١٦ المكتوب السادس عشر إلى مولانا أحمد الديبنى فى بيان عدم اطلاع السالك على أحواله ومشاهدتها فى مرايا المسترشدين. الحمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى وصل المكتوب الشريف وذكرتم فيه بأنى لا أجد فى نفسى شيأ من أحوال هذه الطائفة العلية ومواجيدهم وعلومهم ومعارفهم ومع ذلك كنت علمت الطالبين الطريقة فتأثرا تأثرا كثيراً وظهرت منهما أحوال غريبة فما يكون وجه ذلك ( اعلم ) أن الأحوال التى ظهرت من ذينك الشخصين كانت من عكس أحوالكم ظهور فى مرايا استعدادهما ولما كانا صاحبى علم عرفا أحوالهما ودلاكم أيضاً على العلم بحصول الحال المستور كمرآة تدل على كمالات خفية فى الإنسان وتظهر محاسنه المكنونة المقصود حصول الأحوال والعلم بالأحوال دولة أخرى يعطى جمع هذا العلم وجمع آخر لا يعطاه ومع ذلك يكون كلاهما من أرباب الولاية ومتساويين فى القرب فمنا من علم ومنا من جهل من كلام هذه الطائفة ينبغى أن لا يكون محزونا ومتألما من عدم العلم بالأحوال وينبغى السعى حتى يحصل الأحوال بل حتى يحصل الوصول إلى محول الأحوال تجاوزاً من الأحوال فإن لم يحصل العلم بالأحوال بلا توسط المسترشدين ينبغى أن يقنع بمطالعتها فى مراياهم وأن يكون محتظاً من طريق المظاهر وليحصل الأحوال فإن لم يتيسر العلم بالأحوال بلا توسط فعساه أن يحصل بتوسط ( وكتبتم ) أيضاً أن دوام الحضور عبارة عن أى شئ وكثيرا ما يحس ذهول القلب عن هذا الحضور فى بعض المشاغل فينبغى تشخيص الحضور ودوام الحضور ( اعلم ) إن الحضور عبارة عن حضور الباطن مع جناب قدس الحق جل سلطانه شبيه بالعلم الحضورى الذى الدوام لازمه هل سمعت أحداً أنه غفل عن نفسه فى وقت من الأوقات وذهل والغفلة والذهول إنما يتصوران فى العلم الحصولى لوجود المغايرة فى البين وفى العلم الحضورى حضور فى حضور دائماً وإن كان الأبله فى جهل من هذا الحضور ونفور ويحصل فى غرور فكان الدوام لازماً للحضور والذى لا دوام له فهو ميلان إلى المطلوب وله شباهة بالحضور المذكور ودوامه متعذر لكونه شبيهاً بالعلم الحصولى الذى هو قليل النصيب من الدوام للّه المثل الأعلى وإطلاق العلم الحصولى والعلم الحضورى بالنسبة إلى جناب قدسه تعالى إنما هو على سبيل التشبيه والتنظير فإنه تعالى إذا كان أقرب إلى الإنسان من نفسه يكون خارجاً عن حيطة العلم الحضورى والعلم الحصولى وإن عجز أرباب المعقول عن تصوره ولم يجدوا أقرب من أنفسهم ولكن هذا المعنى واضح عند أرباب العلم اللدنى وحاصل بالسهولة بعناية اللّه تعالى ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ثم لا يخفى إن لأخى السيد حقوقاً كثيرة عليكم وهو متأذ لمجيئكم بغير إذنه فينبغى حضوركم فى ملازمته بلا توقف لتلافى الإيذاء فإن جئتم بأذنه فلا مضايقة ينبغى أن تعاملوا موافقاً لمرضاة وإن تجيئوا بإذنه وما أكتب زيادة على ذلك . |