٩٥ المكتوب الخامس والتسعون الى مقصود على التبريزي في جواب سؤاله عن الكفر الحقيقي بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ الحمد للّه و سلام على عباده الذين اصطفى وصلت الصحيفة الشريفة ووقع فيها الاستفسار عن بعض كلمات الصوفية أيها المخدوم وان لم يقتض الوقت والمكان قولا وكتابة ولكن لا بد للسؤال من الجواب فحررت بالضرورة كلمات ومجمل الكلام في حل جميع تلك المسائل هو انه كما ان في الشريعة كفرا واسلاما في الطريقة ايضا كفر و اسلام وكما ان كفر الشريعة شر ونقص والاسلام كمال كذلك كفر الطريقة ايضا نقص وشر واسلامها كمال وكفر الطريقة عبارة عن مقام الجمع الذي هو محل الاستتار وتميز الحق من الباطل مفقود في هذا الموطن فان مشهود السالك فيه في المرايا الجميلة والرذيلة هو جمال وحدة المحبوب فلا يجد الخير والشر والكمال والنقص غير مظاهر لتلك الوحدة وظلالها فلا جرم يكون نظر الانكار الذي ناش عن التمييز معدوما في حقه فبالضرورة يكون مع الكل في مقام الصلح ويجد الكل على صراط مستقيم ويترنم ﺑﻬذه الآية الكريمة و ما من دابة الا هو آخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم واحيانا يرى المظهر عين الظاهر فيظن الخلق عين الحق والمربوب عين الرب وكل هذه ازهار تتفتق من مرتبة الجمع قال الحلاج في هذا المقام (شعر): كفرت بدين اللّه والكفر واجب * لدي وعند المسلمين قبيح ولكفر الطريقة هذا مناسبة تامة بكفر الشريعة وان كان كافر الشريعة مردودا ومستحقا للعذاب وكافر الطريقة مقبولا ومستوجبا للدرجات فان هذا الكفر والاستتار ناش من غلبة محبة اﻟﻤﺠبوب الحقيقي ونسيان غيره كله فيكون مقبولا وذاك الكفر حاصل من استيلاء الجهل والتمرد فيكون مردودا بالضرورة واسلام الطريقة عبارة عن مقام الفرق بعد الجمع الذي هو مقام التمييز والحق والخير متميزان هنا من الباطل والشر ولاسلام الطريقة هذا مناسبة تامة باسلام الشريعة بل اذا بلغ اسلام الشريعة كماله تحصل له نسبة الاتخاذ ﺑﻬذا الاسلام بل كلا الاسلامين اسلام الشريعة والفرق بينهما بظاهر الشريعة وباطن الشريعة وبصورة الشريعة وحقيقة الشريعة ومرتبة كفر الطريقة اعلى من مرتبة اسلام صورة الشريعة وان كانت أدون بالنسبة الى اسلام حقيقة الشريعة (شعر): متى قسنا السما بالعرش ينحط * وما أعلاه ان قسنا بارض وكل من تكلم من المشائخ قدس اللّه اسرارهم بالشطحيات من الكلمات المخالفة لظاهر الشريعة كل ذلك في مقام كفر الطريقة الذي هو موطن السكر وعدم التمييز والكبراء الذين تشرفوا بدولة اسلام الحقيقة فهم مترهون ومبرأون من امثال هذه الكلمات ومقتدون بالانبياء ومتابعون لهم ظاهرا وباطنا فالشخص الذي يتكلم بالشطحيات و يكون في مقام الصلح مع الكل ويظن الجميع على صراط مستقيم ولا يثبت التمييز بين الحق والخلق ولا يقول بوجود الاثنينية فان وصل هذا الشخص الى مقام الجمع وتحقق بكفر الطريقة ونسى السوى فهو مقبول وكلماته ناشئة من السكر ومصروفة عن الظاهر وان تكلم ﺑﻬذه الكلمات بدون حصول هذا الحال وبلا وصول الى الدرجة الاولى من الكمال وزعم الكل على حق و على صراط مستقيم ولم يميز الباطل من الحق فهو من الزنادقة والملاحدة الذين مقصودهم ابطال الشريعة ومطلوﺑﻬم رفع دعوة الانبياء الذين هم رحمة للعالمين عليهم الصلوات والتحيات فهذه الكلمات الخلافية تصدر من المحق وتصدر من المبطل وهي للمحق ماء الحياة وللمبطل سم قاتل كماء نيل حيث كان لبني اسرائيل ماء زلالا وللقبط دما ونكالا وهذا المقام من مزلة الاقدام قد انحرف جم غفير من اهل الاسلام عن الصراط المستقيم بتقليد كلمات اكابر ارباب السكر ووقعوا في بوادي الضلالة والخسارة وجعلوا دينهم هباء منثورا ولم يعلموا ان قبول هذا الكلام مشروط بالشرائط وهي موجودة في ارباب السكر ومفقودة في هؤلاء ومعظم هذه الشرائط نسيان ما سوى الحق سبحانه ألذي هو دهليز القبول ومصداق امتياز المحق من المبطل الاستقامة على الشريعة وعدم الاستقامة عليه والذي هو محق لا يرتكب خلاف الشريعة مقدار شعرة مع وجود السكر وعدم التمييز كان الحلاج مع صدور قول أنا الحق عنه يصلي كل ليلة في السجن خمسمائة ركعة مع قيد ثقيل و كان لا يأكل الطعام الذي مسه يد الظلمة ولو كان من وجه حلال والذي هو مبطل يكون اتيان الاحكام الشرعية ثقيلا عليه مثل جبل قاف كبر على المشركين ما تدعوهم اليه علامة حالهم ربنا آتنا من لدنك رحمة وهئ لنا من أمرنا رشدا و السلام على من اتبع الهدى. |