أمكن ويبتغون وجه صحته فإن لم يظهر وجه الصحة ينبغى أن يلتجئوا ويتضرعوا إلى الحق سبحانه فى دفع هذا الابتلاء عنهم ويطلبوا منه تعالى سلامة الشيخ وعافيته بالبكاء والابتهال فإن عرض للمريد شبهة فى حق الشيخ لارتكابه الأمر المباح لا تعتبر تلك الشبهة ولا يعبأ بها فإنه إذا لم يمنع ما لك الأمور جل سلطانه عن إتيان المباح ولم يعترض على فاعله كيف يسوغ لغيره سبحانه أن يعترض عليه من قبل نفسه وكم من مواضع يكون فيه ترك الأولى أولى من إتيانه وقد ورد فى الحديث أن اللّه تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن يؤتى عزائمه وحيث كان فى الشيخ المير قبض مفرط كيف يسوغ الاعتراض عليه أن لم يلتفت إلى أحوال المريد ولم يشتغل بهم وطلب تسلية من بعض الأمور المباحة وكان عبد اللّه الاصطخرى يذهب إلى الصحراء مع كلاب الصيد لتسلية نفسه وبعض المشائخ كانوا يطلبون تسليهم فى السماع وأصوات النغمة والسلام على من اتبع الهدى والتزم متابعة المصطفى عليه وعلى آله أتم الصلوات وأكمل التسليمات . ---------------- العريضة الأولى العريضة الأولى من العرائض التى كتبها المخدوم زاده الأعظم عليه الرحمة والغفران عريضة أقل العبيد محمد صادق أنهى إلى العرض الأشرف إن أحوال هذه الحدود وأوضاعها على الجمعية الصورية والمعنوية بيمين التوجهات العلية وقد كان الخاطر متفرقا ومتشتتا منذ مدة من طرف خدمة الحضرة فقدم الميان بدر الدين يوم تحرير العريضة وبلغ خبر العافية الكاملة فحصل فرح غير محدود وسرور غير محصور الحمد للّه على ذلك حمدا كثيراً ويا قبلتى أن الحافظ بهاء الدين ختم القرآن المجيد فى الليلة الثالثة عشرة وشرع الحافظ موسى فى الليلة الرابعة عشرة وقرأ فى كل ليلة خمسة أجزاء خمسة أجزاء ويختم الليلة الآتية التى هى التاسعة عشرة وتقرر الحافظ بهاء الدين للختم فى العشر الأخير المقصود سلامة الحضرة وبينما الحافظ يقرأ القرآن ليلة فى التراويح ظهر مقام وسبع كثير النورانية كأنه كان مقام الحقيقة القرآنية وإن لم يمكن الجراءة على ادعاء ذلك وصار معلوما أن الحقيقة المحمدية على صاحبها الصلاة والسلام والتحية إجمال هذا المقام وكأنها بحر كبير ملئ فى كوز وفى هذا المقام تفصيل الحقيقة المحمدية ولأكثر الأنبياء وكمل الأولياء نصيب من بعض هذا المقام على قدر استعداداتهم ولا يدرى حصول نصيب من تمام ذلك لغير نبينا عليه الصلاة والسلام وهذا الحقير أيضا نال منه نصيبا رزقنا اللّه سبحانه نصيبا كاملا منه ببركة التوجه العالى وذلك المقام لم يتضح إلى الآن كما ينبغى وبقية الأحوال على الجمعية ويفهم فى هذا الشهر حصول بركة كثيرة وأوضاع أخى محمد سعيد طيبة وأوقاته مصروفة بالجمعية والذكر وأهل البلد أيضا يحضرون بالذوق التام وقد حفظ الفقير إلى الآن أربعة أجزاء وشيأ فوقها ويحفظ إلى يوم العيد خمسة أجزاء تخمينا والعبودية العريضة الثانية ( العريضة الثانية عريضة ) أقل العبيد محمد صادق أنهى إلى ذروة العرض أن أحوال هذه الحدود وأوضاعها مستوجبة للشكر والمطلوب والمسؤل خيرية ذلك الجناب مع جميع الخدام والأصحاب وقد حصل الابتهاج بمطالعة النميقة الأنيقة والصحيفة الشريفة المرسلة مع إسماعيل مد اللّه سبحانه ظلال عطوفة حضرة القبلة على كافة أهل الإسلام وأبقاها بحرمة النبى وآله الأمجاد عليه وعليهم الصلاة والسلام ويا قبلتى ماذا كسب من سوء الأحوال لا بضاعة لى غير الحسرة والندامة على صدور سوء الأعمال وتضييع الأحوال الحاصلة فى الماضى والحال والمتمنى أن لا تفوت لحظة ولا ساعة فى خلاف رضائه تعالى وهو لا يتيسر إلا أن يمد خدام ذلك الجناب ويأخذوا بيدى ( ع ) لا عسر فى أمر من الكرام للّه والمنة على نعمة الاستقامة إلى الآن على طريق أمرتم به ولم يتطرق إليه فتور بيمن الدوحة الشريف بل نرجو الترقى والتزايد يوما فيوما وتنعقد الصحبة بعد الفجر والظهر والحافظ بها إذا فرغ من الترددات ووجد الفرصة يشتغل بقراءة القرآن والفقير مقبوض مرة ومبسوط أخرى والقبض والبسط والتوجه والذوق والسكون وغيرها تتعلق بالبدن فقط لا تتجاوزه إلى غيره واللطائف الستة ليست متوجهة ولا غاملة فإن كانت متوجهة فتوجهها مثل العلم الحضور عينه وأرى التوجه والذوق وأمثالهما داخلة فى الظلال لا أجدها مجاوزها وكانت اللطائف أولا مختلطة بالبدن ولم يكن أمر سوى البدن مفهوما فى نظر البصيرة كما كانت عرضته فى الحضور الموفور السرور والآن أجدها ممتازة عن البدن وأرى ذلك المقام مقام البقاء وبعد البقاء عرض أيضا نوع من الفناء للطائف وفهم أن الأمر لا يتم بدون هذا الفناء الذى يكون بعد البقاء مقبوض منذ أيام ومعاملة السرور قليلة ننظر ماذا يظهر بعد ذلك وإلى الآن لم يحصل التوجه إلى العالم وحيث كان عرض الأحوال ضروريا تجاسرنا بتحرير كلمات ويا قبلتى أرى الحضر فى المنام فى كل ليلة إلا ما شاء اللّه وماذا أكتب أزيد من ذلك فإن الزيادة داخلة فى التكليفات الرسمية والسلام والعبودية العريضة الثالثة ( العريضة الثالثة عريضة ) أقل العبيد محمد صادق أنهى إلى موقف العرض أن هذا الحقير كان مقبوضا ومغموما من مدة فأدركت العناية الإلهية آخر الأمر بمحض التوجه الأقدس وحصل بسط عظيم وصار معلوما فى ذلك البسط أن الذكر والتوجه مثلا كانا أولاً من جانب هذا الشخص والآن كل شئ من جانبه تعالى وتقدس ولا أجد فى نفسى غير قابلية لقبول ما يرد من جانبه تعالى كمرآة تطلع عليها الشمس فاحترق بذلك الطلوع كل ظلمة وكدورة فى البدن واللطائف وحصل لها نور وبركة كما ينبغى فانشرح الصدر واتسع القلب وصار البدن كالنور مضيأ الطف من الروح والسر اللذين كانا قبل ذلك ووجدت التجلى الأكمل من بين اللطائف للقلب فلما نظرت إلى القلب ظهر أن فى القلب قلبا آخر والتجلى له فلما نظرت لى قلب القلب ظهر أن فى ذلك القلب قلباً آخر وهكذا إلى غير النهاية فلم يظهر قلب بسيط إلا وفيه قلب آخر ولكن يتوهم الآن أنه انتهى إلى قلب بسيط وليس ذلك بمتقين وعلم أن الحالات المتقدمة على هذه الحالة بالنسبة إليها كانت كلها تكلفات صرفة وقد كان خطر لى اسم هذا المقام ولكن كتبته تحاميا عن سوء الأدب فيا قبلتى أن هذه كلها أثر يسير من آثار التوجه الأطهر ( شعر ). فلو أن لى فى كل منبت شعرة * لسانا أبث الشكر كنت مقصراً والمرجو سلامة الحضرة وكيف أكتب تمنى نيل ملازمة خدام الجناب وكيف أشرحه والتصوير ليلا ونهار فى كل ساعة إنه فى أى وقت ومسعود فى أى ساعة سعيه حصل المطلب الأعلى والمقصود الأعز ولا تمنى لى غير هذا التمنى يسر اللّه سبحانه هذه الدولة العظمى بأحسن الوجوه وأوفق الطرق بحرمة النبى وآله الأمجاد عليه وعليهم من الصلوات أتمها وأكملها والعبودية . ( قد تم الجزء الأول من معرب المكتوبات ويليه الجزء الثانى للشيخ المذكور نفع اللّه به ) |