Geri

   

 

 

İleri

 

١٧ [ زيارة النبي صلى اللّه عليه وسلم]

( فصل : في زيارة النبي صلى اللّه عليه وسلم على سبيل الاختصار تبعا لما قال في الاختيار )

لما كانت زيارة النبي صلى اللّه عليه وسلم من أفضل القرب وأحسن المستحبات بل تقرب من درجة ما لزم من الواجبات فإنه صلى اللّه عليه وسلم حرض عليها وبالغ في الندب إليها فقال : " من وجد سعة ولم يزرني فقد جفاني " وقال صلى اللّه عليه وسلم " من زار قبري وجبت له شفاعتي " وقال صلى اللّه عليه وسلم " من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي " إلى غير ذلك من الأحاديث ومما هو مقرر عند المحققين أنه صلى اللّه عليه وسلم حي يرزق ممتع بجميع الأعمال والعبادات غير أنه حجب عن أبصار القاصرين عن شريف المقامات

ولما رأينا أكثر الناس غافلين عن أداء حق زيارته وما يسن للزائرين من الكليات والجزئيات أحببنا أن نذكر بعد المناسك وأدائها ما فيه نبذة من آداب تتميما لفائدة الكتاب فنقول :

ينبغي لمن قصد زيارة النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يكثر من الصلاة عليه فإنه يسمعها أو تبلغ إليه وفضلها أشهر من أن نذكره فإذا عاين حيطان المدينة المنورة يصلي على النبي صلى اللّه عليه وسلم ثم يقول

اللّهم هذا حرم نبيك ومهبط وحيك فامنن علي بالدخول فيه واجعله وقاية لي من النار وأمانا من العذاب واجعلني من الفائزين بشفاعة المصطفى يوم المآب

ويغتسل قبل الدخول أو بعده قبل التوجه للزيارة إن أمكنه ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه تعظيما للقدوم على النبي صلى اللّه عليه وسلم ثم يدخل المدينة المنورة ماشيا إن أمكنه بلا ضرورة بعد وضع ركبه واطمئنانه على حشمه وأمتعته متواضعا بالسكينة والوقار ملاحظا جلالة المكان قائلا :

بسم اللّه وعلى ملة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا اللّهم صل على سيدنا محمد وعلى آل محمد إلى آخره واغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك وفضلك

ثم يدخل المسجد الشريف فيصلي تحيته عند منبره ركعتين ويقف بحيث يكون عمود المنبر الشريف بحذاء منكبه الأيمن فهو موقف النبي صلى اللّه عليه وسلم وما بين قبره ومنبره روضة من رياض الجنة كما أخبر به صلى اللّه عليه وسلم وقال " منبري على حوضي "

فيسجد شكرا للّه تعالى بأداء ركعتين غير تحية المسجد شكرا لما وفقك اللّه تعالى ومن عليك بالوصول إليه ثم تدعو بما شئت

ثم انهض متوجها إلى القبر الشريف فتقف بمقدار أربعة أذرع بعيدا عن المقصورة الشريفة بغاية الأدب مستدبرا القبلة محاذيا لرأس النبي صلى اللّه عليه وسلم ووجهه الأكرم ملاحظا نظره السعيد إليك وسماعه كلامك ورده عليك سلامك وتأمينه على دعائك وتقول :

السلام عليك يا سيدي يا رسول اللّه السلام عليك يا نبي اللّه السلام عليك يا حبيب اللّه السلام عليك يا نبي الرحمة السلام عليك يا شفيع الأمة السلام عليك يا سيد المرسلين السلام عليك يا خاتم النبيين السلام عليك يا مزمل السلام عليك يا مدثر السلام عليك وعلى أصولك الطيبين وأهل بيتك الطاهرين الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا جزاك اللّه عنا أفضل ما جزى نبيا عن قومه ورسولا عن أمته أشهد أنك رسول اللّه قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وأوضحت الحجة وجاهدت في سبيل اللّه حق جهاده وأقمت الدين حتى أتاك اليقين صلى اللّه عليك وسلم وعلى أشرف مكان تشرف بحلول جسمك الكريم فيه صلاة وسلاما دائمين من رب العالمين عدد ما كان وعدد ما يكون بعلم اللّه صلاة لا انقضاء لأمدها يا رسول اللّه نحن وفدك وزوار حرمك تشرفنا بالحلول بين يديك وقد جئناك من بلاد شاسعة وأمكنة بعيدة نقطع السهل والوعر بقصد زيارتك لنفوز بشفاعتك والنظر إلى مآثرك ومعاهدك والقيام بقضاء بعض حقك والاستشفاع بك إلى ربنا فإن الخطايا قد قصمت ظهورنا والأوزار قد أثقلت كواهلنا وأنت الشافع المشفع الموعود بالشفاعة العظمى والمقام المحمود والوسيلة وقد قال اللّه تعالى { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا اللّه واستغفر لهم الرسول لوجدوا اللّه توابا رحيما } وقد جئناك ظالمين لأنفسنا مستغفرين لذنوبنا فاشفع لنا إلى ربك واسأله أن يميتنا على سننك وأن يحشرنا في زمرتك وأن يوردنا حوضك وأن يسقينا بكأسك غير خزايا ولا ندامى الشفاعة الشفاعة الشفاعة يا رسول اللّه - يقولها ثلاثا - ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم

وتبلغه سلام من أوصاك به فتقول : السلام عليك يا رسول اللّه من فلان بن فلان يتشفع بك إلى ربك فاشفع له وللمسلمين

ثم تصلي عليه وتدعو بما شئت عند وجهه الكريم مستدبرا القبلة

ثم تتحول قدر ذراع حتى تحاذي رأس الصديق أبي بكر رضي اللّه عنه وتقول : السلام عليك يا خليفة رسول اللّه وأنيسه في الغار ورفيقه في الأسفار وأمينه على الأسرار جزاك اللّه عنا أفضل ما جزى إماما عن أمة نبيه فلقد خلفته بأحسن خلف وسلكت طريقه ومنهاجه خير مسلك وقاتلت أهل الردة والبدع ومهدت الإسلام وشيدت أركانه فكنت خير إمام ووصلت الأرحام ولم تزل قائما بالحق ناصرا للدين ولأهله حتى أتاك اليقين سل اللّه سبحانه لنا دوام حبك والحشر مع حزبك وقبول زيارتنا السلام عليك ورحمة اللّه وبركاته

ثم تتحول مثل ذلك حتى تحاذي رأس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه فتقول : السلام عليك يا أمير المؤمنين السلام عليك يا مظهر الإسلام السلام عليك يا مكسر الأصنام جزاك اللّه عنا أفضل الجزاء نصرت الإسلام والمسلمين وفتحت معظم البلاد بعد سيد المرسلين وكفلت الأيتام ووصلت الأرحام وقوي بك الإسلام وكنت للمسلمين إماما مرضيا وهديا مهديا جمعت شملهم وأعنت فقيرهم وجبرت كسيرهم السلام عليك ورحمة اللّه وبركاته

ثم ترجع قدر نصف ذراع فتقول : السلام عليكما يا ضجيعي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ورفيقيه ووزيريه ومشيريه والمعاونين له على القيام بالدين والقائمين بعده بمصالح المسلمين جزاكما اللّه أحسن الجزاء جئناكما نتوسل بكما إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليشفع لنا ويسأل اللّه ربنا أن يتقبل سعينا ويحيينا على ملته ويميتنا عليها ويحشرنا في زمرته

ثم يدعو لنفسه ولوالديه ولمن أوصاه بالدعاء ولجميع المسلمين

ثم يقف عند رأس النبي صلى اللّه عليه وسلم كالأول ويقول : اللّهم إنك قلت وقولك الحق { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا اللّه واستغفر لهم الرسول لوجدوا اللّه توابا رحيما } وقد جئناك سامعين قولك طائعين أمرك مستشفعين بنبيك إليك اللّهم ربنا اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا وإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد للّه رب العالمين

ويزيد ما شاء ويدعو بما حضرته ويوفق له بفضل اللّه

ثم يأتي أسطوانة أبي لبابة التي ربط بها نفسه حتى تاب اللّه عليه وهي بين قبره والمنبر ويصلي ما شاء نفلا ويتوب إلى اللّه ويدعو بما شاء

ويأتي الروضة ويصلي ما شاء ويدعو بما أحب ويكثر من التسبيح والتهليل والثناء والاستغفار

ثم يأتي المنبر فيضع يده على الرمانة التي كانت به تبركا بأثر الرسول صلى اللّه عليه وسلم ومكان يده الشريفة إذا خطب لينال بركته صلى اللّه عليه وسلم ويصلي عليه ويسأل اللّه ما شاء

ثم يأتي الأسطوانة الحنانة وهي التي فيها بقية الجذع الذي حن إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم حين تركه وخطب على المنبر حتى نزل فاحتضنه فسكن

ويتبرك بما بقي من الآثار النبوية والأماكن الشريفة ويجتهد في إحياء الليالي مدة إقامته واغتنام مشاهدة الحضرة النبوية وزيارته في عموم الأوقات

ويستحب أن يخرج إلى البقيع فيأتي المشاهد والمزارات خصوصا قبر سيد الشهداء حمزة رضي اللّه عنه ثم إلى البقيع الآخر فيزور العباس والحسن بن علي وبقية آل الرسول رضي اللّه عنهم ويزور شهداء أحد وإن تيسر يوم الخميس فهو أحسن ويقول : سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ويقرأ آية الكرسي والإخلاص إحدى عشر مرة وسورة يس إن تيسر ويهدي ثواب ذلك لجميع الشهداء ومن بجوارهم من المؤمنين

ويستحب أن يأتي مسجد قباء يوم السبت أو غيره ويصلي فيه ويقول بعد دعائه بما أحب : يا صريخ المستصرخين يا غياث المستغيثين يا مفرج كرب المكروبين يا مجيب دعوة المضطرين صل على سيدنا محمد وآله واكشف كربي وحزني كما كشفت عن رسولك حزنه وكربه في هذا المقام يا حنان يا منان يا كثير المعروف والإحسان يا دائم النعم يا أرحم الراحمين وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما دائما أبدا يا رب العالمين آمين

م م م م م

م م م

م