٢١ المكتوب الحادى والعشرون إلى المير محمد نعمان فى جواب أسئلته عن كونه تعالى مشاراً إليه بالضمائر وعن فضل الزهاد وعن كيفية علم الحق تعالى بذاته جل سلطانه وعم إحسانه الحمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى قد سألتم أنه إذا لم تكن الأشياء بماهيتها الظلية بل بماهية أصلها ينبغى أن يكون المشار إليه بلفظ هو وأنت وأنا هو ذاك الأصل فحينئذ كيف يصدق حمل بعض الصفات الغير الملائمة لذاك الأصل على الضمائر كقولنا أنا آكل وأنا نائم ( اعلم ) أن الظل وإن كان قائماً بأصله ولكن ثبوته الظلى وإن كان فى مرتبة الحس والخيال متحقق دائماً وإحكامه الظلية دائمة وباقية وخلقتم للأبد شاهد لذلك وحمل الصفات على تلك الضمائر إنما هو بملاحظة اعتبار ظليتها ولكن مرتبة من مراتب الوجود حكم على حدة وكلما هو متلاش ومضمحل فى الإله ليس باله جل وعلا وسألتم أيضا عن معنى الحديث القدسى الوارد فى فضائل الزهاد الكرام معانى ألفاظه ظاهرة وليس ببعيد عن فضله وكرمه تعالى أن يخصص جماعة بفضائل وخصائص وإن ينعم عليهم بدرجات ومراتب يغبطهم فيها غيرهم وعدم حساب هؤلاء ليس بمحل تردد فإن كثيرا من أمة خير البشر عليه وعليهم الصلوات والتسليمات يدخلون الجنة بغير حساب ومن جملة ذلك ما ورد فى الحديث الصحيح يدخل الجنة من أمتى سبعون ألفا بغير حساب فقالوا من هم يا رسول اللّه قال الذين لا يكتوون ولا يسترقون على ربهم يتوكلون وفى هذا المقام سر عظيم لا مصلحة فى إظهاره لكونه بعيداً عن أفهام الأكثرين فإن اتفقت الملاقاة ينبغى أن تذكروا بها فنذكر شمة منه مشافهة ورمز من هذا السر مندرج فى مكتوب من مكتوبات الجلد الثانى فإذا وجدتموه لعلكم تجدونه ( وسألتم ) أيضاً أن علم الحق سبحانه هل يكون محيطاً بكنه ذاته أولا فإن كان محيطا يلزم تناهى الذات ( اعلم ) أن العلم على قسمين حصولى وحضورى ومحال أن يتعلق العلم الحصولى بكنة ذات الواجب جل سلطانه لكونه مستلزما للإحاطة والتناهى وأما العلم الحضورى فيجوز أن يتعلق بكنه ذاته تعالى ولا يلزم منه تناه أصلا والسلام . |