١٥٧ المكتوب السابع والخمسون والمائة إلى الحكيم عبد الوهاب فى بيان لزوم إظهار التواضع والاحتياج عند حضور الأكابر وبيان لزوم تصحيح العقائد اعلم أنك قد جئت هنا وآلمت قدمك وانصرفت مسرعا حتى لم تجد فرصة لأداء بعض حقوق الصحبة والمقصود من الملاقاة والاجتماع إما الإفادة وإما الاستفادة فإذا خلا المجلس من كلا هذين الخصالين فهو خارج عن الاعتداد به وينبغى لمن يحضر عند واحد من هذه الطائفة أن يحضر خاليا ليرجع ملآن وأن يظهر عندهم العجز والإفلاس ليكون محلا لشفقتهم ومستحقا لإفاضتهم ولا معنى فى المجئ والانصراف ريانا ولا شئ فى الامتلاء غير العلة ولا فى الاستغناء دون الطغيان قال الخواجه يهاء الدين النقشبند قدس سره لابد أولا من تضرع المريض وانكساره ثم بعده يتوجه الخاطر المنكسر فكان التضرع والانكسار شركى التوجه ومع ذلك كله جاء فى هذه الآوان طالب علم والتمس منى التفويض والتوصية إلى ذلك الجانب فوقع فى الخاطر أن مجرد مجيئه أيضا حق من الحقوق فينبغى أداء الحق من قبلى مهما أمكن فلا جرم أمليت بلسان القلم كلمات على مقتضى الوقت والحال تداركا لمامضى وتلافيا لما سبق وأرسلت إلى ذلك الجانب واللّه سبحانه الملهم للصواب والموفق للسداد ( أيها ) الموفق للسعادة أن ما هو اللازم لنا ولكم تصحيح العقائد على مقتضى الكتاب والسنة على نهج أخذها علماء أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة بعد ما فهموها كما ينبغى فإن فهمنا وفهمكم ساقط عن حيز الاعتبار إذا لم يوافق فهم هؤلاء الكبار ألا ترى أن كل مبتدع وضال يدعى أخذ أحكامه الباطلة من الكتاب والسنة وفهمها منهما والحال أنه لا يغنى من الحق شيأ ( ثم ) علم الأحكام الشريعة ثانيا من الحلال والحرام والفرض والواجب ( ثم ) العمل ثالثا بمقتضى هذا العلم ( ثم ) السلوك رابعا طريق التصفية والتزكية الذى خص بالصوفية الكرام قدس اللّه أسرارهم فما لم تصحح العقائد لا ينفع العلم بالأحكام الشرعية وما لم يتحقق كلا هذين لا يجدى العمل شيأ وما لم تحصل الثلاثة كلها فحصول التصفية والتزكية محال وما سوى هذه الأركان الأربعة ومتمماتها ومكملاتها كالسنة المكملة للفرض كله من الفضول داخل فى دائرة ما لا يعنى ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه واشتغاله بما يعنيه والسلام على من اتبع الهدى والتزم بمتابعة المصطفى عليه وعلى آله الصلاة والسلام . |