١٢٠ المكتوب العشرون بعد المائة إلى المرزا حسام الدين أحمد فى حل عبارات مكتوب متضمن للأسرار. الحمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى قد تشرفت بمطالعة الصحيفة الشريفة المرسلة إلى هذا الفقير على وجه الشفقة والرأفة وقد اندرج فيها أن الواحد من الأعزة اعتراضات على عبارات المكتوب الذى كتبته من أجمير فينبغى كتابة بشئ فى حلها ولما كتب بعض الأصحاب بتعيين مواضع الاشتباه كتبنا فى حلها مقدمات بمقياس التعيين واللّه سبحانه الهادى إلى سبيل الرشاد ( أيها المخدوم ) المكرم إن السير المرادى والسير المريدى كل منها أمر يتعلق بوجدان صاحب ذلك السير لا أنه إلزام أمر يتعلق بالغير فلا مجال إذ الطلب الحجة والبرهان على إثباته ومع ذلك إذا أعطى اللّه سبحانه شخصاً قوة قدسية ولاحظ فى أحوال صاحب ذلك السير وأوضاعه ملاحظة تامة وشاهد الفيوض والبركات والعلوم والمعارف الإلهية التى هى ممتاز بها يمكن أن يحكم بكون سيره سيرا مرأديا من غير احتياج إلى دليل أصلا كما يحكم بكون نور القمر مستفادا من نور الشمس بعد ملاحظة قرب القمر من الشمس وبعده عنها ومقابلته بها واجتماعه معها وإن لم يكن هذا المعنى حجة لغير أرباب الحدس وأيضاً قال حضرة شيخنا قدس سره فى أوائل حال سير هذا الفقير إن سيره سير مرادى ولعل الأصحاب أيضاً سمعوا منه هذا الكلام وأنشد هذين البيتين من المثنوى معتقداً بأنها مطابقان لحال هذا الفقير( شعر ) . عشق معشوق خفى وستير * عشق عشـاق بطبـل ونفير غير أن الثانى مضن للبدن * عشق معشوق مزيد فى السمن وكل من وصل من المرادين كان سيره على طريق الاجتباء وطريق الاجتباء ليس مخصوصاً بالأنبياء عليهم السلام صرح بذلك صاحب العوارف قدس سره فى بيان المجذوب السالك والسالك المجذوب وقال لطريق المريدين طريق الإنابة ولطريق المرادين طريق الاجتباء قال اللّه تعالى اللّه يجتبى إليه من يشاء ويهدى إليه من ينيب نعم إن طريق الاجتباء بالأصالة مخصوص بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام وللأمة كسائر الكمالات بتبعيتهم لا إنه مخصوص بالأنبياء مطلقاً لا نصيب منه للأمة أصلا فإنه غير واقع ( أيها المخدوم ) إن وصول الفيض إلى السالك بتوسط خير البشر وحيلولته عليه الصلاة والسلام إنما هو قبل أن تنطبق حقيقة السالك المحمدى المشرب على الحقيقة المحمدية وقبل أن تتحد بها فإذا حصل الاتحاد بين هاتين الحقيقتين فى مقامات العروج بكمال متابعته بل بمحض الفضل ارتفع التوسط من البين فإن التوسط إنما هو حين المغايرة وفى الاتحاد لا متوسط ولا متوسط له ولا حاجب ولا محجوب بل المعاملة فى مقام الاتحاد بالشركة ولكن لما كان السالك تابعاً وملحقاً وطفيلياً لزم أن تكون تلك الشركة من قبيل شركة الخادم بالمخدوم ( وما قلت ) من أنه يحصل لحقيقته انطباق على حقيقته صلى اللّه عليه وسلم وإنها تتحد بها بيانه أن الحقيقة المحمدية جامعة لجميع الحقائق ويقال لها حقيقة الحقائق وحقائق الآخرين كالأجزاء كالأجزاء لها أو كالجزئيات لأن السالك لو كان محمدى المشرب فحقيقته كالجزئى لتلك الكلية ومحمولة عليها وإن كان غير محمدى المشرب فحقيقته كالجزء بالنسبة إلى الكل وغير محمولة عليها فإن عرض لحقيقة غير محمدى المشرب اتحاد فى أثناء العروج إنا يكون ذلك بحقيقة نبى هو على قدمه وتكون محمولة على تلك الحقيقة وتحصل له شركة معه فى الكمالات المناسبة به ولكن تكون تلك الشركة من قبيل شركة الخادم بالمخدوم كما مر فإذا حصل لذلك الجزئى بعلاقة كمال المتابعة بل بمحض الفضل محبة خاصة لكليه وأخذ شوق الوصول إليه بيده يشرع القيد الذى جعل الكلى جزئيا بفضل اللّه تعالى فى الزوال وبعد زواله بالتدريج يحصل لذلك الجزئى انطباق على ذلك الكلى وألحق به وما قلت من أنه إذا حصل له محبة خاصة فهى كما حصلت لهذا الفقير بمحض الفضل حتى قلت فى غلبات تلك المحبة إن محبتى لحضرة الحق سبحانه إنما هى من جهة كونه تعالى رب محمد صلى اللّه عليه وسلم وتعجب الميان تاج وغيره من الأصحاب من هذا الكلام وأظن أنه لم يخرج من خاطركم أيضاً وما لم يحصل مثل هذه المحبة كيف يتصور اللحاق والاتحاد ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم ولنبين حقيقة التوسط وعدم التوسط ينبغى أن يسمع بحسن الاستماع أعلم أن فى طريق الجذبة لما كان الجذب والجر من جانب المطلوب وكانت العناية الإلهية متكلفة لحال الطالب لا يقبل الوساطة بالضرورة وفى طريق السلوك لما كانت الإنابة من طرف الطالب لابد فيه من وجود الوسائط والوسائط وإن كان لا يحتاج إليها فى نفس الجذبة ولكن تمامية الجذبة منوطة بالسلوك فإن لم ينضم السلوك الذى هو عبارة عن إتيان الأحكام الشرعية من التوبة والزهد وغيرهما إلى الجذبة فتلك الجذبة غير تامة بل أبتر وقد رأيت كثيرا من الهنود والملاحدة فيهم جذبة ولكن لما لم يكونوا متحلين بمتابعة صاحب الشريعة عليه وعلى آله الصلاة والسلام والتحية ليس لهم نصيب غير صورة الجذبة وحالهم خراب وابتر ( فإن قيل ) إن حصول الجذب يستدعى نحوا من المحبوبية فكيف يجوز فى حق الكفار الذين هم أعداء اللّه كون نصيب من الجذبة ( قلت ) يمكن أن يكون فى بعض الكفار نحو من معنى المحبوبية ويكون ذلك باعثاً لحصول الجذب ولكن لما لم يكونوا متحلين بمتابعة صاحب الشريعة عليه الصلاة والسلام بقوا خاسرين مخذولين ولم تزدهم تلك الجذبة غير الحجة عليهم حيث آذنت باستعدادهم ولم يخرجوه من القوة إلى الفعل بسبب الجهل والعناد وما ظلمهم اللّه ولكن كانوا أنفسهم يظلمون فإذا تيسر الوصول إلى المطلوب فى طريق الجذبة بمتابعة صاحب الشريعة التى هى عبارة عن السلوك يكون بلا واسطة وبلا حيلولة أمر قالوا لو دليتم (*) بدلو لوقعتم على اللّه يعنى لو انجذبتم وانجررتم إلى حضرة الحق سبحانه ووصلتم إلى أبطن البطون لا يكون بينكم وبين الحق جل وعلا حيلولة أمر وحجابيته ولعله بقى فى خاطركم الشريف أيضاً ما قاله حضرة شيخنا قدس سره إن تيسر الوصول للعبد إلى الحق سبحانه من طريق المعية بينه وبينه تعالى يكون بلا توسط أمر ألبتة فإنه هو المناسب للمعية والواسطة إنما هى فى سلسلة التربية التى هى عبارة عن السلوك وطريق المعية واحد من طرق الجذبة وحديث المرء مع من أحب أيضاً يؤيد ذلك فإنه لما ثبتت المعية بين شخص وبين محبوبه فقد ارتفعت الواسطة (*) قوله لو دليتم بدلو الخ هذا آخر حديث طويل أخرجه الترمذى عن أبى هريرة رضى اللّه عنه ولفظه والذى نفس محمد بيده لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السابعة السفلى لهبط على اللّه ثم قرأت هو الأول والآخر الآية قال الترمذى حديث غريب . ( اسمع ) أن لكل ظل طريقاً واضحاً إلى أصله ولاحائل بينهما أصلا فلئن حصل للظل بعناية اللّه جل شأنه ميل إلى أصله وحصل له انجذاب إليه ولحوق به يكون ذلك بلا حيلولة أمر ألبتة وحيث أن ذلك الأصل اسم من الأسماء الإلهية لا يكون بين الاسم وبين مسماه حائل ألبتة ويكون وصول الظل من هذا الطريق إلى أصل الأصل الذى هو مسمى ذلك الاسم بلا توسط أمر وأيضاً إن كل من كان وأصلا إلى حضرة الذات تعالت بوصول لا كيفى فتوسط أمر وحيلولته مفقود فى حقه فإذا ارتفعت حيلولة صفات الواجب وحجابيتها فى صورة الوصول إلى حضرة الذات فكيف يكون لحيلولة غير الصفات وحجابيته مجال ( فإن قيل ) إذا لم يجز انفكاك الصفات عن الذات فما معنى ارتفاع حيلولة الصفات من بين الواصل والموصول إليه ( قلت ) إذا حصل للسالك وصول إلى أصله الذى هو اسم من الأسماء الإلهية والسالك ظله وتحقق السالك به لا يكون بينه وبين حضرة الذات تعالت توسط وحيلولة ألبتة كمالا حيلولة بين الاسم ومسماه فعلى هذا لا يلزم ارتفاع ولا انفكاك وقد مر مثل هذا التحقيق آنفا فى بيان اتحاد حقيقة السالك بالحقيقة المحمدية وقد مرت أيضاً شمة من هذا البيان عند بيان وصول الظل إلى أصله ( تنبيه ) ولا يظن أبله من عدم التوسط الذى ذكر فى طريق الجذبة وغيرها الاستغناء عن تبعية خير البشر عليه وعلى آله الصلاة والسلام فإن ذلك كفر وزندقة وأنكار على الشريعة الحقة وقد مر آنفاً الجذبة بلا انضمام السلوك إليه الذى هو عبارة عن إتيان أحكام الشريعة غير تامة وأبتر ونقمة ظهرت فى صورة النعمة وأتمت الحجة على صاحبها وبالجملة قد بلغ مرتبة اليقين بالكشف الصحيح والإلهام الصريح أيضاً إنه لا يتيسر دقيقة من دقائق هذا الطريق ولا معرفة من معارف القوم بلا وساطته ووساطة متابعته عليه الصلاة والسلام وفيوض هذا الطريق وبركاته لا تحصل للمنتهى كالمبتدى والمتوسط بلا تبعيته وتطفله صلى اللّه عليه وسلم ( شعر). ومن المحال المشى فى طرق الصفا * يا سعد من غير اتباع المصطفى وزعم أفلاطون الأبله نفسه مستغنياً عن الأنبياء عليهم السلام بسبب الصفاء الذى حصل لنفسه من الرياضات والمجاهدات وقال نحن قوم مهذبون لا حاجة بنا إلى من يهذبنا ( ينبغى ) أن يعلم أن هذا الصفاء الذى يحصل بالرياضات بلا توسط متابعة الأنبياء حكمه حكم نحاس أسود طلى بالذهب أو سم غلف بالسكر والذى يقلب حقيقة النحاس ذهبا خالصاً ويخرج النفس من الأمارية إلى الاطمئنان هو متابعة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والحكيم المطلق جل وعلا إنما قرر بعثة الأنبياء ووضع شرائعهم لتعجيز النفس الأمارة وتخريبها ولم يجعل تخريبها بل إصلاحها فى غير متابعة الأنبياء عليهم السلام فمن ارتكب ألوفا من الرياضات والمجاهدات بلا متابعة هؤلاء الأكابر لا ينقص من أماريتها مقدار شعرة بل تزيد فى طغيانها وعنادها (ع) كل مختار العليل علة * وإزالة مرضها الذاتى منوطة بالتمسك بشرائع الأنبياء عليهم السلام وبدونه خرط القتاد ( ينبغى ) أن يعلم أن الجذبة وإن كانت لا يدلها من السلوك سواء كانت مقدمة عليه أو مؤخرة عنه ولكن الفضل لتقدم الجذبة على السلوك فإن السلوك ح خادمها وفى تأخير الجذبة يكون مخدومها لأن الجذب ح إنما يتيسر له بدولة السلوك وفى تقدم الجذبة ليس كذلك فإنه على هذا التقدير بنفسه مدعو ومطلوب ولهذا كان مرادا وذاك مريدا ورأس المرادين ورئيس المحبوبين محمد رسول اللّه صلى عليه وسلم فإن المقصود الذاتى والمدعو الأول فى هذه الدعوة هو عليه وعلى آله الصلاة والسلام وغيره إنما دعوا بتطفله سواء كانوا مرادين أو مريدين لولاه لما خلق اللّه الخلق ولما أظهر الربوبية كما ورد فإذا كان كل من سواه طفيلية وكان هو صلى اللّه عليه وسلم مقصودا أصليا من هذه الدعوة فلا جرم يكون الكل محتاجين إليه ويأخذون الفيوض والبركات بتوسطه عليه وعلى آله الصلاة والسلام فلو قيل للكل آله من هذه الحيثية لجاز فإن الكل متبعون له لا يأخذون كمالا إلا بتوسطه فإنه إذا كان وجود من سواه لا يتصور بدون وجوده كيف تتصور كمالاتهم التى هى تابعة للوجود بدون توسطه عليه الصلاة والسلام نعم ينبغى لمحبوب رب العالمين أن يكون كذلك ( اسمع ) قد صار مكشوفاً أن محبوبيته صلى اللّه عليه وسلم كائنة بمحبته تعالى المتعلقة بذاته البحت بلا ملاحظة الشئون والاعتبارات وصارت حضرة الذات محبوبة بتلك المحبة بخلاف محبوبية غيره صلى اللّه عليه وسلم فإنها كائنة بالمحبة المتعلقة بالشؤن والاعتبارات ومتلبسة بالأسماء والصفات أو بظلال الاسماء والصفات على تفاوت الدرجات ( شعر). فإن فضل رسول اللّه ليس له * حد فيعرب عنه ناطق بفم عليه وعلى جميع إخوانه من الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين الصلوات والتسليمات والبركات ( وتحقيق ) هذا المقام إنه يمكن أن يكون توسطه صلى اللّه عليه وسلم بمعنيين أحدهما أنه يكون حائلاً وحاجبا بين السالك والمطلوب والثانى أن السالك يصل إلى المطلوب بتطفله وبتوسط تبعيته ومتابعته عليه الصلاة والسلام ففى طريق السلوك التوسط كائن بمعنيية قبل الوصول إلى الحقيقة المحمدية بل أظن أن كل من كان واسطة فى البين من الشيوخ فى هذا الطريق فهو حاجب عن شهود السالك فويل لمثل هذا السالك لو لم يتدارك ذلك أخيراً بالجذبة ولم تبحر معاملته من الحجاب إلى عدم الحجابية فإن فى طريق الجذبة وبعد الوصول إلى حقيقة الحقائق التوسط بالمعنى الثانى الذى هو تطفل السالك وتبعيته دون الحيلولة والحجاب حتى يكون حجاباً للشهود والمشاهدة وأمثالهما ( لا يقال ) أن عدم التوسط وإن كان بمعنى واحد يستلزم قصور الجناية صلى اللّه عليه وسلم لأنا نقول أن عدم التوسط بالمعنى المذكور مستلزم لكمال جنابه صلى اللّه عليه وسلم لا للقصور بل القصور فى وجود التوسط فإن كمال المتبوع هو أن يصل تابعة بتطفله وتبعيته إلى جميع درجات الكمال وأن لا يترك دقيقة من دقائقه وهذا إنما هو فى عدم التوسط لا فى وجوده فإن فى عدم التوسط شهودا بلا حجاب وهو أقصى درجات الكمال وفى وجود التوسط الشهود فى حجاب فيكون الكمال فى عدم التوسط والقصور فى التوسط ومن شوكة المخدوم وعظمته أن لا يتخلف عنه خادمه فى مقام أصلا ويكون بتبعيته شريكا فى دولة أقرانه ومن ههنا قال عليه الصلاة والسلام علماء أمتى كأنبياء بنى إسرائيل وستكون الرؤية الأخروية بلا توسط شئ وحيلولة أمر وقد ورد فى الحديث الصحيح إن العبد إذا دخل فى الصلاة يرتفع الحجاب الذى بين العبد والرب ولهذا كانت الصلاة معراج المؤمن وصار الحظ الوافر منها نصيباً للمنتهى الواصل فإن رفع الحجاب مخصوص بالمنتهى الواصل فثبت ارتفاع التوسط والحيلولة وهذه المعرفة من خواص المعارف اللدنية بهذا الفقير أعطيها بمحض الفضل والكرام وتحقق بحقيقتها ( شعر). كأنى بقعة فيها سحاب الـــ * ـــربيع ممطر ماء زلالا ونعم ما قيل ( شعر ): وإذا أتى باب العجوز خليفة * أياك يا صاح ونتف سبالكا ولمشائخ الطريقة قدس اللّه أسرارهم اختلافات فى توسطه وعدم توسطه صلى اللّه عليه وسلم ذهب جماعة إلى وجود التوسط وطائفة إلى عدمه ولم يبين منهم أحد تحقيق التوسط وعدم التوسط ولم يتكلم فى كمالهما وقصورهما وأرباب الظاهر يكادون يظنون عدم التوسط الذى هو كمال الإيمان كفراً ويضللون القائل به من جهالاتهم ويتصورون التوسط من كمال الإيمان ويعدون القائل به من كمل المتابعين والحال أن عدم التوسط مبنى من كمال الإيمان ويعدون القائل به من كمل المتابعين والحال أن عدم التوسط مبنى عن كمال المتابعة ووجود التوسط مشعر بقصور المتابعة كما مر كل ذلك منهم لعدم الدرك إلى حقيقة الحال قال اللّه تعالى بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم ( أيها المخدوم ) إن القول بالأويسية ليس بإنكار على الشيخ الظاهر فإن الأويسى شخص يكون للروحانيين مدخل فى تربيته ألا ترى أن الخواجه أحرار قدس سره لما وجد الإمداد من روحانية الخواجه النقشبند قدس سره قيل له مع وجود شيخه الظاهر اويسيا وكذلك الخواجه النقشبند لما نال الإمداد من روحانية الخواجه عبد الخالق الغجدوانى قدس سرهما كان مع وجود شيخه الظاهر أويسيا خصوصا إذا كان شخص مع وجود الأويسية مقرا بشيخه الظاهر وجعل المراد إنكارا على الشيخ بالزور والبهتان إنصاف عجيب ( أيها المخدوم ) إن المراد من تركيب لفظ عبد الباقى معناه الإضافى لا العلمى وإن كان فيه إشعار بالمعنى العلمى أيضاً بأبلغ الوجوه يعنى أن شيخى وإن كان عبد الباقى ولكن المتكفل بتربيتى اللّه الباقى فأى تحريف وانحراف هنا وأى سوء أدب رزق اللّه الإنصاف ( أيها المخدوم ) إن القصور الذى قيل فى معنى قول سبحانى الذى صدر عن أبى يزيد البسطامى قدس سره فى غلبات السكر لو سلم لا يلزم منه إن يكون ذلك القصور مستقرا ومستمرا فى قائله حتى يكون غيره أفضل منه فإن كثيرا من المعارف تصدر فى وقت بمقتضى حال ذلك الوقت ثم لما ظهر قصور تلك المعرفة بعناية اللّه تعالى فى وقت آخر تترك تلك المعرفة ويترقى إلى مقام فوقانى قد اندرج فى المكتوب الشريف إن أمثال هذه الكلمات الممزوجة بالشطح لو كتبها أرباب السكر لجاز ولكن إظهار أرباب الصحو أمثال هذه الكلمات مستبعد جداً ( أيها المخدوم ) إن كل من كتب هذه الكلمات فمنشأة السكر لم يحرك القلم فى هذا الباب بلا مزج السكر غاية ما فى الباب أن فى السكر مراتب كثيرة وكلما كان السكر أكثر يكون الشطح أغلب وأوفر وسكر البسطامى هو ما يصدر عنه قول لوائى أرفع من لواء محمد بلا تحاش فكل من حاله الصحو لا يظن به أنه لا سكر معه أصلا فإنه عين القصور لأن الصحو الخالص نصيب العوام ومن رجح الصحو فمراده غلبة الصحو لا الصرف وكذلك كل من يرجح السكر فمراده غلبة السكر لا السكر الخالص فإنه آفة ألا ترى أن الجنيد قدس سره مع كونه رئيس أرباب الصحو وترجيحه الصحو على السكر له عبارات كثيرة ممزوجة بالسكر يعسر تعدادها قال العارف هو المعروف وقال لون المألون أنائه وقال المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر وصاحب العوارف من كمل أرباب الصحو ومع ذلك فى كتابه من المعارف السكرية ما لا يمكن شرحه وهذا الفقير قد جمع بعض معارفه السكرية فى ورق ومن بقايا السكر تجويز إفشاء الأسرار ومنه المباهات والافتخار ومنه إدعاء المزية على الأغيار فلو كان صحو خالص يكون إفشاء الأسرار ح كفرا واعتقاد الأفضلية على الغير شركا وبقية السكر فى الصحو كالملح المصلح للطعام فلو لم يكن ملح يكون الطعام معطلا ( شعر). فلو لم يكن عشق وهيمان عاشق * لما كان من يصغى وما كان سامر وقد حمل صاحب العوارف قدس سره قول قدمى هذه على رقبة كل ولى الصادر عن الشيخ عبد القادر قدس سره على السكر وليس مراده إثبات القصور لهذا القول كما توهم فإنه عين محمدة له بل بيان الواقع يعنى أن صدور مثل هذا الكلام المنبئ عن المباهات والافتخار ليس هو بلا بقية سكر فإن التكلم بأمثال هذا الكلام فى الصحو الخالص عسير وكل هذه الدفاتر التى كتبها هذا الفقير فى علوم هذه الطائفة العلية وأسرارهم كأنه تقرر فى خاطركم الشريف أنه كتبها عن صحو خالص بلا مزج السكر حاشا وكلا من ذلك فإنه حرام منكر وجزاف ونسج للكلام والذين ينسجون الكلام المتصفون بصحو خالص كثير فلم لا ينسجون الأقوال على هذا المنوال ولا يحركون بها قلوب الرجال ( شعر). خليلىّ ما هذا بهزل وإنما * حديث عجيب من بديع الغرائب ( أيها المخدوم ) أن المثال هذه الكلمات المنبئة عن إفشاء الأسرار المصروفة عن الظاهر قد صدرت عن مشائخ الطريقة قدس اللّه أسرارهم فى كل وقت وصار ذلك عادتهم المستمرة ليس هو أمر ابتدعة هذا الفقير واخترعه ليس هذا أول قارورة كسرت فى الإسلام فما كل هذا الاضطراب والجدال فإن صدر لفظ لا يطابق ظاهره بعلوم الشريعة ينبغى أن يصرفه عن الظاهر بأدنى توجه وإن يجعله مطابقاً بعلوم الشريعة دون أن يتهم مسلماً فإذا كان إشاعة فاحشة وإفضاح فاسق حراماً ومنكراً فى الشريعة فإفضاح مسلم بمجرد اشتباه كيف يكون مناسبا وأى تدين فى النداء من بلد إلى بلد وطريق الإسلامية والشفقة هو أنه إذا صدر عن شخص كلمة ظاهرها مخالف للعلوم الشرعية ينبغى أن ينظر إلى قائلة أنه من هو فإن كان ملحدا وزنديقا ينبغى أن يرده وإن لا يشتغل بإصلاحه وإن كان من المسلمين وكان له إيمان باللّه ورسوله ينبغى أن يجتهد فى إصلاح كلامه وإن يحمله على محمل صحيح وأن يطلب حله فى قائله فلو عجز عن حله ينبغى أن ينصحه فإن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هو الرفق لكونه قريباً من الإجابة فإن لم يكن المقصود الإجابة بل كان تفضيحا فهو أمر آخر رزق اللّه تعالى التوفيق وأعجب من ذلك أنه يفهم من المكتوب الشريف أنه قد طرأ الاشتباه والانحراف على ملازميكم أيضاً بعد استماع مكتوب هذا الفقير من ذاك العزيز ويشبه أن يكون انعكاسا وكان ينبغى لهم أن يحلوا مظان الاشتباه بأنفسهم من غير أن يطرح لهذا الفقير وأن يسكنوا الفتنة فماذا أقول فى حق سائر الأصحاب بأن بعضهم لم يدفع الاشتباه ولم تسمح نفسه بذلك واختار السكوت مع وجود القدرة على الدفع ( شعر). ونحن قد توقعنا * من الأحباب إمدادا ربنا آتنا من لدنك رحمة هئ لنا من أمرنا رشدا والسلام أولاً وآخرا . |