٧٣ المكتوب الثالث والسبعون الى حضرة المخدوم زاده مجد الدين الخواجه محمد معصوم سلمه اللّه في بيان ظاهر الانسان الكامل وباطنه وما يناسب ذلك الحمد للّه و سلام على عباده الذين اصطفى اعلم ان الانسان عبارة عن مجموع عالم الامر وعالم الخلق عالم الخلق هو صورة الانسان وظاهره وعالم الامر هو حقيقة الانسان وباطنه وانما قالوا للاعيان الثابتة حقائق الممكنات باعتبار ان الممكنات ظلال تلك الاعيان وتلك الاعيان اصولها فان حقيقة الممكنات وماهيتها هي نفس ظلال تلك الاعيان لان الممكنات صارت ممكنات بتلك الظلال وحصل لها ﺑﻬا وجود ظلي بخلاف الاعيان التي يثبتون فيها تعينات وجوبية ويروﻧﻬا فوق مراتب الامكان فان تعين الوحدة وتعين الواحدية اللذين هما في مرتبة الاعيان الثابتة قالوا ان كلا منهما تعين وجوبي واعتقدوا التعينات الثلاثة الباقية اعني التعين الروحي والتعين المثالي والتعين الجسمي تعينات امكانية فالقول بكون التعين الوجوبي حقيقة للتعين الامكاني على سبيل التجوز لان الحقيقة الامكانية انما تكون من عالم الامكان لا من مرتبة الوجوب وكأن اصل الشئ هو حقيقة الشيئ فما قالوا من ان الصوفي كائن بائن يعني بظاهره مع الخلق وبباطنه مفارق عنهم وكائن مع الحق سبحانه وأرادوا بظاهره عالمه الخلقي وبباطنه عالمه الأمري وقالوا في حق هذا المقام الذي هو مقام الجمع بين التوجهين انه عال جدا واعتقدوه مقام التكميل والارشاد وظنوه مرتبة الدعوة ولهذا الفقير في ذلك الموطن معرفة خاصة وهي انه يكون شخص من اخص الخواص و يكون مجموع عالم الخلق والأمر بالنسبة اليه صورة وظاهرا وتكون حقيقته وباطنه الاسم الذي هو مبدأ تعينه مع اسماء وشئونات اخر هي كالاصل لذلك الاسم حتى تنتهي الى حضرة الذات اﻟﻤﺠردة عن الشئون والاعتبارات وهذا العارف التام المعرفة اذا تيسر له الوصول الى الاسم الذي هو قيومه بعد طيه جميع المراتب الامكانية وصار قوله انا منقلعا عن المراتب الامكانية ومنطبقا على ذلك الاسم وانطبق على مراتب فوق ذلك الاسم التي هي كالاصول لذلك الاسم آنا فآنا بالترتيب على سبيل العروج وبلغ ﺑﻬذا النمط مرتبة الاحدية اﻟﻤﺠردة تصير تلك المراتب التي انطبق عليها قوله انا كلها حقيقته و يكون عالمه الامري كعالمه الخلقي صورة تلك الحقيقة وتلك الصورة مثل الكسوة لتلك الحقيقة وهي كالشخص اللابس لتلك الكسوة وحيث كان اطلاق أنا في الآخرين مقصورا على عالم الخلق والامر لا جرم تكون صورﺗﻬم وحقيقتهم عين عالم الخلق والامر والاسماء التي هي مبادئ تعيناﺗﻬم ليست غير ان تكون قيومات لهم (فان قيل) ان العارف وان حصل كمال المعرفة من جملة الممكنات لا يخرج من الامكان ولا يتصف بالوجوب فالاسم الذي هو قيومه ومن مرتبة الوجوب كيف يكون حقيقته وجزؤه (اجيب) ان هذه الحقيقة باعتبار الشهود لا باعتبار الوجود حتى يلزم المحذور كما قالوا البقاء باللّه وهذا الشهود ليس مجرد تخيل بل تتفرع عليه ثمرات ونتائج (شعر): خليلي ما هذا ﺑﻬزل و انه * حديث عجيب من بديع الغرائب فتحقق ان ما هو مجموع الصورة والحقيقة للآخرين صورة هذا العارف التي هي بالنسبة الى الحقيقة كالثوب العديم نظيره بالنسبة الى شخص لابس اياه فماذا يدرك الآخرون من حقيقته وماذا يفهمون وماذا يتصورون غير كونه مماثلا لهم في صورهم وحقائقهم ومعرفة مثل هذا العارف مستلزمة لمعرفة الحق سبحانه اذا رؤوا ذكر اللّه سبحانه علامتهم الهي ما هذا الذي جعلت اولياءك بحيث من عرفهم وجدك ومن لم يجدك لم يعرفهم وما كتبه الفقير في بعض كتبه ورسائله من ان العارف التام المعرفة يكون بعد رجوعه للدعوة متوجها بكليته الى العالم لان ظاهره مع الخلق وباطنه مع الحق سبحانه فالمراد من تلك الكلية عالميه الخلقي والامري كما هو متعارف القوم يعني انه يكون متوجها للدعوة بعالم الخلق وعالم الامر كليهما وأما تلك الحقيقة والباطن اللذان كتبهما هذا الفقير فيما سبق مرادا ﺑﻬما الاسم القيوم وما فوقه فلا معنى لتوجهه الى الحق جل وعلا فاﻧﻬما من عالم الوجوب كما مر فعلى كل تقدير توجه العارف الكامل الى جانب الخلق بالتمام والذي له وجه الى الخلق ووجه آخر الى الحق جل وعلا فهو في توسط السير ولكنه اعلى من الشخص الذي توجهه الى الحق جل وعلا بالتمام فان هذا الشخص ناقص في اداء حقوق العباد وذلك يكمل اداء كل من حق الخالق وحق المخلوق مهما أمكن ويدعوا الخلق الى جانب الحق سبحانه فيكون أكمل بالنسبة اليه (ينبغي) أن يعلم ان التوجه الى الحق جل سلطانه يستدعي بعدا والبعد في حق هذا العارف صار نصيب الآخرين الذين يحتاجون الى التوجه هل رأيت احدا يكون متوجها الى نفسه فكيف الى شئ هو اقرب من نفسه فانه لا يتصور توجهه اليه وعدم التوجه هذا من خصائص كمالات هذا العارف يكاد القاصرون يظنونه نقصا ويزعمون التوجه كمالا بالنسبة الى عدم التوجه رزقهم اللّه سبحانه الانصاف حتى لا يحكموا بجهلهم المركب ولا يزعموا الحسن عيبا. |