٩ ( باب الأنجاس والطهارة عنها ) باب الأنجاس والطهارة عنها قوله ( وكيفية تطهير محلها ) فإنها تارة تكون بالدلك وتارة بالمسح وغير ذلك قوله ( وقدمت الأولى الخ ) اعترض بالأقطع إذا كان مجروح الوجه فإنه يصلي بغير طهارة وأجيب بأنه نادر فلا يبنى عليه حكم واعترض أيضا بأن من به نجاسة وهو محدث إذا وجد ماء يكفي لأحدهما فقط يصرفه للنجاسة دون الحدث فهذا يدل على ان النجاسة أقوى وأجيب بأنه إنما أمر بصرفه للنجاسة ليتيمم بعده فيكون محصلا للطهارتين لا لأنها أغلظ قوله ( بزوالها ببقاء بعض المحل ) الجار الأول متعلق بالمشروط والثاني ببقاء المنع وقوله من غير إصابة متعلق ببقاء بعض المحل قوله ( بل الكثير للضرورة ) كما إذا كان بعورته نجاسة ولا يمكنه إزالتها إلا بكشفها عند من لا يجوز كشفها عنده فإنه يصلي بها ولو كانت كثيرة قوله ( جمع نجس بفتحتين ) ويأتي غيره كرجس وكتف وعضد وفاس والفعل من باب فرح وكرم وعلم ونصر قوله ( مستقذرة شرعا ) لو حذف قوله شرعا لكان أولى لأنه بصدد التعريف اللغوي والذي في المصباح وغيره انه استعمل لكل مستقذر قوله ( وأصله مصدر ) إن قيل إن المصدر لا يثنى ولا يجمع يستوي فيه المذكر والمؤنث كما في الآية وحديث الهرة انها ليست بنجس بفتح الجيم كما رواه مالك وأحمد وأصحاب السنن والدارمي فكيف ساغ جمعه للمصنف أجيب بأن هذا إذا كان المصدر باقيا على مصدريته لأن حقيقته واحدة لا تعدد فيها أما إذا قصد أنواعه كما هنا فيجوز جمعه قوله ( ثم استعمل إسما ) أي للعين المستقذرة قوله ( إنما المشركون نجس ) هذا دليل على المصدرية فالأولى تقديمه على قوله ثم استعمل اسما قوله ( ويطلق ) أي إطلاقا لغويا قوله ( فالنجس بالفتح اسم الخ ) فرق الفقهاء بين المفتوح والمكسور بأن الأول ما كان نجسا لذاته ولا يقال لما نجاسته عارضة والثاني ما لا يكون طاهرا فهو أعم مطلقا فالعذرة بالوجهين والثوب المتنجس بالكسر فقط قوله ( والتطهير إما إثبات الطهارة الخ ) قال في الشرح وعلى كلا التعريفين تكون النجاسة ثابتة أولا بالمحل سواء كانت حقيقية أو حكمية والإلزام إثبات الثابت على الأول أو إزالة المزال على الثاني اه بالمعنى قوله ( من عدم الإعتناء بشأنها ) بأن لا يحسن إزالتها وقوله والتحرز عطف على الإعتناء أي ومن عدم التحرز عن النجاسة أي عن إصابتها بأن يسبل ذيله فتصيبه النجاسة فالعطف حينئذ من عطف المغاير قوله ( خصوصا البول ) فإنه ورد فيه استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه وورد ان عذاب القبر من أشياء ثلاثة الغيبة والنميمة وعدم الاستنزاه من البول وقوله خصوصا مفعول مطلق والبول مفعول به أي أخص البول بأن عامة عذاب القبر منه خصوصا قوله ( وقد شرع في بيان حقيقتها ) فيه أنه لم يذكر هنا إلا بعض أفراد كل وسيأتي الكلام على الحقيقة عنده وعندهما قوله ( بما ليس في المغلظة ) متعلق بكثرة أي كثرة العفو بقدر ليس يعفى في المغلظة قوله ( لا في التطهير ) مستدرك بقوله قريبا لا في كيفية التطهير قوله ( لأنه لا يختلف تنجيسها ) أعاد ضمير الجمع للماء والمائعات باعتبار أفراد المائعات قوله ( كالخمر ) هي غليظة باتفاق الروايات لأن حرمتها قطعية وسماها اللّه تعالى رجسا وفي باقي الأشربة المحرمة ثلاث روايات التغليظ والتخفيف والطهارة كذا في البدائع وينبغي ترجيح التغليظ كما في البحر ورجح في النهر التخفيف قوله ( إذا غلى ) أي غليا شديدا بأن صار أسفله أعلاه وقوله واشتد أي أسكر وقوله وقذف بالزبد أي رمى رغوته وأزالها عنه وصار صافيا منها وهذا القيد الأخير إنما هو عند الأمام وأما عندهما فلا يشترط وعليه الفتوى قوله ( وكانت غليظة لعدم معارضة نص الخ ) الضمير يرجع إلى مطلق غليظة لا الخمر فقط لأن مقصوده التمييز بين الغليظة والخفيفة وحاصله ان الإمام رضي اللّه عنه قال ما توافقت على نجاسته الأدلة فمغلظ سواء اختلفت فيه العلماء وكان فيه بلوى أم لا وإلا فهو مخفف وقالا ما اتفق العلماء على نجاسته ولم يكن فيه بلوى فمغلظ وإلا فمخفف ولا نظر للأدلة قال في الكافي وتظهر فائدة الخلاف في الروث والخثى لوجود الاختلاف فيهما مع فقد تعارض النصين فإن قوله صلى اللّه عليه وسلم في الروث انه رجس أو ركس لم يعارضه نص آخر فيكون عند الإمام مغلظا وعندهما مخففا لقول مالك وابن أبي ليلى بطهارته ومن حجة الإمام ان النص إذا انفرد عن معارضة نص آخر تأكد حكمه فحديث الروث لم يعارضه الاختلاف والنص حجة والاختلاف ليس بحجة قال تعالى { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى اللّه والرسول } النساء ٤ فأمر برد الخلاف إلى الكتاب والسنة وهما اعتبرا الاجتهاد كالنص قال اللّه تعالى { فاعتبروا يا أولي الأبصار } آل عمران ٣ فكما ثبت التخفيف بالنص يثبت بالاجتهاد ثم لا فرق عند علمائنا الثلاثة بين روث مأكول اللحم وغيره فالكل مغلظ عند الإمام مخفف عندهما وعن محمد ان الروث طاهر لا يمنع وان فحش رجع إلى هذا القول حين قدم الري مع الرشيد ورأى بلوى الناس ومن ثم قال مشايخنا قياسا على هذه الرواية طين بخارى لا يمنع جواز الصلاة وإن كره ولو كان مخلوطا بالعذرات كما في الكافي وغاية البيان قوله ( مع خبر العرنيين الخ ) فإن قيل ان هذا الخبر منسوخ عنده فكيف تتحقق المعارضة أجيب بأن قوله بالنسخ اجتهاد ورأي ولم يقطع به فتكون صورة التعارض قائمة أفاده في الشرح قوله ( والدم المسفوح أي السائل من) أي حيوان إلى محل يلحقه حكم التطهير قهستاني والمراد أن يكون من شأنه السيلان فلو جمد المسفوح ولو على اللحم فهو نجس كما في منية المصلى وكذا ما بقي في المذبح لأنه دم مسفوح كما في ابن أمير حاج قوله ( لا الباقي في اللحم الخ ) لأنه ليس بمسفوح ولمشقة الإحتراز عنه قوله ( ودم الكبد والطحال ) أي فإنه طاهر للخبر سراج وظاهر التعليل أن الكلام في نفس الكبد والطحال فإن خبر أحل لنا ميتتان ودمان إنما هو في نفس الكبد والطحال وأما الدم الذي فيهما فإن لم يكن سائلا ففيه الخلاف الآتي قوله ( والقلب الخ ) في حاشية الأشباه للغزى دم قلب الشاة وما لم يسل من بدن الإنسان طاهر على المذهب المختار وهو قول أبي يوسف وقال محمد نجس اه والحاصل كما في الحلبي أن في نجاسة غير المسفوح اختلافا والذي مشى عليه قاضيخان وكثير أنه طاهر وليس فيه رواية صريحة عن الأئمة الثلاثة بل قد تؤخد الطهارة من عدم نقض الوضوء بالدم غير السائل وأن ما ليس بحدث ليس بنجس وأمر الاحتياط بعد ذلك غير خفي اه قوله ( ودم السمك في الصحيح ) وهو قول الإمام ومحمد لأنه أبيح أكله بدمه لأنه لا يذكي ولو كان نجسا لما أبيح أكله إلا بعد سفحه على أنه ليس بدم حقيقة لأنه يبيض بالشمس والدماء تسود بها وقال أبو يوسف والشافعي أنه نجس كما في السراج قوله ( ودم الشهيد في حقه ) أي ما دام عليه فلو حمله إنسان وصلى به جاز لأنه طاهر حكما ضرورة الأمر بترك غسله بخلاف ما إذا انفصل عنه فإنه نجس على أصل القياس لعدم الضرورة قوله ( لا السمك والجراد ) للخبر الوارد قوله ( وما لا نفس له سائلة ) أي ما لا دم له كالصرصر والعقرب فإن لحمه طاهر وإن كان لا يؤكل قوله ( وبول ما لا يؤكل لحمه ) شمل بول الحية فإنه مغلظ كخرئها كما في الحموي على الأشباه وقالوا مرارة كل شيء كبوله وبول الخفاش وخرؤه لا يفسد لتعذر الاحتراز عنه كما في الخانية قوله ( ولو رضيعا ) لم يطعم سواء كان ذكرا أو أنثى وفصل الإمام الشافعي رضي اللّه عنه فقال يجزىء الرش في بول الذكر ولا بد في بول الأنثى من الغسل قوله ( وبول الفأرة الخ ) اختلف المشايخ فيه فمنهم من اختار التفصيل الذي ذكره المؤلف وقال بعضهم لا يفسد أصلا وقال بعضهم يفسد إذا فحش والخلاف يظهر في التخفيف لا في سلب النجاسة كما في الخانية فما في الدر عن التتارخانية بول الفأرة طاهر لتعذر التحرز عنه وعليه الفتوى يحمل على العفو وفيه من مسائل شتى آخر الكتاب عن الخانية خرء الفأرة لا يفسد الدهن والماء والحنطة للضرورة ما لم يظهر أثره وعزاه في البحر إلى الظهيرية واختلف التصحيح في بول الهرة وقال الشيخ زين في قاعدة المشقة تجلب التيسير من الأشباه الفتوى على أن بول الهرة عفو في غير أواني الماء وهو قول الفقيه أبي جعفر قال في الفتح وهو حسن لعادة تخمير الأواني فلا ضرورة في ذلك بخلاف الثياب وهو مروي عن محمد فأنه قال في السنور يعتاد البول على الفراش بوله طاهر للضرورة وعموم البلوى قال في الفتح والحق صحة هذه الرواية اه قوله ( لأنه يخمر ) أي يغطي ومنه سمى الخمر خمرا والخمار خمارا لأنهما يغطيان العقل والرأس قوله ( من البهائم ) قيد به لأن رجيع سباع الطيور مخفف كما يأتي قوله ( والبط ) في البحر عن البزازية البط إن كان يعيش بين الناس ولا يطير في الهواء فكالدجاجة وإن كان بخلاف ذلك فكالحمامة وهذا يفيد أن خرء الأوز العراقي طاهر كالحمام قوله ( والأوز ) هي رواية الحسن عن الإمام وفي رواية أبي يوسف عنه طاهر كذا في البدائع وأما ما يزرق في الهواء فما يؤكل كالحمام والعصفور فخرؤه طاهر وما لا يؤكل كالصقر والحدأة والرخم فخرؤه نجس مخفف اه قوله ( وما ينقض الوضوء بخروجه الخ ) يستثنى منه الريح فإنه طاهر على الصحيح والمراد الناقض الحقيقي فخرج نحو النوم والقهقهة فإنهما لا يوصفان بطهارة ولا نجاسة لكونهما من المعاني وأما ما لا ينقض كالقىء الذي لم يملأ الفم وما لم يسل من نحو الدم فطاهر على الصحيح وقيل ينجس المائعات دون الجامدات ويستثنى قيء عين الخمر فإنه نجس ولو كان قليلا فرع غسالة النجاسة في المرات الثلاثة مغلظة في الأصح وإن كانت الأواني الأولى تطهر بالغسل ثلاثا والثانية بمرتين والثالثة بواحدة لأن الماء يأخذ حكمه عند وضعه فيه كما في البحر قوله ( ونجاستها ) أي الأشياء المذكورة من قوله كالخمر إلى هنا كما يعطيه كلامه في الشرح وفيه ان المني فيه خلاف الإمام الشافعي فإنه يقول بطهارته ويستند إلى دليل وهو اكتفاء النبي صلى اللّه عليه وسلم بفركه قوله ( لأنه مأكول ) خلاصة الجواب فيه كما ذكره فخر الإسلام في شرح الجامع الصغير أن الفرس مأكول اللحم في قولهم جميعا يعني عند أبي حنيفة أيضا وإنما كره للتنزيه أي التحامي عن قطع مادة الجهاد والكراهة لا تمنع الإباحة كأكل لحم البقرة الجلالة وقيل لتعارض الآثار في لحمه فإنه روي أنه صلى اللّه عليه وسلم نهى عن لحوم الخيل والبغال وروي انه عليه الصلاة والسلام أذن في لحم الخيل فهذا يوجب قولا في تخفيف بوله لأنه مأكول من وجه فلا يكون كبول الكلب والحمار كذا في البناية وأما شرب بوله ففيه الخلاف الذي في بول الإبل كما في البرهان وقيل يكره أكله تحريما قوله ( لأن روث الخيل ) الروث خرء ذي حافر والخثي بكسر الخاء المعجمة وسكون الثاء المثلثة خرء ذي ظلف والبعر خرء إبل وغنم ونحوها قوله ( وطهرها محمد آخرا ) لا تأخذ به كذا في القهستاني عن النظم وقد نقلوا أشياء حكموا عليها بالنجاسة وأطلقوا والظاهر أن المراد التغليظ عند الإطلاق كما في البحر قوله ( وجرة البعيرة كسر قينه ) لأنه واراه جوفه كما في الفتح قوله ( فكذا جرة البقر ) الأولى الإتيان بالواو قوله ( وأما دم السمك ) مستدرك بذكره في شرح قوله والدم المسفوح قوله ( في الأصح ) كذا في الهداية قوله ( وفي رواية طاهر وصححه السرخسي ) في مبسوطه وحافظ الدين في الحقائق فلو وقع في الماء لا يفسده وهو ظاهر الرواية كما في الحلبي عن قاضيخان قوله ( وعفي قدر الدرهم ) أي عفا الشارع عن ذلك والمراد عفا عن الفساد به وإلا فكراهة التحريم باقية إجماعا إن بلغت الدرهم وتنزيها إن لم تبلغ وفرعوا على ذلك ما لو علم قليل نجاسة عليه وهو في الصلاة ففي الدرهم يجب قطع الصلاة وغسلها ولو خاف فوت الجماعة لأنها سنة وغسل النجاسة واجب وهو مقدم وفي الثاني يكون ذلك أفضل فقط ما لم يخف فوت الجماعة بأن لا يدرك جماعة أخرى وإلا مضى على صلاته لأن الجماعة أقوى كما يمضي في المسئلتين إذا خاف فوت الوقت لأن التفويت حرام ولا مهرب من الكراهة إلى الحرام أفاده الحلبي وغيره قوله ( وهو قدر مقعر الكف ) أصله أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب سئل عن قليل النجاسة في الثوب فقال إذا كان مثل ظفري هذا لا يمنع جواز الصلاة حتى تكون أكثر منه وظفره كان مثل المثقال قوله ( كما وفقه الهندواني ) أي بين قولي من اعتبر الوزن مطلقا ومن اعتبر المساحة مطلقا وهما روايتان قوله ( وهو الصحيح ) صححه الزيلعي وغيره وأقره عليه في الفتح واختاره العامة لأن إعمال الروايتين إذا أمكن أولى خصوصا مع مناسبة هذا التوزيع كذا في البحر قوله ( فذلك عفو الخ ) أي فلكون الصحيح ما ذكر عفي الدرهم الوزني من النجاسة المغلظة قوله ( وعفي ما دون ربع الثوب ) لم أر من بين الكراهة فيما إذا كان أقل من الربع هل تكون تحريمية أو تنزيهية قوله ( ربع الثوب الكامل ) هو المختار كما في الدر عن الحلبي وقال في المبسوط وهو الأصح قوله ( لقيام الربع مقام الكل ) علة لمحذوف أي ولا يعفى الربع لقيامه مقام الكل في مسائل كمسح الخ فهو تمثيل لمحذوف قوله ( وحلقه ) يعني إذا حلق ربع رأسه وهو محرم وجب عليه دم ويحل منه بحلقه قوله ( وقيل ربع الموضع المصاب ) والأول أولى لإفادة حكم البدن والثوب ولأن ربع المصاب ليس كثيرا فضلا عن أن يكون فاحشا ولضعف هذا القول لم يعرج عليه في الفتح كما في النهر وإن قال في الحقائق وعليه الفتوى كما في الدر قال الكمال والذي يظهر أن الأول أحسن غير أن ذلك الثوب إن كان شاملا اعتبر ربعه وإن كان أدنى ما تجوز فيه الصلاة اعتبر ربعه لأنه كثير بالنسبة إلى الثوب المصاب اه قوله ( وعفى رشاش بول ) انتضح على بدن أو ثوب أو مكان كما أفاده مسكين وخرج بذلك الماء القليل فإنه يفسده حتى لو سقط ذلك الثوب مثلا فيه نجسه وقيل لا لأنه لما سقط اعتبار هذه النجاسة عم الثوب والماء والأول أصح لأن سقوط اعتبارها كان للحرج ولا حرج في الماء كما في الحلبي عن الكفاية وروى المعلى في نوادره عن أبي يوسف أنه إن كان يرى أثره لا بد من غسله قوله ( كرؤوس الإبر ) بكسر ففتح جمع إبرة كسدرة وسدر وفي التقييد بها إشارة إلى أنه لو كان مثل رؤوس المسال منع بلا خلاف قوله ( للضرورة ) لأنه لا يمكن الإحتراز عنه لا سيما في مهب الريح فسقط اعتباره وقد سئل ابن عباس رضي اللّه عنهما عن هذا فقال إنا لنرجو من اللّه تعالى أوسع من هذا كما في السراج قوله ( لا ينجسه ) سواء كان الماء جاريا أو راكدا لأن الغالب أن الرشاش المتصاعد من صدم شيء للماء إنما هو من أجزاء الماء لا من أجزاء ذلك الشيء فيحكم بالغالب ما لم يظهر خلافه قوله ( من غسالة الميت ) أي مطلقا ولو كان على بدنه نجاسة كما في الفتح قوله ( تنجس ما أصابته ) هذا بناء على القول بأن نجاسته نجاسة خبث وأما على القول بأنها نجاسة حدث وتيقن طهارة بدنه من خبث فغسالته طاهرة قوله ( وإذا انبسط الدهن النجس الخ ) ولا يعتبر نفوذ المقدار إلى الوجه الآخر إذا كان الثوب واحدا لأن النجاسة حينئذ واحدة في الجانبين فلا تعتبر متعددة بخلاف ما إذا كان ذا طاقين لتعددهما فيمنع وعلى هذا فرع المنع فيما لو صلى مع درهم متنجس الوجهين لعدم نفوذ ما في أحد وجهيه إلى الآخر فلم تكن متحدة ثم إنما يعتبر المنع إذا كان مضافا إليه فلو جلس صبي عليه نجاسة في حجر مصل وهو يستمسك أو الحمام المتنجس على رأسه جازت صلاته لأنه الحامل للنجاسة غيره بخلاف ما لو حمل من لا يستمسك حيث يصير مضافا إليه فلا يجوز في كما في الفتح قوله ( ولو مشي في السوق الخ ) قال في المنح عن أبي نصر الدبوسي طين الشوارع ومواطن الكلاب طاهر وكذا الطين المسرقن إلا إذا رأى عين النجاسة قال رحمه اللّه تعالى وهو الصحيح اه أي من حيث الدراية وقريب من حيث الرواية عن أصحابنا رضي اللّه عنهم وفي الدر المختار وغيره وعفى طين شارع ومواطن كلاب وبخار نجس وغبار سرقين وانتضاح غسالة لا تظهر مواقع قطرها في الماء اه وظاهر ذلك ان العفو مصحح خلافا لما تفيده عبارته فإنه حكاه بقيل قوله ( وردغة الطين ) الردغة محركة وتسكن الماء والطين والوحل الشديد والجمع كصحب وخدم قاموس وفيه الوحل ويحرك الطين الرقيق اه فالمراد بالردغة في كلامه ما هو بالمعنى الأول وهو الماء والطين فإنه أعم من الوحل لأنه الطين الرقيق فلا يقال له وحل إلا إذا امتزج بخلاف الردغة وليحرر قوله ( من عرق نائم ) قيد اتفاقي فالمستيقظ كذلك كما يفهم من مسألة القدم ولو وضع قدمه الجاف الطاهر أو نام على نحو بساط نجس رطب إن إبتل ما أصاب ذلك تنجس وإلا فلا ولا عبرة بمجرد النداوة على المختار كما في السراج عن الفتاوى قوله ( عليهما ) أي على من نام على الفراش أو التراب النجسين قوله ( أو كان من بلل قدم الخ ) أي كان ابتلال الفراش أو التراب الخ قوله ( لوجودها بالأثر ) أي لوجود النجاسة بوجود أثرها في جنب النائم أو قدمه قوله ( فلا ينجسان ) أي البدن والقدم قوله ( كما لا ينجس ثوب جاف طاهر ) اعلم أنه إذا لف طاهر في نجس مبتل بماء واكتسب منه شيئا فلا يخلو إما ان يكون كل منهما بحيث لو انعصر قطر وحيئنذ ينجس الطاهر اتفاقا أو لا يكون واحد منهما كذلك وحيئنذ لا ينجس الطاهر إتفاقا أو يكون الذي بهذه الحالة الطاهر فقط وهو أمر عقلي لا واقعي أو النجس فقط والأصح عند الحلواني فيها أن العبرة بالطاهر المكتسب فإن كان بحيث لو انعصر قطر تنجس وإلا لا ويشترط أن لا يكون الأثر ظاهرا في الطاهر وأن لا يكون النجس متنجسا بعين نجاسة بل بمتنجس كما في شرح المنية وارتضى المصنف قول بعض المشايخ تبعا لصاحب البرهان أن العبرة للنجس قوله ( مرئية كدم ) المرئية ما يرى بعد الجفاف وغير المرئية ما لا يرى بعده كذا في غاية البيان قوله ( بزوال عنها ) مقيد بما إذا صب الماء عليها أو غسلها في الماء الجاري فلو غسلها في إجانة يطهر بالثلاث إذا عصر في كل مرة كذا في الخلاصة ذكره السيد واعلم أن ما يبقى في اليد من البلة بعد زوال عين النجاسة طاهر تبعا لطهارة اليد في الاستنجاء بطهارة المحل وعروة الإبريق بطهارة اليدين وخف المستنجي إذا كان ما استنجى به يجري عليه قوله ( رطبات ) لعله قيد اتفاقي فإن اليابس يجتذب الرطوبة أكثر من الرطب وقد يقال إن الرطب يلين بعض ما تجمد من الدم ويحرر قوله ( والمشقة الخ ) أفاد في النهر أن الأثر إذا توقف زواله على تسخين الماء وغليه لا يلزمه ذلك ويكتفي بالبارد وإن بقي الأثر قوله ( فالثوب المصبوغ الخ ) تفريع على المصنف قوله ( ولا يضر أثر دهن متنجس على الأصح ) من هذا الفرع يعلم حكم الصابون إذا تنجس فإنه إذا غسل زالت النجاسة المجاورة وبقي طاهرا وقال بعض العلماء من غير أهل المذهب أنه لا يطهر أبدا قوله ( ورفعه عنه ثلاثا ) أو يوضع في إناء مثقوب ثم يصب عليه الماء فيعلو الدهن ويحركه ثم يفتح الثقب إلى أن يذهب الماء وهذا إذا كان مائعا وأما إذا كان جامدا فيقور قوله ( والعسل ) مثله الدبس كما في الشرح قوله ( يصب عليه الماء ) أطلقه فشمل ما إذا كان الماء قدره أولا وبعضهم قيده بالأول قوله ( وقيل يحرق الجديد ) ذكره في النوازل وذكر الأول صاحب الحاوى قال بعض الأفاضل ولا مناقضة بينهما لأنهما طريقان للتطهير قوله ( ويغسل القديم ) أي يطهر بالغسل ثلاثا جفف أو لا لأن النجاسة على ظاهره فقط فصار كالبدن قال الكمال ينبغي تقييد القديم بما إذا كان رطبا وقت تنجسه أما لو ترك بعد الإستعمال حتى جف فهو كالجديد لأنه يشاهد اجتذابه الرطوبة وفي البحر عن الحاوي القدسي إلأواني ثلاثة أنواع خزف وخشب وحديد ونحوها وتطهيرها على أربعة أوجه حرق ونحت ومسح وغسل فإذا كان الإناء من خزف أو حجر أو كان جديدا ودخلت النجاسة في أجزائه يحرق وإن كان عتيقا يغسل وإن كان من خشب وكان جديدا ينحت وإن كان قديما يغسل وإن كان من حديد أو صفر أو رصاص أو زجاج وكان صقيلا يمسح وإن كان خشنا يغسل اه من السيد قوله ( حتى نضج لا يطهر ) أي أبدا قوله ( وقيل يغلى ثلاثا ) هو قول أبي يوسف والفتوى على أنه لا يطهر أبدا وهو قول أبي حنيفة ذكره الشرح فيما إذا طبخت الحنطة بخمر قوله ( وعلى هذا الدجاج الخ ) يعني لو ألقيت دجاجة حال غليان الماء قبل أن يشق بطنها لتنتف أو كرش قيل أن يغسل إن وصل الماء إلى حد الغليان ومكثت فيه بعد ذلك زمانا يقع في مثله التشرب والدخول في باطن اللحم لا تطهر أبدا إلا عند أبي يوسف كما مر في اللحم وان لم يصل الماء إلى حد الغليان أو لم تترك فيه إلا مقدار ما تصل الحرارة إلى سطح الجلد لإنحلال مسام السطح عن الريش والصوف تطهر بالغسل ثلاثا كما حققه الكمال قوله ( مرات ) متعلق بتمويه يعني أن السكين المموهة بالماء النجس تموه بالماء الطاهر ثلاث مرات اه من الشرح قوله ( ويتجه مرة لحرقه ) أي لو قيل يكفي التمويه مرة لكان وجيها لأن النار تزيل أجزاء النجاسة بالكلية والتكرار يزيل الشبهة اه من الشرح قوله ( وقبل التمويه يطهر ظاهرها ) فيؤكل بطيخ قطع بها ولا تصح صلاة حاملها إتفاقا ومعنى تمويهها بالماء الطاهر ثلاثا أدخالها النار حتى تصير كالجمر ثم تطفأ في الماء الطاهر ثلاث مرات مع التجفيف قوله ( والاستحالة تطهر الأعيان النجسة ) هو قول محمد ورواية عن الإمام وعليه أكثر المشايخ وهو المختار في الفتوى وقال أبو يوسف لا تكون مطهرة لأن الباقي أجزاء النجاسة قوله ( والبلة النجسة الخ ) جعل الكمال الإحراق بالنار من قسم الاستحالة وتبعه المصنف والمسألة مقيدة بأن تأكل حرارة النار البلة قبل الصاق الخبز بالتنور وإلا تنجس كما في الخلاصة قوله ( به ) أي بالإحراق قوله ( والزيت الخ ) مثله ما إذا في وقع في المصبنة وزالت أجزاؤه قوله ( والعصر كل مرة ) ويبالغ في المرة الثالثة حتى ينقطع التقاطر والمعتبرة قوة كل عاصردون غيره كما في الفتح فلو كان بحيث لو عصره غيره قطر طهر بالنسبة إليه دون ذلك الغير كما في الدر ولو لم يصرف قوته لرقة الثوب قيل لا يطهر وهو اختيار قاضي خان وقيل يطهر للضرورة وهو الأظهر كما في البحر والنهر قوله ( تقدير الغلبة الظن ) أي بالغسل ثلاثا والعصر كذلك لسكنه ليس بتقدير لازم عندنا وإنما العبرة لغلبة الظن ولو بما دون الثلاث كما في غاية البيان وبه يفتي كما في البحر عن منية المصلي حتى لو جرى الماء على ثوب نجس وغلب على ظنه أنه طهر جاز استعماله وإن لم يكن ثم غسل ولا عصر كما في التبيين والبناية وفي السراج اعتبار غلبة الظن مختار العراقيين والتقدير بالثلاث مختار البخاريين والظاهر الأول أن لم يكن موسوسا وإن كان موسوسا فالثاني كذا في البحر ثم العبرة لغلبة ظن الغاسل لأنه هو المباشر إلا ان يكون الغاسل غير مميز فيعتبر فيه ظن المستعمل لأنه هو المحتاج إليه كما في التبيين قوله ( في ظاهر الرواية ) يرجع إلى العصر كل مرة وقوله وفي رواية أي عن محمد قوله ( ووضعه في الماء الجاري الخ ) يعني اشتراط الغسل والعصر ثلاثا إنما هو إذا غمسه في إجانة أما إذا غمسه في ماء جار حتى جرى عليه الماء أو صب عليه ماء كثيرا بحيث يخرج ما أصابه من الماء ويخلفه غيره ثلاثا فقد طهر مطلقا بلا اشتراط عصر وتجفيف وتكرار غمس هو المختار والمعتبر فيه غلبة الظن هو الصحيح كما في السراج ولا فرق في ذلك بين بساط وغيره وقولهم يوضع البساط في الماء الجاري ليلة إنما هو لقطع الوسوسة قوله ( إذا وضعه فيه ) أي في الماء الجاري ومثله ما ألحق به كالكثير كما لا يخفى قوله ( وما تصيبه ) أي المياه قوله ( والثانية ) أي والإناء الثاني أي وما يصيبه ماؤه وكذا يقال فيما بعده قوله ( على المختار ) وفي الظهير به يغسله كله قال الكمال وهو الاحتياط وبه جزم المصنف في حاشية الدرر قال في النهر وينبغي أن يكون البدن كالثوب قوله ( والبدن في الصحيح ) وعن أبي يوسف لا يجوز في البدن بغير الماء لأنها نجاسة يجب إزالتها عن البدن فلا تزول بغير الماء كالحدث قوله ( طاهر على الأصح ) فلا يزول بمزيل نجس كالخمر لأن الطهارة والنجاسة ضدان والشيء لا يثبت بضده فما يزيد النجس النجس إلا خبثا خلافا للتمرتاشي في قوله أنه لو غسل المغلظة بمخففة يزول حكم التغليظ قوله ( لعدم خروجه بنفسه ) أي فكيف يخرج النجاسة قوله ( ولو مخيضا ) أي منزوع الدسم قوله ( وروي عن أبي يوسف الخ ) هو خلاف ظاهر الرواية عنه كما في البحر قوله ( ثلاث مرات ) متعلق برضعه وقوله بريقه أي بسبب ريقه وهو متعلق بيطهر قوله ( وفم شارب الخمر ) لا شاربه إذا كان طويلا إنغمس في المسكر قوله ( وبلعه ) ليس له محترز قوله ( ولحس الأصبع ثلاثا ) أي مع تردد ريقه فيه بعد الأولى ثلاثا وبعد الثانية مرتين ويطهر فمه بعد الثالثة بمرة على قياس ما تقدم فيما إذا غسل النجس في إجانة قوله ( ويطهر الخف ونحوه ) أي بشرط ذهاب الأثر إلا ان يشق قوله ( وبالدلك ) صرح الإمام محمد في الجامع بأنه لو حكه أوحت ما يبس طهر قال المشايخ لولا ما في الجامع لشرطنا المسح بالتراب لأن له أثرا في الطهارة قوله ( من نجاسة لها جرم ) الفاصل بين ذي الجرم وغيره أن ما يرى بعد الجفاف كالعذرة والدم ذو جرم ومالا فلا كذا في التبيين واحترز به عن غير ذي الجرم فإنه يغسل إتفاقا لأن البلل دخل في أجزائه ولا جاذب له في ظاهره فلا يخرج إلا بالغسل والمني من ذي الجرم ذكره العيني قوله ( على المختار للفتوى ) وشرط الإمام الجفاف إذ المسح يكثر الرطب ولا يطهره قوله ( الأذى ) أي النجس أطلقه عليه لأنه يؤذي فهو من إطلاق المصدر وإرادة إسم الفاعل قوله ( فطهورهما التراب ) بفتح الطاء ليصح الأخبار قوله ( أو قذرا ) المراد به فيما يظهر المستقذر غير النجس كنحو مخاط قوله ( وليصل فيهما ) دليل على استحباب الصلاة في النعال الطاهرة وهو منصوص عليه في المذهب قوله ( إحترازا عن الثوب ) فلا يطهر بالدلك لأن أجزاءه متخللة فيتداخله كثير من أجزائها قوله ( واحترازا عن البدن ) فإن لينه ورطوبته تمنع من إخراج النجاسة بالدلك قوله ( إلا في المني ) فإنه يطهر بالفرك قوله ( ونحوه ) من كل صقيل لا مسام له فخرج بالأول الحديد إذا كان عليه صدأ أو منقوشا فإنه لا يطهر إلا بالغسل وخرج بالثاني الثوب الصقيل لوجود المسام قوله ( ويحصل بالمسح حقيقة التطهير الخ ) أشار به إلى الخلاف في طهارة الصقيل بالمسح فقيل مطهر وقيل مقلل وفائدة الخلاف تظهر فيما ذكره المصنف وهذا الخلاف يجري في المني إذا فرك والأرض إذا جفت وجلود الميتة إذا دبغت دباغة حكمية والبئر إذا غارت ثم عاد ماؤها والآجر المفروش إذا تنجس وجفت نجاسته ثم قلع كذا في الشرح قوله ( واختاره الاسبيجابي ) وهوالأولى بالاعتبار لإطلاق المتون ولا يخفى الاحتياط قوله ( على المختار للفتوى ) وقيل طريقه أن يمسحه بثوب مبلول ذكره السيد أي يمسح النجس اليابس قوله ( وإذا ذهب أثر النجاسة عن الأرض ) المراد بالأرض ما يشمله إسم الأرض كالحجر والحصى والآجر واللبن ونحوها إذا كانت متداخلة في الأرض غير منفصلة عنها وإن لم تكن كذلك فلا بد من الغسل ولا تطهر بالجفاف لأنها حينئذ لا تسمى أرضا عرفا ولذا لا تدخل في بيع الأرض حكما لعدم اتصالها بها على جهة القرار فلا تلحق بها كما في القهستاني ومنية المصلي وشرحيها للحلبي وابن أمير حاج إلا انهم أطلقوا في الحصى فلم يقيدوه بالاتصال وفي الخانية الحجر إذا كان يتشرب النجاسة كحجر الرحى يطهر بالجفاف كالأرض وإن كان لا يتشرب يعني كالرخام لا يطهر إلا بالغسل وحمل الحلبي هذا التفصيل في الحجر المنفصل الذي ينقل ويحول وعليه مشى صاحب الدر حيث قال فالمنفصل يغسل لا غير إلا حجرا خشنا كرحى فكارض اه قوله ( وقد جفت ) يقال جف الثوب يجف بالكسر جفوفا ويجف بالفتح لغة إذا كان مبتلا فيبس وفيه ندى فإن يبس كل اليبس يقال قف كما في الصحاح وغيره والمراد هنا الثاني كما يؤخذ مما يأتي عن القهستاني قوله ( ولو بغير الشمس ) كنار وريح وظل وتقييد الهداية بالشمس اتفاقي وإذا أراد تطهيرها عاجلا ففيه تفصيل إن كانت رخوة تتشرب الماء فإنه يصب عليها الماء حتى يغلب على ظنه أنها طهرت ولا توقيت في ذلك وإن كان صلبة إن كانت منحدرة حفر في أسفلها حفرة وصب عليها الماء فإذا اجتمع الماء في تلك الحفرة كبسها أعني تلك الحفرة بالتراب وإن كانت مستوية صب عليها الماء ثلاث مرات وجففت كل مرة بخرقة طاهرة وكذا لو صب عليها الماء بكثرة حتى لا يظهر أثر النجاسة وكذا لو قلبها بجعل الأعلى أسفل وعكسه أو كبسها بتراب ألقاه عليها فلم يوجد ريح النجاسة طهرت قوله ( لاشتراط الطيب نصا ) وهو الطهور أي ولم يوجد وذلك لأنها قبل التنجس كان الثابت لها وصفين الطاهرية والطهورية فلما تنجست زال عنها الوصفان وبالجفاف ثبت لها الطاهرية وبقي الآخر على ما كان عليه من زواله فلا يجوز التيمم بها قوله ( لا يبسه عن رطوبته ) ظاهره أنه يكفي فيها الجفاف مع بقاء النداوة وليس كذلك قال القهستاني والأحسن التعبير بالجفاف أي ذهاب النداوة فإنه المشروط إلا أن يقال مراده أنه لا يشترط جفاف رطوبة الشجر بل جفاف رطوبة النجاسة قوله ( وذهاب أثرها ) عطف على قوله بجفافه قوله ( تبعا للأرض ) يلحق بما ذكر في هذا الحكم كل ما كان ثابتا فيها كالحيطان والخص بالخاء المعجمة وهو حجيزة السطح وغير ذلك ما دام قائما عليها فيطهر بالجفاف وذهاب الأثر هو المختار اه قلت وهذا يقتضي أن نحو الأبواب المتصلة كذلك كذا بحثه بعض الأفاضل قوله ( وتطهر نجاسة استحالت عينها ) فيجوز الانتفاع بها وهذا قول محمد وهو المختار للفتوى لأن زوال الحقيقة يستتبع زوال الوصف وقال أبو يوسف لا تطهر قوله ( كالعصير ) هذا استدلال بثبوت النظير المتفق عليه قوله ( كالمسمى بالعرقي ) ويحد شاربه إذا سكر منه وهو نجس نجاسة مغلظة على ما ذكره العلامة الإسقاطي في كتاب الحظر من حاشيته على منلا مسكين قوله ( ويطهر المني ) ولو خالطه مذي لأن كل فحل يمذي ثم يمني فلا يمكن التحرز عنه فسقط حكمه وأطلق في المني فعم مني الآدمي وغيره وهو المذكور في الفيض وشرح النقاية للقهستاني وقيده السمرقندي بمني الآدمي كما نقله الحموي وهو المتبادر لأن الرخصة إنما وردت في مني الآدمي على خلاف القياس للضرورة ولا ضرورة في مني غيره فلا يصح الحاقه به مع أنه يدخل في مني غير الآدمي مني نحو الكلب قوله ( ولو مني امرأة ) وقال الفضلي منيها لا يطهر بالفرك لرقته قوله ( بفركه عن الثوب ) الفرك حكه باليد حتى يتفتت ولا يضر بقاء الأثر بعده نقله السيد عن النهر قوله ( ولو جديدا مبطنا ) رد به على الاتقاني في اشتراطه أن يكون غسيلا وعلى بعضهم في اشتراطه ان لا يكون مبطنا ومثل الثوب المكان في ظاهر الرواية وعن الإمام أن البدن لا يطهر منه بالفرك لرطوبته قوله ( إن لم يتنجس بملطخ خارج المخرج كبول ) فإن المني حينئذ لا يطهر بالفرك لعدم الضرورة وقيد بقوله بملطخ الخ لأنه لو بال ولم ينتشر البول على رأس الذكر بأن لم يتجاوز الثقب أو انتشر لكن خرج المني دفقا من غير أن ينتشر على رأس الذكر فإنه يطهر بالفرك لأنه لم يوجد سوى مروره على البول في مجراه ولا أثر لذلك في الباطن كما في التبيين والبحر وحكي الشرح والسيد ذلك بقيل فقالا وقيل لو بال ولم ينتشر بوله على رأس الذكر الخ قوله ( لقوله صلى اللّه عليه وسلم إلخ ) قال الكمال اللّه أعلم بصحته ومراده بهذا اللفظ وإلا فالمدعي ثابت بمعناه فقد ورد في الصحيحين عن عائشة رضي اللّه عنها أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولمسلم من وجه آخر عنها لقد رأيتني واني لأحكه من ثوب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يابسا بظفري وروى البزار والدارقطني عنها أيضا قالت كنت أفرك المني من ثوب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا كان يابسا وأغسله إذا كان رطبا وبقولنا قال مالك وأحمد في إحدى الروايتين وقال الشافعي وأحمد في رواية هو طاهر لا يجب غسله ولا يشكل على قولنا بنجاسته أنه أصل خلقة الإنسان لأن تكريمه يحصل بعد تطوره الأطوار المعلومة من المائية والعلقية والمضغية ولأن تخليقه في الأصل من شيء نجس ثم تشريفه بأنواع الكرامات أبلغ في المنة وإليه الإشارة بقوله تعالى { ألم نخلقكم من ماء مهين } المرسلات ٧٧ على أنا لو قلنا ان النجس ما لم يتخلق منه الإنسان لم يضرنا ونتخلص من قبح التلفظ بأن أصل خلقة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام نجس كما في الحلبي قوله ( ونظائره ) أي من كل ما حكم بطهارته بغير مائع كما في الدر قال وقد أنهيت المطهرات إلى نيف وثلاثين ونظمتها فقلت وغسل ومسح والجفاف مطهر ونحت وقلب العين والحفر يذكر ودبغ وتخليل ذكاة تخلل وفرك ودلك والدخول التغور تصرفه في البعض ندف ونزحها ونار وغلي غسل بعض تقور قوله ( وملاقاة الطاهر ) كالماء وقوله طاهرا مثله كالأرض إذا جفت ونظائره وقوله طاهر في بعض نسخ بالرفع فهو فاعل والإضافة من إضافة المصدر إلى مفعوله وفي نسخ بالنصب مفعول والإضافة من إضافة المصدر إلى فاعله فصل يطهر جلد الميتة قوله ( ولو فيلا ) هذا قولهما وقال محمد هو نجس العين كالخنزير لكونه حرام إلا كل غير منتفع به قوله ( لأنه صلى اللّه عليه وسلم الخ ) أي فهذا يدل على طهارة عظمه ولو كان كالخنزير لما امتشط صلى اللّه عليه وسلم بعظمه قال في الفتح وهذا الحديث يبطل قول محمد بنجاسة عين الفيل قوله ( من عاج ) قال في المحكم هو أنياب الفيل ولا يسمى غير الناب عاجا وقال الجوهري هو عظم الفيل الواحدة عاجة اه وهو ما جرى عليه المؤلف ويطلق العاج على الذيل وهو ظهر السلحفاة البحرية قاله الأصمعي ونقله صاحب المصباح وحمل عليه الشافعية ما ورد أنه كان لفاطمة رضي اللّه عنها سوار من عاج قوله ( لأنه ليس نجس العين في الصحيح ) وعليه الفتوى كما في البحر عن الوهبانية لأن ظاهر كل حيوان طاهر لا ينجس إلا بالموت ونجاسة باطنه في معدته فلا يظهر حكمها كنجاسة باطن المصلى نهر عن المحيط ونسبه بعضهم إلى الإمام والقول بالنجاسة إليهما وأثر الخلاف يظهر فيما لو صلى وفي كمه جرو صغير جازت على الأول لا الثاني وشرط الهندواني كونه مسدود الفم قوله ( بالدباغة ) بالكسر هي والدباغ والدبغ بالكسر ما يدبغ به والدباغة أيضا الصناعة قوله ( كالقرظ ) بالظاء المشالة وصحف من نطق بها ضادا الواحدة قرظة حب معروف يخرج في غلاف كالعدس من شجر العضاه قوله ( وهو ورق السلم ) فيه تسامح فإن الورق يسمى الخبط عندهم وهو يعلف به ولا يدبغ به قوله ( والشب ) بالباء الوحدة وهو من الجواهر التي أنبتها اللّه تعالى في الأرض يشبه الزاج قاله الأزهري والشث بالثاء المثلثة نبت طيب الرائحة مر الطعم يدبغ به قاله الجوهري ومن الدابغ الحقيقي الملح وشبهه من كل ما يزيل النتن والرطوبة كما في القهستاني زاد في السراج ويمنع عود الفساد إلى الجلد عند حصول الماء فيه قال في التبيين لو جف ولم يستحل أي لم يزل نتنه كما فسره الشلبي لم يطهر ولا فرق في الدابغ بين مسلم وكافر وصبي ومجنون وامرأة إذا حصل المقصود من الدباغ فإن دبغه كافر وغلب على ظنه أنه دبغه بشيء نجس فإنه يغسل والتشرب عفوكما في الخلاصة وفي منية المصلي وشرحها السنجاب إذا خرج من دار الحرب وعلم أنه مدبوغ بودك الميتة لا تجوز به الصلاة ما لم يغسل لأنه طهر بالدباغ وتنجس بودك الميتة فيطهر بالغسل والعصر ان أمكن عصره وإلا فيجفف ثلاثا وإن علم أنه مدبوغ بشيء طاهر جازت معه الصلاة وإن لم يغسل وان شك فالأفضل أن يغسل ولو لم يغسل جازت بناء على أن الأصل الطهارة اه وفي القنية الجلود التي تدبغ في بلادنا ولا يغسل مذبحها ولا تتوقى النجاسة في دبغها ويلقونها على الأرض النجسة ولا يغسلونها بعد تمام الدبغ فهي طاهرة يجوز اتخاذ الخفاف والمكاعب وغلاف الكتب والمشط والقراب والدلاء منها رطبا أو يابسا اه قوله ( والتشميس ) في حاشية الشلبي عن الكاكي معزيا للحلية قال أبو نصر سمعت بعض أصحاب أبي حنيفة يقول إنما يطهر بالتشميس إذا عملت الشمس به عمل الدباغ اه ثم ان الدباغة لا تطهر إلا في محل يقبلها وإلا فلا كجلد الحية والفأرة والطيور فإنها لا تطهر بها كاللحم وكذا لا تطهر بالذكاة لأنها إنما تقام مقام الدباغ فيما يحتمله والمراد بالطيور التي لا يطهر جلدها بالذكاة الطيور التي لا يؤكل لحمها أما المأكولة فأمرها ظاهر وقميص الحية طاهر كما في السراج والبحر عن التجنيس قوله ( فتجوز الصلاة فيه ) أفاد به أنه طهر ظاهرا وباطنا وقال مالك يطهر الظاهر فقط فيصلى عليه لا فيه كما في التبيين واختلفوا في جواز أكله بعد الدبغ إذا كان جلد مأكول والأصح أنه لا يجوز كما في السراج قوله ( أيما إهاب الخ ) الإهاب الجلد قبل الدبغ سمي به لأنه تهيأ للدبغ يقال فلان تأهب للحرب إذا تهيأ وجمعه أهب بضمتين كحجاب وحجب وهو بعد الدبغ أديم وجمعه أدم بفتحتين كما في المغرب وغيره ويسمى أيضا صرما وجرابا وشنا كما في النهاية والفتح وهذا الحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه والشافعي وأحمد وابن حبان والبزار واسحق من حديث ابن عباس قوله ( استمتعوا الخ ) قال في الفتح فيه معروف بن حسان مجهول قوله ( إلا جلد الخنزير ) رخص محمد الإنتفاع بشعره لثبوت الضرورة عنده في ذلك ومنعاه لعدم تحققها لقيام غيره مقامه كما في البرهان وعن أبي يوسف في غير ظاهر الرواية أن جلد الخنزير يطهر بالدباغ ويجوز بيعه والانتفاع به والصلاة فيه وعليه لعموم الحديث والجواب أن المراد غير نجس العين كما في الحلبي قوله ( وجلد الآدمي ) ولو كافرا كما في القهستاني فيطهر ولا يستعمل قوله ( لكرامته الخ ) فيه إشعار بأن المراد بنفي الطهارة في المصنف المعلوم من الاستثناء لازمها وهو عدم جواز الانتفاع لا نفي الطهارة حقيقة لأنه ينافي التكريم كما أفاده الزيلعي قوله ( وتطهر الذكاة ) هي في اللغة الذبح وفي الشرع تسييل الدم النجس مطلقا كما في صيد المبسوط وذكاة الضرورة قسم من التذكية كما في القهستاني قوله ( الشرعية ) نقل في البحر من كتاب الطهارة عن الدراية والمجتبى والقنية أن ذبح المجوسي وتارك التسمية عمدا يوجب الطهارة على الأصح وإن لم يؤكل وأفاد في التنوير أن اشتراط الذكاة الشرعية هو الأظهر وان صحح المقابل قوله ( بل أولى ) لأنها تمنع إتصال الرطوبات النجسة والدباغة تزيلها بعد الإتصال لفساد البنية بالموت فأما قبله فكل شيء بمحله وجعل اللّه تعالى بين اللحم والجلد حاجزا كما جعل بين الدم واللبن حاجزا حتى خرج طاهرا أفاده في الشرح قوله ( دون لحمه ) لأن حرمة لحمه لا لكرامته آية نجاسته واللحم نجس حال الحياة فكذا بعد الذكاة قوله ( للاحتياج إلى الجلد ) علة لطهارة الجلد بالذكاة دون غيره والأولى التعليل بوجود الحاجز بين الجلد واللحم كما قدمناه عنه لأنه قد تقع الحاجة للشحم لنحو استصباح قوله ( لا يسري فيه الدم الخ ) أفاد المصنف أن الطهارة لعدم وجود الدم في هذه الأشياء وهو الذي في غاية البيان والذي في الهداية أن عدم نجاسة هذه الأشياء بسبب أنها ليست بميتة لأن الميتة من الحيوانات في عرف الشرع إسم لما زالت حياته لا يصنع من العباد أو بصنع غير مشروع ولا حياة في هذه الأشياء فلا تكون نجسة اه قوله ( كالشعر الخ ) والمنقار والمخلب وبيضة ضعيفة القشرة ولبن وإنفحة وهي ما يكون في معدة الجدي ونحوه الرضيع من أجزاء اللبن قبل أن يأكل قال في الفتح لا خلاف بين أصحابنا في ذلك وإنما الخلاف من حيث تنجسهما فقالا نعم لمجاورتهما الغشاء النجس فإن كانت الأنفحة جامدة تطهر بالغسل وإلا تعذر تطهيرها كاللبن وقال أبو حنيفة ليستا بمتنجستين لأن الموت لا يحلهما وشمل كلامه السن لأنها عظم طاهر وهو ظاهر المذهب ورواية نجاستها شاذة كما في الحموي على الأشياء وعدم جواز الإنتفاع به حيث قالوا لو طحن في دقيق لا يؤكل لتعظيمه لا لنجاسته قوله ( ما لم يكن به أي العظم ) لو أعاد الضمير إلى كل المذكور قبله لكان أولى قوله ( لأنه نجس ) أي الودك وقوله من الميتة أي من أجزائها فإذا وجد على نحو العظم ينجسه ويطهر بإزالته عنه قوله ( بدليل التألم بقطعه ) رده في مجمع الأنهر بأن التألم الحاصل فيه للمجاورة والإتصال باللحم ويلزم هذا القائل أن يقول بنجاسة العظم أيضا لأنه يتألم بكسره ولا قائل به قوله ( ونافجة المسك ) بالجيم والفاء المفتوحة كما في أكثر كتب اللغة الجلدة التي يجتمع فيها المسك قوله ( ولو كانت تفسد بإصابة الماء ) الأولى ولا تفسد بإصابة الماء وقوله مطلقا يفسر بأنها سواء كانت من ذكية أو ميتة أو انفصلت من حية قوله ( كما تقدم في الدباغة الحكمية ) لم يقدمه على أن هذا خلاف المنصوص فإنه تقدم عن السراج أنه يشترط عدم عود الفساد إلى الجلد عند حصول الماء فيه والذي في الشرح وقد علمت حكم الدباغة الحكمية وعدم العود إلى النجاسة بإصابة الماء على الصحيح اه وهو الأولى وأوقعه في هذا الإيهام الاختصار وتبعه السيد في الشرح قوله ( وأكله حلال ) ولو من حيوان غير مذكي ولأكله فوائد ذكرها صاحب القاموس فارجع إليها إن رمتها قوله ( والزباد ) كسحاب كما في القاموس قوله ( معروف ) هو وسخ يجتمع تحت ذنب السنور على المخرج فتمسك الدابة وتمنع الاضطراب ويسلت الوسخ المجتمع هنالك بليطة أو بخرقة قاموس |