٥١ المكتوب الحادى والخمسون إلى الملا شير محمد اللاهورى فى بيان الفرق بين تصديق القلب ويقينه. الحمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى ( سؤال ) قال بعض محققى المتكلمين إن حقيقة الإيمان قبول القلب وانقياده بالمؤمن به فما معنى ذلك وهل القبول والانقياد عبارة عن نفس التصديق ويقين القلب بالمؤمن به أوامر زائد عليهما ( الجواب ) أن قبول القلب غير يقينه وإن لم يكن غير التصديق ولكنه متفرع على اليقين فإن القلب لا يخلو بعد حصول اليقين من إحدى الحالتين أما التسليم والانقياد بالمؤمن به أو الجحود به والانكار عليه وعلامة التسليم والانقياد رضاء القلب بالمؤمن به وانشراح الصدر له وعلامة الجحود والإنكار كراهة القلب بالمصدق به وضيق الصدر عليه قال اللّه تبارك وتعالى فمن يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد فى السماء الآية وحصول التسليم والانقياد للقلب بالمؤمن به بعد حصول التصديق واليقين به واليقين به بمحض الموهبة الإلهية جل سلطانه وبصرف كرمه اللامتناهى ومن ههنا قيل أن الإيمان موهبة إلهية ومنشأ الجحود والإنكار بعد حصول اليقين والتصديق بالمصدق به رسوخ الصفات الردية فى النفس الأمارة وتمرنها فيها لكونها مجبولة على حب الجاه والرياسة ومطبوعة على عدم قبول تبعية أحد وتقليده تريد أن يصدقها ويقبلها كل أحد وهى لا تقلد أحدا ولا تتبع ولا تستسلم فردا من الأفراد ولا تنقاد وما ظلمهم اللّه ولكن كانوا أنفسهم يظلمون وقد خلص اللّه سبحانه طائفة بمحض فضله وكرمه من هذا المرض الجبلى وشرفهم بشرف تسليم الأنبياء وانقيادهم عليهم الصلاة والسلام الذين هم هداة الأنام إلى سبل السلام والصراط المستقيم ووعدلهم بجنات النعيم التىهى محل رضائه تعالى وترك طائفة على طورهم ولم يخلصهم من تلك الرذائل جبرا وقهرا ولم يجذبهم إلى هذه الدولة ولكن بالغ فى بيان الصراط المستقيم وتبشير المصدق وإنذار المكذب العاصى بإرسال الرسل وإنزال الكتب وأقام الحجة على الفريقين . |