٧٤ المكتوب الرابع والسبعون إلى المراز بديع الزمان فى التحريض على محبة الفقراء والتوجه إليهم وعلى اتباع صاحب الشريعة عليه الصلاة والسلام قد وردت الرقعة الشريفة والنميقة اللطيفة حمداً للّه سبحانه حيث يفهم من فحواه محبة الفقراء والتوجه إلى الدراويش التى هى رأس مال السعادة لأنهم جلساء اللّه سبحانه وهم قوم لا يشقى جليسهم ، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يستفتح بصعاليك المهاجرين ، وقال عليه الصلاة والسلام فى شأنهم " رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على اللّه لأبره " وقد اندرجت فى الصحيفة الشريفة فقرة خديو النشأتين وهذه لغة مخصوص إطلاقها بحضرة واجب الوجود جل سلطانه ، وكيف يسوغ لعبد مملوك لا يقدر على شئ أن يبتغى المشاركة باللّه جل شأنه بوجه من الوجوه ، وأن يسعى ويعدو فى طريق الاستقلال خصوصا فى النشأة الأخروية التى تختص فيها المالكية والملكية سواء كانت بطريق الحقيقة أو بطريق المجاز بمالك يوم الدين ، ويومئذ ينادى الحق سبحانه ويقول " لمن الملك اليوم " يقول فى جوابه بنفسه " للّه الواحد القهار " ، وليس للعباد فى ذلك اليوم شئ سوى الهول والدهشة والندم والحسرة وقد أخبر اللّه سبحانه فى القرآن المجيد عن شدة ذلك اليوم وغاية اضطراب الخلائق حيث قال تبارك وتعالى " إن زلزلة الساعة شئ عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب اللّه شديد " (شعر). عن الفعل لا قول بذا اليوم تسئل * قلوب ذوى الألباب تشوى وتذبل ويدهـش فيـه الأنبياء جميعهم * فما عذر ذنب فيـك أم كيف تفعل وبقية النصح أنه لابد من اتباع صاحب الشريعة عليه الصلاة والسلام والتحية ؛ فإن النجاة بدونه محال . وينبغى أن لا يلتفت إلى زخارف الدنيا وأن لا يعتنى بوجودها وعدمها فإن الدنيا مبغوضة اللّه سبحانه لا قدر لها عنده تعالى ، فينبغى أن يكون عدمها خيراً من وجودها عند العباد . وعدم وفائها وسرعة زوالها مشهورة بل مشهودة ، فاعتبروا بأبنائها الذين مضوا من قبل . وفقنا اللّه وإياكم لمتابعة سيد المرسلين عيه وعلى آله الصلاة والسلام . |