Geri

   

 

 

İleri

 

٢٦٨

المكتوب الثامن والستون والمائتان

إلى خان خانان فى بيان العلم الموروث من الأنبياء وبيان المراد بالعلماء فى حديث علماء أمتى كأنبياء بينى إسرائيل وأن العلم الموروث من الأنبياء ليس هو الأسرار التى تكلم بهاء الأولياء من التوحيد الوجودى والإحاطة والسريان وما يشا كلها بل غيرها.

الحمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد فاعلم أن أحوال فقراء هذه الحدود وأوضاعهم مستوجبة للحمد والمسؤل من اللّه سبحانه سلامتكم وعافيتكم وثباتكم واستقامتكم ولما كان مبحث علم الوراثة فى البين أردت أن أكتب كلمات من تلك المقولة على حسب مقتضى الوقت وقد ورد فى الأخبار العلماء ورثة الأنبياء والعلم الذى بقى من الأنبياء عليهم السلام نوعان علم الأحكام وعلم الأسرار فالعلم الوارث من يكون له سهم من نوعى العلم لا من يكون له نصيب من نوع واحد فقط فإن ذلك مناف للوراثة فإن الوارث من يكون له نصيب من جميع أنواع تركة المورث لا من بعض دون بعض والذى له نصيب من البعض العين فهو داخل فى الغرماء حيث يتعلق نصيبه بجنس حقه وكذلك قال النبى عليه الصلاة والسلام علماء أمتى كأنبياء بنى إسرائيل والمراد بالعلماء هنا علماء الوراثة لا الغرماء الذين يأخذون نصيبهم من بعض التركة فإن الوارث يمكن أن يقال له أنه كالمورث بواسطة القرب والجنسية بخلاف الغريم فإنه خال عن هذه العلاقة فمن لم يكن وارثا لا يكون عالما إلا أن نقيد علمه بنوع واحد ونقول أنه عالم بعلم الأحكام مثلا والعالم المطلق هو الذى يكون وارثا ويكون له حظ وافر ونصيب تام من كلا نوعى العلم

( وقد ) زعم الأكثرون أن علم الأسرار عبارة عن علوم التوحيد الوجودى وشهود الوحدة فى الكثرة ومشاهدة الكثرة فى الوحدة وأنه كناية عن معارف الإحاطة وسريان وجوده تعالى وقربه ومعيته سبحانه على النهج الذى صارت منكشفة ومشهودة لأرباب الأحوال حاشا وكلا ثم حاشا وكلا من أن تكون هذه العلوم والمعارف من علم الأسرار ولائقة بمرتبة النبوة فإن بمنى تلك المعارف السكر وغلبة الحال التى هى مافية للصحو وعلم الأنبياء كله سواء كان علم الأحكام أو علم الأسرار ناش من غاية الصحو الذى ما امتزجت فيه ذرة من السكر بل هذه المعارف مناسبة لمقام الولاية التى لها قدم راسخ فى السكر فتكون هذه العلوم من أسرار الولاية لا من أسرار النبوة والولاية وأن كانت هى أيضا ثابتة ولكن أحكامها مغلوبة وفى جنب أحكام النبوة متلاشية ومضمحلة ( شعر ).

ومتى بدت أنوار بدر فى الدجا * ما للسهى من حيلة سوى الاختفا

وقد كتبت فى كتبى ورسائلى وحققت أن كمالات النبوة لها حكم البحر المحيط وكمالات الولاية فى جنبها قطرة محقرة ولكن ماذا نفعل وقد قال جماعة من عدم إدراكهم لكمالات النبوة أن الولاية أفضل من النبوة وقال طائفة أخرى فى توجيه هذا الكلام أن المراد به أن ولاية نبى أفضل من نبوته وكل من هذين الفريقين قد حكموا على الغائب من غير علم بحقيقة النبوة وقريب من هذا الحكم الحُكم بترجيح السكر على الصحو فإن عرفوا حقيقة الصحو لعرفوا أن السكر لا نسبة له إلى الصحو أصلا ( ع)

ما نسبة الفرشى بالعرشى *

وكأنهم شبهوا صحو الخواص بصحو العوام وزعموا وجود المماثلة بينهما فرجحوا السكر عليه وليتهم إذ زعموا وجود المماثلة بين صحو الخواص وصحو العوام لم يجترؤا على هذا الحكم فإن من المقرر عند العقلاء أن الصحو أفضل من السكر مطلقا وهذا الحكم دائمى عندهم سواء كان السكر والصحو مجازيين أو حقيقين وتفضيل الولاية على النبوة وترجيح السكر على الصحو شبيه بترجيح الكفر على الإسلام وتفضيل الجهل على العلم فإن كلا من الكفر والجهل مناسب لمقام الولاية وكلا من الإسلام والعلم مناسب لمرتبة النبوة قال الحسين بن منصور الحلاج (شعر).

كفرت بدين اللّه والكفر واجب * لدى وعند المسلمين قبيح

ومحمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم استعاذ من الكفر قل كل يعمل على شاكلته فكما أن الإسلام فى عالم المجاز أفضل من الكفر كذل ينبغى أن يعتقد أنه فى الحقيقة أفضل من الكفر فإن المجاز قنطرة الحقيقة

( فإن قيل ) كما أن الكفر والسكر والجهل ثابت فى مرتبة الجمع من مقامات الولاية كذلك الإسلام والصحو والمعرفة متحقق فى مرتبة الفرق بعد الجمع منها فكيف يصح القول بمناسبة الكفر والسكر والجهل فقط لمقام الولاية

( أقول ) أن إثبات الصحو وأمثاله فى مرتبة الفرق إنما هو بالنسبة إلى مرتبة الجمع التى ليس فيها غير السكر والمحو وإلا فصحو مرتبة الفرق أيضا ممتزج بالسكر وإسلامها مختلط بالكفر ومعرفتها مشوبة بالجهل فلو وجدت مجالا للكتابة لذكرت أحوال مقام الفرق ومعارفة بالتفصيل وبينت امتزاج السكر وأمثاله فيها بالصحو وأمثاله ولعل أرباب الفطانة يجدون هذا المعنى بالتفرس أيضا والعجب كل العجب ألم يفهموا أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما نالوا ما نالوا من هذه العظمة والجلالة كلها من طريق النبوة لا من طريق الولاية وغاية شأن الولاية إنما هى الخادمية للنبوة فلو كانت للولاية مزية على النبوة لكان الملائكة الذين ولايتهم أكمل من سائر الولايات أفضل من الأنبياء عليهم الصلاة السلام ولما قالت طائفة من هؤلاء القوم بأفضلية الولاية من النبوة ورأوا ولاية الملائكة الملأ الأعلى أفضل من ولاية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قالوا بالضرورة أن الملائكة أفضل من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفارقوا فى ذلك جمهور أهل السنة والجماعة وكل ذلك لعدم الاطلاع على حقيقة النبوة ولما كانت كمالات النبوة حقية فى نظر الناس فى جنب كمالات الولاية بواسطة بعد عهد النبوة بسطنا الكلام فى هذا الكلام الباب بالضرورة وكشفنا شمة من حقيقة المعاملة ربنا اغفر لنا ذنوبنا وأسرافنا فى أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين وحيث كان أخى الأرشد الشيخ ميان داود من المترددين فى تلك الحدود كان باعثا على هذا التصديع .