Geri

   

 

 

İleri

 

١٨ باب الجمعة

شروط وجوبها

هي من الاجتماع - بسكون الميم والقراء يضمونها وفي المصباح ضم الميم لغة الحجاز وفتحها لغة تميم وإسكانها لغة عقيل - ( صلاة الجمعة فرض عين ) بالكتاب ( ١ ) والسنة والإجماع ونوع من ( ٢ ) المعنى يكفر جاحدها لذلك . وقال عليه السلام في حديث " وأعلم أن اللّه تعالى فرض عليكم الجمعة في يومي هذا في شهري هذا في مقامي هذا فمن تركها تهاونا بها واستخفافا وله إمام عادل أو جائر فلا جمع اللّه شمله ولا بارك له في أمره ألا فلا صلاة له ألا فلا زكاة له ألا فلا صوم له إلا أن يتوب فمن تاب تاب اللّه عليه " وقال صلى اللّه عليه وسلم " من ترك ثلاث جمع متواليات من غير عذر طبع اللّه على قلبه ومن يطبع اللّه على قلبه يجعله في أسفل درك جهنم " والجمعة فرض آكد من الظهر ( على ) كل ( من اجتمع فيه سبعة شرائط ) وهي

- ١ - ( الذكورة ) خرج به النساء ( والحرية ) خرج به الأرقاء ( والإقامة ) خرج به المسافر وأن تكون الإقامة ( بمصر ) خرج به المقيم بقرية لقوله عليه السلام " الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض " وفي البخاري " إلا على صبي أو مملوك أو مسافر " ولقوله عليه السلام " لا جمعة ولا تشريق ولا صلاة فطر ولا أضحى إلا في مصر جامع أو مدينة عظيمة " ولم ينقل عن الصحابة رضي اللّه عنهم أنهم حين فتحوا البلاد اشتغلوا بنصب المنابر والجمع إلا في الأمصار دون القرى ولو كان لنقل ولو آحادا فلا بد من الإقامة ( أو ) الإقامة ( فيما ) أي في محل ( هو داخل في حد الإقامة بها ) أي بالنص وهو المكان الذي من فارقه بنية السفر يصير مسافرا ومن وصل إليه يصير مقيما ( في الأصح ) كربض المصر وفنائه الذي لم ينفصل عنه بغلوة كما تقدم ولا يجب على من كان خارجه ولو سمع النداء من المصر سواء كان سواده قريبا من المصر أو بعيدا على الأصح فلا يعمل بما قيل بخلافه وإن صح ( و ) الرابع ( الصحة ) خرج به المريض لما روينا والشيخ الكبير الذي ملحق بالمريض ( و ) الخامس ( الأمن من ظالم ) فلا تجب على من اختفى من ظالم ويلحق به المفلس الخائف من الحبس كما جاز له التيمم ( و ) السادس ( سلامة العينين ) فلا تجب على أعمى عند أبي حنيفة خلافا لهما إذا وجد قائدا يوصله وهي مسألة القادر بقدرة الغير ( و ) السابع ( سلامة الرجلين ) فلا تجب على المقعد لعجزه عن السعي اتفاقا ومن العذر المطر العظيم وأما البلوغ والعقل فليسا خاصين فلذا لم يذكرهما

_________

( ١ ) قال تعالى " إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللّه وذروا البيع " : الذكر الخطبة أو الصلاة فإن كان الصلاة فدلالة فرضية الجمعة ظاهرة وإن كان المراد الخطبة فكذلك لأن افتراض السعي إلى الشرط فرع افتراض المشروط . وأيضا حرم اللّه البيع في وقت النداء والحكمة تقضي بألا يحرم المباح إلا الواجب

( ٢ ) أما المعنى فلأنا أمرنا بترك الظهر لإقامة الجمعة والظهر فريضة ولا يجوز ترك فرض إلا لفرض آكد منه فدل على أن الجمعة آكد من الظهر في الفرضية

[ شروط صحتها]

( ويشترط لصحتها ) أي صلاة الجمعة ( ستة أشياء )

- ١ - الأول ( المصر أو فناؤه ) سواء مصلى العيد وغيره لأنه بمنزلة المصر في حق حوائج أهله وتصح إقامة الجمعة في مواضع كثيرة بالمصر وفنائه وهو قول أبي حنيفة ومحمد في الأصح ومن لازم جواز التعدد سقوط اعتبار السبق وعلى القول الضعيف المانع من جواز التعدد قيل بصلاة أربع بعدها بنية آخر ظهر عليه وليس الاحتياط في فعلها لأن الاحتياط هو العمل بأقوى الدليلين وأقواهما إطلاق جواز تعدد الجمعة وبفعل الأربع مفسدة اعتقاد الجهلة عدم فرض الجمعة أو تعدد المفروض في وقتها ولا يفتى بالأربع إلا للخواص ويكون فعلهم إياها في منازلهم

- ٢ - ( و ) الثاني من شروط الصحة أن يصلي بهم ( السلطان ) ( ١ ) إماما فيها ( أو نائبه ) يعني من أمره بإقامة الجمعة للتحرز عن تفويتها بقطع الأطماع في التقدم وله الاستنابة وإن لم يصرح له بها السلطان دلالة بعذر أو بغيره حضر أو غاب عنه وأما إذا سبقه حدث فإن كان بعد شروعه في الصلاة فكل من صلح إماما صح استخلافه وإذا كان قبل إحرامه للصلاة بعد الخطبة فيشترط أن يكون الخليفة قد شهد الخطبة أو بعضها أيضا

- ٣ - ( و ) الثالث ( وقت الظهر ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " إذا مالت الشمس فصل بالناس الجمعة " ( فلا تصح ) الجمعة ( قبله وتبطل بخروجه ) لفوات الشرط

- ٤ - ( و ) الرابع ( الخطبة ) ولو بالفارسية من قادر على العربية ويشترط لصحة الخطبة فعلها ( قبلها ) كما فعله النبي صلى اللّه عليه وسلم ( بقصدها ) حتى لو عطس الخطيب فحمد لعطاسه لا ينوب عن الخطبة ( في وقتها ) للمأثور ( وحضور أحد لسماعها ) ولو كان أصم أو نائما أو بعيدا ( ممن تنعقد بهم الجمعة ) فيكفي حضور عبد أو مريض أو مسفر ولو كان جنبا فإذا حضر غيره أو تطهر بعد الخطبة تصح الجمعة به لا صبي أو امرأة فقط ولا يشترط سماع جماعة فتصح الخطبة ( ولو ) كان الحاضر ( واحد ) وروي عن الإمام وصاحبيه صحتها وإن لم يحضره أحد و ( في ) الرواية الثانية عنهم يشتر حضور واحد في ( الصحيح ) ويشترط أن لا يفصل بين الخطبة والصلاة بأكل وعمل قاطع واختلف في صحتها لو ذهب لمنزلة لغسل أو وضوء فهذه خمس شروط أو ست لصحة الخطبة فلينتبه لها

- ٥ - ( و ) الخامس من شروط صحة الجمعة ( الإذن العام ) كذا في الكنز لأنها من شعائر الإسلام وخصائص الدين فلزم إقامتها على سبيل الاشتهار والعموم حتى غلق الإمام باب قصره أو المحل الذي يصلي فيه بأصحابه لم يجز وإن أذن للناس بالدخول فيه صحت ولكن لم يقض حق المسجد الجامع فيكره ولم يذكر في الهداية هذا الشرط لأنه غير مذكور في ظاهر الرواية وإنما هو رواية النوادر . قلت اطلعت على رسالة العلامة بن الشحنة وقد قال فيها بعدم صحة الجمعة في قلعة القاهرة لأنها تقفل وقت صلاة الجمعة وليست مصرا على حدتها . وأقول في المنع نظر ظاهر لأن وجه القول بعدم صحة صلاة الإمام بقفله قصره اختصاصه بها دون العامة والعلة مفقودة في هذه القضية فإن القلعة وإن قفلت لم يختص الحاكم فيها بالجمعة لأن عند باب القلعة عدة جوامع في كل منها خطبة لا يفوت من منع من دخول القلعة الجمعة بل لو بقيت القلعة مفتوحة لا يرغب في طلوعها للجمعة لوجودها فيما هو أسهل من التكلف بالصعود لها وفي كل محلة من المصر عدة من الخطب فلا وجه لمنع صحة الجمعة بالقلعة عند قفلها

- ٦ - ( و ) السادس ( الجماعة ) لأن الجمعة مشتقة منها ولأن العلماء أجمعوا على أنها لا تصح من المنفرد ( و ) واختلفوا في تقدير الجماعة فعندنا ( هم ثلاثة رجال ) وإن لم يحضروا الخطبة وقد جاءوا فإن صرف من شهدها وصلى بهم الإمام جاز من غير إعادة الخطبة في ظاهر الرواية وهم ( غير الإمام ) عند الإمام الأعظم ومحمد وقال أبو يوسف اثنان سوى الإمام لما في المثنى من معنى الاجتماع ولهما إن الجمع الصحيح إنما هو الثلاثة ( وكانوا عبيدا أو مسافرين أو مرضى ) أو مختلطين لأنهم صلحوا للإمامة فيها فأولى أن يصلحوا للاقتداء ( والشرط ) عند الإمام لانعقاد أدائها بهم ( بقاؤهم ) محرمين ( مع الإمام ) ولو كان اقتداؤهم في حال ركوعه قبل رفع رأسه ( حتى يسجد ) السجدة الأولى ( فإن نفروا ) أي أفسدوا صلاتهم ( بعد سجوده ) أي الإمام ( أتمها وحده جمعة ) باتفاق أئمتنا الثلاثة وقال زفر يشترط دوامهم كالوقت إلى تمامها ( وإن نفروا ) أو بعضهم ولم يبق إلا اثنان من الرجال إذ لا عبرة بالنساء والصبيان الباقين ( قبل سجوده ) أي الإمام ( بطلت ) عند أبي حنيفة لأنه يقول الجماعة شرط انعقاد الأداء وعندهما يتمها وحده لأن الجماعة شرط انعقاد التحريمة

( ولا تصح ) أي لا تنعقد الجمعة ( بامرأة أو صبي مع رجلين ) لعدم صلاحية الصبي والمرأة للإمامة ( وجاز للعبد والمريض ) والمسافر ( أن يؤم فيها ) بالإذن أصالة أو نيابة صريحا أو دلالة كما تقدم لأهليتهم للإمامة وإنما سقط عنهم وجوبها تخفيفا . ولما كان حد المصر مختلفا فيه على أقوال كثيرة ذكر الأصح منها فقال ( والمصر ) عند أبي حنيفة ( كل موضع ) أي بلد ( له مفت ) يرجع إليه في الحوادث ( وأمير ) ينصف المظلوم من الظالم ( وقاض ) مقيمون بها وإنما قال ( ينفذ الأحكام ويقيم الحدود ) احترازا عن المحكم والمرأة وذكر الحدود يغني عن القصاص ( و ) الحال أنه موضع ( بلغت أبنيته ) قدر ( أبنية منى ) وهذا ( في ظاهر الرواية ) قاله قاضيخان وعليه الاعتماد

( وإذا كان القاضي أو الأمير مفتيا أغنى عن التعداد ) لأن المدار على معرفة الأحكام لا على كثرة الأشخاص ( وجازت الجمعة بمنى في الموسم ( ٢ ) للخليفة وأمير الحجاز ) لا أمير الموسم لأنه يلي أمر الحاج لا غير عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا تصح بها لأنها قربة وقالا تتمصر في الموسم

_________

( ١ ) السلطان : من لا والي فوقه . ونائبه : الأمير أو القاضي أو الخلفاء . ولو مات وله أذن أقاموا الجمعة لأنهم على حالهم ما لم يعزلوا وأذن السلطان أو نائبه إنما هو شرط عند بناء المسجد والأذن مستصحب بعد ذلك لكل خطيب والاستخلاف جائز ولا يشترط اتحاد الخطيب والإمام . )

( ٢ ) المراد بالموسم : أيام الحج وفيه إيذان بأنها لا تقام في غير الموسم لزوال تمصرها بزوال أيامه

[ ما تصح به الخطبة]

( وصح الاقتصار في الخطبة على ) ذكر خالص للّه تعالى ( نحو تسبيحة أو تحميدة ) أو تهليلة أو تكبيرة لكن ( مع الكراهة ) لترك السنة عند الإمام وقالا لا بد من ذكر طويل يسمى خطبة وأقله قدر التشهد إلى قوله عبده ورسوله حمد وصلاة ودعاء للمسلمين والتسبيحة ونحوها لا تسمى خطبة وله قوله تعالى " فاسعوا إلى ذكر اللّه من غير فصل بين كونه ذكرا طويلا يسمى خطبة أو لا ولقضية عثمان رضي اللّه عنه لما قال الحمد للّه فارتج عليه ثم نزل وصلى بهم ولم ينكر عليه أحد منهم فكان إجماعا منهم

[ سنن الخطبة]

( وسنن الخطبة ) التي في ذات الخطيب والتي في نفس الخطبة ( ثمانية عشر شيئا ) بل يزاد عليها

فمن السنة أن يكون جلوس الخطيب في مخدعه عن يمين المنبر أو جهته لابسا السواد أو البياض

ومنها ( الطهارة ) حال الخطبة لأنها ليست صلاة ولا كشطرها وتأويل الأثر أنها في حكم الثواب كشطر الصلاة هو الصحيح

( وستر العورة ) للتوارث [ أي هذا هو المتوارث]

( و ) كذا ( الجلوس على المنبر قبل الشروع في الخطبة والأذان بين يديه ) جرى به التوارث ( كالإقامة ) بعد الخطبة

( ثم قيامه ) بعد الأذان في الخطبتين ولو قعد فيهما أو في إحداهما أجزأ وكره من غير عذر وإن خطب مضطجعا أجزأ ( و ) إذا قام يكون ( السيف بيساره متكئا عليه في كل بلدة فتحت عنوة ) ليريهم أنها فتحت بالسيف فإذا رجعتم عن الإسلام فذلك باق بأيدي المسلمين يقاتلونكم به حتى ترجعوا إلى الإسلام ( و ) يخطب ( بدونه ) أي السيف ( في ) كل ( بلدة فتحت صلحا ) ومدينة الرسول فتحت بالقرآن فيخطب فيها بلا سيف ومكة فتحت بالسيف

( و ) يسن ( استقبال القوم بوجهه ) كما استقبل الصحابة النبي صلى اللّه عليه وسلم

( و ) يسن ( بداءته بحمد اللّه ) بعد التعوذ في نفسه سرا ( والثناء عليه بما هو أهله ) سبحانه ( والشهادتان والصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم والعظة ) بالزجر عن المعاصي والتخويف والتحذير مما يوجب مقت اللّه تعالى وعقابه سبحانه ( والتذكير ) بما به النجاة ( وقراءة آية من القرآن ) لما روي أنه صلى اللّه عليه وسلم قرأ في خطبته " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى اللّه " والأكثر على أنه يتعوذ قبلها ولا يسمي إلا أن يقرأ سورة كاملة فيسمي أيضا

( و ) يسن ( خطبتان ) للتوارث إلى وقتنا

( و ) يسن ( الجلوس بين الخطبتين ) جلسة خفيفة وظاهر الرواية مقدار ثلاث آيات

( و ) يسن ( إعادة الحمد و ) إعادة ( الثناء و ) إعادة ( الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم ) كائنة تلك الإعادة ( في ابتداء الخطبة الثانية ) وذكر الخلفاء الراشدين والعمين مستحسن بذلك جرى التوارث ( و ) يسن ( الدعاء فيها ) أي الخطبة الثانية ( للمؤمنين والمؤمنات ) مكان الوعظ ( بالاستغفار لهم ) الباء بمعنى مع أي يدعو لهم بإجراء النعم ودفع النقم والنصر على الأعداء والمعافاة من الأمراض والأدواء مع الاستغفار

( و ) يسن ( أن يسمع القوم الخطبة ) ويجهر في الثانية دون الأولى وإن لم يسمع أجزأ كما في الدراية ( و ) يسن ( تخفيف الخطبتين ) قال ابن مسعود رضي اللّه عنه طول الصلاة وقصر الخطبة من فقه الرجل ( بقدر سورة من طوال المفصل ) كذا في الدراية ولكن يراعى الحال بما هو دون ذلك فإنه إذا جاء بذكر وإن قل يكون خطبة ( ويكره التطويل ) من غير قيد بزمن في الشتاء لقصر الزمان وفي الصيف للضرر بالزحام والحر ( وترك شيء من السنن ) التي بيناها

( ويجب ) يعني يفترض ( السعي ) أراد الذهاب ماشيا بالسكينة والوقار لا الهرولة لأنها تذهب بهاء المؤمن والمشي أفضل لمن يقدر عليه وفي العود منها وإنما ذكر بلفظ السعي لمطابقة الأمر به في الآية وإنما نهى النبي صلى اللّه عليه وسلم عنه بقوله " إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون وعليكم بالسكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " وأخرجه أحمد وقال " وما فاتكم فاقضوا " فيذهب في الساعة الأولى وهو الأفضل ثم ما يليها وهكذا ( للجمعة و ) يجب بمعنى يفترض ( ترك البيع ) وكذا ترك كل شيء يؤدي إلى الاشتغال عن السعي إليها أو يخل به كالبيع ماشيا إليها لإطلاق الأمر ( بالأذان الأول ) الواقع بعد الزوال ( في الأصح ) لحصول الإعلام به لأنه لو انتظر الأذان الثاني الذي عند المنبر تفوته السنة وربما لا يدرك الجمعة لبعد محله وهو اختيار شمس الأئمة الحلواني

( وإذا خرج ( ١ ) الإمام فلا صلاة ( ٢ ) ولا كلام ) وهو قول الإمام لأنه نص النبي عليه الصلاة والسلام وقال أبو يوسف ومحمد ولا بأس بالكلام إذا خرج قبل أن يخطب وإذا نزل قبل أن يكبر واختلفا في جلوسه إذا سكت فعند أبي يوسف يباح وعند محمد لا يباح لأن الكراهة للإخلال بفرض الاستماع ولا استماع هنا وله إطلاق الأمر وإذا أمر الخطيب بالصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم يصلي سرا إحرازا للفضيلتين ويحمد في نفسه إذا عطس على الصحيح وفي الينابيع يكره التسبيح وقراءة القرآن والصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم والكتابة إذا كان يسمع الخطبة وروي عن نصير بن يحيى إن كان بعيدا من الإمام يقرأ القرآن وروي عنه أن كان يحرك شفتيه ويقرأ القرآن فمن فعل مثله ولا يشتغل غيره بسماع تلاوته لا بأس به كالنظر في الكتاب والكتابة وفيه خلاف وروي عن أبي يوسف أن لا بأس به وقال الحسن بن زياد ما دخل العراق أحد أفقه من الحكم بن زهير وأن الحكم كان يجلس مع أبي يوسف يوم الجمعة وينظر في كتابه ويصحح بالقلم وقت الخطبة

( ولا يرد سلاما ولا يشمت عاطسا ) لاشتغاله بسماع واجب قال في الحجة كان أبو حنيفة رحمه اللّه يكره تشميت العاطس ورد السلام إذا خرج الإمام ( حتى يفرغ من صلاته ) لما قدمناه وليس منه الإنذار والنداء لخوف على أعمى ونحوه التردي في بئر أو خوف حية أو عقرب لأن حق الآدمي مقدم على الإنصات وحق اللّه والدعاء المستجاب وقت الإقامة يحصل بالقلب لا باللسان

( وكره لحاضر الخطبة الأكل والشرب ) وقال الكمال يحرم وإن كان أمرا بمعروف أو تسبيحا والأكل والشرب والكتابة انتهى يعني إذا كان يسمع ما يجتنبه في الصلاة

( ولا يسلم الخطيب على القوم إذا استوى على المنبر ) لأنه يلجئهم إلى ما نهوا عنه والمروي من سلامه عندنا غير مقبول

( وكره ) لمن تجب عليه الجمعة ( الخروج من المصر ) يوم الجمعة ( بعد النداء ) أي الأذان الأول وقبل الثاني ( ما لم يصل ) الجمعة لأنه شمله الأمر بالسعي قبل تحققه بالسفر وإذا خرج قبل الزوال فلا بأس به بلا خلاف عندنا وكذا بعد الفراغ منها وإن لم يدركها

( ومن لا جمعة عليه ) كمريض ومسافر ورقيق وامرأة وأعمى ومقعد ( إن أداها جاز عن فرض الوقت ) لأن سقوط الجمعة عنه للتخفيف عليه فإذا تحمل ما لم يكلف به وهو الجمعة جاز عن ظهره كالمسافر إذا صام وكلام الشراح يدل على أن الأفضل لهم الجمعة غير أنه يستثنى منه المرأة لمنعها عن الجماعة

( ومن لا عذر له ) يمنعه عن حضور الجمعة ( لو صلى الظهر قبلها أي قبل صلاة الجمعة انعقد ظهره لوجود وقت الأصل في حق الكافة وهو الظهر لكنه لما أمر بالجمعة ( حرم ) عليه الظهر وكان انعقاده موقوفا ( فإن سعى ) أي مشى ( إليها ) أي إلى الجمعة ( و ) كان ( الإمام فيها ) وقت انفصاله عن داره لم يتمها أو أقيمت بعد ما سعى إليها ( بطل ظهره ) أي وصفه وصار نفلا وكذا المعذور ( وإن لم يدركها ) في الأصح وقيل إذا مشى خطوتين في البيت الواسع يبطل ولا يبطل إذا كان مقارنا للفراغ منها كما بعده أو لم تقم الجمعة أصلا وقال لا يبطل ظهره حتى يدخل مع القوم وفي رواية حتى يتمها حتى لو أفسد الجمعة قبل تمامها لا يبطل ظهره على هذه الرواية ويقتصر الفساد عليه لو كان إماما ولم يحضر الجمعة من اقتدى به في الظهر

( وكره للمعذور ) كمريض ورقيق ومسافر ( والمسجون أداء الظهر بجماعة في المصر يومها ) أي الجمعة يروى ذلك عن علي رضي اللّه عنه ويستحب له تأخير الظهر عن الجمعة فإنه يكره له صلاتها منفردا قبل الجمعة في الصحيح

( ومن أدركها ) أي الجمعة ( في التشهد أو ) في ( سجود السهو ) وتشهده ( أتم جمعة ) لما رويناه وما فاتكم فاقضوا وهذا عندهما وقال محمد إن أدركه قبل رفع رأسه من ركوع الثانية أتم جمعة وإلا أتم ظهرا وفي العيد يتمه اتفاقا ويتخير في الجهر والإخفاء وقال صلى اللّه عليه وسلم " لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهره ويدهن من دهنه ويمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم يسكت إذا تكلم الخطيب إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى " رواه البخاري وقال صلى اللّه عليه وسلم " ثلاثة يعصمهم اللّه من عذاب القبر المؤذن والشهيد والمتوفى ليلة الجمعة "

_________

( ١ ) خرج من حجرته إن كانت وإلا فقيامه للصعود

( ٢ ) فلا صلاة . سواء كانت قضاء فائتة أو صلاة جنازة أو سجدة تلاوة أو منذورة أو نفلا إلا إذا تذكر فائتة ولو وترا وذلك لصاحب الترتيب فيصليها لضرورة صحة الجمعة ولا يكره الشروع قبل الخروج ويتم بعده دون كراهة إلا في النفل فيتم شفعا ثم يقطع إلا إن خرج بعد شروعه في الثالثة فيتم أيضا