٢٦٠ المكتوب الستون والمائتان إلى المخدوم زاده الشيخ محمد صادق قدس سره فى بيان الطريقة المختصة به وبيان الولايات الثلاث الصغرى والكبرى والعليا وبيان أفضلية النبوة من الولاية مطلقاً وبيان اللطائف العشر الإنسانية التى خمس منها من عالم الأمر وخمس من عالم الخلق مع كمالات مخصوصة بكل واحدة منها وبيان أفضلية عالم الخلق من عالم الأمر مع بيان كمالات مخصوصة بعنصر التراب وبيان العلوم والمعارف المناسبة لكل مقام وأمثال ذلك. بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين عليه وعليهم وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ( اعلم ) أيا الولد أسعدك اللّه سبحانه وتعالى أن لطائف عالم الأمر الخمس أعنى القلب والروح والسر والخفى والأخفى التى هى من أجزاء العالم الصغير أعنى الإنسان أصولها فى العالم الكبير كالعناصر الأربعة التى هى أجزاء الإنسان فإن أصولها فى العالم الكبير وظهور أصول الخمس فوق العرش حيث يوصف باللامكانية ومن ههنا يقال لعالم الأمر لا مكانيا تتم دائرة إلا مكان خلقه وأمره وصغيره وكبيرة بالوصول إلى نهاية تلك الأصول وإلى هذا الموطن ينتهى امتزاج العدم بالوجود الذى هو منشأ الإمكان فإذا طوى السالك الرشيد محمدى المشرب هذه الخمس من عالم الأمر بالترتيب وشرع فى السير فى أصولها من عالم الكبير وطوى كلها بالترتيب والتفصيل بعلو الفطرة بل بمحض فضل الحق سبحانه وانتهى إلى النقطة الأخيرة فلا جرم يكون قد أتم دائرة الإمكان بالسير إلى اللّه وصار مستحقاً لأن يطلق عليه اسم الفناء يعنى لأن يوصف به وشرع فى الولاية الصغرى التى هى ولاية الأولياء فإن وقع السير بعد ذلك فى ظلال الأسماء والصفات الوجوبية التى هى أصل الخمسة التى فى العالم الكبير فى الحقيقة ولم يتطرق إليها شائبة العدم وطوى كلها بفضل اللّه سبحانه بطريق السير فى اللّه وبلغ نهايتها فقد أتم دائرة ظلال الأسماء الواجبية أيضاً وحصل له الوصول إلى مرتبة الأسماء والصفات الواجبية ونهاية عروج الولاية الصغرى إلى هذا المقام وفى هذا الموطن يتحقق الشروع فى حقيقة الفناء وبوضع القدم فى بداية الولاية الكبرى التى هى ولاية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ( ومما ينبغى ) أن يعلم أن هذه الدائرة الظلالية متضمنة لمبادى تعينات الخلائق سوى الأنبياء الكرام والملائكة العظام عليهم الصلاة والسلام وظل كل اسم مبدأ تعين شخص من الأشخاص حتى أن مبدأ تعين الصديق الأكبر الذى هو أفضل البشر بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام النقطة الفوقانية من هذه الدائرة وما قيل أن السالك إذا انتهى إلى اسم هو مبدأ تعينه فقد أتم السيرة إلى اللّه ينبغى أن يكون المراد به ظل الاسم الإلهى جل شأنه وجزئيا من جزئياته لا أصله وعينه وهذه الدائرة الظلالية تفصيل مرتبة الأسماء والصفات فى الحقيقة فإن العلم فإن العلم مثلا صفة حقيقية ولها جزئيات وتفصيل تلك الجزئيات ظلال هذه الصفة التى لها مناسبة بالإجمال وكل جزئى من تلك الجزئيات مبدأ تعين شخص من الأشخاص غير الأنبياء الكرام والملائكة الفخام عليه الصلاة والسلام ومبادى تعينات الأنبياء باعتبارات مختلفة وذلك أن مبدأ تعين خاتم الرسل مثلاً شأن العلم وهذه الصفة كانت مبدأ تعين إبراهيم عليه السلام باعتبار آخر وهى مبدأ تعين نوح عليه السلام أيضا باعتبار آخر وتعين تلك الاعتبارات مذكور فى مكتوب الخواجه محمد أشرف وما قال بعض المشائخ من أن الحقيقة المحمدية هى التعين الأول الذى هو حضرة الإجمال ومسمى بالوحدة فمراده به على ما ظهر لهذا الفقير من عالم الغيب واللّه سبحانه أعلم مركز هذه الدائرة الظلالية قد ظن هذه الدائرة الظلالية تعينا أولاً وتخيل مركزها إجمالا وسماه وحدة وزعم تفصيل ذلك المركز الذى هو محيط تلك الدائرة وأحدية وتصور ما فوق دائرة الظلال الذى هو دائرة الأسماء والصفات ذاتا منزهة ومبرأة عن التعين وليس الأمر كذلك بل أقول إن مركز هذه الدائرة الظلالية ظل مركز الدائرة الفوقانية التى هى أصلها ومسماة بدائرة الأسماء والصفات والشئون والاعتبارات والحقيقة المحمدية هى مركز هذه الدائرة الأصلية فى الحقيقة التى هى إجمال الأسماء والشؤنات وتفصيل الأسماء إنما هو فى هذه الدائرة التى هى مرتبة الواحدية وإطلاق الوحدة والأحدية على مرتبة ظلال الأسماء مبنى على اشتباه الظل بالأصل ومن هذا القبيل إطلاق السير فى اللّه فى ذلك الموطن فإن السير فى ذلك الموطن داخل فى الحقيقة فى السير إلى اللّه هذا ( فإن وقع ) العروج بعد ذلك إلى دائرة الأسماء والصفات التى هى أصل دائرة الظلال بطريق السير فى اللّه يكون ذلك شروعاً فى كمالات الولاية الكبرى وهذه الولاية الكبرى مخصوصة بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالأصالة ووصل أصحابهم الكرام أيضاً إلى هذه الدولة بالتبعية والنصف الأسفل من هذه الدائرة متضمن للأسماء والصفات الزائدة ونصفها الأعلى مشتمل على الشئون والاعتبارات الذاتية ونهاية عروج لطائف عالم الأمر الخمس إلى نهاية هذه الدائرة يعنى دائرة الأسماء والشئونات ( فإن وقع ) الترقى بعد ذلك بمحض فضل الحق جل شأنه من مقام الصفات والشئونات يكون السير فى دائرة أصول تلك الصفات والشئونات وبعد المجاوزة والعبور عن دائرة تلك الأصول دائرة أصول تلك الأصول وبعد طى هذه الدائرة يظهر من الدائرة الفوقانية قوس ينبغى قطعه أيضاً وحيث لم يظهر من هذه الدائرة الفوقانية غير القوس اقتصرنا على ذلك القوس ولابد من أن يكون هنا سر ولم أطلع عليه بعد وهذه الأصول الثلاثة المذكورة للأسماء والصفات مجرد اعتبارات فى حضرة الذات تعالت وتقدست كانت مبادى الصفات والشئونات وحصول كمالات هذه الأصول الثلاثة مخصوصة بالنفس المطمئنة ويتيسر حصول الاطمئنان لها فى ذلك الموطن وفى هذا المقام يحصل شرح الصدر وفيه يتشرف السالك بالإسلام الحقيقى وهذا هو ذاك الموطن الذى تجلس المطمئنة فيه على تخت الصدر وترتقى فى مقام الرضا وهذا الموطن هو نهاية الولاية الكبرى التى هى ولاية الأنبياء عليه الصلاة والسلام ولما انتهى بى السير إلى هذا المقام توهم لى أن الأمر قد تم فنوديت فى سرى أن كل ذلك كان تفصيل الاسم الظاهر الذى هو أحد جناحى الطيران والاسم الباطن أمامك بعد وهو الجناح الثانى للطير أن إلى عالم القدس فإذا أتممته بالتفصيل فقد حصلت جناحين للطيران فلما تم سير الاسم الباطن بعناية اللّه سبحانه تيسر الجناحان للطيران الحمد للّه الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا اللّه لقد جاءت رسل ربنا بالحق ( أيها الولد ) ماذا أكتب من السير فى الباطن والمناسب لحال ذلك السير الاستتار والتبطن ولنكشف نبذا يسيرا من هذا المقام أن السير فى الاسم الظاهر سير فى الصفات من غير أن يلاحظ الذات فى ضمنها والسير فى الاسم الباطن وإن كان سيرا فى الاسماء ولكن الذات ملحوظة فى ضمنها وتلك الأسماء كالحجب ساترة لوجه حضرة الذات تعالت وتقدست فإن الذات فى صفة العلم مثلا ليست ملحوظة أصلا وفى اسم العليم الملحوظ هو الذات من وراء حجاب الصفات لأن العليم ذات ثبت لها العلم فالسير فى العلم سير فى الاسم الظاهر والسير فى العليم سير فى الاسم الباطن وقس على هذا سائر الصفات والأسماء وهذه الأسماء المتعلقة بالاسم الباطن مبادى تعينات الملائكة الملأ الأعلى على نبينا وعليهم الصلوات والتحيات ( والشروع ) فى السير فى هذه الأسماء وضع القدم فى الولاية العليا التى هى ولاية الملأ الأعلى والفرق المذكور بين العلم والعليم عند بيان الاسم الظاهر والاسم الباطن لا تتخيله شيئا يسيراً ولا تظن أن من العلم إلى العليم مسافة قليلة لا بل فرق ما بين مركز الأرض ومحدب العرش له بالنسبة إلى هذا الفرق حكم القطرة بالنسبة إلى البحر المحيط وهو قريب فى التكلم بعيد فى الحصول ومن هذا القبيل ذكر المقامات المبينة على سبيل الإجمال كما قلنا مثلاً فإذا طوى هذه الخمس من عالم الأمر وشرع فى السير فى أصولها فقد أتم دائرة الإمكان فقد ذكر فى هذه العبارة السير إلى اللّه بالتمام وقد قدروا مدة حصول هذا السير بخمسين ألف سنة وفى قوله تعالى تعرج الملائكة والروح إليه فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة رمز إلى هذا المعنى غاية ما فى الباب أن جذب عناية الحق جل سلطانه بكاد ييسر أمر هذه المدة المديدة فى طرفة العين ( ع ) لا عسر فى أمر مع الكرم * وكذلك قلنا فإذا طوى دائرة الأسماء والصفات والشئون والاعتبارات ووقع السير فى أصولها الخ طى جميع الأسماء والصفات سهل فى التلفظ ولكن مشكل عند الطى وأى مشكل * ومن صعوبة هذا الطى قال المشائخ منازل الوصول لا تنقطع أبدا لآبدين ومنعوا تمامية السير يعن انتهاء فى هذه المراتب ( شعر ). وليس لحسنه حـد وغاية * ولا لمديحه السعدى نهاية يموت من التعطش مستقيه * ويبقى البحر بحراً كالبداية ( ولا تظن ) أنهم إنما قالوا بعدم انقطاع مراتب الوصول باعتبار التجليات الذاتية لا باعتبار التجليات الصفاتية وأرادوا بالحسن الحسن الذاتى لا الحسن الصفاتى ( لأنا نقول ) أن التجليات الذاتية ليست هى بدون ملاحظة الشئون والاعتبارات ولا ظهور الحسن الذاتى من غير احتجاب بحجب الصفات الجمالية لأنه لا مجال للقيل والقال فى ذلك الموطن بدون توسط الحجب والاستار من عرف اللّه كل لسانه والتجلى يستدعى نحوا من الظلية فلابد فى ذلك المقام من ملاحظة الشئون فصارت منازل الوصول ومراتب الحسن داخلة فى دائرة الأسماء والشئونات والحال أن انقطاعها متعسر عندهم والأمر الذى ظهر لهذا الدرويش فهو وراء التجليات وغير الظهورات سواء كان تجليا ذاتياً أو تحلياً تجلياً صفاتياً ووراء الحسن والجمال سواء كان حسنا ذاتيا أو حسنا صفاتيا وبالجملة قد نظمت المطالب العالية والمقاصد السامية فى سلك عبارات محتقرة مختصرة بطريق الإجمال وملأت البحار العديمة النهاية فى كيزان معدودة فلا تكن من القاصرين ( ولنرجع ) إلى أصل الكلام فنقول أنه لما تيسر الطيران ووقعت العروجات بعد حصول جناحى الاسم الظاهر والباطن علم أن هذه الترقيات بالأصالة نصيب العنصر النارى والعنصر الهوائى والعنصر المائى التى للملائكة الكرام على نبينا وعليهم الصلاة والسلام أيضا نصيب منها كما ورد أن بعض الملائكة مخلوق من النار والثلج تسبيحه سبحان من جمع بين النار والثلج وأريت فى الواقعة فى أثناء هذا السير كأنى ماش على طريق وقد حصلت لى غاية الإعياء من كثرة المشى وصرت التمس خشبة أو عصا للاتكاء رجاء حصول قدرة على المشى بمددها فلم يتيسر فصرت أتمسك وأتشبث بكل حشيش متمنياً تقويته على المشى ولا أجد بدا من المشى ولما سرت بهذا الحال ظهر فناء بلدة فدخلت البلدة بعد طى مسافة ذلك الفناء وأعملت أن تلك البلدة عبارة عن التعين الأول الذى هو ( جامع ) لجميع مراتب الأسماء والصفات والشئون والاعتبارات ( وجامع ) أيضاً لأصول تلك المراتب ولأصول تلك الأصول ( ومنتهى ) الاعتبارات الذاتية التى تمايزها يعنى تمايز بعضها عن بعض مناسب للعلم الحصولى ( فإن وقع ) السير بعد ذلك يكون مناسباً للعلم الحضورى ( أيها الولد ) إن إطلاق العلم الحصولى والحضورى فى تلك الحضرة إنما هو باعتبار التمثيل والتنظير فإن الصفات التى وجدوها زائد على وجود الذات تعالت وتقدست علمها مناسب بالعلم الحصولى والاعتبارات الذاتية التى لا تتصور زيادتها على الذات أصلا علمها مناسب بالعلم الحضورى وإلا فليس ثمة إلا تعلق العلم بالمعلوم من غير أن يحصل من المعلوم فيه شئ فأفهم ( وهذا ) التعين الأول الذى تلك البلدة الجامعة كناية عنه جامع لجميع ولايات الأنبياء الكرام والملائكة العظام عليهم الصلاة والسلام ومنتهى الولاية العليا التى هى مخصوصة بالملأ الأعلى بالأصالة ولوحظ فى هذا المقام أن هذا التعين الأول هل هو الحقيقة المحمدية أولاً ثم نبين أن الحقيقة المحمدية هى التى ذكرت فيما سبق وإطلاق التعين الأول عليها أن ذلك المركز ظل هذا التعين الأول باعتبار جامعيته للأسماء والصفات والشئون والاعتبارات ( والسير ) الواقع فوق ذلك البلد يكون شروعا فى الكمالات والنبوة وحصول تلك الكمالات مخصوص بالأنبياء عليه الصلاة والسلام وناش من مقام النبوة ولكمل اتباع الأنبياء أيضا نصيب من تلك الكملات بالتبعية والحظ الوافر من تلك الكمالات بالأصالة من بين اللطائف الإنسانية للعنصر الترابى وسائر الأجزاء الإنسانية سواء كانت من عالم الأمر أو من عالم الخلق كلها تابعة فى هذا المقام لذلك العنصر الترابى ومشرفة بهذه الدولة يتطفله ولما كان هذا العنصر مخصوصا بالبشر كان خواص البشر أفضل من خواص الملائكة بالضرورة لأنه لم يتيسر لأحد ما تيسر لهذا العنصر وبعد الدنو يظهر فى هذا المقام حقيقة التدلى وهنا ينكشف سر قاب قوسين أو أدنى ويرى فى هذا السير أن كمالات جميع الولايات سواء كانت صغرى أو كبرى أو عليا كلها ظلال كمالات مقام النبوة وإنها أشباح وأمثال لحقيقة هذه الكمالات ويلوح فيه أن النقطة التى تقطع فى ضمن هذا السير أزيد من جميع كمالات الولاية فينبغى أن يتأمل أنه ماذا يكون على هذا القياس حكم الكمالات المتقدمة بالنسبة إلى جميع هذه الكمالات وللقطرة نسبة إلى البحر المحيط وهذه النسبة مفقودة هاهنا إلا أنى أقول أن نسبة الولاية إلى مقام النبوة كنسبة المتناهى إلى غير المتناهى سبحان اللّه وقد يقول الجاهل بهذا السر أن الولاية أفضل من النبوة ويقول الآخر فى توجيه هذه العبارة غافلا عن هذه المعاملة أن ولاية النبى أفضل من نبوته كبرت كلمة تخرج من أفواههم ولما أتممت هذا السير أيضا بعناية اللّه سبحانه وبركة حبيبه عليه وعلى آله الصلاة والسم وشوهد لى أنه لو زدت فرضا خطوة واحدة فى السير لأقع فى عدم محض إذ ليس وراءه إلا العدم المحض ( أيها الولد ) إياك والوقوع فى التوهم من هذه المعاملة أن العنقاء قد وقع فى الشرك والسيمرغ قد تعلق فى الشبكة ( شعر ). هيهات عنقاء أن يصطاده أحد * فاترك عناك وكن من ذاك فى دعة وهو سبحانه وراء الوراء ثم وراء الوراء . وذا إيوان الاستعلاء عال * فإياكم وطمعا فى الوصال وهذه الورائية ليست باعتبار وجود الحجب لأن الحجب صارت مرتفعة بالكلية بل باعتبار ثبوت العظمة والكبرياء بالمانعة للإدراك المنافية للوجدان فهو سبحانه أقرب فى الوجود وأبعد عن الوجدان نعم قد يكون بعض الكمل من المرادين فيعطون محلا من سرادقات العظمة والكبرياء ويجعلون من محارم خيمة الجلال بتطفل الأنبياء عليه الصلاة والسلام فيعامل معهم ما عومل معهم ( أيها الولد ) إن هذه المعاملة مخصوصة بالهيئة الوحدانية الإنسانية الناشئة من مجموع عالم الخلق وعالم الأمر ومع ذلك الرئيس فى هذا الموطن هو العنصر الترابى وإنما قلت ليس وراءه إلا العدم المحض لأن بعد تمام مراتب الوجود الخارجى الوجود العلمى ليس إلا حصول العدم الذى نقيضه وذات اللّه سبحانه وراء هذا الوجود والعدم وكما أنه لا سبيل إليها للعدم كذلك لا مجال فيها للوجود لأن الوجود الذى قام العدم بنقاضته كيف يليق بحضرته جل سلطانه فلئن أطلقنا الوجود فى هذه المرتبة لضيق العبارة يراد به وجود لا يكون للعدم مجال مناقضته وما كتب هذا الفقير فى بعض مكاتيبه أن حقيقة الحق سبحانه وجود محض فهو من عدم الاطلاع على حقيقة هذه المعاملة ومن هذا القبيل بعض المعارف التى حررتها فى التوحيد الوجودى وغيره وسره عدم الاطلاع ولما كنت واقفا ومتنبها على حقيقة المعاملة كنت متندما على ما كتبته أو قلته فى الابتداء والوسط وكنت مستغفرا منه استغفر اللّه وأتوب إلى اللّه من جميع ما كره اللّه سبحانه وتعالى ( ولاح ) من هذا البيان أن كمالات النبوة فى مراتب الصعود وأن الوجه فى عروجات النبوة إلى الحق سبحانه لا كما زعمه الكثيرون من أن الوجه فى الولاية إلى الحق سبحانه وتعالى وفى النبوة إلى الخلق وأن الولاية فى مراتب العروج والنبوة فى مدارج النزول ومن هنا توهموا أن الولاية أفضل من النبوة نعم أن لكل من الولاية والنبوة عروجا وهبوطا وفى العروج الوجه إلى الحق فى كليهما وفى الهبوط إلى الخلق غاية ما فى الباب أن الوجه فى مرتبة هبوط النبوة إلى الخلق بالكلية بخلاف هبوط الولاية فإن الوجه فيها ليس إلى الخلق بالكية بل باطنة بالحق وظاهرة بالخلق وسره أن صاحب الولاية نازل قبل أمام مقامات العروج فلا جرم يكون النظر إلى الفوق منازعه فى جميع الأوقات ومانعه من التوجه بكليته إلى الخلق بخلاف صاحب النبوة فإنه هبط بعد أمام مقامات العروج ولهذا يكون متوجها بكليته إلى دعوة الخلق إلى الحق جل وعلا فافهم فإن هذه المعرفة الشريفة وأمثالها مما لم يتكلم بها أحد ( ومما ينبغى ) أن يعلم أن العنصر الترابى كما أنه يتفوق على الكل فى مراتب العروج كذلك ينزل فى منازل الهبوط أسفل من الكل وكيف لا فإن مكانه الطبيعى أسفل من الكل فإذا ثبت أنه ينزل أسفل من الكل تكون دعوة صاحبه أتم بالضرورة وأفادته أكمل ( اعلم ) أيها الولد أن ابتداء السير فى الطريقة النقشبندية لما كان من القلب الذى هو من عالم الأمر افتتحنا الكلام بعالم الأمر بخلاف طرق سائر المشائخ الكرام فإنهم يشرعون أولا فى تزكية النفس وتطهير القالب ثم يشرعون بعد ذلك فى عالم الأمر ويعرجون فيها إلى ما شاء اللّه ولهذا اندرجت فى بداية هؤلاء الكبراء نهاية من سواهم وصار هذا الطريق أقرب الطرق لأن حصول التزكية والتطهير ميسر فى ضمن هذا السير على أحسن الوجوه فقصرت المسافة بذلك فلا جرم اعتقد هؤلاء الأكابر سير عالم الخلق قصدا عبثا وعدوة تعطيلاً لا بل تيقنوا أنه مضر ومانع عن الوصول إلى المطلب وذلك لأن سالكى الطريق يقدم التزكية والرياضات الشاقة والمجاهدات الشديدة إذا شرعوا فى سير عالم الأمر بعد قطع بوادى صورة عالم الخلق ووقعوا فى الانجذاب القلبى والالتذاذ الروحى كثيرا ما يقنعون بهذا الانجذاب ويكتفون بهذا الالتذاذ ومظنة لإمكانية عالم الأمر تكون ممدة لهم فى تلك المعاملة وشائبة لا مثلية هذا العالم تمنعهم عن اللامثلى الحقيقى حتى قال واحد من السالكين فى هذا المقام عبدت الروح ثلثين سنة معتقدا بأنه الحق سبحانه وتعالى وقال آخر أن سر الاستواء وظهور تنزيه ما فوق العرش من المعارف الغامضة وقد علم من البيان السابق أن ذلك التنزيه داخل فى دائرة الإمكان بل هو تشبيه فى الحقيقة فى صورة التنزيه بخلاف أكابر هذه الطريقة العليا فإنهم يشرعون من مقام الجذبة ويترقون بمدد الالتذاذ وهذا الانجذاب والالتذاذ فى حقهم بمثابة الرياضات والمجاهدات فى حق غيرهم فما هو مانع عن الوصول لغيرهم ممد ومعاون لهؤلاء الأكابر وهم يتصورن لإمكانية عالم الأمر عين المكاتبة فيتوجهون منه إلى اللامكانى الحقيقى ويعتقدون لا مثلية ذلك العالم عين المثلية ويرتقون منه إلى اللامثلى الحقيقى فلا جرم إنهم لا يفتنون بغرور الوجد والحال ولا يغبنون بجوز هذا الطريق وموز الأشباه والامثال كالأطفال ولا يباهون بترهات الصوفية ولا يفتخرون بشطحيات المشائخ بل هم متوجهون إلى الأحدية الصرفة لا يبغون من الاسم والصفة غير الذات المقدسة ( وينبغى ) أن يعلم أن هذا العروج الذى مر ذكره مخصوص بمحمدى المشرب التام الاستعداد له نصيب كامل من كمالات الجواهر الخمس التى فى عالم الأمر صغيره وكبيره وكذلك له حظ وافر من أصول هذه الخمس أعنى ظلال الأسماء الوجبية وكذلك من أصول هذه الظلال أعنى مقام الأسماء والصفات ( وإنما ) قلت التام الاستعداد لأنه كثيرا ما يكون فى الظاهر محمدى المشرب ويكون له نصيب من كمالات الأخفى الذى هو نهاية مراتب عالم الأمر ولكنه لا يتم معاملة الأخفى ولا ينتهى إلى نقطته الأخيرة بل يبقى فى ابتدائه أو وسطه فإذا كان له قصور فى الأخفى يكون له قصور فى أصوله أيضا بمقداره فلا يتمكن من إتمام معاملته وكذلك الحكم فى الأربع الباقية من عالم الأمر حيث أن تامية الاستعداد فى كل مرتبة مربوطة بالوصول إلى النقطة الأخيرة ومن تلك المرتبة والوقوف فى الابتداء والوسط ينبئ عن النقصان ولو كان القصور فى الوصول إلى نهاية مقدار شعره (شعر) . وما قل هجران الحبيب وأن غدا * قليلاً ونصف الشعر فى العين ضائر ويسرى هذا القصور إلى الأصول وأصول الأصول ويكون مانعاً عن الوصول إلى المطلب ( وإنما ) قلت أن هذا العروج مخصوص بمحمدى المشرب لأن غير محمدى المشرب منهم من يكون كماله مقصوراً على الدرجة الأولى من درجات الولاية والمراد بالدرجة الأولى مرتبة القلب ومنهم من تكون نهاية عروج كماله إلى الدرجة الثانية من درجات الولاية التى هى مقام الروح ومنهم من يكون كماله مقصورا على الدرجة الثالثة أعنى مقام السر ومنهم من تكون نهاية عروج كماله إلى الدرجة الرابعة أعنى مقام الخفى والدرجة الأولى لها مناسبة بتجلى صفات الأفعال وللدرجة الثانية بتجلى الصفات الثبوتية وللدرجة الثالثة بتجلى الشؤن والاعتبارات الذاتية وللدرجة الرابعة بالصفات السلبية التى هى مقام التنزيه والتقديس ( وكل ) درجة من درجات الولاية تحت قدم نبى من الأنبياء أولى العزم فالدرجة الأولى منها تحت قدم آدم على نبينا وعليه الصلاة والسلام وربه صفة التكوين التى هى منشأ صدور الأفعال ( والدرجة ) الثانية تحت قدم إبراهيم ويشاركه فى هذا المقام نوح عليهما السلام وربهما صفة العلم التى هى أجمع الصفات الذاتية ( والدرجة ) الثالثة تحت قدم موسى عليه السلام وربه من مقامات الشؤنات شأن الكلام ( والدرجة ) الرابعة تحت قدم عيسى عليه السلام وربه من الصفات السلبية لا من الثبوتية فإنها موطن التقديس والتنزيه وأكثر الملائكة الكرام يشاركون عيسى على نبينا وعليه السلام فى هذا المقام والشأن العظيم حاصل لهم فى هذا المقام ( والدرجة ) الخامسة تحت قدم خاتم الرسل عليه وعليهم الصلاة والسلام وربه صلى اللّه عليه وسلم رب الأرباب الذى هو جامع جميع الصفات والشئونات والتقديسات والتنزيهات ومركز دائرة هذه الكمالات ويناسب التعبير عن هذا الشأن الجامع فى مرتبة الصفات والشؤنات بشأن العلم لكون هذا الشأن عظيم الشأن جامعا لجميع الكمالات وبهذه المناسبة صارت ملته صلى اللّه عليه وسلم ملة إبراهيم عليه السلام وقبلته قبلته ( ينبغى ) أن يعلم أن تفاضل الأقدام فى الولاية ليس باعتبار تقدم الدرجات وتأخرها حتى يكون صاحب الأخفى أفضل من غيره وعلى هذا القياس بل باعتبار القرب من الأصل والبعد عن وطى منازل درجات الظلال كثرة وقله فعلى هذا يجوز أن يكون صاحب القلب باعتبار القرب من الأصل أفضل من صاحب الأخفى الذى لم يحصل له القرب من الأصل كيف وولاية النبى التى فى الدرجة الأخيرة من درجات الولاية أفضل قطعا من ولاية الولى التى فى الدرجة الفوقانية ( ولا يخفى ) أن سلوك اللطائف بالترتيب المذكور أعنى الانتقال من القلب إلى الروح ومن الروح إلى السر ومن السر إلى الخفى ومن الخفى إلى الأخفى مخصوص أيضا بمحمدى المشرب فإنه يتم سير هذه الخمس من عالم الأمر بالترتيب ثم يسير فى أصولها ويتم السلوك بعد السير فى أصول الأصول مراعيا لهذا الترتيب وهذا الطريق بالترتيب المذكور طريق سلطانى للوصول وصراط مستقيم لمتوجهى الأحدية بخلاف ولايات أخر وكان فيها نقبت نقبة من كل درجة إلى أن يصل إلى المطلوب مثلا نقبت نقبة من مقام القلب إلى أن تصل إلى صفات الأفعال التى هى أصل أصله وكذلك نقبت نقبة من مقام الروح إلى الصفات الذاتية وعلى هذا القياس ولا شك أن أفعاله تعالى وصفاته ليست منفكة عن ذاته تعالى فإن كل الانفكاك فهو فى الظلال ففى ذلك الموطن للواصلين إلى الأفعال والصفات نصيب من تجليات الذات المنزهة عن المثال تعالت وتقدست أيضا كما تتيسر هذه الدولة لصاحب الأخفى بعد إتمام الأمر وأن كان التفاوت باعتبار العلو والسفل باقيا وادعاء صاحب القلب المساواة لصاحب الأخفى غير موجه ( ولا تغلطن ) فى هذا المقام واعلم أن هذا التفاوت إنما هو متصور فيما بين الأولياء لأن صاحب الولاية القلبية أدون من صاحب الولاية الأخفوية بعد وصول كليهما إلى مرتبة الكمال وأما فيما بين الأولياء والأنبياء فمفقود لأن ولاية نبى ولو كانت ناشئة من مقام القلب أفضل من ولاية ولى ولو كانت ناشئة من مقام الأخفى ولو كان ذلك ممن أتم الأمر وسر ذلك أن صاحب الولاية تحت قدم نبى تلك الولاية دائما أى ولاية كانت قال اللّه تعالى ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين* إنهم لهم المنصورون *وإن جندنا لهم الغالبون نعم أن هذا التفاوت فيا بين الأنبياء بعضهم ببعض متصور وصاحب العليا منهم أفضل من صاحب السفلى ولكن هذا التفاوت فيما بين الأنبياء عليه السلام أيضا إلى آخر دوائر كمالات عالم الأمر وليس التفاضل بعده مربوطا بالعلو والسفل بل يمكن أن يكون صاحب السفل فى ذلك الموطن أفضل من صاحب العلو كما شاهدنا التفاوت فى ذلك الموطن بين موسى وعيسى على نبينا وعليهما الصلاة والسلام فإن موسى جسيم ثمة ذو شأن عظيم ليس لعيسى فيه تلك الجسامة والشان فعلمنا أن التفاوت فى ذلك الموطن بأمر آخر وراء ذلك العلو والسفل وسأبينه بعد مفصلا إن شاء اللّه تعالى بحسن توفيقه وكمال منه وكرمه تعالى وكذلك وجدنا فيه التفاوت بين خليل الرحمن وبين سائر الأنبياء غير خاتم الرسل عليهم الصلاة والسلام فى الكمالات التى لا تعلق بحقيقة الكعبة الربانية التى هى فوق جميع الحقائق البشرية والملكية فإن للخليل ثمة شأنا عظيما ومرتبة رفيعة لم يتيسر لأحد ذلك الشأن والرتبة وفى ذلك المقام العالى المناسب لمقام ظهور سرادقات العظمة والكبرياء كمالات مركز ذلك المقام الذى هو مقام الإجمال نصيب خاتم الرسل والباقى المفصل كله مسلم للخليل وكل من سواه من الأنبياء وكمل الأولياء طفيلية هناك ( وكان ) النبى صلى اللّه عليه وسلم طلب تفصيل ذلك الإجمال حيث سأل صلاة وبركة مشابهتين بصلاة إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام وبركته ( وقد ظهر ) لهذا الفقير أن ذلك التفصيل قد تيسر له أيضا بعد مضى ألف سنة واستجيب مسؤله والحمد للّه على ذلك وعلى جميع نعمائه وكمالات ذلك المقام العالى فوق كمالات الولاية وفوق كمالات النبوة والرسالة وكيف لا تكون فوقها فإن تلك الحقيقة مسجود إليها للأنبياء الكرام والملائكة العظام عليه الصلاة والسلام وما كتبه هذا الفقير فى رسالة المبدأ والمعاد أن الحقيقة المحمدية عرجت من مقامها وانتهت إلى حقيقة الكعبة التى فوقها واتحدت بها وعرض للحقيقة المحمدية اسم الحقيقة الاحمدية كانت تلك الحقيقة أعنى حقيقة الكعبة ظلا من ظلال هذه الحقيقة قد ظن قبل ظهور هذه الحقيقة حقيقة ويقع هذا الاشتباه كثيرا ويظن الظل قبل ظهور الأصل أصلا ويسمى حقيقة ومن ههنا يظهر المقام الواحد مرات وسره أن ظهورات ذلك المقام باعتبار ظلال ذلك المقام وحقيقة ذلك المقام فى الحقيقة هى ما ظهرت فى المرتبة الأخيرة ( فإن قيل ) من أين يعلم أن هذه المرتبة هى المرتبة الأخيرة من مراتب ظهوراته حتى يعلم أنها هى الحقيقة ( قلت ) أن حصول العلم بظلية الظهورات السابقة شاهد عدل لآخرية هذا الظهور فإن هذا العلم لم يكن حاصلاً وقت الظهورات السابقة بل كان يرى كل ظهور حقيقة وما كان يظن شئ منها ظلا أصلا وإن لم يعلم أن اختلاف هذه الحقائق من أين جاء فافهم ( أيها الولد ) قد علم من المعارف السابقة أن الكمالات المتعلقة بعالم الأمر مقامات ومعارج للكمالات المتعلقة بعالم الخلق والكمالات الأولى ليست بخالية عن الظلية ومخصوصة بمقامات الولاية والكمالات الثانية مبرأة عن شائبة الظلية المناسبة لظهورات هذه النشأة الدنيوية وفيها نصيب كامل من مقامات النبوة فتكون الطريقة والحقيقة اللتان مربوطان بالولاية خادمتين للشريعة التى هى ناشئة من مقام النبوة وتكون الولاية سلما لعروج النبوة ( فعلم ) من هذا البيان أن السير الذى اختاره الأكابر النقشبندية قدس اللّه أسرارهم العلية الذى ابتدؤه من عالم الأمر أولى وأنسب لأن الترقى ينبغى أن يكون من الأدنى الذى هو عالم الأمر إلى الأعلى الذى هو عالى الخلق لا من الأعلى إلى الأدنى وما العلاج فإن هذا المعمى لم ينكشف لكل أحد بل نظر الأكثرون إلى الصورة وظنوا عالم الخلق أدنى فشرعوا فى الارتقاء من الأدنى إلى الأعلى الصوريين ولم يدروا أن حقيقة الحال على عكس هذا المنوال وأن ما ظنوه أدنى فى الحقيقة هو الأعلى وما زعموه أعلى هو أدنى نعم أن النقطة الأخيرة التى هى عالم الخلق وقعت قريبة من النقطة الأولى التى هى أصل الأصل وهذا القرب لم يتيسر لنقطة أخرى ( ع ) أحق الخلق بالكرم العصاة * وهذه المشاهدة مقتبسة من مشكاة النبوة وأرباب الولاية قليلو النصيب من هذه المعرفة وشروع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كان من عالم الأمر وأنهم وردوا من الحقيقة إلى الشريعة غاية ما فى الباب أن فى كمل الأولياء الذين وقع سيرهم موافقا لسير الأنبياء فى الابتداء صورة الشريعة وفى الوسط الطريقة والحقيقة المتعلقتان بالولاية المناسبتان لعالم الأمر وفى النهاية حقيقة الشريعة التى هى ثمرة النبوة ( فتقرر ) من هذا أن حصول الطريقة مقدم على حصول حقيقة الشريعة فكانت بداية الأولياء الكاملين وبداية الأنبياء المرسلين من الحقيقة ونهاية كل منهما إلى الشريعة فلا معنى لقول من قال أن بداية الأولياء نهاية الأنبياء وأراد ببداية الأولياء ونهاية الأنبياء الشريعة الغراء نعم أن هذا المسكين لما لم يطلع على حقيقة الحال تكلم بهذا الشطح ولم يبال ( وهذه ) المعارف وإن لم يتكلم بها أحد بل ذهب الأكثرون إلى عكسها واستبعدوها عن الإدراك ولكن إذا لاحظ منصف جانب عظيمة الأنبياء عليهم السلام واستولت عليه عظمة الشريعة يحتمل أن يقبل هذه المعارف الغامضة ويجعل هذا القبول وسيلة إلى زيادة إيمانه ( أيها الولد ) أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام اقتصروا دعوتهم على عالم الخلق بنى الإسلام على خمس الحديث صريح فى هذا ولما كانت مناسبة القلب بعالم الخلق أزيد دعوة أيضا بالتصديق ولم يتكلموا فيما وراء القلب بل جعلوه كالمطروح فى الطريق ولما يعدوه من المقاصد نعم ينبغى أن يكون كذلك فإن تنعمات الجنة وآلام النار ودولة الرؤية والحرمان عنها كلها مربوطة بعالم الخلق لا تعلق لشئ منها بعالم الأمر أصلا ( وأيضا ) أن إتيان العمل الفرض والواجب والسنة متعلق بالقلب الذى هو من عالم الخلق وما هو نصيب عالم الأمر من الأعمال هو الناقلة والقرب الذى هو ثمرة أداء الأعمال إنما يكون على مقدار الأعمال التى هو ثمرتها فلا جرم يكون القرب الذى هو ثمرة أداء الفرائض نصيب عالم الخلق والقرب الذى هو ثمرة أداء النوافل نصيب عالم إلا أمر ولا شك أنه إلا اعتداد بالنفل ولا اعتبار له بالقياس على الفرض وليت له حكم القطرة بالنسبة إلى البحر المحيط بل هذه النسبة للنفل بالقياس على السنة وأن كانت نسبة ما بين السنة والفرض كنسبة القطرة إلى البحر فينبغى أن يقيس تفاوت ما بين القربين على هذا وأن يعلم مزية عالم الخلق على عالم الأمر من هذا التفاوت وأكثر الخلائق لما لم يكن لهم نصيب من هذا المعنى صاروا يخربون الفرائض ويجتهدون فى ترويج النوافل والصوفية الناقصون يعتقدون الذكر والفكر من أهم المهمات ويتساهلون فى إتيان الفرائض والسنن ويختارون الأربعينات تاركين للجمع والجماعات ولا يعلمون أن أداء فرض واحد مع الجماعة أفضل من ألوف من أربعيناتهم نعم أن الذكر والفكر مع مراعاة الآداب الشرعية أفضل وأهم والعلماء القاصرون أيضا يسعون فى ترويج النوافل ويخربون الفرائض ويضيعونها ومن ذلك صلاة العاشوراء مثلا ولم يصح عن النبى صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يصليها مع الجماعة والجمعية التامة والحال انهم يعلمون أن الروايات الفقهية ناطقة بكراهة الجماعة فى النافلة وهم يتكاسلون فى أداء الفرائض على حد قلما يوجد منهم من يؤدى الفرض فى وقته المستحب بل ربما يفوتونه عن أصل وقته ولا يتقيدون بالجماعة كثير تقيد ويقنعون فى الجماعة بشخص أو بشخصين بل ربما يكتفون بالانفراد فإذا كانت معاملة مقتدى أهل الإسلام هذه فما تقول فى غيرهم من العوام ومن شؤم هذه الأفعال وسوء الأعمال ظهر الضعف فى الإسلام ومن ظلمة هذه المعاملة وكدورة الأحوال ظهرت البدعة بين الأنام ( شعر ). بثثت لديكم من همومى وخفت أن * تملوا وإلا فالكلام كثير وأيضا إن أداء النوافل إنما يعطى قرب ظل من الظلال وأداء الفرائض يعطى قرب الأصل الذى ليس فيه شائبة الظلية إلا أن النفل إذا أدى لأجل تكميل الفرائض فحينئذ يكون ذلك أيضا ممدا ومعاونا لحصول قرب الأصل وملحقا بالفرائض فيكون أداء الفرائض بالضرورة مناسبا لعالم الخلق الذى هو متوجه وناظر إلى الأصل وأداء النوافل مناسبا لعالم الأمر الذى هو ناظر إلى الظل والفرائض وإن كانت كلها مورثة للقرب ولكن أفضلها وأكملها الصلاة ولعلك سمعت أن الصلاة معراج المؤمن وأقرب ما يكون العبد من الرب فى الصلاة والوقت الخاص الذى كان للنبى صلى اللّه عليه وسلم حيث عبر عنه بقوله لى مع اللّه وقت الحديث هو عند الفقير فى الصلاة الصلاة هى المكفرة للسيئات والصلاة هى التى تنهى عن الفحشاء والمنكرات والصلاة هى التى كان النبى عليه الصلاة والسلام يطلب راحته فيها حيث كان يقول أرحنى يا بلال والصلاة هى التى عماد الدين والصلاة هى التى صارت فارقة بين الإسلام والكفر ( ولنرجع ) إلى أصل الكلام ولنقل من مزية عالم الخلق على عالم الأمر أعلم أن عالم الأمر قد نال هنا يعنى هنا فى النشأة الدنيا حظاً وافراً وحصل المشاهدة وستقع المعاملة غدا فى الجنة على عالم الخلق وتتيسر له رؤية بلا كيف ومع ذلك أن متعلق المشاهدة ظل فى ظلال الوجوب والمرئى فى الآخرة واجب واجب الوجود فالفرق الذى بين المشاهدة والرؤية والظلية والأصالة هو فرق ما بين عالم الخلق وعالم الأمر ( واعلم ) أن المشاهدة ثمرة الولاية والرؤية ثمرة النبوة وتتيسر لعامة أتباع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومن ههنا يعرف التفاوت بين الولاية والنبوة أيضا ( تنبيه ) كل عارف مناسبته لعالم الأمر أزيد يكون قدمه فى كمالات الولاية أزيد والذى مناسبته لعالم الخلق أكثر فقدمه فى كمالات النبوة أوفر ومن ههنا كان لعيسى عليه السلام قدم أزيد فى الولاية ولموسى عليه السلام قدم أزيد فى النبوة فإن جانب الأمر غالب فى عيسى عليه السلام ولهذا صار ملحقا بالروحانيين وجانب الخلق غالب فى موسى عليه السلام ولهذا لم يكتف بالمشاهدة بل طلب رؤية بصر ( وهذا ) هو سبب تفاوت أقدام الأنبياء عليهم السلام فى كمالات النبوة الذى كنت وعدت بيانه فيما تقدم لا علو بعض اللطائف وسفله الذى هو معتبر فى تفاوت كمالات الولاية واللّه سبحانه الملهم للصواب ( أيها الولد ) أن تعلق علوم النبوة التى هى الشرائع والأحكام بالقلب لما كان أزيد وكانت مناسبة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لعالم الخلق أكثر وأوفر ظنوا من ذلك أن النبوة عبارة عن النزول إلى دعوة الخلق بعد العروج إلى مقامات القرب التى تتعلق بالولاية ولم يعلموا أن نهاية العروج وغاية القرب فى هذا الموطن والقرب الحاصل فيما سبق كان ظلا من ظلال هذا القرب الذى يتصور بصورة البعد والعروج الذى تيسر أولاً كان عكسا من عكوس هذا العروج الذى يرى فى الظاهر نزولا ألا ترى أن مركز الدائرة أبعد النقطة بالنسبة إلى محيط الدائرة والحال أنه لا نقطة فى الحقيقة أقرب إلى المحيط من نقطة المركز لأن المحيط تفصيل تلك النقطة الإجمالية وهذه النسبة لم تتيسر لنقطة أخرى والعوام الذين اقتصر نظرهم على الصورة لا يقدرون على وجدان هذا القرب وإدراكه فيحكمون بأبعدية تلك النقطة ويزعمون الحكم باقربيتها جهلا مركبا ويحمقون الحاكم بهذا الحكم ويجهلونه واللّه المستعان على ما يصفون ( ينبغى ) أن يعلم أن المطمئنة تعرج عن مقامها بعد حصول شرح الصدر الذى هو من لوازم كمالات الولاية الكبرى وترتقى إلى تخت الصدر ويحصل لها هناك التمكين والسلطنة وتستولى على ممالك القلب وتخت الصدر هذا فى الحقيقة فوق جميع مقامات عروج مرتبة الولاية الكبرى وينفذ نظر الصاعد إلى هذا التخت إلى أبطن البطون ويسرى إلى غيب الغيب نعم أن الشخص إذا صعد إلى أرفع الأمكنة ينفذ بصره إلى أبعد الأبعاد وبعد تمكين هذه المطمئنة يخرج العقل أيضا من مقامه ويلحق بها وينضم إليها ويعرض له حينئذ اسم عقل المعاد وتتوجه كلاهما بالاتفاق بل بالإلحاد إلى شغلهما ( أيها الولد ) إن هذه المطمئنة لا يبقى فيها إمكان المخالفة ومجال الطغيان بل هى متوجهة إلى المطلوب بكليتها ومشغوفة بالمقصود بتماميتها لا همة لها غير تحصيل رضا ربها ولا مطلوب لها سوى طاعته وعبادته تعالى سبحان اللّه أن الإمارة التى كانت أولا شر جميع الخلائق صارت بعد الاطمئنان وحصول رضاء حضرة الرحمن رئيس لطائف عالم الأمر ورأس كافة الأقران نعم قد قال المخبر الصادق عليه الصلاة والسلام خياركم فى الجاهلية خياركم فى الإسلام إذا فقهوا فإن وقعت بعد ذلك صورة الخلاف والبغى فمنشاؤها اختلاف طبائع العناصر الأربعة التى أجزاء القالب فإن كانت قوة غضبية فناشئة من هناك وأن كانت شهوية فهى أيضا ثائرة من هناك وأن حرصا وشرها فقائمان من هناك وأن خسة ودنائة فمنبعثتان من هناك ألا ترى أن سائر الحيوانات ليست فيهن هذه النفس الأمارة ومع ذلك فيهن هذه الأوصاف الرذيلة بالوجه الأتم والأكمل فيمكن أن يكون المراد بالجهاد الأكبر حيث قال النبى صلى اللّه عليه وسلم رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر الجهاد مع القالب لا الجهاد مع النفس كما قيل لأن النفس قد بلغت حد الاطمئنان وصارت راضية مرضية فلا تتصور منها صورة المخالفة والبغى حتى يحتاج إلى الجهاد وصورة الخلاف والبغى من أجزاء القالب عبارة عن إرادة تلك الأولى وارتكاب الأمور المرخصة وترك العزيمة لإرادة ارتكاب المحرمات وترك الفرائض والواجبات فإن هذه الأشياء صارت فى حقها نصيب الأعداء ( أيها الولد ) إن كمالات العناصر الأربعة وإن كانت فوق كمالات المطمئنة كما مر ولكن بواسطة مناسبتها لمقام الولاية وصيرورتها ملحقة بعالم الأمر صاحبة سكر وفى مقام الاستغراق فلا جرم لا يبقى فيها مجال المخالفة وحيث كانت مناسبة العناصر بمقام النبوة أزيد كان الصحو غالبا فيها فبالضرورة تبقى فيها صورة المخالفة لأجل تحصيل بعض المنافع والفوائد المربوطة بها فافهم ( ينبغى ) أن يعلم أن منصب النبوة كان مختوما بخاتم الرسل عليه وعلى آله الصلاة والسلام ولكن لاتباعه صلى اللّه عليه وسلم نعيب كامل من كمالات ذلك المنصب بالتبعية وهذه الكملات كانت فى طبقة الأصحاب أزيد منها فى غيرها وسرت هذه الدولة أيضا على سبيل القلة إلى التابعين وتبع التابعين ثم شرعت بعدهم فى الاختفاء والاستتار وانتشرت كمالات الولاية الظلية وغلبت وشاعت ولكن المرجو أن تتجدد هذه الدولة المستترة بعد مضى الألف ويحصل لها الغلبة والشيوع وأن تظهر الكمالات الأصلية وتستتر الظلية وأن يكون المهدى عليه الرضوان مروج هذه النسبة العلية ( ايها الولد ) أن التابع الكامل للنبى عليه وعلى آله الصلاة والسلام إذا أتم كمالات مقام النبوة بالتبعية فإن كان من أهل المناصب يشرف بمنصب الإمامة وإذا أتم كمالات الولاية الكبرى فإن كان من أهل المنصب يشرف بمنصب الخلافة والمناسب لمنصب الإمامة فى مقام الكمالات الظلية منصب قطب الإرشاد والمناسب لمنصب الخلافة منصب قطب المدار وكان هذين المقامين التحتانيين ظل ذينك المقامين الفوقانيين والغوث عند الشيخ محى الدين بن عربى قدس سره هو عين قطب المدار وليست الغوثية عنده منصبا على حدة وما هو معتقد الفقير أن الغوث غير قطب المدار والقطب يستمد منه فى بعض الأمور وله دخل أيضا فى نصب مناصب الإبدال ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم ( تذييل ) إن العلوم والمعارف المناسبة لمقام النبوة وولايتها شرائع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولما كان فى النبوة تفاوت أقدام الأنبياء ظهر الاختلاف أيضا فى الشرائع بمقدار ذلك التفاوت والمعارف المناسبة لمقام ولاية الأولياء شطحيات المشائخ والعلوم المخبرة عن التوحيد والاتحاد المنبئة عن الإحاطة والسريان المورثة لعلامة القرب والمعية المشعرة بالمرآتية والظلية المثبتة للشهود والمشاهدة وبالجملة أن معارف الأنبياء كتاب وسنة ومعارف الأولياء نصوص وفتوحات مكية ( ع ) وقس من حال بستانى ربيعى * ولاية تطلب قرب الحق وولاية الأنبياء تبدى أقربيته تعالى ولاية الأولياء تدل على الشهود وولاية الأنبياء تثبت النسبة المجهولة الكيفية ولاية الأولياء لا تعرف الأقربية أنها ما هى ولا تدرى الجهالة والحيرة أنها أى شئ هى وولاية الأنبياء مع وجود الأقربية ترى القرب عين البعد وتعد الشهود عين الغيب ( ع ) يطول إذا ما قلت تفصيل شرحه ( أيها ) الولد قد أطنبت فى بيان كمالات النبوة ومزيتها على لاولاية والفرق بين الولايات الثلاث أعنى الصغرى والكبرى والعليا وبيان المعارف المناسبة لكل منها والمحال المتعلقة بكل منها وأدرجت فى بيان هذا المعنى فقرات مكررة ومتكثرة وأطلت فى ذلك ذيل الكلام رجاء أن يخرج عن استبعاد الأفهام من كمال غرابته وأن يتخلص من مظان الإنكار وهذه العلوم كشفية ضرورية لا استدلالية ونظرية وذكر بعض المقدمات إنما هو للتنبيه والتقريب إلى أفهام العوام بل للتشريح والتوضيح لأجل إدراك خواص الأنام ( هذا ) هو الطريق الذى جعل الحق سبحانه وتعالى هذا الحقير ممتازا به من بدايته إلى نهاية أساسه النسبة النقشبندية المتضمنة لاندراج النهاية فى البداية قد بنيت على هذا الأساس عمارات وقصور فإن لم يكن هذا الأساس لما زادت المعاملة وما انتهت إلى هنا قد أتو بالبذر الذى أصله من تراب يثرب وبطحاء من بخارا وسمرقند وزرعوه فى أرض الهند وسقوه بماء الفضل سنين وربوه بتربية الإحسان فلما أدرك ذلك الزرع وبلغ كماله أثمر هذه العلوم والمعارف الحمد للّه الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا اللّه لقد جاءت رسل ربنا بالحق ( وينبغى ) أن يعلم أن سلوك هذا الطريق العالى برابطة المحبة للشيخ المقتدى به الذى سار فى هذا الطريق بالسير المرادى وانصبغ بقوة الجذبة بهذه الكمالات وصاحب هذه الكمالات إمام الوقت وخليفة الزمان نظره شفاء الأمراض القلبية وتوجهه رافع العلل المعنوية الأقطاب والبدلاء فرحون بظلال مقاماته والأوتاد والنجباء قانعون بقطرة من بحار كمالاته نور هدايته وإرشاده فائض على جميع الأشخاص كنور الشمس بلا إرادته فكيف إذا أراد وإن لم تكن إرادته فى اختياره فإنه كثيرا ما يطلب الإرادة ولكن لا تحصل له تلك الإرادة ولا يلزم أن يعلم هذا المعنى ويطلع عليه من يهتدون بنوره ويسترشدون بتوسله بل ربما لا يعلمون أصل هدايتهم ورشدهم أيضا كما ينبغى ومع ذلك يتحققون بكمالات الشيخ المقتدى به ويهدون العالم فإن العلم بالأحوال لا يعطاه كل أحد ومعرفة تفصيل سير المقامات لا يمنحها جميع الأشخاص نعم أن الشيخ الذى نيط بوجوده الشريف مدار بناء طريق مخصوص من طرق الوصول صاحب علم ألبتة وصاحب شعور بتفاصيل السير ويكتفى غيره بعلمه ويصلون بتوسطه إلى مرتبة الكمال والتكميل ويشرفون بالفناء والبقاء ( شعر ). ليس على اللّه بمستنكر * أن يجمع العالم فى واحد أفادتنا واستفادتنا انعكاسية وانصباغية ينصبغ المريد بصبغ الشيخ المقتدى به ساعة فساعة بواسطة محبته له ويتنور بأنواره بطريق الانعكاس فلأى شئ يحتاج فى هذه الصورة إلى العلم بالأحوال فى الإفادة والاستفادة ألا ترى أن الخريزة تدرك بحرارة الشمس ساعة فساعة وتبلغ مرتبة الكمال بمرور الأيام فمن أين يلزم أن يكون لها علم بإدراكها ومن أين يلزم للشمس أن تعلم بأنها سبب إدراكها نعم أن العلم لأجل السلوك والتسليك الاختيارى لازم ولكنه مربوط بسلاسل أخر وأما فى طريقنا التى هى طريقة الأصحاب الكرام عليه الرضوان فالعلم بالسلوك والتسليك ليس بلازم أصلا وأن كان الشيخ المقتدى به الذى هو راعى هذه الطريقة موصوفا بكمال العلم ومتحققا بوفور المعرفة فلا جرم يكون الأحياء والأموات والصبيان والأشياخ والشبان والكهول متساوين فى هذا الطريق العالى فى حق الوصول لأنهم يصلون إلى منتهى المقاصد أما برابطة المحبة أو بتوجه صاحب دولة ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم ( ولكن ينبغى ) أن يعلم أن المنتهى وإن لم يكن صاحب علم ولكن لا بد له من ظهور الخوارق وربما لا يكون له اختيار فى ذلك الظهور بل كثيرا ما لا يكون له علم بظهورها بل يرى الناس منه الخوارق وليس له اطلاع عليها ( وما قلت ) أن المنتهى وإن لم يكن صاحب علم المراد بعدم العلم عدم علم بتفصيل الأحوال لا عدم العلم مطلقا بحيث لا يفهم أحواله أصلا كما مرت الإشارة إليه ونور هدايته المذكور يسرى إلى مريديه بلا واسطة أو بواسطة أو بوسائط ما لم تلوث طريقته المخصوصة بلوث التغيرات والتبديلات ولم تخرب بالحاق المخترعات والمبتدعات بها أن اللّه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم والعجب من قوم يزعمون هذه التبديلات تكميلات هذه الطريقة ويتصورن تلك الإلحاقات تتميمات هذه النسبة ولا يعلمون أن تكميل هذا الأمر وتتميمه ليس لكل قاصر وناقض والإلحاق والاختراع ليس فى حوصلة كل خالى الظرف ( شعر ). هزار نكته باريكترزموا ينجاسات * نه هركه سربتراشد قندرى داند قد ستر وأنوار السنية بظلمات البدع وضيعوا رونق الملة المصطفوية على صاحبها الصلاة والسلام والتحية بكدورات الأمور المخترعة وأعجب من هذا طن قوم هذه المحدثات أمور امستسحنة وزعمهم تلك المبتدعات حسنات مستملحة فيطلبون بها تكميل الدين وتتميم الملة ويرغبون فى إتيان تلك الأمور ترغيبا كثيرا هداهم اللّه سبحانه سواء الصراط ألم يعلموا أن الدين كان كاملا قبل هذه المحدثات وكان النعمة تامة وكان رضاء الحق سبحانه حاصلا كما قال اللّه تعالى اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت علكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا فطلب كمال الدين من هذه المحدثات إنكار فى الحقيقة على مقتضى هذه الآية الكريمة ( شعر ). بثثت لديكم من همومى وخفت أن * تملوا وإلا فالكلام كثير وقد أظهر العلماء المجتهدون أحكام الدين لا إنهم أحدثوا فيه ما ليس منه فلا تكون الأحكام الاجتهادية من الأمور المحدثة بل من أصول الدين لأن الأصل الرابع هو القياس ( أيها الولد ) إنى قد كنت كتبت المعرفة المتعلقة بقطب الإرشاد فى باب الإفادة والاستفادة من رسالة المبدأ والمعاد ولكن لما كانت لها مناسبة بهذا المقام ومفيدة فيه ناسب كتابتها فى هذا المكتوب أيضا فليعتبر من هنا أن قطب الإرشاد الذى يكون جامعا لكمالات الفردية أيضا عزيز الوجود جدا يظهر مثل هذا الجوهر بعد قرون كثيرة وأزمنة متطاولة وينور العالم الظلمانى بنور ظهوره ونور هدايته وإرشاده شامل لجميع العالم كل من يحصل له الرشد والهداية والإيمان والمعرفة من محيط العرش إلى مركز الفرش إنما يحصل من طريقه ويستفاد منه لا تتيسر هذه الدولة لأحد بدون توسطه نوره محيط لجميع العالم مثل البحر المحيط مثلا وهذا البحر كأنه منجمد لا يتحرك أصلا فالطالب الذى متوجه إليه ومخلص له أو هو متوجه إلى الطالب كأنه تفتح وقت التوجه روزنة إلى قلب الطالب فيصير بهذا الطريق ريانا من ذلك البحر على قدر توجهه وإخلاصه وكذلك من كان متوجها إلى ذكر اللّه تعالى ومقبلا عليه ولم يكن متوجها إلى ذلك القطب أصلا لا من جهة الإنكار عليه بل لعدم معرفته به أصلا يحصل له مثل هذه الإفادة لكنها فى الصورة الأولى أزيد منها فى الصورة الثانية وأما من كان منكرا عليه أو هو متأذ منه فهو وإن كان مشغولا بذكر اللّه تعالى وتقدس ولكنه محروم من حقيقة الرشد والهداية وإنكاره هذا وأذيته يصير سدة فى طريق فيضه وحقيقة الهداية مفقودة فيه من غير أن يتوجه القطب العظيم الشان إلى عدم إفادته ومنع استفادته وقصد ضرره بل فيه صورة الرشد فقط والصورة الخالية عن المعنى قليلة النفع والجدوى والذين فيهم محبة ذلك القطب وإخلاصه وإن خلوا عن التوجه المذكور وذكر اللّه تعالى يصل إليهم نور الهداية والرشد بواسطة محبتهم فقط ولتكن هذه المعرفة آخر المكتوب ( شعر ). أكتفى إذ ذاك يكفى الأذكيا * صحت مرات لمن أصغى الندا الحمد للّه رب العالمين الرحمن الرحيم أولاً وآخرا والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله وصحبه دائما وسرمدا . |