٥٥ المكتوب الخامس والخمسون الى المخدوم زاده الخواجه محمد سعيد والمخدوم زاده الخواجه محمد معصوم سلمهما اللّه تعالى في بيان ان القرآن جامع لجميع الاحكام الشرعية وفي مناقب الامام الاعظم ابي حنيفة رضي اللّه عنه وبيان ان اصل هذا الامر هو الشريعة ومدح الصوفية العلية وما يناسب ذلك بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ الحمد للّه و سلام على عباده الذين اصطفى اعلم ان القرآن اﻟﻤﺠيد جامع لجميع الاحكام الشرعية بل جامع لجميع الشرايع المتقدمة غاية ما في الباب ان بعض احكام هذه الشريعة يفهم بعبارة النص واشارة النص ودلالة النص واقتضاء النص والعوام والخواص من اهل اللغة متساوية الاقدام في هذا الفهم والقسم الآخر من الاحكام من قبيل ما يفهم بتوسط الاجتهاد والاستنباط وهذا الفهم مخصوص بالائمة اﻟﻤﺠتهدين سواء كان النبي صلى اللّه عليه و سلم على قول الجمهور او اصحابه الكرام عليهم الرضوان او سائر مجتهدي امته عليه الصلاة و السلام لكن الاحكام الاجتهادية في زمنه عليه الصلاة و السلام لم تكن مترددة بين الخطإ والصواب لكونه اوان الوحي بل كان يتمز صواب الحق من خطإ المخطي بالوحي القطعي ولم يبق الحق ممتزجا بالباطل فان تقرير النبي وتثبيته على الباطل غير مجوز بخلاف الاحكام الحاصلة بطريق استنباط اﻟﻤﺠتهدين بعد انقراض زمان الوحي فاﻧﻬا مترددة بين الخطإ والصواب ولهذا كان الاحكام الاجتهادية التي صارت مقررة في زمن الوحي موجبة لليقين المفيد للعمل والاعتقاد وبعد زمان الوحي تكون موجبة للظن المفيد للعمل لا الاعتقاد والقسم الثالث من احكام القرآن مما يعجز عن فهمه الطاقة البشرية وما لم يحصل الاعلام من جانب مترل الاحكام جل سلطانه لا يتصور فهم تلك الاحكام وحصول ذلك الاعلام مخصوص بالنبي عليه و على آله الصلاة و السلام لا يحصل لغيره وهذه الاحكام وان كانت مأخوذة من الكتاب ولكن لما كان مظهرها نبينا عليه و على آله الصلاة و السلام نسبت هذه الاحكام الى السنة بالضرورة كما نسبت الاحكام الاجتهادية الى القياس باعتبار ان القياس مظهر تلك الاحكام فيكون كل من السنة والقياس مظهرا للاحكام وان كان بين هذين المظهرين فرقا كثيرا حيث ان احدهما مستند الى الرأي الذي فيه مجال الخطإ والثاني مؤيد باعلام الحق جل وعلا الذي لا مجال فيه للخطإ وفي القسم الاخير كمال الشباهة بالاصل وكأنه مثبت للاحكام وان كان مثبت جميع الاحكام في الحقيقة هو الكتاب العزيز فحسب (ينبغي) ان يعلم ان لغير النبي مجال الخلاف للنبي عليه و على آله الصلاة و السلام في الاحكام الاجتهادية ان بلغ هذا الغير مرتبة الاجتهاد والاحكام التي ثبتت بعبارة النص واشارة النص ودلالة النص وكذلك الاحكام التي مظهرها السنة لا مجال لمخالفة احد فيها بل اتباع تلك الاحكام لازم لجميع الامة فمتابعة رأي النبي صلى اللّه عليه و سلم في الاحكام الاجتهادية ليست بلازمة ﻟﻤﺠتهدي الامة بل[ ١] ( ١ ) يعني في عصره صلى اللّه عليه و سلم والا فلا يجوز ذلك قطعا لا نقلا به يقينا باعلام اللّه تعالى كما مر آنفا فثبت منه عفي عنه. الصواب في ذلك الموطن هو متابعة رأي نفسه (وههنا) دقيقة ينبغي ان يعلم ان الانبياء الذين يتبعون شرائع الانبياء اولي العزم عليهم الصلاة و السلام الواجب عليهم هو اتباع الاحكام التي ثبتت بالعبارة والاشارة والدلالة من كتبهم وصحفهم لا اتباع الاحكام التي ظهرت باجتهادهم وسننهم فانه اذا لم يلزم المتابعة على مجتهدي الامة في الاحكام الاجتهادية كما مر كيف يلزم المتابعة على النبي المتابع والاحكام التي مظهرها سنة كما اﻧﻬا حاصلة لاولي العزم بالاعلام كذلك هي ثابتة لنبي غير اولي العزم ايضا باعلامه تعالى فما يكون المتابعة بل لا مجال للمتابعة فان على مقدار كل وقت ومناسبة كل طائفة احكاما على حدة تارة يناسب الحل وتارة يناسب الحرمة كان الاعلام لنبي من اولي العزم بحلية امر ولنبي آخر من غير اولي العزم بحرمته وكل من هذا الحل والحرمة مأخوذ من صحف مترلة كما ان اﻟﻤﺠتهدين يأخذان من مأخذ واحد حكمين مختلفين يفهم منه احدهما الحل والآخر الحرمة (فان قيل) هذا الاختلاف له مجال في الاجتهاد لكون مداره على الرأي الذي فيه احتمال الصواب والخطإ ولكن لا مجال لهذا المعنى في اعلامه تعالى لأن كونه مترددا بين الخطإ والصواب غير جائز بل الحكم عند الحق جل وعلا واحد فان كان حلا لا مجال للحرمة وان كان حرمة لا مجال للحل (اجيب) يجوز ان يكون بالنسبة الى قوم حلا وبالنسبة الى قوم آخر حرمة فيكون حكم اللّه تعالى متعددا في واقعة واحدة بالنسبة الى تعدد القوم ولا محذور نعم هذا المعنى لا يصح في امة خاتم الرسل عليه و على آله الصلاة و السلام فان كافة الانام محكوم عليهم في هذه الشريعة بحكم واحد ليس للّه سبحانه فيها حكمان في واقعة واحدة (فان قيل) اذا حكم نبي من الانبياء اولي العزم بحل امر وحكم نبي آخر متابع بالحرمة في ذلك الامر يلزم ان يكون الحكم الثاني ناسخا للحكم الاول وهذا غير جائز فان النسخ مخصوص باولي العزم لا يكون غيره ناسخا (اجيب) ان النسخ انما يلزم اذا كان الحكم الثاني عاما بالنسبة الى كافة الانام فيرفع الحكم الاول الذي كان بالنسبة الى قوم مخصوص والحكم الثاني ليس بعام هنا بل هو حكم بالحرمة مثلا بالنسبة الى قوم مخصوص فلا منافاة بينه وبين الحكم الاول الا ترى ان مجتهدًا يحكم في واقعة بالحلية ويحكم مجتهد آخر في عين تلك الواقعة بالحرمة ولا نسخ فيه اصلا وان كان بين هذا وبين ذاك تفاوتا فاحشا فان هنا رأي وهناك اعلام وفي الرأي مجال لتعدد الحكم وفي الاعلام لا مجال للتعدد ولكن تعدد القوم يجيز ذلك كما مر (فاحكام) الشرائع المتقدمة المفهومة من كتب الانبياء اولي العزم وصحفهم بحسب اللغة لا مجال للمخالفة فيها ايضا للانبياء المتابعين بل وردت تلك الاحكام بالنسبة الى كافة الانام فكل نبي متابع الى اي قوم ارسل واي قوم يدعوا لا يبلغهم خلاف تلك الاحكام فان حلا فللكل وان حرمة فعلى الجميع الى ان يبعث نبي آخر من اولي العزم فيرفع هذا الحكم ففي هذا الوقت يتصور النسخ فالنسخ انما هو باعتبار الاحكام المأخوذة من الصحف المترلة بحسب اللغة والاحكام التي ثبتت بالاجتهاد والاعلام ونسبت الى القياس والسنة فالنسخ غير متصور فيها فان هذه الاحكام انما هي بالنسبة الى بعض دون بعض فاجتهاد نبي وكذلك سنته لا يكونان رافعين لاجتهاد نبي آخر وسنته فان ذاك بالنسبة الى قوم وهذا بالنسبة الى قوم آخرين فان كان اختلاف الحكمين بالنسبة الى كافة الانام او بالنسبة الى قوم واحد فهو نسخ البتة كما ان الحكم في شريعتنا بالنسبة الى كافة الانام والحكم الثاني ناسخ للحكم الاول فسنة نبينا عليه و على آله الصلوات و التسليمات اللاحقة تكون ناسخة لسنته السابقة ولا يجوز نسخ هذه الشريعة بعد نزول عيسى على نبينا و على الصلاة و السلام ومتابعته لهذه الشريعة واتباعه لسنة نبينا عليه الصلاة و السلام (يكاد) ينكر علماء الظاهر ﻟﻤﺠتهداته على نبينا وعليه الصلاة و السلام من كمال الدقة وغموض المأخذ ويزعموﻧﻬا مخالفة للكتاب والسنة ومثل روح اللّه مثل الامام الاعظم الكوفي فانه ببركة الورع والتقوى وبدولة متابعة السنة نال في الاجتهاد والاستنباط درجة عليا بحيث يعجز الآخرون عن فهمه ويزعمون مجتهداته بواسطة دقة المعاني مخالفة للكتاب والسنة ويظنونه واصحابه اصحاب الرأي كل ذلك لعدم الوصول الى حقيقة علمه ودرايته وعدم الاطلاع على فهمه وفراسته الا ان الامام الشافعي وجد نبذة من دقة فقاهته عليهما الرضوان حيث قال الناس كلهم عيال في الفقه لابي حنيفة فويل لقاصري النظر على جرائتهم حيث ينسبون قصورهم الى الغير (شعر): لو عاﺑﻬم قاصر طعنا ﺑﻬم سفها * برأت ساحتهم عن افحش الكلم هل يقطع الثعلب المحتال سلسلة * قيدت ﺑﻬا اسد الدنيا بأسرهم ويمكن ان يكون ما قاله الخواجه محمد پارسا قدس سره في الفصول الستة من ان عيسى على نبينا وعليه الصلاة و السلام يعمل بعد الترول بمذهب الامام ابي حنيفة بواسطة هذه المناسبة التي له رضي اللّه عنه بحضرة روح اللّه عليه السلام يعني ان اجتهاد روح اللّه يكون موافقا لاجتهاد الامام الاعظم لا انه يقلد مذهبه فان شأنه عليه السلام أعلى وأجل من ان يقلد علماء الامة ونقول من غير شائبة تكلف وتعصب ان نورانية المذهب الحنفي ترى وتظهر في النظر الكشفي كالبحر العظيم[ ١] ( ١ ) هذا قريب مما ذكره الشعراني في أوائل ميزانه منه عفي عنه. وسائر المذاهب تظهر مثل الحياض والجداول واذا لوحظ في الظاهر ايضا يوجد السواد الاعظم من اهل الاسلام متابعين لابي حنيفة عليه الرحمة والرضوان وهذا المذهب مع كثرة متابعيه ممتاز عن سائر المذاهب في الاصول والفروع وله في الاستنباط طريق على حدة وهذا المعنى منبئ عن الحقيقة (و العجب) ان الامام ابا حنيفة اسبق قدما من الكل في تقليد السنة ويعتقدون الاحاديث المرسلة كالاحاديث المسندة مستحقة للمتابعة ويقدمها على رأيه وكذلك يقدم قول الصحابة على رأيه بواسطة نيلهم شرف صحبة خير البشر عليه وعليهم الصلوات و التسليمات والآخرون ليسوا كذلك ومع ذلك يزعمه المخالفون صاحب رأي وينسبون اليه الفاظا تنبئ عن سوء الادب مع ان الكل معترفون لكمال علمه ووفور ورعه وتقواه رزقهم اللّه سبحانه التوفيق لئلا يؤذوا رأس الدين ورئيس اهل الاسلام والسواد الاعظم من المسلمين يريدون ان يطفؤا نور اللّه بأفواههم والذين يقولون لهؤلاء الاكابر اصحاب الرأي فان اعتقدوا اﻧﻬم يحكمون برأيهم لا يتبعون الكتاب والسنة يكون السواد الاعظم من اهل الاسلام بزعمهم الفاسد ضالين مبتدعين بل يكونون خارجين من زمرة اهل الاسلام ولا يعتقد ذلك الاجاهل ليس له خبر عن جهله او زنديق مقصوده ابطال شطر الدين وما اعظم جهالة ناقص جمع احاديث معدودة وجعل احكام الشريعة منحصرة فيها وطفق ينفي ما وراء معلومه ويجعل ما لم يثبت عنده منفيا (شعر): و ليس لشئ كامن جوف صخرة * سواها سموات لديه ولا ارض ويل لهم الف مرة على تعصباﺗﻬم الباردة وانظارهم الفاسدة فان باني الفقه هو ابو حنيفة وقد سلموا له في ثلاثة أرباع الفقه واشترك الباقون في الربع الباقي وهو صاحب البيت في الفقه وغيره كلهم عيال له ومع وجود التزام هذا المذهب كان لي مع الامام الشافعي محبة ذاتية واعتقده عظيما ولهذا اقلد مذهبه في بعض الاعمال النافلة ولكن ماذا اصنع اجد الآخرين في جنب الامام ابي حنيفة مع وجود وفور العلم وكمال التقوى كالاطفال والامر الى اللّه سبحانه المتعال (ولنرجع) الى اصل الكلام فنقول قد سبق ان اختلاف الاحكام الاجتهادية ليست بمستلزمة للنسخ وان صدر ذلك الاختلاف من نبي بخلاف الاختلاف الواقع في احكام الكتاب والسنة فانه موجب للنسخ كما مر تحقيقه ايضا فتقرر ان المعتبر في اثبات الاحكام الشرعية هو الكتاب والسنة وقياس اﻟﻤﺠتهدين واجماع الامة ايضا مثبتان للاحكام وبعد هذه الادلة الاربعة الشرعية لا يكون شئ من الدليل مثبتا للاحكام اصلا لا يكون الالهام مثبتا للحل والحرمة ولا كشف ارباب الباطن للفرض والسنة وارباب الولاية الخاصة مساوية لعامة المؤمنين في تقليد اﻟﻤﺠتهدين لا يوجبهم الكشوف والالهامات مزية على غيرهم في ذلك ولا يخرجهم عن ربقة التقليد فيما هنالك وذو النون والبسطامي والجنيد والشبلي مساوون لزيد وعمرو وبكر وخالد الذين هم من عوام المؤمنين في تقليد اﻟﻤﺠتهدين في الاحكام الاجتهادية نعم ان مزية هؤلاء الاكابر في امور أخرى وهم اصحاب الكشوف والمشاهدات وهم ايضا ارباب التجليات والظهورات قد انقطعوا بواسطة استيلاء محبة المحبوب الحقيقي عما سواه جل سلطانه وعتقوا عن رؤية الغير وادراك الغيرية فان كان لهم حاصل فهو هو سبحانه وان كانوا واصلين فاليه تعالى وهم في العالم بلا عالم ومع انفسهم بلا انفسهم فان عاشوا يعيشون لاجله وان ماتوا يموتون لاجله ومبتديهم يشاهد المطلوب بواسطة غلبة المحبة في مرآة كل ذرة من ذرات العالم ويجد كل ذرة جامعا لجميع الكمالات الاسمائية والصفاتية فما ابدى من علامات منتهيهم فاﻧﻬم لا علامة لهم واول قدمهم نسيان السوى فما اظهر من قدمهم الثاني فانه في خارج الآفاق والانفس والالهام لهم والكلام معهم اكابرهم يأخذون العلوم والاسرار من الاصل بلا توسط وكما ان اﻟﻤﺠتهد تابع لرأيه واجتهاده هم ايضا تابعون في المعارف والمواجيد لالهامهم وفراستهم كتب حضرة الخواجه محمد پارسا قدس سره ان روحانية الخضر على نبينا وعليه الصلاة و السلام متوسطة في افاضة العلوم اللدنية والظاهر ان هذا الكلام بالنسبة الى الابتداء والتوسط ومعاملة المنتهى شئ آخر كما يشهد به الكشف الصريح (ويؤيد) هذا التحقيق ما نقل عن الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس اللّه تعالى سره من انه كان يوما يبين العلوم والمعارف على رأس المنبر فمر عليه الخضر في ذلك الاثناء فقال له الشيخ أيها الاسرائيلي تعال اسمع كلام المحمدي[ ١] ( ١ ) نقل أن الخضر جاء مترل المظهر الشهيد وقال له ماذا تريد فقال له المظهر الشهيد لا حاجة لي اليك فان شيخي السيد يكفيني في كلما أريد منه عفي عنه يفهم من عبارة الشيخ هذه ان الخضر ليس من المحمديين بل من الملل السابقة فاذا كان كذلك كيف يكون واسطة للمحمديين (فتحقق) ان العلوم والمعارف شئ آخر ما وراء الاحكام الشرعية واهل اللّه مخصوصون ﺑﻬا وان كانت تلك المعارف ثمرات هذه الاحكام ونتائجها (و المقصود) من غرس الاشجار حصول الثمار وما دامت الاشجار قائمة الثمار متوقعة فاذا تطرق الخلل الى أصل الاشجار فقد انعدم الاثمار وما أعظم حماقة من يقلع الشجر ويتوقع الثمر وكلما يحسن تربية الاشجار يحصل منها جيد الاثمار أكثر واوفر والثمرة وان كانت مقصودة ولكنها فرع شجرة (فينبغي) ان يقيس ملتزم الشريعة والمداهن في الشريعة على هذا المعنى فالذي فيه التزام الشريعة فهو صاحب معرفة وكلما كان الالتزام أكثر تكون المعرفة أوفر والذي هو مداهن لا نصيب له من المعرفة وما فيه منها بزعمه الفاسد بالفرض وان لم يكن شيئا في الحقيقة فهو من قبيل الاستدراج الذي فيه شركة للجوكية والبراهمة كل حقيقة ردته الشريعة فهي زندقة والحاد فيجوز ان يفهم خواص اهل اللّه في معارف تتعلق بذاته وصفاته وافعاله تعالى بعض الاسرار والدقايق التي ظاهر الشريعة ساكت عنها وان يجدوا الاذن وعدم الاذن منه تعالى في الحركات والسكنات وان يعرفوا مرضيه وغير مرضيه سبحانه وكثيرا ما يجدون اداء بعض العبادة النافلة غير مرضي ويكونون مأذونين بتركه ويفهمون أحيانًا اولوية النوم من اليقظة الاحكام الشرعية موقتة بالاوقات والاحكام الالهامية ثابتة في جميع الاوقات فاذا كان حركات هؤلاء الاكابر وسكناﺗﻬم مربوطة بالاذن تكون النوافل عند غيرهم فرائض عندهم مثلا الفعل الواحد نفل بالنسبة الى شخص بحكم الشريعة وفرض بالنسبة الى شخص آخر بحكم الالهام فالآخرون يؤدون النوافل احيانا ويرتكبون الامور المباحة احيانا وهؤلاء الاكابر لصدور افعالهم بامر المولى واذنه تكون افعالهم كلها من الفرائض والمستحب والمباح عند غيرهم فرض عندهم ليدرك علو شأن هؤلاء الاكابر من ههنا وعلماء الظاهر يخصون الاخبارات الغيبة في امور الدنيا بالانبياء عليهم الصلوات و التسليمات لا يشركون غيرهم في تلك الاخبارات وهذا المعنى مناف للوراثة ونفي لكثير من العلوم والمعارف الصحيحة التي تتعلق بالدين المتين نعم الاحكام الشرعية مربوطة بالادلة الاربعة لا مجال فيها للالهام ولكن الأمور الدينية وراء الاحكام الشرعية كثيرة والاصل الخامس فيها الهام بل يمكن ان يقال الاصل الثالث الهام وبعد الكتاب والسنة هذا الاصل قائم وثابت الى انقراض العالم فما تكون نسبة الآخرين لهؤلاء الاكابر وربما تصدر العبادة عن الآخرين وتكون غير مرضية وهؤلاء الاكابر يتركون العبادة في بعض الاحيان و يكون ذلك الترك مرضيا فكانت تركهم أفضل عند الحق جل وعلا من فعل غيرهم والعوام حاكمون بخلاف ذلك يعتقدون ذلك عابدا وهذا مكارا ومعطلا (فان قيل) لما كان الدين كاملا بالكتاب والسنة فما الحاجة بعد الكمال الى الالهام واي نقصان بقي حتى يتكامل بالالهما (اجيب) الالهام مظهر الكمالات الخفية للدين لا مثبت الكمالات الزائدة في الدين كما ان الاجتهاد مظهر للاحكام والالهام مظهر للدقائق والاسرار التي فهم أكثر الناس قاصر عنها وان كان بين الاجتهاد والالهام فرق واضح لكون ذلك مستندا الى الرأي وهذا الى خالق الرأي جل سلطانه فظهر في الالهام قسم من الاصالة ليس هو في الاجتهاد والالهام شبيه باعلام النبي الذي هو مأخذ السنة كما مر وان كان الالهام ظنيا والاعلام قطعيا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهئ لنا من امرنا رشدا و السلام على من اتبع الهدي |